الوعد والوعيد والخلاف فيهما:
قال الشيخ اللقاني رضى الله تعالى عنه
وَخَاذِلٌ لِمَنْ أَرَادَ بُعْدَهُ ... وَمُنْجِزٌ لِمَنْ أَرَادَ وَعْدَهُ
قال الإمام الصاوى رضى الله تعالى عنه في شرحه على جوهرة التوحيد
قوله : ( وَخَاذِلٌ ) من الخذلان وهو ضد التوفيق
وقوله (وَمُنْجِزٌ لِمَنْ أَرَادَ وَعْدَهُ )
أشار بذلك إلى أن وعد الله بالجنة للمؤمنين الطائعين لا يتخلف قطعاً لقوله تعالى : (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ) وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) فوعده سبحانه على حسب ما سبق فى علمه أزلاً ، فلو جاز تخلف الوعد لانقلب علم الله جهلاً ، ولزم عليه الكذب فى خبره تعالى وكلاهما مستحيل .
وأما وعيده بالنار للكافرين فلا يتخلَّف أيضاً لقوله تعالى : (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ .... ) وقوله تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) إلى غير ذلك .
وقال الإمام الحجة المتكلم الأصولي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الإيجي الشيرازي ( وخلق الجنة والنار، ويخلد أهل الجنة في الجنة، والكافر في النار، ولا يخلد المسلم صاحب الكبيرة في النار بل يخرج آخراً إلى الجنة والعفو عن الصغائر والكبائر بلا توبة جائز .(
وأمَّا وعيده بالنار لعصاة المسلمين فاختُلف فيه بين الأشاعرة والماتريدية ، فالأشاعرة ترى أن المغفرة جائزة لجميع المؤمنين من جميع ذنوبهم ، والماتريدية ترى أنه لابد من تنفيذ الوعيد بالعصاة ولو فى كل نوع من أنواع المعاصي بواحد على الأقل . أي: أن طلب المغفرة لجميع المؤمنين من جميع الذنوب جائز عند الأشاعرة ، وغير جائز عند الماتريدية .
فتحصَّل أن وعد الله للطائعين لا يتخلف جزماً لتعلُّق علم الله به وللدليل السمعي فلو جاز تخلُّفه لا نقلب علم الله جهلاً ، وللزم الكذب فى خبره تعالى ، وكذا وعيده للكفَّار وأما وعيده للعصاة فتحت المشيئة لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )
_________________ يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم
بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم
|