حب الوطن لا علاقة له بالرخاء ولا سعة الرزق به.
حب الوطن لا علاقة له بتقدم هذا الوطن أو تأخره.
حب الوطن لا سبب له ولا علائق وهكذا كل حب ، وهكذا الحب.
حب الوطن ملهوش سبب.
أجدادنا يوماً ما كانوا كده ، أجدادنا قبل النخر والهدم والسوس مكنشي فيهم من يقول : اللهم هجرة كما فعل خوارج العصر في وقتنا هذا.
عندما كان الناس ناساً ، وعندما كانت التركيبة المصرية أنقى مما هي عليه حالياً كان حب الدين والوطن هما رأس مال الأجداد.
فهذه صفحات من تاريخ المصريين ليس بالبعيد نرى من خلالها صورة نقية لمعنى الدين والوطن في نفوس أهل مصر.
نرى فيها ومن خلالها ماذا فعل أهل الضلال من الخوارج وغيرهم بأهل مصر.
الزمان : وقت قدوم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على مصر.
أبطال هذه الصفحات : أهل مصر نخبتهم وعوامهم ، شبابهم وشيبهم ، رجالهم ونسائهم بل وأطفالهم ، صالح أهل مصر بل طالحهم.
يوماً ما وقف كل هؤلاء في وجه القوة العظمى في ذلك الوقت.
يوماً ما أشتعلت مصر ناراً طولاً وعرضاً بمعنى الكلمة تحت أقدام الغزاة.
وإن كان تاريخ مصر كله بفضل الله عز ومجد رغم أنف الجهلاء والعملاء ، إلا أنني قد آثرت اختيار تلك الفترة لعرض تطبيق عملي لمعنى حب الدين وحب الوطن وذلك لعدة أمور لعل أهمها في نظري ما يلي :
1- قرب العهد بيننا وبين تلك الوقائع ، مما يدل ويظهر المعدن الحقيقي لشعب مصر.
2- هول هذه النازلة وعظمها.
3- أن ملابسات الأحداث في تلك الفترة تقطع لسان أي كاذب يربط بين حب الوطن والدفاع عنه وبذل النفس في سبيل ذلك وبين حالة الوطن وحالة مواطنيه ومدى رفاهية عيشهم ، إذ أنه من المعلوم بأن ذلك الوقت سادت فيه حالة من السوء في مجالات الاقتصاد والأحوال المعيشية لعموم الشعب.
ومع ذلك ماوجدنا أن شعب مصر جعل ذلك ذريعة للخنوع والخضوع وبيع الأوطان.
بل كانت هناك أمة جعلت نابليون يقول عنها :
[هذه الأمة أمة تختلف كل الاختلاف عن الفكرة التي أخذناها عنها من رحالتنا . إنها أمة هادئة باسلة معتزة بنفسها.]اهـ
نابليون قال هذا عندما كانت النخبة نخبة فعلاً مش مجرد ...... وعندما كان عامة وعموم الشعب يسري فيهم نقاء من نوع خاص.
نابليون قال هذا عندما كان حب الوطن بلا سبب.
لا من أجل مال أو جاه أو رفاهية عيش.
هكذا كان شعب مصر ، وهكذا حدثنا عنهم التاريخ.
يتبع إن شاء الله.