المهاجرة كتب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثلاثمائة والسابعة والعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :
( إلهي أن أظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة علىّ
وأن ظهرت المساوي مني فبعدلك ولك الحجة علىّ )
ظهور المحاسن على الإنسان في أقواله وأفعلاه وأخلاقه هو من منة الله العظيمة وهداياه الجسيمة لأنه عنوان المحبة والقبول
وذلك هو غاية المطلوب والمأمول , وظهور المساوى على العبد في أقواله وأفعاله , هو من عدله تعالى وقهره , وإظهار الحجة عليه
قال تعالى :{ قل فالله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجميعن }
فالعبد ليس له مع الحق اختيار , ولا قدرة على نفع ولا إضرار , فإن صرفه سيده فيما يرضى فلظهور اسمه الكريم
وإن صرفه فيما لا يرضى فلتصريف اسمه الحكيم أو لأظهار اسمه القهار أو المنتقم أو الجبار
فالنواصي بيده القلوب بين أصبعيه .
دعاء للشاذلى
ولله در الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه حيث يقول في بعض أدعيته:
اللهم إن حسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك
فجد اللهم بما أعطيت على ما به قضيت حتى تمحو ذلك بذلك
لا لمن إطاعك فيما أطاعك فيه الشكر , ولا لمن عصاك فيما عصاك فيه العذر , لأنك قلت وقولك الحق :
{ لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون }
اللهم لولا عطاؤك لكنت من الهالكين , ولولا قضائك لكنت من الفائزين
وأنت أجل واعظم وأعز وأكرم من أن تطاع إلا برضاك , أو أن تعصى الا بقضائك
إلهي ما أطعتك حتى رضيت , ولا عصيتك حتى قضيت
أطعتك بإرادتك ولك المنة علىّ , وعصيتك بقدرتك ولك الحجة علىّ
فبوجود حجتك وانقطاع حجتي إلا ما رحمتني
وبفقري إليك وغناك عني إلا ما كفيتني
اللهم أني لم آت الذنب جرأة مني عليك , ولا استخفافاً بحقك , لكن جري بذلك قلمك , ونفذ به حكمك , ولا حول ولا قوة إلا بك
والعذر إليك وأنت ارحم الراحمين
اللهم أن سمعي أن سمعى وبصري ولساني وقلبي وعقلي بيدك لم تملكني من ذلك شيئاً , فإذا قضيت بشئ فكن أنت وليي واهدني إلى أقوم سبيل
يا خير من سئل ويا أكرم من أعطي
يا رحمن الدنيا والآخرة ارحم عبدا لا يملك دنيا ولا آخرة اهـ
وهو الذي اختصر الشيخ في هذه المناجاة باحسن عبارة وأوجز لفظ فلله دره وهذا شأنه في تهذيب طريق الشاذليه جزاه الله عن المسلمين خيرا , ومثل هذه المناجاة وقعت من بعض الصالحين .
روي أن شاباً من العباد تعلق بأستار الكعبة وقال :
إلهي إن أطعتك فبفضلك ولك الحمد , وإن عصيتك فبجهلي ولك الحجة علىّ , فباثبات حجتك وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي
فسمع هاتفاً يقول : أنت عتيق من النار اهـ
وقال ذو النون رضي الله عنه : رأيت جارية والصبيان يرمونها بالحجارة فكففتهم عنها , فنظرت إلي وقالت كأنها تعرفني : يا ذا النون ما علامة الصدق ؟ قلت : صيام النهار وقيام الليل , فقالت :
يا ذا النون كيف يلذ النوم لمن علم أن حبيبه لا ينام ؟
ثم بكت وقالت : إلهي إن فكرت في إحسانك إلىّ لم أبلغ كنهه بفكري
وإن ذكرت سترك على لم أقم فيه بشكرى
فيا عجباً لقلوب العارفين بك! كيف لا تتفطر إجلالاً لقدرك وإعظاماً لوصفك
تباركت يا مولانا ما أحلمك على من عصاك
وما أفضلك على من لم تدع له شغلاً بسواك ثم أنشدت :
يا حبيب القلوب أنت الحبيب ... أنت أنسى وأنت مني قريب
يا طبيباً بذكره يتداوي ... كل سقم فنعم ذاك الطبيب
طلعت شمس من أحب بليل ... واستنارت فما تلاها غروب
أن شمس النهار تغرب ليلاً ... وشموس القلوب ليست تغيب
فإذا ما الظلام أسبل ستراً ... فإلى ربـها تحن القلوب
وإذا حنت القلوب إلى مولاها , وانضمت إليه بعشقها وهواها
كيف يكلها إلى غيره وهو قد تولاها ؟ وكيف لا ينصرها وهو إليه قد آواها
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً
الله الله الله الله الله الله الله الله الله ........
أكرمك الله كماتكرمينا......