يا ناطقاً من جدار وهو ليس يرى ... اظهر وإلا فهذا الفعل فتان لم تسمع الناس للحيطان ألسنة ... وإنما قيل للحيطان آذان
أصل هذين البيتين ،قصة طريفة،رواها "صاحب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" ...وخبره أن في أوائل شهر رجب من هذه السنة ظهر كلام شخص من حائط في بيت العدل شهاب الدين أحمد الفيشي الحنفي بالقرب من الجامع الأزهر فصار كل من يأتي إلى الحائط المذكور ويسأله عن شيء يرد عليه الجواب ويكلمه بكلام فصيح فجاءته الناس أفواجًا وترددت إلى الحائط المذكور أكابر الدولة وتكلموا معه. وافتتن الناس بذلك المكان وتركوا معايشهم وازدحموا على الدار المذكورة. وأكثر أرباب العقول الفحص عن ذلك فلم يقفوا له على خبر وتحير الناس في هذا الأمر العجيب إلى أن حضر إلى البيت المذكور القاضي جمال الدين محمود القيصري العجمي محتسب القاهرة ويحص عن أمره بكل ما يمكن القدرة إليه حتى إنه أخرب بعض الحائط فلم يؤثر ذلك شيئًا واستمر الكلام في كل يوم إلى ثالث شعبان وقد كادت العامة أن تتعبد بالمكان المذكور. وأكثروا من قولهم: يا سلام سلم الحيطة بتتكلم. وخاف أهل الدولة من إفساد الحال وقد أعياهم أمر ذلك حتى ظهر أن الذي كان يتكلم هي زوجة صاحب المنزل فأعلم بذلك الأتابك برقوق فاستدعى بها مع زوجها فحضرا فأنكرت المرأة فضربها فأقرت. فأمر بتسميرها وتسمير شخص آخر معها يسمى عمر وهو الذي كان يجمع الناس إليها بعد أن ضرب برقوق الزوج وعمر المذكور بالمقارع وطيف بهما في مصر والقاهرة. ثم أفرج عنهم بعد أن حبسوا مدة. وفي ذلك يقول الشيخ شهاب الدين بن العطار: يا ناطقًا من جدار وهو ليس يرى**** اظهر وإلا فهذا الفعل فتان لم تسمع الناس للحيطان ألسنة*** وإنما قيل للحيطان آذان وقال غيره: قد حار في منزل الفيشي الورى ** عجبًا بناطق من جدار ظل مبديه وكلهم في حديد بارد ضربوا ** وصاحب البيت أثرى بالذي فيه
ومن يدري ، لعلّ للحيطان عيونا كذلك !
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|