بسط الإسلام في مبدأ شبابه سلطانه على قارتي آسيا وأفريقيا وجزء عظيم من قارة أوروبا من الناحيتين : النظرية والعملية.
ثم اخترق صليل صوته أسماع الشعوب التي لم تدن به ، ودوى في رؤوسها صوت جلاله القوي ، فكان من الطبيعي أن يروع الساسة ويبلبل أفكار العلماء والباحثين من خصومه في تلك الشعوب التي لم تكن تطمئن على مصيرها إزاء هذا التيار الجارف.
وكان من الطبيعي أيضاً أن يدفع الغيظ المتعصبين من أولئك العلماء كما دفعت غريزة حب الاستطلاع المخلصين منهم إلى الاشتغال بنصوص هذا الدين. ودراستها للوقوف على ما فيها من فكر وآراء نظرية وطقوس وتقاليد عملية.
وقد كان ذلك بالفعل ، فنظر أولئك وهؤلاء في نصوص القرآن والحديث والسيرة النبوية الشريفة نظرة ادعوا أنها نظرة نقد حر وتمحيص بريء وأنهم لم يتخذوا خلالها كنبراس هاد إلا الحقيقة وحدها.
وإن كان ذلك لايتفق مع الواقع إلا في بعض الأحوال ، بل إننا نستطيع أن نجزم - استناداً إلى ما بين أيدينا من مؤلفات أولئك العلماء - بأن الدراسة الجدية لنصوص الإسلام وتعاليمه والبحث الدقيق النزيه في أسراره ومزاياه لم يبدأ إلا منذ القرن التاسع عشر.
أما قبل ذلك العهد فقد كانت مؤلفات الغربيين عن الإسلام مدعاة للسخرية والاستهزاء ، أكثر منها مبعثا للجدل والنقاش ، لأن أكثرها كان مفعاً بالجهل المطبق ، والسطحية والتعصب ، والتلفيق والكذب والافتراء.
ونحن حين نقرر هذا لا نتجنى على أولئك المؤلفين ، ولكنا نذكر حقيقة واقعة مؤيدة بالنصوص التي في كتبهم وفي كتب الباحثين المحدثين الأكثر نزاهة وعلماً من بين الأوروبيين أنفسهم وإليك شيئاً من هذه الحقائق :
يتبع إن شاء الله.