موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الجذب والمجذوب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 02, 2012 5:17 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14352
مكان: مصـــــر المحروسة

هذا بحث أنقله للأحباب الكرام من :سلسلة الموسوعات الإسلامية المتخصصة :الموسوعة الثامنة :موسوعة التصوف الإسلامي :نشر وإصدار :وزارة الأوقاف :المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمهورية مصر العربية 2009م.

وهذا البحث من إعداد الأستاذ الدكتور فيصل عون (صـ 197 : 211) .

ونظراً لطول هذا البحث نسبياً أنقل أهم ما جاء فيه على حلقات إن شاء الله .

في بيان "الجذب والمجذوب" لابد لنا أن نستدعي بعض المصطلحات الصوفية الأخرى كالوجد ، والصحو ، والسكر ، والوله ، والمحو ، والفناء ، والجمع ، والفرق ، والغيبة ، والحضور.

كما لا يمكننا أن نتفهم الجذب إلا على ضوء المقامات والأحوال ، وكيف أن المقامات أو إن شئت المجاهدات ، مفتاح لكل الأحوال ، لأن هذه الأخيرة بمثابة عطايا ومنح يتفضل بها الله على السالك وهو من سعى واجتهد وهو من سعى واجتهد وصمم أن يسير في الطريق الصوفي حتى نهايته.

وتكمن أهمية استدعاء المقامات والأحوال هنا في أن كل المجذوبين هم ، بمعنى : مريدون سالكون ، لكن ثمة فرقاً كبيراً كما سنرى بين المجذوب وبين السالك.

وهناك تعريفات كثيرة لمصطلح الجذب ، فقد ورد في المعجم الفلسفي الجذب : عند الصوفية حال من أحوال النفس يغيب فيها القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق وتغشاه غبطة شاملة.

وقيل إن الجذب "حال من أحوال العبد يغيب فيها القلب عن علم ما يجري من أحوال ، لانشغاله بالحق سبحانه ، وتغشاه غبطة شاملة، ويكون أقرب إلى العالم العلوي .وقد عده أفلوطين الخير الأسمى وقمة التفلسف ، وسماه بعض الصوفية الوجد" [1].

والجذبة ، كما يرى القاشاني (ت 730هـ أو 735هـ) ، هي "تقريب العبد بمقتضى العناية الإلهية المهيئة له كل ما يحتاج إليه في طي المنازل إلى الحق بلا كلفة وسعي منه". [2]

وفي موضع آخر للقاشاني نطالع : "الجذبة في اصطلاح الطائفة (المقصود الصوفية) هي العناية الإلهية الجاذبة للعبد إلى عين القرب ، بتهيئته تعالى له كل ما يحتاج إليه في مجاوزته لمنازل السير إلى ربه ، ومقامات القرب منه من غير مشقة ومجاهدة ". [3]

أما عن المجذوب فإنه من حيث البداية مريد ، والمريد كما هو معلوم رجل سعى إلى الله بملء إرادته إنه – كما قال أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي (ت 373هـ) سالك مات قلبه عن كل شيء دون الله .إنه يريد الله وحده ، يريد قربه ويشتاق إليه حتى تذهب شهوات الدنيا من قلبه ، لشدة شوقه إلى الله . وباختصار : إن المريد هو كل من أعرض قلبه عن كل ما سوى الله. [4]

وقد اختلف الصوفية فيما بينهم بشأن الوصول ، هل يتوقف على مجاهدة العبد أولاً ثم يأتي التوفيق الإلهي ثانياً، أم أن الأمر مرتبط بالمشيئة الإلهية واصطفاء الله لبعض عباده ؟

فهناك فريق منهم يرى أن المجاهدة شرط رئيسي للكشف والفناء ، وبدونها لا يمكن للزاهدين والسالكين أن يصلوا إلى نهاية الطريق (الفناء حيث البقاء) يقول أبو علي الدقاق : "إن من لم يكن في بدايته صاحب مجاهدة لم يجد من هذه الطريقة شمة" ويضيف "من لم يكن له في بدايته قومة لم يكن له في نهايته جلسة .. الحركة بركة ، حركات الظواهر توجب بركات السرائر". [5]

ويقول أبو عثمان المغربي : "من ظن أنه يفتح له بشيء من هذه الطريقة أو يكشف له شيء منها بغير لزوم المجاهدة فهو في غالط". [6]

ويقول الكمشاخنوي (1131هـ) عن المجاهدة : "... اعلم أن طريق المجاهدات والرياضات لابد منها ، فإنه لا يمكن للسالك أن يصفي روحه ويطهر ذاته واللذات الحيوانية مستعلية على روحه ، والشهوات الجسمانية متغلبة على نفسه .. وبعد ذلك (أي بعد المجاهدة) يصير عارفاً بنفسه ومشاهداً لربه". [7]

وهناك فريق آخر من الصوفية يرى أن المريد أو السالك مهما بذل من جهد وتخطى مقاماً بعد مقام لا يمكن أن يصل إلا بتوفيق الله وعونه وسداده.

وفي هذا يرى ابن عطاء الله السكندري (ت 709هـ) أن مجاهدة السالك لنفسه علة حقيقية في قهر نفسه!! إن النور جند القلب ، كما أن الظلمة جند النفس ، فإذا أراد الله أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار ، وقطع عنه مدد الظُّلَمِ والأغيار". [8]

ويضيف ابن عطاء الله : "لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك ومحو دعاويك لم تصل إليه أبداً". [9]

وعلى ذلك فإن الوصول إلى الله ، وإن كان يبدأ من العبد ، إلا أن تمام الوصول يتوقف على فضل الله وحده.

يقول ابن عربي (560هـ - 638هـ = 1165م – 1240م) "اعلم أن الوصول لحضرة الله تعالى على ضربين : وصول البداية ، وهو أن ينكشف للعبد حلية الحق ويصير مستغرقاً به ، فإن نظر إلى معرفته فلا يعرف إلا الله ، وإن نظر إلى همته لم يعرف له همًّا سواه ، فيكون كله مشغولاً بكله مشاهدة وهماً ، كذا لا يلتفت إلى نفسه ، ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الأخلاق ، ووصول النهاية وهو أن ينسلخ العبد من نفسه بالكلية ، ويتجرد له فيكون كأنه هو . والوصول ليس من قبل العبد ، بل بعناية الله تعالى وتصرفات جذبات الألوهية ، وكسب العبد سبب (مناسبة) لحصوله : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت : 69)" . [10]

وقد أكد ابن عربي هذا الرأي في مؤَلف آخر له "إن القلب إذا تخلص وصفا وارتقى من المنازل ما ذكرناه ومن التجليات ما تقدم .. يوفقه الحق تعالى في غيبه ويجذبه إليه جذباً كلياً". [11]

ولعل ما ذهب إليه ابن عربي يتفق كلية مع ما قيل من قبل على لسان البسطامي (ت234) : "توهمت أني أذكره وأعرفه وأحبه وأطلبه ، فلما انتهيت رأيت ذكره سبق ذكري ، ومعرفته سبقت معرفتي ، ومحبته أقدم من محبتي ، وطلبه لي أولاً حتى طلبته" . [12]

وهذا هو الذي دعا السهروردي إلى القول :"إن المقامات كلها مواهب ؛ إذ المكاسب محفوفة بالمواهب ، والمواهب محفوفة بالمكاسب ؛ فالأحوال مواجيد والمقامات طرق المواجيد . ولكن في المقامات ظهر الكسب وبطنت المواهب ، وفي الأحوال بطن الكسب وظهرت المواهب" . [13]

والمتتبع لتاريخ الحياة الروحية في الإسلام يعلم أن مصطلح "الولي" يطلق على من اصطفاه الله وعلى من جاهد نفسه وسعى إلى الله يقول القشيري : "الولي له معنيان أحدهما فعيل بمعنى مفعول وهو من يتول الله سبحانه وتعالى أمره ... فلا يكله إلى نفسه لحظة ... والثاني (ولي) فعيل ما لغته من الفاعل وهو الذي يتولى عبادة الله تعالى وطاعته" . [14]

وقد أطلق الصوفية على المجاهد لنفسه "السالك" ، أما من تولى الله أمره ، منذ البداية ، فإنه عرف بـــــ المجذوب ، والفرق بين الاثنين أن السالك يترقى من الأدنى إلى الأعلى ، عن طريق الاستدلال .. أما المجذوب فإنه يتدلى من الأعلى إلى الأدنى. ولهذا فإن نهاية السالكين بداية المجذوبين ، وبداية السالكين نهاية المجذوبين. [15]

إن السالك يستدل بوجود آثار الله على وجود أسمائه ، وبوجود أسمائه على ثبوت أوصافه ، وبوجود أوصافه على وجود ذاته ، أما المجذوب فهو الذي يكشف له الله عن كمال ذاته كشفاً مباشراً ، فيعرف الله منذ البداية (بلا كلفة أو مجاهدة) ، ثم يرد من معرفة الذات إلى شهود الصفات ، ومن شهود الصفات إلى التعلق بالأسماء ، ثم من التعلق بالأسماء إلى وجود الآثار. [16]

وإذا أردنا أن نتعمق أحوال فئة السالكين وإخوانهم المجذوبين فسوف نميز فيهم أربعة مستويات :

1- سالك مجرد.
2- مجذوب مجرد.
3- سالك متدارك بالجذبة.
4- مجذوب متدارك بالسلوك. [17]

ويهمنا في هذا المقام التمييز بين السالك المتدارك بالجذبة وبين المجذوب المتدارك بالسلوك .

فأما السالك المتدارك بالجذبة فهو من جملة المحبين الذين يحبون الله.وهذه الفئة هي التي تتميز بمجاهدة النفس والدوام على هذه المجاهدة حتى يتم لهم الكشف أو الوصل .

أما الفئة الأخرى فهي فئة المحبوبين ، الذين وصلوا إلى ما وصلوا إليه بغير جهد أو كسب ، بل بلطف وصفاء من الله.

إن المحبوب المجذوب قد بدأه الحق بالكشف ونور اليقين ورفع عن قلبه الحجاب وأناره بأنوار المشاهدة ، وشرح قلبه وانفسخ وتجافى عن دار الغرور ، وأناب إلى دار الخلود لأنه خلص من الأغلال والأعلال ... ففاض النور من باطنه على ظاهره ، وجرت عليه صورة المجاهدة والمعاملة من غير مكابدة وعناء بل بلذة وهناء.

وقد أطلق الترمذي على المحبين مصطلح أهل البداية ، أما المحبوبون فقد أطلق عليهم أهل الجباية ، مفضلاً هذه الفئة الأخيرة على الأولى . يقول الحكيم الترمذي في مسألة المجذوبين : إن الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ... فأهل الجباية في كل وقت أفضل من أهل الهداية بالإنابة ، لأن أهل الاجتباء خرجت لهم هذه الدولة من مشيئته منًّا منه (سبحانه) عليهم . وأهل الهداية أنابوا إليه فهداهم . فمن اجتباه ووضع صنعته عليه صاروا كذلك بجذبهم ، وصاروا يجذبهم كما شاء ، كقوله كن فصاروا كذلك . وأهل الهداية رزقهم الإنابة ثم هداهم بالإنابة ، ويظهر ذلك كما فعل بالخلائق كلهم ، فيقول له كن . [18]

إن المحبوب المراد ، كما يقول السهروردي : "لا يزال روحه ينجذب إلى الحضرة الإلهية فيستتبع الروح القلب ، ويستتبع القلب النفس ، وتستتبع النفس القالب ، فامتزجت الأعمال القلبية والقالبية وانخرق الظاهر إلى الباطن ، والباطن إلى الظاهر ، والقدرة إلى الحكمة ، والحكمة إلى القدرة ، والدنيا إلى الآخرة ، والآخرة إلى الدنيا ، ويصح أن يقول : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ، فعند ذلك يطلق من وثاق الحال ، ويكون مسيطراً على الحال لا الحال مسيطراً عليه ، ويصير حراً من كل وجه". [19]

على أن جذبة المجذوب إذا كانت متغيرة متقلبة ، بمعنى أنها تتجلى ثم تختفي ، فإنها تكون حينئذٍ حالاً : والحال كما هو معلوم لا يتوقف على العبد بل يتوقف على الرب المانح لكل الأحوال . أما إذا كانت هذه الجذبة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، حيث تجاوز المجذوب هنا مراحل الاجتهاد إلى مرحلة الكشف الدائم ، فإن المجذوب يكون في هذه الحالة على رأس المحبين الذين أحبهم الله فأحبوه ، ورضي عنهم فرضوا عنه ، وتاب عليهم ، فانقطعت صلتهم بكل ما يمكن أن يحول بينهم وبين الفناء حيث البقاء.

وإلى هذا التصنيف السابق للسالكين والمجذوبين ذهب ابن عربي حيث تحدث عن :

أ) المجذوب المطلق . ب) المجذوب السالك . ج) السالك المطلق.

فأما الأول فهو الذي يجذبه الله تعالى بعنايته ويهديه إلى طريقه ويوصله بقربه ويعطيه المقامات الشريفة من غير زحمات وشغل بالرياضة والخلوة.

وأما الثاني (المجذوب السالك) فهو الذي يشتغل بالمجاهدة ، ويقعد في الخلوة ، وينقطع إلى الله بالكلية ، فينظر الله تعالى إليه بنظر الرحمة ويؤيده باللطف والنعمة ، ويوصله المقامات العالية بمدة قريبة.

وأما الثالث (السالك المطلق) فهو الذي يسلك بحر المجاهدة والرياضة ويضطلع على جميع الوقائع والحالات حتى ينتهي بالمجاهدات الشديدة والأربعينيات..." [20]

أما القاشاني فمن رأيه أن الحق سبحانه إذا وهب عبداً جذبته فاتجه بقلبه إلى الله وتجرد من جميع العلائق دفعة واحدة ، ووصل إلى مرتبة العشق ، فإنه يسمى مجذوباً إذا بقي في هذه المرتبة . وإذا رجع ثانية واضطلع على حقيقة نفسه وسلك طريق الله يسمونه المجذوب السالك. وإذا سلك الطريق الأول واتجه ثم وصلته جذبة الحق يسمونه السالك المجذوب. [21]

إن المجذوب – على حد تعبير ابن خلدون – هو المأخوذ عن نفسه ، غير المالك لها ، انشغالاً بربه وانقطاعاً إليه ، بحيث لا يرجع إلى تدبير نفسه ولا يقدر على ذلك بوظيفته ، إن أشكل عليه أمر لا يقتضي بالكتب فيه ، إذا كانت من قبيل ما عند الفقيه رجع إليه فيه ، وإن كان من قبيل آخر فصدقها في خدمة من جذبه إليه بهديه إليه بأي وجه شاء.وإنما عليه ألا يعتمد على كتاب ولا على ناقل من كتاب ، فإذا لم يكن من أهل العلم والتحقق بما ينقله. [22]

على كل حال فإن المجذوب المحبوب تجاوز مرحلة الوجد إلى مرحلة الفناء ، التي يفنى فيها المحبوب فيمن أحب ، فلا يبقى له من شيء ، وهذا ما قاله عبد الله القرشي (ت599هـ) حقيقة المحبة أن تهب كلك لمن أحببت ولا يبقى لك منك شيء ، لأن المحبة نار تحرق كل دنس على حد تعبير أبي الحسين الوراق. [22]

إن المحبة إذا صفت وكملت جذبت المحبوبين إلى حبيبهم . وقد أكد غير نفر من الصوفية أن المفتاح لكل الأحوال التي تعتور الصوفي وتنتهي بالمحبوبين إلى حالتي الفناء والبقاء . لقد انتفى شعور الصوفي بكل ما حوله ومن حوله . لقد تعطلت حواسه بحيث لم يعد يدري أو يعي ما يدور خارجه ، حتى وإن أصيب بسهم !!

وكما أن المؤمنين درجات ... وأن القوي منهم أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، مع أن الإيمان يجمع الاثنين معاً فإن الأمر كذلك بالنسبة لدرجات ومنازل أولياء الله : السالكون منهم والمجذوبون ، فلكل قدره ومنزلته ، وأعظم هؤلاء هو من له ختم الولاية على حد تعبير الترمذي (ت320هـ) "المجذوب والمحدَّث"[24] لهم منازل ، فمنهم من أعطي نصفها ومنهم من له زيادة حتى يكون أوفرهم حظاً ، من ذلك من له ختم الولاية [25] .

وقد فهم بعض الصوفية قول الله سبحانه{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}(يونس : 62 -64) ، أقول : فهم بعض الصوفية هذه الآية ، وما يماثلها ، على أن البشرى هنا سواء في الدنيا أو في الآخرة ليست إلا كلماً يكلمه الله للمحبوبين ، سواء في اليقظة أو في المنام ، فإذا كانت البشرى كائنة على روحه في منامه فهي كائنة على قلبه في يقظته ، فإن القلب خزانة الله وروحه يسري إلى الله يعرج إليه في منامه ، فيسجد له تحت العرش ، وقلبه يسري إليه فوق العرش ، في الحجب ، فيلاحظ المجالس ويناجى ويبشر ، وفيها توحيده وإلهامه ، وفراسته وسكينته. [26]

إن المجذوبين لا يخافون في الله لومة لائم لأن الله أحبهم فأحبوه ، بل لقد تجاوز المجذوبون مرحلة محبة الإيمان إلى كون هذا الإيمان مكتوباً في قلوبهم ، ولا شك أن من كتب الله الإيمان في قلبه وأيده بروح منه له أن يبشِّر ويبشَّر.

يقول الكلاباذي : المراد هو الذي يجذبه الحق جذبة القدرة – ويكاشفه بالأحوال فيثير قوة الشهود منه اجتهاداً فيه وإقبالاً عليه وتحملاً لأثقاله ، كسحرة فرعون لما كوشفوا بالحال في الوقت سهل عليهم تحمل ما توعدهم به فرعون ، {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}(طه :72). كما فعل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه : أقبل ، يريد قتل الرسول صلى الله عليه وسلم فأسره الحق في سبيله .وكقصة إبراهيم بن أدهم ، خرج يصطل الصيد متلهياً ، فنودي : ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت . ونودي في الثالثة من قربوس سرجه فقال : والله لا عصيت الله بعد يومي هذا ما عصمني ربي. هذه جذبة القدرة كوشفوا بالأحوال فأسقطوا عن النفوس والأموال. [27]

لقد وصل الأنبياء إلى ما وصلوا إليه عن طريق الوحي ، أما الأولياء فقد انتهوا إلى ما انتهوا إليه عن طريق "الحق" الذي أورده (الحق) على قلوبهم فقبلوا بالسكينة كما قبلوا بشراه بعد أن أعطاهم الله ومكنهم من طهارة القلب وعلم التوحيد ومعرفة الآلاء .. وأوصلهم إلى نجواه .. وأمات نفوسهم من جميع الشهوات دنيا وآخرة ، فامتلأت قلوبهم من عظمة الوحدانية. [28]

يتبع إن شاء الله .


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الجذب والمجذوب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 17, 2017 1:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7634

الفاضل سهم النور ذكرني موضوع الفاضل البخاري عن المجاذيب: viewtopic.php?f=2&p=281648#p281648

بهذا الموضوع - الجذب والمجذوب - فيا ليت لو أتمتته لتعم الفائدة وجزاكما الله خيراً


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الجذب والمجذوب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 21, 2017 4:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14352
مكان: مصـــــر المحروسة

الأخ الحبيب (حتى لا أحرم) :

بارك الله فيك وفي الأخ الحبيب (البخاري) ، وإن شاء الله أعاود قريباً استكمال الموضوع.

فاللهم يسر وأعن.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 129 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط