والسؤال الذي يتبادر لذهني الآن: كيف حصلوا على الأربع قطع المذكورة من الحجر الأسود؟
ويفكرني المقال السابق بما حدث في زمن القرامطة منقولا عن كتاب " روح البيان في تفسير القرآن" كما يلي:
قصة القرامطة:
وهى ان ابا سعيد كبير القرامطة وهم طائفة ملاحدة ظهروا بالكوفة سنة سبعين ومائتين يزعمون ان لا غسل من جنابة وحل الخمر وانه لا صوم فى السنة الا يومى النيروز والمهرجان ويزيدون فى اذانهم وان محمد بن الحنيفة رسول الله وان الحج والعمرة الى بيت المقدس وافتتن بهم جماعة من الجهال واهل البرارى وقويت شوكتهم حتى انقطع الحج من بغداد بسببه وسبب ولده ابى طاهر فان ولده ابا طاهر بنى دارا فى الكوفة وسماها دار الهجرة وكثرة فساده واستيلاؤه على البلاد وقتله المسلمين وتمكنت هبته من القلوب وكثرت اتباعه.
وذهب اليه جيش الخليفة المقتدر بالله السادس عشر من خلفاء بنى العباس غير ما مرة وهو يهزمهم ثم ان المقتدر سير ركب الحاج الى مكة فوافاهم ابو طاهر يوم التروية فقتل الحجيج بالمسجد الحرام وفى جوف الكعبة قتلا ذريعا والقى القتلى فى بئر زمزم وضرب الحجر الاسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه واخذه معه وقلع باب الكعبة ونزع كسوتها وسقفها وقسمه بين اصحابه وهدم قبة زمزم وارتحل عن مكة بعد ان اقام بها احد عشر يوما ومعه الحجر الاسود وبقى عند القرامطة اكثر من عشرين سنة وكان الناس يضعون ايديهم محله للتبرك ودفع لهم فيه خمسون ألف دينار فأبوا حتى اعيد الى موضعه فى خلافة المطيع لامر الله وهو الرابع والعشرون من خلفاء بنى العباس بعد اشترآئه منهم وجعل له طوق فضة شد به رنته ثلاثة آلاف وسبعمائة وتسعون درهما ونصف قال بعضهم تأملت الحجر وهو مقلوع فاذا السواد فى رأسه فقط وسائره ابيض وطوله قدر عظم الذراع وبعد القرامطة فى سنة ثلاث عشر واربعمائة قام رجل من الملاحدة وضرب الحجر الاسود ثلاث ضربات بدبوس فتشقق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظيات مثل الاظفار وخرج بكسره فتات اسمر يضرب الى الصفرة محببا مثل حب الخشخاش فجمع بنوا شيبة ذلك الفتات وعجنوه بالمسك واللك وحشوه فى تلك الشقوق وطلوه بطلاء من ذلك. يقول الفقير لعل الجواب عن مثل هذا ان الاستئصال وما يقرب منه مرفوع عن هذه الامة واكثر ما كان من خوارق العادات كان فى ايام الامم السالفة وليست الكعبة بأفضل من الانسان الكامل وقد جرت عادة الله على التسامح عن بعض من يعاديه بل يقتله وان كان اشتد غضبه عليه فهو يمهل ولا يهمل ولعنة الله على الظالمين.
_________________ "يس" يا روح الفؤاد
|