علم ما هو كائن بإذن الله عند العباسيين قصة السفط قبيل موته بقليل دعا أبو جعفر المنصور ابنه المهدي فقال له: " إني لم أدع شيئا إلا قد تقدمت إليك فيه, وسأوصيك بخصال والله ما أظنك تفعل واحدة منها. وكان له سفط فيه دفاتر علمه وعليه قفل, لا يأمن على فتحه ومفتاحه أحدا، يصر مفتاحه في كم قميصه, وكان حماد التركي يقدم إليه ذلك السفط إذا دعا به, فإذا غاب حماد أو خرج كان الذي يليه سلمة الخادم, فقال المنصور للمهدي: انظر هذا السفط فاحتفظ به, فإن فيه علم آبائك ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة, فإن أحزنك أمر فانظر في الدفتر الأكبر, فإن أصبت فيه ما تريد وإلا فالثاني والثالث حتى بلغ سبعة, فإن ثقل عليك فالكراسة الصغيرة فإنك واجد فيها ما تريد, وما أظنك تفعل ". زاد ابن جرير وقال: وذكر أبو يعقوب بن سليمان قال حدثتني جمرة العطارة عطارة أبي جعفر قالت: لما عزم المنصور على الحج دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي وكان المهدي بالري قبل شخوص أبي جعفر، فأوصاها بما أراد وعهد إليها ودفع إليها مفاتيح الخزائن وتقدم إليها وأحلفها ووكد الإيمان ألا تفتح بعض تلك الخزائن ولا تطلع عليها أحدا إلا المهدي ولا هي إلا أن يصح عندها موته فإذا صح ذلك اجتمعت هي والمهدي وليس معهما ثالث حتى يفتحا الخزانة، فلما قدم المهدي من الري إلى مدينة السلام دفعت إليه المفاتيح، وأخبرته عن المنصور أنه تقدم إليها فيها ألا يفتحه ولا يطلع عليه أحدا حتى يصح عندها موته، فلما انتهى إلى المهدي موت المنصور وولي الخلافة فتح الباب ومعه ريطة، فإذا أزج كبير فيه جماعة من قتلاء الطالبيين وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم، وإذا فيهم أطفال ورجال شباب ومشايخ عدة كثيرة، فلما رأى ذلك المهدي ارتاع لما رأى وأمر فحفرت لهم حفيرة فدفنوا فيها وعمل عليهم دكان. انتهى قلت: ومعظم المؤرخين ينقلون عن ابن جرير الطبري، فلا أدرى لِمَ لم يكملوا ما نقلناه فى الجزء الزائد. وقد روى أبو الفرج الأصفهاني فى مقاتل الطالبيين عن محمد بن يحيى قال: " لما تولى أبو العباس، وفد إليه عبد الله بن الحسن بن الحسن، وأخوه الحسن بن الحسن، فوصلهما، وخص عبد الله، وواخاه وآثره، حتى كان يتفضل بين يديه في ثوب، وقال له: ما رأي أمير المؤمنين غيرك على هذا الحال، ولكن أمير المؤمنين إنما يعدك عما ووالداً. وقال له: إني كنت أحب أن أذكر لك شيئاً. فقال عبد الله: ما هو يا أمير المؤمنين؟ فذكر ابنيه محمداً، وإبراهيم، وقال: ما خلفهما ومنعهما أن يفدا إلى أمير المؤمنين مع أهل بيتهما؟ قال: ما كان تخلفهما لشيء يكرهه أمير المؤمنين. فصمت أبو العباس ثم سمر عنده ليلة أخرى فأعاد عليه، ثم فعل ذلك به مراراً، ثم قال له: غيبتهما بعينك، أما والله ليقتلن محمد على سلع، وليقتلن إبراهيم على النهر العياب.
_________________ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ
|