موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 196 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10 ... 14  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 25, 2014 9:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الفصل الخامس

وتتابعت لمولده الشريف آيات باهرة لا سيما ليلة المولد فآياتها فيما رأيناه عشرون ، ففيها فتحت أبواب السموات وأبواب الجنات وألبست الشمس يومها نوراً عظيماً كما في رواية ، وفيها نصبت أعلام البشائر والتشريف كما سيأتي وكأنها أصل الزينة التي تعمل الآن على حوائط الأسواق إلا أنها من الحرير حرام وإن قال الغزالي بالحل ، وفيها حضرت الملائكة تعظيماً لمولده بأباريق الفضة وإناء الطيب وكأنه أصل ما اعتيد من القماقم والمجامر إلا أنها من الفضة حرام وإن قيل بالحل ، وفيها حضر طائفة من الحور ومريم وآسية إيناساً لآمنة وفرحاً بمولده المؤذن بقرب الاجتماع فالحور من أزواجه وكذا مريم وآسية كما في خبر ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال لها : يا خديجة إذا لقيت ضراتك فأقرئهن مني السلام ، فقالت : يا رسول الله وهل تزوجت قبلي ؟ قال : لا ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون وكلثوم أخت موسى ، فقالت له : يا رسول الله بالرفاء بكسر الراء أي الاتفاق والبنين ، وهذا كان دعاء يدعى به للمتزوج في الجاهلية فدعت به ثم نهى عنه صلى الله عليه وسلم كراهة إحياء سنن الجاهلية فهو مكروه كما ذكره أئمتنا ، قال عبد الله بن محمد بن عقيل بزفة وكيل تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا له بالرفاء والبنين فقال : مه لا تقولوا ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال : قولوا بارك الله لك وبارك عليك وبارك لك فيها ، وفي رواية صحيحة بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير ، وعن مجاهد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لمتزوج قال : على اليمن والسعادة والطير الصالح والرزق الواسع والمودة عند الرحمن ، وروى ابن الأنباري أن علياً لما دخل بفاطمة رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جمع الله شملكما وبارك لكما في شبركما بشين معجمة مفتوحة فموحدة ساكنة فراء أي وقاعكما ، والظاهر أن هذا يختص بالخواص لما فيه من ذكر الشبر وما ألطف ما فيه من الحشمة فإنه من أسماء الجماع الغريبة الخفية التي لا يعرفها إلا الأفراد من العلماء ، وفيها رن إبليس رنة عظيمة وأصبح عرشه أي سريره منكوساً والملك على رأسه يغطسه في مضيق البحار أربعين صباحاً حتى صار أسود محترقاً ، وفيها رميت الشياطين من السماء بالشهب تأسيساً لحفظ الوحي الذي سينزل عليه وحراسته من أن يلتبس بكهانة الكهان ، وفيها تزلزت الكعبة ولم تسكن ثلاثة أيام ولياليهن وهي أول علامة رأتها قريش من علامات مولده الشريف وفيها رآها السيد عبد المطلب سجدت نحو مقام إبراهيم كما يسجد الرجل ، وفيها سمعها تقول : الله أكبر الآن طهرت من أنجاس المشركين وأرجاس الجاهلية ، وفي رواية أنه سمع من جدارها صوتاً يقول : ولد المصطفى المختار الذي تهلك به الكفار ويطهر من عبادة الأصنام ويأمر بعبادة الملك العلام ، قلت : وكان ذلك كله منها فرحاً وطرباً بقدوم طلعته المباركة وشكراً لله تعالى على نعمة ظهوره المطهر لها من الرجس وقد كانت من ذلك على وعد فقد ذكر الحافظ الثعلبي أن سليمان عليه السلام كان إذا أراد الغزو أمر بمعسكره فضرب له خشب على قدر عسكره مائة فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس ومثلها للجن ومثلها للوحوش ومثلها للطير ، قلت : وذلك مسافة اثنى عشر يوماً ونصف يوم بسير الإبل المثقلة إذ الفرسخ مسافة ساعة ونصف بسيرها ، قال : وكان له ألف بيت من القوارير فوق ذلك الخشب فيها ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية بضم السين وكانت الشياطين نسجت له بساطاً فرسخاً في فرسخ ذهباً في إبريسم فيبسط له ويوضع له في وسطه منبر يقعد عليه وحوله ثلاثة آلاف كرسي من الذهب والفضة فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة والناس حولهم والجن والشياطين حول الناس وتظلهم الطير بأجنحتها لئلا تقع عليهم الشمس وقد اتخذ فيه مخابز ومطابخ يحمل فيها تنانير الحديد وقدوراً عظيمة كل قدر منها تسع عشر جزورات وقد اتخذ فيه أيضاً ميادين للدواب أمامه حتى إذا حمل أهله وحشمه وكتابه وما يريد أمر الريح العاصف فدخلت تحت الخشب فحملتها حتى إذا استقلت أمر الصبا الرخاء أي اللينة فمرت به غدوها شهر ورواحها شهر فيطبخ الطباخون ويخبز الخبازون وتجري الدواب بين يديه بين السماء والأرض والريح تهوي بهم ، فذكر الشعبي وكعب وغيرهما أنه سار من اصطخر إلى اليمن وتوغل في البادية فسلك مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال سليمان : هذه دار هجرة نبي يبعث في آخر الزمان طوبى لمن آمن به واتبعه ثم أتى أرض الحرم فرأى حول البيت أصناماً تعبد من دون الله تعالى فجاوز البيت فلما جاوزه بكى البيت فأوحى الله تعالى إليه : ما يبكيك ؟ فقال : أي رب أبكاني هذا نبي من أنبيائك وقوم من أوليائك مروا علي فلم يهبطوا بي ولم يصلوا عندي ولم يذكروك بحضرتي وهذه الأصنام تعبد حولي من دونك ، فأوحى الله تعالى إليه : لا تبك فإني سوف أملؤك وجوهاً سجداً لي وأنزل فيك قرآناً جديداً وأبعث منك في آخر الزمان نبياً هو أحب الأنبياء إلي وأجعل فيك عماراً من خلقي يعبدونني وأفرض على عبادي فريضة يزفون ( بكسر الزاي ) أي يسرعون إليك زفيف النسور إلى أوكارها ويحنون إليك حنين الناقة إلى ولدها والحمامة إلى بيضها وأطهرك من الأوثان وعبدة الشيطان ثم أمر سليمان عليه السلام أن ينزل عليه ويصلي فيه ويقرب عنده قرباناً ففعل فذبح عند الكعبة خمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة وقال لمن حضر من أشراف قومه : إن هذا المكان يخرج منه نبي عربي يعطى النصر على جميع من ناواه ويكون السيف على رقبة من خالفه وتبلغ هيبته مسيرة شهر ، القريب والبعيد عنده سواء لا تأخذه في الله لومة لائم فطوبى لمن أدركه وصدقه ، قالوا : فكم بيننا وبين خروجه يا نبي الله صلى الله عليك ؟ قال : زهاء على كذا ( بزيادة على وإنما يقال زهاء كذا أي قدره ) ، وهذه الرواية تفيد خلافه وفيها : تنكست الأصنام وسقطت على وجهها وارتعدت وانتفضت ، وفيها : توالت بشرى الهواتف بولادته صلى الله عليه وسلم كما في رواية عن السيد عبد المطلب : سمعت منادياً يقول : الآن آمنة قد ولدت محمداً وقد سكبت عليه سحائب الرحمة ، هذا طست من الفردوس قد أنزل ليغسل فيه ، وفيها : توالت أخبار الأحبار والرهبان بذلك أيضاً ومنهم من أخبر بذلك صبيحتها كما أشرنا إلى ذلك في المواكب ومنهم من أخبر بذلك قبلها ومنهم من أخبر بذلك بعدها في أخبار تطول جداً منها خبر سيف بن ذي يزن الحميري فيما روى أبو نعيم والبيهقي أنه لما ولي على الحبشة وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ، قلت : هكذا وقع هنا بصيغة التثنية والظاهر أنه بسنين بصيغة الجمع لما سيأتي ، قال : أتاه وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتهنئته أي بهلاك ملوك الحبشة وبولايته عليهم لأن ملك اليمن كان لحمير فانتزعته الحبشة منهم إلى أن استنقذه سيف منهم واستقر فيه على عادة آبائه وجاءت العرب لتهنئته ، قال : وكان من جملتهم وفد قريش وفيهم عبد المطلب وأمية بن عبد شمس وغالب وجهائهم فأخبر بمكانهم وكان في قصره ( أي الذي يقال له غمدان بغين معجمة فميم فدال مهملة وزان عثمان وكان هيكلاً للزهرة تعبد فيه ) ولذا قال عمر رضي الله عنه : لا أفلحت العرب ما دام فيها غمدانها فهدمه عثمان رضي الله عنه في خلافته ، قال : وهو مضمخ بالمسك وعليه بردان والتاج على رأسه وسيفه بين يديه وملوك حمير عن يمينه وشماله فأذن لهم أي لوفد قريش فدخلوا عليه ودنا منه عبد المطلب ، وفي الوفاء : وجدوه جالساً على سرير من الذهب وحوله أشراف اليمن على كراسي الذهب ، قال : فوضعت لهم كراسي من الذهب فجلسوا عليها إلا عبد المطلب فإنه قام بين يديه واستأذنه في الكلام فقال : إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك ، فقال : إن الله عز وجل أحلك أيها الملك محلاً رفيعاً شامخاً أي مرتفعاً باذخاً أي عالياً منيعاً وأنبتك نباتاً طالت أرومته بالضم أي أصله وعظمت جرثومته بزنته ومعناه قال : وثبت أصله وبسق أي طال فرعه في أطيب موضع وأكرم معدن وأنت أبيت اللعن ملك العرب الذي له تنقاد وعمودها الذي عليه العماد وكهفها الذي تلجأ إليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا فيهم خير خلف فلن يهلك ذكر من أنت خلفه ولن يخمل ذكر من أنت سلفه ، نحن أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب الذي فدحنا ( بفاء فدال فحاء مهملتين أي أثقلنا ) فنحن وفد التهنئة لا وفد الترزئة ( أي التعزية ) ، فعند ذلك قال له الملك : من أنت أيها المتكلم ؟ قال : عبد المطلب بن هاشم ، قال : ابن أختنا ( أي لأن أم عبد المطلب من الخزرج وهم من اليمن ) قال : نعم ، قال : أدن ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال : مرحباً وأهلاً ، ( قيل وسيف أول من قال مرحباً ) قال : وناقة ورحلاً ومستناخاً سهلاً وملكار بحلاً بكسر الراء وفتح الموحدة وسكون الحاء المهملة أي عظيم الشأن يعطى عطاء جزلاً أي كثيراً ، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فإنكم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء بحاء مهملة مكسورة فموحدة ممدوداً أي العطاء إذا ظعنتم ثم انهضوا إلى دار الضيافة والوفود وأجرى عليهم الانزال بفتح الهمزة أي تحف الضيافة فأقاموا بذلك شهراً لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم بالانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال له : يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر عملي أمراً لو غيرك يكون لم أبح له به ولكن رأيتك معدنه فأطلعتك طلعة ( بكسر الطاء وسكون اللام أي أبثثتك سره ) فليكن عندك مخبأ حتى يأذن الله عز وجل فيه أني أجد في الكتاب المكنون ، قلت : يحتمل أنه التوراة وأنه غيرها مما يؤثر عن سيدنا موسى عليه السلام فإن اليهودية كانت من العرب في أهل اليمن تهودوا كما تنصرت تغلب وبعض بني شيبان وغسان ولم يكن من العرب مجوسياً إلا قليل كما في أسد الغابة ، قال : والعلم المخزون الذي إدخرناه لأنفسنا واحتجبناه أي كتمناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة ، فقال له عبد المطلب : مثلك أيها الملك سر وبر كلاهما بزنة شهم أي يسر ويبر ، فما هو فداك أهل الوبر أي العرب زمراً بعد زمر ، قال : إذا ولد بتهامة أي مكة غلام بين كتفيه شامة أي وهو خاتم النبوة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة أي السيادة إلى يوم القيامة ، فقال له عبد المطلب : أيها الملك أبت ( بضم الهمزة وسكون الموحدة وضم الفوقية ) أي رجعت بخير ما آب بمثله وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من مساره ما ازداد به سروراً ( بفتح ميم مساره وشد رائه جمع مسرة بهذا الضبط وهي مفعلة ) إما من السر أي مواضع أسراره وهي أخباره المكنونة وإما من السرور أي مجالب السرور التي يبديها لي ولا يخفى ما في كلامه من لطف الطلب ، فقال له الملك : هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد اسمه محمد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه قد ولدناه بتخفيف اللام مراراً أي له فينا ولادة مكررة من جهة الآباء والأمهات فهو صلى الله على نبينا وعليه من آبائه صلى الله عليه وسلم فيما قيل وهو من اليمن وجدته صلى الله عليه وسلم زوجة إسماعيل كانت من جرهم وهم من اليمن وكذلك جدته زوجة السيد هاشم أم السيد عبد المطلب كانت من الخزرج وهم من اليمن كما مر ولذا كان صلى الله عليه وسلم ينتسب إلى اليمن ، فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم عرض الخيل يوماً وعنده عيينة بن حصن الفزاري وكان من المؤلفة ، فقال صلى الله عليه وسلم له : أنا أعلم بالخيل منك ، فقال عيينة : وأنا أعلم بالرجال منك خيار الرجال الذين يضعون أسيافهم على عواتقهم ويعرضون ( بضم الراء ) رماحهم على مناكب خيلهم من أهل نجد ، فقال صلى الله عليه وسلم : كذبت خيار الرجال أهل اليمن الإيمان يمان وأنا يمان ، قال : والله باعثه جهاراً وجاعل له منا أنصاراً يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويضرب بهم الناس عن عرض ( بضم العين المهملة وسكون الراء ) أي عن شق وناحية كيفما اتفق لا يبالي من ضرب ، ومنه قولهم : اضرب به عرض الحائط أي أي ناحية من نواحيه ، قال : ويستفتح بهم كرائم الأرض يعبد الرحمن ويدحض الشيطان ( بضم التحتية وسكون الدال وكسر الحاء آخره ضاد معجمة ) وفي رواية : ويدحر الشيطان براء بدلها مضارع دحره من حد دفعه إذا طرده بإهانة وإذلال ، قال : ويخمد النيران ويكسر الأوثان ، قوله فصل وحكمه عدل ويأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله ، قال له عبد المطلب : جد جدك أي سعد بختك ، قام ودام ملكك وعلا كعبك فهل الملك ساري ( بشد الراء ) يا فصاح فقد وضح لي بعض إيضاح ؟ قال : والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب أي الطرق ، إنك لجده يا عبد المطلب غير كذب ، فخر عبد المطلب ساجداً ، فقال له : ارفع رأسك ثلج صدرك ( بفتح اللام وكسرها ) وعلا كعبك فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك ؟ قال : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رقيقاً وإني زوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجاءت بغلام فسميته محمداً مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه ، قلت ( أي أبو طالب ) لأنه كان يشارك أباه في كفالته ثم استقل بها بعد موته والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمان على الراجح ، وأما أبوه صلى الله عليه وسلم فتوفى وهو صلى الله عليه وسلم حمل ، وأما أمه فتوفيت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين على الراجح ، قال : فقال له : إن الذي قلت لك كما قلت فاحتفظ على ابنك واحذر عليه من اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً واطو ما ذكرته لك عن هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تداخلهم النفاسة من أن تكون له الرياسة فينصبون له الحبائل أي المكائد ويبغون له الغوائل وهم فاعلون ذلك أو أبنائهم من غير شك ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي أي مهلكي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار ملكه واستحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا أني أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره وأعليت على أسنان العرب كعبه ولكن سأصرف ذلك إليك من غير تقصير بمن معك ، ثم دعا بالقوم وأمر لكل واحد منهم بعشرة أعبد سود وعشر إماء سود وحلتين من حلل البرود وعشرة أرطال ذهباً وعشرة أرطال فضة ومائة من الإبل وكرش مملوء عنبراً وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال : إذا جاء الحول فأنبئني بخبره وما يكون من أمره ، فمات الملك قبل أن يحول عليه الحول ، وكان عبد المطلب كثيراً ما يقول لمن معه : لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي ذكره وفخره ، فإذا قيل له : ما هو ؟ قال : سيعلم ما أقول ولو بعد حين ، قلت : ثم هدى الله زرعة بن سيف بن ذي يزن إلى الإسلام وكذا غيره من ملوك حمير كالحرث بن عبد كلال ( بضم الكاف ) ونعيم بن عبد كلال والنعمان ، قيل ذي رعين وهمدان ومعافر فأوفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه من تبوك رسولهم وكتابهم بإسلامهم كما ذكره ابن الأثير ، وفيها فاض وادي السماوة موضع من ديار العرب بين الكوفة والشام إشارة إلى سمو أمر العرب وإقبال عزهم وحياتهم حساً ومعنى ، وفيها سقط من أيا صوفيا التي هي الآن من أعظم مساجد قسطنطينية نحو ثلثها من جهة محرابها كما ذكره صاحب أخبار الدول وآثار الأول ولم أر غيره ، وأصل اسمها فيما لبعضهم أجيا صوفيا بجيم عجمية فتحتية مشددة كتحتية صوفيا ومعناه حكمة القدوس ، وكانت أيا صوفيا ليلة المولد على ما ذكره صاحب أخبار الدول كنيسة عظيمة من بناء السلطان يانقو بتحتية ونون ساكنة فقاف فواو أحد أجداد قسطنطين باني قسطنطينية ، ولما شرع يانقو في عمارتها أرسل إلى ملوك الأطراف يجمع ما يحتاج إليه فكان بحران وهي قرية من أعمال دمشق كنيسة جليلة القدر كان سيدنا إبراهيم عليه السلام يتعبد بها قبل فهدموها وأرسلوا منها عشرة أعمدة من السماقي بضم السين الذي قيل أن مقطعه بجبل سرنديب من الهند وأما بقية الأعمدة فجيء بها من رومية وبلاد الحبشة ، قال : وروي في بعض التواريخ أن سليمان عليه السلام لما غزا كفار البحر اجتاز بعض الأيام متصيداً فرأى مكان قسطنطينية وقد أحاط به البحر وكان ذلك وقت الربيع وظهور أنواع النبت فاستطاب ذلك المنزل فأمر ببناء عريش لطيف بين مشرقه وشماله ليستظل به ، قال : وهو موضع دار السعادة الآن فكان يتصيد ويعود إليه ليلاً واختار وزيره آصف بمد الهمزة وفتح الصاد المهملة وتوابعه مكان أيا صوفيا ، وأما باقي العسكر ففي المكان المعروف بآت ميداني أي ميدان الخيل فآت معناه حصان وهم يفخمون الهمزة ويبدلون التاء طاء ، قال : وذكر في تاريخ البلدان بضم الموحدة في سبب بنائها أن قسطنطين أشير له في المنام أن يعمر حصناً في غاية الحصانة والإحكام فشاور أكابر دولته فوقع اختيارهم على موضع يقال له استنبول ويسمى قاضي كوى بضم الكاف ممالة للفتح وسكون الواو والتحتية أي بلد القاضي على التقديم والتأخير شأن لغتهم ، قال : فيروى أنهم لما شرعوا في البناء بهذا المكان جاءت حيوانات على صور شتى كالطيور والوحوش فجعلت تخطف آلات البنائين ومكاتل الفعلة ومعاول الحفارين وتدخل بها البحر فاجتازوا إلى الجهة الغربية ليكشفوا أمر تلك الحيوانات فرأوا مكان قسطنطينية في غاية اللطافة جزيرة خالية مثلثة الشكل وكانت تسمى قديماً هفت جبل أي سبعة جبال إذ هفت بالفارسية سبعة فبنوها ، قال : وذكر أن عيسى عليه السلام دخلها في سياحته ودعا لها بالبركة هذا كلامه موضحاً ، قلت : وقد بورك فيها بحلول الإسلام وأهله فيها حتى قيل لها إسلام بول أي دار الإسلام ولكنها بالنظر لمن حلها من الكفار والفجار أو يحلها منهم عدت من مدائن النار في خبر أربع مدائن من مدن الجنة مكة والمدينة وبيت المقدس وصنعاء اليمن وأربع من مدائن النار أنطاكية بفتح الهمزة وكسرها وتخفيف التحتية وعمورية بفتح العين المهملة وضم الميم مشددة وكسر الراء وتخفيف التحتية بلد بالروم هو اليوم خراب ، وقيل هو الذي يقال له اليوم أنكورية وأنقرة وقسطنطينية وظفار اليمن بفتح المشالة والفاء مخففة بالقرب من صنعاء ويقال لقسطنطينية أيضاً فروق وزان صبور فيجوز أن يكون من الفرق بسكون الراء وهو الفصل لأنها مظهر الفرق بين المسلمين وغيرهم أو بين بحر وبحر أو غير ذلك ويجوز أن يكون من الفرق كسبب وهو الخوف لدوام خوفها من الروم الذين هم أشد الناس حرصاً على تملكها ورفع أيدي المسلمين عنها وخوفها من الكروب التي تحدق بها عند فتحها الذي هو من أشراط الساعة وهل وقع ؟ قيل : نعم أيام عثمان رضي الله عنه أو أيام السلطان محمد خان بن السلطان مراد خان بتاريخ بلدة طيبة 857 وأوضح منه قولي ( نور أشرق 857 ) ، والأصح أنه يكون في آخر الزمان فصحح المقدسي في كتاب الدرر في أخبار المهدي المنتظر أنه يكون قبيل خروجه وفيه نظر فالأخبار مشيرة أنه في أيامه قبيل خروج الدجال وأشار بعضهم أنها تفتح مرتين مرة قبيل خروج المهدي ومرة أيامه قبيل خروج الدجال ، ومما يشير إلى هذا خبر عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة أي الحرب العظمى التي يقع فيها الالتحام والاختلاط ، قال : وخروج الملحمة فتح قسطنطينية وفتح قسطنطينية خروج الدجال رواه أبو داود ، وخبر الملحمة العظمى وفتح قسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر وخبر بين الملحمة وفتح القسطنطينية ست سنين ويخرج الدجال في السابعة ، وهذا قال أبو داود أصح ، وأشار الحافظ ابن كثير إلى الجمع بأن المعنى أن بين ابتداء الملحمة وفتحها ست سنين وبين فتحها وخروج الدجال مدة قريبة بحيث يكون آخر الملحمة وفتحها مع خروج الدجال في سبعة أشهر ، وخبر لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق ، قلت : الأعماق بفتح الهمزة وإهمال العين بلد بين حلب وإنطاكية ودابق بدال مهملة وموحدة وقاف وزان صاحب وهاجر قرية بحلب ، قال : فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون فيفتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان أن المسيح بإهمال الحاء أي الدجال قد خلفكم بتخفيف اللام في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاؤا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو ترك لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته ، وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى صورة فتحها فيما روى مسلم مرفوعاً : هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني اسحق كذا وقع في جميع أصول مسلم ، قال بعضهم : والمحفوظ من بني إسماعيل فإن الحديث وسياقه يدل أن المراد العرب ، قال : فإذا جاؤها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ، قال ثور : لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنمون فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال : إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون ، وقوله ثم يقولوا في الموضعين بحذف النون على لغة ، ومن أسباب الفتنة بيننا وبين الروم ما في قوله صلى الله عليه وسلم : ستصالحون الروم صلحاً آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة رواه أبو داود ، وفي الخبر : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت رواه أبو داود أيضاً ، وإنما أطلت هنا لأن ذلك مما نؤمن به من الأشراط التي يظهر بها مصداق كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بل المولد كله من الأشراط ، وفيها : خمدت نار الفرس التي كانوا يعبدونها ولم تخمد قبل ذلك بألف عام إشارة لخمود نار العذاب عن أمته صلى الله عليه وسلم بخلاف ليلة مولد عيسى عليه السلام فإن النار اشتعلت بها إشارة لاشتعالها على من اتخذه إلهاً من دونه تعالى ، وفيها : غاضت بحيرة ساوة من قرى فارس بين همذان وقم بضم القاف وكانت بحيرة عظيمة ، وفيها : غاضت أيضاً بحيرة طبرية بلدة بالشام وهي بحيرة عظيمة أيضاً لكن تراجع ماؤها بعد وستجف وتيبس لخروج الدجال فيما ذكره غير واحد لكن صوب الإمام السهيلي في روضه أن ذلك إنما يكون لخروج يأجوج ومأجوج فيشربون ماءها وأن الذي من أعلام الدجال إنما هو غور عين زغر كما في حديث الدجال قال : أخبروني عن عين زغر هل فيها ماء ؟ قالوا : نعم ، انتهى ، قلت : وهي بضم الزاي وفتح الغين المعجمة فراء ، قرية بالبلقاء بمشارف الشام سميت بزغر بنت لوط عليه السلام لأنها نزلت بها فسميت باسمها ، وفيها : تزلزل إيوان الفرس وانشق سقفه طولاً وارتجس أي صوت بشدة وسقط منه أربع عشرة شرفة ، وفيها : ارتاع كسرى وهاله ما وقع بالإيوان مع ما كان يؤثر عنه من الثبات والتشجع ، وفيها : رأى رئيس موابذته وهم حفظة الدين عندهم في منامه إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً أي كراماً قد قطعت دجلة أي عبرتها وانتشرت في بلاد فارس وقد أوله هو بأنه حدث يكون من ناحية العرب ، قلت : وقد تحققت رؤياه هذه في وقعة القادسية أيام عمر رضي الله عنه إذ أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أميراً على الجيش فلما أرادوا أن يعبروا دجلة ليصلوا إلى المدائن الشرقية التي بها الإيوان لم يجدوا معابر لأن الفرس أخرجتها كلها منها مكيدة ، فقال سعد : يا بحر إنك تجري بأمر الله فبحرمة محمد صلى الله عليه وسلم وعدل عمر إلا ما خليتنا والعبور ثم أقحموا خيلهم فعبروا بها لم تبتل حوافرها وهي إحدى كرامات سعد وجيشه بل كرامات عمر بل كراماته صلى الله عليه وسلم وقد سبق نظيرها للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنه إذ أرسله صلى الله عليه وسلم في جيش إلى البحرين وفيهم أبو هريرة رضي الله عنه قال : أتينا على خليج من البحر ما خيض قبل ذلك اليوم ولا خيض بعده فلم نجد سفناً فصلى العلاء ركعتين ثم قال : يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم أجزنا بالزاي ثم أخذ بعنان فرسه ثم قال : باسم الله جوزوا ، قال أبو هريرة : فمشينا إلى الماء فوالله ما ابتل لنا قدم ولا خف ولا حافر وكان الجيش أربعة آلاف ، ومن تلك الكرامات أيضاً أن سعداً رضي الله عنه لما نزل بالقادسية أقام بها شهراً قبل الوقعة لم يأته أحد من الفرس فأرسل عاصم بن عمرو التميمي إلى ميسان يلتمس بقراً أو غنماً يذبحها للجيش فتحصن من هناك منه فلم يقدر على بقر ولا غنم فوجد رجلاً منهم بجانب أجمة فسأله عن البقر والغنم فقال : ما أعلم ، فصاح ثور من الأجمة كذب عدو الله ها نحن ، فدخل عاصم فاستاق البقر فأتى بها العسكر فقسمها سعد على الناس فأخصبوا أياماً فكانوا يسمونه يوم الأباقر ولهم يوم بعده كانوا يسمونه يوم الحيتان وذلك أن سواد بن مالك التميمي أغار فاستاق ثلثمائة دابة من بين بغل وحمار وثور وأوقرها سمكاً وصبح بها العسكر فقسمه سعد ، ومن تلك الكرامات أيضاً أن سعداً حاصر أهل بهرشير وهي المدائن الغربية شهرين حتى اشتد بهم الحصار وأكلوا السنانير والكلاب فأشرف عليهم رسول ملكها فقال : الملك يقول لكم هل لكم في المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة إلى جبلنا ولكم ما يليكم من دجلة إلى جبلكم أما شبعتم لا أشبع الله بطونكم ، فأنطق الله تعالى أبا مقرن الأسود بن قطبة فأجابه بما لا يدري هو ولا من معه ما هو فرجع الرجل فخرج أهل بهرشير منها سراً وعبروا إلى المدائن الشرقية فقال سعد : والناس يا أبا مقرن ما قلت له ؟ فقال : والذي بعث محمداً بالحق ما أدري وأنا أرجو أن أكون قد نطقت بالذي هو خير ، فنادى سعد في الناس أن ينهضوا فنهضوا فلم يجدوا بالمدينة إلا أسارى ورجلاً واحداً استأمنهم فأمنوه وسألوه لأي شيء هربوا ؟ فقال : بعث الملك يعرض عليكم الصلح فأجبتموه أنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبداً حتى نأكل عسل أفريدون بأترج كوثي بضم الكاف وسكون الواو وفتح المثلثة قرية ببابل من العراق وكأنها التي ينسب إليها النوع من القرع فيقال قرع كوثي ولد بها إبراهيم عليه السلام وفيها قذف في النار وقيل ولد بنفس بابل وقيل بالسوس من أرض الأهواز وقيل بحران ، قال : فقال الملك يا ويلتيه إن الملائكة تتكلم على ألسنتهم ترد علينا ثم هربوا .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 26, 2014 11:02 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الفصل السادس

وكان تمام سعود الكون واستبشاره بالمولد المحمدي وسطوع أنواره وكيف لا وهو صلى الله عليه وسلم شمس نهاره ونور أبصاره واستبصاره والثمرة المقصودة من غرس أشجاره والغيث الذي أغاث الله الأنام بمدراره والمسك الذي جعله الله تعالى ختام أسراره والسر الأكبر الذي شوق الله العالم إلى ظهوره بعد استتاره والبشير الذي طالما باتت الدنيا والآخرة في انتظاره والحبيب الذي هامت الأرواح ظمأ إلى كريم طلعته بعد شهي أخباره إلى أن شرف الله تعالى الوجود بإظهاره وأسطع نوره من الكون في جميع أقطاره وأفرغ على الزمان من يوم مولده الكريم حلة فخاره .



فيا ذلك اليوم المعظم مرحباً

وأهلاً بعصر أنت نظم نثاره



روى أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت آمنة تحدث عن نفسها فتقول : لقد أخذني ما يأخذ النساء ولم يعلم بي أحد من القوم ذكر ولا أنثى وإني لوحيدة في المنزل وعبد المطلب في طوافه فسمعت وجبة شديدة وأمراً عظيماً فهالني ذلك وذلك يوم الإثنين ، قلت : وهذا ينتظم في سلك أدلة ولادته صلى الله عليه وسلم نهاراً وثم أدلة أخرى أنه ولد ليلاً وجمع بأنه ولد بعيد الفجر وسلطان الليل باق في وقت البركة بإشارة خبر بورك لأمتي في بكورها وخبر ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ساعة تشبه ساعات الجنة لا يرد فيها الدعاء وخبر ألا أدلكم على ساعة من ساعات الجنة الظل فيها ممدود والرزق فيها مقسوم والرحمة فيها مبسوطة والدعاء فيها مستجاب ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وجمع أيضاً بأنه ولد قبيل الفجر ليلاً بالنسبة لبعض البلاد وبعيده نهاراً بالنسبة لبعضها الآخر فإن الفجر يطلع في بلاد قبل أخرى ، وكونه ولد يوم الإثنين هو الصحيح بل الصواب ، وبولادته صلى الله عليه وسلم فيه حاز الفضل العظيم فإنه توسط في الفضل بين يومي الجمعة والخميس ، ومما يشير إليه خبر لا يفوتك صوم يوم الإثنين لأني ولدت فيه ، وكذا ما مر أن أبواب الجنات كأبواب السموات فتحت للمولد الشريف ، وفي الخبر : تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا رواه مسلم ، فكأنها فضيلة استمرت له ببركة ولادته صلى الله عليه وسلم فيه ، قالت : فرأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادي فذهب عني كل رعب وكل فزع ووجع كنت أجد ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء ظننتها لبناً وكنت عطشى فتناولتها فشربتها ، زاد في رواية : فإذا هي أحلى من العسل ، قالت : فأضاء مني نور عال ثم رأيت نسوة كالنخل الطوال كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي فبينا أنا أعجب من ذلك وأقول واغوثاه من أين علمن بي ؟ زاد في رواية : فقلن لي نحن آسية إمرأة فرعون ومريم بنت عمران وهؤلاء من الحور العين ، قالت : فاشتد بي الأمر وأنا أسمع الوجبة في كل ساعة أعظم وأهول فإذا أنا بديباج أبيض قد مد بين السماء والأرض وإذا قائل يقول : خذوه عن أعين الناس أي إذا ولد ، قالت : ورأيت رجالاً قد وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق من فضة وإناء يرشح منه عرق كالجمان أطيب ريحاً من المسك الأذفر وأنا أقول ياليت عبد المطلب قد دخل علي وعبد المطلب ناء عني فرأيت قطعة من الطير قد أقبلت من حيث لا أشعر حتى غطت حجرتي مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من الياقوت فكشف الله عن بصري فأبصرت ساعتي تلك مشارق الأرض ومغاربها ورأيت ثلاثة أعلام مضروبات علماً في المشرق وعلماً في المغرب وعلماً على ظهر الكعبة فأخذني المخاض واشتد بي الأمر جداً فكنت كأني مستندة إلى أركان النساء وكثرن علي حتى إني لأرى أي أعلم أن معي في البيت أحداً وأنا لا أرى أي أبصر شيئاً وفي رواية حتى كأنهن معي في البيت ، وفي أخرى وكأن واحدة من النساء تقدمت إلي فاستندت إليها وأخذني المخاض واشتد علي الطلق وكأن واحدة منهن تقدمت إلي وناولتني شربة من الماء أشد بياضاً من اللبن وأبرد من الثلج وأحلى من الشهد ، فقالت لي : إشربي ، فشربت ثم قالت الثالثة : إزدادي فازددت ثم مسحت بيدها على بطني وقالت : باسم الله أخرج بإذن الله ، قالت : فولدت محمداً صلى الله عليه وسلم ، قلت : وها هنا يستحب القيام وقد بسطت الكلام عليه في المواكب ، قالت : فلما خرج من بطني درت فنظرت إليه فإذا هو ساجد قد رفع إصبعيه إلى السماء كالمتضرع المبتهل ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء نزلت حتى غشيته فغيب عن وجهي فسمعت منادياً ينادي ويقول : طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم شرق الأرض وغربها وأدخلوه البحار كلها ليعرفوه باسمه ونعته وصورته ويعلمون بإثبات النون على الاستئناف وحذفها على العطف كما في رواية أخرى أنه سمي فيها الماحي لا يبقى شيء من الشرك إلا محي به في زمنه ثم تجلت عنه في أسرع وقت فإذا أنا به مدرج في ثوب صوف أبيض أشد بياضاً من اللبن وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب الأبيض وإذا قائل يقول : قبض محمد صلى الله عليه وسلم على مفتاح النصر ومفتاح الذكر ومفتاح النبوة ثم أقبلت سحابة أخرى أعظم من الأولى لها نور يسمع فيها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة من كل مكان وكلام الرجال حتى غشيته فغيب عن عيني أكثر وأطول من المرة الأولى فسمعت منادياً ينادي : طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم الشرق والغرب وعلى موالد النبيين واعرضوه على كل روحاني من الجن والإنس والملائكة والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ومعرفة شيث ورقة نوح وخلة إبراهيم ولسان إسماعيل ، زاد في رواية : ورضا إسحق وفصاحة صالح وحكمة لوط ، قالت : وبشرى يعقوب وجمال يوسف ، زاد في رواية : وطاعة يونس وجهاد يوشع وحب دانيال ووقار إلياس ، قالت : وزهد يحيى وكرم عيسى وأغمروه في أخلاق النبيين ثم تجلت عنه في أسرع من طرفة عين فإذا أنا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية طياً شديداً ينبع من تلك الحريرة ماء معين وإذا قائل يقول : بخ بخ قبض محمد صلى الله عليه وسلم على الدنيا لم يبق خلق من أهلها إلا دخل في قبضته طائعاً بإذن الله عز وجل ولا حول ولا قوة إلا بالله فبينا أنا أتعجب إذا أنا بثلاثة نفر ظننت أن الشمس تطلع من خلال وجوههم في يد أحدهم إبريق من فضة وفي ذلك الإبريق ريح المسك وفي يد الثاني طست من زمرد أخضر وقد مر في رواية أنها من جنة الفردوس قالت : عليها أربعة نواح في كل ناحية من نواحيها لؤلؤة بيضاء وإذا قائل يقول : هذه الدنيا شرقها وغربها برها وبحرها فاقبض يا حبيب الله على أي ناحية شئت فدرت لأنظر من أين قبض من الطست فإذا هو قد قبض على وسطها فسمعت قائلاً يقول : قبض على الكعبة ورب الكعبة ، أما أن الله تبارك وتعالى قد جعلها له قبلة ومسكناً مباركاً ورأيت في يد الثالث حريرة بيضاء مطوية طياً شديداً فنشرها فأخرج منها خاتماً تحار أبصار الناظرين دونه ثم حمل ابني فناوله صاحب الطست وأنا أنظر إليه فغسله أي غسل الملك النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الإبريق سبع مرات ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ختماً واحداً ولفه أي لف الملك النبي صلى الله عليه وسلم في الحريرة واستذر عليه خيطاً من المسك الأذفر ثم احتمله فأدخله بين أجنحته ساعة ، قال ابن عباس : كان ذلك رضوان خازن الجنان ، قالت : وقال في أذنه كلاماً كثيراً لم أفهمه وقبل بين عينيه ثم قال : أبشر يا محمد فما بقي لنبي علم إلا وقد أعطيته فأنت أكثرهم علماً وأشجعهم قلباً معك مفاتيح النصرة وقد ألبست الخوف والرعب فلا يسمع أحد بذكرك إلا وجل فؤاده وخاف قلبه وإن لم يرك يا رسول الله ، ثم رأيت رجلاً قد أقبل نحوه حتى وضع فاه على فيه فجعل يزقه كما تزق الحمام فرخها فكنت أنظر إلى ابني يشير بأصبعه يقول : زدني زدني ، فزقه ساعة ثم قال : أبشر يا حبيب الله فما بقي لنبي حلم إلا وقد أوتيته ثم احتمله فغيبه عني فجزع فؤادي وذهل قلبي فقلت : ويح قريش والويل لها ماتت كلها أنا في ليلتي وفي ولادتي أرى ما أرى ويصنع بولدي ما يصنع ولا يقربني أحد من قومي إن هذا لهو العجب العجاب ، فبينا أنا كذلك إذا أنا به قد رد علي كالبدور وريحه يسطع كالمسك وهو يقول : خذيه فقد طافوا به الشرق والغرب وعلى موالد النبيين أجمعين والساعة كان عند أبيه آدم فضمه إليه وقبل بين عينيه وقال : أبشر حبيبي فأنت سيد الأولين والآخرين ومضى أي آدم وجعل يلتفت ويقول : أبشر يا عز الدنيا وشرف الآخرة فقد استمسكت بالعروة الوثقى فمن قال بمقالتك وشهد بشهادتك حشر غداً يوم القيامة تحت لوائك وفي زمرتك ، وناولنيه ومضى ولم أره بعد تلك المرة ، قلت : وفي المواكب من الكلام على رتبة هذا الحديث وإيضاحه ما لا يستغنى عنه فانظره .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 26, 2014 7:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الفصل السابع

ويؤخذ من مجموع روايات اتصافه صلى الله عليه وسلم عند مولده الشريف بصفات سنية تشبه مقامه العالي ، فمنها أنه ولد وكذا سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين من تحت السرة ولم يولد من الموضع المعتاد تنزيهاً قاله ابن سبع ونوزع ، وأجيب عنه بما في المواكب وأنه ولد نظيفاً ما به قذر وأن النجوم تدانت عند مولده وجعلت تتدلى وأنه خرج معه نور عم البيت بل الدار بل أضاءت له قصور الشام بل ما بين المشرق والمغرب وما بين السماء والأرض وأنه حفظ من مس الشيطان ، قيل : وكذا الأنبياء ، قيل : وكذا أولاده صلى الله عليه وسلم ، وأنه استهل على يد قابلته الشفاء ، فقيل : استهلاله عطاسه بإشارة أنها سمعت قائلاً يقول له : يرحمك ربك أو رحمك الله ، وبإشارة خبر استهلال الصبي العطاس ، وأنه تكلم لما ولد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأنه ولد مدهوناً مسروراً أي مقطوع السر بالضم وهو الخلاص بكسر الخاء المعجمة مختوماً ما بين كتفيه بخاتم النبوة مختوناً كيلا يرى أحد ما بين فخذيه مستقيماً على قدميه واضعاً إحدى يديه على عينيه والأخرى على سوأتيه شاخصاً إلى السماء ببصره إشارة إلى سمو أمره وتوجه همته إلى المعالي وتعلق قلبه بالملكوت والملأ الأعلى وما سيوحى إليه ويتنزل إليه منها وما سيشرف بترقيه إليه منها ليلة المعراج وإنها جديرة بالتأمل فيها والتفكر في عجائبها التي أشرت إلى بعضها في قولي : وهو مما ينبغي نذكر معناه عند النظر إليها ، سبحان من خلقها وكانت رتقاً ففتقها ودعاها للطاعة وبها أنطقها ، سبحان من وفقها وفوقها وغقها وسمقها أي أعلاها ولا دعمها ولا علقها وإنما أمسكها بقدرته وعوقها ، سبحان من أنزل منها غدقها على أرض شرقها قبل شرقها ونفع الخليقة بذلك ورزقها ، سبحان من أتقن حبكها وطرقها وختمها بالكواكب ومنطقها وزينها بها وزوقها وجمعها فيها وفرقها وجعل لها حرساً فأرقها وأتم بذلك رونقها ، سبحان من أبدعها وطبقها وسواها وأطبقها وعصمها من الفطور وأعتقها ثم إذا شاء مورها وشققها ، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم قبض قبضة من تراب وأهوى ساجداً ثم رفع رأسه وإصبعيه إلى السماء وأنه كسي عقب ولادته ثوب صوف أشد بياضاً من اللبن وفرش له حريرة خضراء إلى آخر ما مر في حديث آمنة من الآيات وأنه أكفئت عليه جفنة على عادتهم فانفلقت عنه إذ النور لا يحجبه ظلام وأن الملائكة زارته وأنه دخل به جده الكعبة وهذا قد اعتيد بمكة إلى الآن إلا أنهم الآن يكتفون بوضع المولود على باب الكعبة لأنها في الغالب مقفلة .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 27, 2014 3:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الفصل الثامن

وكان مولده صلى الله عليه وسلم بمكة على الصواب بدار عند الصفا وقيل : ببيت بآخر شعب بني هاشم في سوق الليل مشهور بمكة يزار ، وكان ذلك في عام الفيل يوم بعث الله تعالى الطير الأبابيل على أصحابه كما رواه ابن حبان ، وقيل غير ذلك ، في شهر ربيع الأول على الصحيح لليلة منه أو ليلتين أو سبع أو ثمان وبه جزم أئمة حفاظ أو تسع في قول بعض أهل الحساب أو عشر ورجحه بعض الحفاظ أو ثنتى عشرة على المشهور الذي عليه العمل أو سبع عشرة أو ثمان عشرة أو ثمان بقين منه ، وقيل : هذان القولان غير صحيحين عمن حكيا عنه ، ومر الكلام في أنه كان ليلاً أو نهاراً وأنه يوم الإثنين على الصحيح بل الصواب ، وينبغي الاعتناء على العادة بالمولد الشريف بإظهار الفرح به وإطعام الطعام والإحسان للفقراء وقراءة القرآن الكريم والذكر المطهر عملاً يرضيه تعالى وإنشاد القصائد النبوية والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وقراءة قصة المولد الشريف وما أشتمل عليه من كراماته إن كان ذلك من تحرير عالم متقن بخلاف الخرافات الشائعة اليوم بين الجهال فذلك مما يجب إنكاره وحينئذ فلتكن قراءة ذلك من عالم موثوق به أو بتقريره حتى يحصل المقصود من بيان أمر المولد وكراماته الذي هو تمام النظام الذي ترجى به المثوبة فقد رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له : حبيبي ما لمن يصنع لك مولد أو يفرح به ؟ فقال : من فرح بنا فرحنا به ، هذا مع ما جاء في قصة اعتاق أبي لهب أمته ثوبية لما بشرته بولادته صلى الله عليه وسلم من تخفيف العذاب عنه يوم الإثنين أو ليلته بأن يسقى ماء من النقرة التي بين إبهامه وسبابته فإذا كان هذا لأبي لهب



فما الظن بالعبد الذي كان عمره

بأحمد مسروراً ومات موحدا



فهذا يصلح أن يكون أصلاً لعمل المولد الشريف وأرقى منه في ذلك ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم ذبح عقيقة عن نفسه بعدما جاءته النبوة والعقيقة لا تعاد مرة ثانية إذ كان جده قد ذبحها عنه سابع ولادته فكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم محمولاً على أنه إظهار للشكر على إيجاده رحمة للعالمين وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك ، فيستحب لنا نحن إظهار الشكر على ذلك أيضاً ولا يرد على ذلك قول الحافظ في هذا الحديث أنه منكر ولا قول النووي أنه باطل فيكون التخريج عليه ساقطاً وإن كنت ذكرت ذلك في المواكب تبعاً لبعضهم فإن الحافظ والنووي تبعا في ذلك البيهقي وغيره وليس الأمر كما قالوه في كل طرقه كما ذكره العلامة المحقق ابن حجر الهيتمي بالفوقية في التحفة قال : فقد رواه أحمد والبزار والطبراني من طرق قال الحافظ الهيثمي أي بالمثلثة في أحدها أن رجاله رجال الصحيح إلا واحداً وهو ثقة أهـ ، فاتجه التخريج عليه واستقام استحباب إظهار الشكر على إيجاده صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ولله الحمد ، وأرقى من هذا في ذلك ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء شكراً لله تعالى على إنجاء موسى وإغراق عدوه فيه فهذا يفيد طلب فعل الشكر على المنة في يوم معين وإعادته في نظير ذلك اليوم من كل سنة وأي منة لدينا أعظم من ظهوره صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وهذا الوجه من حسنات الحافظ رحمه الله تعالى وعليه فينبغي تحري وقت المولد الشريف ورعاية الخلاف فيه هل كان ليلاً أو نهاراً وهل كان لثمان أو عشر أو ثنتي عشرة مثلاً ليوافق أحد الأقوال المارة ، ولو جمع بينها كان أعلى وأتم ومن لا يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم أو ليلة من الشهر أو العام ولا بأس به لكن التخصيص أفضل ، ومن المجرب أن عمل المولد الشريف أمان لصاحبه ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل المرام ومن شاء المزيد فعليه بالمواكب والسلام ، والحمد لله أن من علينا بهذا النبي الكريم الرؤوف الرحيم صاحب الجاه العظيم عليه أفضل الصلاة والتسليم كيف وهو المفرج لكروبنا والمفرح لقلوبنا والشفيع المشفع في ذنوبنا والملجأ الأكبر إذا خفنا افتضاح عيوبنا .



وإذا تعسرت الأمور فإنني

راج لها بمحمد تسهيلا


يا رب هبنا للنبي وهب لنا

ما سولته نفوسنا تسويلا


واستر علينا ما علمت فإننا

لسنا نطيق بزلة تخجيلا


واعطف على هذا الضعيف إذا رأى

هول المعاد فأظهر التهويلا


واجعل لنا اللهم جاه محمد

فرطاً تبلغنا به المأمولا


واصرف به عنا عذاب جهنم

كرماً وكف ضرامها المشمولا


واجعل لنا من عطفه وحنانه

ورضاه حظاً يا كريم جزيلا


واجعل صلاتك دائمة منهلة

لم تلف دون ضريحه تهليلا


واسكب على الآل الكرام وصحبه

منها صبيباً بكرة وأصيلا



سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين . والحمد لله رب العالمين .

قال مؤلفه لطف الله به وبسائر المسلمين في الدارين : فرغت من تبييضه المرة الثالثة الثابتة إن شاء الله تعالى غرة ربيع الأول سنة أربع وثلثمائة وألف من الهجرة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .




لما نجز طبعه وازدهى من ثمره الشهي ينعه أرخه حضرة ملتزمه البدر المنير السيد / عبد الوهاب داود فقال :

لله هذا العلم الأحمدي

في مولد الهادي شفيع الأمم


فاطرب به في حسن تاريخه

ببشره قد تم طبع العلم
سنة 1305



وأرخه أيضاً الأديب الفائق الشيخ محمد النشار الصغير

لله بل للحسن أبهى مولد

يحلو ويعذب في التلاوة ذوقا


جمع الذي في الكتب كان مفرقا

وأبان معناه وقال الحقا


لسماء هذا العصر من سطعت به

شمس الفضائل للبرية حقا


فاظفر بمولد أحمد خير الورى

متمتعاً ببديع وصف أرقى


واحفظ لذا العلم الذي نشرت لواه

يد الفخار وأودعته الصدقا


لما بدا بدر التمام بطبعه

وبنور طلعته أضاء الأفقا


بادرت إذ حسن الختام مؤرخاً

بالطبع هذا مولد قد رقا
114 706 80 104 301
سنة 1305



نحمدك يا من مننت علينا بجوهرة الوجود ونخبة الأنبياء وفضلته على العالمين بالاجتباء والاصطفاء صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى ونجوم السماء صلاة تتصل ما سمح البدر بائتلاق أنواره والقطر باندفاق الأنواء .

وبعد فإن مما ابتهج به هذا العصر وتحلى به جهة قطر مصر تأليف عين أعيان العلماء ورئيس الحذاق والفضلاء غيث الأدب المغدق للقاصي والداني العلامة الفاضل الشيخ أحمد الحلواني لا سيما هذا المولد المسمى بالعلم الأحمدي في المولد المحمدي فإنه مورد يكرع كل عالم من حياضه ويرتع كل همام في رياضه يستوقف حسن ألفاظه المسامع ويعطر عبيره الأندية والمجامع حمى الله معارف مؤلفه من النكرات وحفظه وحلاه بجميل الصفات ، هذا وقد تم طبعه الزاهي الزاهر وبدا شكله الباهي الباهر الذي من نظر إلى حسنه اكتفى بمطبعة حضرة محمد أفندي مصطفى لا زالت مصدراً للفواضل ومورداً للفضائل وقد أشرق بدر التمام وفاح مسك الختام في أواخر شهر ربيع الثاني سنة 1305 من هجرة من لا يوازيه أحد ولا يدانى صلى الله وسلم عليه وعلى أصحابه وعلى كل من انتمى لجنابه آمين .

قلت : انتهى المولد الشريف ولله الحمد والمنة ويليه مولد عمدة الشافعية الإمام الهيتمي إن شاء الله تعالى .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 27, 2014 8:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذا كتاب النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم لسيدي شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي شيخ الشافعية في عصره رضوان الله تعالى عليه وهو أحد الأئمة التي ردت على ابن تيمية ، وهذه ترجمة مختصرة للشيخ أنقلها من الويكيبديا بتصرف يسير :

هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري الشافعي، (909 هـ - 973 هـ)، فقيه شافعي ومتكلم على طريقة أهل السنة من الأشاعرة، ومتصوف.

ولد في رجب سنة 909 هـ في محلة أبي الهيتم من إقليم الغربية في مصر المنسوب إليها. مات أبوه وهو صغير فكفله الإمامان شمس الدين بن أبي الحمايل وشمس الدين الشناوي. ثم نقله الشمس الشناوي من محلة أبي الهيتم إلى مقام أحمد البدوي فقرأ هناك في مبادئ العلوم ثم نقله في سنة 924 هـ إلى جامع الأزهر فأخذ عن علماء مصر وكان قد حفظ القرآن في صغره.

أذن له مشايخه بالإفتاء والتدريس وعمره دون العشرين، وبرع في علوم كثيرة من التفسير والحديث والكلام والفقه أصولا وفروعا والفرائض والحساب والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والتصوف. ومن محفوظاته كتاب "المنهاج"، ومقروآته لا يمكن حصرها، وأما إجازات المشايخ له فكيرة جدا استوعبها في معجم مشايخه.

قدم إلى مكة في آخر سنة933 هـ فحج وجاور بها، ثم عاد إلى مصر ثم حج بعياله في آخر سنة 937 هـ ثم حج سنة 940 هـ وجاور من ذلك الوقت بمكة وأقام بها يدرس ويفتي ويؤلف.

ومن جملة شيوخه ممن أخذ عنهم:

الإمام زكريا الأنصاري.
الشيخ عبد الحق السنباطي.
الشمس المشهدي.
الشمس السمهودي.
الأمين الغمري.
شهاب الدين الرملي.
الطبلاوي.
أبو الحسن البكري.
الشمس اللقاني الضيروطي.
الشهاب بن النجار الحنبلي.
الشهاب بن الصائغ.
وغيرهم كثير ..

من مؤلفاته :

يوجد في ويكي مصدر كتب أو مستندات أصلية تتعلق بـ: ”ابن حجر الهيتمي“شرح المشكاة.
شرح المنهاج المسمى "تحفة المحتاج بشرح المنهاج".
شرحان على الإرشاد.
شرح الهمزية البوصيرية.
شرح الأربعين النووية.
الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة.
كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع.
الزواجر عن اقتراف الكبائر.
نصيحة الملوك.
شرح ألفية عبد الله بأفضل الحاج المسمى "المنهج القويم في مسائل التعليم والأحكام في قواطع الإسلام"، وهو شرح للمقدمة الحضرمية في الفقه الشافعي.
شرح العباب المسمى "الإيعاب وتحذير الثقات عن أكل الكفتة والقات".
شرح قطعة من ألفية ابن مالك.
شرح مختصر أبي الحسن البكري في الفقه.
شرح مختصر الروض ومناقب أبي حنيفة.
الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتي الرغائب والنصف من شعبان.
إتحاف ذوي المروة والإنافة بما جاء في الصدقة والضيافة
مبلغ الأرب في فخر العرب.
در الغمامة في در الطيلسان والعذبة والعمامة.
تنبيه الأخيار على معضلات وقعت في كتابي الوظائف والأذكار.
تطهير الجنان واللسان عن الخوض والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان.
القول المختصر في علامات المهدي المنتظر.
الفتاوى الفقهية الكبرى.
الفتاوى الحديثية.
الإفصاح عن أحاديث النكاح.
الإعلام بقواطع الإسلام.
وكتبه كثيرة لا تحصى ، وتعد الجامعة في شتى العلوم الشرعية ..

انتقل الإمام ابن حجر الهيتمي في مكة المكرمة في رجب 973 هـ ودفن في مقبرة المعلاة في تربة الطبريين رضي الله تعالى عنه ورضي عنا به ..

وها هو متن الكتاب الجليل نسأل الله سبحانه أن يقبلنا بجاه حضرة سيدنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه ..

النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي نور وقوى هذه الأمة الضعيفة بوجود محمد سيد المرسلين ، الذي ألبسه الله تاج النبوة وجعله نبي الأنبياء وآدم منجدل مندمج في الطين ، اصطفاه حبيباً طبيباً خصوصاً من بين هذا العموم أجمعين ، فقال ربنا تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ، نوهت بمجيئه الكتب المنزلة من الحي الصمد ، ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فأشارت إلى تفضيله بشمول المفضلين ، ولم يتدبر ذلك بمقتضى القابلية سوى الأمة المحمديين ، أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ، اختصم الملأ الأعلى في غاية مبلغ علمه ولم يصل الأنبياء إلى بعض تعريفه برسمه ، إذ كان سر سجود آدم ودعوة إبراهيم ، ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ، نزهه مولاه عما يقول الظالمون ، فقال تعالى : وما صاحبكم بمجنون ، ثم أقسم بعمره في القرآن المحفوظ المصون ، فتدبر حبيبي لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ، ختم الشرائع بتأخيره الفاخر ، وكان أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ، فلذا جعله في الرتبة العزمية المقدم ، وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ، عين أعيان الوجود ومركز دائرة العارفين ، ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ، سر أسرار المظاهر وملاذ السادات الأفاخر الذي جعل الله انشراح صدور أهل الإيمان في تحكيمه تعظيماً ، فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ، هذا الحبيب وسيلة المذنبين قال لنا ملقن الحجة مع التصريح والتبيين لنعلم كيف التشبث بأذياله ونتوخى تفهيماً ، ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ، يا قرة عين العاصين يا حبيب الله أنت الذي نادمت الحق قاب قوسين أو أدنى ، ناظراً إلى تجليه كما أراد وكيف أراد ، ما زاغ بصرك وما طغى ، أتراك حين ينالك وفاء عهد ولسوف يعطيك ربك فترضى ، أتنسى الناشئين لامتداحك أولي القلوب المرضى ، وأنت في كل حالة ملحوظاً مرفوداً لا تزال عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، حياك الله بما يسرك ، لقد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة ، فلله درك أنت لأمتك الضعيفة أرحم من الأب الشفيق الحميم لقوله تعالى : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .


صلوا عليه وسلموا تسليماً

حتى تنالوا جنة ونعيماً



يا أمة بنبيها متفضلة

صلوا عليه وسلموا في الأوله


أمة محمد بالقطوف الدانية

صلوا عليه وسلموا في الثانية


أمة محمد بالعلوم متوارثة

صلوا عليه وسلموا في الثالثة


اجعل صلاتك على النبي متتابعة

صلوا عليه وسلموا في الرابعة


يا من تورق له الغصون اليابسة

صلوا عليه وسلموا في الخامسة


كل العلوم من الحبيب دارسة

صلوا عليه وسلموا في السادسة


الماء من بين الأصابع نابعة

صلوا عليه وسلموا في السابعة


جاء ابن عبد الله يبشر آمنة

صلوا عليه وسلموا في الثامنة


وهو الذي في حضرة القدس قد سعى

صلوا عليه وسلموا في التاسعة


أنوار محمد في جبينه ناشرة

صلوا عليه وسلموا في العاشرة


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 28, 2014 11:02 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

فصل في بيان فضل مولد النبي صلى الله عليه وسلم

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : من أنفق درهماً على قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان رفيقي في الجنة ، وقال عمر رضي الله عنه : من عظم مولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد أحيا الإسلام ، وقال عثمان رضي الله عنه : من أنفق درهماً على قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم فكأنما شهد غزوة بدر وحنين ، وقال علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه : من عظم مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان سبباً لقراءته لا يخرج من الدنيا إلا بالإيمان ويدخل الجنة بغير حساب ، وقال حسن البصري رضي الله عنه : وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهباً فأنفقته على قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال جنيد البغدادي قدس الله سره : من حضر مولد النبي صلى الله عليه وسلم وعظم قدره فقد فاز بالإيمان ، وقال معروف الكرخي قدس الله سره : من هيأ طعاماً لأجل قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم وجمع إخواناً وأوقد سراجاً ولبس جديداً وتبخر وتعطر تعظيماً لمولد النبي صلى الله عليه وسلم حشره الله يوم القيامة مع الفرقة الأولى من النبيين وكان في أعلى عليين ، وقال وحيد عصره وفريد دهره الإمام فخر الدين الرازي : ما من شخص قرأ مولد النبي صلى الله عليه وسلم على ملح أو بر أو شيء آخر من المأكولات إلا ظهرت فيه البركة وفي كل شيء ، وصل إليه من ذلك المأكول فإنه يضطرب ولا يستقر حتى يغفر الله لآكله ، وإن قريء مولد النبي صلى الله عليه وسلم على ماء فمن شرب من ذلك الماء دخل قلبه ألف نور ورحمة ، وخرج منه ألف غل وعلة ولا يموت ذلك القلب يوم تموت القلوب ، ومن قرأ مولد النبي صلى الله عليه وسلم على دراهم مسكوكة فضة كانت أو ذهباً وخلط تلك الدراهم بغيرها وقعت فيها البركة ولا يفتقر صاحبها ولا تفرغ يده ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الإمام الشافعي رحمه الله : من جمع لمولد النبي صلى الله عليه وسلم إخواناً وهيأ طعاماً وأخلى مكاناً وعمل إحساناً وصار سبباً لقراءته بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين ويكون في جنات النعيم ، وقال السري السقطي قدس الله سره : من قصد موضعاً يقرأ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قصد روضة من رياض الجنة لأنه ما قصد ذلك الموضع إلا لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحبني كان معي في الجنة " ، وقال سلطان العارفين الإمام جلال الدين السيوطي قدس الله سره ونور ضريحه في كتابه المسمى بالوسائل في شرح الشمائل : ما من بيت أو مسجد أو محلة قريء فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا حفت الملائكة ذلك البيت أو المسجد أو المحلة وصلت الملائكة على أهل ذلك المكان وعمهم الله تعالى بالرحمة والرضوان ، وأما المطوقون بالنور يعني جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام فإنهم يصلون على من كان سبباً لقراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال أيضاً : ما من مسلم قرأ في بيته مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا رفع الله سبحانه وتعالى القحط والوباء والحرق والغرق والآفات والبليات والبغض والحسد وعين السوء واللصوص عن أهل ذلك البيت فإذا مات هون الله عليه جواب منكر ونكير ويكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، فمن أراد تعظيم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يكفيه هذا القدر ، ومن لم يكن عنده تعظيم مولد النبي صلى الله عليه وسلم لو ملأت له الدنيا في مدحه لم يحرك قلبه في المحبة له صلى الله عليه وسلم ، جعلنا الله وإياكم ممن يعظه ويعرف قدره ومن أخص خاص محبيه وأتباعه آمين يا رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين .



صلوا عليه وسلموا تسليماً

حتى تنالوا جنة ونعيما



لي نبي اسمه محمد يا مولاي

لم يزل فضله علينا


هو نبيي هو شفيعي يا مولاي

غداً من نار القويا


نور البهي من الشمس يا مولاي

خصه رب البريا


أنطق النخل بفضله يا مولاي

وله وجه مضيا


قد رقى فوق السماء يا مولاي

وارتقى سبعاً عليا


نبع الماء من كفه يا مولاي

وسقى الجيش الحميا


أنفه أقنى كسيف يا مولاي

والحواجب أنوريا


خده كالورد الأحمر يا مولاي

والعيون الأكحليا


شعره أدعج مسلس يا مولاي

شبه ليل أعتميا


فمه ضيق صغير يا مولاي

شبه خاتم جعفريا


جسمه أبيض منعم يا مولاي

شبه فضة أحجريا


عنكبوت عشش وخيم يا مولاي

من كفور الجاهليا


زاد شوقي لحبيبي يا مولاي

وكواني الهجر كيا


فاز من صلى عليه يا مولاي

بالرضا والجنتيا


وارض عن أصحابه جمعاً يا مولاي

على رغم الرافضيا



وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا وأنا قائدهم إذا وفدوا وأنا خطيبهم إذا أنصتوا وأنا مستشفعهم إذا حبسوا وأنا مبشرهم إذا أيسوا ، الكرامة والمفاتيح حينئذ بيدي وأنا أكرم ولد آدم على ربي ، يطوف علي ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور " ، صلى الله عليه وسلم إلى يوم البعث والنشور ، وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب والعاقب ليس بعده نبي وأنا المقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة " .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 28, 2014 2:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

بسم الله الرحمن الرحيم

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير ضخم الرأس واللحية ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى تكفأ تكفئاً فكأنما ينحط من صبب ، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء ، وكان أزهر اللون وشعره إلى أنصاف أذنيه وكان في وجهه تدوير أبيض مشرب بالحمرة أقنى الأنف أدعج العينين أهدب الأشفار وبين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين أجود الناس صدراً وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشيرة ، من رآه بداهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم ، وعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته .

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئاً لغد ، ومما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والكرامات منها أن آدم وجميع المخلوقات خلقوا لأجله ، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يبيت جائعاً ويصبح طاعماً يطعمه ربه ويسقيه من الجنة ، وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه ، ويرى في الليل والظلمة كما يرى في النهار والضوء وكان إذا مشى في الصخر غاصت قدماه فيه ، لقد اختاره واصطفاه ربه وكانت تنام عيناه ولا ينام قلبه ، وكان ريح عرقه أطيب من ريح المسك ولم يقع له ظل على الأرض ولا يرى له ظل في شمس ولا في قمر ، ولا يقع على ثيابه ذباب قط وإن الملائكة تسير معه حيث سار يمشون خلف ظهره ، ومنها أنه يجب علينا أن نصلي ونسلم عليه .

صلوا عليه وسلموا تسليماً



يا رب صل دائم وسلم على المكرم

ما زمزم الحادي وما ترنم في ليل اظلم


يا أهل نجدي قد طال بعدي وجد وجدي

كلما يحدو الحاد المجد نحو المكرم


سيد الخلق حسن الخلق عريب النطق

مالك الرق حبيب الحق سر المطلسم


تشتاق روحي إلى المليح طه الفصيح

عسى به أن يبرى جريحي ويرحل الهم


أرجوك حسبي ذخراً لذنبي تزيل كربي

يا لب لبي عليك ربي صلى وسلم


أزكى صلاتي في الحركات والسكنات

والخطرات في خيراتي وما ترنم


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 28, 2014 5:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم ومما اختص به صلى الله عليه وسلم

إن معجزاته صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة ومعجزات سائر الأنبياء عليهم السلام انقرضت لوقتها فلم يبق منها إلا خبرها ، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تسبيح الطعام في كفه المبارك كما ورد في البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام ، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تسليم الحجر عليه كما ورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن ، ومنها كلام الشجر وسلامها عليه كما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه أنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا حجر إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله ، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم حنين الجذع شوقاً إليه ونبع الماء الطهور من بين أصابعه وتفجير الماء ببركته وتكثير الطعام القليل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى وكلامهم معه وفي الخبر أن الله تعالى أحيا له أبويه وعمه أبا طالب فآمنا به صلى الله عليه وسلم ذكره القرطبي في التذكرة ، وكلام الصبيان معه وشهادتهم له بالنبوة وكان له من العمر ثلاث وستون سنة وكان أطوع الأنبياء لله تعالى ، وكان مولده ليلة الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، قد أظهر الله على يديه المعجزات الباهرات فمنها أربعمائة معجزة علم بها أكثر الناس واثنتي عشرة معجزة في بيته لو ذكرناها لطال الكتاب بذكرها ، لأن هذه لا تكون إلا لنبي مرسل إلى كافة الناس والخلق أجمعين ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين .

صلوا عليه وسلموا تسليماً



يا ذا المكيا يا ذا المكيا

مديح محمد عزيز عليا


حبيب القلب ملكت لبي

هويدا سر بي إلى المكيا


وسر بي ليلاً عسى بليلا

أشاهد ليلى وهي مجلا


وهي تجلى للعين تحلى

أطوف وأتملى على عينيا


سرنا بالأسحار لقبر المختار

كثير الأنوار جميل إلينا


وقل يا هادي فؤادي صادي

وحبك زادي فانظر إليا


فموسى أسعد وعيسى أمجد

وأنت أسعد من الكليا


فأحمد له شان ونوره قد بان

أتى بالقرآن بصدق النيا


مقام إبراهيم محل التعظيم

وأدعو لربي بحسن النيا


وروح للمسعى وطف لي سبعاً

وقصدي أسعى على عينيا


قصدي أزوره أشاهد نوره

وقل يا هادي تشفع فيا


بحرمة الأصحاب والآل والأحباب

أقف بالأعتاب وصح ليا



قال حسن بن أحمد البكري رحمة الله عليه لما أراد الجليل جل جلاله أن ينقل نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، جرك في قلب عبد الله بن عبد المطلب أن يتزوج فقال عبد الله لأمه : أريد منك أن تخطبي لي امرأة ذات حسن وجمال وقد واعتدال وبهاء وكمال وحسب ونسب عال ، قالت : حباً وكرامة يا ولدي ، ثم أنها دارت أحياء قريش وبنات العرش فلم يعجبها إلا آمنة بنت وهب ، فقال : يا أماه انظريها مرة ثانية ، فمضت ونظرتها فإذا هي تضيء كأنها كوكب دري ، فأنقدوها أوقية من فضة وأوقية من ذهب ومائة من الإبل ومثلها من البقر والغنم وذبح وأصلح طعام كثير لأجل عرس عبد الله بن عبد المطلب ، وزفت له ثم اختلا بها عبد الله في خلوة الطاعة عشية ، وكانت ليلة الجمعة روي أنه لما أراد الله أن يخلق محمداً صلى الله عليه وسلم في بطن أمه آمنة ليلة الجمعة من شهر رجب الأصم ، أمر الله في تلك الليلة رضوان خازن الجنان أن يفتح الفردوس ، ونادى مناد في السموات والأرض ألا إن النور المكنون والسر المخزون الذي يكون النبي الهادي منه يستقر هذه الليلة في بطن أمه آمنة الذي فيه يتم كمال خلقه ويخرج إلى الناس بشيراً ونذيراً ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه بكرة وأصيلا .

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كان من دلالة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة وقالت : حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة وهو إمام أهل الدنيا وسراج أهلها ، ولم يبق سرير ملك من ملوك العرب والعجم إلا وأصبح منكوساً ، وأقبل إبليس لعنه الله هارباً على وجهه حتى أتى على جبل أبي قبيس وصاح صيحة ورن رنة فاجتمعت إليه الشياطين من كل جانب وقالوا : ما الذي نزل بك ؟ قال : ويلكم جاءت دولة السفاك الهتاك الذي تقاتل معه الأملاك أهلكنا حين حملت هذه المرأة يعني آمنة ، قال : وحسدوها عليه جميع نساء مكة ومات منهن مائة امرأة حسرة وأسفاً عليه لما فاتهن من حسنه وجماله وبقي عبد الله في صحبة آمنة والنور يتلألأ في جبهته وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضاً ، وله في كل شهر من حمله نداء في الأرض ونداء في السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ميموناً مباركاً ، ومن عجائب ولادته صلى الله عليه وسلم ما روي عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت : كان يهودي قد سكن مكة فلما كانت الليلة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر قريش هل ولد الليلة فيكم مولود ؟ قالوا : لا نعلم ، قال : انظروا فإنه ولد في هذه الليلة نبي هذه الأمة بين كتفيه علامة فانصرفوا فسألوا ، فقيل لهم : قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام ، فذهب اليهودي معهم إلى أمه فأخرجته لهم فلما رأى اليهودي العلامة خر مغشياً عليه فلما أفاق قال : ذهبت النبوة من بني إسرائيل ، يا معشر قريش أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق إلى المغرب ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كانت آمنة تحدث وتقول : أتاني آت حين مر بي من حملي ستة أشهر في المنام وقال : إنك حملت بسيد العالمين فإذا ولدته فسميه محمداً واكتمي شأنك .



يا رسول الله يا جد الحسين

كن شفيعي يا إمام الحرمين


خيرة الله من الخلق أبي

بعد جدي وأنا ابن الخيرتين


عبد الله غلاماً ناشئاً

وقريش يعبدون الوثنين


يعبدون اللات والعزى معاً

وعلي طاف نحو الحرمين


أمي الزهراء حقاً وأبي

وارث العلم ومولى الثقلين


والدي شمس وأمي قمر

وأنا الكوكب وابن القمرين


فضة قد خلصت من ذهب

وأنا الفضة وابن الذهبين


من له أب كأبي حيدر

قاتل الكفار في بدر وحنين


من له أم كأمي فاطمة

بضعة المختار قرة كل عين


من له عم كعمي جعفر

ذي الجناحين صحيح النسبين


من له جد كجدي المصطفى

سيد الكونين نور الظلمتين


نحن أصحاب العبا خمستنا

قد ملكنا شرقها والمغربين


نحن جبريل غدا سادسنا

ولنا الكعبة ثم الحرمين


عصبة المختار قروا أعيناً

في غد تسقون من كف الحسين


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 28, 2014 9:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وفي خبر آخر لما أراد الله عز وجل أن يظهر خيرته من خلقه وصفوته من عباده ، وأن ينير الأرض بعد ظلامها وأن يغسلها من دنسها وآثامها ويزيل طواغيتها وأصنامها ، نادى طاوس الملائكة جبريل الأمين عليه السلام في السموات وعند حملة العرش وعند سدرة المنتهى وفي جنة المأوى ، ألا وإن الله الكريم قد تمت كلمته ونفذت حكمته وآن وعده الذي وعد به من إظهار البشير النذير السراج المنير الشافع المشفع في اليوم العسير الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر صاحب الأمانة والديانة والصيانة والمجاهد في سبيل الله حق جهاده وخيرة الله من عباده ونور الله في بلاده ، قد ختم الله به النبيين وجعله رحمة للعالمين وسماه أحمداً ومحمداً وطه ويس وأعطاه الشفاعة في المذنبين ونسخ بدينه وشريعته كل دين ، صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين ، قال : فعند ذلك ضجت الملائكة بالتسبيح والثناء لرب العالمين وفتحت أبواب الجنان وأغلقت أبواب النيران وأينعت أشجار الجنة وأزهرت بالنباتات وتعطرت الحور والولدان وغنت الأطيار باللغات وانتفقت الأنهار بالخمور والأعسال والألبان وترنمت الأطيار على الأغصان موحدة بتقديس الملك الرحمن ، وضجت الأملاك بالاستبشار بمحمد المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم ما دام الملك لله العزيز الغفار ورفعت الحجب والأستار وتجلى لهم علام الغيوب لا إله إلا الله وحده لا شريك له كشاف الكروب ، قال : فلما فرغ جبرائيل عليه السلام من أهل السموات أمره الله أن ينزل إلى الأرض في مائة ألف من الملائكة فيتفرقون في الأرض وعلى رؤس الجبال والجزائر والبحار وسائر الأقطار حتى بشروا أهل الأرض السابعة السفلى ومستقر الحوت فمن علم الله منه القبول جعله تقياً نقياً طاهراً زكياً ، اللهم اجعلنا من المقبولين بجاه محمد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين .

صلوا عليه وسلموا تسليماً



اللهم صل على المصطفى

نبي الرسالة وبحر الوفا


ومن أعجب الأمر هذا الخفا

وهذا الظهور لأهل الوفا


وما في الوجود سوى واحد

ولكن تكدر لما صفا


وأصل جميع الورى نقطة

على عين أمر بدت أحرفا


وتلك الحروف غدت كلمة

فكانت مشوق الحشى المندنفا


وإن قلت لا شيء قلنا نعم

هو الحق والشيء فيه اختفا


وإن قلت شيئاً يقول الذي

له الحق أثبت كيف انتفا


وضج الحسود ولم يتئد

ولام العذول وما أنصفا


وقد حال بينك يا عاذلي

وبيني بأنك لن تعرفا


وأين ضلوعي التي في لظى

وأين زفيري الذي ما انطفى


وأين دموعي تلك التي

تسيل وجفني الذي ما غفا


ألم تر أن المحبين لا

يرون النعيم بغير الجفا


فمهلاً رويداً كأني امرؤ

تركت سلوى لمن عنفا


وخلفت خلفي جميع الورى

وقلبي على قلبه أشرفا


ولما شربت كؤوس الهنا

وذقت المدامة والقرقفا


أزيلت صفاتي فلا وصف لي

عيوني أضاءت بمن اختفى


فما أنا إلا هيول الورى

ولمعة نور من المصطفى


خليلي قوماً بنا للحمى

عسانا نرى الأشأ الأهيفا


وعوجاً على سفح تلك اللوى

وإن جئتما دار سلمى قفا


فإني مشوق كثير الجوى

عسى الحب بالوصل أن يعطفا



وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اعلم أنه رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين وسيد جميع الأنبياء والمرسلين والذي كان نبياً وآدم بين الماء والطين رؤوف بالمؤمنين شفيع بالمذنبين ورسول إلى كافة الخلق أجمعين كما قال الله تعالى في كتابه المبين " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " ، صاحب الحوض المورود والمقام المحمود واللواء المعقود والشفاعة العظمى في اليوم الموعود ، إمام هاشمي ورسول قريشي ونبي حرمي مكي مدني أبطحي تهامي أصله آدمي وفرعه نزاري وحسبه إبراهيمي ونسبه إسماعيلي وشخصه علوي ونوره قمري ولسانه عربي وقلبه رحماني وبقعته حجازي ، رسول الثقلين لا بالطويل الذاهب ولا بالقصير الداني ، أبيض اللون مشرب بحمرة ، أقنى الأنف أدعج العينين أزج الحاجبين أشعر الذراعين براق الجبين أكحل المقلتين باسط اليدين عظيم المنكبين شثن الكفين قامته بين القامتين ، إذا قام مع الناس أمهم بالقيام وإذا مشى معهم كأنه سحاب مظلل بالغمام عليه من الله تعالى أفضل الصلاة والسلام ، نبي الحرمين صاحب قاب قوسين نبي الرحمة علي الهمة شفيع الأمة واضح البيان فصيح اللسان طيب العرق جميل الذكر جليل القدر حسن الخلق جميل الخلق حديد الطرفين لا حجاب له أجمل الأنام حلو الكلام مبدئ السلام ركن الإسلام رسول الملك العلام عليه صلوات الله الملك ذي الجلال والإكرام ، مبطل البدائع ومظهر الشرائع ناسخ الملل وفاتح الدول كثير الحياء واسع الصدر دائم البكاء كثير الذكر أمين السماء كاتم السر وخاتم الرسل جزيل العطاء ، لم تعبه تجلة ولم تزره صعلة وأخبر الذئب عن رسالته والضب عن نبوته وقام البراق إجلالاً لحرمته حتى عاد إلى أركانه لهيئته ونبع الماء الطهور من بين أصابعه حتى احتاج العسكر إلى منافعه وتكلم الحصى في يده ونطق له الرضيع نطقاً بأنه الرسول المرتضى حقاً حقاً ، قائم بأمر الله موف بوعد الله مشمر لمرضاة الله منصور من عند الله ساتر العورات وغافر العثرات قامع الشهوات كاتم المصيبات ، صوام النهار قوام الليل ناصر البررة وواكس الكفرة وقاتل الخوارج والفجرة وكان سهلاً عند المصافحة عدلاً عند المقاسمة ، سباقاً عند المعاملة شجاعاً عند المقاتلة مفلج الثنايا قليل الضحك كثير التبسم قليل التنعم شجي الترنم مشخص التقدم ، محج القول رزين العقل عفيف النفس مدور الوجه أجعد الشعر سواده كالليل البهيم ، وشعره نازل مسرح متصل إلى شحمتي أذنيه إذا وفر وله شعرتان في جسده كأنهما المسك الأذفر وليس في جسده سواهما صلى الله عليه وسلم أطيب الناس ريحاً واسمح الناس كفاً وإذا سلم عليه أحد أو صافحه وجد في كفه رائحة الفردوس إلى ثلاثة أيام بلياليها ، وإذا رأيته جالساً في صحن المسجد كأنه البدر المنير قد طلع في ليلة أربع عشرة وجبينه يتلألأ نوراً بنور النبوة ، كما يتلألأ القمر ليلة البدر جعله الله رسولاً كريماً قسيماً وسيماً ، وفي عينيه دعج وشفتاه يسطع منهما النور ، وبين كتفيه خاتم النبوة مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اسمه في الدنيا محمد لأنه محمود عند الله وملائكته واسمه نذير لأنه ينذر من النار واسمه بشير لأنه يبشر بالجنة واسمه سراج لأنه سراج لأمته واسمه المرتضى لأن الله تعالى يرضيه يوم القيامة ويشفعه في أمته وأنزل القرآن العظيم عليه أظهر الإسلام ونصح أمته وعبد ربه حتى أتاه اليقين ، وكان له صلى الله عليه وسلم من العمر ثلاث وستون سنة وكان أطوع الأنبياء لله تعالى وكان مولده ليلة الإثنين لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول قد أظهر الله على يديه المعجزات الباهرات لأن هذه لا تكون إلا لنبي مرسل إلى كافة الناس والخلق أجمعين ، اللهم صل عليه وعلى آله إلى يوم الدين .



صلوا عليه وسلموا تسليماً

حتى تنالوا جنة ونعيماً



صلوا على المختار خير البرية

محمد بالعهد كان وفيا


أبدأ بمدح الهاشمي الممجدا

طه الذي بالنصر كان مؤيدا


هذا رسول الله هذا محمد

من قبل خلق الكون كان نبيا


هذا الذي قد حن جذع إليه

وانقادت الأشجار شوقاً إليه


هذا الذي نور الجلال عليه

هذا الذي بالفضل أضحى عليا


يا أحمد المختار إنك تدري

الذنب يا مولاي اثقل ظهري


يا سيد الرسل تشفع بوزري

كيلا أكن في الحشر عبداً شقيا



واعلم يا أخي أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب ، وذلك أن رجلاً صنع وليمة ودعى النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه وخرج معه من المسجد نحو البيت الذي دعاه فتبعه صاحب الوليمة وعد خطوات مشيه فبلغت مائة خطوة فأعتق صاحب الوليمة مائة رقبة فقال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين قد نال هذا الرجل خيراً كثيراً فقال صلى الله عليه وسلم : إن الصلاة علي أفضل من عتق الرقاب ، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه بها مائة ومن صلى علي مائة صلى الله عليه بها ألفاً ومن صلى علي ألفاً زاحم كتفه كتفي على باب الجنة ، صلى الله عليه وسلم وشرف وعظم ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ، وعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أنها قالت : كنت أخيط في السحر ثوباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانطفأ المصباح وسقطت الإبرة من يدي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأضاء البيت من نور وجهه فوجدت الإبرة فقلت له : ما أشد ضياء وجهك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم : الويل ثم الويل لمن لم يرني يوم القيامة ، فقلت : حبيبي ومن الذي لم يرك ؟ قال : البخيل ، فقلت : حبيبي ومن البخيل ؟ قال : الذي ذكرت عنده فلم يصل علي .



صلوا عليه وسلموا تسليماً

حتى تنالوا جنة ونعيماً



صل يا رب على در المصون

أحمد الهادي جلا كل العيون


يا رسولاً قد علا فوق العلا

وبناها العصر فيه وحلا


خصه الله بقرب وعلا

وجمال جل ذات وسنا


يا عظيم الجاه عبداً قد أتى

خائفاً من سوء فعل ثبتا


فاحمه واشفع به مما عتا

يوم لا مال ولا ينفع بنون


يا شفيع الخلق في يوم الوعيد

إن وزري زاد والأمر شديد


كن مغيثاً لي فقلبي في وعيد

واجر ضيفك من ريب المنون


يا رسول الله أنجد يا أمين

يا شفيعاً في غد للمذنبين


يا حبيبي إن لي قلباً حزين

يا ملاذاً لاذ فيه الخائفون


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 29, 2014 9:18 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

قال بعض العلماء رضي الله عنه : من قرأ مولد النبي صلى الله عليه وسلم في منزل حفت الملائكة ذلك المنزل سنة كاملة إلى ذلك اليوم الذي قريء فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي عن أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إن الدعاء لا يصعد إلى السماء ولا ينزل إلى الأرض حتى تصلي على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، قالت آمنة : لما حملت بحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم في أول شهر من حملي وهو شهر رجب الأصم بينما أنا ذات ليلة في لذة المنام ، إذ دخل علي رجل مليح الوجه طيب الرائحة وأنواره لائحة ، وهو يقول : مرحباً بك يا محمد ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا آدم أبو البشر ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بسيد البشر وفخر ربيعة ومضر ، ولما كان الشهر الثاني دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا شيث ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بصاحب التأويل والحديث ، ولما كان الشهر الثالث دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا نبي الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا إدريس ، قلت : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بالنبي الرئيس ، ولما كان الشهر الرابع دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا حبيب الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا نوح ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بصاحب النصر والفتوح ، ولما كان الشهر الخامس دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا صفوة الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا هود ، قلت : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بصاحب الشفاعة العظمى في اليوم الموعود ، ولما كان الشهر السادس دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا رحمة الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا إبراهيم الخليل ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بالنبي الجليل ، ولما كان الشهر السابع دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا من اختاره الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا إسماعيل الذبيح ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بالنبي الرجيح المليح ، ولما كان الشهر الثامن دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا خيرة الله ، فقلت له : من أنت ؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بمن ينزل عليه القرآن ، ولما كان الشهر التاسع دخل علي رجل وهو يقول : السلام عليك يا خاتم رسل الله دنى القرب منك يا رسول الله ، قلت له : من أنت ؟ قال : أنا عيسى بن مريم ، قلت له : ما تريد ؟ قال : أبشري يا آمنة فقد حملت بالنبي المكرم والرسول المعظم ، صلى الله عليه وسلم ، وزال عنك البؤس والعنا والسقم والألم .



يا آمنة بشراك سبحان من أعطاك

بحملك بمحمداً رب السما هناك


بالمصطفى سعدك غلب لما حملت في رجب

ولم ترين منه تعب هذا نبي زاكي


شعبان شهر الثاني به النبي العدناني

الثالث رمضان وربك أعطاك


شوال جاكي مسعداً بحملكي محمدا

وما ترين منه ردا ضاءت لك دنياكي


ذو القعدة أتاكي بالوفا وشرفك بالمصطفى

وربك عنك عفا وخصك وحماكي


ذو الحجة سادس شهرك لما حملت بالزكي

يا آمنة يا بختكي وربك علاكي


جاء المحرم بالهنا والقرب منه قد دنا

وما ترين منه عنا هذا نبي زاكي


وفي صفر يأتي الخبر بذي النبي المفتخر

من أجله انشق القمر نور به يكفاكي


وفي ربيع الأول ولد النبي المرسل

يا آمنة تحملي لتحمدي مولاكي


في ليلة الإثنين ولد النبي الزين

أحمد كحيل العين من أصل نسل زاكي


ولد النبي مختوناً مكحلاً مدهوناً

وحاجب مقروناً وحسنه وافاكي


هذا نبي الأمة قد جاءنا بالرحمة

نسكن بفضله الجنة رغماً على أعداكي


يا رب يا غفار اغفر لذي الحضار

بالسادة الأبرار والهاشمي الزاكي



وقيل إن آمنة لما وضعت محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبق حبر من أحبار اليهود إلا وعلم بمولده صلى الله عليه وسلم وذلك أنه كان عندهم جبة صوف مصبوغة بدم يحيى بن زكريا عليه السلام وكانوا يجدون عندهم مكتوباً في الكتب أنه إذا قطرت تلك الجبة دماً فإنه يكون قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب المولود وأن يكون ذلك المولود سبباً لتعطيل أديانهم فلما قطرت الجبة دماً علموا بمولده صلى الله عليه وسلم فأجمعوا أمرهم على كيده وأرسلوا إلى البلدان ليعلم بعضهم بعضاً ولم يعلموا أن الله قد جعل كيدهم في تضليل ، وجعل دين الإسلام قائماً بهياً ودين أهل الكفر منكوساً ردياً ، قال الراوي : فلما هبت نسمات القبول والإيمان فأول من نشقه سلمان فهجر الأوطان وجاء من فارس لرؤية سيد الأكوان وأقر بالوحدانية للملك الرحمن ، فأدرك من الله ما تمنى وما خاب سعيه ولا تعنى لقوله صلى الله عليه وسلم سلمان منا ، ولما هب النسيم بأرض الروم نشقه المزكوم ورحم به المرحوم ، فأول من نشقه بلا شك ولا ريب سيد أهل الروم صهيب ، فجاء منقاد الزمام إلى الإسلام وفاز برؤية خير الأنام ونال بصحبته كل القصد والمرام ، ولما هب النسيم بأرض اليمن فأول من نشقه أويس القرني في السر والعلن فبذل نفسه للمصطفى وآمن به على بعد الوطن وأثنى عليه النبي المؤتمن بقوله صلى الله عليه وسلم : إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ، وما كفاه هذا الوصف الأزهر حتى خرج له المنشور ببلوغ الوطر بقول المصطفى وسيد البشر لثاني الخلفاء سيدنا عمر : إذا رأيت أويس القرني فسلم عليه يا عمر واطلب منه أن يستغفر لك فإنه يشفع في مثل ربيعة ومضر ، ولما هب النسيم على بلاد الحبشة فأول من نشقه بلال بن حمامة الحبشي فجذبته عناية التوفيق بالتصديق إلى الإيمان فأعلن بالآذان وصار شاويشاً لدين الإسلام ونشر للمصطفى الرايات والأعلام فخصه النبي التهامي السامي بأن قال له : يا بلال أنت تنشر للدين أعلامي وترفع بها قدري ومقامي فلأجل ذلك ما دخلت الجنة إلا وسمعت خشخشة نعليك قدامي ، ولما هب النسيم الغامر نشقه من أرض اليمن عامر فاهتدى إلى الإسلام بعد عبادة الأصنام وفاز بتقبيل أقدام سيد الأنام ومات على محبته موت الكرام وقصته تحير العقول والأفهام وذلك أنه لما كان لعامر صنماً من الأصنام وكان له بنت مبتلية بالقولنج والجذام وكانت مقعدة فلا تستطيع النهوض والقيام ، وكان عامر ينصب الصنم ويضع ابنته أمامه ويقول : هذه ابنتي سقيمة فداوها وإن كان عندك شفاء فاشفها من بلائها وعافها وأقام على ذلك سنين كثيرة وهو يطلب من الصنم حاجته فلم يقضها له فلما هبت نسمات العنايات بالتوفيق والهدايات قال عامر لزوجته : إلى متى نعبد هذا الحجر الأصم الأبكم الذي لا ينطق ولا يتكلم وما أظن أننا على دين أقوم ؟ قالت له زوجته : اسلك بنا سبيلاً عسى أن نرى إلى الحق دليلاً فلابد لهذه المشارق والمغارب من إله واحد خالق ، قال : فبينما هما على سطح دارهما إذ شاهدا نوراً قد طبق الآفاق وملأ الوجود بالضياء والإشراق ، ثم كشف الله عن أبصارهما من بعد ظلمتهما لينتبها من نوم غفلتهما فرأيا الملائكة قد اصطفت وبالبيت قد حفت ورأيا الجبال ساجدة والأرض هامدة والأشجار قد تمايلت والأفراح قد تكاملت وسمعا منادياً ينادي : قد ولد النبي الهادي ، ثم نظرا إلى الصنم بالنظر فرأياه منكوساً وقد علته الذلة ووافت عليه العكوسا ، قال عامر لزوجته : ما الخبر؟ قالت : انظر إلى الصنم بالنظر ، فسمعاه يقول : ألا وإن النبأ العظيم قد ظهر وولد من شرف الكون وافتخر وهو النبي المنتظر الذي يخاطبه الشجر والحجر وينشق له القمر وهو سيد ربيعة ومضر ، فقال لزوجته : أتسمعين ما يقول هذا الحجر ؟ فقالت : اسأله ما اسم هذا المولود الذي نور الله به الوجود وشرف به الآباء والجدود ؟ فقال : أيها الهاتف المورود المتكلم على لسان هذا الحجر الجلمود الذي نطق في هذا اليوم الموعود ما اسم هذا المولود ؟ فقال : اسمه محمد المصطفى ابن زمزم والصفا أرضه تهامة بين كتفيه علامة إذا مشى تظلله غمامة صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ، ثم قال عامر لزوجته : اخرجي بنا في طلبه لنهتدي إلى الحق بسببه ، وكانت ابنته السقيمة في أسفل الدار مطروحة مقيمة ، فلم يشعرا بها إلا وهي على السطح قائمة ، فقال لها أبوها : يا ابنتي أين ألمك الذي كنت تجديه وأين سهرك الذي كنت تواصليه ؟ فقالت : يا أبت بينما أنا نائمة في طيب أحلامي إذ رأيت نوراً أمامي وشخصاً قد أتاني فقلت ما هذا النور الذي أراه والشخص الذي أشرق علي نور سناه ؟ فقيل لها : هذا نور ولد عدنان الذي تعطرت به الأكوان ، فقلت : أخبرني عن اسمه الممجد ، فقال : اسمه أحمد ومحمد يرحم العاني ويعفو عن الجاني ، فقلت : وما دينه ؟ فقال : حنيفي رباني ، فقلت : ما اسم نسبه ؟ فقال : قريشي عدناني ، فقلت : لمن يعبد ؟ قال : للمهيمن الصمداني ، فقلت : ومن أنت ؟ فقال : أنا ملك من الملائكة الذين شرفوا بجماله النوراني ، فقلت : أما تنظر إلى ما أنا فيه من الألم وأنت تراني ؟ فقال : توسلي به فقد قال ربه القديم الداني قد أودعت فيه سري وبرهاني لأفرجن به عمن دعاني ولأشفعنه يوم القيامة فيمن عصاني ، فمددت يدي وبناتي ودعوت الله من خالص جناني ثم مررت بيدي على وجهي وأبداني فاستيقظت وأنا صحيحة قوية كما تراني ، قال عامر لزوجته : إن لهذا المولود سراً وبرهاناً ولقد رأينا من آياته عجباً فلأقطعن في محبته أودية وربا فساروا مجدين ولمكة قاصدين ، إلى أن وصلوا إليها وقدموا عليها فسألوا عن دار أمه آمنة وطرقوا عليها الباب فبادرت بالجواب ، فقالوا لها : أرينا جمال هذا المولود الذي نور الله به الوجود وشرف به الآباء والجدود ، فقالت : لن أخرجه لكم فإني أخاف عليه من اليهود ، فقالوا : نحن قد فارقنا في حبه أوطاننا وتركنا ديننا وأدياننا لنرى جمال هذا الحبيب الذي من قصده لا يخيب ، فقالت : إن كان ولابد لكم من رؤياه فأمهلوا واصبروا علي ساعة ولا تعجلوا ، ثم إنها غابت ساعة وقالت لهم : ادخلوا فدخلوا في البيت الذي فيه النبي المكرم والرسول المعظم صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوا أنوار الحبيب ذهلوا وهللوا وكبروا ثم كشفوا عن وجهه الغطاء فاشرق نور ضيائه إلى السماء وطلع عمود من نور وجهه إلى السماء فصاحوا وشهقوا وكادوا أن يزهقوا ثم قبلوا أقدامه وانكبوا عليه وأسلموا على يديه صلى الله عليه وسلم ما ترضى مرض على صاحبيه وختنيه ، ثم قالت لهم آمنة : أسرعوا الخروج فإن جده عبد المطلب قلدني الأمانة أن أخفيه عن أعين الناس واكتم شأنه ، فخرجوا من عند الحبيب وفي قلوبهم نار ولهيب ، ثم وضع عامر يده على قلبه وقد غاب عن عقله ولبه ثم صاح وقال : ردوني إلى بيت آمنة واسألوها أن تريني جماله ثانياً ، فرجعوا إلى بيت آمنة فدخلوا فلما رآه بادر إليه وانكب على قدميه ثم شهق عامر شهقة ومات من وقته فعجل الله بروحه إلى الجنة ، فو الله هذه أحوال المحبين والعاشقين وهذه والله صفات الصادقين فيا أيها اللبيب اسمع صفات هذا الحبيب الذي ملأ الكون عزاً وجمالاً وأضحى نوره في الآفاق يتلألأ .



صلوا عليه وسلموا تسليما

حتى تنالوا جنة ونعيما



يا راحة الأرواح طابت بكم أفراحي

أنواركم لو لاحت تغني عن المصباح


الهاشمي التهامي مبعوث للأنام

صلي عليه مدامي تلق منه الفلاح


السيد المختار خلاصة الأخيار

بالليل والنهار صل عليه يا صاح


من بعده الشفيق أبي بكر الصديق

من فاز بالتصديق لصاحب الإنجاحي


الثاني الفاروق مجري الحقوق

قد طهر الطروق بعد السلاح


ثالثهم ذو النورين عثمان قرة العين

صهر التهامي الزين من فاق على المصباح


والرابع الولي يكنى بالرضي

سيدنا علي لباب خيبر داحي


أشباله السبطين الحسن والحسين

والزهرة عين العين كريمة النصاح


والطلحة والزبير من وصفا بالخير

فبهم يزول الضير وتكثر الأفراح


والسعد والسعيد وابن عوف المجيد

لا سيما الرشيد عبيدة الجراح


يا رب بالآيات بسيد السادات

أدخلنا في الجنات يا من هو المناح


يا رب بالقرآن بسيد الأكوان

أدخلنا في الجنان يا من هو الفتاح


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 29, 2014 1:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

قال الواقدي رحمه الله : لما كان أول ليلة من ربيع الأول حصل لأمه منه السرور والهنا ، وفي الليلة الثانية بشرت بنيل المنى ، وفي الليلة الثالثة قيل لآمنة : يا آمنة حان وقت من يقوم بحمدنا وبشكرنا ، وفي الليلة الرابعة سمعت آمنة تسبيح الملائكة معلنا ، وفي الليلة الخامسة رأت آمنة في منامها الخليل وهو يقول : أبشري بهذا النبي الجليل صاحب النور والبهاء والفضل والعز والثناء ، وفي الليلة السادسة ظهرت الأنوار في الأقطار لصاحب المدح والثناء ، وفي الليلة السابعة حجت الملائكة بيت آمنة فما فتر عنها الفرح ولا ونا ، وفي الليلة الثامنة نادى لسان الفرح والسرور والهنا وقال : قد قرب ميلاده ودنا ، وفي الليلة التاسعة نادى منادي اللطف من ساحة العطف فزال عنها الهم والعنا ، وفي الليلة العاشرة استبشر الخيف ومنى ، وفي الليلة الحادية عشر تباشر بميلاده أهل الأرض والسماء ، وفي الليلة الثانية عشرة قالت آمنة وكانت ليلة مقمرة وليس فيها ظلام وكان عبد المطلب قد أخذ أولاده وانطلق نحو الحرم يصلح ما تهدم من جدرانه ولم يبق عندي أحد لا أنثى ولا ذكر فبكيت على وحدتي وقلت : وا وحدتاه لا امرأة تعضدني ولا خل يؤانسني ولا جارية تسندني ، قالت آمنة : ثم نظرت إلى ركن المنزل فإذا هو قد انشق وخرج منه أربع نسوة طوال كأنهن الأقمار وقد غشيتها الأنوار متأزرات بأزر بيض يفوح المسك من أرديتهن كأنهن من بنات عبد مناف فتقدمت الأولى منهن وقالت : من مثلك يا آمنة وقد حملت بسيد البشر وفخر ربيعة ومضر ثم جلست عن يميني ، فقلت لها : من أنت ؟ قالت : أنا حواء أم البشر رضي الله عنها ، ثم تقدمت الثانية منهن وقالت : من مثلك يا آمنة وقد حملت بالطهر الطاهر والعلم الزاهر والبحر الزاخر والنور الباهر والسر الظاهر ثم جلست عن شمالي ، فقلت لها : من أنت ؟ قالت : أنا سارة امرأة الخليل رضي الله عنها ، ثم تقدمت الثالثة منهن وقالت : من مثلك يا آمنة وقد حملت بالحبيب الأسنى صاحب المدح والثنا ثم جلست من وراء ظهري ، فقلت لها : من أنت ؟ قالت : أنا آسية بنت مزاحم رضي الله عنها ثم تقدمت الرابعة منهن وهي أكثرهن هيبة وأحسنهن بهجة وقالت : من مثلك يا آمنة وقد حملت بصاحب البراهين والمعجزات والآيات والدلالات سيد أهل الأرض والسموات عليه من الله تعالى أفضل الصلوات وأكمل التسليمات ثم جلست بين يدي وقالت : يا آمنة ألقي بنفسك علي وميلي بكلك إلي ، فقلت لها : من أنت ؟ قالت : أنا مريم بنت عمران رضي الله عنها نحن داياتك وقوابل المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قالت آمنة : فاستأنست بهن وجعلت أنظر إلى الأشباح وهم يدخلون علي أفواجاً ونظرت إلى منزلي فإذا هو قد اعتكر علي بأصوات مشتبهات ولغات مختلفات الغالب عليها السريانية ، قالت آمنة : ثم نظرت في تلك الساعة فإذا الشهب يتطايرون يميناً وشمالاً ثم إن الله الكريم أمر الأمين جبرائيل عليه السلام ، أن يا جبرائيل صف راح الأرواح في أقداح الشراب ، يا رضوان زين الكواعب الأتراب وافتح نوافح المسك الزكية لظهور محمد سيد البرية ، يا جبرائيل انشر سجادات القرب والوصال لصاحب النور والرفعة والاتصال ، يا جبرائيل مر مالكاً أن يغلق أبواب النيران ، يا جبرائيل قل لرضوان أن يفتح أبواب الجنان ، يا جبرائيل البس حلة الرضوان ، يا جبرائيل اهبط إلى الأرض بالملائكة الصافين والمقربين والكروبيين والحافين ، يا جبرائيل ناد في السموات والأرض في طولها والعرض قد آن أوان اجتماع المحب والمحبوب والطالب بالمطلوب ، فامتثل الأمين جبرائيل عليه السلام ما أمره الرب الجليل جل جلاله وأوقف الملائكة على جبال مكة وأحدقوا بالحرم وأجنحتهم كأنها سحابة بيضاء كافورية فترنمت الأطيار وحنت الوحوش من القفار كل ذلك بأمر الملك الجليل الجبار ، قالت آمنة : فكشف الله عن بصري فرأيت قصور بصرى من أرض الشام ورأيت ثلاثة أعلام منصوبات علماً بالمشرق وعلماً بالمغرب وعلماً على سطح الكعبة ، قالت آمنة : فبينما أنا كذلك وإذا أنا بطائفة من الطيور مناقيرهم حمر كالذهب الأحمر وأجنحتهم كالجوهر الأبهر فنثروا في حجرتي لؤلؤاً ومرجاناً ثم وقفت الطيور يسبحون الله تعالى حولي وأنا أطلق ساعة بعد ساعة والملائكة تتنزل علي أفواجاً أفواجاً وبأيديهم مباخر من ذهب أحمر وفضة بيضاء وأطلقوا الند والعود والعنبر والبخور ورفعوا أصواتهم بالصلاة والسلام على الرسول المكرم والحبيب المفخم صلى الله عليه وسلم وشرف وعظم ، قالت آمنة : وانتشر القمر فوق رأسي كالخيمة واصطفت النجوم على رأسي كالقناديل البهية وإذا أنا بشربة بيضاء كافورية أشد بياضاً من اللبن وأحلى من السكر والعسل وأبرد من الثلج وكان قد لحقني عطش شديد فتناولتها وشربتها فلم أجد شيئاً ألذ منها وأضاء علي منها نور عظيم ثم نظرت وإذا أنا بطير أبيض قد دخل علي في حجرتي ثم مر بجناحيه على فؤادي .

الصلاة عليك السلام عليك من باب السلام
الصلاة عليك السلام عليك في جنح الظلام
الصلاة عليك السلام عليك يا مظلل بالغمام
الصلاة عليك السلام عليك يا نسل الكرام
الصلاة عليك السلام عليك يا نسل الذبيح
الصلاة عليك السلام عليك ذا الدين الصحيح
الصلاة عليك السلام عليك ذا العلم الرجيح
الصلاة عليك السلام عليك ذا النطق الفصيح
الصلاة عليك السلام عليك ذو الوجه الصبيح
الصلاة عليك السلام عليك طه يا مؤيد
الصلاة عليك السلام عليك طه يا ممجد
الصلاة عليك السلام عليك يا مهدي وهادي
الصلاة عليك السلام عليك أحمد يا محمد
الصلاة عليك السلام عليك يا زين البلاد
الصلاة عليك السلام عليك يا زين القيامة
الصلاة عليك السلام عليك يا نور العباد
الصلاة عليك السلام عليك مظهر الرشاد
الصلاة عليك السلام عليك يا نسل الخليل
الصلاة عليك السلام عليك من باب السلام

هذا دعاء المولد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهم إنا قد حضرنا مولد نبيك وصفوتك من خلقك فافض علينا ببركته خلع العز والتكريم وأسكنا بجواره جنات النعيم ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم وأجرنا من عقابك الأليم ، بفضلك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين ، اللهم إنا نسألك بجاه المصطفى وبآله أهل الصدق والوفا وبصحبه الأبرار والشرفا ، كن لنا عوناً ومعيناً ومسعفاً وبوئنا من الجنة قصوراً وغرفاً ، اللهم إنا نسألك بجاه النبي المختار وآله الأخيار أن تكفر عنا الذنوب والأوزار ونجنا من جميع المخاوف والأخطار وتقبل منا ما قدمناه من يسير أعمالنا في السر والإجهار واغفر لنا ذنوبنا إنك عزيز غفار ، بلغ اللهم وأوصل ثواب ما قريء بتمامه وكماله من هذه القراءة الشريفة والمولد الشريف زيادة في شرف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم في شرف آله وأصحابه وآل بيته الطيبين الطاهرين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وإلى روح أبينا آدم وأمنا حواء وما تناسل منهما من الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين وصدقة جارية من جنابه المكرم صلى الله عليه وسلم إلى روح من كانت التلاوة الشريفة لأجلهم وسببهم وجهتهم وأنت أعلم بهم منا خاصة وعلى قبورهم منك نور نازل مولانا رب العالمين ، أوصل اللهم ثواب هذه التلاوة منا إليهم واجعله نوراً نازلاً عليهم وجاف الأرض عن جنبيهم وافسح اللهم لهم في قبورهم مد بصريهم وارحمنا إذا سرنا إليهم ، كذلك اللهم لهم ولمجاورهم ولسكان تربتهم ولسائر مقابر المسلمين ولنا ولوالدينا وأستاذينا وأستاذ أستاذينا ومشايخنا ومشايخ مشايخنا ولمن علمنا ولمن أحسن إلينا ولمن له حق الدعاء علينا ولمن أوصانا وأوصيناه بدعاء الخير ولعبيدك الحاضرين السامعين ولكافة أهل الإيمان أجمعين وحرمنا على النار وتوفنا مسلمين وادفع عنا شر الظالمين برحمتك يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين .

تم المولد الشريف وبالخير عم ويليه بمشيئة الله سبحانه مولد سيدي الشيخ عبد الرحمن الخياط الحسني مفتي ولاية الصعيد بالعصر العثماني ..


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 29, 2014 6:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذه ترجمةمختصرة للشيخ الخياط رضي الله تعالى عنه :

ولد الشيخ عبد الرحمن الخياط بجرجا سنة 1100 هـ ، 1688 م ، وينتهي نسبه إلى سيدنا الإمام الحسن خامس الخلفاء الراشدين المهديين ، وهو من أسرة ترجع أصولها إلى اليمن ينتمون إلى قرية خيطة بالقرب من صنعاء ، أخذ العلم عن والده ثم رحل إلى الأزهر الشريف فأخذ من الشيخ عيد بن علي النمرسي الشافعي ، وعن الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الله الحسيني العثماني وعن الشيخ مصطفى المكنى بأبي القاسم بن الشيخ محمد البصير بن الشيخ عبد الجواد الأنصاري المالكي الجرجاوي شارح متن خليل وغيره ، وبذلك أصبح من كبار علماء السادة المالكية في عصره حتى ارتقى إلى رتبة الإفتاء ، وإلى جانب ذلك كان يروي كتب الحديث بالسند الشريف إلى حضرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، ومن تلامذته الشيخ أحمد بن عبد الوهاب الخياط وغيره الكثير ، وكان من أجل أصدقائه السيد / محمد عبد الكريم السمان المدني الشافعي المولود بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل السلام وأتم التسليم سنة 1130 هـ والمنتقل بها سنة 1189 هـ وهو مؤسس الطريقة السمانية القادرية رضي الله تعالى عنه ورضي عنا به .

وبنى الشيخ مسجد الخياط بجرجا في الخط المعروف بسيدي يوسف أبي الحجاج ويعرف الآن بمسجد السيوطي ، وأوقف له أوقافاً ، كما أقام زاوية الشيخ علي أبي الليف ، ومكتباً لتحفيظ القرآن الكريم وتحته سبيل ماء أمام مسجد المتولي من الجهة الغربية ، وقام الشيخ بتجديد زاوية الكردي المعروفة بكرد علي .



مؤلفاته :
1. مولد حضرة النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه .
2. شرح على منظومة الشيخ العلامة يوسف بن عبد الجواد الأنصاري المالكي الجرجاوي .

وغير ذلك الكثير ، لكن أهل جرجا قد ضيعوا علوم الشيخ ولم يقوموا بحقه فضاع الكثير والكثير من كتب الشيخ ، كما فعلوا ذلك مع شيوخاً كثيرة ، فاللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعلنا أهلاً لحمل الأمانة بجاه حضرة سيدنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه .



مقدمة المولد الشريف وبها فوائد فقهية وروحية :

هذا مولد النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة الشيخ عبد الرحمن نجل العلامة الشيخ عبد المنعم دفين طيبة بن العلامة الشيخ أحمد الخياط اليمني الأصل الجرجاوي المولد والوفاة ، المولود سنة 1100 هـ تقريباً ، المتوفي بجرجا سنة 1200 هـ ( مائتين وألف هجرية ) رحمه الله ونفعنا به آمين .

هذا المولد بخط شيخنا العلامة المرحوم الشيخ عبد المنعم بن العلامة الشيخ محمد السيوطي بن العلامة الشيخ علي بن العلامة الشيخ أحمد السيوطي المالكي الخلوتي المتوفي يوم عاشوراء سنة 1326 هـ ( ست وعشرين وثلاثمائة وألف هجرية ) بعد صلاة الصبح صائماً متوضئاً رحمة الله عليه ، أنظر ترجمته في تعطير النواحي والأرجاء .

يقول الفقير محمد بن محمد بن حامد بن أحمد بن حجازي بن أحمد المالكي الخلوتي المراغي الجرجاوي ، أروي هذا المولد إجازة عن شيخنا المرحوم العلامة الشيخ مصطفى صبيح بن محمد صبيح ، المتوفي في يوم 21 ربيع أول سنة 1318 هـ عن شيخه الشيخ محمد بن حسن المصري الصغير عن الشيخ الكبير العلامة الشيخ أحمد بن عبد الوهاب عن مؤلفه العلامة الشيخ عبد الرحمن الخياط شيخ الإسلام ومفتي الصعيد في وقته ، نفعنا الله بأسرار الجميع .



" كتبه الفقير محمد محمد المراغي الجرجاوي عفى الله عنه بمنه "



يندب في الخطبة الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار والأمر بالتقوى ، وفي الثانية يغفر الله لنا ولكم ، وأخيراً في الندب أذكروا الله يذكركم وتندب قراءة القرآن فيهما ولو آية ، والأولى بالقراءة سورة من قصار المفصل ، وأوجب الشافعي الحمد لله والصلاة والاستغفار والأمر بالتقوى والقراءة وجعل أركانها خمسة ، فإذا قال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد أوصيكم بتقوى الله وطاعته وأحذكم من عصيانه ومخالفته ، قال تعالى : " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره " ، ثم يجلس ويقول بعد قيامه بعد الثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أما بعد فاتقوا الله فيما أمر وانتهوا عما نهى عنه وزجر يغفر الله لنا ولكم ، ولو فعل الخطيب ذلك لكان آتياً على الوجه الأكمل باتفاق أهـ ( من الدردير الكبير والصغير ) .

تنبيه : تجب صلاة الجمعة على الخارج من قريته على بعد كفرسخ والفرسخ ثلاثة أميال وأدخلت الكاف ثلثاً والميل ثلاثة آلاف ذراع في خمسمائة على الصحيح ، وقيل ألفا ذراع ، ولكن لا يعد من جماعتها إلا إذا انعكس عليه دخان البلد على ما لشيخنا ويؤيده جعلهم ذلك في حكم أن يكون المسجد في البلد ، وقد عول البعض على الارتفاق بينه وبين بلدتها فلعل أحد الأمرين كاف في انعقادها به ، أي إما انعكاس الدخان أو الارتفاق بينهم في المعاش أهـ ( من ضوء الشموع والدردير ) .

وزيادة في التنبيه لا يضر تقديم الخطبة الثانية على الأولى ، والحاصل أن المسافر مسافة القصر لا تصح إمامته إلا إن نوى إقامة أربعة أيام لا يقصد الخطبة ، ومن داخل كفرسخ يصح ولو لم ينو الإقامة ، وفيما بينهما برود والمشهور البطلان حيث لم ينو الإقامة ، وحكى جماعة هنا عن الشيخ الصحة ، وقيده بعضهم بأن يكون من بلد تصلى فيها صلاة الجمعة ، ويؤيد الصحة إتحاد السفر المسقط للجمعة هنا ، وفي القصر أهـ شيخه الدردير .



من كلام الشافعي رضي الله عنه :

أحب الصالحين ولست منهم

لعلي أن أنال بهم شفاعة


وأكره من بضاعته المعاصي

ولو كنا سوياً في البضاعة



فرد عليه الإمام أحمد بن حنبل :

تحب الصالحين وأنت منهم

رفيق القوم لاحق بالجماعة


وتكره من بضاعته المعاصي

حماك الله من تلك البضاعة



فائدة : قال ابن عباس رضي الله عنهما ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : من صام آخر يوم من ذي الحجة وأول يوم من المحرم فقد ختم السنة الماضية واستقبل السنة المقبلة بصوم جعل الله له كفارة خمسين سنة .

فائدة : من قرأ فاتحة الكتاب بالوضوء سبعة أيام في كل يوم سبعين مرة على الماء الطاهر ونفخ في ذلك وشرب منه رزقه الله العلم والحكمة وطهره من الأفكار الفاسدة وجعله زكياً أهـ .

وسمعت من بعض الصالحين أن من أكل البصل ونحوه ليلة الجمعة أو يومها لا يموت حتى يبتلى بتهمة باطلة ولم تظهر له براءة .

فائدة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين ، اللهم اغفر لي وارحمني واسترني واجبرني وارزقني واعف عني وعافني ، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فسلم عليه فرد صلى الله عليه وسلم وأطلق له وجهه وأجلسه إلى جنبه فلما قضى حاجته ونهض ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر هذا الرجل يرفع له كل يوم كعمل أهل الأرض ، قلت : ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال : إنه كلما أصبح وأمسى صلى علي كصلاة الخلق أجمع ، يقول عشر مرات : اللهم صل على محمد النبي عدد من صلى عليه من خلقك وصلي على محمد النبي كما أمرتنا أن نصلي عليه وصلي على محمد كما ينبغي لنا أن نصلى عليه . أهـ من الدردير .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 29, 2014 9:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وهذا متن كتاب مولد النبي لسيدي عبد الرحمن الخياط

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المصطفى الكريم ، الحمد لله الذي شرف ربيع الأول بمولد نبيه صلى الله عليه وسلم وبعثه فيه بالنبوة والرسالة إلى جميع الأمم وأمره فيه بالهجرة إلى المدينة فتمم شرعه المعظم وقبضه فيه عند انتهاء أجله إلى عالم البرزخ وجعله حياً يرد السلام على من عليه سلم ، خلق من صلصال كالفخار آدم ونجى نوحاً في سفينة من الغرق الذي عم ، وقال للنار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم وهي تضرم ، وسلم موسى من سطوة فرعون ونجاه من الغرق في اليم ، وأنطق عيسى في المهد ببراءة مريم عليها السلام ، وختم الأنبياء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سيد ولد آدم ، وخلق نوره من نوره قبل خلق الأشياء ثم سلخ منه كل عالم ، أحمده على ما رزق وأنعم ، وأفوض إليه فيما قضى وأبرم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من آمن به وأسلم ، وأشهد أن سيدنا ومولانا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبده ورسوله المصطفى المكرم وحبيبه وخليله المجتبى المعظم ، الذي ألهم العدل في رضاعه فكان يجتنب أحد ثديي حليمة السعدية حرصاً على ري أخيه وإشباعه ، أرسله ربه إلى كافة الجن والإنس ، العرب والعجم ، وخصه بمحاسن الأخلاق والشيم صلى الله عليه وسلم وعلى آله أهل الفضل والكرم وأصحابه الموفين بالعهود والذمم ، فهو الرسول العظيم والنبي الكريم الذي أنزل عليه من الآيات والذكر الحكيم : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .

أما بعد ، فهذا مولد سيد الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين الذي نبأه وآدم بين الماء والطين ، ونقله من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية ، وقرن نبوته برسالته لما بلغ الأربعين ، وفضله على الملائكة والأنبياء والمرسلين ، وخصه بالشفاعة العظمى يوم الدين سيدنا ومولانا وذخرنا وملاذنا أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، قريش تنتهي إلى هذا ، وقال كثيرون إلى فهر بن كنانة بن خزاعة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نذار بن معد بن عدنان ، انتهى النسب المجمع عليه ، ووراء ذلك أقوال متباينة لا يثبت منها شيء فشرف الله بيته بسبق نبوته في سابق أزليته ، وذلك أنه تعالى لما تعلقت إرادته بإيجاد الخلق أبرز الحقيقة المحمدية من محض النور قبل كل شيء من المخلوقات ، ثم سلخ منها العوالم كلها ، ثم أعلمه تعالى بسبق نبوته وبشره بعظيم رسالته ، كل ذلك وآدم عليه السلام لم تنفخ فيه الروح ، ثم انسحبت منه صلى الله عليه وسلم عيون الأرواح فظهر بالملأ الأعلى أصلاً ممتداً للعوالم كلها .

قال كعب : لما أراد الله أن يخلق محمداً صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة البيضاء التي هي قلب الأرض ، فهبط في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيق الأعلى فقبضها من محل قبره الشريف أي أوصلها من محل الكعبة موجهاً الطوفان إلى هناك فعجنت بماء النسيم ثم غمست في أنهار الجنة حتى صارت كالدرة البيضاء ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي وفي السموات والأرض والبحار فعرفت الملائكة وجميع الخلق سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قبل أن تعرف آدم ، ورأوا نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في سرادقات العرش واسمه مكتوباً عليه مقروناً باسمه تعالى لما روي أنه خرج آدم أو أراد الخروج رأى مكتوباً على ساق العرش وعلى كل موضع في الجنة اسم محمد صلى الله عليه وسلم مقروناً باسم الله تعالى ، فقال الله تعالى : هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك ، فقال : يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد ، فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا في أهل السموات والأرض لشفعناك فيهم ، ولولاه أيضاً ما خلقت سماء ولا أرضاً وسأله أن يغفر له متوسلاً إليه بمحمد صلى الله عليه وسلم فغفر له .

ولما كان آدم صلى الله عليه وسلم طيناً استخرج منه نبينا صلى الله عليه وسلم ونبيء ثم أخذ منه الميثاق قبل الأنبياء ، ثم أعيد إلى آدم فنفخت فيه الروح ثم استخرجت منه ذريته لأخذ الميثاق عليهم ، فنبينا صلى الله عليه وسلم هو المقصود من الخلق وهو واسطة عقدهم ورسول الرسل ، لأن الله تعالى أخذ الميثاق عليهم أنهم من أتباعه صلى الله عليه وسلم ، فرسالته عامة لجميع الخلق إلى يوم القيامة ، ولأجل ذلك كان الأنبياء كلهم يوم القيامة تحت لوائه ، ولما ظهر آدم لمع نور نبينا صلى الله عليه وسلم في جبينه ثم خلق من ضلعه الأيسر حواء ، فأراد أن يمد يده إليها فكفته الملائكة عنها ، فقالت الملائكة : مه يا آدم ، قال : ولم وقد خلقها الله لي ؟! فقالوا : حتى تؤدي مهرها ، قال : وما مهرها ؟ قالوا : تصلي على محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، وفي رواية عشرين مرة ، ثم لما أهبط إلى الأرض لما أراد الله من الحكم الباهرة التي لو لم يكن منها إلا ليوجد نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وقت إبانه في أمته الذين هم خير أمة أخرجت للناس لكان كافياً .

حملت حواء من آدم وولدت أربعين ولداً في عشرين بطناً في كل بطن ذكر وأنثى ، قيل إلا شيثاً فإنه ولد وحده لأنه وارثه ، فلذا نقل النور المحمدي إليه ، ثم أوصى شيث ولده بما أوصاه به آدم أنه لا يضعه إلا في المطهرات من النساء ، ثم لم تزل هذه الوصية معمولاً بها إلى عبد الله بن عبد المطلب ، فطهر الله هذا النسب الشريف من قبائح الجاهلية وما كانوا عليه فكان ذلك النور يزداد تلألأ في جبهة جده صلى الله عليه وسلم عبد المطلب وببركته توجه به أصحاب الفيل الذين قصدوا مكة ليخربوها ، وقد آن آوان الحمل به صلى الله عليه وسلم فأرسل الله عليهم الطيور الأبابيل من البحر فأهلكهم قبل دخولهم الحرم بها عن آخرهم إلا واحداً منهم ليخبرهم إرهاصاً وكرامة لظهور محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم ظهر ذلك النور في وجه أبيه عبد الله الذبيح الذي فداه من إرادة أبيه ذبحه وفاء لنذر نذره أبوه لما دله الله على بئر زمزم وكانت قد دثرت من قبل فنجاه الله ببركة ذلك النور بأن ألهم أباه أن يفديه بمائة بعير ، ولما فدي أدركت إمرأة ذلك النور فخطبته لنفسها وتعطيه المائة من الإبل التي فدي بها فأبى حتى يأذن أبوه ، فذهب أبوه به إلى وهب بن عبد مناف بن زهرة ، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسباً وشرفاً ، فزوجه لوقته ببنته آمنة أفضل امرأة في قريش ، فوقع عليها من فوره فحملت بسيد الخلائق من ساعتها ففارقه أعظم ذلك النور ، فعرض نفسه على المرأة الأولى فأبته وقالت : فارقك ما كنت أأمل انتقاله إلي من النور الذي كان معك ، ونودي ليلة حمله وهي ليلة الجمعة من رجب في السماء والأرض أن النور المكنون الذي منه محمد يستقر الليلة في بطن آمنة ويخرج للناس بشيراً ونذيراً ، وأمر رضوان أن يفتح باب الفردوس ، ونطقت كل دابة لقريش تلك الليلة وقالت : حمل بمحمد ورب الكعبة وهو إمام الدنيا وسراج أهلها ، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوساً وأصبح كل ملك أخرس لا ينطق يومه ذلك ومضت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب تبشرها به وكذا أهل البحار تبشر بعضهم بعضاً .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 30, 2014 9:41 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

ورأت أمه بين النوم واليقظة من يقول له : أشعرت أنك حملت بسيد هذه الأمة ونبيها ، ورأت عدة مرات أنه خرج منها نور أضاء له المشرق والمغرب ، ولما مر لحملها ستة أشهر أتاها آت في منامها فركضها برجله وأخبرها أنها حملت بسيد العالمين وأنها تسميه محمد أو أنها تكتم شأنها ، وفي رواية أنها وجدت له أعظم الثقل ، والروايات المشهورة أنها لم تجد في ذلك شيئاً ، وجمع بأن الأول كان في أول الحمل والآخر كان في آخره لتقع مخالفة العادة فيهما حتى يعلم أن كل أموره صلى الله عليه وسلم خارقة للعادة ، وفي رواية أنه بكرها وأخرى أنه ليس أول بكر لها ، وأجمع البعض بأنه يحتمل أنها أسقطت قبله ، وفي رواية أخرى أنها حملت به أكثر من تسعة أشهر والأصح خلافها ، ولم تزل أمه ترى وهي حامل به ما يدل على عظيم قدره مما تواترت الأخبار بنقله من الكرامات والآيات الباهرات إلى أن مرت تلك الشهور وأشرق الوجود بهذا النور ، وقد اختلف المؤرخون في شهر مولده ويومه على أقوال كثيرة ، والأشهر أنه ولد في شهر ربيع الأول والأشهر أيضاً أنه ولد ثاني عشرة ، وكثيرون أئمة حفاظ متقدمون وغيرهم أنه ولد يوم ثامنه ، ولا خلاف في أنه يوم الإثنين .

والصواب أنه ولد بمكة ولا يجوز اعتقاد غيره ، والأشهر أنه بمحل مولده المشهور بسوق الليل ، وهو الآن مسجد لله تعالى ، ووقفته مسجداً الخيزران أم الرشيد ، وإنما كان مولده في شهر ربيع على الصحيح ولم يكن في المحرم ولا في رجب ولا رمضان ولا غيرها من الأشهر ذوات الشرف لأنه عليه الصلاة والسلام لا يشرف بالزمان وإنما الزمان يشرف به ، كأماكن كثيرة ، فلو ولد في شهر من الشهور المذكورة لتوهم أنه يتشرف بها ، فجعل الله تعالى مولده عليه الصلاة والسلام في غيرها ليظهر عنايته به وكرامته عليه ، وإذا كان يوم الجمعة الذي خلق فيه آدم عليه الصلاة والسلام خصه بساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله خيراً فيها إلا أعطاه ، فما بالك بالساعة التي ولد فيها سيد المرسلين ، ولم يجعل الله تعالى في يوم الإثنين يوم مولده عليه الصلاة والسلام من التكليف بالعبادات ما جعل في يوم الجمعة الذي خلق فيه آدم عليه الصلاة والسلام من الجمعة والخطبة وغير ذلك إكراماً لنبيه عليه الصلاة والسلام بالتخفيف عن أمته بسبب عناية وجوده ، قال الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " .

ومن جملة ذلك عدم التكليف ، ولما آن أوان وضعه صلى الله عليه وسلم أخذ أمه آمنة عليها السلام ما يأخذ النساء من الألم ولم يعلم بها أحد ، فسمعت أهالها فرأت كأن جناح طائر أبيض مسح على فؤادها فذهب روعها ، ثم التفتت فإذا بشربة بيضاء فيها لبن وكانت عطشى فشربتها ، ثم رأت نسوة كالنخل طوالاً فعجبت فقلن لها : نحن آسية ومريم وهؤلاء من الحور العين فاشتد الأمر وتكرر سماعها لذلك المهول ، وإذا بديباج أبيض مد بين السماء والأرض وإذا قائل يقول : خذوه عن أعين الناس .

ورأت أيضاً رجالاً وقفوا على الهواء بأيديهم أباريق من فضة وأنها يرشح منها عرق أطيب من المسك والأذخر ، ورأت أيضاً قطعة من الطير أقبلت حتى غطت حجرتها مناقيرها الزمرد وأجنحتها الياقوت ، وأبصرت حينئذ مشارق الأرض ومغاربها فرأت ثلاثة أعلام مضروبات علماً بالمشرق وعلماً بالمغرب وعلماً في ظهر الكعبة ، فأخذها المخاض واشتد بها الأمر وكانت مستندة إلى نساء وكثرن عليها حتى كأنهن معها في البيت ، فحين أسفر صبح السعادة وبدا وبشرت طلائعه بطلوع شمس الهدى وطوق جيد الوجود بعقوده الأفضال ودارت أفلاك السعود بقطب دائرة الآلئ ، ولد صلى الله عليه وسلم واضعاً يديه على الأرض رافعاً طرفه إلى السماء وكانت ولادته ليلاً كما في روايات أو نهاراً كما في أخرى ، ولا تخالف الاحتمال أنه بعد الفجر موصوفاً في روايات بأوصاف تليق بكماله الأعظم وقدره الأفخم ، منها أنه لم يخرج معه قذر أصلاً وأنه حينئذ رؤي نوراً عم الساحة بتمامها والدار وأن النجوم كانت تدنوا وتتدلى حتى يظن سقوطها عليهم ، وأن قابلته سمعت قائلاً يقول : يرحمك الله ، فسطع نور أضاء ما بين المشرق والمغرب وأنه وقع على كفيه وركبتيه شاخصاً بصره إلى السماء رافعاً يديه كالمتضرع المبتهل وأنه وقع حين ولدته أمه واضعاً يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء وأنه لما فصل من أمه خرج منها ، وفي رواية : ابن شهاب أضاء له ما بين المشرق والمغرب لا سيما الشام وقصورها إشارة إلى أنه يصل إليها بنفسه وأن الإسراء يكون إليها ثم منها إلى السماء وأنها دار ملكه كما في أثر وأنها مهاجر الأنبياء وأنه ما من نبي إلا وهو فيها أو هاجر إليها وبها ينزل عيسى وهي أرض المحشر والمنشر ، وقال صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالشام فإنها خيرة الله في أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده " ، وأنه صلى الله عليه وسلم لما خرج منها وقع معتمداً على يديه ثم أخذ قبضة من تراب ورفع رأسه إلى السماء وقبض التراب إشارة إلى أنه يملك الأرض كلها وأنه ينثره في وجه أعدائه فيهزمهم وأنه ولد جاثياً على ركبتيه ينظر إلى السماء ثم أخذ قبضة من تراب الأرض وهو ساجداً وأنه وضع تحت برمة كما كان معهوداً عندهم فانفلقت وإذا به قد شق بصره إلى السماء وهو يمص إبهامه فتشخب لبناً وأن سحابة بيضاء نزلت من السماء فغيبته عن وجه آمنة برهة فسمعت قائلاً يقول : طوفوا بمحمد مشرق الأرض ومغربها وادخلوه البحار كلها ليعرفه جميع من بها باسمه ونعته وصفته ويعرفوا بركته ، ثم تجلت عنه فإذا هو مدرج في ثوب صوف أبيض وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الأبيض الرطب وإذا قائل يقول : قبض محمد صلى الله عليه وسلم على مفتاح النصر ومفتاح الذكر ومفتاح النبوة .

وفي رواية : انهارت سحابة أعظم من الأولى يسمع فيها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة وكلام الرجال حتى غشيته فغيب عنها أكثر من الأولى وسمعت قائلاً يقول : طوفوا بمحمد جميع الأرضين وعلى النبيين والجن والأنس والملائكة ، ثم انجلت فإذا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيات بدأ ينبع منها ماء معين ، وإذا قائل يقول : قبض محمد على الدنيا كلها لم يبق من خلق من أهلها إلا دخل في قبضته طائعاً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم غشيه ثلاثة بيد أحدهم إبريق والثاني طست من زمرد أخضر والثالث حريرة بيضاء فنشرها فأخرج منها خاتماً تحار أبصار الناظرين دونه ، فغسله من ذلك الإبريق سبع مرات ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ولفه في الحريرة ثم احتمله وأدخله بين أجنحته ساعة ثم رده ولا تعارض هذه الرواية رواية أنه ولد بالخاتم ولا رواية أنه ختم به لما شق صدره وهو عند حليمة لأنه لا مانع من تكرار الختم إظهاراً لمزيد الكرامة والتمييز والاعتناء .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تجميع لكتب المولد النبوي الشريف
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 01, 2014 2:59 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7632
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
نتابع
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 196 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10 ... 14  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 30 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط