وللشيخ عباس الديب تسديس مبارك على الفصلين التاسع والعاشر من البردة المقدسة للإمام البوصيري رضي الله تعالى عنه وهي هذه :
يا رب بالمصطفى يهدى الجليل به
مذ تاب آدم واستسقى الخليل به
زدني يقيناً فكم زاد القليل به
مذ طاب لي الشعر فهو السلسبيل به
( خدمته بمديح استقيل به
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم )
***
يا رب بالمصطفى إني لطالبه
بالشوق بالوجد بالنجوى تخاطبه
والدهر ما تنقضي يوماً عجائبه
فالنفس والجهل يرديها تعاتبه
( إذ قلداني ما تخشى عواقبه
كأنني بهما هدي من النعم )
***
يا رب بالمصطفى جد بالهدى كرماً
قد ضقت بالذنب حتى قد بكيت دماً
لولا هوى النفس والجهل الزري لما
أصبحت ممن غوى حتى بكى ندماً
( أطعت غي الصبا في الحالتين وما
حصلت إلا على الآثام والندم )
***
يا رب بالمصطفى جد لي بشارتها
بشرى القبول لأحيا في بشارتها
فالنفس ما أدركت معنى طهارتها
إلا بدمع التمني في مرارتها
( فيا خسارة نفس في تجارتها
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم )
***
يا رب بالمصطفى فاغفر لقائله
ما كان من جهله أو من رذائله
ولى الشباب ولم أظفر بنائله
واستقبل الشيب عجزاً في وسائله
( ومن يبع آجلاً منه بعاجله
يبن له الغبن في بيع وفي سلم )
***
يا رب بالمصطفى حباً بلا غرض
تشفي به النفس من كرب ومن مرض
ما عشت صباً بلا مال ولا عرض
إلا لأني وذا قولي لمعترض
( إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض
من النبي ولا حبلي بمنصرم )
***
يا رب بالمصطفى حسناه ساقيتي
عفواً وبالنور للرحمن هاديتي
إني قتيل الهوى والمصطفى ديتي
مذ جئته مسلماً في الحب ناصيتي
( فإن لي ذمة منه بتسميتي
محمداً وهو أوفى الناس بالذمم )
***
يا رب بالمصطفى ذي النور ذي المدد
أكرم بنور الهدى أهلي كذا ولدي
ما لي سوى المصطفى في الخلق من سند
طه النبي عدتي جاهي ومعتمدي
( إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم )
***
يا رببالمصطفى أعظم مراحمه
في الخلق وارفع بنا فيهم معالمه
أكرمت بالسر دهراً كنت صائمه
حتى استباح الجوى ما كنت كاتمه
( حاشاه أن يرحم الراجي مكارمه
أو يرجع الجار منه غير محترم )
***
يا رب بالمصطفى عشنا نصائحه
كيما يطهر ذو شوق جوارحه
مذ جئت للساح صباً كي أصالحه
أصبحت في الحب والأحباب صادحه
( ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه
وجدته لخلاصي خير ملتزم )
***
يا رب بالمصطفى شمس الهوى غربت
لما سقى النفس فاهتزت له وربت
والروح لما رأت ريح الرضا طربت
فالنفس من بعد لن تظمأ بما شربت
( ولن يفوت الغنى منه يداً تربت
إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم )
***
يا رب بالمصطفى روحي به شرفت
مذ طهر النفس مما كانت اقترفت
آمنت بالله روحي الآن قد عرفت
قدر الذي شاهدت قدر الذي وصفت
( ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت
يدا زهير بما أثنى على هرم )
***
يا رب بالمصطفى علي أفوز به
علي إلى جنة الحسنى أجوز به
ناديت في ساحة الباري أعوذ به
مستشفعاً بالذي ترجى الكنوز به
( يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم )
***
يا رب بالمصطفى ثبت به نسبي
واجعل بنور الهدى بين الورى حسبي
ليس الهوى والجوى فينا بمكتسب
لكنه رحم في كل منتسب
( ولن يضيق رسول الله جاهك بي
إذا الكريم تجلى باسم منتقم )
***
يا رب بالمصطفى أصلح سريرتها
نفساً تعيش مع البلوى أسيرتها
إن تسقها رحمة قومت سيرتها
يا سيدي المصطفى وادفع مضرتها
( فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم )
***
يا رب بالمصطفى نفسي به اعتصمت
تبكي فيا ليتها للذنب ما اقتحمت
واليأس فيه الردى لو أنها علمت
وفي الرجاء رضا لو أنها فهمت
( يا نفس لا تقنطي من ذلة عظمت
إن الكبائر في الغفران كاللمم )
***
يا رب بالمصطفى تعفو وتكرمها
نفساً غدا الخوف مما فات يؤلمها
لما بدا يأسها واليأس يقصمها
بشرتها قائلاً قولاً يلائمها
( لعل رحمة ربي حين يقسمها
تأتي على حسب العصيان في القسم )
***
يا رب بالمصطفى عفواً لمبتئس
يرنو إلى الفضل في أثواب ملتمس
لما رأى النور نوراً غير ملتبس
غنى دعاء الجوى من قلب مؤتنس
( يا رب واجعل رجائي غير منعكس
لديك واجعل حسابي غير منخرم )
***
يا رب بالمصطفى قلبي اطمأن له
مهما بكى الصب من وجد وأن له
لما رأى جود مولاه وحن له
أبدى له العجز إن العجز سن له
( والطف بعبدك في الدارين إن له
صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم )
***
يا رب بالمصطفى عذراً لقائمة
لله بالله في المختار هائمة
لم تستمع في الهوى يوماً للائمة
فالنفس تسبيحها آهات نادمة
( وأذن لسحب صلاة منك دائمة
على النبي بمنهل ومنسجم )
***
يا رب بالمصطفى والشوق قد عذبا
أحسن بـ طه لمن يهواه منقلبا
أنسيت في المصطفى أماً كذا وأباً
فارحم عبيداً شدا للمصطفى طرباً
( ما رنحت عذبات البان ريح صباً
وأطرب العيس حادي العيس بالنغم )
***