أسرار سجدات التلاوة عند ابن العربى الحاتمى

مريد الحق · **مرسل:** الاثنين يناير 17, 2011 11:41 am

آمين .. وجزاك الله خيرا أخى الفاضل .. قال الولى المبارك العارف سيدى محيى الدين ابن العربى :

وصل السجدة الثانية عشرة

وهى سجدة الاجتهاد وبذل المجهود فيما ينبغى لجلال الله من التعظيم والالتذاذ به
وهى فى حم السجدة .

وفى موضع سجودها خلاف ، فقيل عند قوله ( إن كنتم إياه تعبدون ) فمن سجد هنا جعلها سجدة شرط ، ومن سجدها عند قوله ( لا يسأمون ) كانت عنده سجدة نشاط ومحبة .

لما كانت حاجة الخلق إلى الليل ليسكنوا فيه ويتخذوه لباسا يحول بينهم وبين أعين الناظرين ، وإلى النهار ليتسببوا فيه فى تحصيل أقواتهم .. ورأوا أن الشمس يكون النهار بطلوعها ويكون الليل بغروبها .. نسبوا وجود الليل والنهار إليها فعبدوها وهم الشمسية - رأينا منهم خلقا كثيرا ببلاد يونان ونزلت عند واحد من علمائهم فسألته لم أشركتم مع الله فى عبادته عبادة الشمس ؟ فقال لى : ما عبدنا الشمس لكونها إلها حاشا لله .. بل الله إله واحد .. وإنما نظر علماؤنا فيما لهذا النير الأعظم من المنافع فى العالم .. ثم عدد ما ربط الله به من المنافع فعرفنا أنه لو لم يكن له عناية من الله به ما ولاه على هذه الأمور فطلبنا القربة إليه بالتعظيم ليكون لنا أحسن وساطة عند الله فى تخليصنا .. والشمس عندنا عبد فقير إلى الله تعالى إلا أن لله به عناية .. هذا قوله لى ونحن على مائدته نأكل ضيافته .

يقول الله تعالى فى هذه السجدة ( ومن آياته ) الضمير يعود على الله ( الليل والنهار ) ، وإن حدث عن الشمس فما هو من آياتها بل هو من آياتى .

ثم قال ( والشمس والقمر ) وأخبرهم أن الله محا آية الليل وهو القمر فلا يظهر لنوره حكم فى البصر إلا بالليل ونوره معار فإنه انعكاس نور الشمس فإنه لها كالمرآة .. فالنور الذى يعطيك القمر إنما هو للشمس وهو موصل لا غير لأنه محو وجعل آية النهار مبصرة يعنى نورها ظاهرا للبصر .. وجعلنا ذلك الطلوع والغروب لمن يكون حسابه بالشمس ليعلم فصول سنته .. ومن يكون حسابه بالقمر عدد السنين والحساب .. يقول الله فى الأهلة ( قل هى مواقيت للناس والحج ) فقال لهم : إذا كانت عبادتكم للشمس والقمر لهذه العلة فأنا خالق هذه الآيات دلالات على ( فاسجدوا لله الذى خلقهن )

فجمع الليل والنهار والشمس والقمر فى الضمير وغلب هنا التأنيث على التذكير لأن الليل والنهار والشمس والقمر منفعلين لا فاعلين فهو تشبيه واضح لمن عقل .

وجمعهن جمع من يعقل من المؤنث .. ينبه بذلك أيضا على نقص الدرجة التى تنبغى للذكورية .. ولم يقل خلقهم حتى لا يعظم قدرهم بتغليب التذكير عليهم ، فإن العرب تغلب المذكر على المؤنث فى كلامها تقول : زيد والفواطم خرجوا ولا تقول خرجن .. فالله الذى خلقهن أولى بأن تعبدوه منهن ، لأن مرتبة الفاعل فوق رتبة المنفعل .

فالحق أولى وأحق أن يعبد ممن له النقص من طريقين .. من كونه مخلوقا .. ومن كونه مؤنثا .
وقال ( إن الذين عند ربك ) يعنى العلماء بالله من الملائكة الذين هم دون مقعر فلك القمر ( يسبحون له بالليل والنهار ) وهم أعلم بالله منكم فلو كان ما اتخذتموه من هؤلاء آلهة لكانت الملائكة أولى بالسجود لهن منكم لعلمكم أنهم أعلم .. فهم يسجدون لله من غير سآمة ولا فتور .

انتهى كلام الولى المبارك الشيخ الأكبر سيدى محيى الدين بن العربى

مريد الحق · **مرسل:** الأربعاء يناير 26, 2011 4:59 pm

وصل السجدة الثالثة عشرة

وهى سجدة الطرب واللهو وتنبيه الغافلين عن الله .

وهى سجدة خاتمة سورة النجم . وفى السجود فيها خلاف

واقترن بسجودها الأمر الإلهى والذلة والمسكنة .. لأن السامدين اللاهون فيقول لهم : وإن كنتم أهل غناء فتغنوا بالقرآن فهو أولى بكم ( فاسجدوا لله واعبدوا ) .

وقد ورد فى الخبر " ما أذن الله لنبى كأذنه لنبى يتغنى بالقرآن " يقول ما استمع كاستماعه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " فجعل التغنى به من السنة وهى لغة حميرية يقولون : اسمد لنا أى غن لنا .. فى وقت حصادهم لينشطوا للعمل .

وكانت العرب إذا سمعت القرآن غنت حتى لا تسمع القرآن ، وكانوا يقولون ما أخبر الله عنهم
( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) كما يفعله اليوم من لم يوفقه الله من العلماء إذا سمعوا كلام أهل الله بما يمنحهم الله من الأسرار يقولون هذا هذيان وفشار .. وأما المتغالون فيقولون : هذا كفر .. ولو سئلوا عن معنى ما سمعوا ما عرفوا .

فقال الله ( أفمن هذا الحديث ) يعنى من القرآن فيما وعظهم به منه وتوعدهم ووعدهم
( تعجبون ) تكثرون العجب كيف جاء به مثل هذا وما أنزل على عظمائكم كما قالوا ( لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )
( وتضحكون ) أى تهزؤن منه إذا أتى به .. وهؤلاء هم الذين ذكرنا من جهلهم أنهم لا يعرفون الحق إلا بالرجال
( وأنتم سامدون ) يقولون لاهون .. فلا تفعلوا ولا تتكبروا واخضعوا لله الذى هذا كلامه بلغتكم وتذللوا لمنزله .. فإن فى القرآن ما يبكى من الوعيد وما يضحك ويتعجب فيه من الفرح باتساع رحمة الله ولطفه بعباده
( ولا تبكون ) وفى القرآن من الوعيد والمخاوف ما يبكى بدل الدموع دما لمن دبر آياته
( وأنتم سامدون ) وفى القرآن هذا كله فما لكم عنه معرضون وموطن الدنيا موطن حذر .. ولا سيما والموت فيكم رائح وغاد مع الأنفاس .. ولا تتفكروا إلى أين تصيرون وإلى أين تسافرون وأين تحطون ؟

ما هى الدنيا موطن أمان .. والعالم الحكيم هو الذى يعامل كل موطن بما يستحقه .

انتهى كلام الولى المبارك الشيخ الأكبر سيدى محيى الدين بن العربى

فراج يعقوب · **مرسل:** الأحد فبراير 06, 2011 9:30 am

رضي الله عن سلطان العارفين وبارك الله فيك . اللهم فرج عن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم

مريد الحق · **مرسل:** الثلاثاء مارس 08, 2011 3:38 pm

وصل السجدة الرابع عشرة

وهى سجدة الجمع والوجود

فمن سجد سجدة النجم ولم ينتج له فى علم النغمات والألحان المطربة الفلكية - ورأى
أن أصوات كل مصوت مزامير من مزامير الحق فى العالم .. ويشهد داود عليه السلام
فى هذا الكشف .. ويرى الأصوات والحروف ناطقة بكل معنى عجيب يهز الجبال الراسيات
طربا ويضحك الثكلى سرورا وفرحا - فما سجدها .

وهذه السجدة الأخرى فى سورة ( إذا السماء انشقت ) وفيها خلاف ، وسجدها أبو هريرة
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويسجد فيها عند قوله ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون )
فهذا سجود الجمع .. لأنه سجود عند القرآن .. والجمع يؤذن بالكثرة .. وقد تكون الكثرة
بالأمثال وغيرها .

والأحدية وإن كانت لله تعالى فالمقطوع به أحدية الألوهية أى لا إله إلا الله .. وأحدية الكثرة
من حيث أسمائه الحسنى .

وأما الحق فلا يقال فيه من حيث ما هو عليه فى نفسه كل ولا بعض .. ويقال فى الواحد
منا رأيت زيدا نفسه عينه كله لاحتمال أنك قد ترى وجهه دون سائر جسده .. فأعطى التأكيد بالكل رؤية جميعه .

فلولا وجود الكثرة فيه ما قلت كله ..

يقول فإذا سمع القرآن الذى هو جامع صفات الله من التنزيه والتقديس كيف لا يتذكر السامع جمعيته فيسجد لمن له جميع صفات التنزيه .

فمن سجد فى هذه السورة ولم يقف على علم الموالد وما تجنه الحاملات فى بطونها من
أنواع الحوامل من العالم كالأرض والسحاب والنساء وجميع الإناث .. وما تحمله الكتب فى
حروفها من المعانى فإنها من جملة الحاملات .. ولم يقف فيها على رجوعه من أين جاء ..
ويرى صورة حاله عيانا حالا وعاقبة بحيث أن يحلف على ما رآه لقطعه به ... فما سجد .

طلحه · **مرسل:** الخميس مارس 10, 2011 6:45 am

الله
الله على الكلام
اللهم نورنا و بصرنا و قربنا و طهرنا و ارفعنا و لا تحرمنا

مريد الحق · **مرسل:** الأربعاء مارس 16, 2011 4:08 pm

اللهم آمين .. يارب العالمين

وصل السجدة الخامس عشرة

وهى سجدة العقل الأول سجود تعليم عن شهود ورجوع إلى الله

وهذه سجدة سورة العلق عند قوله ( واسجد واقترب ) فهى سجدة طلب القربة من الله تعالى وجاءت بعد كلمة ردع وزجر وهو قوله ( كلا ) لما جاء به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر .. يقول له ربه اسجد واقترب إلى تعتصم مما دعاك إليه .. فتأمن غائلة ذلك .

انتهى كلام الولى العارف سيدى محيى الدين ابن العربى عن أسرار سجدات التلاوة
والحمد لله رب العالمين

ونستغفر الله من قلة العمل ... ولكن محبتنا لأهل الله شفيعنا

فراج يعقوب · **مرسل:** الخميس مارس 17, 2011 12:34 am

ختم الله لنا ولكم بخاتمة السعادة بجاه الحبيب المصطى صلى الله عليه وآله وسلم

موقع د. محمود صبيح

أسرار سجدات التلاوة عند ابن العربى الحاتمى

الموجودون الآن