...على أن الكثير من الروايات تثبت وجود صلة قوية بين القطبين الكبيرين الدسوقي والبدوي استناداً إلى أن الحزب الكبير للدسوقي قد ورد فيه الكثير من حزب سيدي أحمد البدوي، ولا يمكن أن يكون هذا من باب الصدفة أو توارد الخواطر، بل إن ذلك ليقطع بوجود صلة روحية كبيرة بين الدسوقي والبدوي، ومما يؤكد هذه الصلة أيضاً ما رواه الإمام البقاعي في طبقاته أن السيد أحمد البدوي قال للقطب الدسوقي: "أما سمعت وعلمت أننا أخذنا العهود والمواثيق على بعضنا، أما سمعت وعلمت أن الله حرم على من يفرق بيننا خيري الدنيا والآخرة، أما سمعت وعلمت أن الله لعن من يقول هذا على طريقة وهذا على طريقة، أما تعلم أن الله لعن من يقول هذا له مجلس ذكر وهذا ليس له مجلس ذكر".أهـ

ولا شك أن الحديث الذي أورده البقاعي يدل على ما كان بين القطبين والطريقتين من ارتباط تام ومحبة في الله عز وجل على أنه لا توجد رواية يعتد بها على أن الدسوقي قد سلك الطريق على يد شيخ لعدم اشتهار ذلك أو ثبوته تاريخياً ولعدم إعلان القطب الدسوقي عن ذلك في مجالسه وندواته وما كان أكثرها، والروايات التي خرجت بذكر شيوخه يعتقد أنها للتبرك، ولم يشتهر عن القطب الدسوقي أيضاً أنه قام برحلات في طلب الأساتذة العارفين على عادة كبار الصوفية المشهورين، وهذا يدل على أن فتح الدسوقي كان وهبياً.

وحول هذا يقول القطب الدسوقي في كتابه الحقائق: " اعلموا وفقكم الله أن الفقير كان بقرية لا بها فقيه ولا معلم، ولكن ذلك بما فتح الله به من فتوح الغيب من بركة سيد الأنبياء والمرسلين".أهـ

وحول هذا الفتح الوهبي يقول القطب الدسوقي: "إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخذ عليَّ العهد بيمينه وصار يكشف لي عن الأمور ويفتح لي أقفال الحجب".أهـ

على أن مقام الفتح الوهبي لم ينفرد به الدسوقي بين الأقطاب فقد روى كثير من العارفين بالله أنهم لا يعرفون لهم مرشداً في الطريق سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول القطب القنائي: "أنا لا منة لأحد عليَّ إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".أهـ

ويقول سيدي أحمد البدوي: ليس لي شيخ ولا قدوة ... غير خير الرسل طه الأول

وللعارفين الذين يمن الله عليهم بالفتح الوهبي علامات أهمها: العلم الدقيق بالكتاب والسنة، والسير على هدي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، واتباع سنته القولية والفعلية، والتزام كمال الأدب والخشية مع الله، وابتغاء وجهه الكريم في كل قول وعمل سراً وعلانية وفي كل وقت وحين.

المصدر: كتاب: أبو العينين الدسوقي (ص:42-43)، تأليف: عبد العال كحيل.