موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: مطلب في حد التصوف والكثير من الفوائد
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 04, 2008 8:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14357
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
قال الإمام الحافظ أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه : [الفتاوى الحديثية (428 -434)] :

(وسئل) نفع الله به : ما حد التصوف والصوفي ولم سمي بذلك ؟ ومتى حدثت هذه التسمية ؟ وما الفرق بين الصوفي وغيره من الفرق المنتمية للصوفية ؟ وما الفرق بين التصوف والفقر والزهد وبين الصوفي والمتصوف والمتشبه ؟

(فأجاب) بقوله : اختلفت عبارة العارفين في حده على أكثر من ألف قول نظرا إلى شروطه وآدابه وغاياته وثمراته فحده سيد الطائفة الجنيد رضي الله عنه بأن يكون مع الله بلا علاقة وبأن يميتك الحق عنك ويحييك به وبأنه ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع .

وأبو محمد رويم بأنه استرسال النفس مع الله على ما يريده.

وأبو محفوظ معروف الكرخي بأنه الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق .

وأبو علي الروذباري بأنه الإناخة على باب الحبيب وإن طرد .

وأبو محمد الحريري بأنه التحلي بكل خلق حسن سني والتخلي عن كل خلق دنئ .

واختلفت عبارتهم في حد الصوفي نظرا لذلك فحده الجنيد بأنه كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح.

وكان الأستاذ أبو علي الدقاق شرح ذلك بقوله أحسن ما قيل في هذا الباب قول من قال هذا طريق لا يصلح إلا لأقوام كنست بأرواحهم المزابل .

وأبو محمد سهل بن عبد الله بأنه من صفا من الكدر وتسل عن الكفر وانقطع إلى الله عن البشر واستوى عنده الذهب والمدر .

وذو النون بأنهم قوم آثروا الله على كل شيء فآثرهم على كل شيء .

واختلفوا أيضا في المنسوب إليه فقيل نسب للصفة التي كانت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لفقراء المهاجرين.

وقيل إلى الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله بقلوبهم .

وقيل إلى الصوف لأنه لباسهم غالبا لكونه أقرب إلى الخمول والتواضع والزهد ولكونه لباس الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وقد جاء أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يركب الحمار ويلبس الصوف وفي حديث مر بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباءة يؤمون البيت الحرام وفي آخر يوم كلم الله موسى عليه السلام كان عليه جبة من الصوف وسراويل من صوف وكساء من صوف .

وقال الحسن البصري لقد أدركت سبعين بدريا لباسهم الصوف قال اليافعي وهذا القول الثالث هو المناسب للاشتقاق اللغوي أعني بالنسبة إلى الصوف وقيل أصل هذا الاسم صوفي من الصفا أو من المصافاة . وبين العارف الشهاب السهروردي وقت حدوث هذا الاسم فقال ما حاصله لم يكن هذا الاسم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال كان في زمن التابعين ونقل عن الحسن البصري أنه قال رأيت صوفيا في المطاف فأعطيته شيئا فقال معي أربعة دوانق تكفيني ونحوه ما جاء عن سفيان الثوري لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقائق الرياء .

وقيل لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة لأن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم أحق باسم الصحابي لشرفه على كل وصف ومن رأى الصحابة وأخذ عنهم العلم أحق باسم التابعي لذلك ثم لما بعد عهد النبوة وتوارى نورها واختلفت أيضا الآراء وكدر شرب العلوم شرب الأهوية وتزعزت أبنية المتقين واضطربت عزائم الزاهدين وغلبت الجهالات وكثف حجابها وكثرت العادات وتملكت أربابها وتزخرفت الدنيا وكثر خطابها تفرد طائفة بأعمال صالحة وأحوال سنية واغتنموا العزلة واتخذوا لنفوسهم زوايا يجتمعون فيها تارة ويغفر دون أخرى أسوة أهل الصفة تاركين للأسباب مبتهلين إلى رب الأرباب فأثمر لهم صالح الأعمال سني الأحوال وتهيأ صفاء الفهوم لقبول العلوموصار لهم بعد اللسان لسان وبعد العرفان عرفان وبعد الإيمان إيمان كما قال حارثة أصبحت مؤمنا حقا لما كوشف بمرتبة في الإيمان غير ما عهد فصار لهم بمقتضى ذلك علوم يعرفونها وإشارات يعهدونها فحزر والنفوسهم اصطلاحات تشير إلى معارف يعرفونها وتعرب عن أحوال يجدونها فأخذ ذلك الخلف من السلف حتى صار ذلك رسما مستمرا وخيرا مستقرا في كل عصر وزمان فظهر هذا الاسم بينهم وتسموا به فالاسم سمتهم والعلم بالله صفتهم والعبادة حليتهم والتقوى شعارهم وحقائق الحقيقة أسرارهم انتهى.

وسبقه القشيري في رسالته إلى أكثر من ذلك فإنه قال ما حاصله اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى الصحابة إذ لا أفضلية فوقها ثم سمى من أدركهم التابعين ثم من أدركهم تابعي التابعين ثم تباينت المراتب فقيل لخواص الناس من لهم شدة عناية بأمر الدين الزهاد والعباد .

[مطلب في الاختلاف في نسبة الصوفي لأي شيء وفي أي زمن حدث]

ثم ظهرت البدع وحصل التداعي من الفرق فكل فريق ادعوا أن فيهم زهدا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة انتهى.

قال الإمام الشهاب السهروردي وممن انتمى إلى الصوفية وليس منهم قوم يسمون أنفسهم قلندرية تارة وملامتية أخرى قال وقد ذكرنا حال الملامتية وإنه حال شريف ومقام عزيز وتمسك بالسنن والآثار وتحقق بالإخلاص والصدق وليس مما يزعم المفتونون بشيء .

وأما القلندرية فهم أقوام ملكهم سكر طيبة القلوب حتى خرقوا العادات وطرحوا التقليد بآداب المجالسات وساحوا في ميادين طيبة القلوب فقلت أعمالهم من الصلاة والصوم إلا الفرائض ولم يبالوا بتناول شيء من لذات الدنيا المباحة برخصة الشرع وربما اقتصروا على رعاية الرخصة ولم يطلبوا حقائق العزيمة ومع ذلك يتمسكون بترك الادخار وترك الجمع والاستكثار ولا يتوسمون بوسم المتقشفين والمتزهدين والمتعبدين وقنعوا بطيب قلوبهم مع الله تعالى ولم يتطلبوا إلى طلب مزيد سواها والفرق بين الملامتي والقلندري أن الأول بالغ مع تمسكه بأبواب الخير والبر وبذله الجهد في ذلك وطلب المزيد في كتم العبادة والأحوال حتى ترقى بالعلوم في كل أحواله حتى لا يفطن به.

والثاني يبالغ في تحرير العبادات غير متقيد بهيئة ولا يبالي بما يعرف من أحواله أو يجهل وليس رأس ماله إلا طيبة قلبه.

وأما الصوفي فهو الذي يضع كل شيء موضعه ويدبر أوقاته وأحواله كلها بالعلم يقيم الخلق مقامه ويقيم أمر الحق مقامه ويستر ما ينبغي ستره ويظهر ما ينبغي إظهاره كل ذلك مع حضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وأخلاق ووقع لقوم مفتونين أنهم سموا أنفسهم ملامتية ولينسبوا لبس الصوفية لنسبوا إليهم وليسوا منهم في شيء بل في غرور وباطل وغلط يتسترون بلبس الصوفية توقيا تارة ودعوى أخرى وبعض هؤلاء ينهجون منهج أهل الإباحة ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله وأن الترسم بمراسم الشريعة رتبة العوام وهذا هو عين الإلحاد والزندقة إذ كل حقيقة ردتها الشريعة زندقة وبعضهم يقول بالحلول ويزعمون أن الله تعالى حل فيهم ويحل في أجسامهم مصطفيها ويسبق إلى فهومهم معنى من النصارى في اللاهوت والناسوت تعالى الله أن يحل في شيء أو يحل به شيء ومنهم من يستحل النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم وبعضهم يزعمون أنهم مجبورون على الأشياء لا فعل لهم مع الله ويسترسلون في المعاصي وكل ما تدعو إليه النفوس ويركنون إلى البطالة ودوام الغفلة والاغترار بالله والخروج من الملة وترك الحدود والأحكام والحلال والحرام .

وقد سئل سهل رضي الله عنه عن رجل يقول أنا كالباب لا أتحرك إلا إذا حرك فقال هذا لا يقوله إلا أحد رجلين إما صديق إشارة إلى أن قوم الأشياء بالله مع أحكام الأصول ورعاية حدود العبودية وإما زنديق إحالة للأشياء على الله وإسقاطا للوم عن نفسه وانخلاعا عن الدين ورسمه وبعضهم ربما كان ذا ذكاء وفطنة غريزية ويكون قد سمع كلمات تعلقت بباطنه فيتألف له من باطنه كلمات ينسبها إلى الله تعالى وأنها مكالمة الله إياه مثل أن يقول قال لي وقلت له وهذا رجل جاهل بنفسه وحديثها وبربه وبكيفية بيان المكالمة والمحادثة أو عالم بطلان ما يقوله وإنما يحمله هواه على الدعوى بذلك ليوهم أنه قد ظفر بشيء وكل هذا ضلال وسبب تجريه ما سمعه من كلام بعض المحققين عن مخاطبات وردت عليهم بعد طول معاملات لهم ظاهرة وباطنة وتمسكهم بأصول القوم من صدق التقوى وكمال الزهد في الدنيا فلما صفت أسرارهم تشكلت في سرائرهم مخاطبات موافقة للكتاب والسنة مفهوما عند أهله موافقا للعلم ويكون ذلك مناجاة لسرائرهم ومناجاة سرائرهم إياهم فيثبتون لأنفسهم مقام العبودية ولمولاهم الربوبية فيضيفون ما يجدونه إلى نفوسهم وإلى مولاهم وهم مع ذلك عالمون بأن ذلك ليس بكلام الله وإنما هو علم حادث أحدثه الله في بواطنهم فطريق الأصحاء في ذلك الفرار إلى الله تعالى من كل ما تحدث نفوسهم به حتى إذا برئت ساحتهم من الهوى ألهموا في بواطنهم شيأ ينسبونه إلى الله تعالى نسبة الحادث إلى المحدث لا نسبة الكلام إلى المتكلم ليصانوا عن الزيغ والتحريف انتهى حاصل كلامه رضي الله عنه .

وحاصله أن هذا يرجع إلى الإلهام الذي قاله السادة الصوفية أنه حجة لتوفر قرائن عند من وقع له تقضي بحقيته وأنه ليس من الخواطر النفسانية في شيء قطعا وخالفهم الفقهاء والأصوليون فيه لا لإنكاره من أصله كيف والحديث الصحيح إن في أمتي محدثون أو ملهمون ومنهم عمر رضي الله تعالى عنه بل لئلا يدعيه ويحتج به من ليس من أهله ولأنه لا ثقة بخواطر غير المعصوم فربما يخطر له في حديث نفسه أنه إلهام وزين له الشيطان ذلك بمخايل يظهرها له فيظن صدقها فيعتقد حقية ذلك الوارد وفي الحقيقة ليس هو وارد حق وإنما هو حديث نفس وخاطر شيطاني حمله عليه عدم جريانه على قوانين الاستقامة والقيام بالعبودية على وجهها الأكمل فلما كان للنفس والهوى والشيطان دخل في تزيين ذلك والتلبيس فيه رأى الفقهاء والأصوليون أن المصلحة للناس المتكلفة بسلامتهم من تغرير الشيطان والوقوع في هفوة الطغيان قطعهم عن الاحتجاج بالإلهامات وأن ذلك باب يجب سده على الناس لئلا يترتب على فتحه لهم من المفاسد ما لا يحصى .

[مطلب في الفرق بين التصوف والفقر والزهد]

وأما الفرق بين التصوف والفقر والزهد فهو كما قال الإمام الشهاب السهروردي هو أن التصوف اسم جامع لمعاني الفقر ومعاني الزهد مع مزيد وإضافات لا يكون الرجل بدونها صوفيا وإن كان زاهدا فقيرا بل قيل نهاية الفقر مع شرفه بداية التصوف قال وأهل الشام لا يفرقون بين الفقراء والصوفية في قوله عز وجل ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض ) الآية .

والحق أن بينهما فرقا لأن الفقير متمسك بفقره مؤثر له على الغنى لعلمه بفضائله التي منها أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام فهو لملاحظة العوض الباقي معرض عن الحاصل الفاني وهذا عين الاعتلال في طريق الصوفية لأنه يتطلع إلى الأعواض ولم يترك الغنى إلا لأجلها والصوفي يترك الأشياء لا للأعواض الموعودة بل للأحوال الموجودة فإنه ابن وقته وأيضا الفقير ترك الحظ العاجل اختيار أمنه وإرادة الاختيار والإرادة علة في حال الصوفي لأن الصوفي صار قائما في الأشياء بإرادة الله تعالى لا بإرادة نفسه فلا يرى فضيلة في صورة فقره ولا في صورة غناه وإنما يرى الفضيلة فيما يوقفه الحق فيه ويدخله عليه ويعلم الإذن من الله في الدخول في الشيء وقد يدخل في صورة سعة مباينة للفقر بإذن من الله فيرى الفضيلة حينئذ في السعة لمكان إذن الله في ذلك ولا يفسح في السعة والدخول فيها للصادقين إلا بعد أحكامهم علم الإذن وفي هذه مزلة الأقدام وباب دعوى للمدعين وما من حال يتحقق به صاحب الحال إلا وقد يحكيه راكب الحال ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة .

فإذا اتضح لك معنى الفرق بين الفقر والتصوف وإن كان الفقر أساس التصوف وبه قوامه على الوصول إلى رتب التصوف على طريقة الفقر لا على معنى أنه يلزم من وجود التصوف وجود الفقر انتهى.

والفرق بين الفقر والزهد أن الفقر فيه تحل بمحاسنه كالاطراح والخمول والتمزق وخدمة الفقراء والوجد والكياسة والرياضة والأدب والتنقي من الأوصاف الذميمة كالكبر والعجب والحسد وهذه قد لا توجد مع الزهد .

والحاصل أن محاسن الزاهد بعض محاسن الفقير ومحاسن الفقير بعض محاسن الصوفي.

[مطلب في الفرق بين الصوفي والمتصوف والمتشبه]

وأما بيان الفرق بين الصوفي والمتصوف والمتشبه فقد بينه السهروردي أيضا بأن طريق الصوفية أوله إيمان ثم علم ثم ذوق فالمتشبه صاحب إيمان والإيمان بطريق الصوفية أصل كبير.

قال سيد الطائفة أبو القاسم الجنيد قدس الله سره التصديق بطريقنا هذا ولاية قال السهروردي لأن الصوفية تميزوا بأحوال عزيزة وآثار مستغربة عند أكثر الخلق لأنهم مكاشفون بالقدر وغرائب العلوم إشاراتهم إلى عظيم أمر الله والقرب منه والإيمان بذلك إيمان بالقدرة ولهم علوم ومن هذا القبيل فلا يؤمن بطريقتهم إلا من خصه الله تعالى بمزيد عنايته فالمتشبه صاحب إيمان والمتصوف صاحب علم لأنه بعد الإيمان اكتسب مزيد علم بطريقهم وصار له في ذلك مواجيد يستدل بها على سائرها والصوفي صاحب ذوق فللمتصوف الصادق نصيب من حال الصوفي وللمتشبه الصادق نصيب من حال المتصوف قال وهكذا سنة الله تعالى جارية أن كل صاحب حال له ذوق فيه لا بد أن يكشف له علم بحال أعلى مما هو فيه فيكون في حاله الأول صاحب ذوق وفي الحال الذي كوشف به صاحب علم وبحال فوق ذلك صاحب إيمان ثم قال بعد كلام طويل الصوفي في مقاومة الروح صاحب مشاهدة والمتصوف في مقاومة القلب صاحب مراقبة والمتشبه في مقاومة النفس صاحب مجاهدة ومحاسبة فتكوين الصوفي بوجود قلبه وتكوين المتصوف بوجود نفسه والمتشبه لا تكوين له لأن التكوين لأرباب الأحوال والمتشبه مجتهد سالك لم يصل بعد إلى الأحوال والكل يجمعهم دائرة الاصطفاء في قوله تعالى( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير).

قال بعضهم : الظالم يجزع من البلاء والمقتصد يصبر عند البلاء والسابق يتلذذ بالبلاء.

وقال بعضهم : الظالم يعبد على الغفلة والعادة والمقتصد يعبد على الرغبة والرهبة والسابق يعبد على الهيبة والمنة.

وقال بعضهم : الظالم صاحب الأقوال والمقتصد صاحب الأفعال والسابق صاحب الأحوال وكل هذه الأقوال قريبة التناسب من حال الصوفي والمتصوف والمتشبه وكلهم من أهل الفلاح والنجاح والمتشبه بالصوفية ما اختار التشبه بهم دون غيرهم من الطوائف إلا لمحبته إياهم وهو على قصوره عن القيام بما هم فيه يكون معهم لموضع إرادته ومحبته . وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : المرء مع من أحب فقال أبو ذر يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع يعمل كعملهم قال أنت يا أبا ذر مع من أحببت قال فإني أحب الله ورسوله قال فإنك مع من أحببت .

قال الشهاب السهروردي جاء فتى إلى الشيخ أحمد الغزالي ابن أخي حجة الإسلام يريد منه أن يلبسه الخرقة فأرسله إلى شيخنا أي والظاهر أنه عمه أبو النجيب ليذكر له معنى الخرقة فجاء إليه فذكر للمتبدى شروطها وآدابها وحقوقها فجبن الرجل عن ذلك ورجع للغزالي فاستحضره وقال له ما ذكرته صحيح ولكن إذا ألزمنا المبتدئ بذلك نفر وعجز عن القيام به فنحن نلبسه الخرقة حتى يتشبه بالقوم ويتزيا بزيهم فيقر به ذلك من مجالسهم ومحافلهم فببركة مخالطته بهم ونظره إلى أحوال القوم ومسيرهم يحب أن يسلك بذلك مسلكهم ويصل بذلك إلى شيء من أحوالهم .

قال الشهاب السهروردي فالمتشبه الحقيقي له إيمان بطريق القوم وعمل بمقتضاه وسلوك واجتهاد لأنه صاحب مجاهدة ومحاسبة كما مر ثم يصير متصوفا صاحب مراقبة ثم يصير صوفيا صاحب مشاهدة فإما من لم يقصد أوائل مقاصدهم بل هو على مجرد تشبه ظاهر من ظاهر التشبه والمشاركة في الزي والصورة دون السيرة والصفة فليس متشبها بالصوفية لأنه غير محاك لهم في الدخول في بداياتهم فإذا هو متشبه بالمتشبه يعزى إلى القوم بمجرد لبسه ومع ذلك هم القوم لا يشقى بهم جليسهم وقد ورد من تشبه بقوم فهو منهم.]اهـ[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 17 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط