كيف كانت الدعوة إلى الإسلام ؟

حسن قاسم · **مرسل:** الأحد أغسطس 24, 2014 10:32 pm

[size=200
]كيف كانت الدعوة إلى الإسلام ؟

العدد الأول السنة الأولى
28 رجب 1353هـ 5 نوفمبر سنة 1934م

موضوعنا هذا الذى نتحدث به إلى القراء موضوع طريف جدير بالاهتمام ، خليق بأن لا يثير جدلا بين طائفة من الغربيين وفريق من المسلمين ؛ وقد نفضنا أقلامنا عنه منذ درسنا التاريخ الإسلامى وتمكنت هينا دعائمه على أقوم الأسس ، فلم يدر بخلدنا أن نلهج بما لهجت به ضعاف العقول بعد أن عالجنا الثقافة الإسلامية بكل ما فيها من مظهر وعظمة ، واحسب أن الذين استحوذت عليهم وساوس صدورهم ورموا الاسلام بتلك الأسطورة قد اندفعوا بدافع الجهالة إذ لو كان اندفاعهم على ضوء العلم الصحيح لما نالوا من الإسلام بما جنت أيديهم – ولعلك قد تتوق نفسك إلى تفهم المعنى بأكثر وضوحا . يلهج معظم الغربيين وضعاف العقول من المسلمين بأن الاسلام لم ينتشر ولم ترسخ له قدم فى عالم الوجود إلا لأنه سعى والسيوف أمامه تمهد له السبيل وتذلل له بين يديه العظماء وتلجىء المستضعفين إلى اعتناقه حقنا لدمائهم وصيانة لأملاكهم ، وقد ضربوا الأمثال لتلك الأساطير بما أقام النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم فى سراياه (1) ومغازية ثم بما عمل خلفاؤه من بعده ولعمر الحق لو قرأوا القرآن أو درسوا التاريخ الإسلامى وتركوا التعصب ظهريا لما استحوذت عليهم تلك الوساوس .
وعلى أثر ما دار من نقاش حول هذا الموضوع بينى وبين صديق لى من الشباب المتقد حمية وغيره قد ضغت عليه المدنية الزائفة لا لشىء ، سوى أنه استهوته تلك الأضواء الساحرة التى انبعثت من أرجاء عاصمة النور والسرور على زعمهم وملكت فؤاده غاداتها الحسان وجناتها الرائعة ومرت بمخيلته قصورها وقناطرها التى تناولتها بد التجميل والابداع فأنسته تراث اسلافه ومجد آبائه وأحسبه لم تلهه تلك المناظر الزائفة فراح يجنى ثمراته فى السوربون (2) التى منها يمتد النور ومنها يستقى العلم وفيها يقول المرحوم شوقى بك :

تلدين أعلام البيان كأنهم اصحاب تيجان ملوك أريك
فيعود الطالب إلى بلاده عالما حقا – لعمرك ياليت قومى يعلمون – على أثر ما دار بينى وبينه من نقاش ثار فيه ثائرته أفضت غلى رجوعه للحق والرجوع إلى الحق فضيلة بدرب لى بادرة استعراض هذا الموضوع لما فيه من طلاوة ولا حاجة لى أن أذكر هنا ما كان عليه صلى الله عليه وسلم فى بدء الدعوة من الانفراد وما اصابه من أهله واقاربه وكان النصر حليفه فىى كل موطن وما أوتيه من الثبات والتأييد اللذين هما أساس كال نجاح وفلاح .
(1) السرايا جمع لسرية وهى كل غزاة لم يكن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والغزوة ما كان فيها
(2) السوربون اسم لجامعة بباريس من أقدم جامعات الغرب تعد فى مصاف الجامعات الشرقية وقد كان لها فضل عظيم فى تكوين فئات من المصريين منذ بعوث محمد على باشا العلمية.
وقد كتب فى هذا الموضوع كثير من الكتاب البارزين وعالجوه أيما معالجة فلم يدع كاتب منهم لناقد نقدا ويجدر بنا أن نمر مر الكرام حول هذا الموضوع مقتبسين منه قبسا يستضىء بنوره كل من كا له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وما يذكر إلا أولو الألباب .
أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق فجعل النبى يسار بدعوته من يثق بتوقد فكره وتمكن الأنصاف من قلبه فلم يسل لتأييد رسالته إلا سيف الهدى والحجة الدامغة فآمن به من آمن على بصيرة بعد أناة واختبار قال كتاب السيرة ، جاء خالد بن العاص إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : إلى م تدعو يا محمد ؟ فقال : أدعوك إلى عبادة الله وحده لا شريك له ؛ وأن تخلع ما أنت عليه من عبادة مالا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع والاحسان إلى والديك ، وأن لا تقتل ولدك خشية الفقر ، وأن لا تقرب الفاحشة ما ظهر منها وما بطن ، وأن لا تقتل نفسا حرام الله قتلها إلا بالحق ، وأن لا تقرب مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده ، وأن توفى الكيل والميزان بالقسط ، وان تعدل فى قولك ولو كان على ذوى قرباك ، وأن توفى لما عاهدت : سمع خالد هذه الوصية الجامعة والدواء الناجع للمجتمع الانسانى فأسلم طائعا مختارا . وليتأمل المنصف فى قصة إسلام الفاروق عمر وذلك أن رجلا من قريش لقيه فى بعض طرق مكة فقال أين تذهب ؟ ؟ إنك الصلب القوى فى دينك وقد دخل عليك هذا الأمر ( يريد ضوء الدعوة إلى دين الإسلام ) قال وما ذاك ؟ قال : أختك قد صبأت ( أى خرجت عن دينها ) فرجع مغضبا فقرع الباب على أخته فدخل عليها وقال يا عدوة نفسها قد بلغنى عنك أنك صبأت ثم لطمها لطمة شج بها وجهها وأمسك بلحية زوجها سعيد بن زيد وضرب به الأرض ولما رأت أخته الدم بكت وغضبت وقال أتضربنى يا عدو الله على أن أوحد الله ، لقد أسلمت على رغم أنفك يا ابن الخطاب فما كنت فاعلا فافعل . قال عرم : فاستحييت حين رأيت الدم فقمت وجلست على السرير وأنا مغضب فنظرت فاذا صحيفة فى ناحية البيت فقلت أعطونى هذه الصحيفة ، فأبت أخته أن تعطيه إياها ، وقالت إنك رجس فانطلق فاغتسل فانه كتاب لا يمسه إلا المطهرون ؛ قال نانطلقت فاغتسلت فناولتنى الصحيفة فاذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم ( سبح لله ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم – إلى قوله – إن كنتم مؤمنين ) – وإذا فيها ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) – فزعرت ورميت بالصفحة من يدى ثم رجعت إلى نفسى وأخذتها فما قلبت فيها طرفى حتى عظمت فى صدرى وقلت من هذا فرت قريش ، فلما بلغت قوله ( إننى أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدنى واقم الصلاة لذكرى ) قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ما ينبغى لمن يقول هذا أن يعبد غيره ، يا قوم دلونى على محمد .
ثم ليتأمل فيما وقع لمفروق بن عمرو سيد بنى شيبان لما عرفه أبو بكر شأن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فتقدم إليه مفروق فقال إلى م تدعو ؟ قال أدعو إلى شهادة أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له وأنى رسول الله ، فقال له ثانية إلى م تدعو يا أخا قريش ؟ فتلا عليه القرآن ، فما كاد يكرر الثالثة حتى قال : دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم صرفوا عن الحق وكذبوك وظاهروا عليك : هذه مثل عليا من حال القوم إبان الدعوة .
فهكذا كان هدى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى الدعوة حين انبلج فجر الاسلام وشاع سناه فأخرج العرب من الظلمات إلى النور وجعل منهم أمة متحدة وبذلك حجرزوا عن النار التى إقتحموها وفى ذلك يقول الرسول الكريم :
( إنما مثلى ومثلكم كمث رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل افراس وهذه الدواب التى تقع فى النار فجعل بنزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ، فأنا آخذ بحجزكم عن النا وأنتم تقتحمون فيها .)
[/size]

فراج يعقوب · **مرسل:** الاثنين أغسطس 25, 2014 8:36 am

اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

موقع د. محمود صبيح

كيف كانت الدعوة إلى الإسلام ؟

الموجودون الآن