موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 29, 2020 4:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
msobieh كتب:

أذواق .. وتحقيق .. وبدايات .. ونهايات ...

للبعض وللبعض وللبعض وللبعض ...

أكرمكم الله ...

molhma كتب:

كلّما قلتُ قد دنا حَلُّ قَيدي

قَيَّدوني وأوثقوا المِسْمــارا



أعزكم الله و أكرمكم دنيا ودين مولانا الكريم الفاضل حفظكم الله و متعكم بالصحة والعافية وبارك لكم في عمركم اللهم آمين
لا حرمنا الله مروركم العطر الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
<6>
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث السادس يُستجابُ لأحدكم
حكايا من أحوال العارفين والعناية الربانية لهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:  
قال رسول الله ﷺ : " يُستجابُ لأحدكم ما لم يَعْجَلْ فيقول دعوتُ فلم يُستجب لي".

والعَجَلَةُ هنا من غَلَبَةِ الإشتغال بالقَصْدِ دون خالقه، وهذا من نُقصان المعرفة، فإن العارف لا يشغله شيء عن ربه.

وسنذكر من أحوال العارفين أشياء بقصد التبرك بِذِكْرِهِم، قال الله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ) وقال سبحانه: [نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ] .

وفي الخبر: اذكروا الصالحين، عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. فلولا ذلك لما كان ينبغي لنا أن نشتغل بذكر غير الله تعالى، ومع ذلك فإن الله تعالى معنا، قال تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ).

حكايا من أحوال العارفين والعناية الربانية لهم
حُكِيَ أن عبدالواحد بن زيد رحمه الله قال: قصدتُ بيتَ المقدس فأضلَلْتُ طريقي، فإذا بإمرأة أقبلت إليَّ فقلتُ لها: يا غريبة، أنت ضالَّة؟
قالت: كيف يكون غريباً مَنْ يعرفه، وكيف يكون ضالاً من يُحِبُّهُ؟
ثم قالت: خذ رأس عصاي وتقدَّم بين يديَّ مشيا.
فأخذتُ رأسَ عصاها، ومشيت بين يديها سبعة أقدام أقل أو أكثر، فإذا أنا في مسجد بيت المقدس، فدلَّكتُ عيني، قلت: لعل هذا غلط مني.
فقالت: يا هذا سيرك سير الزاهدين، وسيري سير العارفين، فالزاهد يسير، والعارفُ يطير، وأنَّى يلحق السَّيَّارُ الطَّيَّارَ؟ ثم غابت فلم أرها بعدها.

قال أبو عمران الواسطي رحمه الله: كنت راكباً البحرَ، إذ انكسرت السفينة، وبقيتُ أنا وامرأتي، فولدت ولدا، فأرادت الماء، فرفعتُ رأسي إلى السماء، فإذا رجلٌ جالسٌ على الهواء، وفي يده ركوة من ياقوتةٍ حمراء في سلسلة من ذهب، وقال :خذْ، فسألته عن ذلك، فقال: تركتُ هواي، فأجلسني في الهواء.

وحُكِيَ أن عبدالواحد بن يزيد قال: لأبي عاصم الربعي: كيف صنعتَ حين طلبك الحَجَّاج ؟
 قال: كنت في بيتي فوقفوا على الباب ليدخل عليَّ الرسولُ فصرتُ مدهوشا، فإذا بيدٍ أخذت بيدي وجرَّتني قدَماً أو أكثر، فنظرتُ فإذا أنا علي جبلِ أبي قبيس.

وحُكِيَ أن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه قال: مررتُ براعٍ فقلت له: هل عندك شُربةً من الماء أو من اللبن؟
قال: أيُّهما أحبُّ إليك؟
 قلت: الماء.
 قال: فضرب بعصاه حجراً صَلداً لا صدْعَ فيه، فانبجس من الماء، فشربتُ منه وهو أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وبقيتُ متعجباً!،
فقال الراعي: لا تتعجب فإن العبد إذا أطاع الله أطاعه كلُّ شيء.

وكانت لرابعة البصرية سَلَّةٌ معلقة في بيتها، فكلما أرادت الطعام، ضربت بيدها إلى السلة فوجدتْ فيها أي الطعام شاءت.

وقال شيخ الطائفة الحسن رضي الله عنه: خرج سلمانُ الفارسي رضي الله عنه من المدائن ومعه ضيف، فإذا بظباءٍ تسير في الصحراء، وطيور تطير في الهواء،
فقال سلمان: ليأتني ظبيٌ وطيرٌ سمينان، فقد جاءني ضيفٌ أحب إكرامه، فجاء كلاهما،
فقال الرجل: سبحان الذي سخَّر لك الطيرَ في الهواء، قال: أوَ تتعجبُ من هذا؟ هل رأيتَ عبداً أطاع الله فعصاه الله؟!.

قال عبد الواحد بن زيد: بينما أنا وأيوب السختياني نسير في طريق الشام، فإذا نحن بأسودَ أقبل إلينا يحمل كارة حطب، فقلت: يا أسودُ مَن ربُك؟
قال: ألمثلي تقول هذا؟! فرفع رأسه إلى السماء، وقال: إلهي حوِّل هذا الحطب ذهباً، فإذا هو ذهب!ثم قال: أرأيتم هذا؟ قلنا: نعم.
قال: اللهم رُدَّه حطباً، فصار كما كان أولاً، ثم قال: سَلُوا، فإن العارفين لا تفنى عجائبهم.
فقال أيوب: بقيتُ خَجِلاً من العبد، واستحييتُ منه حياءً ما استحييت مثله من قبل ذلك من أحد قط، ثم قلت: أمَعَكَ شيءٌ من الطعام؟
قال: فأشار فإذا بين أيدينا جامٌ فيها عسل، أشد بياضاً من الثلج، وأطيب ريحاً من المسك، قال: كلوا فوالله الذي لا إله إلا هو, ليس هذا من بطن النحل، فأكلنا فما رأينا شيئاً أحلى منه، فتعجَّبنا.
 فقال: ليس بعارفٍ من تعجّب من الآيات، ومن تعجب فهو بعيد من الله، ومن عَبَدَه على رؤية الآيات فهو جاهل بالله.رحم الله ذلك الأسودَ، ما أعرفَه بالله.

وقد كنتُ حاجاً وأردتُ التلبية، فأخذت منديلاً لي فغسلته، وقطعته نصفين، ثم اتزرت بنصف، وارتديت بنصف آخر لحاجة، فإذا بهاتف يهتف:
انظر ما بين يديك! فنظرتُ فإذا الباديةُ فضةٌ كلُّها، فغمضتُ عيني ومضيت، وقلت: اللهم إني أعوذ بك من كل إرادةٍ سواك.

وحكي أن رجلاً من العارفين فرغ من أعمال الحج وأركانه، ثم أخذ يُحرم مرة أخرى، وقال: لبيك اللهم لبيك، فقيل له: يا هذا! إن وقت الحج والتلبية قد مضى، فقال: قد أحرمتُ من الوطن إلى زيارة البيت، والآن أحرمت من البيت إلى صاحب البيت، فقيل هنيئاً لمن أحرم عن غيره.

وحُكي أن هرم بن حيّان رحمه الله قال: كنتُ أسيرُ على شاطئ الدجلة فإذا أنا برجُلٍ أقبل إليّ وعليه سيما العارفين، فسلمت عليه فقلت له: كيف حالك وشأنك؟ فقال: (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا) يا هرم بن حيّان! اشتغلْ بما يعنيك، فقلت: رحمك الله! مِن أينَ عرفتَ اسمي واسمَ أبي؟ وما رأيتك قبل اليوم؟
فقال: أما عرفتَ أنَّ العارفين يتعارف بعضُهم بعضاً بنور المعرفة، قال:
فتعجبتُ من حسن فصاحته، وتحيَّرتُ من هيبته.

وقال ذو النون رضي الله عنه: بينما أنا أسير فإذا أنا بقريةٍ والناسُ يصيحون، فدنوتُ فإذا أسودُ يسخرون به، فرفع رأسه إليّ وقال: يا ذا النون اعرف قدرَ الله، ولا تمُنَّ على الله، فإن الحبيبَ لا يمُنُّ على الحبيب.
فسألتُ عن حاله، قيل إنه مجنون لا يجالس الناس، ولا يأكلُ في أربعين يوماً إلا أكلةً واحدة، ثم نظر إلى السماء وقال:
يا غايةَ هِمَم العارفين، إن عرفتُكَ فبمواهبك، وإن شكرتك فبعصمتك.

وقال ذو النون أيضاً: بينما أنا أسيرُ على شاطئ النيل، فإذا أنا بجارية منطلقة في النيل، وقد اضطربت أمواجه، وتقول:
إلهي! ترى ما تفعل بي؟
فقلت: يا جارية أتشكِينَ منه وهو صاحب كل بَرٍّ وفاجر!
فقالت: يا ذا النون أنتَ الذي إذا شكرتَ شكرتَ منه، وإذا سخطتَ سخِطتَ عليه.
قلت: يا جارية! من أين عرفت اسمي وما رأيتِني؟
فقالت: عرفتك بنور معرفة الجبّار.
فقلت لها: اتجدين وحشةً للوَحدة؟
قالت: لا والذي نوَّر قلبي بنور معرفته، ما سكن قلبي قطّ إلى غيره،فإنه مؤنسُ الأبرار في الخلوات، وصاحبُ الغرباء في الفلوات.

وقال جدُّ والدتي العارفُ الواسطي رحمه الله: بينما أنا أمشي في البادية، إذ أعرابيّ جالس منفرداً، فدنوت منه وسلّمتُ عليه، فردَّ عليّ السلام وأبي أن أكلِّمه.
فقال: اشتغلْ بذكر الله فإن ذكرَ الله شفاءُ القلوب.
ثم قال: كيف يتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته، والموت في أثره، والله ناظرٌ إليه؟ ثم بكى وبكيت معه.
فقلت له: ما لي أراك فريداً وحيداً؟!
قال: ما أنا بوحيد والله معي، وما أنا بفريد والله مؤانسي، ثم قام ومضى مسرعاً، وهو يقول:
 سيدي، أكثر خلقك مشغولون عنك بغيرك، وأنت عِوَضٌ عن جميع ما فات، يا صاحب كل غريب! ويا مؤنس كل وحيد! ويا مأوى كل فريد! وجعل يمُرُّ وأنا أتبعه، ثم أقبل إلىَّ وقال:
 ارجعْ -عافاك الله- إلى من هو خير لك مني، ولا تشغلني عمن هو خير لي منك، ثم غاب عن بصري.

وحُكي أن عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال: مررتُ براهبٍ فسألته: منذ كم أنت في هذا المكان؟
 فقال: منذ أربع وعشرين سنة، قلت: من أنيسك؟
قال: الفرد الصمد، قلت: من المخلوقين؟ قال: الوحش.
قلت، فما طعامك؟ قال: ذكر الله، قلت: مِنَ المأكول، قال: ثمار هذه الأشجار، ونبات الأرض.
 فقلت: أما تشتاق إلى أحد؟ قال: نعم إلى حبيبِ قلوب العارفين.
قلت: إلى المخلوقين، قال: مَن كان شوقه إلى الله فكيف يشتاق إلى غيره؟
قلت: فلِمَ اعتزلتَ عن الخَلْق؟ قال: لأنهم سَرَّاق العقول، وقُطّاع طريق الهدى.
قلت: ومتى يعرف العبد طريق الهدى؟ قال: إذا هرب إلى ربه من كل ما سواه. واشتغل بذكره عن كل مَن سواه.

قال هرم بن حيان: رأيت أويس بن عامر فسلمتُ عليه، فقال: وعليك السلام يا هَرِمُ بن حيان، فقلت: كيف عرفْتَ اسمي واسم أبي؟
قال: عَرَفَت روحي روحَك بنور معرفة ربي، قلت: إني أحبك في الله.
قال: ما أظن أن أحداً يحب غير الله فكيف يحب غير الله لله؟.
قلت: أريد الصحبة معك، والأنس بك.
قال: ما ظننت عارفاً يستوحش عن الله حتى يستأنس بغيره.
قلت: أوصني، قال: أوصيك بالله سبحانه، فإنه عِوَضٌ عن كل ما فاتك.

وقال ذو النون المصري: كنتُ أسير في بعض المفاوز، فإذا أنا برجل مُتَّزِر بحشيش، مرتد بحشيش، فسلمتُ عليه فرد عليّ السلام، ثم قال: من أين الفتى؟ قلت: من مصر، قال: إلى أين؟ قلت: أطلب الأنس بالمولى.
قال: اترك الدنيا والعُقبى، يصح لك الطلب.
قلت: هذا كلامٌ صحيح، صحَّحْهُ لي، قال، أتتهمنا فيما نقول؟ وقد أُعطينا خيراً مما نقول، وهو المعرفة.
قلت: ما أتهمك، ولكني أريد أن تزيدني نوراً على نور.
 فقال: يا ذا النون! انظر فوقك،[فنظرتُ] فإذا السماء والأرض كأنهما ذهب يتوقد ويتلألا.
قال: اغضض بصرك،[فغضضتُ] فصارتا كما كانتا!
فقلت: كيف السبيل إلى هذا؟ قال: تفرَّد بالفرد إن كنت له عبداً.

وقال محمد المقدسي رحمه الله: دخلتُ دار المجانين يوماً بالشام، فرأيت فيها شاباً على رقبته غُلٌ، وعلى رجليه قَيد، مشدود بالسلسلة، فلما وقع بصره عليّ، قال لي: يا محمد! أترى ما فعل بي؟ وأشار بطرفه نحو السماء، ثم قال:
جعلتك رسولاً إليه أن تقول له: لو جعلتَ السموات غلاً على عنقي، والأرضين قيداً على رجلي، ما التفتُّ منك إلى غيرك طرفة عين، ثم أنشأ يقول:

على بُعدكَ لا يصبرُ

 مَن عادته القُرْبُ

ولا يقوى على قطعِكَ

 مَن تيَّمَهُ الحُبُّ

إذا لم تَرَكَ العَينُ

 فقد أبصركَ القلبُ


 








_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 29, 2020 4:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
سلمت يداكى وجزاكى الله خيرا الاخت الفاضلة ملهمه

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 30, 2020 4:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
أعزكي الله أختي الكريمة حفظك الله وأكرمك وأسعدني مرورك العطر


بسم الله الرحمن الرحيم
<7>
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث السابع الله يرضى لكم ويكره لكم
العارفين بالله-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:  
قال رسول الله ﷺ: " إِنَّ اللَّهَ تعالى يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثً, وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ, وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تفرقوا، وأن تُناصِحوا من ولاّه الله أمرَكم، ويكره لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ".

وفي هذا الحديث الشريف من رقائق أحكام المعرفة بالله، ما يكفي العارف عن غيره، فإن الأسرار المطلوبة فيه هي سلم المصطفَين الأخيار إلى الله تعالى.

العارفين بالله
أي سادة! إن لله تعالى عباداً اصطفاهم لمعرفته، وخصهم بمحبته، واختارهم لصحبته، واجتباهم لمؤانسته، وقرّبهم لمناجاته، وحرّضهم على ذكره، وأنطقهم بحكمته، وأذاقهم من كأس محبته، وفضلهم على جميع خلقه حتى لم يريدوا به بدلاً، ولا سواه كفيلاً، ولا دونه ناصراً ومعيناً ووكيلا.
ولقد سبقوا مَن دونهم سَبقاً لا بكثرة الأعمال، ولكن بصحة الإرادات، وحسن اليقين، مع دقائق الورع، والانقطاع بالقلب إليه، وتصفية السر عن كل ما دون الحق.
فأذاقهم الله طعم لُباب معرفته، وأنزلهم في حظيرة قدسه، لا يصبرون عن ذكره، ولا يشبعون من بِرِّه، ولا يستريحون لغيره.
فيا طوبى لهم! هم الأقلون عدداً، والأعظمون خَطَراً، بهم يحفظ الله محبته، حتى يؤدوها إلى نظرائهم.
فيا طوبى لهم! هم الزاهدون فيما رغب فيه الغافلون، والمستأنسون فيما استوحش منه الجاهلون، والمشتاقون إلى ما هرب عنه الساهون، هم الذين نظروا بأعين القلوب، إلى حُجُبِ الغيوب، وجالتْ أرواحُهم في الملكوت، فَهِمَّتُهُم في سِرِّهم، وسِرُّهم عند ربهم، به يستمعون، وبه ينظرون، وبه يريدون، وبه يتحركون، قلوبهم بحبها مستأنسة بأنسها.

قال أبو يزيد رحمه الله: الناس يصيحون من إبليس، وهو يصيح مني!،  
قيل له: كيف هذا والمصطفى عليه السلام كان مأموراً بالصياح منه، في قوله تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ).  
قال: لأن الله تعالى أمره في هذه الآية بالاعتصام به، وتفويض الأمر إليه، وفَرْقٌ بين الصياح من إبليس، وبين الاعتصام بالله، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ).

قال ذو النون: للعارف نار ونور، نار الخشية، ونور المعرفة، فظاهره محترق بنار الخشية، وباطنه مُنَوَّرٌ بنور المعرفة.
فالدنيا تبكي بعين الفناء عليه.
والآخرة تضحك بِسَنِّ البقاء إليه.
فكيف يقدر الشيطان أن يدنو منه ظاهراً وباطناً إلا كالبرق الخاطف? أو كالريح العاصف.
فإن أتاه عارضٌ من قِبَلِ العَين، أحرقته نار العَبْرة.
وإن أتاه مِن قبل النفس، أحرقته نار الخدمة.
وإن أتاه من قبل العقل، أحرقته نار الفكرة.
وإن أتاه من قبل القلب، أحرقته نار الشوق والمحبة.
وإن أتاه من قبل السر، أحرقته نار القرب والمشاهدة.
فتارةً يحترق قلبه بنار الخشية، وتارة يتشفى بنور المعرفة، فإذا امتزجت نار الخشية ونور المعرفة، هاجت ريح اللطف من سرادقات الأنس والقُربة، فيظهر صفاء الحق للعبد، فتراها تلاشت الأنانية، وبقيت الألوهية كما هو في الأزل.

قال أبو سليمان: يُفتح للعارف وهو نائم على فراشه، ما لا يفتح لغيره وهو في صلاته.

قال أبو يزيد رحمه الله: أدنى مقامات العارف أن يمر على الماء، ويطير في الهواء، وأعلاها أن يمر على الدارين من غير أن يلتفتَ إلى مَن سواه.

قال أبو بكر الواسطي رحمه الله: دوران العارف مع محبوبه على أربعة أوجه:
1-سرور المعرفة، وهو ممزوج برؤية حسن العناية.
2-حلاوة الخدمة، وهو ممزوج بذكر المِنّة.
3-أنس الصحبة، وهو ممزوج بلذائذ القربة.
4-خوف المفارقة، وهو ممزوج بتحقيق كمال القدرة.

وقال ذو النون: العارف بين البر والذكر، لا اللهُ يمل من بِرِّه، ولا العارف يشبع من ذكره.

سئل بعضهم عن قوله تعالى (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى)، فقال: أضحك العارفين بسرور معرفته ثم أبكاهم من خوف مفارقته، وأمات من شاء بسيف قطيعته، أوحيى من شاء بروح وَصْلَتِه، ليعلم الخلائق أنه فعال لما يريد.

وقيل لعائشة رضي الله عنها: كيف يحاسب المؤمنون العارفون؟ فقالت: ليس مع العارفين حساب، ولكن معهم عتاب.

وروي أن سليمان عليه الصلاة والسلام نظر إلى مملكته يوماً، فأمر الله تعالى الريح حتى كشف عورته، فقال للريح، رُدَّ عليَّ ثوبي، فقال الريح، رُدَّ قلبك إلى مكانه.
 فطوبى لأهل المعرفة، عرفهم أنفسهم قبل أن يعرفوه، وأكرمهم قبل أن يعرفوا الكرامة.
أولئك أقوام أنفسهم روحانية، وقلوبهم سماوية، وهمومهم مَرْضِيَّة، وصدورهم جَزِعة، وقلوبهم خائفة، وأعينُهم دامعة، عقلوا فعلموا، ووجدوا فرحلوا، وانفتح لهم نور القلب.

لله قومٌ مُصْطَفَونَ لنفسِهِ

 إختارَهم(1) من سالفِ الأزمانِ

اختارَهم من قبلِ فِطرةِ خَلقِهِم

فيهم ودائعُ حِكمةٍ وبيانِ

 





_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 01, 2020 5:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الثامن الحياء من الإيمان
كلام أهل المعرفة-مٌراد الصالحين-قيمة الحكمة-
عن سالم، عن أبيه أن رسول الله ﷺ مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء،
فقال رسول الله ﷺ : "الحياء من الإيمان" (1)

والحياء الذي يشمل الوجه من الناس، أنموذج عن الحياء الذي يشمل القلب من الله تعالى.
والحياء الشامل للوجه وللقلب: هو من الإيمان بالله وهو طَوْرُ العارفين بالله سبحانه وتعالى، الذي جعل قلوبهم عَيْبَةَ أسراره(2).

وكذلك فإن قلوب العارفين خزائنُ الله في أرضه، وضع فيها ودائع سره، ولطائف حكمته، ودقائق محبته، وأنوار علمه، وإمامةَ معرفته،

كلام أهل المعرفة
فكلامهم هو الكشف عما يشاهد القلب، وإظهار علوم السر، وبيان معاملة الضمير، من تميّز الانفصال عن الاتصال، وبيان الأسباب الشاغلة عن الحق، من الأسباب الداعية إلى الحق.
أما الداعي إلى الخلق: فالدنيا والنفس والخلق.
وأما الداعي إلى الحق: فالعقل واليقين والمعرفة.
كما ورد: "مَنْ عَرَف نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ"(1)، يعني من عرف ما لنفسه، عرف ما لربه.

وكلامهم يدور على خمسة أوجه: به، وله، ومنه، وإليه، وعليه.
وليس في كلامهم: أنا، وإني، ونحن، ولي، وبي.
لأن ألفاظهم فردانية، وحركاتهم صمدانية، وأخلاقهم ربانية، وإرادتهم وحدانية، لا يعرف إشارتهم إلا مَنْ له قلب حريق، فيه خزائن الأسرار، وجواهر القدس، وسُرادِقات الأنوار، وبحار الوداد، ومفاتيح الغيب، وأودية الشوق، ورياض الأنس، فكلما أبرز العارف لسان الحكمة من ينبوع المعرفة بإشارات استأنس بها قلوب المريدين والمشتاقين.

قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور، ومغارفها الألسن، فكل لسانٍ يغرف لك ما في قلبه.

وقيل لأبي بكر الواسطي ما تقول في كلام أهل المعرفة؟
فقال: إن مَثَلَ المعرفة، كمثل سراج في قنديل، والقنديل معلق في بيت، فما دام السراج في البيت، يكون البيت مضيئاً، وربما يفتح الباب فيقع ضوء السراج خارج البيت ويضيء.

كلام أهل المعرفة يقع ضياؤه على قلوب أهل النور فتصير أعينهم دامعة، وألسنتهم ذاكرة. يقول الله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)(2)،،

مثل نفس العارف كمثل البيت، ومثل قلبه كمثل القنديل، دُهْنُهُ من اليقين، وماؤه من الصدق، وفتيله من الإخلاص، والزجاجة من الصفاء والرضاء، وعلائقه من العقل،
فالخوف نار في نور، والرجاء نور في نار، والمعرفة نور في نور.
فالقنديل معلق بباب الكُوَّة، إذا فتح العارف فاهُ بالحكمة التي في قلبه، هاج في كُوَّةِ فمه نورٌ من الأنوار التي في قلبه، فيقع ضياؤه على قلوب أهل النور، فيتعلق النور بالنور،
وإنَّ بعض القول أشدُّ ضوءاً من النهار، وبعضها أشدّ ظلمةً من الليل،

وكلام أهل المعرفة: كنزٌ من كنوز الرب سبحانه، معادنه قلوبُ أهل المعرفة، أمرهم الله تعالى بالإنفاق منه على أهله في قوله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(1).

قيل لبعض العارفين: أي شيء أضوأ من الشمس؟ قال: المعرفة.
قيل: أي شيء أنفع من الماء؟ قال: كلام أهل المعرفة.
قيل: وأي شيء أطيب من المسك؟ قال: وقت العارف.
قيل: وما حِرفةُ العارف؟ قال: النظرُ إلى صُنع الرُّبوبية، وأعلام لطائف القُدرة.

مٌراد الصالحين
قيل لأبي سعيد البلخي(2): لِمَ كان كلام السلف أنفعَ من كلام الخلف؟
قال: لأن مرادهم كان عِزَّ الإسلام، ونجاة النفوس، والشفقةَ على الإخوان، ورضا الرحمن.
ومرادُنا عِزُّ النفس، وثناء الناس، وطلبُ التنعُّم في الدنيا.
فالعبد إذا أطاع ربه، رزقه نهلة ً(أي شربة) من عين المعرفة، وأنطق بها لسانه، وإذا ترك طاعته لم يسلبها، ولكن أبقاها في قلبه، ولم يُنطق بها لسانه، ليكون ذلك حسرةً عليه، وابتلاه بأنواع المِحَن.
وما مِن مؤمنَين يلتقيان فيذكران الله إلا ويزيد الله تعالى في قلوبهما نورَ المعرفة، قبل أن يتفرقا.

إن الله تعالى أطْلعَ أهلَ المعرفة، على تلاطم أمواج بحار خواطر القلوب، وأشرفهم على خزائن الأسرار، وبواطن العلوم التي لا يُحصى عددها، ولا ينقطع مددها، ولا يُدرَكُ قعرها، ولا تُفنى عجائبها، حتى يغوصوا بنور المعرفة في قَعْرِ بواطن إشاراتها المكنونة في معانيها المخزونة، فيستخرجوا عجائبَ فوائد، ولطائفَ زوائد، وحقائقَ إشارات، تحترق منها قلوبُ المحبين، وتستأنس بها أرواح المريدين، وهي نورٌ من أنوار الهداية، يهتدي به العبد إلى طريق حسن الرعاية، إذا أدركه من الحق التوفيق والعناية.

قال يحيى بن معاذ: لقيتُ الحكماء فوجدت أكثرهم مفاليسَ، يفتحون من كيس غيرهم.

وكان للّيث المصري(1) أخ، وكان بالإسكندرية، فلما قدم إليه قال: إني كنت مقبلاً على ربي.
قال: فأين فوائدُ إقبالك على ربك؟ فسكت.
فقال الليث: العبد إذا أقبل على الله بصدق الوفاء، يمده الله بفوائد لم تخطر على قلب بشر.

وكان يحيى بن معاذ يتكلم ذات يوم، فصاح رجل في مجلسه، ومزَّق ثوبه، فقيل له: ما تقول فيه؟
قال كلام أهل المعرفة كلما نبع من عين سر الوحدانية، قرع قلب المحترق بنيران الشوق والمحبة، فتلاشت عن صاحبه صفات الإنسانية.

قيمة الحكمة
كلام المتقين بمنزلة الوحي, وجرت كلمة على لسان بعضهم، فقيل له: مَن حَدَّثك بهذا؟
قال: حدَّثني قلبي عن فكري عن سِرِّي عن ربي،

فإسنادُ الحكمة وجودُها، وهي ضالّة المريد، حيثما وجدها أخذها، فلا يُبالي من أي وعاء خرجت، وبأي لسان نَطَقَت، ومن أي قلب نُقِلَت، أو على أي حائط كُتِبت، أو مِن أي كافر سُمِعَت.

وقد ورد: "مَن أراد أن يؤتيه الله علماً من غير تعلم، وهُدى من غير هداية، فليزهد في الدنيا"،
وإن للحكمة أهلاً وزماناً، وقد مضي زمنها، والأكثرون مِن أهلها، وليس علينا إلا أثر المصيبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
اطلبوا مصابيحَ كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمة اعرفوا شرفها، وكمال فضلها، وإنما اختار لقمانُ الحكمة لشرفها.
هي: برهان الصِدَّيقين، ونزهة المتقين، وفردوس العارفين، وميراث النبيين والمرسلين فاطلبوها قبل ذهابها:

مصابيحُ الأنامِ بكلِّ أرضٍ

هُمُ العلماءُ أبناءُ الكِرامِ

تلألأ عِلمُهُم في كلِّ وادٍ

كنورِ البدرِ لاح بلا غَمامِ



 





_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 01, 2020 5:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7601
molhma كتب:
[size=200]الحديث الثامن الحياء من الإيمان
كلام أهل المعرفة-مٌراد الصالحين-قيمة الحكمة-
عن سالم، عن أبيه أن رسول الله ﷺ مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء،
فقال رسول الله ﷺ : "الحياء من الإيمان" (1)

مثل نفس العارف كمثل البيت، ومثل قلبه كمثل القنديل، دُهْنُهُ من اليقين، وماؤه من الصدق، وفتيله من الإخلاص، والزجاجة من الصفاء والرضاء، وعلائقه من العقل،
فالخوف نار في نور، والرجاء نور في نار، والمعرفة نور في نور.
فالقنديل معلق بباب الكُوَّة، إذا فتح العارف فاهُ بالحكمة التي في قلبه، هاج في كُوَّةِ فمه نورٌ من الأنوار التي في قلبه، فيقع ضياؤه على قلوب أهل النور، فيتعلق النور بالنور،
وإنَّ بعض القول أشدُّ ضوءاً من النهار، وبعضها أشدّ ظلمةً من الليل،

وكلام أهل المعرفة: كنزٌ من كنوز الرب سبحانه، معادنه قلوبُ أهل المعرفة، أمرهم الله تعالى بالإنفاق منه على أهله في قوله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(1).




 





جهد مشكور وعمل مأحور جزاكم الله خيرا .....
ــــــــــــــــــــــــ
#الصَّلواتْ_الطَّيبية..
#الصَّلاة_الكمالية
((اللهم صل على سيدنا محمد السيد الكامل الفاتح الخاتم، نور أنوار المعارف، وسر أسرار العوارف، وصفوة خلقك، وسر علمك، ومرآة ذاتك، ومشهد صفاتك، النبي الذي سما ونما، واتخذ المعراج سلمًا، وأنقذ أمته من النار وحمى، صلاة تكون لك رضاءً، ولحقه أداءً، وأعطه اللهم الوسيلة الكبرى، وسلم تسليمًا كثيرًا عدد ما فوق العرش وما تحت الثرى، يا الله يا الله يا الله إنك على كل شيء قدير))
للقطب الكبير والغوث الشهير سيدي الشيخ احمدالطيب بن البشير
[/size]

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 01, 2020 10:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
حفظكم الله و متعكم بالصحة والعافية شيخنا الجليل الفاضل الشيخ فراج يعقوب كل عام وحضرتك والأسرة الكريمة بألف خير وصحة وسلامة
لا حرمنا الله من مروركم الطيب جبر الله خاطر حضرتك وجزاكم الله خيرا كثيرا

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 02, 2020 4:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث التاسع أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
من أراد أن يتكلم بلسان أهل المعرفة
عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: ((يؤتى بالرجُل يومَ القِيَامَةِ فيقال: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، ويُخفى عنه كِبَارَهَا، فيقال له: عَمِلْتَ كذا وكذا، وعملت يوم كذا: كذا وكذا، قال: وهو مُقِرٌّ ليس يَنْكُر، قال: وهو مُشْفق من الكِبَار أن يُجاءَ بها، فإذا أراد الله به خيراً، قال: أعطوه مكان كل سيئة حسنة، فيقول حين طمع: إن لي ذنوباً ما رأيتها ها هنا " قال: فلقد رأيت رسول الله  ﷺ ضحك حتى بدت نواجذه)). ثم تلا: (فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ).

وهذا الإشفاق هو شيء من أسرار اليقين بالله، وحال من سلطانه، يفرغه في قلوب أهل المعرفة به، ولهذا الحديث الشريف شأن جليل، يُنبئ عن كرم إلهي فوق تعبير اللسان، يعرفه العارفون، ويزلق به الغافلون، ويزداد خوفاً من الله به الموفقون.

من أراد أن يتكلم بلسان أهل المعرفة
أي سادة! من أراد أن يتكلم بلسان أهل المعرفة، فينبغي أن يحفظ أدب كلامه، فلا يكشف دقائقه إلا عند أهله، وأن لا يُحَمِّلَ المريدَ فوق طاقته، ولا يمنع كلامه مَن كان مِن أهله.
ويكون كلامه مع أهل المعرفة: بلسان أهل المعرفة.
ومع أهل الصفا: بلسان الصفا.
ومع أهل المحبة: بلسان المحبة.
ومع أهل الزهد: بلسانهم.
ومع كل صنف على قَدْرِ مراتبهم ومنازلهم، وقدْرِ عقولهم، فإن الله تعالى جعل للعارف هذه الألسن.

نعم؛ كلها تتلاشى عند ظهور سلطان الحق، وينبغي أن لا يُحدِّث بحديث لا يبلغ عقل المستمع إليه، فيكون ذلك فتنة، فإن أكثر الناس جاهلون!، اشتغلوا بعلوم الظاهر، وتركوا علم تصحيح الضمائر، فلا يحتملون دقائق كلام العارفين.
لأن كلماتهم لاهوتية، وإشاراتهم قدسية، وعباراتهم أزلية، فلذلك ينبغي للمستمع أن يكون معه السراج الأزلى، والنور الديمومي،
ويقال: لسان الحال أفصح من لسان المقال، فمن رضي بالحال دون وَليِّ الحال، صار مخذولاً عن الحال، ومحجوباً عن ذي الجلال!
وأي دهشه أشد من دهشة العارف؟ إن تكلم عن حاله هلك! وإن سكت احترق، فمن وَرَدَ قلبه الحضرةَ كَلَّ لسانُه، ومَن غاب قلبه عن الحضرة كثر كلامه.

قال ذو النون رحمه الله: ما رأيت محدثاً في قوم يحدثهم بغفلة إلا كان ذلك قسوة.

وقال بعضهم: سكوت العارف حكمة، وكلامه نعمة.

ويقال: ليس على تحقيق في المعرفة مَن يحدِّث بحديث المعرفة عند أبناء الآخرة، فكيف أبناء الدنيا؟
ما تكلمت مع أحد من الناس، إلا ودعوته إلى الله ثم كلمته.

من لم يكن له حلاوة المعرفة، ورؤية المِنَّة، وشكر النعمة، ولذائذ القُربة، وخوف المفارقة، وأُنس الصُحبة، وإخلاص العبادة، وسرور الهداية، فليس له أن يتكلم بكلام أهل المعرفة، وإن تكلم فلا يحمِّل فوق الطاقة، ولا يمنع أهل الحاجة، ولا يضيع أهل الغفلة.

وحُكي أن رجلاً جاء إلى عارف قال: حدثني!
فقال: إن مثلي معك، كرجل وقع في القاذورات، فذهب إلى العطار، وقال: أين الطِّيْب؟
فقال العطار: اذهب اشتر الأشنان، واغسل نفسك ولباسك، ثم تعال فتطيَّبْ!
وكذلك أنت، لطخت نفسك بأنجاس الذنوب، فخذ أشنان الحسرة،وطين الندامة، وماء التوبة والإنابة، وطهر ظواهرك في إجّانة الخوف والرجاء، من أنجاس الجُرم والجفاء، ثم اذهب إلى حمام الزهد والتقى، واغسل نفسك بماء الصدق والصفاء، ثم ائتني حتى أطيِّبك بعطر معرفتي!.

قال بعض الناس لعارف: إني لأعرف كلامكم! قال: كلام الأخرس لا يعرفه إلا أمُّه.

ومن كلام عيسى عليه الصلاة والسلام: يا صاحب الحكمة! كُن كالطيب الناصح، يضع الدواء حيث ينفع، ويمنع الدواء حيث يضر،

لا تضع الحكمة في غير أهلها، فتكون جاهلاً، ولا تمنعها من أهلها، فتكون ظالماً، ولا تكشف سرك عند كل أحد، فتصير مفتضحاً.

وقال ذو النون رحمه الله: رأيت رجلاً أسود يطوف حول البيت ويقول: أنت، أنت، أنت! ولا يزيد على ذلك اللفظ شيئا.
فقلت: يا عبد الله، أي شيء عَنَيْتَ به؟ فأنشأ يقول:

بين المحبينَ سِرٌّ ليس يُفشيهِ

خَطٌّ ولا قلمٌ عنه فيحيكهِ

نارٌ تقابِلُهُ، أُنسٌ يمازِجُهُ

 نورٌ يخبِّرُهُ عن بعضِ ما فيهِ

شوقي إليه ولا أبغي له بدلاً

هذي سرائرُ كِتمانٍ تُناجيهِ


 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 04, 2020 3:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث العاشرأول من يدخل الجنة
حقيقة علم المعرفة-أفضل العباد
تعلم علم السر-درجات العلماء-مثل المعرفة

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: ((آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ : بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ))(1).

وقد علم أهل العلم بالله، أن الجنة التي هي باب الخير الإلهي الأبدي، لا تُفتح إلا بفتح سيدنا محمد ﷺ لها، فهو الفاتحُ لكل خيرٍ دنيوي وأخروي، والعلمُ بشأنه هو سر العلم بالله تعالى، فمن أراد أن يُفتح له أبواب الخير الدنيوي والأخروي فعليه أن يتعلق بأذياله ﷺ، فإن في نفحاتها علم المعرفة.

حقيقة علم المعرفة
أي سادة! علم المعرفة هو العلم بالله تعالى، وهو نور من أنوار ذي الجلال، وخصلة من أشرف الخصال، أكرم الله به قلوب العقلاء، فزينها بحسن جماله، وعظيم شأنه، وخص به أهل ولايته ومحبته، وفضَّله على سائر العلوم، وأكثر الناس عن شرفه غافلون، وبلطائفه جاهلون، وعن عظيم خَطره ساهون، وعن غوامض معانيه لاهون، فلا يُدركه إلا أرباب القلوب الموفقون.

وهذا العلم: أساسٌ بُنيت عليه سائرُ العلوم، به يُنال خير الدارين، وعز المنزلين، وبه يَعرف العبد عيوب نفسه، ومِنَن ربه، وجلال ربوبيته، وكمال قدرته، به يطيرُ سِرُّ العبد بجناح المعرفة في سرادقات لطائف القدرة، ويجول حول منتهى العزة، ويرتعُ في روضات القدس، فلا تتم العلوم كلها دون امتزاج شيء منه بها، ولا تفسد الأعمال إلا بفقده، ولم تسكن إليه قلوبٌ نظر الله إليها بالرأفة والرحمة، وأمطر عليها أمطار الفهم والبلاغة، وطيبها برياحين اليقين والفِطنة، وجعلها موضع العقل والفراسة، وطهرها من أدناس الجهالة والغفلة، ونوَّرها بمصابيح العلم والحكمة، قال الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(1).
وكل عارف يخشى الله تعالى ويتقيه على مقدار علمه بالله عز وجل، لقوله تعالى:
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(2)، بنوره يعرف وساوس الشيطان، الدافعة إلى المعاصي والزلات، ويحذر به آفات الإرادات، قال الله تعالى: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ)(3).
وقال الله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )(4).

وفي الخبر: "إن من العلم كهيئة المكنون المخزون، لا يعرفها إلا أهل العلم بالله، ولا ينكرها إلا أهل الغرَّة(الغفلة)"(5) وجاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: أي الأعمال أفضل؟ فقال: "العلم بالله"(6).

أفضل العباد
ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب! أي العباد أكثر حسنة، وأرفع درجة عندك؟ قال: أعلمهم بي.

وقال الإمام الجليل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: أعلم الناس بالله أشدهم تعظيماً لحرمة لا إله إلا الله،

قال أبو الدرداء رضي الله عنه : من ازداد بالله علماً ازداد وَجَلا.

وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: أن يا داود تعلم العلم النافع، قال: إلهي، وما العلم النافع؟ قال: أن تعرف جلالي وعظمتي وكبريائي، وكمال قدرتي على كل شيء، فإن هذا الذي يقربك إلي، وإني لا أعذر بالجهالة مَن لقيني.

وقيل لمحمد بن الفضل السمرقندي(1): ما العلم بالله؟ قال: أن ترى قضاءه في الخَلْق مُبْرَماً، والضر والنفع والعز والذل منه، وترى نفسَك لله، والأشياء كلها في قبضته، وأن لا تختار لنفسك غير اختيار، وتعمل لله خالصاً.

تعلم علم السر
يا بني! اجتهد في تعلم علم السر، فإن بركته كثيرة أكثر مما تظن،
يا بني! مَن تعلم علم العلانية دون علم السر هلك وهو لا يشعر.
يا بني! إن أردت أن يكرمك الله بعلم السر فعليك ببغض الدنيا.
واعرف حرمة الصالحين، وأحكِم أمرك للموت.
قال الله تعالى: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)(2). (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ)(3) (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)(4) إلا أنه قال في موضعٍ آخر: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)(5).
فرُبَّ رجل كثير الروايات جاهل بالله.

إنَّ عِلم المعرفة: فضلٌ من الله يؤتيه من اصطفاه مِن خَلقِهِ، واجتباه لصُحبته.

جاء في الخبر: " العلمُ عِلمان، علم باللسان، وهو حجة الله على العباد، وعلم بالقلب، وهو العلم الأعلى"(1)
لا يخشى العبد من الله إلا به وقال ﷺ: "أشدكم لله خشية أعلمكم بالله"(2).

درجات العلماء
وقال سفيان الثوري(3) رحمه الله: العلماء ثلاثة:
1-عالمٌ بأمر الله غير عالم بالله؛ فذلك العالم الفاجر الذي لا يصلح إلا للنار!
2-وعالم بالله غير عالم بأمره؛ فذلك ناقص!.
3-وعالم بالله وبأمره به، فهو العالم الكامل.

قيل لبعض العارفين: ما سبيل معرفة الله؟ قال: ليس يُعرَف بالأشياء؛ بل تُعرَف الأشياء به، كما قال ذو النون: عرفتُ الله بالله، وعرفتُ ما دون الله بنور الله.

وقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: إلهي! لولا أنت، كيف كنتُ أعرف مَن أنت؟

ومِثله عن رابعة العدوية قالت لذي النون: كيف عرفت الله؟ قال: رزقني الحياء، وكساني المراقبة، فكلما هممتُ بمعصية ذكرتُ جلال الله فاستحييت منه.

مثل المعرفة
مثل المعرفة كشجرة لها ستة أغصان، أصلها ثابت في أرض اليقين والتصديق، وفرعها قائم بالإيمان والتوحيد.
فأول أغصانها: الخوف والرجاء مقرونين بغصن الفكرة.
والثاني: الصدق والوفاء مقرونين بغصن الإخلاص.
والثالث: الخشية والبكاء مقرونين بغصن التقوى.
والرابع: القناعة والرضاء مقرونين بغصن التوكل.
والخامس: التعظيم والحياء مقرونين بغصن السكينة.
والسادس: الإستقامة والوفاء مقرونين بغصن الود والمحبة.

ويتشعب من كل غصن ما لا نهاية له في العدد من أنواع الخير، والصدق في المعاملة، وأنس الصحبة، وفرائد القربة، وصفاء الوقت، وغير ذلك مما لا يصفه الواصفون.
وعلى كل شعبة ثمار شتى، لا يشبه لون إحداها الأخرى ولا طعمها، تحتها أنوار التوفيق، جارية من ينبوع الفضل والعناية، والناس في ذلك على تفاوت الدرجات، وتباين الحالات.
فمنهم: من أخذ بفرعها غافلاً عن أصلها، محروماً من أغصانها، محجوباً عن حلاوة ثمارها،
ومنهم: من تمسك بفروعها،
ومنهم: من أخذ بأصلها وأخذ كلها من غير أن يلتفت إلى كلها، لانفراده بوليِّهِ خالقها، مَن لم يكن له نور من سراج التوفيق، ولو جمع الكتب والأخبار والأحاديث كلها، لم يزدد إلا بُعداً ونفوراً، كمثل الحمار يحمل أسفاراً.

يُقال: إن رجلاً جاء إلى الإمام علي عليه السلام فقال علمني من غرائب العلم!
قال: ما فعلتَ في رأس العلم؟ قال: وما رأس العلم؟ قال: أعرفتَ ربك؟ قال نعم، قال: ما فعلتَ في حقه؟ قال ما شاء الله،
قال: فانطلِق فأحكِم هذا، فإنْ أحكمته فَأْتِ أعلمكَ غرائب العلم،

قيل: الفرقُ بين علم المعرفة وغيرها كالفرق بين الحي والميت.







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 05, 2020 5:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الحادي عشر المرء في ظل صدقته
من أقول العارفين
عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: "المرء فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ) أَوْ قَالَ: (يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ)"

هذا لكونه ترك شيئاً قليلاً مما تحبه نفسه لربه، فكيف إذا خرج عن نفسه بالكلية؟

روي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: بشِّر المُذنبين بأني غفور، وأنذر الصِدِّيقين بأني غيور.

ورُوي أن يوسف عليه الصلاة والسلام: لما ألقي في الجب، كان يقول: من لعب في خدمة مولاه، فغيابة الجب مأواه!.

من أقول العارفين
وهنا كلمات من طرائف مختصرات القوم، تنشط بها همم الموفقين، يقول قائلهم رضي الله عنهم:
حُقَّ لمن عرف المولى، أن لا يشكو من البلوى.
إذا لم يعرف العبدُ المولى، فكل لسان له دعوى.
ليس للعارف دعوى، ولا للمحب شكوى.
إذا سبقت من الرب العناية، هُزِمَت من العبد الجناية.
إذا سبقت العناية، وجبت الولاية.
بالعناية تحصل الولاية، والولاية تهدم الجناية.
ليس الشأن في الولاية، لكن الشأن في العناية.
لم يُدرِك الولايةَ مَن فاتته العناية.
المُصِرُّ من أَسَرَّ السِّر.
طرحُ الخلق وجودُ الحق.
اطرح الدعوى تجد المعنى.
مَن كان له باطنٌ صحيح، فجميع كلامه مليح.
لا تغتر بصفاء الأوقات، فإن تحتها فنون الآفات.
لا تغتر بصفاء العبودية، فإن فيها نسيان الربوبية.
خل الدارين للطالبين، واستأنس برب العالمين.
استَهْدِ بالله فنِعمَ الدليل، وتوكل عليه فنعم الوكيل.
ما دام قلب العبد بغير الله معلقاً، كان باب الصفاء عنه مُغلقا.
الأُنس بالله نورٌ ساطع، والأنس بالمخلوق هَمٌّ واقع.
مَعدِنُ الأسرار قلوبُ الأبرار، قلوب الأبرار حصونُ الأسرار.
القلب إذا ابتُلي بالمربوب، عُزِلَ عن ولاية المحبوب.
خيرُ الرزق ما يكفي، وخيرُ الذكر الخفي.
توكل تُكفَ وسَلْ تُعطَ.
ليس باللبيب مَن اختار على الحبيب.
بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى.
العبدُ إذا سخط عليه مولاه، سَخِطَ عليه ما سواه، وإذا رضي عنه مولاه، رضي عنه ما سواه.
ُذْرُ الحبيب عند الحبيب مبرور، وذنبُ الحبيبِ عند الحبيبِ مغفور.
مَن أراد المولى فليتهيأ للبلوى.
هَوِّن الدنيا وما فيها عليك
واجعل الحزن لِما بين يديك
الموت جِسرٌ مَهيب، يُوصِل الحبيبَ إلى الحبيب.
ينبغي أن يكون العبدُ مشغولاً بما يكون غداً عنه مسؤولا.
 اجعل التُقى جليسَك، والدعاءَ أنيسك.
 ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ
وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ 
الحبُّ يُحرق، والشوقُ يُقلق.
وهذا سرورُ الخير، فكيف سرورُ النظر؟
كل نعمة دون الجنة فانية، وكل بلاء دون النار عافية.
التوبة تطهر الحوبة.
الاعتراف يهدف الاقتراف.
هَبْ أن اللهَ قد عفا عن المُسيئين، أليس قد فاتهم ثوابُ المُحسنين؟
أعِدّ للسؤال جواباً، وللجواب صوابا.
اطلب ما يعنيك بترك ما لا يعنيك.
الرزقُ مقسوم، والحريصُ محروم.
العبدُ حُرٌّ إذا قنع
والحُر عبدٌ إذا طمع،
أخرج الطمع من قلبك، تحلّ القيدَ من رِجلك.
قَدِّم إلى الحشر زادك، فإن إلى الله مَعادك.
الدنيا دنيّة، وحُبها خطيّة.
والدنيا ساعة، فاجعلها طاعة.
الدنيا كلها غرور، والعقبى كلها سرور.
الدنيا معدن الخَطا، والعُقبى معدن العطا.
الدنيا معدن الجفاء، والعقبى معدن الوفاء.
أساس التقوى ترك الدنيا . أخوف الناس آمنهم.
ما أغفلك عما خُلقت له، وما أعجزك عما أُمِرتَ له.
منعك طول الأمل، عن ذكر الأجل.
لا تَعصِ مولاك بطاعة هواك.
رأس الوفاء تَرْكُ الجفاء.
إن أردتَ المكارم، فاجتنب المحارم.
قليلٌ يكفيك خيرٌ من كثيرٍ يُطغيك.
المؤمن كثيرُ الفِعال، قليلُ المَقال، والمنافقُ قليلُ الفِعال، كثيرُ المقال.
اتق الله إذا خلوت، يَستجب لك إذا دعوت.
غضبُ اللهِ أشدُّ من ناره، ورضوانُهُ أكبرُ من جنته.
دع التدبيرَ إلى الملك الخبير.
طَلَبُ الحلال، أشدُّ  من نَقْل الجبال.
كل همٍّ وذكر لغير الله فهو حِجاب بينك وبين الله.
لا تقع المؤانسة بين العبد وربه، حتى تقع الوحشة بينه وبين خلقه.
لا يصل العبدُ إلى الحق، حتى يعتزل عن صُحبةِ الخَلْق.
حسبي من سؤالي عِلمُهُ بحالي.
كلُّ محبوبٍ سوى اللهِ سَرَفْ
وعناءٌ وبلاءٌ وتَلَفْ
وهمومٌ وغمومٌ وأسَفْ
ما خلا الرحمنَ ما عنهُ خَلَفْ
ما رأيتُ مثل الجنةِ نام طالِبُها، ولا مثل النار نام هاربُها.
دُرْتُ حولَ المَشْرِقَيْنِ
ثمَّ دُرْتُ المغرِبَينِ
فوجدتُ الأمرَ كُلاَّ
لمَليكِ الثَقَلَيْنِ
حُبُّهُ مُنيَةُ قلبي
ذِكرُهُ قُرَّةُ عَيني

 

 






_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 06, 2020 12:02 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1586
molhma كتب:
.
اطلبوا مصابيحَ كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمة اعرفوا شرفها، وكمال فضلها، وإنما اختار لقمانُ الحكمة لشرفها





وصية غالية و عزيزة
الحمد لله على النعمة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 06, 2020 4:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
أعزكم الله أخي الكريم الفاضل طلحة
وكل عام وحضرتك بألف خير وجزاكم الله خيرا كثيرا

الحديث الثاني عشر
****************
 الراحمون يرحمهم الرحمن
أدب طلب العلم-لا يعصي الله من يعرفه- لذة العيش مع الله
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه،
أن رسول الله ﷺ قال: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَن في الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَن في السَّمَاءِ".
هذا الحديث الشريف فيه من أسرار العلم بالله العجائب، أَمَرَ المصطفى ﷺ بالرحمة لِمَن في الأرض من المخلوقين، لتحصل بذلك الرحمة للعبد مِن كل مَن في السماء من العُلويين، فإن السماء طريق تنزُّل الرحمات الربانية، ومحل أنبوب الإفاضات الرحموتية، ومقر الملائكة الذين جعلهم الله وسائط أسراره بينه وبين خلقه،
فإذا ألقى الرحمة في سر مَلَك الرزق، [طاب الرزق، [وفي نسخة أعان طالب الرزق]]
وإذا ألقاها في سر كاتب الأعمال أنساه السيئات،
وإذا ألقاها في سر الرقيب أعان ورفق،
والرحمة حال العارف، ومعراج قلبه إلى ربه، وإن عباد الله العارفين، مظاهر لرحمة رب العالمين في المخلوقين، وهو سبحانه أرحم الراحمين.
أي بُنيّ! إذا تحققتَ بالرحمة للمخلوقين رُحمت، وإذا جالستَ العارفين نجحت، وإذا سألت الحكماء الربانيين تعلمت.
أي بُنيّ! اعلم أن لكل شيء مفتاحاً، ومفتاح العلم السؤال، فإن قَدَرَ المُريد على أن يجالس أهل المعرفة، فيقتبس من علمهم، وتحقيق رمزهم، ولطائف إشاراتهم، فَبَخٍ، بَخْ ، فإن شرف العلماء الربانيين، أكبر من أن يدركه أحدٌ غيرالله، لأنهم أحباءُ الله، وأُمَناءُ سِرِّه.
فليغتنم حُرمتهم، وليحرك خواطرهم بحسن السؤال، فإن أمواج خواطر العارفين لا تفنى عجائبها، وكفى للمرء جهلاً إمساكُه عن التعلم، واستكفاؤه بما عنده، وقد قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ، وقال النبي ﷺ: "جالسوا الكبراء، واسألوا العلماء".
أدب طلب العلم
قال ذو النون: وُصِف لي رجلٌ بالمغرب، فارتحلتُ إليه، فوقفت عنده أربعين صباحاً، فلم أجد وقتاً أقتبس به مِن علمه شيئاً، لكمال شُغله بربه، ولم أترك الحُرْمة فيوماً من الأيام نظر إليّ فقال:
من أين المُرتحِل؟ فأخبرته ببعض حالي، قال: بأي شيء جئت؟ قلت: لأقتبس من علمك.
قال: اتق الله، واستعن به، وتوكل عليه، فإنه وليٌّ حميد وسكت.
فقلت، زدني رحمك الله فإني رجل غريب، جئتك من بلد بعيد، لأسألك عن أشياء اختلجَت في ضميري.
فقال: أمُتعلِّمٌ أم عالِمٌ أم مُناظِر؟
فقلت: بل متعلم محتاج.
قال: قِف في درجة المتعلمين، واحفظ الأدبَ ولا تتعدَّ، فإنك إن تعدَّيتَ فسدَ عليك النفع، العقلاء من العلماء، والعارفون من الأصفياء، الذين سلكوا سبيل الصدق، وقطعوا أودية الحُزْن، ذهبوا بخير الدارين.
فقلت: رحمك الله متى يبلغ العبد إلى ما وصفت؟
 قال: إذا كان خارجاً من الأسباب.
قلت: ومتى يكون العبد كذلك؟
قال: إذا خرج من الحَول والقوة.
قلت: وما نهاية العارف؟
قال: أن يصيرَ بالكُليّة كالمعدوم عندَ وجوده.
قلت: ومتى يبلغ إلى مهيمنة الصدّيقين؟
قال: إذا عرف نفسه.
قلت: متى يعرف نفسه؟
قال: إذا صار مستغرقاً في أبحر المِنَّة، وخرج من أودية الأنانية، وقام على قدمٍ ياسينيّة.
قلت: ومتى يبلغ العبدُ على ما وصفته؟
قال: إذا جلس على مركب الفردانية.
قلت: وما مركب الفردانية؟ قال: القيام بصدق العبودية.
قلت: وما صدق العبودية؟ قال: العلم لله تعالى، والرضا بالقضاء.
قلت: أوصني. قال: أوصيك بالله. قلت: زدني، قال: حسبُك.
قال عبد الواحد بن زيد رحمه الله: رأيت رجُلاً في بعض أسفاري، وعليه ثوبٌ من الشعر، فسلمتُ عليه، قلت: رحمك الله أسألك مسألة؟ قال: أوجزْ!، فإن الأيام تمضي، والأنفاس تُعَدُّ وتُحصى، والرب مُطَّلعٌ يسمع ويرى.
قلت: ما رأس التقوى؟ قال: الصبر مع الله تعالى:
قلت: ما رأس الصبر؟ قال: التوكل على الله.
قلت: وما رأس التوكل؟ قال: الانقطاع إلى الله.
قلت: وما رأس الانقطاع إلى الله؟ قال: الإنفرادُ لله.
قلت: وما رأس الانفراد؟ قال: التجريد عما دون الله.
قلت: ما ألذّ الأشياء؟ قال: الأُنسُ بذكر الله.
قلت: ما أطيبُ الأشياء؟ قال: العيشُ مع الله.
قلت: ما أقرب الأشياء؟ قال: اللحوق بالله.
قلت: أي شيء أوجع للقلب؟ قال: فراق الله.
قلت: ما هِمّةُ العارف. قال: لقاء الله.
قلت: ما علامة المحب؟ قال: حب ذكر الله.
قلت: ما الأُنس بالله ؟ قال: استقامة السِرِّ مع الله.
قلت: ما رأس التفويض؟ قال: التسليم لأمر الله.
قلت: وما رأس التسليم؟ قال: ذكر السؤال عند الله .
قلت: ما أعظم السرور؟ قال: حُسْنُ الظن بالله.
قلت: مَن أعظم الناس؟ قال: من استغنى بالله.
قلت: من أقوى الناس؟ قال: من استقوى بالله.
قلت: من المغبون؟ قال: من رضي بغير الله.
قلت: ما المروءة؟ قال: تركُ النزولِ بدون الله.
قلت: متى يكون العبد مُبعداً من الله؟ قال: إذا صار محجوباً عن الله.
قلت: متى يكون محجوباً عن الله؟ قال: إذا كان في قلبه هَمٌّ غير الله.
قلت: ومن الغُمْر ؟ قال: مَن أنفق عمره في غير طاعة الله.
قلت: ما الزهد في الدنيا؟ قال: تَرْك كل شيء يشغل عن الله.
قلت: مَن المُقبِل؟ قال: مَن أقبل على الله.
قلت: ومَن المُدبِر؟ قال: مَن أدبر عن الله.
قلت: ما القلب السليم؟ قال: الذي لم يكن فيه سوى الله.
قلت: أخبرني من أين تأكل؟ قال: من خزائن الله.
قلت: ما تشتهي؟ قال: ما يقضي الله،
قلت: أوصني. قال: اعمل بطاعة الله، وارضَ بقضاء الله، واستأنس بذكر الله، تكن من أصفياء الله.
لا يعصي الله من يعرفه
قال ذو النون المصري: كنت في بعض سياحتي، فإذا بشيخ وفي وجهه سيما العارفين،
قلت: رحمك الله، ما الطريق إليه؟ قال: لو عرفته لوجدتَ الطريق إليه.
قلت: وهل يعبده مَن لا يعرفه؟ قال: وهل يعصيه مَن يعرفه؟!
قلت: أليس آدم عصاه مع كمال معرفته؟! قال: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}. ثم قال: يا هذا دع الاختلاف والخلاف.
قلت: أليس في اختلاف العلماء رحمة؟ قال: بلى، إلا في تجريد التوحيد.
قلت: وما تجريد التوحيد؟ قال: فقدان رؤية ما سواه لوحدانيته.
قلت: وهل يكون العارف مسروراً؟ قال: وهل يكون العارف محزوناً!؟
قلت: أليس من عرف الله طال هَمُّه؟ قال: بل من عرف الله زال هَمُّه.
قلت: وهل تغير الدنيا قلوب العارفين؟ قال: وهل تغير العُقبى قلوبَهم!؟
قلت: أليس من عرف الله صار مستوحشاً من الخَلْق؟ قال: معاذ الله أن يكون العارف مستوحشاً، ولكن يكونُ مُهاجراً ومُتجرِّداً.
قلت: وهل عرفه أحد؟ قال: وهل جهله أحد!؟
قلت: وهل يتأسف العارف على شيء غير الله؟ قال: وهل يعرف غير الله فيتأسف عليه!؟
قلت: وهل يشتاق العارف إلى ربه قال: وهل يكون غائباً عن العارف حتى يشتاق إليه!؟
قلت: وما اسم الله الأعظم؟ قال: أن تقول: الله.
قلت: كثيراً ما قلتُ ولم يداخلني الهيبة، قال: لأنك تقول من حيث أنت لا من حيث هو.
قلت: عِظني. قال: حسبك من المواعظ علمك بأنه يراك.
فقمت من عنده، وقلت: ما تأمر؟ قال: كفى بإطلاعه عليك في جميع أحوالك.
لذة العيش مع الله
سُئل يحيى بن معاذ الرازي ما علامة القلب الصحيح؟
قال: الذي هو من هموم الدنيا مستريح.
قيل: وما القوت؟ قال: ذكر حيٍّ لا يموت.
قيل: وما صدق الإرادة؟ قال: ترك ما عليه العادة.
قيل: وما الشوق؟ قال: ملاحظة ما فوق.
قيل: متى يتم أمر العبد؟ قال: إذا سكن مع الله بلا هَمّ.
قيل: وما علامة المريد؟ قال: أن لا يشتغل بالعبيد.
قيل: وما رأس الهدى؟ قال: صدق التقى.
قيل وما اللذة؟ قال: الموافقة.
قيل: ومَن الغريب؟ قال: الذي ليس له من حبه نصيب.
قيل: ومتى يبلغ العبد إلى ولاية مولاه؟ قال: إذا عزل عن قلبه كل مَن سواه.
 قيل: وما الراحةُ الكُبرى؟ قال: التسليمُ للمولى.
قيل: وما أفضل الأعمال؟ قال: ذكر الله على كل حال.
قيل: وما الفاقة العظمى؟ قال: دوام الأنس بالمولى.
 قيل: وما حجاب القلوب؟ قال: الاستكفاء بالمربوب.
قيل: وما العيش الجميل؟ قال: العيش مع الجليل.
قيل: وما حقيقة الوفاء؟ قال: الصدق والصفاء.
قيل: ومن المُحِبُّون؟ قال: العارفون.
قيل ومن العزيز؟ قال: من تعزَّزَ بالعزيز،
قيل ومن الشريف؟ قال: من آنس اللطيف.
قيل: ومن الغُمْر؟ قال: مَن ضيَّع العُمْر.
قيل ما الدنيا؟ قال: ما شغلك عن المولى.
نعم معدن المعرفة القلب لقوله تعالى: (فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) .
ومعدن المشاهدة الفؤاد لقوله تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) .
ومعدن النور الصدر لقوله تعالى (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ).
وما ازداد حباً لله تعالى إلا ازداد حباً لرسوله ﷺ ولأوليائه.

 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 08, 2020 4:53 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
بسم الله الرحمن الرحيم
(13)
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث الثالث عشر المَرءُ مع مَن أحَبّ
من عَرَفَ الله تعالى- من أحبنا أحببناه
من حكم العارفين- من وصايا العارفين

عن شقيق عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم، قال: "المَرءُ مع مَن أحَبّ"

هذا الحديث الشريف مُلْزِمٌ بمحبة العارفين، مُبشر بالإلحاق بهم إذا صَحَّت المحبة، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله، وإن من سِرِّ الحب الخالص، أن يرفع العارف إلى مقام السرور والنجوى في المحاضرة عند سواه.

أي بُنَيّ! اعلم أن العارف بأسرار المريدين، المتطلع على همم العارفين، كَلَّفَ العبادَ وفاءَ صدق العبودية، ثم بيَّن لهم تحقيق شرائطها، كيلا يتجاوزوا حَدَّ العبودية إلى حَدَّ الربوبية، وحَدَّ الفقر إلى حَدَّ الغنى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ)(1) الآية.
وجعل لكل شيء سبباً، فجعل سبب المخرج من عبودية المخلوقين، القيام بصدق العبودية، قوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)(2)، مِن عبودية مَن سواه، (وَيَرْزُقْهُ) المؤانسة والمحبة والشوق إليه (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

ومعنى آخر: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ) بحفظ السر عن آفات الالتفات إلى ما سواه (يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) من حُجُبِ الإبعاد، ويرزقه المشاهدةَ والوَصلة (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

من عَرَفَ الله تعالى
وكذلك جعل سبب معرفة العبد ربه معرفة العبد نفسه، بشاهد:
مَن عرف نفسه "أي بالعبودية " عرف ربه"(3) بالربوبية.
ومَن عرف نفسه بالفناء، عرف ربه بالبقاء.
ومَن عرف نفسه بالجفاءِ والخطأ، عرف ربه بالوفاءِ والعطاء،
ومَن عرف نفسه بالافتقار، قام لله على قدم الاضطرار.
ومَن عرف نفسه لمولاه، قَلَّت حوائجه إلى مَن سواه.

رُوي أن النبي ﷺ قال: "مَن عرف الله قام بحقه"(4) أي من عرف الله بالهداية سَلَّمَ نفسه إليه، ومَن عرف الله بالربوبية قام له بأشراط العبودية، ومن عرف الله بالجزاء أوقع نفسه في العناء، ومن عرف الله بالكفاية، اكتفى به عن كل ما سواه.

روي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: ألا مَن عرفني أرادني وطلبني، ومَن طلبني وجدني، ومَن وجدني لم يختر علَيَّ حبيباً سواي.

قال الشيخ أبو بكر الواسطي رحمه الله: مَن عرف الله أحبه، ومن أحبه أطاعه، ومن أطاعه قطع عن قلبه كل ما دونه, ومَن حُرِم المعرفة، حُرِم حلاوة الطاعة، ومَن حُرِم حلاوة الطاعة، حُرِم المؤانسة في الخلوة.
فلا يجد في المعاملة رؤية المِنَّة، ولا يعرف قَدَرَ اللهِ على الحقيقة، ويُغلب في الأحوال فيسقط عن استقامة السِرِّ مع الحق.

وقال يوسف بن أسباط(1) رحمه الله: مَن عرف الله وفي قلبه هَمٌّ سوى الله، لم يسجد سجدةً خالصةً لله.
ومَن عرف الله ولم يستغن بالله، فلا أغناه الله.
ومَن قال: الله، وفي قلبه شيء سوى الله فلم يقل: الله.

نعم مَن خاف الله في كل شيء آمنه الله من كل شيء.
ومَن أنِسَ بمولاه استحوش عن كل ما سواه.
ومَن اعتَزَّ بذي العِزِّ عَزّ.
ومَن اغتر بغيره فلا فخر ولا عز.
ومَن انقطع عن الأسباب الشاغلة عن الله اتصل بالأسباب الشاغلة بالله.
ومَن ترك عروة العلاقات صار مستأنساً به في جميع الأوقات.
ومَن ذاق حلاوة ذِكرِ مولاه ظهرت له أسرار الغيوب.
ومَن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم.
ومن طلب رضاء مولاه لا يبالي بسخط ما سواه.
ومن اكتفى بمقامه حُجِبَ عن إمامه.
ومَن كان لله قريباً كان مع غيره غريبا.
ومَن أراد عِزَّ الدارَين فلينقطع إلى مَن له مُلك الدارَين.
ومَن ترك حُسْنَ الرعاية زَلَّ عن سبيل الهداية.
ومَن أراد أن يشرب من محبة الله شَربةً فليشرب من بُغض غير الله جُرعة.
ومن استأنس بكل شيء استوحش من كل شيء.
ومَن سَكَنَ قلبه إلى شيء فليس من الله في شيء.
قال عليه الصلاة والسلام: "مَن أصبح وهَمُّه غير الله فليس من الله في شيء" (2)،

من أحبنا أحببناه
قال الله تعالى في بعض الكتب: مَن أرادنا أردناه، ومن أراد مِنّا أعطيناه، ومَن أحَبَّنا أحببناه، ومن اكتفى بنا عمّا لنا كُنّا له وما لنا، ألا مَن طلبني وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني،

قيل: ألا مَن طلبني بالتوبة وجدني بالمغفرة، ومَن طلبني بشكر النعمة وجدني بالزيادة، ومَن طلبني بالدعاء وجدني بالإجابة، ومَن طلبني بالتوكل وجدني بالكفاية، ومَن طلبني بالقُربة وجدني بالمؤانسة، ومَن طلبني بالمحبة وجدني بالوَصلة، ومن طلبني بالاشتياق وجدني باللقاء والرؤية.

وقال بعضهم: مَن كان لله كان الله له، أي مَن كان في أمر الله كان الله في أمره، ومَن كان في ذكر الله كان الله في ذكره، ومَن كان في حب الله كان الله في حبه، ومن كان في مرضاة الله يكن الله في مرضاته، (وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(1).

قال ﷺ (مَن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)(2).

من حكم العارفين
ومن حكم العارفين قول قائلهم:
من ابتُليَ بمعاملة العبيد، فليلبس لهم لباساً من حديد.
ومن رضي من الدنيا باليسير فقد استراح من شغل كثير.
ومن أصبح على الدنيا حريصاً أصبح من الله بعيدا.
ومَن هَتَكَ ستر التُقي لم تستره السموات العلى.
ومن نظر في عواقب الأمور سَلِمَ من نوائب الدهور.
ومن لم يقنع بالقليل وقع في غمٍّ طويل.
ومن سَلَّ سيف التُقى ضرب به عنق الردى.
ومن كان مسروراً لم يزل مغمورا.
ومن لم يحفظ لسانه فسد عليه شأنه.
ومن لم يعرف موضع ضُرَّه لم يعرف موضع نفعه.
ومن أعرض عن صحبة الفجار عوضه الله صحبة الأبرار.
ومن أخذ عِزّاً بغير حق أورثه الله ذُلاًّ بحق.
ومن ضيَّع أيام حرثه ندم أيام حصاده.
ومن توكل على غير الله يعذبه الله به.
ومن رضي بالله وكيلاً صار له بكل خيرٍ دليلا، ووجد إلى كل خيرٍ سبيلا.
ومَن عرف حلاوة النجوى لا يجد مرارة البلوى، (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى)(1).

من وصايا العارفين
وقيل: ثلاث كلمات كان الأخيار من المتقدمين يوصي بعضهم بعضاً في كتبهم بهن:
1-مَن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه.
2-ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته.
3-ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.

شعر:

إذا السِرُّ والإعلانُ في المؤمنِ استوى

رأى العِزَّ في الدارَينِ واستوجبَ الثنا

وإن خافَ ألإعلان(2) سراً فما له

على فعله فضلٌ سوى الكدِّ والعنا

آخـــــــــر

من اعتزَّ بالمولى فذاك جليلُ

ومن رام عِزّاً مِن سواه ذليلُ

فلو أنَّ نفساً مُذْ براها مليكُها

قضت وطراً في سجدةٍ لقليلُ










_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 08, 2020 4:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
بسم الله الرحمن الرحيم
(14)
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث الرابع عشر الأعمال بالنيات
عجباً لمن يريد بالله بدلاً

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
قال النبي ﷺ: "العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"(1).

ومن هذا الطريق روى هذا الحديث سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه بنص: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله.."(2) إلى آخر الحديث.

وهو نص عليه مدار الدين، وأحكام العلم والعرفان واليقين، وبه قلوب العارفين، إلى حضرة قدس رب العالمين.

خُذْ طارفَ السَيرِ بلا عائق

لله لا تقصد سوى اللهِ

فكل ما أمَّلتَهُ قائمٌ

بهجرةِ القلبِ إلى اللهِ



أي بُنيّ! أهل الحجاب يتعجبون من كلام أولي الألباب، وربما ينتهي التعجب بهم إلى طرف من الإنكار، لقوله تعالى: (أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ) (3) أي تنكرون فعلهم.

روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت تحت الجدار الذي أخبر الله عنه بقوله: (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا)(4) لوح من ذهب، والذهب مكتوب فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟! وعجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجبت لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله).

عجباً لمن يريد بالله بدلاً
قال وهب (5) رحمه الله: بينما كنت أسير في أرض الروم، إذ سمعت صوتاً من شاهق الجبل يقول:
إلهي عجبت لمن عرفك، كيف يتعرض لسخطك برضاء غيرك؟!
إلهي عجبت لمن عرفك، كيف يرجو غيرك؟!
فاتبعت الصوت، فإذا أنا بشيخ ساجد، يقول:
سبحانك عجباً للخليقة، كيف يريدون بك بدلاً؟!
سبحانك عجباً كيف يشتغلون بخدمة غيرك؟!
سبحانك عجباً للخليقة، كيف يشتاقون إلى غيرك؟!
سبحانك سبحانك كيف يتلذذون بغيرك وبشيء دونك؟!. فمضيت وما أشغلته عما رأيت.

قال أبو يزيد رحمه الله: عجبت لأهل الجنة كيف يتلذذون بدونه؟!، أم كيف يستأنسون بغيره؟!، وعجبت ممن يسكن إلى حال دون وليِّ الأحوال؟!، والعجب لمن أقبل على الخَلْق والحق يقول: إليَّ إليّ.

قال أبو عبدالله بن مقاتل رحمه الله: عجبت لابن آدم، اختاره الله لنفسه مع غناه عنه، وهو يُعرض عنه مع فقره إليه!.
وعجبت لمن يشغل نفسه بشيء، وهو يعلم أنه قد فُرغ منه.
وعجبت ممن يأمر غيره بما لا يفعله، ويغضب على غيره بما يفعله.
وممن يكره أن يُعصى وهو عاص.
وممن يحب أن يُطاع وهو غير مطيعٍ لربه.
وممن يلوم غيره على الظن، ولا يذم نفسه على اليقين(6).

قال حاتم الأصم(7) رحمه الله: عجبت ممن يستحي من الخلق، كيف لا يستحي من الخالق؟!
ولمن يطلب رضاء المربوبين، كيف لا يطلب رضاء الرب؟!
ولمن يحب أهل الطاعة، وهو مقبل على المعصية؟!
ولمن يعرف جلال الله، كيف يعرض عنه؟!،
ولمن يأكل رزق ربه كيف يشكر غيره؟!
ولمن يشتري المملوك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه وطيب كلامه؟!.

وقال خُنيس بن عبد الله : عجبت من رجل ليله قائم، ونهاره صائم، ويجتنب المحارم، ولا تلقاه إلا باكياً حزيناً!.
ورجل ليله نائم، ونهاره لاعب، ويرتكب المحارم، ولا تلقاه أبداً إلا ضاحكاً مستبشراً!.

وقال يحيى بن معاذ(8) رحمه الله: عجبت ممن يتذلل للعبيد، وهو يجد من سيده ما يريد!،
وعجبت لمن كان قوته رغيفاً، يعصي رباً لطيفاً!.
وعجبت لمن يخاف على موت نفسه، ولا يخاف على موت قلبه.
ولمن يخاف على فوات دنياه، كيف لا يخاف على فوات دينه؟!.

قال قائلهم: إلــهــي!
عَجِبْــتُ مِنْــكَ وَمِنِّـــي

أفنَيـْتَنِــي بِـــكَ عَنِّـــي

أدْنَيـْتنــي مِنْــك حَتَّــى

ظَنَنــتُ أنَّـــك أنِّــــي

قال يحيى بن معاذ: إلهي! ذِكرُ الجنة موت، وذِكرُ النار موت، فيا عجباً لنفسي تحيا بين مَوتين، أما الجنة فلا صبر عنها، وأما النار فلا صبر عليها.

وقيل: ذكر الوصال موت، وذكر الفراق موت، كيف يحيا قلب بين موتين؟ موت العارف عجيب، لأن العارف بين سرور المعرفة وخوف الفرقة، فكيف الموت مع سرور المعرفة؟ أم كيف الحياة مع خوف الفرقة؟!

عجبتُ لِمَن يقولُ ذكرتُ ربي

وهل أنسى فأذكرُ مَن نسِيتُ

أموتُ إذا ذكرتكَ ثم أحيا

ولولا ماءُ وصلكَ ما حييتُ

فأحيا بالمُنى وأموتُ شوقاً

فكم أحيا عليكَ وكم أموتُ

شربتُ الحبَّ كأساً بعد كأسٍ

فما نَفِدَ الشرابُ وما رَوِيتُ




يا عجبــــــاً

تَغَرَّبَ أمري عِندَ كلِّ غريبِ

فصِرتُ عجيباً عِندَ كلِّ عجيبِ















_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 10, 2020 4:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
بسم الله الرحمن الرحيم
(15)
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث الخامس عشر وصية محمدية
معرفة النفس-
عن أبي هارون العبدي، قال: أتينا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فسألناه عن حديث رسول الله ﷺ فقال:
 مرحباً بوصية رسول الله ﷺ، قال: " إنه سيأتيكم بعدي أناس من الآفاق يسألونكم عن حديثي وعن السُنَّة فاستوصوا بهم خيراً فكان إذا رآنا قال: مرحباً بوصية رسول الله ﷺ.

هذا الحديث الشريف يجذب العارف إلى طلب حديث المصطفى ﷺ وسُنّته، ليكون محل نظره النبويّ، في بُحبوبة التوصية السارية في عوالم الله تعالى، وهل لباب المعرفة بالله، إلا الأخذ بحديثِ رسول الله ﷺ، والعمل بسُنته السُنية؟ وهذا القامع للنفس.

معرفة النفس
أي بُنَيّ! اعلم أن معرفة النفس، أحد أصول العبودية وقَلَّ مَن يعرفها، وعَزَّ وجود من يتمنى عرفانها، وما خلق الله تعالى في الدارين سِجناً أضيق على العارف، ولا أوحش ولا أنتن من النفس.
فَمَن عرفها على التحقيق، وخالف أمرها "فكُلَّ أرضٍ له ثِغرٌ وطرسوس".
ومن غفل عن معرفتها، فهو على خطرٍ عظيم، ولا يسلم من شرها، فإنَّ مَن لا يعرفها كيف يقوم بمخالفتها؟!.

قال أحمد بن حرب: إني لأشتهي أن أموت ولو ساعة، حتى أعرف نفسي وأخالفها،

قال محمد بن الفضل : من عرف نفسه لا يتنفس نَفَساً إلا بدوام جهدها، وكثرة عبادتها، ولا يغتر بصفاوة أوقاتها، وحسن أحوالها، ولطائف أنفاسها، وصِدق معاملتها، لما علم من غوامض آفاتها ومكرها وسوء طبعها وكمال شرها، وإني تفكرتُ في جميع عمري، ونظرتُ في شأن نفسي، فما رضيت في عمري من نفسي طرفةَ عين.

قال الأنطاكي رحمه الله: مَن يعرف نفسه فهو مغرور.

قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: خالطتُ الناس سبعين سنة، فما وجدتُ رجلاً إلا وهو راكب هواه، حتى أنه إن أخطأ أحبَّ أن يُخَطِّئ الناس كلهم، ولأن يُضرب ظهري بالسياط، أحب إليّ من أن يُقال أخطأ فلان المسلم.

وقال إبراهيم التَّيمي: ما عرضتُ قولي على عملي إلا وجدته مكذوبا.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيراً ما يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي.

قال ذو النون: من نظر بعين المعرفة إلى سلطان ربه فَنِيَ عنه سلطانُ نفسه، ومن نظر إلى عظمة ربه صَغُرَت عنده عظمة نفسه، وقُهِرَت تحت جلال هيبته.

وقيل لمالك بن دينار حين ماتت زوجته أم يحيى: لو تزوجت يا أبا يحيى.
قال: لو استطعتُ لطلقتُ نفسي.
ولو أن منادياً ينادي بباب المسجد: لِيخرج شرَّكم رجلاً، فو الله ما سبقني أحدٌ إلى الباب إلا رجل له فضل قوةٍ في السعي.

وقال أبو يزيد: قلت يا رب كيف الوصول إليك؟ قال: يا أبا يزيد دَعْ نفسَكَ وتعال.

لقي حكيمٌ حكيماً فقال: يا أخي إني لأحبك في الله، فقال: يا أخي والله لو علِمتَ مني ما أعلم من نفسي لَبَغِضْتني الحالة.

وكان بكر بن عبدالله المزني ومطرف بن عبدالله بالموقف، فقال مطرف: اللهم لا تردهم لأجلي، وقال بكر: ما أشرف هذه المواضع وأرجاها لولا أنا فيهم! اللهم لا تحبس المغفرة بشؤمي، ولا تردهم لأجلي.

وقال موسى بن القاسم : وقع عندنا زلزلة وريح حمراء، فذهبت إلى محمد ابن مقاتل، فقلت: يا أبا عبدالله ادعُ الله لنا فأنت إمامنا، فقال: ليتني لا أكون سبب هلاككم، فقال موسى بن القاسم: رأيت النبي ﷺ تلك الليلة في المنام فقال: إن الله دفع عنكم البلاء بدعاء ابن مقاتل.

وكان عطاء السلمي يبكي كلما هبت ريح شديدة، ويقول: هذه من أجلي يصيب بها الخلائق، لو مات عطاء لاستراح الخلائق من بلائه، وكثيراً ما ينوح على نفسه، ويقول: يا عطاءُ لعلك أول مسحوب إلى النار وأنت غافل.

وكان الفضيل واقفاً بعرفات، فنظر إلى جميع الناس وقال: يا له من موقف ما أشرفه لولا أنا فيهم، ثم بكى ورفع رأسه وأخذ لحيته وقبض عليها وقال: يا سوأتاه على ما كان من نفسي، فإنها مغرورة وبالثناء مسرورة، وإن من غاية بلاء النفس، أن لو مات نصفها لم يصلح النصف الآخر.

وحُكي أن أبا يزيد البسطامي قال: نظرت في حال عبادتي فرأيتها مختلطة، ثم نظرت إلى نفسي وتركيبها، فإذا هي منسوبةٌ إلى كل بلاء، ورأيتها لا تخلو من الشرك، وعلمت أن الله تعالى لا يقبل الشرك.
فقلت لها: يا مأوى كل شر، إلى كم يدعوك الله إلى توحيده ولا تنظرين إليه؟ فاشتد على قلبي غم هذا الإشراك، فعمدتُ وأعددتُ لها كانون الصياغة ثم سَعَّرْتُ فيه نار الحق، ووضعت فيه كير اللَّيْسية، ونصبتُ سندانَ الوحدانية، وضربتها بمِطرقة الأمر والنهي، وطال بي العناء، فلما نظرتُ إليها وجدتها مُشركة.
فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، إنها لا تنظف بالجفاء، فلعلها تنظف بالرفق واللين والمُداراة، فرددتها إلى بستان ذكر المِنَّة، ووضعتُ بين يديها رياحين رؤية اللطف والكرامات، وتروحت بمراوح التحنُّن والبر والإحسان، وطال مني العناء، فلما فتَّشتها وجدتها مُشركة.
فقلت لها: يا مأوى  كل شر وبلاء، لا تصلحي بالجفاء ولا بالرفق، ثم رددتها إلى قصار الأحذية، ليضربها على حجر الفردانية، ويغسلها بماء صفوة الصمدانية، فلم يزل يضربها رجاء أن تنظف من الإشراك، وطال مني العناء، فلما نظرت إليها فإذا هي مُشركة.
فقلت: إنا لله لعل صلاحها من وجه آخر، ثم أنزلتها بمنزلة امرأة مستحاضة، فلم أزل أنظر إليها كالمُتحيِّرِ المُضطر، وأنظر إلى بلائها حتى أيسْتُ منها، وعلمتُ أن لا يتأتّي مُرادي منها، فطلقتها ثلاثَ تطليقات وتركتُها، وصِرتُ وحدي إلى ربي.
وناديته: يا عزيزي أدعوك دعاءَ مَن لم يبق له غيرك بالعتق من عبودية ما سواك، فلما علم الله تعالى صدق الدعاء مني، واليأس من نفسي، كان أول إجابة الدعاء أن أنساني نفسي بالكُلّية.

قال أبو سليمان: لو أن الخَلْق اجتمعوا على أن يضعوني كإيضاعي عند نفسي لم يقدروا على ذلك.

طوبى لعبدٍ أطلعه الله على شر النفس، وعرف أصل خِلقتها، وأنواعَ عوارضها، ومَقْتَها ومَألفها، وقهرَها وحَقَّرَها، واتَّهمها وَوَضَعَها.


 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 12, 2020 4:28 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
بسم الله الرحمن الرحيم
(16)
مع كتاب سيدي أحمد الرفاعي
**** ******* *******
الحديث السادس عشر الإقتداء بالصحابة
علوّ الهمة-همم العارفين

عن حذيفه رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: " اقتدوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد".

فقد أمر عليه الصلاة والسلام بتصحيح القدوة بالشيخين العظيمين، سيدنا أبي بكر الصديق، وسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما، وبالتحقق بالإهتداء بهدي عمار رضي الله عنه، فإنه مات على حب الصهر العظيم، الصنو الكريم، سيدنا علي رضي الله عنه، وأكد لزوم التمسك بالعهد، كما كان محافظاً عليه ابن أم عبد رضي الله عنه.

وفي هذا حكمة الجمع بين حب الصحب والآل، سر يدركه العارفون الموفّقون.وقد جعل صحة المتابعة له بإتباع الشيخين رضي الله عنهما، وحقيقة الاهتداء بهديه بموالاة الأمير رضي الله عنه، وجمع بين النكتتين بلزوم التمسك بالعهد،

ومتى اقتدى العبد اهتدى، ومتى اهتدى تمسك بعهد الله، وهناك وقد عرف، وهل المعرفة بالله تعالى إلا هذا، فإن من اهتدى بهدي محمد ﷺ  واقتدى به، وتمسك بعهده، أقبل على الله، وأعرض عن غيره.

علوّ الهمة الإعراض عن النفس
جاء في الخبر أن الله تعالى قال: " يا دنيا اخدمي مَن خدمني، واستخدمي مَن خدمك".
وليس من معالي الهمة الاشتغال بما فيه حظ النفس.
وفي نَعْتِ  النبي ﷺ بعلوّ همته الشريفة (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) .
ولا يصل العبد إلى الله تعالى، حتى يقطع مفاوز الدنيا وما فيها، ومن زهراتها ولذاتها، وراحاتها وشهواتها، ويجاوز أودية الخَلق وما منهم، من جميل معاشرتهم وثنائهم ومَحْمَدَتِهِم.

وإن الله تعالى خلق جميع ذلك ابتلاءً لكل مَن أراد أن يصير مجرداً، حتى إن التفت إلى شيء منها صار مفتضحاً في دعواه، وغرق في أودية الحُسبان والخُسران، فكم مستدرَجٍ بالنعم، محجوبِ عن الخَلق، غافل عن الصدق، جاهل بعرفان النفس، يصبح ويمسي على الحسبان، فيبدو له من ذي العرش ما لم يكن يحتسب؛
قال الله تعالى: [ بَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ] .

وإن من معالي الهمة، ما قيل لأبي عبد الله: لو أعطاك الله تعالى الدنيا بجميع ما فيها، ماذا تفعل بها؟!
فقال: لو أمكنني أن أجعلها لقمة، وأضعها في فم كافر لفعلت.
قيل: ولم؟ قال: لأن الله تعالى يبغض الكافر والدنيا جميعاً، فأفعل ذلك ليقع البغيضُ إلى البغيض.

ثم حُكي من صدق ما ادعاه أن سلطان هراة  بعث إليه سبعة أوقار من الحنطة، وكان الشيخ يومئذ بهراة مع أصحابه، فأطعم الخادم منها أولياءه، فقال له أبو عبدالله: أطعم الباقي فقراء العامة فقال: لا يمكن، الأبواب مغلقة، فقال: اذهب به إلى المجوس الذين هم في جوارنا قال الخادم: فخشيتُ عقوبة الله تعالى في ترك أمره، فأعطيته المجوس، فجاؤوا بكرة إليه وقالوا: ما الحكمة في إعطائك إيانا ونحن مخالفوك؟ فقال: الدنيا عدو الله، والكافر عدو الله، ولا يقرب الحبيب من الحبيب حتى يبعد من عدوِّه، قال: فأسلموا جميعاً على يديه.

حُكي أن بعض المريدين كان يمشي في البادية، فحدثته نفسه ببعض حاجتها، فإذا هو على شط بئر، فرمى ركوته في البئر ليستقي الماء فخرجت له الركوةُ مملوءةً من الذهب، فرمى بها في البئر، وقال: يا عزيزي! لا أريد غيرك.

قال عمار القرشي: كنت في البادية فأردت التلبية وكنت حاجاً، فأخذت منديل شيخ لي فقددته نصفين، واتزرت بنصفه، وارتديت بالآخر، فلم تزل نفسي تنازعني ببعض الحاجة، فإذا البادية كلها فضة، فمضيت وقلت: إلهي إني أعوذ بك من كل إرادة سواك.

قال عيسى عليه الصلاة والسلام: طوبى لرجلٍ ذَكَرَ الله، ولم يذكر إلا الله، وطوبى لرجل خشي الله، ولم يخشَ إلا الله، وطوبى لعبدٍ  سأل الله، ولم يسأل إلا الله.

وحكي أن الإمام بن الإمام سيدنا زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما، قال: كنت عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام، أقرأ في بعض الكتب، وكان في يده سكين، فرأيت حرفاً خطأ، فقلت: ناولني السكين لأصلح هذا الحرف، فناولني فلما قضيتُ الحاجة رددته عليه، فقال لي: يا علي لا تعد إلى هذه مرة أخرى، فتقع إلى ذُلّ السؤال، وخساسة الهمة.

ورُوي أن النبي ﷺ قال ذات يوم لثوبان رضي الله عنه: "يا ثوبان لا تسأل الناس" فكان ثوبان ربما يسقط السوط من يده، فلا يقول لأحد ناولني إياه حتى ينزل ويرفعه.

وسأل رجل من سفيان رحمه الله كسرة فأعطاه ديناراً، فقيل له في ذلك فقال: إن كان لا يعرف هو قدر نفسه فلا أدع كرم نفسي، وإن كان هذا ترك الهمة فأنا لا أدع الجود.

همم العارفين
همم العارفين متصلة بمحبة الرحمن، وقلوبهم ناظرة إلى مواضع العز من العزيز، لا راحة لهم في دار الدنيا دون الخروج منها.

وكان كثيراً ما يرى حبيب العجمي رضي الله عنه يوم التروية بالبصرة، ويوم عرفة بعرفات، فقيل له في ذلك فقال: هو أقل ما أطار إليه الهمةَ أهل الهمة.

ودخل علي كرم الله وجهه مسجد رسول الله ﷺ فرأى أعرابياً في المسجد يقول: إلهي أريد منك شويهة، ورأى أبا بكر الصديق في زاوية أخرى يقول: إلهي أريدك.
فشتان ما بين الهمتين، فكلٌّ يطير بهمته، فإذا بلغ طيرانه إلى غاية همته وقف فلم يجاوزها.
قال الله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) أي على نيته وهمته.

وقيل لأبي يزيد: سمعنا أنك تمرُّ على الماء، وتطيرُ في الهواء، فقال: المؤمن أعزُّ على الله من السماوات السبع، فأي عجبٍ أن يبلغ مقام طير أو حوت.

قُرئ بين يدي ابن المبارك  قوله تعالى: (أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) فقال: ليس أنه يسبق بدنٌ بدناً، ولا عملٌ يسبقُ عملاً، ولكن هِمةٌ تسبق هِمّة، في جميع الخيرات والإرادات.

قال بعض العارفين: مساكينُ أهل الغفلة، يشتغلون بكثرة الأعمال، ويعظمونها ويفتخرون بها، ولو أن أهل المعرفة عملوا أعمال أهل السموات والأرض من الأزل إلى الأبد كان ذلك أصغر وأحقر في أعينهم من خردلة في السماء والأرض.

قال النبي ﷺ "لا تستكثروا طاعتكم، ولا تستقلوا ذنوبكم"

ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يمر على شاطئ البحر، فقال: إلهي قد اصطكت ركبتاي، وانحنى ظهري، حبيبي فما أنت صانع بي؟
فأمر الله تعالى ضفدعاً أن يجيبه, فقال يا بن عمران! أتَمُنُّ على ربك بعبادتك إياه، وقد اصطفاك وكلمك، وقربك وناجاك، فو الذي خلقني ويراني، إني على صخرة منذ ثلاثمائة وستين سنة، أسبحه ليلا ونهاراً لا أفتر منها لحظة، ومنذ ثلاثة أيام لم آكل، وكل ساعة ترتعد فرائصي من هيبته.

وقال أبو سعيد أبو الخير: كنتُ في البادية فنالني جوعٌ شديد، فطالبتني نفسي أن أسأل الله طعاماً، فقال ليس هذا من دأب المتوكلين، فطالبتني أن أسأله اصطباراً، فلما هممت به ثانياً سمعت هاتفاً يقول:

أيجهلُ أننا منهُ قريبُ

وأنّا لا نُضيِّعُ مَن أتانا

يريدُ أبو سعيدَ سؤالَ صبرٍ

كأنّا لا نراهُ ولا يرانا
 


 






_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 20 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط