موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 14 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 07, 2018 11:54 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 2910
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.



_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 08, 2018 12:19 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
النووي كتب:
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.




اللهم صل على سيدنا النبى وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كبيرا دائما ابدا

اللهم لاتحرمنا من رؤية سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً يارب

جزاك الله كل خير الاخ الفاضل النووى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 08, 2018 2:35 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 2910

السيدة الفاضلة/ المهاجرة

وجزاك الله خيراً ، وشكرا على مرورك الكريم .

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 08, 2018 5:04 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 06, 2010 8:26 pm
مشاركات: 13609
مكان: مصر
الله الله
يا سيدنا النبي
اللهم صلي وسلم وبارك علي حضرته واله الاطهار

_________________
"يس" يا روح الفؤاد


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أغسطس 10, 2018 2:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1586
جميل يا سيدنا النبى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 12, 2018 12:18 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت أكتوبر 08, 2011 9:22 pm
مشاركات: 2910
السيدة الفاضلة/ خلف الظلال

الأخ الفاضل/ طلحه

جزاكم الله خيراً ، وشكرا على مروركم الكريم .

_________________
يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم

بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 09, 2019 5:55 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10723
النووي كتب:
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.



أخي الحبيب / النووي

جُزيت خيرا


_________________
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:34 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23595

الله ...

وفي زمننا هذا يوجد البعض

ومنهم من هو شبه سيدنا الحسن والحسين

مرة شفت واحد في البلد اتخضيت ؟

شفته فجأة وكأني رأيت سيدنا على موسى الرضا في وجهي؟

النووي كتب:
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
msobieh كتب:

الله ...

وفي زمننا هذا يوجد البعض

ومنهم من هو شبه سيدنا الحسن والحسين

مرة شفت واحد في البلد اتخضيت ؟

شفته فجأة وكأني رأيت سيدنا على موسى الرضا في وجهي؟

النووي كتب:
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.

ماشاء الله لا قوة إلا بالله
زادكم الله من فضله مولانا الكريم الفاضل
وجزاكم الله خيرا كثيرا مولانا الكريم الفاضل وأخي الكريم الفاضل النووي

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
من اكرم بالشبه لازم يكون من آل البيت ياسيدى ولا مش شرط


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:49 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 23595

أكرمكم الله الفاضلة ملهمة

الفاضلة المهاجرة

من أهل البيت المحمدي أو الإبراهيمي

وهو كرم عظيم

جوزيتم خيرا ...

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
msobieh كتب:

أكرمكم الله الفاضلة ملهمة

الفاضلة المهاجرة

من أهل البيت المحمدي أو الإبراهيمي

وهو كرم عظيم

جوزيتم خيرا ...


ربنا يخليك ياسيدى والحمد لله على إكرامه لنا بحضرتك ربنا لايحرمنا منكم ابدا يارب


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 12, 2019 10:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
المهاجرة كتب:
msobieh كتب:

أكرمكم الله الفاضلة ملهمة

الفاضلة المهاجرة

من أهل البيت المحمدي أو الإبراهيمي

وهو كرم عظيم

جوزيتم خيرا ...


ربنا يخليك ياسيدى والحمد لله على إكرامه لنا بحضرتك ربنا لايحرمنا منكم ابدا يارب

اللهم آمين اللهم آمين يارب العالمين

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ذكر جماعة ممن يشبهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 14, 2019 4:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء يناير 02, 2013 5:01 pm
مشاركات: 10843
msobieh كتب:

الله ...

وفي زمننا هذا يوجد البعض

ومنهم من هو شبه سيدنا الحسن والحسين

مرة شفت واحد في البلد اتخضيت ؟

شفته فجأة وكأني رأيت سيدنا على موسى الرضا في وجهي؟

النووي كتب:
جامع الآثار في السير ومولد المختار (4 / 415 - 439)

وقد كان جماعة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

أنشد الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري الربعي – رحمه الله وإيانا – في كتابه "الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" بيتين من نظمه جمع فيهما خمسة يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال:

لخمسة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن

لجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن


[قلت]: كأن أبا الفتح – رحمه الله [تعالى] – قلد الإمام الحافظ أبا عمر ابن عبد البر رحمه الله فإنه قال في كتابه "الاستعياب" في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه: يقال:

إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. انتهى.

وقد فاتهما أحد عشر رجلاً لم يذكرهم أبو الفتح في البيتين المذكورين, ولا أبو عمر بن عبد البر.

فالأول: إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدث عن لقيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ليلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: ((لم أر رجلاً أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه)). وتقدم في قصة المعراج.

والثاني: إبراهيم ابن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدتنا السيدة مارية القبطية:
وسيأتي [في] ترجمته إن شاء الله تعالى عند ذكر أمه.
قال أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب": حدثنا القنطري, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم إبراهيم مارية القبطية وهي حامل منه بإبراهيم ... وذكر الحديث, وفيه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلاماً وأنه أشبه الخلق بي, وأمرني أن أسميه إبراهيم, وكناني بأبي إبراهيم، فلولا أني أكره أن أحول كنيتي التي [قد] عرفت بها لاكتنيت بأبي إبراهيم كما كناني جبريل عليه السلام)).

والثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنهما.

صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الحسين كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو عيسى الترمذي في "جامعه": حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن, أخبرنا عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. هذا حديث حسن غريب قاله أبو عيسى.

وحدث به أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه" عن مالك بن إسماعيل, حدثنا إسرائيل .... فذكره.

وهو في "صحيح أبي حاتم بن حبان" عن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا شبابة, حدثنا إسرائيل ... فذكره بنحوه.

وخرجه أحمد في "مسنده" عن أسود بن عامر وحجاج – فرقهما – عن إسرائيل بنحوه.

ورواه إسماعيل بن مسلم, عن أبي إسحاق, عن رجل قد سماه، عن علي رضي الله عنه والرجل هو: هانئ بن هانئ المذكور قبل.
وجاء عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة, عن علي رضي الله عنه.

أخبرنا المسند الكبير الشهاب عبد الرحمن بن أبي عبد الله الفارقي, أخبرنا القاسم بن المظفر الدمشقي, أخبرناه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي – قراءة عليه وأنا أشهد – ومحمد بن أحمد القطيعي, ومحمد بن عبد الواحد بن المتوكل – إجازة – أن أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الراعوني, أنبأهم, زاد البغدادي فقال: وأنبأنا أيضاً نضر بن نصر أبو القاسم الواعظ: ح.
وأخبرنا ابن الفارقي, حدثنا القاسم بن محمد الإشبيلي الحافظ، أخبرنا التقي إبراهيم بن علي وعبد الرحمن بن الزين أحمد، ومحمد بن مؤمن، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكرخي [ح] وقال التقي وابن الزين أيضا: [أخبرنا الحسن بن إسحاق بن موهوب]، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الراعوني، قالوا: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري – قراءة عليه ونحن نسمع –
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أحمد – يعني ابن إسحاق بن البهلول القاضي - أخبرنا جعفر، حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن قدميه إلى سرته. اقتسما شبهه صلى الله عليه وسلم.

والرابع: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في "المسند" في مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي سمعت محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثه، فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة، فلقوا العدو، وذكر الحديث في قتل الأمراء ونعي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، وفيه: قال: ثم أمهل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي ابني أخي)) قال: فجيء بنا كأنا أفراخ فقال: ((ادعوا لي الحلاق)).

فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: ((أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي)) ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: ((اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه)) قالها ثلاث مرات، وذكر بقية الحديث.

تابعه محمد بن سعد [فرواه] في "الطبقات" عن وهب بن جرير به.

وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحراني فيما أملاه بجامع المنصور من بغداد: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – سكن البادية – حدثني موسى بن جعفر بن إبراهيم، عن أبيه جعفر قال: قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جعفر أشبه خلقي وخلقي)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك)).

والخامس: عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أخو عبد الله رضي الله عنهما:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن منده في كتابه "معرفة الصحابة": عون بن جعفر بن أبي طالب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعون: ((أشبهت خلقي وخلقي)).

والسادس: حفيد الحسن من وجه، وحفيد الحسين من آخر، وهو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمه: فاطمة بنت الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

يقال: إنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في "تاريخ بغداد".

وقال عبد الله بن صالح العجلي: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل علي المغيرة بن سعيد وأنا شاب، وكنت أشبه – وأنا شاب – برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من قرابتي وشبهي وأمله في، ثم ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعني سبهما، فقلت: يا عدو الله أعندي، قال فخنقته خنقا حتى أدلع لسانه.
المغيرة هذا هو ذلك الرافضي الكذاب الساحر، ذو الافتراء على الله تعالى، وكان رأس الفرقة المغيرية، ادعت طائفة نبوته، قتله في جماعة من أتباعه خالد بن عبد الله القسري أمير العراق بالكوفة في حدود العشرين ومائة.

وإبراهين بن الحسن هذا روى عن أبيه عن جده، وعنه ابنه إسماعيل وكثير النواء. مات في حبس أبي جعفر المنصور بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن سبع وستين سنة، وهو أول من مات في الحبس من بني الحسن فيما قاله أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره.
وكان سبب حبس بني الحسن أن أبا جعفر المنصور عام حج في حياة أخيه أبي العباس السفاح فشهده بنو هاشم، وتخلف محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وكان محمد بن عبد الله بن حسن يذكر أن أبا جعفر ممن بايع له ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر مروان مع سائر المعتزلة الذين كانوا معه هنالك، فلما استخلف أبو جعفر لم يكن لهم هم إلا طلب محمد، وبالغ في ذلك حتى اشترى رقيقا من رقيق الأعراب وفرق عليهم إبلا من الذود إلى البعيرين إلى البعير، وثبتهم في طلب محمد.
فلما حج في سنة أربعين ومائة، أتاه والد محمد بن عبد الله وأخوه حسن ابنا حسن، فقال لعبد الله: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه،، قال: يا ربيع، قم به إلى الحبس.

وانصرف أبو جعفر قافلا، وعبد الله بن حسن محبوس، وأقام في الحبس ثلاث سنين، وجد أبو جعفر في طلب ابنيه، ثم استعمل أبو جعفر على المدينة رياح بن عثمان بن حبان المرسي، وفي ولايته المدينة في سنة أربع وأربعين قيل لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين تطمع أن يخرج لك محمد وإبراهيم وبنو حسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، فأمر أبو جعفر رياحا بأخذ بني حسن، فأخذ حسنا وإبراهيم ابني حسن بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن، وسليمان وعبد الله ابني داود بن حسن بن حسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحاق بني إبراهيم بن حسن بن حسن، وعباس بن حسن بن حسن بن حسن، وأخاه عليا العابد.

والعابد هذا لما أخذ بنو حسن أتى إلى رياح متلففا في ساج له، فقال له رياح: مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال: جئتك لتحبسني مع قومي، فحبسه معهم، فكانوا مدة إقامتهم في الحبس لا يعرفون وقت الصلوات إلا بأجزاء كان يقرؤها علي بن الحسن العابد، وحملوا من المدينة إلى العراق مقيدين في تلك السنة سنة أربع وأربعين إلى أن حبسوا بالهاشمية، وحبس معهم العثماني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وابنان له.

قال أبو نعيم الفضل بن دكين في قصر ابن هبيرة وكان في شرقي الكوفة مما يلي بغداد، فكان أول من مات منهم إبراهيم بن حسن ثم عبد الله بن حسن فدفن من حيث مات.

السابع: الشبه، ويقال له: الشبيه، وهو أبو محمد يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي: وإنما لقب الشبيه لشبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان له في مثل موضع خاتم النبوة من النبي صلى الله عليه وسلم شامة عظيمة وكان إذا دخل الحمام ورآها الناس كبروا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قدم مصر من أرض الحجاز لما أشخصه ابن طولون في مصادرة الرسيين وأهله، فخلت دور مصر ليلة قدومه ودخل مصر ووجهه مبرقع، وخرج في جملة أهل مصر الذين خرجوا لقدومه شخص يهودي أعمى يقال له: أبو إسرائيل فيما ذكره شيخنا أبو حفص عمر بن أبي الحسن الأنصاري المصري وغيره – ومع اليهودي ابنة له فقال لها: خذي بيدي وإذا رأيت هذا الرجل فأخبريني، فلما رأته قالت: هاهو يا أبة، فقال: اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك في خلقه وهو على الحق فاردد علي بصري، فرد الله تعالى عليه بصره، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشي مع الناس بصيرا فأسلم وحسن إسلامه.
توفي أبو محمد الشيبه – رحمه الله تعالى – يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ثلاث وستين ومائتين ودفن بمصر بمشهد يحيى أخي السيدة نفيسة، وكان له بمصر عقب إلى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.

والثامن: العقيلي القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي.
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان أشبه خلق الله تعالى برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد - وكان يدعو جده أباه – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((من أنا))؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((نعم)) .. وذكر الحديث.
ورواه محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا القاسم بن محمد .. وذكر الحديث مطولا بقصة في أوله.

والتاسع: الرفاعي وهو أبو إسماعيل علي بن علي بن نجاد بن رفاعة اليشكري البصري العابد:
سماه مالك بن دينار راهب العرب، سمع أبا المتوكل الناجي والحسن وغيرهما، سمع منه أبو نعيم ووكيع وابن المبارك وعفان وعلي بن الجعد وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني في كتابه "اللقط": قرأت على أبي الطيب بن جعفر الحلواني بها حدثكم أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى التمار الحلواني، حدثنا الفضل بن زياد، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر علي بن علي الرفاعي فقال: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: وكل شيء روى نيف وعشرون حديثا.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ما أظن له عشرين حديثا.
وقال: وكان زعموا يصلي كل يوم ستمائة ركعة، وكان تشبه عيناه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عفان وأبو نعيم: كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم: كان حسن الصوت بالقرآن ليس به بأس ولا يحتج به.

والعاشر: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ابن خالة عثمان بن عفان [لأن أم عثمان بن عفان]-أروى بنت كريز بن ربيعة وأم أروى وعامر ولهما صحبة [و] أم حكيم البيضاء: بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": فولد عامر بن كريز عبد الله بن عامر رضي الله عنهما استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعري فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى قريش كريم الأمهات والخالات والعمات يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا.

وقال الزبير أيضا: كان – يعني: عبد الله بن عامر – كثير المناقب هو افتتح خراسان وقتل كسرى في ولايته وأحرم من نيسابور شكرا لله عز وجل وهو الذي عمل السقايات بعرفة، قال عمي مصعب بن عبد الله: ويقال: إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه لمسقى)) فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.

وأخرج الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه": من طريق مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن جده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فقال: ((هذا شبهنا)) وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه.

وحدث به محمد بن سليمان بن فارس، حدثننا عمر بن شبة، أخبرني أبو عبيدة النحوي أن عامر بن كريز أتى بابنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ست سنين فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في فيه فجعل يزدرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلمظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ابنك هذا يسقى)) فكان يقال: لو أن عبد الله قدح حجرا أماهه – يعني: - يخرج من الحجر الماء من بركته.

وقال أبو عمر بن عبد البر: وقيل لما أتي بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني عبد شمس: ((هذا أشبه بنا منه بكم)) ثم تفل في فيه فازدرده فقال: ((أرجو أن يكون مسقيا)) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. ذكره في "الاستيعاب".
ودليل قوله: "فكان كما قال" أن عثمان رضي الله عنه لما جمع لعبد الله بن عامر بن كريز بين ولاية البصرة وفارس شق نهر البصرة وعمل السقايات بعرفة، وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن البصرة، وعثمان بن أبي العاص عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز.
وقاله صالح بن الوجبه وزاد: وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وذكر غيره أن عبد الله بن عامر أوصى إلى عبد الله بن الزبير ومات قبله بيسير، وكانت وفاته بمكة ودفن بعرفات، وكان كثير المناقب شيخا كريما، روي أن أضاف رجلا فأحسن قراه فلما عزم الرجل على الرحيل لم يعنه غلمان عبد الله بن عامر فقيل له في ذلك: فقال: [عن] غلماني لا يعينون من يرتحل عنا.
وقال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتابه "قضاء الحوائج" من تأليفه: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن يعني العرجي قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر بن كريز وأنشده:

أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا

أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثني الوسادا

لكن قال الحاكم في "مستدركه": أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا ابن عائشة، قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشد [يقول]:

سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وذكر البيتين بعده فقط.

والحادى عشر: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم – بضم الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وقيل بفتحها – ابن ربيعة ابن الحارث بن سامة بن لؤي.

قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتابه "المؤتلف والمختلف": ولأهل البصرة رجل يقال له: كابس بن ربيعة - بالكاف - ابن مالك من بني سامة بن لؤي كان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فوجه إليه معاوية رضي الله عنه فأشخصه لذلك فنظر إليه وقبل بين عينيه وأقطعه المرغاب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا رآه بكى وقال: هذا أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى حديثه عباد بن منصور، رواه أبو الفتح عبد الكريم بن أحمد [بن محمد] بن القاسم المحاملي، وأبو القاسم الأزهري وغيرهما، عن الدارقطني.

قال ريحان بن سعيد الناجي - وكان صدوقا –: سمعت عباد بن منصور - وهو الناجي - يقول: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك رضي الله عنه فعانقه وبكى وقال: من أحب أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى كابس بن ربيعة ... وذكر فيه قصة طويلة منها: فدفعه إلى معاوية رضي الله عنه وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما شهد أنس رضي الله عنهم.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثني إبراهيم بن نعيم وأبو عثمان قالا: حدثنا محمد بن عمر المقدمي، حدثنا ريحان بن سعيد، سمعت عباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن ربيعة يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه به من إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحد حسنا منه. وقال إبراهيم الحربي: يعني أرق منه رقة حسن.

وقد نظمت الخمسة الذين ذكرهم الحسن بن علي الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في بيتيه المتقدمين مع الأحد عشر الذين استدركتهم عليه في بيتين وهما:

شبه النبي ابنه سبطاه حافدهم ... وجعفر ابناه أبو سفيان والقثم

وسائب والعقيلي الخليل وكابس ... الكريزي الرفاعي الشبه قد ختموا

"شبه النبي صلى الله عليه وسلم": إبراهيم ابن مارية القبطية.

"سبطاه": الحسن والحسين ابنا علي بن ِأبي طالب.

"حافدهم" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

"وجفر ابناه": عبد الله وعون ابنا جعفر.

"أبو سفيان": ابن الحارث بن عبد المطلب.

"والقثم": ابن العباس بن عبد المطلب.

و"سائب": ابن عبيد بن عبد يزيد القرشي.

"والعقيلي": القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

"الخليل" خليل الرحمن إبرهيم عليه السلام.

"وكابس": ابن ربيعة بن مالك بن عدي.

"الكريزي": عبد الله بن عامر بن كريز العبشمي.

"الرفاعي": علي بن [علي بن] نجاد بن رفاعة اليشكري.

"الشبه": يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ذكر من يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وربما يلحق بهؤلاء آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام: فقد قال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في "تاريخه": حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، وعن هشام بن عروة، عن أبيه: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن .. الحديث، وسيأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وفي آخر الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا أشبه الناس بأبي آدم، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا)).

ومما يقرب منه ما قال أبو داود في "سننه": وحدثت عن هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال: علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن رضي الله عنه فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم [و] سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخٌلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا.
ومنه ما جاء عن موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي وكان واهيا: حدثنا الوليد بن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم الأخيرة من بناته عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل عليها فقال: ((يا بنية، كيف تجدين زوجك؟)) قال: فذكرت خيرا، فقال: ((أي بنية، إنه أشبه أباك وجدك)) يعني: بأبيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبجدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وجاء عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فقال: ((يشبه بإبراهيم عليه السلام وإن الملائكة لتستحيي منه)).

وروينا من حديث القاسم بن زكريا المطرز: حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله، عن المطلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا رجلت رأسه، فقال: ((كيف تجدين أبا عبد الله؟)) قلت: بخير، قال: ((أكرميه فإنه من أشبه أصحابي خلقا)) هكذا رويناه خُلقا بالضم.

وممن يلحق بمن تقدم من المشبهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:

عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم يكنى أبا محمد، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الواقدي: وهو أول من ولي القضاء بالمدينة في زمن مروان، وتوفي سنة أربع وثمانين، وذكر أهل بيته أنه توفي في زمن معاوية وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنكروا أن يكون ولي القضاء.
حكاه أبو موسى المديني، عن ابن شاهين، وأنه أورد عبد الله في الصحابة.
وذكره أبو عمر بن عبد البر قال: وقال العدوي: قتل يوم الحرة وذلك سنة ثلاث وستين وهو أخو الحارث بن نوفل، وكان عبد الله بن نوفل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: وأخوه الحارث وأبوهما نوفل ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الحارث: صحابيان، ونوفل كان أسن الصحابة من بني هاشم رضي الله عنهم.

ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي العثماني، أمه فاطمة ابنه الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت عند الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولدت له عبد الله وحسنا، ثم مات عنها، فخلف عليها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له محمدا هذا، وكان يسمى الديباج، وإنما سمي الديباج فيما ذكره أبو سعد بن السمعاني لحسن وجهه؛ ولأن ديباجة وجهه كانت تشبه ديباجة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقال له: سمي النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه وزرع الخليفة المقتول ظلما.
مات الديباج في حبس المنصور في قصر ابن هبيرة شرقي الكوفة مما يلي بغداد كما تقدم، وقيل: قتله المنصور ليلة جاءه خروج محمد بن عبد الله بن حسن المدينة سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية" حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: بلغني: أن أنسا رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

قلت: هو في كتاب "العلل" لكن لم يصرح عبد الله بن أحمد فيه بالسماع من أبيه، فقال في "العلل": قال أبي: بلغني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.
وقال محمد بن سعد في كتابه "الطبقات": أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت شعرا أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر قتادة، ففرح قتادة يومئذ.
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي نظر إلى الصلت بن زبيد وشمط سائل على عنفقته فقال: هكذا كان شمط النبي صلى الله عليه وسلم سائلا على عنفقته، ففرح الصلت بذلك فرحا شديدا.

مدددددددد

_________________
أيا ساقيا على غرة أتى
يُحدثني وبالري يملؤني ،
فهلا ترفقت بى ،
فمازلت في دهشة الوصف
ابحث عن وصف لما ذُقته ....

                         
                 
              


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 14 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 69 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط