موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: فصل في التوكل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 27, 2020 11:51 am 
متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7613

تفسير الثعلبي (3/ 192 - 195)

فصل في التوكل

اختلفت عبارات العلماء في معنى التوكل وحقيقة المتوكل:

فقال سهل بن عبد الله رحمة الله عليه: أول مقام التوكل، أن يكون العبد بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل، يقلّبه كيف أراد لا يكون له حركة ولا تدبير، والمتوكل لا يسأل ولا يرد ولا يحبس.

أبو تراب النخشبي: التوكل الطمأنينة إلى الله عزّ وجلّ. بشر الحافي: الرضا، وعن ذي النون وقد قال له رجل: يا أبا الفيض ما التوكّل؟ قال: خلع الأرباب وقطع الأسباب. فقال:
زدني فيه حالة أخرى. فقال: إلقاء النفس في العبودية وإخراجها من الربوبية.

وقال إبراهيم الحواص: حقيقة التوكل إسقاط الخوف والرجاء ممّا سوى الله، ابن الفرجي: ردّ العيش لما يوم واحد وإسقاط غم غد، وعن علي الروذباري قال: مراعاة التوكل ثلاث درجات:
الأولى منها: إذا أعطى شكر وإذا منع صبر.
والثانية: المنع والإعطاء واحد.
والثالثة: المنع مع الشكر أحب إليه، لعلمه باختيار الله ذلك له.

وروى عن إبراهيم الخواص أنه قال: كنت في طريق مكة، فرأيت شخصا حسنا فقلت:
أجني أم إنسي؟ فقال: بل جنيّ. فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى مكة. قلت: بلا زاد؟ قال: نعم، فينا أيضا من يسافر على التوكل. فقلت له: ما التوكل؟ قال: الأخذ من الله.

ذو النون أيضا: هو انقطاع المطامع.

سهل أيضا: معرفة معطي أرزاق المخلوقين ولا يصح لأحد التوكل حتى تكون السماء عنده كالصفر والأرض عنده كالحديد، لا ينزل من السماء مطر ولا يخرج من الأرض نبات، ويعلم أن الله لا ينسى ما ضمن له من رزقه بين هذين.

وعن بعضهم: هو أن لا يعصي الله من أجل رزقه.
وقال آخر: حسبك من التوكل أن لا تطلب لنفسك ناصرا غير الله ولا لرزقك خازنا غيره ولا لعملك شاهدا غيره.

الجنيد (رحمه الله) : التوكل أن تقبل بالكلية على ربّك، وتعرض ممّن دونه.

النوري: هو أن يفني تدبيرك في تدبيره، وترضى بالله وكيلا ومدبرا، قال الله عزّ وجلّ: وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا وقيل: هو اكتفاء العبد الذليل بالربّ الجليل، كاكتفاء الخليل بالخليل حين لم ينظر إلى عناية جبرئيل.

وقيل: هو السكون عن الحركات اعتمادا على خالق الأرض والسماوات.

وقيل لبهلول المجنون: متى يكون العبد متوكلا؟ قال: إذا كان النفس غريبا بين الخلق، والقلب قريبا إلى الحق.
وعن محمد بن عمران قال: قيل لحاتم الأصم: على ما بنيت أمرك هذا من التوكل؟ قال:
أربع خلال: علمت أن رزقي ليس يأكله غيري فلست أشغل به، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني بعين الله في كل حال فأنا مستحي منه.

وعن أبي موسى [الوبيلي] قال: سألت عبد الرحمن بن يحيى عن التوكل فقال لي: لو أدخلت يدك في فم التنين حتى تبلغ الرسغ، لم تخف مع الله شيئا.
قال أبو موسى: [ذهبت] إلى أبي يزيد البسطامي: أسأله عن التوكل، فدخلت بسطام ودفعت عليه الباب فقال لي: يا أبا موسى ما كان لك في جواب عبد الرحمن من القناعة حتى تجيء وتسألني؟ فقلت: افتح الباب، فقال: لو زرتني لفتحت لك الباب، [وإذا] جاء الجواب من الباب فانصرف: لو أن الحيّة المطوقة بالعرش همّت بك لم تخف مع الله شيئا.
قال أبو موسى: فانصرفت حتى جئت إلى دبيل فأقمت بها سنة، ثم اعتقدت الزيارة فخرجت إلى أبي يزيد فقال: زرتني مرحبا بالزائرين [لا] أخرجك، قال: فأقمت عنده شهرا لا يقع لي شيء إلّا أخبرني قبل أن أسأله فقلت له: يا أبا يزيد أخرج وأريد فائدة منك أخرج بها من عندك.
قال لي: اعلم أن فائدة المخلوقين ليست بفائدة، حدثتني أمّي أنها كانت حاملة بي وكانت إذا قدمت لها القصعة من حلال امتدت يدها وأكلت، وإذا قدمت من حرام جفت فلم تأكل، اجعلها فائدة وانصرف. فجعلتها فائدة وانصرفت.

وروى طاوس اليماني (رحمه الله) قال: رأيت أعرابيا قد جاء براحلة له فأبركها وعقلها، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إن هذه الراحلة وما عليها في ضمانك حتى أخرج إليها.
فخرج الأعرابي وقد أخذت الراحلة وما عليها، فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إنه ما سرق مني شيء وما سرق إلّا منك. فقال طاوس: فنحن كذلك مع الأعرابي إذا رأينا رجلا من رأس أبي قبيس يقود الراحلة بيده اليسرى ويمينه مقطوعة معلقة في عنقه، حتى جاء إلى الأعرابي وقال له: هاك راحلتك وما عليها. فقيل له: وما حالك؟ فقال: استقبلني فارس على فرس أشهب في رأس أبي قبيس فقال: يا سارق مدّ يدك فمددتها فوضعها على حجر ثم أخذ آخر فقطعها به وعلقها في عنقي وقال: انزل فرد الراحلة وما عليها إلى الأعرابي.
وعن أبي تميم الحبشاني قال: سمعت عمر يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا».

روى محمد بن كعب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله عزّ وجلّ ومن سرّه أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق ممّا في يديه».

وكان عمر (رضي الله عنه) يتمثل بهذين البيتين:
هوّن عليك فإن الأمور ... بأمر الإله مقاديرها
نفس ليأتيك مصروفها ... ولا عادك عنك مقدورها . أهـ


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: حتى لا أحرم و 123 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط