موقع د. محمود صبيح
http://www.msobieh.com/akhtaa/

السُّلَالَة الزَّيْنَبِيَّةِ
http://www.msobieh.com/akhtaa/viewtopic.php?f=4&t=32072
صفحة 1 من 1

الكاتب:  البخاري [ الثلاثاء ديسمبر 04, 2018 9:31 pm ]
عنوان المشاركة:  السُّلَالَة الزَّيْنَبِيَّةِ

[الْعَجَاجَةُ الزَّرْنَبِيَّةُ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. مَسْأَلَةٌ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رُزِقَ مِنَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ وَلَدًا، وَمِنَ الْإِنَاثِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِينَ أَعْقَبُوا مِنْ وَلَدِهِ الذُّكُورِ خَمْسَةٌ، قَالَ ابن سعد فِي الطَّبَقَاتِ: كَانَ النَّسْلُ مِنْ وَلَدِ علي لِخَمْسَةٍ: الحسن، والحسين، ومحمد بن الحنفية، والعباس بن الكلابية، وَعُمَرَ بن التغلبية.


مَسْأَلَةٌ: فاطمة الزهراء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رُزِقَتْ مِنَ الْأَوْلَادِ خَمْسَةً: الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب فَأَمَّا محسن فَدَرَجَ سَقْطًا، وَأَمَّا الحسن والحسين فَأَعْقَبَا الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ، وَأَمَّا أم كلثوم فَتَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلَدَتْ لَهُ زيدا ورقية، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ ابْنُ عَمِّهَا عون بن جعفر بن أبي طالب فَمَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَخُوهُ محمد فَمَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَخُوهُ عبد الله بن جعفر فَمَاتَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ تَلِدْ لِأَحَدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ شَيْئًا، وَأَمَّا زينب، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عبد الله بن جعفر فَوَلَدَتْ لَهُ عليا، وعونا الْأَكْبَرَ، وعباسا، ومحمدا، وأم كلثوم.


مَسْأَلَةٌ: أَوْلَادُ زَيْنَبَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عبد الله بن جعفر مَوْجُودُونَ بِكَثْرَةٍ، وَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ مِنْ آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ آلَهُ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ: " أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي " ثَلَاثًا فَقِيلَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ قَالَ: أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قِيلَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ.»


الثَّانِي: أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَأَوْلَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: أَوْلَادُ بَنَاتِ الْإِنْسَانِ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا مَعْدُودِينَ فِي ذُرِّيَّتِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ.


الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ هَلْ يُشَارِكُونَ أَوْلَادَ الحسن، والحسين فِي أَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَالْجَوَابُ لَا، وَهَذَا الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ.

وَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ مَنْ يُسَمَّى وَلَدًا لِلرَّجُلِ وَبَيْنَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ; وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي دَخَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ، وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إِلَيَّ مِنْ أَوْلَادِي لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الْبِنْتِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَوْلَادُ بَنَاتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي أَوْلَادِ بَنَاتِ بَنَاتِهِ، فَالْخُصُوصِيَّةُ لِلطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَطْ، فَأَوْلَادُ فاطمة الْأَرْبَعَةُ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، أَوْلَادُ الحسن والحسين يُنْسَبُونَ إِلَيْهِمَا، فَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَأَوْلَادُ زينب وأم كلثوم يُنْسَبُونَ إِلَى أَبِيهِمْ عمر وعبد الله لَا إِلَى الْأُمِّ إِلَى أَبِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ بِنْتِ بِنْتِهِ لَا أَوْلَادُ بِنْتِهِ، فَجَرَى الْأَمْرُ فِيهِمْ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّرْعِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي النَّسَبِ لَا أُمَّهُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ أَوْلَادُ فاطمة وَحْدَهَا لِلْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهَا، وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى ذُرِّيَّةِ الحسن والحسين.

أَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ جابر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ بَنِي أُمٍّ عَصَبَةٌ إِلَّا ابْنَيْ فاطمة أَنَا وَلِيُّهُمَا وَعَصَبَتُهُمَا» .

وَأَخْرَجَ أبو يعلى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ بَنِي أُمٍّ عَصَبَةٌ إِلَّا ابْنَيْ فاطمة أَنَا وَلِيُّهُمَا وَعَصَبَتُهُمَا».

فَانْظُرْ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ كَيْفَ خَصَّ الِانْتِسَابَ وَالتَّعْصِيبَ بالحسن والحسين، دُونَ أُخْتَيْهِمَا لِأَنَّ أَوْلَادَ أُخْتَيْهِمَا إِنَّمَا يُنْسَبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ. وَلِهَذَا جَرَى السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى أَنَّ ابْنَ الشَّرِيفَةِ لَا يَكُونُ شَرِيفًا، وَلَوْ كَانَتِ الْخُصُوصِيَّةُ عَامَّةً فِي أَوْلَادِ بَنَاتِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ لَكَانَ ابْنُ كُلِّ شَرِيفَةٍ شَرِيفًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ كَذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلِهَذَا حَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِابْنَيْ فاطمة دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَنَاتِهِ; لِأَنَّ أُخْتَهَا زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُعْقِبْ ذَكَرًا حَتَّى يَكُونَ كالحسن والحسين فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَعْقَبَتْ بِنْتًا وَهِيَ أمامة بنت أبي العاصي بن الربيع، فَلَمْ يَحْكُمْ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِهَا فِي زَمَنِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَهَا لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ بِنْتِهِ، وَأَمَّا هِيَ فَكَانَتْ تُنْسَبُ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لزينب ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدٌ ذَكَرٌ لَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمُ الحسن والحسين فِي أَنَّ وَلَدَهُ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا تَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ خَبَطَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِعِلْمٍ.


الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ هَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَشْرَافٌ؟
وَالْجَوَابُ: إِنَّ اسْمَ الشَّرِيفِ كَانَ يُطْلَقُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ حَسَنِيًّا أَمْ حُسَيْنِيًّا أَمْ عَلَوِيًّا، مِنْ ذُرِّيَّةِ محمد بن الحنفية وَغَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَمْ جَعْفَرِيًّا أَمْ عَقِيلِيًّا أَمْ عَبَّاسِيًّا، وَلِهَذَا تَجِدُ تَارِيخَ الحافظ الذهبي مَشْحُونًا فِي التَّرَاجِمِ بِذَلِكَ يَقُولُ: الشريف العباسي، الشريف العقيلي، الشريف الجعفري، الشريف الزينبي، فَلَمَّا وَلِيَ الْخُلَفَاءُ الْفَاطِمِيُّونَ بِمِصْرَ قَصَرُوا اسْمَ الشَّرِيفِ عَلَى ذُرِّيَّةِ الحسن والحسين فَقَطْ، فَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِمِصْرَ إِلَى الْآنَ، وَقَالَ الحافظ ابن حجر فِي كِتَابِ الْأَلْقَابِ: الشَّرِيفُ بِبَغْدَادَ لَقَبٌ لِكُلِّ عَبَّاسِيٍّ، وَبِمِصْرَ لَقَبٌ لِكُلِّ عَلَوِيٍّ انْتَهَى.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُصْطَلَحَ الْقَدِيمَ أَوْلَى وَهُوَ إِطْلَاقُهُ عَلَى كُلِّ عَلَوِيٍّ وَجَعْفَرِيٍّ وَعَقِيلِيٍّ وَعَبَّاسِيٍّ كَمَا صَنَعَهُ الذهبي وَكَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كِلَاهُمَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابن مالك فِي الْأَلْفِيَّةِ: وَآلِهِ الْمُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا، فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى ذُرِّيَّةِ زينب الْمَذْكُورِينَ أَشْرَافٌ، وَكَمْ أَطْلَقَ الذهبي فِي تَارِيخِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ التَّرَاجِمِ قَوْلَهُ: الشريف الزينبي، وَقَدْ يُقَالُ: يُطْلَقُ عَلَى مُصْطَلَحِ أَهْلِ مِصْرَ: الشَّرَفُ أَنْوَاعٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَخَاصٌّ بِالذُّرِّيَّةِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّيْنَبِيَّةُ وَأَخَصُّ مِنْهُ شَرَفُ النِّسْبَةِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِذُرِّيَّةِ الحسن والحسين.


الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُمْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ بَنِي جَعْفَرٍ مِنَ الْآلِ.


السَّادِسُ: أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بِالْإِجْمَاعِ.


السَّابِعُ: أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ وَقْفِ بِرْكَةِ الْحَبَشِ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ بِرْكَةَ الْحَبَشِ لَمْ تُوقَفْ عَلَى أَوْلَادِ الحسن والحسين خَاصَّةً، بَلْ وُقِفَتْ نِصْفَيْنِ: النِّصْفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَشْرَافِ وَهُمْ أَوْلَادُ الحسن والحسين، وَالنِّصْفُ الثَّانِي عَلَى الطَّالِبِيِّينَ وَهُمْ ذُرِّيَّةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِخْوَتِهِ، وَذُرِّيَّةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَذُرِّيَّةُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَثَبَتَ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاوي فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ثُمَّ اتَّصَلَ ثُبُوتُهُ عَلَى شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام تَاسِعَ عَشَرِيَّ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ اتَّصَلَ ثُبُوتُهُ عَلَى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة. ذَكَرَ ذَلِكَ ابن المتوج فِي كِتَابِهِ "إِيقَاظِ الْمُتَأَمِّلِ".


الثَّامِنُ: هَلْ يَلْبَسُونَ الْعَلَامَةَ الْخَضْرَاءَ؟
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَلَا كَانَتْ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِأَمْرِ الملك الأشرف شعبان بن حسين، وَقَالَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أبي عبد الله بن جابر الأندلسي الأعمى صَاحِبِ شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ الْمَشْهُورِ بِالْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ:

جَعَلُوا لِأَبْنَاءِ الرَّسُولِ عَلَامَةً ... إِنَّ الْعَلَامَةَ شَأْنُ مَنْ لَمْ يُشْهَرِ
نُورُ النُّبُوَّةِ فِي وَسِيمِ وُجُوهِهِمْ ... يُغْنِي الشَّرِيفَ عَنِ الطِّرَازِ الْأَخْضَرِ

وَقَالَ الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي:
أَطْرَافُ تِيجَانٍ أَتَتْ مِنْ سُنْدُسٍ ... خُضْرٍ بِأَعْلَامٍ عَلَى الْأَشْرَافِ
وَالْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ خَصَّصَهُمْ بِهَا ... شَرَفًا لِيَعْرِفَهُمْ مِنَ الْأَطْرَافِ

وَحَظُّ الْفَقِيهِ فِي ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ هَذِهِ الْعَلَامَةُ بِدْعَةً مُبَاحَةً لَا يُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ أَرَادَهَا مِنْ شَرِيفٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا مَنْ تَرَكَهَا مِنْ شَرِيفٍ وَغَيْرِهِ، وَالْمَنْعُ مِنْهَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَائِنًا مَنْ كَانَ لَيْسَ أَمْرًا شَرْعِيًّا ; لِأَنَّ النَّاسَ مَضْبُوطُونَ بِأَنْسَابِهِمُ الثَّابِتَةِ، وَلَيْسَ لُبْسُ الْعَلَامَةِ مِمَّا وَرَدَ بِهِ شَرْعٌ فَيُتَّبَعُ إِبَاحَةً وَمَنْعًا - أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ - أَنَّهُ أَحْدَثَ التَّمْيِيزَ بِهَا لِهَؤُلَاءِ عَنْ غَيْرِهِمْ، فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِخُصُوصِ الْأَبْنَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ ذُرِّيَّةُ الحسن والحسين، وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يُعَمَّمَ فِي كُلِّ ذُرِّيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبُوا إِلَيْهِ كَالزَّيْنَبِيَّةِ، وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يُعَمَّمَ فِي كُلِّ أَهْلِ الْبَيْتِ كَبَاقِي الْعَلَوِيَّةِ وَالْجَعْفَرِيَّةِ وَالْعَقِيلِيَّةِ كُلٌّ جَائِزٌ شَرْعًا، وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]
فَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَخْصِيصِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِلِبَاسٍ يَخْتَصُّونَ بِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْأَكْمَامِ وَإِدَارَةِ الطَّيْلَسَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِيُعْرَفُوا فَيُجَلُّوا تَكْرِيمًا لِلْعِلْمِ، وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


التَّاسِعُ: هَلْ يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَشْرَافِ؟


وَالْعَاشِرُ: هَلْ يَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَشْرَافِ؟
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إِنْ وُجِدَ فِي كَلَامِ الْمُوصِي وَالْوَاقِفِ نَصٌّ يَقْتَضِي دُخُولَهُمْ أَوْ خُرُوجَهُمُ اتُّبِعَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَلَا هَذَا فَقَاعِدَةُ الْفِقْهِ أَنَّ الْوَصَايَا وَالْأَوْقَافَ تُنَزَّلُ عَلَى عُرْفِ الْبَلَدِ، وَعُرْفُ مِصْرَ مِنْ عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الْفَاطِمِيِّينَ إِلَى الْآنَ أَنَّ الشَّرِيفَ لَقَبٌ لِكُلِّ حَسَنِيٍّ وَحُسَيْنِيٍّ خَاصَّةً فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْعُرْفِ، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ دُخُولَهُمْ فِي وَقْفِ بِرْكَةِ الْحَبَشِ ; لِأَنَّ وَاقِفَهَا نَصَّ فِي وَقْفِهِ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ وَقَفَ نِصْفَهَا عَلَى الْأَشْرَافِ، وَنِصْفَهَا عَلَى الطَّالِبِيِّينَ.) اهـ .

الحاوي للفتاوي (2/ 37-41)

الكاتب:  البخاري [ الثلاثاء ديسمبر 04, 2018 9:51 pm ]
عنوان المشاركة:  Re: السُّلَالَة الزَّيْنَبِيَّةِ

[آخِرُ الْعَجَاجَةِ الزَّرْنَبِيَّةِ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مِنْ كِتَابِ نُزْهَةِ الْمَجَالِسِ لعبد الرحمن الصفوري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَلْيَلْعَنِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى» .

حِكَايَةٌ: «خَرَجَ عَلِيُّ بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبِيعُ إِزَارَ فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِيَأْكُلُوا بِثَمَنِهِ فَبَاعَهُ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ، فَرَآهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ وَمَعَهُ نَاقَةٌ، فَقَالَ: يَا أبا الحسن اشْتَرِ هَذِهِ النَّاقَةَ، فَقَالَ: مَا مَعِي ثَمَنُهَا، قَالَ: إِلَى أَجَلٍ فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مِيكَائِيلُ فِي طَرِيقِهِ فَقَالَ: أَتَبِيعُ هَذِهِ النَّاقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَاشْتَرَيْتُهَا بِمِائَةٍ، قَالَ: وَلَكَ مِنَ الرِّبْحِ سِتُّونَ فَبَاعَهَا لَهُ، فَعَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: بِعْتَهُ النَّاقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ادْفَعْ إِلَيَّ دَيْنِي فَدَفَعَ لَهُ مِائَةً، وَرَجَعَ بِسِتِّينَ، فَقَالَتْ لَهُ فاطمة: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: تَاجَرْتُ مَعَ اللَّهِ بِسِتَّةٍ فَأَعْطَانِي سِتِّينَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: الْبَائِعُ جِبْرِيلُ، وَالْمُشْتَرِي مِيكَائِيلُ، وَالنَّاقَةُ لفاطمة».

الحاوي للفتاوي (2/ 41)

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group
http://www.phpbb.com/