موقع د. محمود صبيح
http://www.msobieh.com/akhtaa/

فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى
http://www.msobieh.com/akhtaa/viewtopic.php?f=42&t=18585
صفحة 1 من 1

الكاتب:  ابن سيدنا الحسن [ الخميس يوليو 10, 2014 4:41 am ]
عنوان المشاركة:  فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

متن أبي شجاع - (1 / 100)


= كتاب الصيام =




شروط وجوب الصيام وشرائط وجوب الصيام ثلاثة أشياء الإسلام والبلوغ والعقل والقدرة على الصوم

فرائض الصوم
وفرائض الصوم أربعة أشياء النية والإمساك عن الأكل والشرب والجماع وتعمد التقيء ما يفطر به الصائم والذي يفطر به الصائم عشرة أشياء ما وصل عمدا الى الجوف والرأس والحقنة في أحد السبيلين والقيء عمدا والوطء عمدا في الفرج والإنزال عن مباشرة والحيض والنفاس والجنون والردة

ما يستحب للصائم
ويستحب في الصوم
ثلاثة أشياء تعجيل الفطر وتأخير السحور وترك الهجر من الكلام

صيام العيدين والتشريق
ويحرم صيام خمسة ايام العيدان وأيام التشريق الثلاثة صيام يوم الشك ويكره صوم يوم الشك إلا أن يوافق عادة له

قضاء الصوم عن الميت
ومن مات وعليه صيام من رمضان أطعم عنه لكل يوم مد

الجماع في نهار رمضان ومن وطئ في نهار رمضان عامدا في الفرج فعليه القضاء والكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا مد

صوم الكبير والشيخ إن عجز عن الصوم يفطر ويطعم عن كل يوم مدا

صوم الحامل والمرضع
والحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء وإن خافتا على أولادهما أفطرتا وعليهما القضاء والكفارة عن كل يوم مد وهو رطل وثلث بالعراقي صوم المريض والمريض والمسافر سفرا طويلا يفطران ويقضيان

الاعتكاف ( فصل ) والاعتكاف سنة مستحبة وله شرطان النية واللبث في المسجد
ولا يخرج من الاعتكاف المنذور إلا لحاجة الإنسان أو عذر من حيض أو مرض لا يمكن المقام معه مبطلات الاعتكاف ويبطل بالوطء

الكاتب:  ابن سيدنا الحسن [ الخميس يوليو 10, 2014 5:20 am ]
عنوان المشاركة:  Re: فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

متن زبد ابن رسلان - (1 / 153)
= كتاب الصيام =



يجب صوم رمضان بأحد ** أمرين باستكمال شعبان العدد

أو رؤية العدل هلال الشهر ** في حق من دون مسير القصر

وإنما الفرض على شخص قدر ** عليه مسلم مكلف طهر

وشرط نفل نية للصوم ** قبل زوالها لكل يوم

وإن يكن فرضا شرطنا نيته ** قد عينت من ليلة مبيته

وبانتفاء مفطر الصيام ** حيض نفاس ردة الإسلام

جنون كل اليوم لكن من ينام ** جميع يومه فصحح الصيام

وإن يفق مغمى عليه بعض يوم ** ولو لحيظة يصح منه صوم

وكل عين وصلت مسمى ** جوف بمنفذ وذكر صوما

كالبطن والدماغ ثم المثن ** ودبر وباطن من أذن حرن

اما استياك صائم بعد الزوال ** فاختير لم يكره ويحرم الوصال

وسنة صيام يوم عرفه **إلا لمن في الحج حيث أضعفه

وست شوال وبالولاء ** أولى وعاشوراء وتاسوعاء

وصوم الأثنين كذا الخميس مع ** أيام بيض وأجز لمن شرع

في النفل أن يقطعه بلا قضا ** ولم يجز قطع لما قد فرضا

ولا يصح صوم يوم العيد ** ويم تشريق ولا ترديد

لا إن يوافق عادة أو نذرا ** أو وصل الصوم بصوم مرا

يكفر المفسد صوم يوم ** من رمضان إن يطأ مع إثم

كمثل من ظاهر لا على المرة ** وكررت إن الفساد كرره

وواجب بالموت دون صوم ** بعد تمكن لكل يوم

مد طعام غالب في القوت **وجوز الفطر لخوف موت

ومرض وسفر إن يطل ** وخوف مرضع وذات حمل

منه على نفسها ضرا بدا ** ويوجب القضاء دون الافتدا

ومفطر لهرم لكل يوم ** مد كما مر بلا قضاء صوم

والمد والقضا لذات الحمل ** أو مرضع إن خافتا للطفل



باب الاعتكاف

سن وإنما يصح إن نوى ** بالمسجد المسلم بعد أن ثوى

لو لحظة وسن يوما يكمل ** وجامع بالصيام أفضل

وأبطلوا إن نذر التوالي ** بالوطء واللمس مع الإنزال

لا بخروج منه بالنسيان ** أو لقضاء حاجة الإنسان

أو مرض شق مع المقام ** والحيض والغسل من الاحتلام

والأكل والشرب أو الأذان ** من راتب والخوف من سلطان







ترجمة الإمام العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسين بن علي ابن رسلان المقدسي


اسمه ونسبه ونسبته وكنيته:

هو الإمام , العالم, العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسين بن علي بن أرسلان المقدسي الرملي الشافعي الصوفي، ويعرف بابن رسلان.

وقال السخاوي في الضوء اللامع (1/181): ويقال إنهم من عرب نعير، وقال بعضهم من كنانة.

مولده ونشأته العلمية ورحلاته:

ولد في سنة ( 773هـ)، وقيل سنة (775هـ)، في الرملة بفلسطين، ونشأ بها.

قال السخاوي في الضوء اللامع (1/181): .. ولم تُعلم له صبوة على طريق والديه وخاله؛ فحفظ القرآن وله نحو عشر سنين .. وكان أبوه تاجراً له دكان فكان يأمره بالتوجه إليها فيذهب إلى المدرسة الخاصكية للاشتغال بالعلم وينهاه أبوه فلا يلتفت لنهيه، بل لازم الاشتغال، وكان في مبدئه يشتغل بالنحو واللغة والشواهد والنظم.. وولي تدريس الخاصكية ودرس بها مدة ثم تركها...

أشهر شيوخه:

1- الحافظ ابن حجر العسقرني.

2- الشمس القلقشندي.

3- أبو هريرة ابن الذهبي.

4- عبد الله ابن البسطامي.

أشهر تلامذته:

1- ابن أبي عذيبة.

2- الكمال بن أبي شريف.

3- أبو الأسباط العامري.

عقيدته:

الذي يظهر أن ابن رسلان أشعري العقيدة، صوفي المنهج والسلوك؛ أما عن عقيدته الأشعرية فقد قال في نظم الزبد:

أول واجبٍ على الإنسانِ معرفة الإله باستيقانِ

بينما يقول أهل السنة، كما قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:

أول واجبٍ على العبيدِ

معرفة الرحمن بالتوحيد

وقال ابن رسلان أيضاً:

حيٌّ مريدٌ قادرٌ علَّامُ

له البقا والسمعُ والكلامُ

كلامهُ كوصفهِ القديمِ

لم يحدث المسموعَ للكليمِ

ففي هذه الأبيات تقرير عقيدة الأشاعرة في الأسماء والصفات.

وقال أيضاً:

له عقابُ من أطاعه كما

يثيبُ من عصى ويولي نِعَمَاً

وأما عن التصوف فقد قال السخاوي في الضوء اللامع (1/283) في ترجمة ابن رسلان: .. وأخذ عنهم التصوف وتلقن منهم الذكر... وقد قال ابن أبي عذيبة: أنه ارتحل به أبوه إلى القدس من الرملة فألبسه الشيخ محمد القرمي الخرقة.. وكذا لبسها من الشهاب ابن الناصح وأبي بكر الموصلي .. ثم قال السخاوي: ... حتى صار المشار إليه بالزهد في تلك النواحي وقصد للزيارة من سائر الآفاق وكثرت تلامذته ومريدوه .. قال ابن أبي عذيبة: .. له مكاشفات ودعوات مستجابات..

ثناء العلماء عليه:

قال السخاوي: وهو في الزهد والورع والتقشف واتباع السنة وصحة العقيدة كلمة إجماع بحيث لا أعلم في وقته من يدانيه في ذلك، وانتشر ذكره وشهد بخيره كل من رآه .. ومناقبه كثيرة ومراتبه شهيرة.. قال ابن قاضي شهبة: وكان جامعاً بين العلم والعمل والزهد ولم يكن بعد الحصني أزهد منه.

مؤلفاته:

1- شرح سنن أبي داود.

2- صفوة الزبد؛ وهي نظم لمتن الزبد في الفقه الشافعي، وهي من أهم المنظومات في الفقه الشافعي، وقد شرحه هو.



4- له شرح على البخاري، وصل فيه إلى آخر الحج.

5- شرح جمع الجوامع في مجلد.

وفاته:

توفي رحمه الله سنة أربعٍ وأربعين وثمانمائة.





الكاتب:  ابن سيدنا الحسن [ الخميس يوليو 10, 2014 5:52 am ]
عنوان المشاركة:  Re: فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

الأم للشافعي - (2 / 94)



* كِتَابُ الصِّيَامِ الصَّغِيرِ *



أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَا تَصُومُوا حتى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهَذَا نَقُولُ فَإِنْ لم تَرَ الْعَامَّةُ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَآهُ رَجُلٌ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ وَالِاحْتِيَاطِ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الدَّرَاوَرْدِيُّ عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن عُثْمَانَ عن أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه على رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَصَامَ وَأَحْسِبُهُ قال وَأَمَرَ الناس أَنْ يَصُومُوا وقال أَصُومُ يَوْمًا من شَعْبَانَ أَحَبُّ إلى من أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يَجُوزُ على هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا أَقْبَلُ عليه إلَّا شَاهِدَيْنِ وَهَذَا الْقِيَاسُ على كل مَعِيبٍ اسْتَدَلَّ عليه بِبَيِّنَةٍ وقال بَعْضُهُمْ جَمَاعَةٌ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَقْبَلُ على رُؤْيَةِ هِلَالِ الْفِطْرِ إلَّا شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَأَكْثَرَ فَإِنْ صَامَ الناس بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ إلَّا أَنْ يَرَوْا الْهِلَالَ أو تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَتِهِ فَيُفْطِرُوا وَإِنْ غُمَّ الشَّهْرَانِ مَعًا فَصَامُوا ثَلَاثِينَ فَجَاءَتْهُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ شَعْبَانَ رُئِيَ قبل صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ قَضَوْا يَوْمًا لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا يَوْمًا من رَمَضَانَ وَإِنْ غُمَّا فَجَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُمْ صَامُوا يوم الْفِطْرِ أَفْطَرُوا أَيْ سَاعَةَ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ قبل الزَّوَالِ صَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَإِنْ كان بَعْدَ الزَّوَالِ لم يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَهَذَا قَوْلُ من أَحْفَظُ عنه من أَصْحَابِنَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ في هذا بَعْضُ الناس فقال فيه قبل الزَّوَالِ قَوْلَنَا وقال بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ بِهِمْ الْإِمَامُ من الْغَدِ وَلَا يصلى بِهِمْ في يَوْمِهِمْ ذلك

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِبَعْضِ من يَحْتَجُّ بهذا الْقَوْلِ إذَا كانت صَلَاةُ العبد ( ( ( العيد ) ) ) عِنْدَنَا وَعِنْدَك سُنَّةً لَا تُقْضَى إنْ تُرِكَتْ وَغَمَّك وَقْتٌ فَكَيْفَ أَمَرْت بها أَنْ تُعْمَلَ في غَيْرِهِ وَأَنْتَ إذَا مَضَى الْوَقْتُ تَعْمَلُ في وَقْتٍ لم تُؤْمَرْ بِأَنْ تَعْمَلَ مِثْلُ الْمُزْدَلِفَةِ إذَا مَرَّتْ لَيْلَتُهَا لم تُؤْمَرْ بِالْمَبِيتِ فيها وَالْجِمَارُ إذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا
لم تُؤْمَرْ بِرَمْيِهَا وَأُمِرْت بِالْفِدْيَةِ فِيمَا فيه فِدْيَةٌ من ذلك وَمِثْلُ الرَّمَلِ إذَا مَضَتْ الْأَطْوَافُ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرَ بِهِ في الْأَرْبَعَةِ الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ مَضَى وَقْتُهُ وَلَيْسَ منه بَدَلٌ بِكَفَّارَةٍ وإذا أَمَرْت بِالْعِيدِ في غَيْرِ وَقْتِهِ فَكَيْفَ لم تَأْمُرْ بِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ من يَوْمِهِ وَالصَّلَاةُ تَحِلُّ في يَوْمِهِ وَأَمَرْت بها من الْغَدِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ أَقْرَبُ من وَقْتِ الْفِطْرِ من غَدِهِ ( قال ) فَإِنَّهَا من غَدٍ تُصَلَّى في مِثْلِ وَقْتِهِ قِيلَ له أو ليس تَقُولُ في كل ما فَاتَ مِمَّا يقضي من الْمَكْتُوبَاتِ يقضي إذَا ذُكِرَ فَكَيْفَ خَالَفْت بين هذا وَبَيْنَ ذلك فَإِنْ كانت عِلَّتُك الْوَقْتَ فما تَقُولُ فيه إنْ تَرَكْته من غَدِهِ أَتُصَلِّيهِ بَعْدَ غَدِهِ في ذلك الْوَقْتِ قال لَا قِيلَ فَقَدْ تَرَكْت عِلَّتَك في أَنْ تُصَلِّيَ في مِثْلِ ذلك الْوَقْتِ فما حُجَّتُك فيه قال رَوَيْنَا فيه شيئا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْنَا قد سَمِعْنَاهُ وَلَكِنَّهُ ليس مِمَّا يَثْبُتُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنْتَ تُضَعِّفُ ما هو أَقْوَى منه وإذا زَعَمْت أَنَّهُ ثَابِتٌ فَكَيْفَ يقضى في غَدِهِ ولم تَنْهَهُ أَنْ يقضى بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ يقضى بَعْدَ أَيَّامٍ وَإِنْ طَالَتْ الْأَيَّامُ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يُصَلِّي إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ من يَوْمِ الْفِطْرِ

( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ في زَمَنِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ بِعَشِيٍّ فلم يُفْطِرْ عُثْمَانُ حتى غَابَتْ الشَّمْسُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ إذَا لم يُرَ الْهِلَالُ ولم يُشْهَدْ عليه أَنَّهُ رئى لَيْلًا لم يُفْطِرْ الناس بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ في النَّهَارِ كان ذلك قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ وهو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِلَالُ اللَّيْلَةِ التي تَسْتَقْبِلُ وقال بَعْضُ الناس فيه إذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَوْلُنَا وإذا رُئِيَ قبل الزَّوَالِ أَفْطَرُوا وَقَالُوا إنَّمَا اتَّبَعْنَا فيه أَثَرًا رَوَيْنَاهُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ فَقُلْنَا الْأَثَرُ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ من الْقِيَاسِ فَإِنْ كان ثَابِتًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ

( قال الشَّافِعِيُّ ) اذا رَأَى الرَّجُلُ هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ يَصُومُ لَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذلك وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ فَيُفْطِرُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ شَكٌّ أو يَخَافَ أَنْ يُتَّهَمَ على الِاسْتِخْفَافِ بِالصَّوْمِ * بَابُ الدُّخُولِ في الصِّيَامِ وَالْخِلَافِ فيه *

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يجزئ صَوْمُ رَمَضَانَ إلَّا بِنِيَّةٍ كما لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَاحْتُجَّ فيه بِأَنَّ بن عُمَرَ قال لَا يَصُومُ إلَّا من أَجْمَعَ الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً وَعَلَى ما أَوْجَبَ الْمَرْءُ على نَفْسِهِ من نَذْرٍ أو وَجَبَ عليه من صَوْمٍ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ قبل الزَّوَالِ ما لم يَأْكُلْ ولم يَشْرَبْ فَخَالَفَ في هذا الْقَوْلِ بَعْضُ الناس فقال مَعْنَى قَوْلِ بن عُمَرَ هذا على النَّافِلَةِ فَلَا يَجُوزُ في النَّافِلَةِ من الصَّوْمِ وَيَجُوزُ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَخَالَفَ في هذا الْآثَارَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ لِمَ زَعَمْت أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ يجزئ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يجزئ صَوْمُ النَّذْرِ وَلَا صَوْمُ الْكَفَّارَاتِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَك لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَلَا نَذْرُ الصَّلَاةِ وَلَا التَّيَمُّمُ إلَّا بِنِيَّةٍ ( قال ) لِأَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ مَتَى عَمِلَهُ أَجْزَأَ عنه وَالصَّلَاةُ وَالنِّيَّةُ لِلتَّيَمُّمِ بِوَقْتٍ قِيلَ له ما تَقُولُ
فِيمَنْ قال لِلَّهِ على أَنْ أَصُومَ شَهْرًا من هذه السَّنَةِ فَأَمْهَلَ حتى إذَا كان آخَرُ شَهْرٍ منها فَصَامَهُ لَا يَنْوِي بِهِ النَّذْرَ قال لَا يُجَزِّئُهُ قِيلَ قد وَقَّتَ السَّنَةَ ولم يَبْقَ منها إلَّا هذا الشَّهْرُ فَصَارَ إنْ لم يَصُمْهُ يَخْرُجْ من الْوَقْتِ وَقِيلَ له ما تَقُولُ إنْ تَرَكَ الظُّهْرَ حتى لَا يَبْقَى عليه من وَقْتِهَا إلَّا ما يُكْمِلُهَا فيه ثُمَّ صلى أَرْبَعًا كَفَرْضِ الصَّلَاةِ لَا ينوى الظُّهْرَ قال لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ الظُّهْرَ قال الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ بين رَمَضَانَ وَبَيْنَ هذا فَرْقًا وقد اعْتَلَّ بِالْوَقْتِ فَأَوْجَدْنَا الْوَقْتَ في الْمَكْتُوبَةِ مَحْدُودًا وَمَحْصُورًا يَفُوتُ إنْ تَرَكَ الْعَمَلَ فيه فَأَوْجَدْنَاهُ ذلك في النَّذْرِ ثُمَّ أَوْجَدْنَاهُ في الْوَقْتَيْنِ الْمَحْصُورَيْنِ كِلَاهُمَا عَمَلًا كَعَمَلِ الْمَكْتُوبَةِ وَعَمَلِ النَّذْرِ وَلَيْسَ في الْوَقْتَيْنِ فَضْلٌ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ مَوْضِعٌ إلَّا هذا الْوَقْتُ الذي عَمِلَهُمَا فيه لِأَنَّهُ عَمِلَهُمَا في آخِرِ الْوَقْتِ فَزَعَمَ أَنَّهُمَا لَا يُجْزِيَانِ إذَا لم يَنْوِ بِهِمَا الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ فَلَوْ كانت الْعِلَّةُ أَنَّ الْوَقْتَ مَحْصُورٌ انْبَغَى أَنْ يَزْعُمَ هَا هُنَا أَنَّ الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ يُجْزِيَانِ إذَا كان وَقْتُهُمَا مَحْصُورًا كما يجزئ رَمَضَانُ إذَا كان وَقْتُهُ مَحْصُورًا

* بَابُ صَوْمِ رَمَضَانَ *

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قال ذلك فِيمَا عَلِمْت بِالرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قال فيه أَصْحَابُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالرَّأْيِ فِيمَا عَلِمْت وَلَكِنْ مَعَهُمْ قِيَاسٌ فَصَحَّ فيه لِمَنْ خَالَفَهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا فِيمَا أَرَى أَحْسَنُ وَأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إذَا كان قِيَاسًا * بَابُ ما يُفَطِّرُ الصَّائِمَ وَالسُّحُورِ وَالْخِلَافُ فيه *

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَقْتُ الذي يَحْرُمُ فيه الطَّعَامُ على الصَّائِمِ حين يَتَبَيَّنُ الْفَجْرَ الْآخِرَ مُعْتَرِضًا في الْأُفُقِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ قال اللَّهُ عز وجل { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ }

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَكَلَ فِيمَا بين هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أو شَرِبَ عَامِدًا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أَخِيهِ خَالِدِ بن أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه أَفْطَرَ في رَمَضَانَ في يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قد أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قد طَلَعَتْ الشَّمْسُ فقال عُمَرُ الْخَطْبُ يَسِيرٌ

( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وأستحب التَّأَنِّي بِالسُّحُورِ ما لم يَكُنْ في وَقْتٍ مُقَارِبٍ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ طَلَعَ فَإِنِّي أُحِبُّ قَطْعَهُ في ذلك الْوَقْتِ فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وفي فيه شَيْءٌ قد أَدْخَلَهُ وَمَضَغَهُ لَفَظَهُ لِأَنَّ إدْخَالَهُ فَاهُ لَا يَصْنَعُ شيئا إنَّمَا يَفْطُرُ بِإِدْخَالِهِ جَوْفَهُ فَإِنْ ازْدَرَدَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَضَى يَوْمًا مَكَانَهُ وَاَلَّذِي لَا يقضى فيه من ذلك الشَّيْءُ يَبْقَى بين أَسْنَانِهِ في بَعْضِ فيه مِمَّا يُدْخِلُهُ الرِّيقُ لَا يَمْتَنِعُ منه فإن ذلك عِنْدِي خَفِيفٌ فَلَا يَقْضِي فَأَمَّا كُلُّ ما عد ( ( ( عدا ) ) ) إدْخَالَهُ مِمَّا يَقْدِرُ على لَفْظِهِ فَيُفْطِرُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وقال بَعْدُ ) نُفَطِّرُهُ بِمَا بين أَسْنَانِهِ إذَا كان يَقْدِرُ على طَرْحِهِ


( قال الرَّبِيعُ ) إلَّا أَنْ يَغْلِبَهُ وَلَا يَقْدِرُ على دَفْعِهِ فَيَكُونُ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عليه وهو مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيُّ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُمَا يَرَيَانِ تَأْخِيرَ ذلك وَاسِعًا لَا أَنَّهُمَا يَعْمِدَانِ الْفَضْلَ لِتَرْكِهِ بَعْدَ أَنْ أُبِيحَ لَهُمَا وَصَارَا مُفْطِرَيْنِ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصْلُحُ في اللَّيْلِ وَلَا يَكُونُ بِهِ صَاحِبُهُ صَائِمًا وَإِنْ نَوَاهُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ وَلَا يُفْطِرُهُ ذلك


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَحْتَجِمُ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذلك


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ لم يَرَ أَبَاهُ قَطُّ احْتَجَمَ وهو صَائِمٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا فُتْيَا كَثِيرٍ مِمَّنْ لَقِيت من الْفُقَهَاءِ وقد رُوِيَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَرُوِيَ عنه أَنَّهُ احْتَجَمَ صَائِمًا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْت بِهِ فَكَانَتْ الْحُجَّةُ في قَوْلِهِ وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الْحِجَامَةَ صَائِمًا لِلتَّوَقِّي كان أَحَبَّ إلى وَلَوْ احْتَجَمَ لم أَرَهُ يُفْطِرُهُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) من تَقَيَّأَ وهو صَائِمٌ وَجَبَ عليه الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَبِهَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ نَاسِيًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَلَا قَضَاءَ عليه وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن أبي هُرَيْرَةَ وقد قِيلَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قد رَفَعَهُ من حديث رَجُلٍ ليس بِحَافِظٍ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يقضى وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِهِ وقال بَعْضُ الناس بِمِثْلِ قَوْلِنَا لَا يَقْضِي وَالْحُجَّةُ عليهم في الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ سَاهِيًا وَتَفْرِيقُهُ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ حُجَّةٌ عليهم في الصَّلَاةِ بَلْ الْكَلَامُ في الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَثْبَتُ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَيْفَ فَرَّقَ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لم يَرَ على من أَكَلَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ قَضَاءً فَرَأْيُ أبي هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ فَرَّقَ بها بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وهو عِنْدَنَا حُجَّةٌ ثُمَّ تَرَكَ رِوَايَةَ أبي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ وَطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حديث ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيهِ ما دَلَّ على الْفَرْقِ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّلَاةِ فَهَذَا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثَابِتٌ وما جاء عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوْجَبُ مِمَّا جاء عن غَيْرِهِ فَتَرَكَ الْأَوْجَبَ وَالْأَثْبَتَ وَأَخَذَ بِاَلَّذِي هو أَضْعَفُ عِنْدَهُ وَعَابَ غَيْرَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ في الصَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ ثُمَّ قال بِمَا عَابَ في الصَّلَاةِ فَزَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ ثُمَّ لم يَقُمْ بِذَلِكَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) من احْتَلَمَ في رَمَضَانَ اغْتَسَلَ ولم يَقْضِ وَكَذَلِكَ من أَصَابَ أَهْلَهُ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قبل أَنْ يَغْتَسِلَ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَمَّ صَوْمَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وهو مَجَامِعُ فَأَخْرَجَهُ من سَاعَتِهِ أَتَمَّ صَوْمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ على الْخُرُوجِ من الْجِمَاعِ إلَّا بهذا وَإِنْ ثَبَّتَ شيئا آخَرَ أو حَرَّكَهُ لِغَيْرِ إخْرَاجٍ وقد بَانَ له الْفَجْرُ كَفَّرَ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن مَعْمَرٍ عن أبي يُونُسَ مولى عَائِشَةَ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ رَجُلًا قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهِيَ تَسْمَعُ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأنا أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ ثُمَّ أَصُومُ ذلك الْيَوْمَ فقال الرَّجُلُ إنَّك لَسْت مِثْلَنَا قد غَفَرَ اللَّهُ لَك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وما تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال وَاَللَّهِ إنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أتقى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا حُجَّةٌ لنا على من قال في الْمُطَلَّقَةِ لِزَوْجِهَا عليها الرَّجْعَةُ حتى تَغْتَسِلَ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وقد قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَالْقُرْءُ عِنْدَهُ الْحَيْضَةُ فما بَالُ الْغُسْلِ وَإِنْ وَجَبَ بِالْحَيْضِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَيْضِ فَلَوْ كان حُكْمُهُ إذَا وَجَبَ بِهِ حُكْمَ الْحَيْضِ كان حُكْمُ الْغُسْلِ إذَا وَجَبَ بِالْجِمَاعِ حُكْمَ الْجِمَاعِ فَأَفْطَرَ وَكَفَّرَ من أَصْبَحَ جَنْبًا

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال فَقَدْ رُوِيَ فيه شَيْءٌ فَهَذَا أَثْبَتُ من تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَعَلَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ كانت بِأَنْ سمع صَاحِبُهَا من أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ على مَعْنَى إذَا كان الْجِمَاعُ بَعْدَ الْفَجْرِ أو عَمِلَ فيه بَعْدَ الْفَجْرِ كما وَصَفْنَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ كَرِهْتهَا له وَإِنْ فَعَلَهَا لم يُنْقَضْ صَوْمُهُ وَمَنْ لم تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ فَلَا بَأْسَ له بِالْقُبْلَةِ وَمِلْكُ النَّفْسِ في الْحَالَيْنِ عنها أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مَنْعُ شَهْوَةٍ يُرْجَى من اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابُهَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُنْقَضُ صَوْمُهُ لِأَنَّ الْقُبْلَةَ لو كانت تَنْقُضُ صَوْمَهُ لم يُقَبِّلْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يُرَخِّصْ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ فيها كما لَا يُرَخِّصُونَ فِيمَا يُفْطِرُ وَلَا يَنْظُرُونَ في ذلك إلَى شَهْوَةٍ فَعَلَهَا الصَّائِمُ لها وَلَا غَيْرِ شَهْوَةٍ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت إنْ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّ عَائِشَةَ كانت إذَا ذَكَرَتْ ذلك قالت وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لأربه من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ قال لم أَرَ الْقُبْلَةَ تَدْعُو إلَى خَيْرٍ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ بن عَبَّاسٍ سُئِلَ عن الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَأَرْخَصَ فيها لِلشَّيْخِ وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على ما وَصَفْت ليس اخْتِلَافًا منهم وَلَكِنْ على الِاحْتِيَاطِ لِئَلَّا يَشْتَهِيَ فَيُجَامِعَ وَبِقَدْرِ ما يَرَى من السَّائِلِ أو يَظُنُّ بِهِ * بَابُ الْجِمَاعِ في رَمَضَانَ وَالْخِلَافُ فيه *


( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ أو إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قال إنِّي لَا أَجِدُ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ بِهِ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قال كُلْهُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَطَاءٍ الخرساني ( ( ( الخراساني ) ) ) عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ قال أتى أَعْرَابِيٌّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَقُولُ هَلَكَ الْأَبْعَدُ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وما ذَاكَ قال أَصَبْت أَهْلِي في رَمَضَانَ وأنا صَائِمٌ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هل تستطيع ( ( ( تسطيع ) ) ) أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً قال لَا قال فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً قال لَا قال فَاجْلِسْ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقَ بِهِ فقال ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي قال فَكُلْهُ وَصُمْ يَوْمًا مَكَان ما أَصَبْت قال عَطَاءٌ فَسَأَلْت سَعِيدًا كَمْ في ذلك الْعَرَقِ قال ما بين خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إلَى عِشْرِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حَدِيثٍ غَيْرِ هذا فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ يُعْتِقُ فَإِنْ لم يَقْدِرْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُلْهُ واطعمه أَهْلَك يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ منها أَنَّهُ لَمَّا كان في الْوَقْتِ الذي أَصَابَ أَهْلَهُ فيه ليس مِمَّنْ يَقْدِرُ على وَاحِدَةٍ من الْكَفَّارَاتِ تَطَوَّعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه بِأَنْ قال له في شَيْءٍ أتى بِهِ كَفِّرْ بِهِ فلما ذَكَرَ الْحَاجَةَ ولم يَكُنْ الرَّجُلُ قَبَضَهُ قال كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَك وَجَعَلَ له التَّمْلِيكَ حِينَئِذٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ فلما مَلَكَهُ وهو مُحْتَاجٌ كان إنَّمَا يَكُونُ عليه الْكَفَّارَةُ إذَا كان عِنْدَهُ فَضْلٌ فلم يَكُنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ فَكَانَ له أَكْلُهُ هو وَأَهْلُهُ وَيَحْتَمِلُ في هذا أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عليه مَتَى أَطَاقَهَا أو شيئا منها وَإِنْ كان ذلك ليس في الْخَبَرِ وكان هذا أَحَبَّ إلَيْنَا وَأَقْرَبَ من الِاحْتِيَاطِ وَيَحْتَمِلُ أن كان لَا يَقْدِرُ على شَيْءٍ من الْكَفَّارَاتِ فَكَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عنه وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَضَعَهُ عليه وَعَلَى أَهْلِهِ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَيُجْزِي عَنْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إذَا لم يَقْدِرْ في حَالِهِ تِلْكَ على الْكَفَّارَةِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ سَاقِطَةً عنه إذَا كان مَغْلُوبًا كما تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عن الْمُغْمَى عليه إذَا كان مَغْلُوبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ إذَا كَفَّرَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا من الصِّيَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصِّيَامُ مع الْكَفَّارَةِ وَلِكُلٍّ وَجِهَةٌ ( قال ) وَأُحِبُّ أَنْ يُكَفِّرَ مَتَى قَدَرَ وَأَنْ يَصُومَ مع الْكَفَّارَةِ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس مُدَّيْنِ وَهَذَا خِلَافُ الحديث وَاَللَّهُ أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ وَكَذَلِكَ إنْ لم يُكَفِّرْ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ فَرْضَ كل يَوْمٍ غَيْرُ فَرْضِ الْمَاضِي

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس إنْ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ كَفَّرَ وَإِنْ لم يُكَفِّرْ حتى يَعُودَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَرَمَضَانُ كُلُّهُ وَاحِدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ ليس في هذا خَبَرٌ بِمَا قُلْت وَالْخَبَرُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا جامع مَرَّةً بِكَفَّارَةٍ وفي ذلك ما دَلَّ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ أُمِرَ بِكَفَّارَةٍ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَفْرُوضٌ عليه فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبْت قال أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو جَامَعَ في الْحَجِّ مِرَارًا كانت عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قُلْنَا وَأَيُّ شَيْءٍ الْحَجُّ من الصَّوْمِ الْحَجُّ شَرِيعَةُ وَالصَّوْمُ أُخْرَى قد يُبَاحُ في الْحَجِّ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَيَحْرُمُ في الصَّوْمِ وَيُبَاحُ في الصَّوْمِ اللُّبْسُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَيَحْرُمُ في الْحَجِّ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَجُّ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ منه إلَّا بِكَمَالِهِ وَكُلُّ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَالُهُ بِنَفْسِهِ وَنَقْصُهُ فيه أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصُومُ الْيَوْمَ من شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ وقد كَمَّلَ الْيَوْمَ وَخَرَجَ من صَوْمِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ في آخَرَ فَلَوْ أَفْسَدَهُ لم يُفْسِدْ الذي قَبْلَهُ وَالْحَجُّ مَتَى أُفْسِدَ عِنْدَهُمْ قبل الزَّوَالِ من يَوْمِ عَرَفَةَ فَسَدَ كُلُّهُ وَإِنْ كان قد مَضَى كَثِيرٌ من عَمَلِهِ مع أَنَّ هذا الْقَوْلَ خَطَأٌ من غَيْرِ وَجْهٍ الذي يَقِيسُهُ بِالْحَجِّ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُجَامِعَ في الْحَجِّ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ فَيَكُونُ عليه شَاةٌ قبل عَرَفَةَ وَيَفْسُدُ حَجُّهُ وَبَدَنَةٌ إذَا جَامَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَهَذَا عِنْدَهُ في الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ في أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ إنَّمَا عليه رَقَبَةٌ فِيهِمَا وَيَفْسُدُ صَوْمُهُ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في الْكَفَّارَتَيْنِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ كَفَّرَ وهو لو كَفَّرَ عِنْدَهُ في الْحَجِّ عن الْجِمَاعِ ثُمَّ عَادَ لِجِمَاعٍ آخَرَ لم يُعِدْ الْكَفَّارَةَ فإذا قِيلَ له لِمَ ذلك قال الْحَجُّ وَاحِدٌ وَأَيَّامُ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقَةٌ قُلْت فَكَيْفَ تَقِيسُ أَحَدَهُمَا بالأخر وهو يُجَامِعُ في الْحَجِّ فَيُفْسِدُهُ ثُمَّ يَكُونُ عليه أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْحَجِّ وهو فَاسِدٌ وَلَيْسَ هَكَذَا الصَّوْمُ وَلَا الصَّلَاةُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ منهم فَأَقِيسُهُ بِالْكَفَّارَةِ قُلْنَا هو من الْكَفَّارَةِ

أَبْعَدُ الْحَانِثُ يَحْنَثُ غَيْرُ عَامِدٍ لِلْحِنْثِ فَيُكَفِّرُ وَيَحْنَثُ عَامِدًا فَلَا يُكَفِّرُ عِنْدَك وَأَنْتَ إذَا جَامَعَ عَامِدًا كَفَّرَ وإذا جَامَعَ غير عَامِدٍ لم يُكَفِّرْ فَكَيْفَ قِسْته بِالْكَفَّارَةِ وَالْمُكَفِّرُ لَا يُفْسِدُ عَمَلًا يَخْرُجُ منه وَلَا يَعْمَلُ بَعْدَ الْفَسَادِ شيئا يَقْضِيهِ إنَّمَا يَخْرُجُ بِهِ عِنْدَك من كِذْبَةٍ حَلَفَ عليها وَهَذَا يَخْرُجُ من صَوْمٍ وَيَعُودُ في مِثْلِ الذي خَرَجَ منه (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فما بَالُ الْحَدِّ عليها في الْجِمَاعِ وَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عليها قِيلَ الْحَدُّ لَا يُشْبِهُ الْكَفَّارَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَّ يَخْتَلِفُ في الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْجِمَاعُ عَامِدًا في رَمَضَانَ مع افْتِرَاقِهِمَا في غَيْرِ ذلك فإن مَذْهَبَنَا وما نَدَّعِي إذَا فَرَّقَتْ الْأَخْبَارُ بين الشَّيْءِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ كما فَرَّقَتْ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ أو صَوْمِ كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ فَقَدْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه وَلَكِنْ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِهِ الذي جَامَعَ فيه +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا قال بَعْضُ الناس وَهَذَا كان عِنْدَنَا أَوْلَى أَنْ يُكَفِّرَ لِأَنَّ الْبَدَلَ في رَمَضَانَ يَقُومُ مَقَامَهُ فإذا اقْتَصَرَ بِالْكَفَّارَةِ على رَمَضَانَ لِأَنَّهَا جَاءَتْ فيه في الْجِمَاعِ ولم يَقِسْ عليه الْبَدَلَ منه فَكَيْفَ قَاسَ عليه الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ولم تَأْتِ فيه كَفَّارَةٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ لم يُكَفِّرْ وَإِنْ جَامَعَ على شُبْهَةٍ مِثْلَ أَنْ يَأْكُلَ نَاسِيًا فَيَحْسِبُ أَنَّهُ قد أَفْطَرَ فَيُجَامِعُ على هذه الشُّبْهَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه في مِثْلِ هذا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا أَيْضًا من الْحُجَّةِ عليهم في السَّهْوِ في الصَّلَاةِ إذْ زَعَمُوا أَنَّ من جَامَعَ على شُبْهَةٍ سَقَطَتْ عنه الْكَفَّارَةُ فَمَنْ تَكَلَّمَ وهو يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ في الصَّلَاةِ كان له مُبَاحًا أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ عنه فَسَادُ صَلَاتِهِ +


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ من غَيْرِ لَمْسٍ وَلَا تَلَذُّذٍ بها فَصَوْمُهُ تَامٌّ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في رَمَضَانَ إلَّا بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ أَنْ يَلْتَقِي الْخِتَانَانِ فَأَمَّا ما دُونَ ذلك فإنه لَا يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في فِطْرٍ في غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا غَيْرِهِ وقال بَعْضُ الناس تَجِبُ إنْ أَكَلَ أو شَرِبَ كما تَجِبُ بِالْجِمَاعِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِمَنْ يقول هذا الْقَوْلَ السُّنَّةُ جَاءَتْ في الْمُجَامِعِ فَمَنْ قال لَكُمْ في الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قال قُلْنَاهُ قِيَاسًا على الْجِمَاعِ فَقُلْنَا أو يُشْبِهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ الْجِمَاعَ فَتَقِيسُهُمَا عليه قال نعم في وَجْهٍ من أَنَّهُمَا مُحَرَّمَانِ يُفْطِرَانِ فَقِيلَ لهم فَكُلُّ ما وَجَدْتُمُوهُ مُحَرَّمًا في الصَّوْمِ يُفَطِّرُ قَضَيْتُمْ فيه بِالْكَفَّارَةِ قال نعم قِيلَ فما تَقُولُ فِيمَنْ أَكَلَ طَيِّبًا أو دَوَاءً قال لَا كَفَّارَةَ عليه قُلْنَا وَلِمَ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا إنَّمَا قِسْت هذا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَك مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا وما أَدْرَاك أَنَّ هذا لَا يَغْذُو الْبَدَنَ وَأَنْتَ تَقُولُ إنْ ازْدَرَدَ من الْفَاكِهَةِ شيئا صَحِيحًا فَطَّرَهُ ولم يُكَفِّرْ وقد يَغْذُو هذا الْبَدَنَ فِيمَا نَرَى وَقُلْنَا قد صِرْت من الْفِقْهِ إلَى الطِّبِّ فَإِنْ كُنْت صِرْت إلَى قِيَاسِ ما يَغْذُو فَالْجِمَاعُ يَقُصُّ الْبَدَنَ وهو إخْرَاجُ شَيْءٍ يُنْقِصُ الْبَدَنَ وَلَيْسَ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ فَكَيْفَ قِسْته بِمَا يَزِيدُ في الْبَدَنِ وَالْجِمَاعُ يُنْقِصُهُ وما يُشْبِعُهُ وَالْجِمَاعُ يُجِيعُ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْحُقْنَةَ وَالسَّعُوطَ يُفْطِرَانِ وَهُمَا لَا يَغْذُوَانِ وَإِنْ اعْتَلَكَ بِالْغِذَاءِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا عِنْدَك كان يَلْزَمُك أَنْ تَنْظُرَ كُلَّ ما حَكَمْت له بِحُكْمِ الْفِطْرِ أَنْ تَحْكُمَ فيه بِالْكَفَّارَةِ إنْ أَرَدْت الْقِيَاسَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) قال منهم قَائِلٌ إنَّ هذا لَيَلْزَمُنَا كُلُّهُ وَلَكِنْ لِمَ لم تَقِسْهُ بِالْجِمَاعِ فَقُلْت له
أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ بن عُمَرَ أَنَّهُ قال من ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَمَنْ اسْتِقَاءَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَقَدْ وَجَدْنَا رَجُلًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَرَى على رَجُلٍ إنْ أَفْطَرَ من أَمْرٍ عَمَدَهُ الْقَضَاءَ وَلَا يَرَى عليه الْكَفَّارَةَ فيه وَبِهَذَا قُلْت لَا كَفَّارَةَ إلَّا في جِمَاعٍ
وَرَأَيْت الْجِمَاعَ لَا يُشْبِهُ شيئا سِوَاهُ رَأَيْت حَدَّهُ مُبَايِنًا لِحُدُودٍ سِوَاهُ وَرَأَيْت من رَأَيْت من الْفُقَهَاءِ مُجْتَمَعِينَ على أَنَّ الْمُحَرَّمَ إذَا أَصَابَ أَهْلَهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَمَضَى فيه وَجَاءَ بِالْبَدَلِ منه وقد يَحْرُمُ عليه في الْحَجِّ الصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَاللُّبْسُ فَأَيُّ ذلك فَعَلَهُ لم يُفْسِدْ حَجَّهُ غَيْرُ الْجِمَاعِ وَرَأَيْت من جَامَعَ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ من صَنَعَ ما هو أَقْذَرُ منه فَبِهَذَا فَرَّقْنَا بين الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ في اللُّوطِيِّ وَمَنْ أتى امْرَأَتَهُ في دُبْرِهَا فقال يَفْسُدُ وقال هذا جِمَاعٌ وَإِنْ كان غير وَجْهِ الْجِمَاعِ الْمُبَاحِ وَوَافَقَهُ في الآتى لِلْبَهِيمَةِ قال وَكُلُّ جِمَاعٍ غَيْرُ أَنَّ في هذا مَعْصِيَةً لِلَّهِ عز وجل من وَجْهَيْنِ فَلَوْ كان أَحَدُهُمَا يُزَادُ عليه زِيدَ على الْآتِي ما حَرَّمَ اللَّهُ من وَجْهَيْنِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُفْسِدُ الْكُحْلُ وَإِنْ تَنَخُّمَهُ فَالنُّخَامَةُ تَجِيءُ من الرَّأْسِ باستنزاله ( ( ( باستنزال ) ) ) وَالْعَيْنُ مُتَّصِلَةٌ بِالرَّأْسِ وَلَا يَصِلُ إلَى الرَّأْسِ وَالْجَوْفِ عِلْمِي وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ الْكُحْلَ على أَنَّهُ يُفْطِرُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ الدُّهْنَ وَإِنْ اسْتَنْقَعَ فيه أو في مَاءٍ فَلَا بَأْسَ وَأَكْرَهُ الْعَلْكَ أَنَّهُ يَجْلِبُ الرِّيقَ وَإِنْ مَضَغَهُ فَلَا يُفْطِرُهُ وَبِذَلِكَ إنْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَلَا يَسْتَبْلِغُ في الِاسْتِنْشَاقِ لِئَلَّا يَذْهَبَ في رَأْسِهِ وَإِنْ ذَهَبَ في رَأْسِهِ لم يُفْطِرْهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قد وَصَلَ إلَى الرَّأْسِ أو الْجَوْفِ من الْمَضْمَضَةِ وهو عَامِدٌ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ فَطَّرَهُ ( قال الرَّبِيعُ ) وقد +

( قال الشَّافِعِيُّ ) مَرَّةً لَا شَيْءَ عليه ( قال الرَّبِيعُ ) وهو أَحَبُّ إلى وَذَلِكَ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ السِّوَاكَ بِالْعُودِ الرُّطَبِ وَالْيَابِسِ وَغَيْرِهِ بكره وَأَكْرَهُهُ بالعشى لِمَا أُحِبُّ من خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ وَإِنْ فَعَلَ لم يُفَطِّرْهُ وما دَاوَى بِهِ قرحه من رَطْبٍ أو يَابِسٍ فَخَلَصَ إلَى جَوْفِهِ فَطَّرَهُ إذَا دَاوَى وهو ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ عَامِدٌ لِإِدْخَالِهِ في جَوْفِهِ وقال بَعْضُ الناس يُفَطِّرُهُ الرَّطْبُ وَلَا يُفَطِّرُهُ الْيَابِسُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان أَنْزَلَ الدَّوَاءَ إذَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْكُولِ أو الْمَشْرُوبِ فَالرَّطْبُ وَالْيَابِسُ من الْمَأْكُولِ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَإِنْ كان لَا يَنْزِلُهُ إذَا لم يَكُنْ من سَبِيلِ الْأَكْلِ وَلَا الشُّرْبِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا يُفَطِّرَانِ فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ يُفَطِّرُ أَحَدُهُمَا وَلَا يُفَطِّرُ الْآخَرُ فَهَذَا خَطَأٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ له أَنْ يُنَزِّهَ صِيَامَهُ عن اللَّغَطِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَإِنْ شُوتِمَ أَنْ يَقُولَ أنا صَائِمٌ وَإِنْ شَاتَمَ لم يُفَطِّرْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قَدِمَ مُسَافِرٌ في بَعْضِ الْيَوْمِ وقد كان فيه مُفْطِرًا وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ حَائِضًا فَطَهُرَتْ فَجَامَعَهَا لم أَرَ بَأْسًا وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَا أو شَرِبَا وَذَلِكَ أَنَّهُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وقال بَعْضُ الناس هُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا إنْ فَعَلَا وَأَكْرَهُ ذلك لِأَنَّ الناس في الْمِصْرِ صِيَامٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) إمَّا أَنْ يَكُونَا صَائِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَفْعَلَا أؤ يَكُونَا غير صَائِمَيْنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ هذا على الصَّائِمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَوَقَّى ذلك لِئَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ فَيَظُنُّ أَنَّهُ أَفْطَرَ في رَمَضَانَ من غَيْرِ عِلَّةٍ كان أَحَبَّ إلى +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الشُّهُورُ على أَسِيرٍ فَتَحَرَّى شَهْرَ رَمَضَانَ فَوَافَقَهُ أو ما بَعْدَهُ من الشُّهُورِ فَصَامَ شَهْرًا أو ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ ما قَبْلَهُ فَقَدْ قال قَائِلٌ لَا يَجْزِيهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ أو شَهْرًا بَعْدَهُ فَيَكُونُ كَالْقَضَاءِ له وَهَذَا مَذْهَبٌ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّهُ إذَا لم يَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّاهُ أَجْزَأَهُ قَبْلُ كان أو بَعْدُ كان هذا مَذْهَبًا وَذَلِكَ أَنَّهُ قد يَتَأَخَّى الْقِبْلَةَ فإذا عَلِمَ بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قد أَخْطَأَهَا أَجْزَأَتْ عنه وَيُجْزِي ذلك عنه في خَطَأِ عَرَفَةَ وَالْفِطْرِ وَإِنَّمَا كُلِّفَ الناس في الْمَغِيبِ الظَّاهِرُ وَالْأَسِيرُ إذَا اشْتَبَهَتْ عليه الشُّهُور فَهُوَ مِثْلُ الْمَغِيبِ عنه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قال الرَّبِيعُ ) وَآخِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إذَا صَامَهُ على الشَّكِّ حتى يُصِيبَهُ بِعَيْنِهِ أو شَهْرًا بَعْدَهُ وَآخِرُ قَوْلِهِ في الْقِبْلَةِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ إذَا تَأَخَّى وَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا كان تَأَخِّيهِ بِلَا دَلَالَةٍ وَأَمَّا عَرَفَةُ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فَيُجْزِيهِ لِأَنَّ هذا أَمْرٌ إنَّمَا يَفْعَلُهُ بِاجْتِمَاعِ الْعَامَّةِ عليه وَالصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ شَيْءٌ يَفْعَلُهُ في ذَاتِ نَفْسِهِ خَاصَّةً

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ لو أَصْبَحَ ينوى صَوْمَهُ تَطَوُّعًا لم يُجْزِهِ من رَمَضَانَ وَلَا أَرَى رَمَضَانَ يُجْزِيهِ إلَّا بِإِرَادَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا لَا يجزى إلَّا بِنِيَّةٍ فَرْقًا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ مُقِيمًا نَوَى الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ مُسَافِرًا لم يُفْطِرْ يَوْمَهُ ذلك لِأَنَّهُ قد دخل في الصَّوْمِ مُقِيمًا ( قال الرَّبِيعُ ) وفي كِتَابٍ غَيْرِ هذا من كُتُبِهِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ حَدِيثٌ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حين أَفْطَرَ بِالْكَدِيدِ أَنَّهُ نَوَى صِيَامَ ذلك الْيَوْمِ وهو مُقِيمٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَوَاهُ من اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ قبل الْفَجْرِ كان كَأَنْ لم يَدْخُلْ في الصَّوْمِ حتى سَافَرَ وكان له إنْ شَاءَ أَنْ يُتِمَّ فَيَصُومُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَأَخَّى الرَّجُلُ الْقِبْلَةَ بِلَا دَلَائِلَ فلما أَصْبَحَ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ كانت عليه الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ صلى حين صلى على الشَّكِّ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد نهى عن صِيَامِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا نهى عنه عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على الرِّفْقِ بِالنَّاسِ لَا على التَّحْرِيمِ وَلَا على أَنَّهُ لَا يجزئ وقد يَسْمَعُ بَعْضُ الناس النهى وَلَا يَسْمَعُ ما يَدُلُّ على مَعْنَى النَّهْيِ فيقول بالنهى جُمْلَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالدَّلِيلُ على ما قُلْت لَك أَنَّهُ رُخْصَةٌ في السَّفَرِ أَنَّ
مَالِكًا أخبرنا عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بن عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَصُومُ في السَّفَرِ وكان كَثِيرَ الصَّوْمِ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شِئْت فَصُمْ وَإِنْ شِئْت فأفطر
أخبرنا مَالِكٌ عن حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال سَافَرْنَا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في رَمَضَانَ فلم يَعِبْ الصَّائِمُ على الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ على الصَّائِمِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا دَلِيلٌ على ما وَصَفْت فَإِنْ قال إنْسَانٌ فإنه قد سَمَّى الَّذِينَ صَامُوا الْعُصَاةَ فَقَدْ نهى النبي عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ لِلتَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ كان مُحَارَبًا عَامَ نهى عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ فَأَبَى قَوْمٌ إلَّا الصِّيَامَ فَسَمَّى بَعْضَ من سمع النَّهْيَ الْعُصَاةَ إذْ تَرَكُوا الْفِطْرَ الذي أُمِرُوا بِهِ وقد يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قد قِيلَ لهم ذلك على أَنَّهُمْ تَرَكُوا قَبُولَ الرُّخْصَةِ وَرَغِبُوا عنها وَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا إنَّمَا نَقُولُ يُفْطِرُ أو يَصُومُ وهو يَعْلَمُ أَنَّ ذلك وَاسِعٌ له فإذا جَازَ ذلك فَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيْنَا لِمَنْ قوى عليه +


( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ روى ليس من الْبِرِّ الصِّيَامُ في السَّفَرِ قِيلَ ليس هذا بِخِلَافِ حديث هِشَامِ بن عُرْوَةَ وَلَكِنَّهُ كما وَصَفْت إذَا رَأَى الصِّيَامَ بِرًّا وَالْفِطْرَ مَأْثَمًا وَغَيَّرَ بر ( ( ( برغبة ) ) ) رغبة عن الرُّخْصَةِ في السَّفَرِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ الْفَجْرَ قبل أَنْ يَصِلَ إلَى بَلَدِهِ أو الْبَلَدِ الذي ينوى الْمُقَامَ بِهِ وهو ينوى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَزْمَعَ الْفِطْرَ ثُمَّ أَزْمَعَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْفَجْرِ لم يُجْزِهِ في حَضَرٍ كان أو في سَفَرٍ وَإِنْ سَافَرَ فلم يَصُمْ حتى مَاتَ فَلَيْسَ عليه قَضَاءُ ما أَفْطَرَ لِأَنَّهُ كان له أَنْ يُفْطِرَ وَإِنَّمَا عليه الْقَضَاءُ إذَا لَزِمَهُ أَنْ يَصُومَ وهو مُقِيمٌ فَتَرَكَ الصَّوْمَ فَهُوَ حِينَئِذٍ يُلْزَمُ بِالْقَضَاءِ وَيُكَفَّرُ عنه بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ لَا يَصِحُّ حتى يَمُوتَ فَلَا صَوْمَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ



* بَابُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ *



(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ له ليس بِثَابِتٍ إنَّمَا حدثه الزُّهْرِيُّ عن رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ وَلَوْ كان ثَابِتًا كان يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمَا على مَعْنَى إنْ شَاءَتَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كما أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يقضى نَذْرًا نَذَرَهُ في الْجَاهِلِيَّةِ وهو على مَعْنَى إنْ شَاءَ قال فما دَلَّ على مَعْنَى ما قُلْت فإن الظَّاهِرَ من الْخَبَرِ ليس فيه ما قُلْت


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن طَلْحَةَ بن يحيى عن عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عن عَائِشَةَ قالت دخل على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت إنَّا خَبَّأْنَا لَك حَيْسًا فقال أَمَا إنِّي كُنْت أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له لو كان على الْمُتَطَوِّعِ الْقَضَاءُ إذَا خَرَجَ من الصَّوْمِ لم يَكُنْ له الْخُرُوجُ منه من غَيْرِ عُذْرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ منه لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ من عَمَلٍ عليه تَمَامُهُ من غَيْرِ عُذْرٍ إذَا كان عليه أَنْ يَعُودَ فيه لم يَكُنْ له أَنْ يَخْرُجَ منه +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاعْتِكَافُ وَكُلُّ عَمَلٍ له قبل أَنْ يَدْخُلَ فيه أَنْ لَا يَدْخُلَ فيه فَلَهُ الْخُرُوجُ قبل إكْمَالِهِ وَأَحَبُّ إلى لو أَتَمَّهُ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَقَطْ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ أَمَرْته إذَا أَفْسَدَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَنْ يَعُودَ فِيهِمَا فَيَقْضِيَهُمَا مَرَّتَيْنِ دُونَ الْأَعْمَالِ قُلْنَا لَا يُشْبِهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا ما سِوَاهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ يمضى في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ على الْفَسَادِ كما يمضى فِيهِمَا قبل الْفَسَادِ وَيُكَفِّرُ وَيَعُودُ فِيهِمَا وَلَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ لم يَمْضِ فيها ولم يَجُزْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاسِدَةً بِلَا وُضُوءٍ وَهَكَذَا الصَّوْمُ إذَا أُفْسِدَ لم يَمْضِ فيه أو لَا تَرَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُتَطَوِّعًا كان أو وَاجِبًا عليه كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَلَا يُكَفِّرُ في الصَّلَاةِ على كل حَالٍ وَلَا في الِاعْتِكَافِ وَلَا في التَّطَوُّعِ في الصَّوْمِ وقد رَوَى الَّذِينَ يَقُولُونَ بِخِلَافِنَا في هذا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ صلى رَكْعَةً وقال إنَّمَا هو تَطَوُّعٌ وَرَوَيْنَا عن بن عَبَّاسٍ شَبِيهًا بِهِ في الطَّوَافِ * بَابُ أَحْكَامِ من أَفْطَرَ في رَمَضَانَ * +

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى من أَفْطَرَ أَيَّامًا من رَمَضَانَ من عُذْرِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ قَضَاهُنَّ في أَيِّ وَقْتٍ ما شَاءَ في ذِي الْحِجَّةِ أو غَيْرِهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ مُتَفَرِّقَاتٍ أو مُجْتَمَعَاتٍ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ } ولم يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ وقد بَلَغَنَا عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا أَحْصَيْت الْعِدَّةَ فَصُمْهُنَّ كَيْفَ شِئْت ( قال ) وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ مَرِضَ أو ( ( ( وسافر ) ) ) سافر الْمُفْطِرُ من رَمَضَانَ فلم يَصِحَّ ولم يَقْدِرْ حتى يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ قَضَاهُنَّ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ فَرَّطَ وهو يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُومَ حتى يأتى رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الرَّمَضَانَ الذي جاء عليه وَقَضَاهُنَّ وَكَفَّرَ عن كل يَوْمٍ بِمُدِّ حِنْطَةٍ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا أَطَاقَتَا الصَّوْمَ ولم تَخَافَا على ولديهما لم تفطرا فإن خافتا على ولديهما أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد حنطة وصامتا إذا أمنتا
على وَلَدَيْهِمَا

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَالُ التي يَتْرُكُ بها الْكَبِيرُ الصَّوْمَ أَنْ يَكُونَ يُجْهِدُهُ الْجَهْدَ غير الْمُحْتَمَلِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ زَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً أَفْطَرَ وَإِنْ كانت زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً لم يُفْطِرْ وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ على وَلَدِهَا أَفْطَرَتْ وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ فَأَمَّا ما كان من ذلك مُحْتَمَلًا فَلَا يُفْطِرُ صَاحِبُهُ وَالصَّوْمُ قد يُزِيدُ عَامَّةَ الْعِلَلِ وَلَكِنْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً وَيُنْتَقَصُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ مُحْتَمَلٌ فإذا تَفَاحَشَ أَفْطَرَتَا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ إذَا لم يُطِقْ الصَّوْمَ الْفِدْيَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ يَسْقُطُ عنه فَرْضُ الصَّلَاةِ إذَا لم يُطِقْهَا وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّوْمِ قِيلَ ليس يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّلَاةِ في حَالٍ تُفْعَلُ فيها الصَّلَاةُ وَلَكِنَّهُ يصلى كما يُطِيقُ قَائِمًا أو قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا فَيَكُونُ بَعْضُ هذا بَدَلًا من بَعْضٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُ الصَّلَاةِ بَدَلًا من الصَّلَاةِ وَلَا الصَّلَاةُ بَدَلًا من شَيْءٍ فَالصَّوْمُ لَا يجزئ فيه إلَّا إكْمَالُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ حَالِ صَاحِبِهِ وَيُزَالُ عن وَقْتِهِ بِالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فيه كما يَكُونُ بَعْضُ الصَّلَاةِ قَصْرًا وَبَعْضُهَا قَاعِدًا وقد يَكُونُ بَدَلًا من الطَّعَامِ في الْكَفَّارَةِ وَيَكُونُ الطَّعَامُ بَدَلًا منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ مَرِضَ فلم يَصِحَّ حتى مَاتَ فَلَا قَضَاءَ عليه إنَّمَا الْقَضَاءُ إذَا صَحَّ ثُمَّ فَرَّطَ وَمَنْ مَاتَ وقد فَرَّطَ في الْقَضَاءِ أُطْعِمَ عنه مَكَانَ كل يَوْمٍ مِسْكِينٌ مُدًّا من طَعَامٍ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْأَيَّامَ التي نهى عن صَوْمِهَا وَهِيَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَأَيَّامُ مِنًى وَقَضَاهَا وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الذي يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ وقد مَضَى من النَّهَارِ شَيْءٌ أو كان يوم فِطْرٍ قَضَاهُ وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا فَأَحَبُّ إلى أَنْ يَصُومَ الْغَدَ بِالنِّيَّةِ لِصَوْمِ يَوْمِ النَّذْرِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم أَرَهُ وَاجِبًا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يوم الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يوم فِطْرٍ أَفْطَرَ وَقَضَاهُ وَمَنْ نَوَى أَنْ يَصُومَ يوم الْفِطْرِ لم يَصُمْهُ ولم يَقْضِهِ لأنه ( ( ( لأن ) ) ) ليس له صَوْمُهُ وَكَذَلِكَ لو أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِهَا لم تَصُمْهُ ولم تَقْضِهِ لِأَنَّهُ ليس لها أَنْ تَصُومَهَا ( قال الرَّبِيعُ ) وقد قال الشَّافِعِيُّ مَرَّةً من نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَوَافَقَ يوم عِيدٍ لم يَكُنْ عليه شَيْءٌ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ فَقَدِمَ في بَعْضِ النَّهَارِ لم يَكُنْ عليه شَيْ

ءٌ

الكاتب:  ابن سيدنا الحسن [ الخميس يوليو 10, 2014 5:57 am ]
عنوان المشاركة:  Re: فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

الأم للشافعي - (2 / 94)



* كِتَابُ الصِّيَامِ الصَّغِيرِ *



أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَا تَصُومُوا حتى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهَذَا نَقُولُ فَإِنْ لم تَرَ الْعَامَّةُ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَآهُ رَجُلٌ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ وَالِاحْتِيَاطِ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الدَّرَاوَرْدِيُّ عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن عُثْمَانَ عن أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه على رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَصَامَ وَأَحْسِبُهُ قال وَأَمَرَ الناس أَنْ يَصُومُوا وقال أَصُومُ يَوْمًا من شَعْبَانَ أَحَبُّ إلى من أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يَجُوزُ على هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا أَقْبَلُ عليه إلَّا شَاهِدَيْنِ وَهَذَا الْقِيَاسُ على كل مَعِيبٍ اسْتَدَلَّ عليه بِبَيِّنَةٍ وقال بَعْضُهُمْ جَمَاعَةٌ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَقْبَلُ على رُؤْيَةِ هِلَالِ الْفِطْرِ إلَّا شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَأَكْثَرَ فَإِنْ صَامَ الناس بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ إلَّا أَنْ يَرَوْا الْهِلَالَ أو تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَتِهِ فَيُفْطِرُوا وَإِنْ غُمَّ الشَّهْرَانِ مَعًا فَصَامُوا ثَلَاثِينَ فَجَاءَتْهُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ شَعْبَانَ رُئِيَ قبل صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ قَضَوْا يَوْمًا لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا يَوْمًا من رَمَضَانَ وَإِنْ غُمَّا فَجَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُمْ صَامُوا يوم الْفِطْرِ أَفْطَرُوا أَيْ سَاعَةَ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ قبل الزَّوَالِ صَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَإِنْ كان بَعْدَ الزَّوَالِ لم يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَهَذَا قَوْلُ من أَحْفَظُ عنه من أَصْحَابِنَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ في هذا بَعْضُ الناس فقال فيه قبل الزَّوَالِ قَوْلَنَا وقال بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ بِهِمْ الْإِمَامُ من الْغَدِ وَلَا يصلى بِهِمْ في يَوْمِهِمْ ذلك

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِبَعْضِ من يَحْتَجُّ بهذا الْقَوْلِ إذَا كانت صَلَاةُ العبد ( ( ( العيد ) ) ) عِنْدَنَا وَعِنْدَك سُنَّةً لَا تُقْضَى إنْ تُرِكَتْ وَغَمَّك وَقْتٌ فَكَيْفَ أَمَرْت بها أَنْ تُعْمَلَ في غَيْرِهِ وَأَنْتَ إذَا مَضَى الْوَقْتُ تَعْمَلُ في وَقْتٍ لم تُؤْمَرْ بِأَنْ تَعْمَلَ مِثْلُ الْمُزْدَلِفَةِ إذَا مَرَّتْ لَيْلَتُهَا لم تُؤْمَرْ بِالْمَبِيتِ فيها وَالْجِمَارُ إذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا
لم تُؤْمَرْ بِرَمْيِهَا وَأُمِرْت بِالْفِدْيَةِ فِيمَا فيه فِدْيَةٌ من ذلك وَمِثْلُ الرَّمَلِ إذَا مَضَتْ الْأَطْوَافُ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرَ بِهِ في الْأَرْبَعَةِ الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ مَضَى وَقْتُهُ وَلَيْسَ منه بَدَلٌ بِكَفَّارَةٍ وإذا أَمَرْت بِالْعِيدِ في غَيْرِ وَقْتِهِ فَكَيْفَ لم تَأْمُرْ بِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ من يَوْمِهِ وَالصَّلَاةُ تَحِلُّ في يَوْمِهِ وَأَمَرْت بها من الْغَدِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ أَقْرَبُ من وَقْتِ الْفِطْرِ من غَدِهِ ( قال ) فَإِنَّهَا من غَدٍ تُصَلَّى في مِثْلِ وَقْتِهِ قِيلَ له أو ليس تَقُولُ في كل ما فَاتَ مِمَّا يقضي من الْمَكْتُوبَاتِ يقضي إذَا ذُكِرَ فَكَيْفَ خَالَفْت بين هذا وَبَيْنَ ذلك فَإِنْ كانت عِلَّتُك الْوَقْتَ فما تَقُولُ فيه إنْ تَرَكْته من غَدِهِ أَتُصَلِّيهِ بَعْدَ غَدِهِ في ذلك الْوَقْتِ قال لَا قِيلَ فَقَدْ تَرَكْت عِلَّتَك في أَنْ تُصَلِّيَ في مِثْلِ ذلك الْوَقْتِ فما حُجَّتُك فيه قال رَوَيْنَا فيه شيئا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْنَا قد سَمِعْنَاهُ وَلَكِنَّهُ ليس مِمَّا يَثْبُتُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنْتَ تُضَعِّفُ ما هو أَقْوَى منه وإذا زَعَمْت أَنَّهُ ثَابِتٌ فَكَيْفَ يقضى في غَدِهِ ولم تَنْهَهُ أَنْ يقضى بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ يقضى بَعْدَ أَيَّامٍ وَإِنْ طَالَتْ الْأَيَّامُ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يُصَلِّي إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ من يَوْمِ الْفِطْرِ

( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ في زَمَنِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ بِعَشِيٍّ فلم يُفْطِرْ عُثْمَانُ حتى غَابَتْ الشَّمْسُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ إذَا لم يُرَ الْهِلَالُ ولم يُشْهَدْ عليه أَنَّهُ رئى لَيْلًا لم يُفْطِرْ الناس بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ في النَّهَارِ كان ذلك قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ وهو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِلَالُ اللَّيْلَةِ التي تَسْتَقْبِلُ وقال بَعْضُ الناس فيه إذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَوْلُنَا وإذا رُئِيَ قبل الزَّوَالِ أَفْطَرُوا وَقَالُوا إنَّمَا اتَّبَعْنَا فيه أَثَرًا رَوَيْنَاهُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ فَقُلْنَا الْأَثَرُ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ من الْقِيَاسِ فَإِنْ كان ثَابِتًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ

( قال الشَّافِعِيُّ ) اذا رَأَى الرَّجُلُ هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ يَصُومُ لَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذلك وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ فَيُفْطِرُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ شَكٌّ أو يَخَافَ أَنْ يُتَّهَمَ على الِاسْتِخْفَافِ بِالصَّوْمِ * بَابُ الدُّخُولِ في الصِّيَامِ وَالْخِلَافِ فيه *

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يجزئ صَوْمُ رَمَضَانَ إلَّا بِنِيَّةٍ كما لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَاحْتُجَّ فيه بِأَنَّ بن عُمَرَ قال لَا يَصُومُ إلَّا من أَجْمَعَ الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً وَعَلَى ما أَوْجَبَ الْمَرْءُ على نَفْسِهِ من نَذْرٍ أو وَجَبَ عليه من صَوْمٍ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ قبل الزَّوَالِ ما لم يَأْكُلْ ولم يَشْرَبْ فَخَالَفَ في هذا الْقَوْلِ بَعْضُ الناس فقال مَعْنَى قَوْلِ بن عُمَرَ هذا على النَّافِلَةِ فَلَا يَجُوزُ في النَّافِلَةِ من الصَّوْمِ وَيَجُوزُ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَخَالَفَ في هذا الْآثَارَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ لِمَ زَعَمْت أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ يجزئ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يجزئ صَوْمُ النَّذْرِ وَلَا صَوْمُ الْكَفَّارَاتِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَك لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَلَا نَذْرُ الصَّلَاةِ وَلَا التَّيَمُّمُ إلَّا بِنِيَّةٍ ( قال ) لِأَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ مَتَى عَمِلَهُ أَجْزَأَ عنه وَالصَّلَاةُ وَالنِّيَّةُ لِلتَّيَمُّمِ بِوَقْتٍ قِيلَ له ما تَقُولُ
فِيمَنْ قال لِلَّهِ على أَنْ أَصُومَ شَهْرًا من هذه السَّنَةِ فَأَمْهَلَ حتى إذَا كان آخَرُ شَهْرٍ منها فَصَامَهُ لَا يَنْوِي بِهِ النَّذْرَ قال لَا يُجَزِّئُهُ قِيلَ قد وَقَّتَ السَّنَةَ ولم يَبْقَ منها إلَّا هذا الشَّهْرُ فَصَارَ إنْ لم يَصُمْهُ يَخْرُجْ من الْوَقْتِ وَقِيلَ له ما تَقُولُ إنْ تَرَكَ الظُّهْرَ حتى لَا يَبْقَى عليه من وَقْتِهَا إلَّا ما يُكْمِلُهَا فيه ثُمَّ صلى أَرْبَعًا كَفَرْضِ الصَّلَاةِ لَا ينوى الظُّهْرَ قال لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ الظُّهْرَ قال الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ بين رَمَضَانَ وَبَيْنَ هذا فَرْقًا وقد اعْتَلَّ بِالْوَقْتِ فَأَوْجَدْنَا الْوَقْتَ في الْمَكْتُوبَةِ مَحْدُودًا وَمَحْصُورًا يَفُوتُ إنْ تَرَكَ الْعَمَلَ فيه فَأَوْجَدْنَاهُ ذلك في النَّذْرِ ثُمَّ أَوْجَدْنَاهُ في الْوَقْتَيْنِ الْمَحْصُورَيْنِ كِلَاهُمَا عَمَلًا كَعَمَلِ الْمَكْتُوبَةِ وَعَمَلِ النَّذْرِ وَلَيْسَ في الْوَقْتَيْنِ فَضْلٌ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ مَوْضِعٌ إلَّا هذا الْوَقْتُ الذي عَمِلَهُمَا فيه لِأَنَّهُ عَمِلَهُمَا في آخِرِ الْوَقْتِ فَزَعَمَ أَنَّهُمَا لَا يُجْزِيَانِ إذَا لم يَنْوِ بِهِمَا الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ فَلَوْ كانت الْعِلَّةُ أَنَّ الْوَقْتَ مَحْصُورٌ انْبَغَى أَنْ يَزْعُمَ هَا هُنَا أَنَّ الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ يُجْزِيَانِ إذَا كان وَقْتُهُمَا مَحْصُورًا كما يجزئ رَمَضَانُ إذَا كان وَقْتُهُ مَحْصُورًا

* بَابُ صَوْمِ رَمَضَانَ *

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قال ذلك فِيمَا عَلِمْت بِالرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قال فيه أَصْحَابُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالرَّأْيِ فِيمَا عَلِمْت وَلَكِنْ مَعَهُمْ قِيَاسٌ فَصَحَّ فيه لِمَنْ خَالَفَهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا فِيمَا أَرَى أَحْسَنُ وَأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إذَا كان قِيَاسًا * بَابُ ما يُفَطِّرُ الصَّائِمَ وَالسُّحُورِ وَالْخِلَافُ فيه *

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَقْتُ الذي يَحْرُمُ فيه الطَّعَامُ على الصَّائِمِ حين يَتَبَيَّنُ الْفَجْرَ الْآخِرَ مُعْتَرِضًا في الْأُفُقِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ قال اللَّهُ عز وجل { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ }

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَكَلَ فِيمَا بين هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أو شَرِبَ عَامِدًا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أَخِيهِ خَالِدِ بن أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه أَفْطَرَ في رَمَضَانَ في يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قد أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قد طَلَعَتْ الشَّمْسُ فقال عُمَرُ الْخَطْبُ يَسِيرٌ

( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وأستحب التَّأَنِّي بِالسُّحُورِ ما لم يَكُنْ في وَقْتٍ مُقَارِبٍ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ طَلَعَ فَإِنِّي أُحِبُّ قَطْعَهُ في ذلك الْوَقْتِ فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وفي فيه شَيْءٌ قد أَدْخَلَهُ وَمَضَغَهُ لَفَظَهُ لِأَنَّ إدْخَالَهُ فَاهُ لَا يَصْنَعُ شيئا إنَّمَا يَفْطُرُ بِإِدْخَالِهِ جَوْفَهُ فَإِنْ ازْدَرَدَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَضَى يَوْمًا مَكَانَهُ وَاَلَّذِي لَا يقضى فيه من ذلك الشَّيْءُ يَبْقَى بين أَسْنَانِهِ في بَعْضِ فيه مِمَّا يُدْخِلُهُ الرِّيقُ لَا يَمْتَنِعُ منه فإن ذلك عِنْدِي خَفِيفٌ فَلَا يَقْضِي فَأَمَّا كُلُّ ما عد ( ( ( عدا ) ) ) إدْخَالَهُ مِمَّا يَقْدِرُ على لَفْظِهِ فَيُفْطِرُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وقال بَعْدُ ) نُفَطِّرُهُ بِمَا بين أَسْنَانِهِ إذَا كان يَقْدِرُ على طَرْحِهِ


( قال الرَّبِيعُ ) إلَّا أَنْ يَغْلِبَهُ وَلَا يَقْدِرُ على دَفْعِهِ فَيَكُونُ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عليه وهو مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيُّ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُمَا يَرَيَانِ تَأْخِيرَ ذلك وَاسِعًا لَا أَنَّهُمَا يَعْمِدَانِ الْفَضْلَ لِتَرْكِهِ بَعْدَ أَنْ أُبِيحَ لَهُمَا وَصَارَا مُفْطِرَيْنِ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصْلُحُ في اللَّيْلِ وَلَا يَكُونُ بِهِ صَاحِبُهُ صَائِمًا وَإِنْ نَوَاهُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ وَلَا يُفْطِرُهُ ذلك


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَحْتَجِمُ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذلك


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ لم يَرَ أَبَاهُ قَطُّ احْتَجَمَ وهو صَائِمٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا فُتْيَا كَثِيرٍ مِمَّنْ لَقِيت من الْفُقَهَاءِ وقد رُوِيَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَرُوِيَ عنه أَنَّهُ احْتَجَمَ صَائِمًا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْت بِهِ فَكَانَتْ الْحُجَّةُ في قَوْلِهِ وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الْحِجَامَةَ صَائِمًا لِلتَّوَقِّي كان أَحَبَّ إلى وَلَوْ احْتَجَمَ لم أَرَهُ يُفْطِرُهُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) من تَقَيَّأَ وهو صَائِمٌ وَجَبَ عليه الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَبِهَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ نَاسِيًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَلَا قَضَاءَ عليه وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن أبي هُرَيْرَةَ وقد قِيلَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قد رَفَعَهُ من حديث رَجُلٍ ليس بِحَافِظٍ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يقضى وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِهِ وقال بَعْضُ الناس بِمِثْلِ قَوْلِنَا لَا يَقْضِي وَالْحُجَّةُ عليهم في الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ سَاهِيًا وَتَفْرِيقُهُ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ حُجَّةٌ عليهم في الصَّلَاةِ بَلْ الْكَلَامُ في الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَثْبَتُ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَيْفَ فَرَّقَ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لم يَرَ على من أَكَلَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ قَضَاءً فَرَأْيُ أبي هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ فَرَّقَ بها بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وهو عِنْدَنَا حُجَّةٌ ثُمَّ تَرَكَ رِوَايَةَ أبي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ وَطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حديث ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيهِ ما دَلَّ على الْفَرْقِ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّلَاةِ فَهَذَا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثَابِتٌ وما جاء عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوْجَبُ مِمَّا جاء عن غَيْرِهِ فَتَرَكَ الْأَوْجَبَ وَالْأَثْبَتَ وَأَخَذَ بِاَلَّذِي هو أَضْعَفُ عِنْدَهُ وَعَابَ غَيْرَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ في الصَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ ثُمَّ قال بِمَا عَابَ في الصَّلَاةِ فَزَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ ثُمَّ لم يَقُمْ بِذَلِكَ

( قال الشَّافِعِيُّ ) من احْتَلَمَ في رَمَضَانَ اغْتَسَلَ ولم يَقْضِ وَكَذَلِكَ من أَصَابَ أَهْلَهُ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قبل أَنْ يَغْتَسِلَ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَمَّ صَوْمَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وهو مَجَامِعُ فَأَخْرَجَهُ من سَاعَتِهِ أَتَمَّ صَوْمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ على الْخُرُوجِ من الْجِمَاعِ إلَّا بهذا وَإِنْ ثَبَّتَ شيئا آخَرَ أو حَرَّكَهُ لِغَيْرِ إخْرَاجٍ وقد بَانَ له الْفَجْرُ كَفَّرَ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن مَعْمَرٍ عن أبي يُونُسَ مولى عَائِشَةَ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ رَجُلًا قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهِيَ تَسْمَعُ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأنا أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ ثُمَّ أَصُومُ ذلك الْيَوْمَ فقال الرَّجُلُ إنَّك لَسْت مِثْلَنَا قد غَفَرَ اللَّهُ لَك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وما تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال وَاَللَّهِ إنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أتقى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا حُجَّةٌ لنا على من قال في الْمُطَلَّقَةِ لِزَوْجِهَا عليها الرَّجْعَةُ حتى تَغْتَسِلَ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وقد قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَالْقُرْءُ عِنْدَهُ الْحَيْضَةُ فما بَالُ الْغُسْلِ وَإِنْ وَجَبَ بِالْحَيْضِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَيْضِ فَلَوْ كان حُكْمُهُ إذَا وَجَبَ بِهِ حُكْمَ الْحَيْضِ كان حُكْمُ الْغُسْلِ إذَا وَجَبَ بِالْجِمَاعِ حُكْمَ الْجِمَاعِ فَأَفْطَرَ وَكَفَّرَ من أَصْبَحَ جَنْبًا

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال فَقَدْ رُوِيَ فيه شَيْءٌ فَهَذَا أَثْبَتُ من تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَعَلَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ كانت بِأَنْ سمع صَاحِبُهَا من أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ على مَعْنَى إذَا كان الْجِمَاعُ بَعْدَ الْفَجْرِ أو عَمِلَ فيه بَعْدَ الْفَجْرِ كما وَصَفْنَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ كَرِهْتهَا له وَإِنْ فَعَلَهَا لم يُنْقَضْ صَوْمُهُ وَمَنْ لم تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ فَلَا بَأْسَ له بِالْقُبْلَةِ وَمِلْكُ النَّفْسِ في الْحَالَيْنِ عنها أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مَنْعُ شَهْوَةٍ يُرْجَى من اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابُهَا

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُنْقَضُ صَوْمُهُ لِأَنَّ الْقُبْلَةَ لو كانت تَنْقُضُ صَوْمَهُ لم يُقَبِّلْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يُرَخِّصْ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ فيها كما لَا يُرَخِّصُونَ فِيمَا يُفْطِرُ وَلَا يَنْظُرُونَ في ذلك إلَى شَهْوَةٍ فَعَلَهَا الصَّائِمُ لها وَلَا غَيْرِ شَهْوَةٍ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت إنْ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّ عَائِشَةَ كانت إذَا ذَكَرَتْ ذلك قالت وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لأربه من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ قال لم أَرَ الْقُبْلَةَ تَدْعُو إلَى خَيْرٍ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ بن عَبَّاسٍ سُئِلَ عن الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَأَرْخَصَ فيها لِلشَّيْخِ وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على ما وَصَفْت ليس اخْتِلَافًا منهم وَلَكِنْ على الِاحْتِيَاطِ لِئَلَّا يَشْتَهِيَ فَيُجَامِعَ وَبِقَدْرِ ما يَرَى من السَّائِلِ أو يَظُنُّ بِهِ * بَابُ الْجِمَاعِ في رَمَضَانَ وَالْخِلَافُ فيه *


( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ أو إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قال إنِّي لَا أَجِدُ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ بِهِ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قال كُلْهُ


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَطَاءٍ الخرساني ( ( ( الخراساني ) ) ) عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ قال أتى أَعْرَابِيٌّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَقُولُ هَلَكَ الْأَبْعَدُ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وما ذَاكَ قال أَصَبْت أَهْلِي في رَمَضَانَ وأنا صَائِمٌ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هل تستطيع ( ( ( تسطيع ) ) ) أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً قال لَا قال فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً قال لَا قال فَاجْلِسْ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقَ بِهِ فقال ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي قال فَكُلْهُ وَصُمْ يَوْمًا مَكَان ما أَصَبْت قال عَطَاءٌ فَسَأَلْت سَعِيدًا كَمْ في ذلك الْعَرَقِ قال ما بين خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إلَى عِشْرِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حَدِيثٍ غَيْرِ هذا فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ يُعْتِقُ فَإِنْ لم يَقْدِرْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُلْهُ واطعمه أَهْلَك يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ منها أَنَّهُ لَمَّا كان في الْوَقْتِ الذي أَصَابَ أَهْلَهُ فيه ليس مِمَّنْ يَقْدِرُ على وَاحِدَةٍ من الْكَفَّارَاتِ تَطَوَّعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه بِأَنْ قال له في شَيْءٍ أتى بِهِ كَفِّرْ بِهِ فلما ذَكَرَ الْحَاجَةَ ولم يَكُنْ الرَّجُلُ قَبَضَهُ قال كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَك وَجَعَلَ له التَّمْلِيكَ حِينَئِذٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ فلما مَلَكَهُ وهو مُحْتَاجٌ كان إنَّمَا يَكُونُ عليه الْكَفَّارَةُ إذَا كان عِنْدَهُ فَضْلٌ فلم يَكُنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ فَكَانَ له أَكْلُهُ هو وَأَهْلُهُ وَيَحْتَمِلُ في هذا أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عليه مَتَى أَطَاقَهَا أو شيئا منها وَإِنْ كان ذلك ليس في الْخَبَرِ وكان هذا أَحَبَّ إلَيْنَا وَأَقْرَبَ من الِاحْتِيَاطِ وَيَحْتَمِلُ أن كان لَا يَقْدِرُ على شَيْءٍ من الْكَفَّارَاتِ فَكَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عنه وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَضَعَهُ عليه وَعَلَى أَهْلِهِ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَيُجْزِي عَنْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إذَا لم يَقْدِرْ في حَالِهِ تِلْكَ على الْكَفَّارَةِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ سَاقِطَةً عنه إذَا كان مَغْلُوبًا كما تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عن الْمُغْمَى عليه إذَا كان مَغْلُوبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ إذَا كَفَّرَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا من الصِّيَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصِّيَامُ مع الْكَفَّارَةِ وَلِكُلٍّ وَجِهَةٌ ( قال ) وَأُحِبُّ أَنْ يُكَفِّرَ مَتَى قَدَرَ وَأَنْ يَصُومَ مع الْكَفَّارَةِ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس مُدَّيْنِ وَهَذَا خِلَافُ الحديث وَاَللَّهُ أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ وَكَذَلِكَ إنْ لم يُكَفِّرْ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ فَرْضَ كل يَوْمٍ غَيْرُ فَرْضِ الْمَاضِي

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس إنْ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ كَفَّرَ وَإِنْ لم يُكَفِّرْ حتى يَعُودَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَرَمَضَانُ كُلُّهُ وَاحِدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ ليس في هذا خَبَرٌ بِمَا قُلْت وَالْخَبَرُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا جامع مَرَّةً بِكَفَّارَةٍ وفي ذلك ما دَلَّ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ أُمِرَ بِكَفَّارَةٍ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَفْرُوضٌ عليه فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبْت قال أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو جَامَعَ في الْحَجِّ مِرَارًا كانت عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قُلْنَا وَأَيُّ شَيْءٍ الْحَجُّ من الصَّوْمِ الْحَجُّ شَرِيعَةُ وَالصَّوْمُ أُخْرَى قد يُبَاحُ في الْحَجِّ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَيَحْرُمُ في الصَّوْمِ وَيُبَاحُ في الصَّوْمِ اللُّبْسُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَيَحْرُمُ في الْحَجِّ

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَجُّ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ منه إلَّا بِكَمَالِهِ وَكُلُّ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَالُهُ بِنَفْسِهِ وَنَقْصُهُ فيه أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصُومُ الْيَوْمَ من شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ وقد كَمَّلَ الْيَوْمَ وَخَرَجَ من صَوْمِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ في آخَرَ فَلَوْ أَفْسَدَهُ لم يُفْسِدْ الذي قَبْلَهُ وَالْحَجُّ مَتَى أُفْسِدَ عِنْدَهُمْ قبل الزَّوَالِ من يَوْمِ عَرَفَةَ فَسَدَ كُلُّهُ وَإِنْ كان قد مَضَى كَثِيرٌ من عَمَلِهِ مع أَنَّ هذا الْقَوْلَ خَطَأٌ من غَيْرِ وَجْهٍ الذي يَقِيسُهُ بِالْحَجِّ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُجَامِعَ في الْحَجِّ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ فَيَكُونُ عليه شَاةٌ قبل عَرَفَةَ وَيَفْسُدُ حَجُّهُ وَبَدَنَةٌ إذَا جَامَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَهَذَا عِنْدَهُ في الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ في أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ إنَّمَا عليه رَقَبَةٌ فِيهِمَا وَيَفْسُدُ صَوْمُهُ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في الْكَفَّارَتَيْنِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ كَفَّرَ وهو لو كَفَّرَ عِنْدَهُ في الْحَجِّ عن الْجِمَاعِ ثُمَّ عَادَ لِجِمَاعٍ آخَرَ لم يُعِدْ الْكَفَّارَةَ فإذا قِيلَ له لِمَ ذلك قال الْحَجُّ وَاحِدٌ وَأَيَّامُ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقَةٌ قُلْت فَكَيْفَ تَقِيسُ أَحَدَهُمَا بالأخر وهو يُجَامِعُ في الْحَجِّ فَيُفْسِدُهُ ثُمَّ يَكُونُ عليه أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْحَجِّ وهو فَاسِدٌ وَلَيْسَ هَكَذَا الصَّوْمُ وَلَا الصَّلَاةُ

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ منهم فَأَقِيسُهُ بِالْكَفَّارَةِ قُلْنَا هو من الْكَفَّارَةِ

أَبْعَدُ الْحَانِثُ يَحْنَثُ غَيْرُ عَامِدٍ لِلْحِنْثِ فَيُكَفِّرُ وَيَحْنَثُ عَامِدًا فَلَا يُكَفِّرُ عِنْدَك وَأَنْتَ إذَا جَامَعَ عَامِدًا كَفَّرَ وإذا جَامَعَ غير عَامِدٍ لم يُكَفِّرْ فَكَيْفَ قِسْته بِالْكَفَّارَةِ وَالْمُكَفِّرُ لَا يُفْسِدُ عَمَلًا يَخْرُجُ منه وَلَا يَعْمَلُ بَعْدَ الْفَسَادِ شيئا يَقْضِيهِ إنَّمَا يَخْرُجُ بِهِ عِنْدَك من كِذْبَةٍ حَلَفَ عليها وَهَذَا يَخْرُجُ من صَوْمٍ وَيَعُودُ في مِثْلِ الذي خَرَجَ منه (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فما بَالُ الْحَدِّ عليها في الْجِمَاعِ وَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عليها قِيلَ الْحَدُّ لَا يُشْبِهُ الْكَفَّارَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَّ يَخْتَلِفُ في الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْجِمَاعُ عَامِدًا في رَمَضَانَ مع افْتِرَاقِهِمَا في غَيْرِ ذلك فإن مَذْهَبَنَا وما نَدَّعِي إذَا فَرَّقَتْ الْأَخْبَارُ بين الشَّيْءِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ كما فَرَّقَتْ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ أو صَوْمِ كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ فَقَدْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه وَلَكِنْ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِهِ الذي جَامَعَ فيه +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا قال بَعْضُ الناس وَهَذَا كان عِنْدَنَا أَوْلَى أَنْ يُكَفِّرَ لِأَنَّ الْبَدَلَ في رَمَضَانَ يَقُومُ مَقَامَهُ فإذا اقْتَصَرَ بِالْكَفَّارَةِ على رَمَضَانَ لِأَنَّهَا جَاءَتْ فيه في الْجِمَاعِ ولم يَقِسْ عليه الْبَدَلَ منه فَكَيْفَ قَاسَ عليه الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ولم تَأْتِ فيه كَفَّارَةٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ لم يُكَفِّرْ وَإِنْ جَامَعَ على شُبْهَةٍ مِثْلَ أَنْ يَأْكُلَ نَاسِيًا فَيَحْسِبُ أَنَّهُ قد أَفْطَرَ فَيُجَامِعُ على هذه الشُّبْهَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه في مِثْلِ هذا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا أَيْضًا من الْحُجَّةِ عليهم في السَّهْوِ في الصَّلَاةِ إذْ زَعَمُوا أَنَّ من جَامَعَ على شُبْهَةٍ سَقَطَتْ عنه الْكَفَّارَةُ فَمَنْ تَكَلَّمَ وهو يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ في الصَّلَاةِ كان له مُبَاحًا أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ عنه فَسَادُ صَلَاتِهِ +


( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ من غَيْرِ لَمْسٍ وَلَا تَلَذُّذٍ بها فَصَوْمُهُ تَامٌّ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في رَمَضَانَ إلَّا بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ أَنْ يَلْتَقِي الْخِتَانَانِ فَأَمَّا ما دُونَ ذلك فإنه لَا يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في فِطْرٍ في غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا غَيْرِهِ وقال بَعْضُ الناس تَجِبُ إنْ أَكَلَ أو شَرِبَ كما تَجِبُ بِالْجِمَاعِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِمَنْ يقول هذا الْقَوْلَ السُّنَّةُ جَاءَتْ في الْمُجَامِعِ فَمَنْ قال لَكُمْ في الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قال قُلْنَاهُ قِيَاسًا على الْجِمَاعِ فَقُلْنَا أو يُشْبِهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ الْجِمَاعَ فَتَقِيسُهُمَا عليه قال نعم في وَجْهٍ من أَنَّهُمَا مُحَرَّمَانِ يُفْطِرَانِ فَقِيلَ لهم فَكُلُّ ما وَجَدْتُمُوهُ مُحَرَّمًا في الصَّوْمِ يُفَطِّرُ قَضَيْتُمْ فيه بِالْكَفَّارَةِ قال نعم قِيلَ فما تَقُولُ فِيمَنْ أَكَلَ طَيِّبًا أو دَوَاءً قال لَا كَفَّارَةَ عليه قُلْنَا وَلِمَ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا إنَّمَا قِسْت هذا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَك مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا وما أَدْرَاك أَنَّ هذا لَا يَغْذُو الْبَدَنَ وَأَنْتَ تَقُولُ إنْ ازْدَرَدَ من الْفَاكِهَةِ شيئا صَحِيحًا فَطَّرَهُ ولم يُكَفِّرْ وقد يَغْذُو هذا الْبَدَنَ فِيمَا نَرَى وَقُلْنَا قد صِرْت من الْفِقْهِ إلَى الطِّبِّ فَإِنْ كُنْت صِرْت إلَى قِيَاسِ ما يَغْذُو فَالْجِمَاعُ يَقُصُّ الْبَدَنَ وهو إخْرَاجُ شَيْءٍ يُنْقِصُ الْبَدَنَ وَلَيْسَ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ فَكَيْفَ قِسْته بِمَا يَزِيدُ في الْبَدَنِ وَالْجِمَاعُ يُنْقِصُهُ وما يُشْبِعُهُ وَالْجِمَاعُ يُجِيعُ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْحُقْنَةَ وَالسَّعُوطَ يُفْطِرَانِ وَهُمَا لَا يَغْذُوَانِ وَإِنْ اعْتَلَكَ بِالْغِذَاءِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا عِنْدَك كان يَلْزَمُك أَنْ تَنْظُرَ كُلَّ ما حَكَمْت له بِحُكْمِ الْفِطْرِ أَنْ تَحْكُمَ فيه بِالْكَفَّارَةِ إنْ أَرَدْت الْقِيَاسَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) قال منهم قَائِلٌ إنَّ هذا لَيَلْزَمُنَا كُلُّهُ وَلَكِنْ لِمَ لم تَقِسْهُ بِالْجِمَاعِ فَقُلْت له
أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ بن عُمَرَ أَنَّهُ قال من ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَمَنْ اسْتِقَاءَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَقَدْ وَجَدْنَا رَجُلًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَرَى على رَجُلٍ إنْ أَفْطَرَ من أَمْرٍ عَمَدَهُ الْقَضَاءَ وَلَا يَرَى عليه الْكَفَّارَةَ فيه وَبِهَذَا قُلْت لَا كَفَّارَةَ إلَّا في جِمَاعٍ
وَرَأَيْت الْجِمَاعَ لَا يُشْبِهُ شيئا سِوَاهُ رَأَيْت حَدَّهُ مُبَايِنًا لِحُدُودٍ سِوَاهُ وَرَأَيْت من رَأَيْت من الْفُقَهَاءِ مُجْتَمَعِينَ على أَنَّ الْمُحَرَّمَ إذَا أَصَابَ أَهْلَهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَمَضَى فيه وَجَاءَ بِالْبَدَلِ منه وقد يَحْرُمُ عليه في الْحَجِّ الصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَاللُّبْسُ فَأَيُّ ذلك فَعَلَهُ لم يُفْسِدْ حَجَّهُ غَيْرُ الْجِمَاعِ وَرَأَيْت من جَامَعَ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ من صَنَعَ ما هو أَقْذَرُ منه فَبِهَذَا فَرَّقْنَا بين الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ (1)

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ في اللُّوطِيِّ وَمَنْ أتى امْرَأَتَهُ في دُبْرِهَا فقال يَفْسُدُ وقال هذا جِمَاعٌ وَإِنْ كان غير وَجْهِ الْجِمَاعِ الْمُبَاحِ وَوَافَقَهُ في الآتى لِلْبَهِيمَةِ قال وَكُلُّ جِمَاعٍ غَيْرُ أَنَّ في هذا مَعْصِيَةً لِلَّهِ عز وجل من وَجْهَيْنِ فَلَوْ كان أَحَدُهُمَا يُزَادُ عليه زِيدَ على الْآتِي ما حَرَّمَ اللَّهُ من وَجْهَيْنِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُفْسِدُ الْكُحْلُ وَإِنْ تَنَخُّمَهُ فَالنُّخَامَةُ تَجِيءُ من الرَّأْسِ باستنزاله ( ( ( باستنزال ) ) ) وَالْعَيْنُ مُتَّصِلَةٌ بِالرَّأْسِ وَلَا يَصِلُ إلَى الرَّأْسِ وَالْجَوْفِ عِلْمِي وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ الْكُحْلَ على أَنَّهُ يُفْطِرُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ الدُّهْنَ وَإِنْ اسْتَنْقَعَ فيه أو في مَاءٍ فَلَا بَأْسَ وَأَكْرَهُ الْعَلْكَ أَنَّهُ يَجْلِبُ الرِّيقَ وَإِنْ مَضَغَهُ فَلَا يُفْطِرُهُ وَبِذَلِكَ إنْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَلَا يَسْتَبْلِغُ في الِاسْتِنْشَاقِ لِئَلَّا يَذْهَبَ في رَأْسِهِ وَإِنْ ذَهَبَ في رَأْسِهِ لم يُفْطِرْهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قد وَصَلَ إلَى الرَّأْسِ أو الْجَوْفِ من الْمَضْمَضَةِ وهو عَامِدٌ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ فَطَّرَهُ ( قال الرَّبِيعُ ) وقد +

( قال الشَّافِعِيُّ ) مَرَّةً لَا شَيْءَ عليه ( قال الرَّبِيعُ ) وهو أَحَبُّ إلى وَذَلِكَ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ السِّوَاكَ بِالْعُودِ الرُّطَبِ وَالْيَابِسِ وَغَيْرِهِ بكره وَأَكْرَهُهُ بالعشى لِمَا أُحِبُّ من خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ وَإِنْ فَعَلَ لم يُفَطِّرْهُ وما دَاوَى بِهِ قرحه من رَطْبٍ أو يَابِسٍ فَخَلَصَ إلَى جَوْفِهِ فَطَّرَهُ إذَا دَاوَى وهو ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ عَامِدٌ لِإِدْخَالِهِ في جَوْفِهِ وقال بَعْضُ الناس يُفَطِّرُهُ الرَّطْبُ وَلَا يُفَطِّرُهُ الْيَابِسُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان أَنْزَلَ الدَّوَاءَ إذَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْكُولِ أو الْمَشْرُوبِ فَالرَّطْبُ وَالْيَابِسُ من الْمَأْكُولِ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَإِنْ كان لَا يَنْزِلُهُ إذَا لم يَكُنْ من سَبِيلِ الْأَكْلِ وَلَا الشُّرْبِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا يُفَطِّرَانِ فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ يُفَطِّرُ أَحَدُهُمَا وَلَا يُفَطِّرُ الْآخَرُ فَهَذَا خَطَأٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ له أَنْ يُنَزِّهَ صِيَامَهُ عن اللَّغَطِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَإِنْ شُوتِمَ أَنْ يَقُولَ أنا صَائِمٌ وَإِنْ شَاتَمَ لم يُفَطِّرْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قَدِمَ مُسَافِرٌ في بَعْضِ الْيَوْمِ وقد كان فيه مُفْطِرًا وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ حَائِضًا فَطَهُرَتْ فَجَامَعَهَا لم أَرَ بَأْسًا وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَا أو شَرِبَا وَذَلِكَ أَنَّهُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وقال بَعْضُ الناس هُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا إنْ فَعَلَا وَأَكْرَهُ ذلك لِأَنَّ الناس في الْمِصْرِ صِيَامٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) إمَّا أَنْ يَكُونَا صَائِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَفْعَلَا أؤ يَكُونَا غير صَائِمَيْنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ هذا على الصَّائِمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَوَقَّى ذلك لِئَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ فَيَظُنُّ أَنَّهُ أَفْطَرَ في رَمَضَانَ من غَيْرِ عِلَّةٍ كان أَحَبَّ إلى +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الشُّهُورُ على أَسِيرٍ فَتَحَرَّى شَهْرَ رَمَضَانَ فَوَافَقَهُ أو ما بَعْدَهُ من الشُّهُورِ فَصَامَ شَهْرًا أو ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ ما قَبْلَهُ فَقَدْ قال قَائِلٌ لَا يَجْزِيهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ أو شَهْرًا بَعْدَهُ فَيَكُونُ كَالْقَضَاءِ له وَهَذَا مَذْهَبٌ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّهُ إذَا لم يَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّاهُ أَجْزَأَهُ قَبْلُ كان أو بَعْدُ كان هذا مَذْهَبًا وَذَلِكَ أَنَّهُ قد يَتَأَخَّى الْقِبْلَةَ فإذا عَلِمَ بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قد أَخْطَأَهَا أَجْزَأَتْ عنه وَيُجْزِي ذلك عنه في خَطَأِ عَرَفَةَ وَالْفِطْرِ وَإِنَّمَا كُلِّفَ الناس في الْمَغِيبِ الظَّاهِرُ وَالْأَسِيرُ إذَا اشْتَبَهَتْ عليه الشُّهُور فَهُوَ مِثْلُ الْمَغِيبِ عنه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قال الرَّبِيعُ ) وَآخِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إذَا صَامَهُ على الشَّكِّ حتى يُصِيبَهُ بِعَيْنِهِ أو شَهْرًا بَعْدَهُ وَآخِرُ قَوْلِهِ في الْقِبْلَةِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ إذَا تَأَخَّى وَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا كان تَأَخِّيهِ بِلَا دَلَالَةٍ وَأَمَّا عَرَفَةُ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فَيُجْزِيهِ لِأَنَّ هذا أَمْرٌ إنَّمَا يَفْعَلُهُ بِاجْتِمَاعِ الْعَامَّةِ عليه وَالصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ شَيْءٌ يَفْعَلُهُ في ذَاتِ نَفْسِهِ خَاصَّةً

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ لو أَصْبَحَ ينوى صَوْمَهُ تَطَوُّعًا لم يُجْزِهِ من رَمَضَانَ وَلَا أَرَى رَمَضَانَ يُجْزِيهِ إلَّا بِإِرَادَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا لَا يجزى إلَّا بِنِيَّةٍ فَرْقًا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ مُقِيمًا نَوَى الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ مُسَافِرًا لم يُفْطِرْ يَوْمَهُ ذلك لِأَنَّهُ قد دخل في الصَّوْمِ مُقِيمًا ( قال الرَّبِيعُ ) وفي كِتَابٍ غَيْرِ هذا من كُتُبِهِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ حَدِيثٌ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حين أَفْطَرَ بِالْكَدِيدِ أَنَّهُ نَوَى صِيَامَ ذلك الْيَوْمِ وهو مُقِيمٌ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَوَاهُ من اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ قبل الْفَجْرِ كان كَأَنْ لم يَدْخُلْ في الصَّوْمِ حتى سَافَرَ وكان له إنْ شَاءَ أَنْ يُتِمَّ فَيَصُومُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَأَخَّى الرَّجُلُ الْقِبْلَةَ بِلَا دَلَائِلَ فلما أَصْبَحَ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ كانت عليه الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ صلى حين صلى على الشَّكِّ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد نهى عن صِيَامِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا نهى عنه عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على الرِّفْقِ بِالنَّاسِ لَا على التَّحْرِيمِ وَلَا على أَنَّهُ لَا يجزئ وقد يَسْمَعُ بَعْضُ الناس النهى وَلَا يَسْمَعُ ما يَدُلُّ على مَعْنَى النَّهْيِ فيقول بالنهى جُمْلَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالدَّلِيلُ على ما قُلْت لَك أَنَّهُ رُخْصَةٌ في السَّفَرِ أَنَّ
مَالِكًا أخبرنا عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بن عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَصُومُ في السَّفَرِ وكان كَثِيرَ الصَّوْمِ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شِئْت فَصُمْ وَإِنْ شِئْت فأفطر
أخبرنا مَالِكٌ عن حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال سَافَرْنَا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في رَمَضَانَ فلم يَعِبْ الصَّائِمُ على الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ على الصَّائِمِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا دَلِيلٌ على ما وَصَفْت فَإِنْ قال إنْسَانٌ فإنه قد سَمَّى الَّذِينَ صَامُوا الْعُصَاةَ فَقَدْ نهى النبي عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ لِلتَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ كان مُحَارَبًا عَامَ نهى عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ فَأَبَى قَوْمٌ إلَّا الصِّيَامَ فَسَمَّى بَعْضَ من سمع النَّهْيَ الْعُصَاةَ إذْ تَرَكُوا الْفِطْرَ الذي أُمِرُوا بِهِ وقد يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قد قِيلَ لهم ذلك على أَنَّهُمْ تَرَكُوا قَبُولَ الرُّخْصَةِ وَرَغِبُوا عنها وَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا إنَّمَا نَقُولُ يُفْطِرُ أو يَصُومُ وهو يَعْلَمُ أَنَّ ذلك وَاسِعٌ له فإذا جَازَ ذلك فَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيْنَا لِمَنْ قوى عليه +


( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ روى ليس من الْبِرِّ الصِّيَامُ في السَّفَرِ قِيلَ ليس هذا بِخِلَافِ حديث هِشَامِ بن عُرْوَةَ وَلَكِنَّهُ كما وَصَفْت إذَا رَأَى الصِّيَامَ بِرًّا وَالْفِطْرَ مَأْثَمًا وَغَيَّرَ بر ( ( ( برغبة ) ) ) رغبة عن الرُّخْصَةِ في السَّفَرِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ الْفَجْرَ قبل أَنْ يَصِلَ إلَى بَلَدِهِ أو الْبَلَدِ الذي ينوى الْمُقَامَ بِهِ وهو ينوى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَزْمَعَ الْفِطْرَ ثُمَّ أَزْمَعَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْفَجْرِ لم يُجْزِهِ في حَضَرٍ كان أو في سَفَرٍ وَإِنْ سَافَرَ فلم يَصُمْ حتى مَاتَ فَلَيْسَ عليه قَضَاءُ ما أَفْطَرَ لِأَنَّهُ كان له أَنْ يُفْطِرَ وَإِنَّمَا عليه الْقَضَاءُ إذَا لَزِمَهُ أَنْ يَصُومَ وهو مُقِيمٌ فَتَرَكَ الصَّوْمَ فَهُوَ حِينَئِذٍ يُلْزَمُ بِالْقَضَاءِ وَيُكَفَّرُ عنه بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ لَا يَصِحُّ حتى يَمُوتَ فَلَا صَوْمَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ



* بَابُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ *



(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ له ليس بِثَابِتٍ إنَّمَا حدثه الزُّهْرِيُّ عن رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ وَلَوْ كان ثَابِتًا كان يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمَا على مَعْنَى إنْ شَاءَتَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كما أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يقضى نَذْرًا نَذَرَهُ في الْجَاهِلِيَّةِ وهو على مَعْنَى إنْ شَاءَ قال فما دَلَّ على مَعْنَى ما قُلْت فإن الظَّاهِرَ من الْخَبَرِ ليس فيه ما قُلْت


( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن طَلْحَةَ بن يحيى عن عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عن عَائِشَةَ قالت دخل على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت إنَّا خَبَّأْنَا لَك حَيْسًا فقال أَمَا إنِّي كُنْت أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له لو كان على الْمُتَطَوِّعِ الْقَضَاءُ إذَا خَرَجَ من الصَّوْمِ لم يَكُنْ له الْخُرُوجُ منه من غَيْرِ عُذْرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ منه لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ من عَمَلٍ عليه تَمَامُهُ من غَيْرِ عُذْرٍ إذَا كان عليه أَنْ يَعُودَ فيه لم يَكُنْ له أَنْ يَخْرُجَ منه +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاعْتِكَافُ وَكُلُّ عَمَلٍ له قبل أَنْ يَدْخُلَ فيه أَنْ لَا يَدْخُلَ فيه فَلَهُ الْخُرُوجُ قبل إكْمَالِهِ وَأَحَبُّ إلى لو أَتَمَّهُ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَقَطْ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ أَمَرْته إذَا أَفْسَدَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَنْ يَعُودَ فِيهِمَا فَيَقْضِيَهُمَا مَرَّتَيْنِ دُونَ الْأَعْمَالِ قُلْنَا لَا يُشْبِهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا ما سِوَاهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ يمضى في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ على الْفَسَادِ كما يمضى فِيهِمَا قبل الْفَسَادِ وَيُكَفِّرُ وَيَعُودُ فِيهِمَا وَلَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ لم يَمْضِ فيها ولم يَجُزْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاسِدَةً بِلَا وُضُوءٍ وَهَكَذَا الصَّوْمُ إذَا أُفْسِدَ لم يَمْضِ فيه أو لَا تَرَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُتَطَوِّعًا كان أو وَاجِبًا عليه كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَلَا يُكَفِّرُ في الصَّلَاةِ على كل حَالٍ وَلَا في الِاعْتِكَافِ وَلَا في التَّطَوُّعِ في الصَّوْمِ وقد رَوَى الَّذِينَ يَقُولُونَ بِخِلَافِنَا في هذا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ صلى رَكْعَةً وقال إنَّمَا هو تَطَوُّعٌ وَرَوَيْنَا عن بن عَبَّاسٍ شَبِيهًا بِهِ في الطَّوَافِ * بَابُ أَحْكَامِ من أَفْطَرَ في رَمَضَانَ * +

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى من أَفْطَرَ أَيَّامًا من رَمَضَانَ من عُذْرِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ قَضَاهُنَّ في أَيِّ وَقْتٍ ما شَاءَ في ذِي الْحِجَّةِ أو غَيْرِهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ مُتَفَرِّقَاتٍ أو مُجْتَمَعَاتٍ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ } ولم يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ وقد بَلَغَنَا عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا أَحْصَيْت الْعِدَّةَ فَصُمْهُنَّ كَيْفَ شِئْت ( قال ) وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ مَرِضَ أو ( ( ( وسافر ) ) ) سافر الْمُفْطِرُ من رَمَضَانَ فلم يَصِحَّ ولم يَقْدِرْ حتى يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ قَضَاهُنَّ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ فَرَّطَ وهو يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُومَ حتى يأتى رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الرَّمَضَانَ الذي جاء عليه وَقَضَاهُنَّ وَكَفَّرَ عن كل يَوْمٍ بِمُدِّ حِنْطَةٍ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا أَطَاقَتَا الصَّوْمَ ولم تَخَافَا على ولديهما لم تفطرا فإن خافتا على ولديهما أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد حنطة وصامتا إذا أمنتا
على وَلَدَيْهِمَا

(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَالُ التي يَتْرُكُ بها الْكَبِيرُ الصَّوْمَ أَنْ يَكُونَ يُجْهِدُهُ الْجَهْدَ غير الْمُحْتَمَلِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ زَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً أَفْطَرَ وَإِنْ كانت زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً لم يُفْطِرْ وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ على وَلَدِهَا أَفْطَرَتْ وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ فَأَمَّا ما كان من ذلك مُحْتَمَلًا فَلَا يُفْطِرُ صَاحِبُهُ وَالصَّوْمُ قد يُزِيدُ عَامَّةَ الْعِلَلِ وَلَكِنْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً وَيُنْتَقَصُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ مُحْتَمَلٌ فإذا تَفَاحَشَ أَفْطَرَتَا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ إذَا لم يُطِقْ الصَّوْمَ الْفِدْيَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ يَسْقُطُ عنه فَرْضُ الصَّلَاةِ إذَا لم يُطِقْهَا وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّوْمِ قِيلَ ليس يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّلَاةِ في حَالٍ تُفْعَلُ فيها الصَّلَاةُ وَلَكِنَّهُ يصلى كما يُطِيقُ قَائِمًا أو قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا فَيَكُونُ بَعْضُ هذا بَدَلًا من بَعْضٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُ الصَّلَاةِ بَدَلًا من الصَّلَاةِ وَلَا الصَّلَاةُ بَدَلًا من شَيْءٍ فَالصَّوْمُ لَا يجزئ فيه إلَّا إكْمَالُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ حَالِ صَاحِبِهِ وَيُزَالُ عن وَقْتِهِ بِالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فيه كما يَكُونُ بَعْضُ الصَّلَاةِ قَصْرًا وَبَعْضُهَا قَاعِدًا وقد يَكُونُ بَدَلًا من الطَّعَامِ في الْكَفَّارَةِ وَيَكُونُ الطَّعَامُ بَدَلًا منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ مَرِضَ فلم يَصِحَّ حتى مَاتَ فَلَا قَضَاءَ عليه إنَّمَا الْقَضَاءُ إذَا صَحَّ ثُمَّ فَرَّطَ وَمَنْ مَاتَ وقد فَرَّطَ في الْقَضَاءِ أُطْعِمَ عنه مَكَانَ كل يَوْمٍ مِسْكِينٌ مُدًّا من طَعَامٍ +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْأَيَّامَ التي نهى عن صَوْمِهَا وَهِيَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَأَيَّامُ مِنًى وَقَضَاهَا وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الذي يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ وقد مَضَى من النَّهَارِ شَيْءٌ أو كان يوم فِطْرٍ قَضَاهُ وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا فَأَحَبُّ إلى أَنْ يَصُومَ الْغَدَ بِالنِّيَّةِ لِصَوْمِ يَوْمِ النَّذْرِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم أَرَهُ وَاجِبًا +

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يوم الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يوم فِطْرٍ أَفْطَرَ وَقَضَاهُ وَمَنْ نَوَى أَنْ يَصُومَ يوم الْفِطْرِ لم يَصُمْهُ ولم يَقْضِهِ لأنه ( ( ( لأن ) ) ) ليس له صَوْمُهُ وَكَذَلِكَ لو أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِهَا لم تَصُمْهُ ولم تَقْضِهِ لِأَنَّهُ ليس لها أَنْ تَصُومَهَا ( قال الرَّبِيعُ ) وقد قال الشَّافِعِيُّ مَرَّةً من نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَوَافَقَ يوم عِيدٍ لم يَكُنْ عليه شَيْءٌ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ فَقَدِمَ في بَعْضِ النَّهَارِ لم يَكُنْ عليه شَيْ

ءٌ

الكاتب:  msobieh [ الاثنين يونيو 15, 2015 1:20 am ]
عنوان المشاركة:  Re: فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

msobieh كتب:
للرفع

تعظيما للفائدة وللتكملة بإذن الله

الكاتب:  حامد الديب [ الخميس إبريل 15, 2021 12:08 am ]
عنوان المشاركة:  Re: فقه ... كتاب الصيام للامام الشافعى

msobieh كتب:
msobieh كتب:
للرفع

تعظيما للفائدة وللتكملة بإذن الله

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group
http://www.phpbb.com/