اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6121
|
بنت أبى الحسن المكى من عابدات مكة – قال عبد الله بن أحمد بن بكر : كان لأبى الحسن المكى ابنة مفيمة بمكة ، أشد ورعا منه ، وكانت لا تقتات إلا بثلاثين درهما ينفذها إليها أبوها فى كل سنة مما يستفضله من ثمن الخوص الذى يسقه ويبيعه ، فأخبرنى فى كل سنة مما يستفضله من ثمن الخوص الذى يسقه ويبيعه ، فأخبرنى ابن الرواس التمار – وكان جاره – قال : جئت أودعه فى الحج ، وأستعرض حاجته ، وأسأله أن يدعو لى ، فسلم إلى قرطاسا ، وقال : تسأل بمكة فى الموضع الفلانى عن فلانة ، وتسلم هذا إليها . فعلمت أنها ابنته ، فأخذت القرطاس ودئت فسألت عنها ، فوجدتها بالعبادة أشد اشتهارا من أن تخفى ، فتتبعت نفسى أن يصل غليها من مالى شىء يكون لى ثوابه ، وعلمت أنى إن دفت إيها ذلك لم تأخذه ، ففتحت القرطاس ، وجعلت الثلاثين خمسين ، ورددته كما كان ، وسلمته إيها ، فقالت : أى شىء خبر أبى ؟ قلت : سلامة . فقالت : قد خالط أهل الدنيا ، وترك الانفطاع إلى الله تعالى ؟ فقلت : لا . فقالت : أسألك بالله ، وبمن حججت إليه ( إذا سألتك ) عن شىء فتصدقنى ؟ فقلت ك نععم . فقالت : خلطت بهذه الدراهم شيئا من عمدك ؟ فقلت : نعم ، فمن أين علمت بهذا ؟ فقالت : ما كان أبى يزيدنى على الثلاثين شيئا ؛ لأن حالة لا يحتمل أكثر منها ، إلا أن يكون ترك العبادة ، فلو أخبرتنى بذلك ما أخذت منه أيضا شيئا ، ثم قالت : خذ الجميع ؛ فقد عققتنى من حيث قدرت أنك تبرنى . فقلت : ولم ؟ قالت : لا آكل شيئا ليس هو من كسبى ولا كسب أبى ، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو شيئا . فقتلت : خذى منها ثلاثين كما أنف ذ إليك أبوك ، وردى الباقى ، فقالت : لو عرفتها بعينها لأخذتها ، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته ، فلا آخذ منها شيئا ، وأنا الآن أقتات إلى الموسم الآخر من المزابل ؛ لأن هذه كانت قوتى طول السنة ، فقد أجعتنى ، ولولا أنك ما قصدت أذاى لدعوت عليك ، قال : فاغتمممت ، وعدت إلى البصرة وحئت إلى أبى الحسن فأخبرته ، واعتذرت إليه ، فقال : لا آخذها وقد اختلطت بغير مالى ، وقد عققتنى وإياها ، فقلت : فما أعمل بالدرهم ؟ قال : : لا أدرى . فمازلت مدة أعتذر إليه ، وأسأله ما أعمل بالدراهم ؟ فقال لى بعد مدة : تصدق بها . ففعلت .
|
|