موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 21 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 17, 2015 5:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

هذا الكتاب المثير للجدل تحديداً الذي يعري فيه جورج تينيت - مدير السي . آي . إيه - كل الحقائق الرهيبة عن " المطبخ السياسي" داخل البيت الأبيض ..

كتاب احتل المراكز الأولى في الأكثر مبيعاً داخل الولايات الأمريكية لشهور، و عندما صدرت ترجمته الروسية قبل فترة وصل إلى الطبعة الثانية في ظرف شهرين.

"لأن الروس يحبون الدخول إلى المطبخ الأمريكي" على حد تعبير "فلاديمير توشكا" صاحب الدار الذي طبعت النسخة الروسية من الكتاب..

الكتاب طبق دسم مليء بالمفاجآت و الحقائق عن المطبخ السياسي الأمريكي بقيادة " بول وولفويتز" صاحب " فكرة غزو العراق".

والذي يدخل مباشرة في سياق ما يسمى حالياً بالمؤامرة التي لم تعد كذبة قطعاً، بل حقيقة نتلمسها يوميا في كل ما يجري حولنا من "مصائب"...

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 27, 2015 1:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة الأولى: استلمت المخابرات مهلهلة و وجدت نفسي وحدي في قلب العاصفة !!

شعرت بالحاجة لكي أتوارى قليلاً قبل أن أكتب و أن أتكلم !!

في يوم الأربعاء الثاني عشر من سبتمبر ، الذي شهد بزوغ فجر أول يوم شهد عالماً جديداً أصابه الجنون . لا شيء البتة سيعود إلي سابق عهده . في ساعة مبكرة من صباح ذلك اليوم ، و بعد ساعات نوم قليلة للغاية ، اجتزت الباب ، لأستقل مروحية كانت بانتظاري ، لكي تمضي بي لرؤية رئيس الولايات المتحدة.

كانت إجراءات الأمن المضروبة حول بيتي في ضاحية ميريلاند بواشنطون أكثر تشدداً ععن ذي قبل . و عند وصولي إلي البيت الأبيض رأيت أفراد الخدمة السرية المكلفين بحماية الرئيس ، و المدججين جميعهم بالسلاح ، و قد غطوا كل شبر من الأرض.

وبدت الطائرات الحربية في السماء تحرس العاصمة الأمريكية . فمنذ أقل من أربع و عشرين ساعة ، تعرضت أمريكا لهجوم بواسطة جيش غير نظامي .

وقد لقي الألاف حتفهم في مدينة نيويورك و وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " ، وفي أحد حقول بنسلفانيا.

وبالنسبة لنا في وكالة المخابرات الأمريكية ، فقد كان لدينا سبباً جيداً يجعلنا نعتقد بأنه ربما تكون هناك هجمات أخري في الطريق خلال الساعات ، أو الأيام التالية . ، و أن هجمات 11 سبتمبر ليست سوى أوبنينج سالفو لهجوم ماتي برونجد علي المعالم و المواقع الرئيسية داخل أمريكا.

كتابي يحمل القصة التي لم ترو حول تحذيرات بالجملة أطلقناها قبل هجمـات سبتمبر .. و لم تأخذها الإدارة مأخذ الجد !!

كانت هذه الأفكار تضغط بقسوة علي عقلي ، أثناء سيري في الممر المؤدي إلي " الجناح الغربي ، و حتى رأيت ريتشارد بيرل و هو يخرج من المبنى في نفس الوقت الذي كنت أهم فيه بالدخول .

بيرل هو واحد من مجموعة شخصيات يحمل كل منها لقب " الأب الروحي " لحركة المحافظين الجدد ، و في ذلك الوقت كان يشغل منصب رئيس هيئة سياسات الدفاع ، و هي مجموعة استشارية مستقلة تتبع وزير الدفاع .

ولم يكن هذا اللقاء عند الباب سوي مرور عابر لا أكثر و لا أقل .

وبينما ينغلق الباب عقب خروج بيرل ، رمق كل من الآخر بنظرة و إيماءة . و مع اقترابي من الباب ، استدار بيرل نحوي ، و قال:

"على العراق أن يدفع ثمن ما حدث بالأمس . هم يتحملون المسئولية " .

وهنا شعرت بالصدمة . و لكني لم انبذ ببنت شفة . فقبل 18 ساعة ، قمت باستنساخ قوائم ركاب الطائرات المختطفة الأربع ، و التي ظهر من خلالها ، و بما لا يدع أي مجال للشك ،أن تنظيم القاعدة وراء هذه الهجمات .

وعلي مدي الشهور و السنوات التالية ، و نحن نحقق في احتمالات وجود دور محتمل لرعاة للقاعدة رسميين ينتمون لدولة ما .

والمخابرات فور الهجمات ، و حتي يومنا هذا تحقق ، و لكن لم نجد دليلاً واحداً يشير إلي تورط العراق .

وعودة إلي البيت الأبيض صبيحة الهجمات ، و عند نقطة التفتيش الأمني التابعة للخدمة السرية ، عدت بناظري إلي بيرل و فكرت : ما هذا الهراء الذي يتحدث عنه ؟ ..

وما هي إلا لحظة واحدة ، إلا ووجدت فكرة أخرى تهاجمني : من الذي كان ريتشارد بيرل يقابله في البيت الأبيض في هذه الساعة من الصباح الباكر لهذا اليوم العصيب ، الذي لم نشهده من قبل ؟ .. الحقيقة أنني لم أعرف أبداً إجابة هذا السؤال .

وللأفضل و الأسوأ ، فقد شكل الإرهاب و العراق القضيتين الرئيسيتين ، التين شكلا صلب عملي طيلة سنواتي السبع كمدير للمخابرات المركزية ، قبل أن اتنحى عن منصبي في شهر يوليو عام 2004 .

وقد طغت هاتين القضيتين عن سائر القضايا الأخري التي تتعامل معها المخابرات الأمريكية ، و كل القضايا الأخري التي قابلتني أثناء مشواري الوظيفي في المخابرات بأكمله .

وعلي الرغم من أنني لم أدرك ذلك ذاك اليوم إلا أنني وصلت إلي اعتقاد مفاده أن لقائي العابر مع ريتشارد بيرل ذاك اليوم ، و ما قاله من كلمات كان في غاية الخطورة .

ولأنني نشأت في مدينة نيويورك في حي كوينز لأب مهاجر ينتمي لطبقة العمال ، فقد كان من المستحيل علي أن أتخيل أنني سأجد نفسي في مثل هذا الموقف .

لقد كنت أحلم دائماً بوظيفة حكومية ، و لكنني و لكنني لم أفكر و لو للحظة واحدة أنني سوف أحيا في العالم الخفي للمخابرات .

و الآن أفكر في سلسلة التقلبات و التأرجحات الوظيفية التي جعلتني أجد نفسي أمام مرايا متوحشة .

كتابي كشف حساب لجهودي و زملائي في مواجهة الإرهاب واعتراف بكل أخطائنا و لا بد من منحنا ما نسـتحق من تقدير !!

وبينما أمضي في عملي الوظيفي ، فإذا بي أجد المخابرات تنقسم إلي ما هو مثير و وما هو محبط ، لأنها بالتحديد تتعامل مع كل ما هو غامض و مجهول و خفي بطريقة متعمدة .

وما يحاول أعداء الولايات المتحدة - جاهدين - إخفاءه ، يعمل رجال و نساء المخابرات المركزية – جاهدين – للكشف عنه . و علي مدي حياتي العملية ، و باتباعي قيم المخابرات ، حاولت أن أحد من ظهوري أمام العامة .

وعندما رحلت عن الحكومة ، شعرت بالحاجة إلي التواري لبعض الوقت ، كي أمنح نفسي فرصة للتفكير قبل أن أكتب ، أو أتكلم .

وبعد أن استفدت من عنصري الوقت و التأمل وصلت إلي قناعة بأن هناك التزام في عنقي بأن أتقاسم بعض الأشياء التي تعلمتها و خبرتها إبان عملي في المخابرات الأمريكية . و شعرت بأنني مدين لأسرتي ، لزملائي السابقين و للتاريخ بأن أفصح عن كل ما أستطيع الإفصاح عنه حول الأحداث التي عايشتها .

وتعتمد مذكراتي علي إعادة تجميع أحداث جسام شهدتها فترة عصيبة من تاريخ أمتنا .

وهذا العمل لا يتوخى فقط الموضوعية في التناول ، و إنما حرصت علي أن يلتزم الأمانة و التجرد من الذات .

هناك الكثير من الأشياء التي أفخر بعملها أثناء أدائي مهم وظيفتي كمدير للمخابرات المركزية ، كما أن هناك أشياء أخري كنت أتمني عملها .

كما يتتضمن كتابي – كما سيري القارئ في صفحاته – اعترافات مني بأخطاء ارتكبتها أنا و الوكالة التي كنت أتولى إدارتها . و عندما اتناول مناسبات كان أداؤنا فيها قوياً ، أتمنى أيضاً أن تكون هذه التأكيدات محل التقدير العادل و اللائق .

هذا الكتاب يعكس كيف كانت تبدو الأشياء بالنسبة لي ، في الوقت الذي كنت أجد نفسي فيه وحدي في قلب العاصفة .

حيث كنت تجد نفسك مسئولاً عن التعامل مع قضايا اكتشفتها من موقعك ، و من نفس هذا الموقع كنت أجلس لأري موجة المد الإرهابي .

ومن موقعي حيث أجلس ، كنت أرى أيضاً وكالتي حيث تعمل مجموعة صغيرة من المحاربين ، في عزلة ، و دون تمويل ، يسبحون جميعهم وحدهم ضد هذا المد الإرهابي ..

يدقون ناقوس الخطر .. يحذرون .. يردعون .. يقدون مضاجع .. و يحاولون تدمير حركة إرهاب عالمية تعمل في سبعين دولة تقريباً ، و تصر علي تدميرنا .

هذه هي قصة الكيفية التي نظرنا بها للتهديد ، و ما فعلناه حياله ، كيف توصلنا إلي قناعاتنا ، و السبب وراء الاستعداد الذي كان عليه رجال و نساء وكالتنا المركزية لتنفيذ خطة عمل للرد بالقوة علي ضياع أرواح 3 آلف أمريكي و أجنبي .

هذه أيضاً قصة الكيفية التي تمكنا بها من تجريد دولة مارقة من أسلحة دمارها الشامل دون أن نطلق رصاصة واحدة ، وكيف أتينا بأخطر دولة تنشر أسلحة الدمار الشامل عرفها العالم إلي حيث العدالة.

الكتاب بمثابة عملية استدعاء لجهود التي بذلناها لاحتواء الخلافات التاريخية بين الإسرائيليين و الفلسطينيين ، وإعطاء فرصة للدبلوماسيين للسعي وراء حل سياسي لأزمة مزمنة و معمرة . .

إنه أيضاً قصة لم ترو بعد عن فيض التحذيرات التي لم يحسب حسابها بعد لهجمات محتملة إذا تمت مقارنتها بهجمات 11 سبتمبر فإن الأخيرة ستبدو ضئيلة !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 27, 2015 1:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

فوجئت بـ ريتشارد بيرل صبيحة هجمات 11 سبتمبر في البيت الأبيض يحمل العراق المسئولية ويتحدث عن الثمن الفادح الذي لا بد أن يدفعه !!

لقد حاول كبار المسؤولين في إدارتين خدمت فيهما .. إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون ، وإدارة الرئيس الحالي جورج بوش .. حاولوا أن يفعلوا ما يرونه الأفضل لأمريكا .

ويتعين أن يدور النقاش حول نتائج عملهم والوسائل التي اتبعوها ، ولا ينبغي أن يكون هذا النقاش حول دوافعهم .

وعندما نأتي إلي الطريقة التي تعاطت بها الحكومة الأمريكية مع العراق سنجد أبطالاً قليلين في واشنطون و لكن هناك الكثيرين منهم علي أرض الميدان في هذه الدولة المضطربة.

و عندما نأتي للحديث عن الحرب ضد الإرهاب فعلي الرغم من أن هناك الكثير من الأبطال في واشنطون ، و أماكن أخري حول العالم ، فإن الحكومة نفسها هي التي ضلت طريقها وهي تسير نحو بغداد ، بعد أن أظهرت أداء رائعاً عندما اجتاحت معاقل القاعدة في أفغانستان بعد 11 سبتمبر.

وقد اضطلعت وكالة المخابرات المركزية بمهمة ضخمة بشجاعة عظيمة و تصميم لا يصدق.

ونحن لم نقرأ سوى القليل عن هؤلاء الأبطال.

إدارة بوش ضلت الطريق عندما زحفت نحو بغداد بعد أداء رائع ضد معاقل القاعدة في أفغانستان !!

ومع كل الأعباء التي كنت أنوء بها التي ، كل الضغوط التي كنت أتعرض لها كمدير للمخابرات المركزية ، فإنني لعلى يقين بأنني كنت الأفضل في الحكومة من حيث ما قدمته إبان عملي .

ولطالما كانت أعظم لحظات السعادة بالنسبة لي هو ذلك التفاعل اليومي مع العاملين في وكالتي من رجال و نساء كانوا يتحدون الخطر و يخاطرون بحياتهم كل يوم لحماية أمتنا.

لقد كانت لدي الفرصة لكي أخدم بلادي ، وأبذل ما بوسعي لكي أحافظ عليها آمنة في وقت الشدائد.

وقد لا أكون قد نجحت في كل المناسبات ، ولكن أشعر بالراحة لأنني كنت هناك في خضم الأحداث ، أؤدي ما علي ، وأناضل لكي أفعل ما هو صواب.

فقط في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن لسليل أسرة مهاجرة بسيطة مثلي أن يصل لما وصل إليه !!


فقط في الولايات المتحدة الأمريكية ، يمكن لسليل أسرة مهاجرة أن يحظى بمثل هذه الميزة .

وسوف أظل وللأبد شاكراً لجميل جون و إيفانجليا تينيت (أبي وأمي) اللذين رحلا عن قراهم في اليونان لإعطائي هذه الفرصة.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 27, 2015 2:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة الثانية : قصة تعييني مديراً لـ سي . آي . إيه أشبه بأفلام الجاسوسية !!

حكمة أبي : قرب أصدقاءك منك .. و اجعل أعداءك أقرب !!

بدا الأمر و كأنه فيلم من أفلام الجاسوسية .. التاريخ كان يوم 16 مارس عام 1997 .. يوم أحد .. كنت بمنزلي في يوم أجازة نادر الحدوث ، عندما دق جرس التيلفون : " قابلني علي شاطئ " سي آند أو " قرب حانة أولد آنجلر في غضون ساعة " ..

هكذا قال الصوت علي الطرف الآخر .. و كان يتحدث همساً تقريباً . " تعالى وحدك " .. كان هذا نص المحادثة الهاتفية .. المتحدث لم يعرف نفسه .. و لكنه كان على يقين من أنني سأكون هناك في الموعد .

كان صوت آنتوني ليك ، الذي كان قد تقاعد قبل شهرين من عمله كمستشار للأمن القومي الأمريكي ، عندما عينه بيل كلينتون كمدير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية .

سر لقائي السري مع انتوني ليك الذي حمل لي ما لم يخطر أبداً على بالي !!

وعودة إلي عام 1992 ، وبالتحديد عند بداية عمل إدارة الرئيس بيل كلينتون ، كان توني قد جعلني فرداً من أفراد فريق العاملين بمجلس الأمن القومي .

وقبل ذلك كنت أعمل في فريق العاملين بمجلس الشيوخ ، وكنت و علي مدى السنوات الأربع السابقة مدير أركان لجنة مجلس لشيوخ للاستخبارات.

وخلال هذه السنوات استطعت إقامة علاقة شخصية ووظيفية حميمة مع ليك و نائبه ساندي بيرجر.

وفي مايو 1995 ، استعان بي جون دوش الذي كان علي وشك أن يصبح مدير المخابرات المركزية الأمريكية ، لكي أكون الرجل الثاني في الوكالة.

وقد توطدت معرفتي بدوش عندما كان مساعد وزير الدفاع حيث اعتدنا أن نسافر معاً للخارج للتعامل مع بعض المسائل الاستخباراتية الحساسة.

ولكن الآن وبعد عام ونصف فقط من عمله ، كان دوش يستعد للرحيل عن السي آي إيه واستقر الرأي علي صديقي ورئيسي السابق توني ليك لكي يحل محله في رئاسة الوكالة.

وقد كانت لدى توني كل المؤهلات اللازمة لأداء مهام الوظيفة الجديدة .. القدرات الاستخباراتية .. وثقة الرئيس وقوة الشخصية . وقد كان توني مستشار مجلس الأمن القومي صاحب الكلمة العليا ، الذي لا ينازعه أحد في صلاحياته ، أو سلطاته.

ولأنه قد لاحظ الخلل الذي عانى منه أداء المجلس أثناء إدارة الرئيس جيمي كارتر ، الأمر الذي أصاب معه هذه الإدارة بالشلل ، فقد عمل جاهداً كي لا يكرر مثل هذا الأداء الباهت أثناء إدارة الرئيس بيل كلينتون.

وفي سابقة نادرة الحدوث في واشنطون ، لم يكن توني يحب الظهور كعادة من يشغلون منصبه ، كما أكد لفريق العاملين تحت رئاسته على :"نحن كفريق يمكن أن ننجح معاً ، أو نفشل معاً" . .

وقال لهم مؤكداً : "لم يأت أي منا إلي مكتبه في المجلس بالانتخاب".

ويقيني أن توني ، وبفضل كل خصاله هذه ، كان الخيار الأمثل لكي يتولى رئاسة الـ " سي . آي . إيه " .

وقد أدركت - بدافع حب الذات – أن وصول توني لهذا المنصب سيمنحني القدرة علي الاحتفاظ بمنصبي كنائب لمدير الوكالة ، ذلك المنصب الذي كنت قد تعودت أن أحبه.

شلبي طلب مني تشويه صورة ليك لدعم رفض الكونجرس تعيينه مديراً للمخابرات !!

وعودة إلي جون دوتش سنجد أنه دخل في خلافات كثيرة مع فريق عمله ، و أدلي بأحاديث صحفية استفذت الإدارة ، و انتهي عمله باستقالة مفاجئة في شهر ديسمبر عام 1996 ، ورغم أنه كان يأمل أن يسند إليه منصب وزير الدفاع رغم كل ذلك ، إلا أنه كان من الواضح أن مثل هذا المنصب سوف لن يكون من نصيبه ، فرحل عن الحكومة إلي غير رجعة .

و بعد رحيله أصبحت أنا مدير الوكالة بالإنابة.

وقد أدركت وقتها أنه يتعين علي أن أقوم بمهام مدير الوكالة و نائب مديرها لفترة وجيزة ، حتى يتم تأكيد تعيين ليك كمدير جديد لها.

ولكن ما حدث أن موافقة مجلس الشيوخ علي تعيينه ، ظلت معلقة و لمدة أربعة شهور .

وأدركت أن تأخر المجلس في التصديق علي تعيين توني كان السبب في طلبه مقابلتي ، ولكنني لم تكن لدي أدني فكرة عن سر إصراره علي لقائي في مثل ذلك المكان غير الغريب .. كما كانت تعليماته لي بالقدوم وحدي أكثر الأمور التي تبعث علي الحيرة.

فقد كان يعرف أن نائب مدير المخابرات المركزية لا يذهب إلي أي مكان بمفرده .فقد كانت ترافقني دائماً حراسة أمنية كبري ، لا سيما و أن تهديدات الإرهابين والمتربصين الآخرين لمسئولي الوكالة كانت حقيقية.

ومن هنا فقد شهدت الشهور الأربعة التي عملت فيها كمدير السي آي إيه بالإنابة تشديد الحراسة حولي بصورة غير مسبوقة.

علي أية حال ، فقد حاولت أن التزم بسرية اللقاء كما طلب توني ، واستدعيت رئيس الطاقم المكلف بحراستي دان أوكنور ، الرجل الذي كنا نناديه بـ " دوك " – الحروف الأولي من اسمه ، وكان مستعداً لكي يتلقى رصاصة في صدره لكي يدفع عني الأذى ، وطلبت منه الخروج لجولة قصيرة بالسيارة وحدنا دون حراسة.

وبعد جولة بالسيارة وصلنا قرب المكان ، وذهبت بمفردي للقاء توني الذي كان ينتظرني ، وبمجرد اقترابي منه أشار علي بالمشي ، ورغم أنني عايشت توني في أوقات عصيبة إلا أنني لم ألحظه أبداً في مثل هذه الحالة من الجدية والتجهم والصرامة كما رأيته ذاك اليوم.

وما هي إلا مسافة لا تزيد عن نصف ميل تقريباً ، حتي جلسنا على أريكة تطل علي القناة.

بادرني توني بقوله : أريدك أن تعرف أنني عقدت العزم علي أن أبلغ الرئيس غداً أنني أعتذر عن قبول منصب مدير السي آي إيه ، وأنني أسحب اسمي كمرشح للمنصب .. إنها لمهمة شاقة جداً .. إنهم يريدون الكثير جداً .. والأمر لا يستحق العناء".

ولم يكن توني في حاجة لكي يفسر علي من يعود الضمير في كلمة "إنهم".

فقد انقلب عليه أعضاء مجلس الشيوخ ، وراحوا يماطلون في التصديق علي ترشيحه للمنصب.

وأنه سئم الانتظار ، ولم يعد قلبه مستعداً لمواصلة القتال من أجل المنصب.

خاصة بعد أن أمضي ثلاثة أيام من جلسات الاستماع العدائية من جانب بعض أعضاء لجنة الاستخبارات بالمجلس واضطر لتحمل تهريجهم السياسي و غوغائيتهم.

دوش جعلني الرجل الثاني في الوكالة و ليك طلب من الرئيس تعييني مديراً لها بدلاً منه !!

والحقيقة أن بعض أعضاء اللجنة كانوا يتربصون بتوني وفي مقدمتهم سيناتور ريتشارد شلبي النائب الجمهوري عن ولاية " الاباما ".

والذي كان قد طلب مني - كما استطاع إقناع كثيرين ممن عملوا من قبل مع توني – أن أشي بالرجل.

وقال لي : "جورج إذا كنت تعرف أية قاذورات عن توني ليك فأنا متأكد من أنني أود معرفتها" .

وقد جعلني هذا الموقف الشاذ في حيرة من أمري.

ورحت أتساءل : ألا يعرف هذا الشخص أن توني بليك صديقي ورئيسي السابق؟ ..

كما رحت أفكر فيما جعله يعتقد أنني يمكن أن ألعب مثل هذا الدور؟

وعودة إلي لقائي مع توني ، فقد كان ما ذكره لي لاحقاً في نفس اللقاء هو ما أصابني بالدهشة.

فقد قال لي : "عندما سأبلغ الرئيس غداً اعتذاري عن الترشح للمنصب فإنني سأبلغه بأن عليه تعيينك لكي تكون المدير الجديد لوكالة المخابرات المركزية".

وعلي أن اعترف بأنني ورغم شغلي منصب مدير الوكالة بالإنابة في ذلك الوقت ، فإنه لم يدر بخيالي أبداً أنني يمكن أن أحل محل توني كمرشح لمنصب المدير.

فعلى أية حال كان عمري في تلك اللحظة لا يتجاوز الرابعة والأربعين ، شخص غير معروف اللهم إلا لبعض دوائر استخباراتية بيروقراطية معينة.

هذا هو السبب الأول في وقوع هذا الخبر علي كالصاعقة.

السبب الثاني هو صحتي المعتلة ، حيث كنت قد تعرضت لأزمة قلبية منذ أقل من أربع سنوات مضت.

ولا أستطيع أن أتذكر ما إذا كنت قد أجبت علي عرض توني ، إلا أن وجهي بالتأكيد عكس مشاعر الاستغراب والدهشة التي كانت تعتمل داخلي.

وهنا قطع توني صمتي بقوله : انظر .. انت تعرف المكان ، وتملك المهارات اللازمة ، والرئيس يحبك ، ومجلس الشيوخ سيصدق علي تعيينك .. قل لي من يمكن ترشيحه غيرك .. كما أنك تحب عملك".

وما كان مني إلا أن أجبت علي كلام توني بقولي : نعم .. و لكنني لا أريد المنصب بهذه الطريقة".

وفي هذه اللحظة كانت الدموع علي وشك أن تنهمر من عيني ، من فرط ما كان يعتمل في نفسي من عواطف ومشاعر تمتزج فيها الصدمة بعدم اليقين والأسى بتشوش العقل.

لقد كنت مثل ممثل مبتدئ في أحد مسارح "برودواي" اكتشف لتوه أن أعز صديق له ، بطل العرض ، قد صدمته حافلة ركاب".

وفكرت أن أقنع توني بعدم سحب ترشحه للمنصب ، ولكن كان من الواضح أنه قد اتخذ قراره بالفعل ، وعقد العزم علي الإنسحاب.

ثم بدأت أعرب له عن شكوكي حول ما إذا كنت الشخص المناسب لشغل مثل هذا المنصب.

ولكن توني كان علي يقين من أنني كذلك ولم يكن يريد أن يدخل معي في نقاش حول هذه المسألة.

وبادرني قائلاً : "أنظر .. أنا لم آت بك إلي هنا لكي أسألك رأيك في خططي وقراراتي .. طلبت منك المجيء لكي أطلعك عما أنا بصدد عمله . . سأنسحب وسوف أبلغهم بأنه يتعين عليهم تعيينك مديراً لـ سي آي إيه . . المسألة بسيطة".

وقد بدا توني قلقاً من أن يدخل الرئيس كلينتون في نزاع طويل مع شلبي حول عملية تعيينه.

وقال : " شلبي يريد أن يقاتل لمنع تعييني حتي آخر قطرة من دمي.

وسيكون هذا فظيعاً بالنسبة للوكالة التي تقف الآن في أمس الحاجة لمدير".

وبعد أن تحدثنا قرابة نصف الساعة وجدنا أنفسنا نعود لنقطة البداية علي نفس الممر لتتصافح أيادينا و يمضي كل منا لحال سبيله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 27, 2015 2:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

كلينتون دعاني للبيت الأبيض وفاجأني بالصحفيين وإعلان خبر تعييني دون أي تمهيد !

وبمجرد عودتي لبيتي ، توجهت إلي غرفة المعيشة في الطابق الأرضي ، ورحت أفكر فيما حدث معي ، وكما أفعل دائماً في مثل هذه الأمور ، سألت زوجتي ستيفاني النصيحة ..

هل يمكنني الاضطلاع بهذا المنصب ؟ .. هل أخوض التجربة ؟ ..ماذا سيعني هذا لأسرتنا ؟ ..

لطفلنا جون مايكل الذي قد أنهى لتوه تعليمه الأساسي ، وفي وقت يحتاج أن يكون فيه أباه قريباً منه ؟

فمن واقع تجربتي كمدير سي آي إيه بالإنابة ، كنت أدرك أن مهام المنصب ستأكل ساعات يومي بأكملها.

وكانت ستيفاني دائماً أقوي سند داعم لي ، و على مدي العامين المنصرمين تولدت لديها مشاعر الحب تجاه النساء و \الرجال العاملين في سي آي إيه.

وستيفاني مثلي ذات أصول يونانية ، ولديها استعداد لأن تطوي تحت جناحها ، وفي اللحظة ، الآخرين.

ومن هنا أصبح العاملون في سي آي إيه جزءاً من أسرتها الموسعة.

"جورج .. أنت تستطيع أن تفعل ذلك ، لأن الوكالة في حاجة إليك .. لا تقلق علي أنا وجون .. سنكون بخير و كذلك أنت".

هكذا كان رأي ستيفاني كما عبرت عنه قولاً.

وفي مساء اليوم التالي ، الاثنين 17 مارس أصدر توني بياناً يعلن فيه سحب ترشحه للمنصب ، مكوناً من 1100 كلمة ، وانتقد فيه تسييس وكالة المخابرات المركزية.

وفي صباح يوم الأربعاء ، تلقيت مكالمة من جون بودستا نائب رئيس أركان البيت الأبيض ، يبلغني فيها بأن الرئيس يود تعييني مديراً لـ سي آي إيه.

وكما فعل توني ، لم يبد بودستا كمن يسألني عن رأيي في ذلك.

ودعاني للتوجه إلي البيت الأبيض للقاء الرئيس.

وهناك صعدوا بي إلي حيث الجناح الرئاسي الخاص ، حيث التقيت الرئيس كلينتون وساندي بيرجر خليفة انتوني ليك الذي حل محله كمستشار للأمن القومي وبودستا.

وبينما نتبادل أنا والرئيس الكلمات المقتضبة ، كان بعض معاوني الرئيس من فريق العاملين بالبيت الأبيض يطلبون من زوجتي وابني التوجه للحاق بي في أسرع وقت ممكن.

وقبل أن يمضي وقت طويل كان عدد كبير من الصحفيين قد دعي إلي البيت الأبيض ليستمعوا إلي الرئيس وهو يعلن عزمه تعييني مديراً لـ سي آي إيه.

ومن حيث أقف أنا وزوجتي وإبني في المؤتمر الصحفي للرئيس ، توجهت للصحفيين ببيان مقتضب أعرب فيه عن مشاعري التي تمتزج فيها الفرحة بالمرارة حيث أن صعودي كمدير للوكالة يتزامن مع تواري شخص أعشقه من كل قلبي هو توني ليك.

ووعدت الرئيس ببذل قصارى جهدي ، ثم عدت أدراجي لاستئناف مهامي التي كنت بالفعل أزاولها كمدير بالإنابة.

وعندما أعود بذاكرتي للوراء ، أجد أنه من الغرابة أني لم أمر بمقابلة قبل حصولي علي وظيفتي الجديدة .. لقد كانوا يعرفونني بالطبع ، ولكن أحداً لم يسألني عما سأفعله بمجتمع المخابرات بعد تولي منصبي ، أو ماهي التغييرات الذي سأدخلها ، أو ما أنوي عمله لاستعادة الروح إلي المكان الذي شهد تعاقب أربع مديرين للوكالة خلال خمس سنوات قبل تعييني ناهيك عن مرشحين للمنصب كانا قد سحبا ترشيحهما.

لقد كانت قصة تعييني مادة لصحف الإثارة التابلويد في نيويورك وخاصة الحي الذي نشأت فيه .. وكان مانشيت إحدي هذه الصحف يقرأ :

"الجاسوس الذي خرج من حي كوينز" .

وراحت الصحف تنقل عن جيراني من يعرب للصحف عن دهشته لقرار تعييني ، وقال أحدهم أنه ترعرع معي ، وأنني كنت في طفولتي كبير الفم ، ومعروف عني أنني لا أستطيع أن أكتم سراً ، بينما قال آخر أنني كنت مميزاً ، وبنوا حكمهم هذا علي طريقة لعبي لـ" كرة العصا " التي كنت بطلاً للمدارس فيها " الزوجي " عام 1994.

صحف نيويورك جعلت تعييني مادة للإثارة واتهموني بعدم كتمان الأسرار في طفولتي !!

ولكن يبقى أفضل ما قيل في هذا الصدد هو ما جاء علي لسان أمي إيفاجليا تينيت . فرغم أنه قد مر علي وجودها في الولايات المتحدة حتى تلك اللحظة 45 عاماً، إلا أن تأثير المجتمع اليوناني الأمريكي كان قوياً لدرجة أنها كانت لا تزال تتحدث الإنجليزية بصعوبة.

قالت أمي لصحيفة "ديلي نيوز" : لدي ابن في وكالة المخابرات الأمريكية ، ولدي ابن يعمل طبيب قلب. الأمر ليس سيئاً.

والحقيقة أنني رغم التقائي عشرات القادة والرؤساء والملوك والملكات والأمراء والحكام إلا أن أمي وأبي ظلا دائماً أحب الناس إلي قلبي.

كان أبي جون تينيت عصامياً لم تغيره الأيام ، منذ اليوم الذي ألقي به والده القاسي القلب به خارج منزله في سن الحادية عشرة.

في البداية سافر إلي فرنسا ، حيث وجد عملاً في منجم فحم. وهناك حسم أمره بسرعة وتوصل بسرعة إلي قناعة بأن مستقبله لا ينبغي أن يكون في المناجم.

وما كان منه إلا أن رحل إلي الولايات المتحدة ، حيث وصل إلي جزيرة "اليس" قبل وقت قصير للغاية من فترة الركود الكبير..

وصل دون أن تكون في جيبه قطعة نقود معدنية واحدة ، أو صديق يمد إليه يد العون .. كل ما كان يعرفه هو أنه يريد أن يكون سيد نفسه ، و راع لأسرته ، وأنه في أمريكا يمكن للكد في العمل أن يحقق لصاحبه ما لا يمكن تخيل تحقيقه في أي مكان آخر.

وقد قام أبي مدفوعاً بإيمانه هذا بافتتاح كافتيريا صغيرة كما كان يفعل المهاجرين اليونانيين ، قبل أن يصبح أمريكياً تماماً ، مع احتفاظه بجذوره الأوربية.

أما مثله الأعلى الذي كان ينظر إليه كبطل فقد كان شارل ديغول.

وأتذكر أبي عندما اصطحبني وشقيقي بيل من حيث نقطن في "كوينز" إلي مانهاتن لكي نشاهد ديغول في سيارة ليموزين مكشوفة ، وأذكر أن والدي هتف أثناء مرور موكب الزعيم الفرنسي : تحيا فرنسا ، ولمحت ديغول يوجه ناظريه تجاهنا.

وهنا شعرت بأنني في حضرة رجل عظيم ، وهكذا شعوري دائماً عندما أكون مع أبي.

كان أبي رجلاً رقيق القلب وأميناً وشديد الاهتمام بالشئون العالمية.

وكانت مائدة عشائنا دائماً ملتقى للمناقشات السياسية وأخبار اليونان وطنه الأم ، وأمريكا وطنه بالتبني.

وكانت المناقشات تتأرجح ما بين الحديث باليونانية و الحديث بالإنجليزية.

أما أمي فقد كانت قصتها أكثر إثارة مما عليه الحال بالنسبة لأبي.

فأمي من جنوب ألبانيا و قد هربت منها بعد أن قتل الشيوعيون أخويها ، وانهار أباها فيما بعد من فرط حزنه علي مقتلهما ، ولقي حتفه بعد أزمة قلبية.

وقد تمكنت أمي بمفردها من ترتيب أمورها ، ولشق طريقها إلي ساحل الأدرياتيكي علي متن غواصة بريطانية ، عقب الحرب العالمية الثانية في حيث كانت الحدود مغلقة في ذاك الوقت.

وقد شقت أمي طريقها في البداية إلي روما ثم أثينا ، وهناك كان من الممكن أن تمضي بقية عمرها لولا أن كان أحد أعمامها يعمل في المطاعم في نيويورك وكان العم لامبروس قد تحدث إلى والدي عن أبنة أخيه التي ولدت في قرية ألبانية التي لم تكن فقط جميلة وإنما أيضاً هربت لتوها من قرية قريبة من مسقط رأس أبي.

وربما كان هذا الحديث هو الذي شجع أبي علي العودة إلي اليونان في عام 1952 ، وملاقاة أمي طيلة أسبوعين تزوجا علي أثرهما.

وبعد اسبوع من الزفاف وصلت لكي تنضم لأبي للعمل في المطاعم في كافيتيريا عرفت باسم "تونتيث سينشري دينر".

كانت هي "الخباز" وكان هو "الشيف" وفي كوينز حيث جالية يونانية كبيرة ، راحت أمي بفخر تقوم برعاية أسرتها ، وتسهر على رعاية أولادها.

وكانت أمي موهوبة في قراءة الناس واستقراء سمات شخصيتهم سواء من الأفراد العاديين أو من الشخصيات العامة.

وكان بمقدور أمي أن تكتشف الكاذب من علي بعد ميل.

وكان لأمي تأثير عجيب علي الآخرين ، وقد مزحت مع بعض الأصدقاء ذات مرة وقلت أن ياسر عرفات لو تعامل مع أمي لتحول إلي عجينة كعك طيعة في يدها.

وأستطيع القول أنني وفي أشياء كثيرة ابن أبي.

فقد كان رجلاً يمكن الوثوق به ، لا يغتاب الآخرين . وأثناء عملي كمدير لـ "سي آي إيه" كنت بين الفين و الفينة أشعر بالحنين إلي أبي ، وأتوق للجلوس معه كي ألتمس منه النصح عندما كانت تواجهني مشكلة مستعصية ، رغم أنه كان قد رحل عن الدنيا في العام 1983.

وعندما في أوقات الشدة كان أخي بيل يقول لي دائماً : "فكر فيما عساه العجوز سيفعل لو مر بمثل هذا الموقف" .

وقد كان أبي يؤمن بحكمة تقول "قرب أصدقاءك ، واجعل أعداءك أقرب".

لقد كان أبي وأمي زوجين استثنائيين ، وأنا سأظل كل يوم من حياتي مديناً للشجاعة والتصميم اللذين حملاهما إلى هذه البلاد ..

إنني أدين لهما بما جري معي في شهر مارس عام 1997 ، تللك التمشية التي لا تنسى على الممر مع توني والتي انتهت بنقطة التحول هذه في حياتي.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 11, 2015 5:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة الثالثة: أنا و زملائي في " سي .آي . إيه " ضحايا و لسنا أبداً جناة !!

ميزانيتنا لم تسمح إلا بتدريب 12 فرداً بينما كان بن لادن يجند الآلاف !!

في عالم مثالي كنت سأكون مستعداً جداً لأداء مهمتي كمدير للمخابرات الأمريكية علي أكمل وجه ممكن . كما كانت الوكالة لديها من الموارد ما يجعلها تضطلع بمهامها الخاصة بمواجهة حمى الإرهاب التي ستتصاعد فيما بعد عبر حدود العالم .

و من الهجوم القاتل الذي تعرضت له ثكنات مشاة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983 ، إلي تفجير طائرة ركاب شركة بام أمريكان فوق لوكيربي باسكتلندا عام 1988 الرحلة رقم 103 ، إلي تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 ، إلي هجوم آخر بالمتفجرات علي ثكنات عسكريين أمريكيين آخرين في منطقة الخبر بالظهران بالمملكة العربية السعودية ..

في كل هذه الهجمات وجدنا بصمات حزب الله اللبناني و حركة حماس الفلسطينية و تنظيم القاعدة ، و آخرين .

و عرفنا كيف أن الدول التي ترعي هؤلاء من ليبيا إلي العراق إلي إيران إلي أفغانستان .. عرفنا كيف تستخدم هذه الدول الراعية هؤلاء القتلة و المفجرين الإنتحاريين في حرب محمومة ضدنا نحن الأمريكيين و أصدقائنا و مصالحنا و مصالحهم في الخارج .

و صدقوني عندما أقول لكم هنا أننا لم يكن لدينا أدني شك أبداً في معرفة من هم أعداؤنا ، و لكن في العالم الذي كنا نعيش فيه ، في وكالة الـ سي آي إيه ورثت أشياء لم يكن من السهل علي الإطلاق تحملها .

ففي عام 1997 ، لم يكن للوكالة آلية عمل منتظمة ذات موارد تكفي لأداء مهامها ، كما لم تكن مؤسسة تدار وفق مفاهيم راسخة .

و لو كانت كذلك كان الكثير من الأمريكيين سيتدافعون طمعاً في تولي قيادتها .

و ربما تكون عملية إسناد المهمة بالنسبة لي في الحقيقة قد جاءتني علي سبيل الخطأ أكثر من أي شيء آخر .

و قد وصفتني إحدي الصحف عند تعييني مديراً لـ سي آي إيه بأنني اختيار غير مناسب لإدارة المكان ".

ونقلت صحيفة " نيويورك تايمز " عن مسئول لم تفصح عن اسمه قوله : لا أستطيع أن أرشح لكم أسماً أفضل من تينيت . و في ضوء التحديات التي تواجه الوكالة " لا أستطيع أن أرشح لكم اسماً علي الإطلاق " .

و ربما تكون التايمز هي التي أعطت اسمي ما يستحق من بين الجميع .

و عودة إلي ما كانت عليه الوكالة ساعة تعييني ، أقول أن أخطر مشكلة كانت تواجهها هي عدم استقرار قياداتها في أماكنهم لفترات كافية ، و بمعني تعدد القيادات في فترات زمنية قصيرة . و يكفي أنني كنت المدير الخامس للوكالة في سبع سنوات .

و لا يمكن لأي شركة حتى أن تنجح مع تغيير أو تقلب قياداتها في مناصبهم علي هذا النحو . و لهذا فقد كانت هناك طريقة غريبة للتعامل مع الأوامر من جانب معظم كبار مسئولي الوكالة الذين تقع مكاتبهم في الدور السابع .

هذه الطريقة مفادها : ما لم تكن راض عن الأمر الصادر إليك فقط انتظر لبرهة حتى يرحل الشخص الذي أصدر إليك هذا الأمر .

عدد عملاء " أف . بي . آي " في نيويورك وحدها كان يفوق عدد عملاء " سي .آي . إيه " في جميع أنحاء العالم !!

و مع ذلك فقد كانت المشاكل أعمق من أن تقتصر عند عملية تقلب القيادات . فأثناء التسعينيات كانت الحكمة التقليدية تقول أننا ربحنا الحرب الباردة و أنه قد حان الوقت لجني ثمار أو مكاسب السلام . و هذه الفرضية لم تكن فقط خاطئة – نظراً لأن سلطة إعلان الحرب - ببساطة - كانت تنسل من أيدي جيوش الدول النظامية ، لتكون بأيدي جيوش غير نظامية ، و من الصواريخ العبرة للقارات ، إلي مواد نووية بحوزة الأشخاص ، و حاويات مادة الجمرة الخبيثة ( أنثراكس ) – بل إن عملية جني " ثمار السلام " تلك كانت تنهار و تتلاشى أمام ضعف الأنشطة التجسسية نظراً لما كانت تعانيه الوكالة ، و في وقت كنا في أمس الحاجة القيام بهذه الأنشطة علي الوجه الأكمل.

لقد فقدت جميع الأجهزة الاستخباراتية و ليست " سي . آي . إيه " فقط مليارات الدولارات
التي كان من المفترض أن تضخ إليها كتمويل لأنشطتها ، و تم تقلص العمالة فيها لهذا السبب بنسبة 25 % تقريباً . .

و لا يمكن أبداً أن تنجح أي مؤسسة عندما تقلص مواردها البشرية بهذا القدر . و أخطر ما في الأمر هنا هو اضطرارالوكالة لوقف تجنيد عناصر بشرية جديدة.

وبهذا فقد حرمت الوكالة لمدة نصف عقد من الزمان ( 5 سنوات ) من انضمام عناصر موهوبة إليها ، في الوقت الذي تركتها فيه عناصر كثيرة جداً من أصحاب الخبرة و الكفاءة.

و حتى أبين عمق المحنة سأضرب مثالاً بما حدث في عام 1995 ، عندما كنت نائب مدير سي آي إيه .

ففي الوقت الذي كنا نعقد فيه دورة تدريبية للعملاء الجدد من جامعي و سارقي المعلومات ، كان عدد من يتلقوا الدورة عبارة عن 6 " ضباط ميدانيين " - تعبير نطلقه عن نساء و رجال الوكالة الذين يقومون بتجنيد العملاء الأجانب لسرقة المعلومات – و 6 ضباط مخبرين " – تعبير يشير إلي لا يجمعون المعلومات بقدر ما يبلغون عما جمعه المكلفون بذلك – و لا يمكن أن تدار وكالة و في دورة كهذه يكون عدد المتدربين صغير هكذا .

و يكفي أننا في الوقت الذي كنا ندرب فيه هذه الحفنة سنوياً ، كان تنظيم القاعدة يدرب ألاف الإرهابيين الجدد في معسكراته في أفغانستان و السودان و أماكن أخرى .

أخطأ رؤساؤنا عندما استرخوا بعد الحرب الباردة و نسوا أن الحرب أصبحت بأيدي جماعات جيوش غير نظامية !!

وحتي لو كانت لدينا في منتصف التسعينيات الأموال ، و الإرادة ، و الدعم السياسي ، للنهوض ببرامج تدريبنا ، فإننا كنا سنفتقر مع ذلك إلي البنية التحتية الازمة لمؤازرة مثل هذه البرامج . و في الوقت الذي تدهور فيه مستوى برامج تدريباتنا ، كانت الدورات الخاصة بها تجري في مبان تنتمي لزمن الحرب العالمية الثانية ، أما أماكن إعاشة مدربينا وعائلاتهم كانت أسوأ حتى مما عليه الحال عندما يتم نشرهم للعمل في دول نامية .

و لم يكن أفضلنا و أكفأنا و أكثرنا ألمعية في هذا الصدد يكلف نفسه بتعليم ضباط المستقبل .

كما كانت برامج تجنيدنا أيضاً تترنح . و يكفي أن كل إدارة من إدارات الوكالة كانت لديها برامج تجنيدها الخاصة بها ، مع ضعف مستويات التنسيق الواجبة مع الإدارات الأخري في هذا الصدد ، أو عدم وجود تنسيق من أي نوع علي الإطلاق .

و مع ذلك ، فمن بين أكثر المعوقات التي كانت تحول دون عمل الوكالة علي النحو الصحيح ، و تمكنت من رصدها في رحلة استكشافي الأولي للسلبيات الموجودة هي : أن عدد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي " أف . بي . آي " في مدينة نيويورك وحدها يفوق عدد عملاء وكالة المخابرات المركزية " سي . آي . إيه " في جميع أنحاء العالم !

و بالإضافة إلي ذلك ، فقد كانت قدرتنا علي تحليل المعلومات قد تآكلت و وصلت إلي مستو ينذر بالخطر .فقد ترك محللينا من أصحاب الكفاءات ، و المتمرسين في مجال تحليل المعلومات الخاصة بقضايا و مشكلات و مناطق جغرافية معينة مواقعهم الميدانية و تحولوا لمديرين .. و هناك في عالم الجاسوسية و الاستخبارات ما يعرف بـ " مبدأ بيتر " و يقول : أفضل المحللين عادة ما لا يكونوا أفضل المديرين !

و في ضوء كل هذا ، فإنه لم يكن من المثير للدهشة أن تجد معنويات العاملين بالوكالة و قد أصبحت في الحضيض .

و لا تزال الـ " سي . آي . إيه " تئن من جراء عمليات التجسس عليها من جانب ضابطين موثوق بهما من رجالها هما الدريتش إيمز في عام 1994 ، و هارولد نيكلسون في عام 1996 ، و اللذين خانا بلديهما و زملائهما ببيعهم أسرار خطيرة للروس .

كما تعرضت الوكالة لانتكاسة من جراء الادعاءات الكاذبة من أن بعض أفرادها قد تورطوا في بيع كوكايين للأطفال في كاليفورنيا .

ورغم كذب الادعاءات إلا أن محاولة دحضها قد جعلت للدخان المتصاعد من هذه القصة السخيفة أرجلاً !

تكنولوجيا المعلومــات مرت علينا مرور الكرام دون أن نستفيد منها !!

في الوقت نفسه ، كان مسئولو الوكالة من الصف الأول و الثاني يعيشون حالة من الخوف إزاء احتمالات استدعائهم أمام الكونجرس أو المحكمة للدفاع عن أفعالهم .

و الغريب أن الإدارات المتعاقبة كانت تطلب منهم إظهار قدر من المخاطرة و الإقدام ، و لكنها تتخلي عنهم عند وقوع خطأ ما ، و تتركهم وحدهم يواجهون الإهانة و الإزدراء . و الفصل و العقاب المالي.

هناك أمر آخر يتعلق بتكنولوجيا المعلومات التي كانت تفتقر إليها الوكالة ، حتي أن الأدوات المعلوماتية التكنولوجية التي كان ضباطنا يستخدمونها تعود إلي منتصف القرن العشرين ، أكثر مما خرج به علينا القرن الواحد و العشرين من منتجات تكنولوجية في هذا الصدد مرت علينا للأسف مرور الكرام !

وفوق كل ما سبق ، يمكن القول أن الوكالة كانت تفتقر إلي استراتيجية واضحة و متفاهم عليها و مبنية علي أسس سليمة . فلم تكن هناك خطة طويلة الأمد متكاملة و متماسكة و متناغمة . و كان إيجاد مثل هذه الاستراتيجية بالنسبة لي مسألة أساسية .

لذا كان ذلك هو شغلي الشاغل منذ أول يوم لي في منصبي الجديد كمدير للوكالة.

و الحقيقة أنني كنت قد بدأت في تقييم عمل الوكالة و رصد سلبياتها و ما تعانيه من معوقات قبل تعييني مديراً لها بكثير ، وبالتحديد قبل عامين عندما كنت أعمل في منصب نائب المدير ، ثم عملي كمدير بالإنابة .

وبعد أن أصبحت مديراً لم يعد بمقدوري الاختباء خلف مديري أو رئيسي في العمل ، لأنني لم أعد نائباً .
و قد أدركت أن أهم شيء لا بد من البدء به كمدير هو استعادة الوجه الإنساني للوكالة .. التزام القادة بالإنصات و الاهتمام بكل العاملين تحت رئاستهم ، و ليس فقط أولئك الذين يحتلون المناصب الكبري .

وقد تعلمت أن أعمل بحكمة أبي : " عندما تهتم بالناس ستجد الناس يهتمون بك " .

وكالة لا يعيش لها مديرون و كانت القاعدة لا تنفذ الأمر فالمدير حتماً سيرحل قريباً !!

وكان أول ما فعلته هو تشكيل هيكل قيادي يحظى بثقة كل هؤلاء العاملين .

ولم أجلب من الخارج إلا العدد القليل ، فقد كانت رسالتي لمن في الوكالة هي : من يساعدنا على أداء ما نريد وسنجده في المكان الذي نحتاج إليه فيه سيبقى بيننا.

و حتي أوثق علاقتي وكالتي بالعسكريين ، استعنت بالجنرال جون جوردون من سلاح الجو الأمريكي ليكون نائبي.

ولتدعيم إدارة العمليات قمت بالاستعانة بضابط عبقري متقاعد هو جاك داونينج ، الذي خدم في موسكو وبكين وأعطت عملية استدعائي له إشارة قوية إلي أننا بدأنا نعود من جديد للأسس المهمة واللازمة لعمليات الكشف عن الأسرار و التي لا غنى عنها لحماية أمتنا.

وقمت بتعيين جون ماكلوغلين ، الذي أمزح معه دائماً بقولي إنه أكثر الرجال أناقة في أمريكا ، رئيساً لوحد تحليل المعلومات بإدارة الاستخبارات .

وقد أضفي وجود جون قدراً من الأمانة و الجودة و المصداقية لعملية تحليلنا للمعلومات لطالما كنا نفتقد إليه .

وعلى فكرة جون يجيد أيضاً الألعاب السحرية و كانت موهبته في هذا المجال تجعله ساحراً عالمياً و كان يكنى بـ "مارلين" .

و لمنصب المدير التنفيذي للوكالة استعنت بـ ديف كاري الرئيس السابق لمركز مكافحة الجريمة و المخدرات بالوكالة.

و مع فريق قيادي تم الانتهاء من تشكيله و بدء عمله في عام 1997 ، ويتكون من هؤلاء و آخرين بعضهم من خارج الوكالة ، حدث أننا كنا نجتمع بأحد مباني الوكالة السرية غير البعيد عن واشنطون و قال شخص ما أننا كنا نقف علي رصيف ميناء مشتعل " . " و ما لم نسارع بالعمل لإطفاء الحريق ، فإن الوكالة ستغرق في البحر و جميعنا معها " .

وكان تعبير " رصيف ميناء مشتعل " يعبر و بحق عن موقف الوكالة وقتذاك .

و بحلول ربيع عام 1998 ، كانت لدينا خطة – وثيقة أطلقنا عليها عبارة " المسار الاستراتيجي " و جزء رئيسي منها يحدد طبيعة و نوعية و مستوى الضباط الذين نحتاج لوجودهم بالوكالة بحلول عام 2010 .

و في السادس من مايو وقفت أمام 500 من العاملين بالوكالة لأحدثهم عن " الرصيف المشتعل " بينما شاهدني ألاف آخرين من خلال دائرة تيلفزيونية مغلقة وقد تشكك كثيرون فيما سمعوه مني ، و كانت لهم مبرراتهم بالطبع .

فعلى أية حال لقد شهد معظمهم قيادات كثيرة تأتي و تذهب ، فمن أين لهم أن يعرفوا أنني سأستمر في عملي ؟

و أخذت أحدثهم عما أفعله لتصحيح الأوضاع في الوكالة ، و محاولة ضخ المزيد من الأموال إلى خزينتها ، و خاصة لمواجهة تعاظم أعباء مكافحة الإرهاب .

لجأت لرئيس مجلس النواب الجمهوري لدعم وكالتي فانقلب علي بعض أفراد إدارة كلينتون الديمقراطية !!

ولكن مع نهاية عام 1998 طالبت الإدارة الأمريكية بزيادة مخصصات الوكالة المالية بمبلغ يزيد عن ملياري دولار سنوياً و علي مدي السنوات الخمس التالية ، و لكن لم تمنحنا سوي جزء ضئيل من هذه الزيادة.

و لذلك فقد شعرت بأن نقص مواردنا المالية قد أحبطنا مما دفعني للجوء لحلقة قياداتي الخاصة.

فمع أنني كنت مجرد ضابط حكومي في إدارة الرئيس بيل كلينتون الديموقراطية ، إلا أنني كنت قد وطدت علاقتي بـ نويت جينجريتش الجمهوري الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لمجلس النواب ، الذي كان مؤمناً بأن المخابرات في حاجة إلي دعم.

وبفضل نويت ، و من خلال تمريره مخصصات إضافية للوكالة عبر الكونجرس ، في السنة المالية 1999 ، تم منحنا و للمرة الأولي زيادة ملحوظة في عملية تمويلنا.

و قد أدي تحالفي الـ " الخارج عن النص " مع رئيس المجلس الجمهوري إلي انقلاب بعض أعضاء إدارة كلينتون ضدي .

ورغم أن الرئيس كلينتون كان بصفة عامة داعماً و مسانداً لمهمتنا إلا أن التمويل اللازم لم يكن مع ذلك يأتينا .

وللأسف فإن معظم الأموال الإضافية التي حصلنا عليها عام 1999 كانت لسنة واحدة فقط ولم تستمر في السنوات اللاحقة.

وقد قمت أولاً بافتتاح مكتب تجنيد مركزي و استطعنا معه و مع بعض الأموال التي توفرت تجنيد أعداد جيدة من العملاء ، ثم قمت بالتركيز علي التنوع العرقي للعملاء ، و احترام مبدأ التباين بين العاملين من حيث أصولهم ، عكس ما كان يحدث فيما سبق.

ولي يعود الفضل أيضاً في تعظيم محصلة العمل الميداني .

وكذلك قمت بالارتقاء بعملية تحليل المعلومات ، وأشعت أجواء الاستقرار في الوكالة ، و قمت في شهر مارس عام 2001 بتعيين إيه . بي . كرونجارد و كنا نناديه " بزي " مديراً تنفيذياً للوكالة ، و شهد الجميع بكفاءته العالية ، و مساهماته الكبيرة في إدارة الوكالة إدارياً ، و مع الوقت لم يعد العاملون مضطربون لاحتمال رحيل قيادتهم عنهم في أية لحظة.

كما استعنا بشركات خاصة لتطوير تقنياتنا ، من خلال ما توفر لنا من أموال .

بنيت أساس الوكالة من جديد و 4 من طوابقها الـ7 تجاوزت حد الكمال و الوقت لم يمهلني لاستكمال ما بدأته !

وفي شهادتي أمام الكونجرس قبل أن أترك منصبي في عام 2004 ، قلت إننا قمنا بتخريج أكبر عدد شهدته أمريكا في تاريخها من العملاء السريين المدربين علي أعلي المستويات ، ولكنني أوضحت في شهادتي أننا ما زلنا في حاجة إلي 5 سنوات أخري لكي نصل بقطاع العملاء السريين للوكالة إلي المستوى الذي نريده .

فعندما تكون الوكالة قد عانت عقداً كاملاً من الإهمال و التجاهل فإنك تكون في حاجة لفترة أطول من الزمن لكي تنتشلها مما هي فيه .

و إذا سألتني عن المحصلة النهائية ، أستطيع أن أقول لك لقد قمت من جديد ببناء أساس الوكالة و الطوابق الأربعة الأولي من طوابقها السبعة ..

لقد كنا أكثر من رائعين ، أو بمعنى آخر تجاوزنا حد الكمال.

لقد حققنا تقدماً ، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، وحصولنا علي ما كنا نطالب به من اهتمام و دعم ، بدأنا نجني ثمار ما كنا نخطط له قبلها ، ولكن الأزمات الدولية المتصاعدة لم تكن لتنتظرنا حتى نستكمل ما بدأناه.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 12, 2015 6:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة الرابعة : بوش نقل قاعات اجتماعاتنا تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض!!

في دهاليز الإدارة الأمريكية : الكلمات التي تعبر عن الحقيقة نادراً ما تنطق !!
وجدت نفسي " دانة " انطلقت لتوها من فوهة مدفع و علي قراءة تلال من التقارير و مقابلة مئات الأشخاص !!

قال لي جاك ديفين ضابط الخدمة السرية المحنك ، و الذي عمل في " سي . آي . إيه " كنائب مدير العمليات بالإنابة ، أثناء حقبة جون دوتش .. قال لي ذات مرة :

"جورج .. شخص ما سوف يطلق رصاصة اليوم في شمال العراق ، و سيكون عليك تحديد المكان الذي استقرت فيه هذه الرصاصة بعد عامين من الآن " .

وكما كان يتعين علي أن أتعلم فيما بعد ، فإن الكلمات التي تعبر عن الحقيقة نادراً ما تنطق ".

و في دهاليز كالتي نعمل فيها تأتيني أشياء كثيرة من زوايا مختلفة ، لدرجة أنه يكون من غير الممكن بالنسبة لي أن أقتفي أثر كل شيء .

وما يبدو غير ذي قيمة في اللحظة الآنية ، قد يكبر مع الوقت ليصبح شيئاً هائلاً ، بينما تجد ما يبدو لك هائلاً في التو و اللحظة يمكن أن يتلاشي بمرور الوقت في غياهب الضوضاء المحيطة .

وبالنسبة لأناس يعملون في مجالنا لا توجد تلك الحياة التي يمكن التنبؤ بأحداثها.

في يوم كغيره من أيام عملي كمدير لـ " سي . آي . إيه " شعرت و كأنني طلقة مدفع انطلقت لتوها من فوهته.

الناس كانوا دائماً يقفون في طوابير ، يريدون مني اهتماماً مطلقاً ، لا تشوبه شائبة حول عشرات المسائل ، التي لا ترتبط ببعضها البعض.

وكنت أخرج من اجتماع لأدلف إلي آخر ، مع أناس يدفعون إلي يدي ملخصات لكتب غليظة ، ثم ينتزعونها مني ، قبل أن أهضم أول صفحة منها.

وقد ابتلعت مهام منصبي أيضاً مساحة تواجدي بين أفراد عائلتي .. زوجتي ستيفاني و ابني جون مايكل.

كما أن بيتي المتواضع لم يعد كما كان ، فقد أصبح الدور الأرضي فيه مقراً لأفراد حراستي الأمنية ، الذين أصبحوا جزءاً من عائلتي ، بعد أن ألفنا وجودهم بيننا.

مدير المخابرات في أمريكا منصب " كارثي" .. وتقديم الموجز الاستخباراتي اليومي لبوش مهمة قاتلة !!

أما ساعات عملي فلم تكن تبدأ في الصباح الباكر كالمعتاد ، و إنما كانت تبدأ – فعليا - ً الساعة العاشرة من ليل اليوم السابق ، حيث يقوم أحد معاوني ، من حيث يتخذ مكانه في الدور الأرضي بمنزلي ، بكتابة الموجز الاستخباراتي اليومي ، الذي يرفع للرئيس في الصباح التالي كما هو متبع.

وكان هذا الموجز ، أو " الكتاب" كما كنا نطلق عليه ، هو أهم منتج يصدر عنا.

وكنت أقضي الساعات .. أراجع .. أدقق .. أضيف .. أحذف و أنقح ، حتى يكون هذا الموجز كما يجب عند رفعه للرئيس.

وفي الصباح ، كنت أنهض من نومي في الساعة الخامسة و خمس وأربعين دقيقة ، قبل أن أغادر بيتي – كما جرت العادة - فيما بين الساعة السادسة و الربع و السادسة و النصف.

وفي السيارة ، حيث يوجد هاتفان مؤمنان ، كانت الاتصالات مع رجالي و قادتي لا تنقطع ، وكنت أحياناً أجد بعض الصعوبات ، لتداخل الموجات ، بسبب الأجهزة الموجودة بسيارة حراستي السرية اللصيقة.

وأثناء عملي بإدارة الرئيس بيل كلينتون ، كنت أتوجه مباشرة إلي مكتبي ، بمقر الـ " سي آي إيه " في " لانجلي " ، في الوقت الذي كان أحد معاوني يتولي - كل صباح - مهمة رفع الموجز الأمني ، الذي أعددته للرئيس كلينتون.

ولكن عندما تولي الرئيس جورج بوش الحكم ، طلب مني تقديم الموجز بنفسي يداً بيد ، و من هنا كان علي تغيير وجهتي ، وشق طريقي – بصعوبة - كل صباح - إلي البيت الأبيض ، بسبب الازدحام المروري.

وكان من عادتي أن أدع كاتب موجز الرئيس يجلس في المقعد الخلفي من سيارتي ، بينما أجلس أنا في الأمام ، علي عكس ما يفعله كبار المسئولين . و كان يطلق علي مقعد كاتب الموجز (مقعدي) عبارة " مقعد الحظ " ..

وكنت أمزح - أحياناً - بقولي إن الإرهابيين عادة ما يستهدفون هذا المقعد ، الذي اعتادوا رؤية كبار الشخصيات يجلسون فيه.

وفي البيت الأبيض ، جرت العادة أن أقدم الموجز الاستخباراتي للرئيس بوش في الغرفة رقم 345 ، التي تطل علي " شارع بنسلفانيا " ، ولكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، تم نقلنا إلي غرفة بعيدة عن الشارع ، للحد من مخاطر التعرض لهجوم إرهابي بالقنابل !

وأستطيع القول أن تقديم هذا الموجز لبوش كل صباح كان مهمة قاتلة بالنسبة لي ، حيث أمضي الليل في كتابته ، ثم اذهب للرئيس لمناقشته ، ثم انتقل أنا و الرئيس إلي المكتب البيضاوي ، ليبدأ الاجتماع الأمني اليومي بحضور نائب الرئيس ديك تشيني ، ومستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس ، و أندي كارد رئيس أركان الرئيس .

وكان الاجتماع يتم بحضور الجميع اللهم إلا إذا كان أحد منهم خارج البلاد .

بوش نقل قاعات اجتماعاتنا المطلة علي شارع بنسلفانيا تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض بعد سبتمبر !!

وحدث بعد 11 سبتمبر أن تمت توسعة هذا الاجتماع ، حيث اصبح يضم أيضاً جون اشكروفت المدعي العام ، و روبرت موللر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي " أف . بي . آي " ، و توم ريدج وزير الأمن الداخلي ، بهدف مراجعة آخر تطورات التهديدات الإرهابية و ما يمكن عمله للحيلولة دون وقوعها . .

وكنا عادة ما ننتهي من هذا الاجتماع في الساعة التاسعة صباحاً.

و لم يتوقف الأمر بعد 11 سبتمبر عند حد هذا العرض الصباحي ، فقد كان هناك اجتماع آخر للجنة جديدة هي " اللجنة الأمنية العليا " و ترأس مستشارة الأمن القومي اجتماعاتها ، ما لم يقرر الرئيس الحضور ، و كانت هذه الاجتماعات تعقد في غرفة بالطابق التالي للطابق الذي يقع فيه للمكتب البيضاوي 3 مرات أسبوعياً ، وبالتحديد أيام الاثنين و الأربعاء و الجمعة.

وبعد أداء هذا الواجب اليومي ، و معرفة ما يمكن عمله في بعض ما تضمنه من مسائل مهمة ، أذهب للوكالة في حوالي العاشرة صباحاً ، إذا كنت سعيد الحظ ، لأتابع كل صغيرة و كبيرة ، ثم أعاود الكرة و أسهر علي كتابة موجز اليوم التالي .. و هكذا !!

وفي مكتبي أجد مساعدي الخاص دوتي هانسون الذي عمل معي لمدة طويلة ، و قد وضع علي مكتبي قائمة بالمكالمات التي جاءت في غيابي ، و تحتاج الرد عليها ، أو الاهتمام بفحواها . ،

وقائمة أخري بأسماء قياداتي و ضباطي بالوكالة ، الذين يريدون رؤيتي لأمور مهمة عاجلة . و عادة ما كان دوتي يضطر لتغيير جدول مواعيدي ثلاث أو أربع مرات في اليوم الواحد.

وناهيك عن متابعتي أنشطة 15 وكالة فرعية تابعة لـ " السي آي إيه " ، كان علي أن أحافظ علي قنوات الاتصال مفتوحة مع مديري و كبار مسئولي أجهزة استخبارات الدول من شتى أنحاء العالم .

وكان علي أن التقي بوفود هذه الأجهزة ، وخاصة هؤلاء الذين يساعدوننا ، و استمع إليهم ، و أحيانا أتلقى منهم هدايا – نيابة عن حكومة الولايات المتحدة - تمر أولاً علي أجهزة الفحص الأمني ، ثم يتم تسجيلها ، كما القاعدة ، وبعضها كان يخزن ، و بعضها كان يباع في مزاد ، يخصص دخله للوكالة .
كما كان الرد علي طلبات ، و أحياناً أوامر الكونجرس جزءاً مهماً و كبيراً من مهامنا .

وقد انخرطت في المئات من جلسات الاستماع المغلقة ، و قمت بالرد علي المئات من طلبات الإحاطة ، أثناء سنوات عملي . ليس فقط أمام لجنتي الاستخبارات التابعتين لمجلسي الكونجرس النواب و الشيوخ و إنما أيضاً أمام " نصف دستة " من اللجان الأخري ، التي كانت تعتبرني مدين لها بجزء من وقتي .

لولا بيرجر لأطاح كلينتون برأسي بعد قصف سفارة الصين في بلجراد رغم أن الجنرال ويسلـي كلارك أخطأ أيضاً !!

وكنت بين الفين و الفينة ، أريد الخروج و استنشاق الهواء بعيداً عن المكاتب ، و كنت اتجول في المساحات الكبيرة المحيطة بالمبني الرئيسي ، في مساحة تصل إلي 250 فداناً تضم مبان أخري ملحقة.

ومما أذكره أنني و في بداية عملي كنت أتجول ، و دخلت بالصدفة أحد المباني ، و كانت هناك موظفتان تتجاذبان أطراف الحديث ، فقلت لإحداهما : ماذا تعملين ؟ .. فصرخت في وجهي : من أنت بحق الجحيم ؟! ..

وبينما تلتفت إلي و تتفحصني جيداً ، فإذا بمعالم وجهها تتغير ، و لونها يمتقع ، و فجأة بادرتني قائلة : أوه .. أهو أنت !!

لكن هناك دائماً مواقف لا تنسى في حياة أي مسئول كبير ، و من هذه المواقف التي مرت بي ، و كاد الرئيس بيل كلينتون يطيح برأسي فيها ، ما حدث في أوائل شهر مايو عام 1999 إبان حرب البلقان.

فقد طلبت منا وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " تحديد الأهداف المطلوب تدميرها هناك ، و كان من بين أهدافنا " مديرية الإمداد و التموين اليوغوسلافية ، في بلجراد ، حيث توصلت تقاريرنا إلى أنها تستخدم كمخازن سلاح ، ويتم من خلالها شحن مكونات صواريخ إلي دول مارقة مثل ليبيا و العراق.

ولكن للأسف كانت إحداثيات الهدف الذي حددناه خاصة بموقع آخر قريب منه لم يكن سوى سفارة الصين في بلجراد.

و قد فوجئنا بهذا الخطأ الذي ارتكبناه عندما اتصل بي مساعدي مايكل موريل في منتصف الليل ، عشية سفري إلي لندن ، لأشارك في اجتماع مديري أجهزة استخبارات دول الكومنولث ، ليبلغني أن مركز عمليات الوكالة تلقي مكالمة من الجنرال ويسلي كلارك قائد القوات الأمريكية في البلقان يسأل فيها : لماذا طلبت مني الـ سي . آي . إيه " قصف سفارة الصين في بلجراد ؟

والحقيقة أننا كنا بالفعل قد اكتشفنا الخطأ في إحداثيات الموقع ، وعندما أبلغنا البنتاجون ، أبلغونا بأن المقاتلات الأمريكية انطلقت و لم يعد في الإمكان عمل أي شيء.

وفي الوقت الذي لا أنفي فيه مسئوليتنا عما حدث ، إلا أن الجنرال كلارك مسئول أيضاً عما حدث لأن المفروض أن لديه قائمة بـ " الأهداف المستثناة " من القصف ، و تضم من بين ما تضم السفارات و المدارس و المستشفيات ، و خرائطها و إحداثيات مواقعها ، و يفترض أن يراجع أهدافنا و يطابقها بما لديه بالقائمة المستثناة للتأكد قبل ضربه.

ولكن ما حدث أن قاعدة بياناته إما لم تحدث لتشمل إحداثيات موقع سفارة الصين ، أو لم تتم عملية التأكد من وضعية الهدف المطلوب تدميره.

و قد أدى القصف الأمريكي لسفارة بكين ، و الذي لقي فيه 3 أشخاص مصرعهم ، و أصيب فيه 20 آخرون إلى أزمة دولية خطيرة .

وبينما أحاول مع نائبي جنرال سلح الجو جون جوردون تقييم الموقف كان مسئولون بوزارة الدفاع لم تحدد أسماؤهم قد أجروا عشرات المكالمات مع جميع مسئولي الإدارة لإبراء ذمتهم من قصف السفارة باعتبارنا المذنبين ، كما أبلغوا وسائل الإعلام بأن الخطأ جاء من جانب وكالة " سي . آي . إيه " التي تستخدم خرائط و إحداثيات مواقع غير صحيحة.

وبالطبع كان هذا جزء من القصة ، و لم يشر أحد للخطأ الذي ارتكبته قيادات الجنرال ويسلي كلارك !

وفي اليوم التالي لقصف السفارة ، و فور هبوط طائرتي أرض المطار بلندن ، حتي تلقيت مكالمة هاتفية من ساندي بيرجر مستشار الرئيس كلينتون للأمن القومي يقول لي فيها : من الأفضل لك أن تعود علي الفور إلي واشنطون .. أنا أحاول إنقاذ كرسيك ".

وبالفعل استدرت و صعدت الطائرة من جديد و عدت لأمريكا لأواجه الأمرين.

فقد كنت محل تهكم الصحف ، و مادة للكاريكاتير الساخر ، و الانتقادات اللازعة .

وكانت هناك ضغوط كبيرة علي البيت الأبيض للإطاحة برؤوس كبيرة لاحتواء الأزمة ، و بالطبع كانت رأسي أنا المرشحة الأولى.

ومع ذلك ، وبمساعدة ساندي بيرجر ، رفض الرئيس كلينتون تحميلي مسئولية ما حدث ، وساندني حتى أتجاوز جلسة الاستجواب أمام الكونجرس.

وقد تذكرت هذا الحدث الجلل مرة أخري عندما بعثت سفارة الصين ببغداد في بداية غزو العراق ببرقية لنا تتضمن خريطة إحداثيات موقعها في العاصمة العراقية ، و تطلب فيها نقلها لوزارة الدفاع الأمريكية ، حتي تحدث قاعدة بياناتها و لا تقصفها طائراتها كما فعلت في بلجراد !!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 2:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة الخامسة: الجاسوس جوناثان بولارد ومفاوضات السلام بين عرفات وإسرائيل.

** أهمية هذه الحلقة من كتاب تينيت أنه يفضح فيها – بالدليل القاطع ولكن دون توجيه اتهام صريح - طريقة الإسرائيليين في التفاوض ، والانتهازية السياسية التي يمارسونها بمنتهى الدهاء ، وكيف يتشددون في مواقفهم ، ويضعون مطالب يستحيل تحقيقها ، يحولون معها عملية السلام إلي صفقات تخدم مصالحهم فقط..

وكيف يضربون أكثر من عصفور بحجر واحد منها أو أهمها وضع الأطراف الأخري أمام مأزق رهيب : إما أن تقدموا ما نريده ، أو تتحملوا وزر انهبار المفاوضات.. وهذا ما يكشف عنه تينيت من خلال استعراضه ما جرى خلال قمة " واي بلانتيشن " التي سبقت توقيع اتفاق الخليل والضغوط الرهيبة التي مورست عليه لإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد **

كنا متأكدون فـي " سـي. آي. إيه " أن بولارد لم يتجــســس
حباً في إسرائيل وأنه كان مستعداً لبيعنا لأي دولة تدفع له !!

ترجمة / مجدي كامل

" كشفت بعض المصادر عن أن مدير وكالة " سي. آي. إيه " جورج تينيت أبلغ الرئيس بيل كلينتون في الشهر الماضي بأن استمراره في منصبه كمدير للوكالة في حالة إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد كجزء من اتفاق سلام للشرق الأوسط سيكون أمراً صعباً بالنسبة له".. هكذا نشرت صحيفة " واشنطون بوست " في الحادي عشر من نوفمبر عام 1998.

.وأستطيع أن أقول أن كلمة " صعب " التي وردت علي لساني في الخبر هي كلمة خاطئة ، وأن كلمة " مستحيل " هي الأقرب للحقيقة. ولكن حتي كلمة " مستحيل " لا يمكن أن تعبر بدقة عن صرامة الموقف الذي اتخذته حيال هذه القضية.

و سوف أروي هنا ما حدث في منتصف شهر أكتوبر عام 1998 في مركز مؤتمرات واي بلانتيشن الذي يقع علي واي ريفر عند الساحل الشرقي من " ميريلاند ". سأروي القصة الحقيقية لما حدث في تلك الفترة ، بالنسبة لقضية جوناثان بولارد ، والتي كانت قد تفجرت قبل ثلاث سنوات مع وقوع جريمة قتل وحشية.

ففي عام 1995 ، قام إحد المعارضين الإسرائيليين لعملية السلام باغتيال إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل ، قبل مرور أقل من عامين علي منحه جائزة نوبل للسلام مناصفة مع وزير خارجيته شيمون بيريز وياسر عرفات. وقد كان لعملية الاغتيال هذه تداعياتها ليس فقط علي الإسرائيليين ولكن علي الفلسطينيين أيضاً.

و رغم أن الإسرائيليين كانوا قد اعتادوا رؤية الفلسطينيين علي أسطح المنازل يهللون فرحاً كلما حلت كارثة بإسرائيل ، إلا أن مقتل رابين قد أشعل تعاطفهم مع جيرانهم الإسرائيليين علي غير العادة ، ومن هنا بدأت نظرة الإسرائيليين لجيرانهم الفلسطينيين تتغير بالكامل. ولم يمض من الوقت الكثير ، حتي تسلم بيريز مهام رابين. وخلال أشهر قليلة ، بدا للجميع أن عملية السلام ممكنة.

ثم جاءت سلسلة التفجيرات الانتحارية التي وقعت في أواخر شهر فبراير عام 1996 – 4 تفجيرات في 9 أيام قامت بها حركة حماس خلفت أكثر من 60 قتيلاً – وقد كان رد الفعل الفوري علي هذه التفجيرات من جانب ياسر عرفات ، الذي كان قد تم انتخابه رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية في يناير من نفس العام مفاجئاً بالنسبة للجميع. فقد سارع عرفات باعتقال عشرات الميليشيات المسلحة بما فيهم المشتبه في قيامه بتجنيد المفجريين الانتحاريين ، وشنت قواته غارات علي 12 منظمة ومؤسسة تقدم أموالاً وأشكال أخري من الدعم لحماس.
و توصلنا في تحليلاتنا لموقف عرفات في " سي. آي. إيه " بأن الرجل قد فوجئ بحجم العنف ، وأنه ادرك أن حماس أقوى مما تخيل ولدرجة كافية لتهديد سلطته.

و من هذه اللحظة بدأ الجميع يقوم بعملية مراجعة شاملة لعملية السلام ومستقبلها في ضوء المتغيرات الجديدة.

و في شهر مارس عام 1996 ، وفي محاولة يائسة لإحياء المفاوضات ، طار وفد أمريكي إلي الشرق الأوسط للالتقاء بقادة المنطقة. دينيس روس مبعوث السلام الأمريكي في المنطقة وجون دوتش رئيسي في ذلك الوقت. وفي تلك الفترة كان الرئيس كلينتون يلملم أوراق فترة رئاسته الأولي ويستعد لحملة التجديد لفترة رئاسية أخري. ونتيجة لجولة الوفد جاء مؤتمر قمة سلام شرم الشيخ في مصر. بحضور الرئيس كلينتون نفسه.

و لأن العملية السياسية لا يمكن أن تنجح دون استقرار النواحي الأمنية فقد أسندت لي سي آي إيه مهمة ترتيب لقاءات واتفاقات أمنية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ، ووافق الرئيس كلينتون.. وقلت للرئيس – وقتذاك - أننا لا يجب أن نكون مجرد مظلة لهذه المفاوضات الأمنية ، وإنما وسيط نزيه يمكن أن يعود إليه الطرفان ، ويمكن أن يثق فيه الطرفان.

وقبل اجتماع قمة شرم الشيخ كنت قد طرت لإسرائيل وتزامن بعد وقت قليل من تولي مهامي كنائب لمدير الوكالة واجتمعت مع الإسرائيليين والفلسطينيين الذين كانوا يتوجسون خيفة – كما أبلغوني – من أن تكون لعلاقاتنا الاستراتيجية مع إسرائيل تأثيراً علي دورنا كوسطاء.

و بعد مرور أكثر من عامين علي قمة شرم الشيخ بدأت الجولة الثانية من المفاوضات في اكتوبر عام 1998 في واي ريفر بالولايات المتحدة ، وكان قد مر علي تعييني مديراً ل سي آي إيه 15 شهراً.
و كان دينيس روس قد أعد مائدة المفاوضات ، بعد أن نقل رسالة للجانب الفلسطيني ممثلاً في محمد دحلان رئيس الأمن الفلسطيني في غزة ، ثم بعد ذلك عرفات مفادها أنه يتعين علي الفلسطينيين أن يكونوا مستعدين لتقديم تنازلات أمنية للإسرائيليين في هذه المفاوضات واتخاذ إجراءات غير مسبوقة لطمأنتهم .

و كما هو متوقع رفض دحلان هذا المطلب ، فقال له روس " سنقوم بتغيير منطوق الطلب وليس جوهره ". ولأن دحلان لم يكن في وضع اختيار ، فقد وافق علي ذلك. ولكن روس أبدى مزيداً من التشدد مع الفلسطينيين ، لأنه كان يريد إغراء بنيامين نتنياهو الذي حل محل بيريز كرئيس لوزراء إسرائيل منذ ربيع عام 1996 بالانخراط في المفاوضات ، الأمر الذي لم يكن ليتحقق ما لم يقدم الفلسطينيون تنازلات.

و في النهاية رفع الستار عن مفاوضات واي ريفر في الخامس عشر من اكتوبر عام 1998 بحضور الوفدين الفلسطيني برئاسة عرفات والإسرائيلي برئاسة نتنياهو والأمريكي يتقدمه الرئيس كلينتون. وفي المؤتمر الصحفي يوم افتتاح المفاوضات قطع الملك حسين عاهل الأردن الراحل رحلة علاجه في أمريكا من مرض السرطان ، وجاء للمؤتمر ومعه الملكة نور حيث ألقى كلمة حث فيها الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني علي تقديم تنازلات لتحقيق هدف أسمى وهو السلام.

كلينتون وعد نتنياهو بالإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي بولارد
ولولا تهديدي الصريح في وجهه بالاستقالة لكان قد فعلها !!

و لكن نتنياهو وعصابته كانوا صعب المراس ، وقد راحوا يرفضون الخطط والمقترحات ، مؤكدين أنها لا تلبي متطلبات إسرائيل الأمنية ، وحزموا حقائبهم ، ووضعوها خارج مقر إقامتهم ، في تهديد بالرحيل لولا تدخل كلينتون وروس ومادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في ذلك الوقت وعضو الوفد الأمريكي ، وهنا يبرز دوري كحلقة وصل بين الطرفين المتنازعين ، ومحاولاتي المضنية لإقناع أقطاب الوفد الكبار وفي مقدمتهم اسحاق موردخاي وزير الدفاع حتي وافق الإسرائيليون في الحادي والعشرين من أكتوبر علي " خطة الثلاثين يوماً " لإقرار الأمن من خلال قنوات اتصال ولقاءات مفتوحة بين مسئولي الأمن والاستخبارات في كلا الجانبين. كما تعهدت أنا نيابة عن إدارة كلينتون بمساعدة سي. آي. إيه الفلسطينيين علي بناء أجهزة أمنهم.

و لكن ومع التوصل إلي كل هذا بقيت مسألة أخيرة يتعين حلها : جوناثان بولارد.
و جوناثان بولارد هو محلل استخبارات بسلاح البحرية الأمريكية ، كان قد تم إلحاقه للعمل بمكتب وزير الدفاع الأمريكي ، وأدين في عام 1986بتهمة تسريب مواد سرية إلى إسرائيل ، وكان تلك الأثناء يمضي عقوبة السجن مدي الحياة في سجن فيدرالي بمدينة " بوتنر " بولاية " نورث كارولينا ". وكان لدي مسئولي الاستخبارات الأمريكية قناعة بأن بولارد لم يتجسس لحساب إسرائيل حباً فيها ، وإنما كان مستعداً لبيع الأسرار لدول أخري. ومع ذلك فقد كان الإسرائيليون ينظرون إليه رغم كونه أمريكي كجندي يخدم إسرائيل.

و الحقيقة أنني صدمت لمجرد سماعي اسم بولارد يطرح في منتصف هذه المفاوضات ، لا سيما وأننا كنا بصدد مفاوضات سلام ، ولسنا مجتمعين لإصدار عفو عن أناس باعوا أوطانهم !
و قد علمت من مارتن انديك فيما بعد أن اسم بولارد كان قد طرح منذ اليوم الأول في مفاوضات " واي ريفر " ، وبالتحديد في أول لقاء جمع كلينتون بنتنياهو لم تتح لي فرصة لحضوره ، وأنه أي انديك سأل ساندي بيرجر ، الذي حضر اللقاء ، عما إذا كان بيبي ( نتنياهو ) قد فاتح كلينتون في موضوع بولارد فرد عليه بالإيجاب ، وقال إن كلينتون وافق علي إطلاق سراحه ولكن في نهاية المفاوضات.

وفي ليلة الثلاثاء سأل كلينتون دينيس روس عن مدى أهمية بولارد بالنسبة لنتنياهو ، فأشار روس عليه بإمكانية إطلاق سراحه ، ولكن بعد الانتهاء من مفاوضات الوضع النهائي التي يمكن أن تستغرق شهوراً أو سنوات. وأبلغ روس كلينتون بأنه يستطيع إنجاح مفاوضات واي ريفر الجارية دون اتمام صفقة بولارد!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 3:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

روس حاول إقناع كلينتون في " دورة المياه " بأنني علي حق و أن نتنياهو سيوقع اتفاقية "واي ريفر " دون إطلاق بولارد !!

وفي يوم الخميس دعاني ساندي بيرجر لاجتماع يضم روس ومادلين أولبرايت وآخرين ، وفي الجلسة وجدته يقول لي : يجب أن تعرف أن نتنياهو تمكن من إدراج قضية الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد ضمن المفاوضات.

وهنا انتابتني مشاعر الصدمة ، وانسحبت غاضباً من قاعة الاجتماع وقلت له : لا علاقة لموضوع الجاسوس الإسرائيلي بمفاوضات السلام.

، وعندما لحق بي قلت له : لا علاقة لبولارد بما نحن فيه ". وهنا قال لي " اسمع الرئيس لم يوافق على أي شيء حتى الآن فيما يتعلق بقضية بولارد ، ولكنني أردت إطلاعك علي ما سيجري ".

والحقيقة أن سبب رفضي إدراج قضية بولارد في المفاوضات ، أو حتى إثارة مسألة إطلاق سراحه هو تخوفي من أن شيئاً كهذا – إن حدث - سيعطي انطباعا لدى موظفيني في " سي. آي. إيه " بأن مواطناً أميركياً قد كوفئ علي تجسسه على بلاده. كما كانت صدمتي كبيرة لوجود مسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية يؤيدون إطلاق سراح هذا الجاسوس الإسرائيلي. ومن هنا حرصت علي أن يكون موقفي من هذه المسألة واضحاً لا لبس فيه وللجميع.

و نفس موقفي تبنته أولبرايت. أما بيرجر فقد طلبت منه ترتيب لقاء يجمعني علي الفور بالرئيس وحده . وخلال ساعة كنت أمام كلينتون نجلس وحدنا في مواجهة بعضنا البعض للمرة الأولي. وقلت له بعد تقديم مبرراتي وتأكيدي علي أننا بذلنا جهوداً خارقة ، وأن المفاوضات ستنجح بغض النظر عن قضية الجاسوس بولارد..

قلت للرئيس : إذا تم إطلاق سراح بولارد فسوف أقدم استقالتي في صباح اليوم التالي.. هذه المسألة لا علاقة لها بالمفاوضات الجارية.. أنا أشكرك لمنحي الفرصة لكي أكون مدير الـ سي. آي. إيه ، ولكن لو تم إطلاقه فلن أكون في الصباح التالي مدير مخابراتك ".

في اليوم الثاني وبينما نجلس مع أعضاء الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي وكان بينهما نتنياهو ودحلان ، دخل علينا الرئيس كلينتون ومعه ياسر عرفات ، وقدم عرفات لبيبي ليتصافحا بالأيدي ، ثم فاجأنا بقوله : كل شيء علي ما يرام ، ولكن لا تزال هناك قضية عالقة فنتنياهو لا يزال يريد بولارد !

الفلسطينيون اعترضوا بشدة علي تقديم " تنازلات " للإسرائيليين فقررنا تغيير الصياغة اللفظية والإبقاء علي الجوهر والمضمون !!


و قد أبلغني روس أنه وكلينتون ذهبا إلي دورة المياه ليتحدثا علي انفراد ، حيث قال له روس : أيها الرئيس إذا كنت وعدت نتنياهو بإطلاق سراح بولارد يمكنك ألا تفعل ، وأؤكد لك أن الاتفاق الذي توصلنا إليه مهم لبيبي لدرجة لا يستطيع معها أن يرفضه.

و حسبما أبلغني أنديك فإن كلينتون اجتمع مع نتنياهو مرة أخري ، واعتذر له قائلاً : لا أسطيع الإفراج عن بولارد لأن مدير مخابراتي سيستقيل إن فعلت " ! وقال لي انديك أن نتنياهو رد علي الرئيس بقوله : " إذن اعتبر اتفاق السلام لاغياً " !

و كانت الصحف الإسرائيلية قد أعلنت أن نتنياهو سيأتي ببولارد معه إلي إسرائيل ، واعتبرت إطلاقه مسألة منتهية ، مما كان يشكل ضغوطاً علي نتنياهو والوفد الإسرائيلي.

و مع ذلك ، وكما توفعت أنا وروس ، فقد وقع نتنياهو في النهاية اتفاق الخليل للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين عام 1998 دون الحصول عل بولارد !!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 3:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

الحلقة السادسة من كتاب " في قلب العاصفة"

يتناول تينيت في هذه الحلقة تفاصيل المفاوضات الصعبة بين الفلسطينيين وإسرائيل ، ويرى أنه كان يجد نفسه دائما بين مراوغة الإسرائيليين وابتزازهم وبين تسويف ياسر عرفات ورغبته في استمرار المفاوضات لمجرد استمرارها حتى يُثبت نفسه بغير منازع على رأس السلطة الفلسطينية.

ويثمن تينيت دور عمر سليمان مدير المخابرات المصرية ويرى أنه كان يقتحم الأزمات بجرأة و صلابة من أجل تهدئة الأمور بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما كان الجميع يفشل.

وكان تينيت من آخر المسئلين الأمريكيين لقاء بعرفات قبل وفاته ، فوجده هزيلاً.. شاحباً.. محاصراً ومعزولاً عن شعبه ، وسجيناً في مقره الذي حاصرته الدبابات الإسرائيلية ، لكنه كان لا يزال زعيماً للفلسطينيين ، وقد تأكد أن الوقت قد انقضى ، وأن نافذة الأمل قد أوصدت. وأن عرفات كان يعرف ذلك ، كان يعرف أنه لن يقود شعبه إلى الأرض الموعودة.

ترجمة / مجدي كامل.

فيما بين اسدال الستار علي قمة واي ريفر في شهر اكتوبر عام 1998 ، ونهاية شهر سبتمبر 2000 ، لم يقع أي هجوم فلسطيني انتحاري ضد اسرائيل ( فيما وراء الخط الأخضر). وفي 28 سبتمبر عام 2000 ، قام أرييل شارون زعيم كتلة الليكود المعارضة – وقتذاك – بزيارة المسجد الأقصي في القدس القديمة.

و أعلن شارون أن الهدف من الزيارة هو بحث شكاوي علماء الأثار الإسرائيليين من قيام المسلمين بتخريب المنطقة. ولكنه وصل المنطقة مدججاً بألف جندي ورجل شرطة في اليوم التالي لمقتل جندي اسرائيلي في هجوم انتحاري وبعد الزيارة بيوم واحد اندلعت الانتفاضة الثانية ، وبدأت عملية السلام تترنح.

وفي محاولة لانقاذ عملية السلام التي كانت توشك علي الانهيار ، شاركت في 3 محاولات أخري لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط إبان إدارة الرئيس بيل كليننتون. قمة كامب ديفيد في 11 يوليو عام 2000 ، والتي استمرت أسبوعين كاملين دون توقف ، ثم اجتماع في باريس في 4 أكتوبر 2000 لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه القمة ، قبل أسبوع واحد من توقف عملية السلام من جديد بسبب اندلاع الانتفاضة الثانية ، وأخيراً قمة شرم الشيخ 16 – 17 اكتوبر 2000 برئاسة مشتركة من بيل كلينتون والرئيس المصري حسني مبارك.

وكانت الترتيبات الأمنية التي توصلنا إليها بصعوبة في واي ريفر هي أساس هذه الفعاليات الثلاث ، والتي ساعدت الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني علي إدراك معنى الأمن المتبادل.

وفي قمة كامب ديفيد لم تكن القضايا الأمنية ذات الأهمية القصوي في بداية المفاوضات ، حيث دارت المحادثات حول دور اللاعبين الرئيسيين في الجانب الإسرائيلي علي الأقل. فقد رحل نتنياهو عن السلطة ، وحل محله إيهود باراك. وعلي الرغم من أن عرفات كان لا يزال رئيساً للجانب الفلسطيني ، وكان من الصعب بل من المستحيل إزاحته. والحقيقة أن أحداً من كبار أعضاء الوفود المشاركة في القمة لم يكن ليمتلك مثل ما لدى عرفات من صلاحيات وسلطات.

و قد كانت علاقة مادلين أولبرايت بعرفات تتراوح مابين الحب والكره. وفي تلك الفترة كانت تميل إلي الكره أكثر منها إلي الحب. وقد حاول الرئيس كلينتون أن يساعد عرفات ، ولكن الأخير لم يتعاون معه حتي رغم جهود كلينتون المضنية في هذا الصدد. ومما صدمنا هو رفض عرفات لخطة باراك الذي كان مستعداً للتوصل إلي صيغة ما لاتفاق سلام نهائي.

وكان تقييمنا في سي. آي. إيه أن باراك جاء إلي كامب ديفيد وفي نيته التوصل إلي اتفاق نهائي ، أما عرفات فلم تكن لديه هذه النية. فقد كان عرفات يعتقد أنه كان قد حصل من باراك علي التزام راسخ بإعادة ثلاث قري قريبة من القدس للفلسطينيين ، ولكن في منتصف شهر مايو أدرك عرفات أن باراك لن يفي بتعهده ولن يعيد القرى. ومن هنا أدرك عرفات أن باراك ليس الرجل الذي يفي بوعوده ، ويمكن الوثوق فيه.

أما لماذا جاء عرفات إلي كامب ديفيد فالسبب هو عدم رغبته في توجيه إهانة إلي الرئيس كلينتون إذا ما رفض الحضور.

و جاء دوري عنما بدأت المفاوضات تنهار ، بعد انسحاب عرفات ، وتهديده بالرحيل ، وطلبت مني مادلين أولبرايت أن أذهب إليه لإقناعه بالعودة لمائدة التفاوض. فذهبت إليه وقلت له إن الإسرائيليين لن يمدوا أيديهم بغصن الزيتون كما يفعلون الآن. ورحت أذكره بالجهود التي بذلها الرئيس كلينتون لدفع مفاوضات السلام للأمام. وقلت له : الآن عليك العودة للمفاوضات ، وإذا رفضت فعلى الجميع العودة من حيث أتى وينتهي كل شيء.

ولشدة دهشتي ، فقد وافق عرفات في الحال علي العودة قائلاً إنه علي استعداد لبحث أي شيء يضعه الرئيس أمامه. وقد استمرت هذه المحادثة 15 دقيقة فقط ، قبل أن أعود إلي أولبرايت لإبلغها بعودة عرفات وسط دهشتها لسماع ذلك. ورغم ذلك فقد فشل كلينتون في إقناع عرفات بخطة باراك ، وانهارت المفاوضات في النهاية وذهبت الوفود من حيث أتت خاوية الوفاض.

وفي أكتوبر 2000 ، اجتمعت الأطراف من جديد في باريس. وتم الاتفاق علي 10 خطوات يتعين اتخاذها لوقف العنف الذي تفجر مع الانتفاضة ، وبينما كان دنيس روس يعكف علي كتابة الخطوات العشر ، فإذا بالرئيس عرفات يغادر الاجتماع لكي يزور الرئيس الفرنسي جاك شيراك ، ومنذ تلك اللحظة وقد أخذت جميع الأمور تسوء من جديد !.

فقد استغل عرفات لقاءه مع شيراك لإثارة أكثر الخطوات العشر التي يمكن أن تثير حفيظة الرئيس الفرنسي وهي تشكيل محكمة أمريكية لمرتكبي جرائم العنف ، وطلب عرفات منه الضغط لاستبدالها بمحكمة دولية ، وعدنا لنقطة البداية من جديد وانهار الاجتماع. وبعده التقينا في شرم الشيخ بمصر ورأس القمة الرئيس كلينتون والرئيس مبارك.

وتحتل مصر مكانة فريدة في الشرق الأوسط - والسعوديون أيضا - لأسباب مقنعة ، ولكن القاهرة وليست الرياض أو المدينة أو مكة هي العاصمة الثقافية للإسلام. ولكن مصر كما السعودية تقف في مفترق الطرق بالنسبة للإرهاب الدولي.

فالإخوان المسلمون ولدوا في مصر ، وفي مصر اغتيل أنور السادات وقد خاضت مصر بالتحالف مع دول عربية أخري 4 حروب ضد إسرائيل ن وهي ما تزال الدولة التي ينظر إليها الفلسطينيون كحاميتهم.

وهناك اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية لسنوات طويلة. وهو رجل طويل القامة يتمتع بالوقار والهيبة.. رجل قوي جداً.. مباشر في كلامه.. كما أنه شديد البأس ودؤوب.

و لطالما كان سليمان دائماً في المكان والزمان يقتحم الأزمات بجرأة وصلابة لإقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما كان الجميع يفشل !!

و رغم أنني لا أعرف الرئيس مبارك حيث لم ألتق به كثيراً مثل سليمان ، إلا أنه كان دائماً من أهم شركائنا الذين نعتمد عليهم في مكافحة الإرهاب ، ومحاولاتنا إقرار السلام في الشرق الأوسط. والحقيقة أن علاقتي به لم تكن متكافئة فهو شخصية تاريخية مهمة .

ويتولي رئاسة مصر منذ عام 1981 في أعقاب مقتل الرئيس السادات. وقد نجا نفسه بإعجوبة من محاولة اغتياله في عام 1995 أثناء وجوده في إثيوبيا.

وخلال السنوات التالية نجا الرئيس من الموت بإعجوبة بعد محاولة طعنه بسكين. ويتمتع الرئيس مبارك بقدر هائل من الحكمة.

ورغم أنه رجل تنم ملامحه عن الجدية ، إلا أنه يتمتع أيضاً بخفة الظل.

و قد واصلت ابلاغ عرفات بما أريد.

ورغم أنني محترف تم تدريبه جيداً على مثل هذه المواقف ، إلا أن الأمر لم يكن سهلاً خاصة عندما ضحك الرئيس مبارك بصوت هادئ علي مزحته الصغيرة هذه.

و قد كانت الثقة في عرفات دائماً مشكلة المشاكل ، وخاصة أثناء السنة الأخيرة من فترة حكم الرئيس كلينتون ، حيث شعر كلينتون بالإحباط إزاء عدم رغبة عرفات في قبول ما يُطرح عليه من حلول ، وبدا وكأنه يريد استمرار التفاوض فقط حتى يظل الرجل الأول بالنسبة للفلسطينيين ويحتفظ بموقعه هذا وسلطاته ، ويبقي لاعباً عالمياً.

و عندما جاءت إدارة الرئيس بوش لم تول عرفات مثل هذا الاهتمام أو الاعتبار ، رغم أن إدارة كلينتون كانت قد منحته دوراً محورياً في عملية السلام. وقد ساندت موقف إدارة بوش في عدم الاستمرار في منح عرفات مثل هذا الدور ، أو المضي قدماً في ترسيخ صورته كلاعب عالمي ، أو منحه أي مكافأة أخرى على سلوكه الذي لا يؤدي بنا إلي تحقيق أي شيء !.

و الحقيقة أنني أعشق الإسرائيليين.. ولعهم بالحياة.. وما فعلوه لنصرة أنفسهم وإقامة دولتهم ، وأيضا ارتبطتُ بالفلسطسينيين وكان عرفات جزءاً من هذا الارتباط. ولم أستطع أن أمنع نفسي عن حبه. وكلمة " حب " أو " صديق " تبدو غريبة وشاذة في عمل المخابرات ، ولكن تعبير " زواج مصلحة " هو الأدق.

و الحقيقة أن شخصية عرفات كانت دائماً موضع التقييم والتحليل. وكنت أتناقش ذات ليلة مع شلومو ياناي ، الذي كان يشغل منصب رئيس التخطيط العسكري في الجيش الإسرائيلي حول ما إذا كان عرفات " موسى أم بن جوريون ".. ومع الوقت كانت المحصلة النهائية لعملية التقييم من وجهة نظري أنه " لا موسي ولا بن جوريون ". والحقيقة أن الإسرائيليين كانوا يعرفون عرفات أفضل من أي شخص آخر في العالم.

وحتى الفلسطينيين أنفسهم كانوا يعرفون أوجه القصور في شخصية عرفات ، وفي مرحلة ما كانت إدارة بوش ترغب من أن يتمكن مساعدوه من إزاحته والمجيء بشخصية أخري يمكن - من وجهة نظرنا - التعامل معها ، وقد طالبناهم بذلك بالفعل ، ولكنهم لم يستمعوا إلينا جيداً ، رغم يقينهم بأن هناك حاجة ماسة إلى تغييره، وتأكدهم من أن نظامه لا يتيح للفلسطينيين حق مساءلة النظام أو محاسبته ، أو فرض رقابة علي تصرفاته.

كان الراحل عرفات أكثر الشخصيات التي عرفتها في حياتي تعقيداً،.. في بعض الأحيان أكاد أجن منه ، وفي أحيان أخرى كنت أريد معانقته، ولم أكن أعرف أبداً أي جانب من شخصية عرفات سأقابله في أي لقاء يجمعني به.

و استطيع أن أقول أن إدارة بوش أرادت في البداية أن أبقى بعيداً عن عملية السلام ، وأن أترك الأمور في أيدي الدبلوماسيين ، رأيت هذا أمراً لا بأس به. ولكن في الأول من يونيو 2001 ، وقع هجوم انتحاري على ديسكو في تل أبيب يعرف باسم " دولفناريوم " مما أسفر عن مصرع واحد وعشرين إسرائيلياً ، معظمهم من المهاجرين الروس ، الأمر الذي أحدث صدمة لدى الإسرائيليين وأصبحت الأمور في طرقها إلى التفاقم في المنطقة.

و بعد أيام قليلة تم إرسالي للوقوف علي ما يمكن عمله لإحياء جهود السلام ، ومحاولة التوصل إلى اتفاق أمني قابل للتنفيذ ، يدفع عملية السلام للأمام. وفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي – وقتذاك - أرييل شارون استمرت الجهود بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي لوضع اللمسات النهائية على اتفاق شامل ، غير أن الإسرائيليين بدأوا في المطالبة باتفاق جانبي ، وهو نوع من التحايل أو الغطاء الذي يمكنهم أن يستتروا وراءه إذا ساءت الأمور ، أو بالأحرى يمكنهم تسريبه إلى الصحافة لتخريب العملية ونسفها بكاملها.

و كان ردي على الإسرائيليين بقولي : لا للاتفاقات الجانبية ، فردوا علي بقولهم: لا للصفقة بأكملها.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 3:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

و بعد ثمانية أيام من عملنا الشاق ، توصلنا لاتفاق أطلق عليه اسم "خطة عمل" يتألف من قائمة تفصيلية بخطوات محددة من شأنها أن تفضي إلى استئناف التعاون الأمني وفرض التزام صارم بوقف إطلاق النار وإيقاف العمليات " الانتحارية " وإعادة نشر الجيش الإسرائيلي والوقف الفوري للاشتباكات ، وقيام الفلسطينيين باعتقال " المتشددين " وتخفيف القيود التي يفرضها الإسرائيليون على السفر وسحب القوات الإسرائيلية.

وبعد فترة من التهدئة ، تضمنت الخطة تنفيذ اقتراحات لإقرار السلام سبق طرحها في شهر ابريل 2001 من قبل لجنة ميتشل.

وفي مساء 11 يونيو انتهى العمل وعقد اجتماع ثلاثي من أجل التوقيع النهائي علي خطة العمل. بعد ذلك بدأت رحلة الانتظار الطويلة لرد عرفات ، وذهبت إلى رام الله للقائه كي أحصل على موافقته على خطة العمل.

لم يكن عرفات في مدخل مقره في رام الله لدى وصولي ، وهو ما اعتبرته مؤشراً سيئاً. وقال عرفات لدى استقباله لي ، وقد بدا عليه التجهم ، إنه يريد اتفاقاً جانبياً مع الأميركيين قبل موافقته على خطة العمل.

وعند رفضي طلبه ، أصر على أن يأخذ الأمر صيغة رسالة يحررها عرفات وتوجه إلى تينيت. هذه الرسالة ذات الفقرات الثلاث ، استمر التفاوض عليها طويلاً إلى أن دقت الساعة معلنة الثانية بعد منتصف الليل ، حيث كتبت الرسالة في صيغتها النهائية ، وسُلمت إلي ، لكنني اكتشفت أن هجاء اسمي كان خاطئاً ، فأصر عرفات على كتابة الرسالة مجدداً ، ومضى يعنف العاملين في مكتبه ، ويطالبهم بأن توجه الرسالة في صيغتها الجديدة إلى شخصي حاملة التحية موجهة إلى " عزيزي المحبوب المدير تينيت ".

وفي اليوم التالي عقد اجتماع ثلاثي غير بعيد عن مقر ديسكو "دولفيناديوم" ، واتصل الرئيس جورج دبليو بوش، الذي لم يحط بكل جوانب الموقف بي في اليوم التالي من طائرة الرئاسة ليهنئني على توفيقي في مهمتي. ولكن بعد أسبوع تقريباً انهارت هذه الصفقة برمتها، وتحولت إلى حطام على حيد الطريق الوعر إلى السلام.

و قد كنت – فيما بعد - من بين أواخر المسؤولين الأميركيين الذين التقوا عرفات وهو لا يزال على قيد الحياة في مقره برام الله في عام 2002. وبدا يومها هزيلاً.. شاحباً.. محاصراً ومعزولاً عن شعبه ، وسجيناً في مقره الذي حاصرته الدبابات الإسرائيلية ، لكنه كان لا يزال زعيماً للفلسطينيين ، وكنت قد توجهت إليه لأهيب به أن يصلح أجهزته الأمنية ، وينظمها ويجعل لها هيكل قيادي واضح ، ويعين لها وزيرا لها يتولى مسؤوليتها.

وفي هذه المرة أيضاً لم أقابله عند مدخل المقر، فقد كانت العيون الإسرائيلية بانتظار ظهوره ، ولو للحظة.

و مع ذلك فقد تأكدت من أن الوقت قد انقضى ، وأن نافذة الأمل قد أوصدت. وأن عرفات كان يعرف ذلك ، كان يعرف أنه لن يقود شعبه إلى الأرض الموعودة ، بل إنه لم يستطع اجتياز المدخل الأمامي لمقره سيراً على الأقدام ، فهو لم يكن موسى ولم يكن بن غوريون !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 4:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

سيطرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر علي الوعي الوطني لنا كأمريكيين ، بطريقة يصعب معها أن نتذكر أنه كان هناك وقت ليس ببعيد ، بدا فيه الإرهاب بصفة عامة ، والحرب علي الإرهاب علي وجه الخصوص ، وكأنهما بعيدان كل البعد عن حياتنا.

ولكن بالنسبة لمعظم الأمريكيين في الفترة التي سبقت هجمات 11 سبتمبر ، فإن تعرضنا لهجمات إرهابية كان أمراً محتملاً. وكانت مانشيتات وعناوين الصحف تعبر عن ذلك. علي سبيل المثال ، فعندما تم تفجير ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت أوائل الثمانينيات ، بدأت قضية الإرهاب تظهر علي الساحة.

و بالنسبة لي ، فإن الإرهاب كان موضوعاً محورياً يهيمن علي تفكيري ، ليس فقط أثناء سنواتي السبع كمدير للمخابرات المركزية ، وإنما طيلة مشواري الوظيفي بأكمله. وأنا لا أدعي هنا أن لدي موهبة قراءة المستقبل ، ولكن ليس بمقدورك – لو كنت في مكاني - أن تجلس لتقرأ ما يصل إلي مكتبك يومياً ، وتمنع نفسك من من أن تموت هلعاً للكم الهائل ، الذي تطلقه هذه التقارير من تحذيرات.

بن لادن حاول في السودان إنتاج غازات سامة لإطلاقها علي القوات الأمريكية في السعودية !!

فقد استمر الأصوليون الإسلاميون الكارهون للغرب في الأخذ بأسباب القوة ، وبناء تنظيماتهم لأسباب لا تعد ولا تحصى. ورأينا الخطر يقترب.

ورأينا هؤلاء الذين كانوا يحاولون كبح جماح هذا العداء المجنون ، ووضع النقاط فوق الحروف ، وتجميع الخيوط لتحديد أهدافه. وكنا كل يوم نكافح وبكل قوتنا ، علنا نقف علي الطرق الكفيلة بنزع فتيله ، أو إبطال مفعوله ، أو منع الانفجار القادم ، وجعله يرتد إلي صدر أصحابه.

و رحلة الكفاح هذه لم تبدأ من خلالي ، بل تعود عملية البحث عن أساليب وطرق جديدة ، لإجبار إداراتنا البيروقراطية علي أن تولي اهتمامها الواجب لتحذيرات المخابرات المتصاعدة ، إلي ما قبل تولي إدارة الوكالة.

ففي عام 1996 مثلاً استقطع مدير سي آي إيه وقتذاك جون دوتش جزءاً من ميزانية الوكالة المحدودة لإقامة محطات استخباراتية تجريبية ولكن من نوع خاص.

وفكرتها تدور حول خلق وحدات داخل الدولة تعمل وكأنها وحدات عمليات خارجية. وتقوم هذه المحطات بعملها من خلال مبان مستقلة عن مقار الوكالة ، وكل تضم عدداً صغيراً من الأفراد ، ويركز محللو وضباط عمليات كل محطة علي قضية واحدة بعينها كـ " اختبار حالة " من شأنه أن نتعرف من خلاله عما إذا كانت تحليلاتنا واستنتاجاتنا صحيحة لهذه القضية.

و لكن في المحصلة النهائية ، محطة واحدة هي التي أقيمت. وكانت القضية التي وقع الاختيار عليها كتجربة ، والتي ستتولاها المحطة هي "حلقات تمويل الإرهاب". ومن هنا كان تركيز المحطة علي أسامة بن لادن.

وكان اسم أسامة بن لادن الذي كانت سي آي إيه قد اكتشفت في أوائل التسعينيات صلته بعمليات تمويل بعض الحركات الإرهابية ، قد أصبح في تلك المرحلة اسماً دائم التردد في أنشطة الوكالة وتقاريرها وتحليلاتها الاستخباراتية. وفي عام 1993 ، وقبل أن أنتقل للعمل في " سي. آي.

إيه " بعامين ، كانت الوكالة قد أعلنت أسامة بن لادن كأحد كبار ممولي الحركات الإرهابية الإسلامية. وقد علمنا أنه يقوم بتمويل عمليات التدريب الأساسي للميليشيات الموجودة في اماكن بعيدة كالبوسنة ومصر وكشمير والأردن وتونس والجزائر واليمن.

ولم يكن " يو. بي. أل " كما كنا ننادي بن لادن سوى مجرد مثال من عشرات الأمثلة لتصاعد مؤشر الإرهاب في العالم.

وقد كانت هناك عشرات الجماعات الأخري تنافسه لكي تحظى باهتمام العالم ، ومنها حركة حماس وجماعة " الجهاد " المصرية ، ولكن مع منتصف عقد التسعينيات أصبح بن لادن في المقدمة ، وهدفاً رئيسياً يظهر بوضوح علي شاشة رادار الـ" سي. آي. إيه ".

وقد أبلغنا المحققون الباكستانيون علي سبيل المثال في شهر عام 1995 إلي أنهم توصلوا إلي أن رمزي يوسف العقل المدبر للهجوم بالمتفجرات علي مركز التجارة العالمي في عام 1993 ، والذي كان تم اعتقاله لتوه في إسلام أباد ، قد أمضى فترة كبيرة خلال السنوات الأخيرة في بيت الضيافة الخاص ببن لادن في بيشاور.

و كان بن لادن قبل ذلك بوقت طويل قد أصبح القضية الأولي والأخيرة لـ " محطة الفضيلة " والتي أعطيناها اسماً كودياً آخر هو " محطة آليس ".

وكان من المقرر أن تعمل المحطة لمدة عامين ، ثم يتم تقييم التجربة ، وبعد نجاحها الملحوظ في عملها ، حدث أن استمرت المحطة في عملها لعشر سنوات تالية.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 4:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

فكرنا في قتل بن لادن ولكن تحديد مكانه كان المعضلة و طالبت مراراً بتدمير القاعدة في أفغانستان كإجراء وقائي!!

وكان بن لادن في أفغانستان قد أقام - أثناء الحرب ضد المحتلين الروس في أواخر الثمانينيات – قد أقام اتصالات وعلاقات مع الكثيرين من المتطرفين الإسلاميين ، ، والذين سيشكل منهم فيما بعد تنظيمه " القاعدة ".

و في مقابلة صحفية معه في عام 1988 ، قال أن قذيفة سوفيتية قد سقطت علي قدميه ، ولم تنفجر ، فأدرك أنها إشارة من الله بتكليفه بمحاربة أعداء الإسلام .

و لم يمر وقت طويل ، حتي راح بن لادن يستخدم ثروته لتدريب وتسليح ميليشيا " العرب الأفغان " لحرب مقدسة أو " جهاد " يتجاوز حدود أفغانستان ، ويشمل العالم بأكمله. ويردد البعض من المولعين بـ " نظرية المؤامرة " علي شبكة الإنترنت شائعات تقول أن بن لادن كان يعمل بطريقة أو أخري لحساب سي.آي. إيه إبان حرب الأفغان ضد السوفيت ، أو كانت هناك قنوات اتصال رسمية بينه وبين المسئولين الأمريكيين في ذلك الوقت. ولكن دعوني اؤكد بأنه لم تكن لـ " سي. آي. إيه " أية اتصالات مع بن لادن أثناء هذه المغامرة السوفيتية الفاشلة.

وقد عاد بن لادن إلي السعودية عقب طرد السوفيت من أفغانستان ، ولكن المسئولين السعوديين الذين كان لديهم من المتاعب مع المتطرفين الإسلاميين ما يكفيهم لم يرحبوا به رغم عراقة أسرته.

وعندما تعاون الأمريكيون مع السعوديين في عملية درع الصحراء ثم عملية عاصفة الصحراء وخاصة عندما سمح للجنود الأمريكيين بالانتشار علي أراض سعودية ، اشتعل غضب بن لادن ، ضد الغرب ، مما أغضب الحكام السعوديين من غرابة موقفه ، قبل أن يفاجأوا به يعسكر من جديد في السودان.

و في الخرطوم ، وجد بن لادن ترحيباً أكثر حرارة بكثير ، وبدأ يحتل مساحة أكبر فأكبر من اهتمامنا.

وحدث أن دعاه الزعيم السوداني حسن الترابي لكي يتولي تدريب المقاومين الشماليين للإنفصاليين المسيحيين في الجنوب ، وإقامة عدة شركات في السودان أثبتت الأيام – فيما بعد – أنها عملت كواجهات تتخفى وراءها شبكة بن لادن الإرهابية العالمية.

و بالتزامن كان بن لادن يقدم دعماً مالياً للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط وكذلك إقامة معسكرات تدريب خارجية لتوفير التدريب الأساسي للجهاديين من شتى أنحاء العالم الإسلامي.

وفي البداية كان بن لادن بالنسبة لنا ممول رئيسي ، ولكن في عام 1996 استطاعت محطة آليس تجميع كل ملامح الصورة لتقدم لنا بن لادن كـ " آلة الشر " ، وليس مجرد شخص سعودي أحمق تكتظ جيوبه بالمال.

و لأن السفارة الأمريكية في الخرطوم كانت قد أغلقت عقب تدهور الأوضاع الأمنية هناك في عام 1996 ، وتلقي دبلوماسيون في السودان تهديدات ، فقد فقدنا نافذة مهمة وقيمة لنقل ما يدور في البيئة الإرهابية المتنامية في هذا البلد.

وقد افتتح بن لادن في السودان عدة شركات وظف فيها المحاربين الذين خاضوا الحرب ضد السوفيت في أفغانستان. .

ومعظم هؤلاء هم الذين أصبحوا أعضاء الخلايا النشطة لتنظيم القاعدة فيما بعد. وقد نجحت مشروعات بن لادن التجارية هناك ، وبالفعل ضاعفت من ثروته الكبيرة أصلاً. ولكن الأهم أننا تأكدنا وبالأدلة القاطعة من أن بن لادن قد بدأ يخطط ويشرف علي تنفيذ العمليات بنفسه.

و بالفعل أدركنا جميعاً في هذا العام 1996 أن بن لادن أصبح زعيم منظمة إرهابية عالمية لها تنظيم وقادة كبار أمثال أيمن الظواهري ، وأنه يريد ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها. وعلمنا أن القاعدة كانت تحاول الحصول علي مواد يمكنها من خلالها تصنيع أسلحة كيماوية وبيولوجية واشعاعية أو نووية.

كما علمنا أن بن لادن ذهب بعيداً في سعيه لتصنيع هذه الأسلحة لدرجة أنه قام بشراء خدمات فيزيائي مصري للعمل في مشروعات نووية وكيماوية في معسكرات القاعدة بالسودان ، وأن تجاربه العملية في هذا الصدد تركزت حول إنتاج غازات سامة يمكن إطلاقها علي القوات الأمريكية في السعودية.

كما أبلغنا أحد المنشقين عن بن لادن من أنه كان قد أرسل بعض رجاله قبل ثلاث سنوات إلي الصومال للعمل كمستشارين للجنرال "محمد فرح عيديد" أحد أمراء الحرب هناك الذي كان يهاجم القوات الأمريكية ، التي كانت هناك لدعم " عملية استعادة الأمل " ( 1992 – 1993 ) في إطار جهود الإغاثة الإنسانية التي كانت تقوم بها واشنطون لاحتواء المجاعة والفوضى في الصومال.

والحقيقة أن انسحاب الأمريكيين من الصومال قد ألهب حماس بن لادن ، وقد عبر عن ذلك فيما بعد عندما قال أن هذا الانسحاب " يوضح مدي ضعف الولايات المتحدة ".. وأنها : " نمر من ورق يمكن هزيمته علي نحو أسهل مما كان عليه الحال مع السوفيت في أفغانستان ".

وقد كان هذا الانسحاب هو سبب دهشة بن لادن بعد خمس سنوات لوصول أفراد " سي. آي. إيه " مع القوات الأمريكية الخاصة بسرعة مذهلة إلي أفغانستان عقب وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر وبمساعدة منشقين أفغان وتدميرها حصنه المنيع.

مندهش لصدمة إدارة بوش من حجم وطبيعة هجمات سبتمبر فقد حذرناهم ورفعنا لهم الرايات الحمراء مراراً وتكراراً !!

وعندما بدأت الولايات المتحدة الضغط علي السودان لطرد بن لادن الذي كان قد أصبح عبئاً علي حكومتها ، كان السؤال هو أو المشكلة هي إلي أين سيذهب ؟..

خاصة وأن السعوديين كانوا قد جردوه في عام 1994 من جنسيته السعودية ولا يرغبون في عودته للمملكة.

وقد انتشرت شائعات كثيرة في الصحف – وقتذاك – تتحدث عن أن الحكومة السودانية أكدت استعدادها لتسليم بن لادن للولايات المتحدة ، ولكنني ليس لدي معلومات من شأنها تأكيد هذا العرض.

ولكن ما حدث هو رحيل بن لادن من السودان متوجهاً إلي باكستان في التاسع عشر من مايو من نفس العام 1996 ، ليتحالف بسرعة مع الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان وقادته الين كانوا قد أحكموا قبضتهم علي البلاد.

وكانت هذه هي المرة الأولي التي نجد أمامنا فيها منظمة إرهابية ترعي دولة ، علي عكس الشائع بالنسبة للمصطلح المعروف لدينا " دولة راعية للإرهاب " !!

وبسرعة بدأت أجراس الإنذار ، وإشارات التحذير تنطلق من أفغانستان. ونشرت صحيفة " إندبندنت " البريطانية موضوعاً في شهر يوليو عام 1996 نقلت فيه عن أسامة بن لادن قوله قتل الأمريكيين في " الخبر " بالسعودية في هجوم بالمتفجرات قبل شهرين هو بداية الحرب بين المسلمين والولايات المتحدة.

و في الشهر التالي لنشر تهديد بن لادن انضم زعيم القاعدة للراديكاليين الإسلاميين بإطلاقه فتوى تعلن الحرب وتبارك شن الهجمات ضد الأهداف العسكرية الغربية في شبه الجزيرة العربية.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 4:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

أسامة بن لادن كان مرصوداً أمريكياً من البداية و كل ما فعله كان متوقعاً منذ أوائل التسعينات!!

وأقول لبعض أفراد إدارة الرئيس بوش اذين أعربوا عن صدمتهم إزاء حجم وطبيعة هجمات سبتمر : لقد حذرناكم مراراً وتكراراً ، وفي كل مناسبة ، وقبل سنوات من وقوعها ، ورفعنا لكم الرايات الحمراء ، تعبيراً عن الخطر الماثل أمام أعيننا ، ممثلاً في تنظيم القاعدة ، وبذلنا كل ما بوسعنا لكي نلفت انتباهكم لهذا التنظيم وتهديداته !

ففي عام 1995 ، نشرنا تقديرات المخابرات القومية وكانت بعنوان : " التهديد الإرهابي الخارجي داخل الولايات المتحدة " ن وحذرنا فيه من تنامي خطر الراديكاليين الإسلاميين وقدرتهم علي شن هجمات داخل أمريكا.

وجاء في التقرير بالحرف الواحد الأهداف المحتملة للهجمات الإرهابية ستكون الرموز الوطنية كالبيت الأبيض والكونجرس والرموز الرأسمالية كـ " حي المال " – وول ستريت. وحدد هذا التقرير الطائرات المدنية كهدف مغر لهذه الهجمات.

وهذه النقطة الأخيرة هي التي أكدنا عليها من جديد بعد عامين في تقرير آخر عام 1997. وأكدت هذا بنفسي في جلستي استماع أمام الكونجرس عام 1997 و1998 قبل أن يصدر بن لادن فتوى أخري " أن من واجب المسلمين قتل الأمريكيين وحلفائهم في شتى بقاع العالم سواء أكانوا مدنيين أم عسكريين".

وفي الرابع من ديسمبر عام 1998 ، قدمنا للرئيس كلينتون ملخصاً استخباراتياً عنوانه " بن لادن يستعد لاختطاف طائرات ركاب وشن هجمات ". وفيما بين 1 أبريل 2001 و11 سبتمبر 2001 قدمنا لكبار المسئولين عن شركات الطيران المدني الأمريكية ما يصل إلي105 موجزا استخباراتيا يحمل نفس التحذيرات.

و رغم أنني كنت في حاجة لمزيد من التمويل من جانب إدارة الرئيس كلينتون ، حتى تتمكن وكالتي من مواجهة تهديدات القاعدة المتزايدة وأيضاً زرع جواسيس داخل التنظيم الإرهابي إلا أن المحصلة كانت فعلاً مخيبة للآمال.

أن عملية اغتيال بن لادن كانت قد طرحت من جانبنا إبان إدارة كلينتون ، ولكن كانت هناك معضلة حقيقية وهي تحديد مكانه بالضبط ، وكانت وجهة نظري هي الهجوم الكاسح علي مراكز تدريب القاعدة ومعاقلها فتدمير التنظيم كإجراء وقائي يفوق في أهميته قتل زعيمه ، وقد استمت من أجلها ولكن أحداً لم يستمع إلي جيداً سواء في إدارة كلينتون ، أو إدارة بوش فيما بعد وقبل هجمات سبتمبر !!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فى قلب العاصفة "سنواتى فى الـ سي . آي . إيه"
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 12, 2015 4:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة

أنا بريء من هجمات سـبتمبر وكوندوليزا رايس كانت علي علم بها قبل وقوعها.

يواصل تينيت في هذه الحلقة ما يطلق عليه نُذُر العاصفة التي كانت تتجمع حوله.. تلك العاصفة التي وجد نفسه في قلبها ، كمدير لأكبر وكالة استخباراتية في العالم ، وبصفته المسئول الأول - بحكم موقعه - عن أمن اليلاد ، حتى أنه اختار عنواناً لهذا الجزء من كتابه: " إنهم قادمون إلينا هنا " ..

ويؤكد تينيت وبأدلة قاطعة ، كيف قرأت " سي. آي. إيه. الهجمات قبل وقوعها قراءة صحيحة ودقيقة ، وقدمت تحذيراً لا لبس فيه ، من خلال مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي كوندوليزا رايس ، من الهجمات الوشيكة ، آخرها وأهمها وأخطرها قبل وقوعها بقليل ، وأنه لولا بيروقراطية إدارة بوش لكان من الممكن تفادي هذه الهجمات الأسوأ في تاريخ أمريكا والعالم.

ومن خلال هذا الكشف ، يُبرئ تينيت نفسه ووكالته من تهمة التقصير ، ويحمل بوش ومستشارة أمنه القومي وباقي أفراد إدارته البيروقراطية المسئولية كاملة.

ترجمة / مجدي كامل

بعد فيض من التحذيرات بتجمع نذر العاصفة ، وبالإضافة إلي ما سبق أن تناولته من تقارير مؤلمة حول استعدادات القاعدة لمهاجمتنا في أي مكان بالعالم ، بدأت الصورة تتضح أكثر من خلال سلسلة هجمات تعرضنا لها خلال السنوات الثلاث السابقة علي زلزال 11 سبتمبر أخطرها تفجير القاعدة لسفارتينا في العاصمة الكينية نيروبي ، ودار السلام عاصمة تنزانيا في عام 1998 ، وهجوم آخر شنته بالمتفجرات علي المدمرة الأمريكية " يو. إس. إس. كول " عند سواحل اليمن في 12 أكتوبر عام 2000.

وهنا بح صوتي وصوت العاملين في وكالتي من كثرة نداءاتنا لإدارة الرئيس كلينتون لكي تستمع إلينا ، وتوافقنا علي الذهاب إلي معقل القاعدة في أفغانستان لاستئصال التهديدات من جذورها. وقلنا إنه لم يعد لدينا ترف الانتظار ، وأن هذا الانتظار ليس في صالحنا ، وأننا سنشهد حتما – إذا تلكأنا – مزيداً من الهجمات.

و قد أكدت لجنة التحقيق في هجمات سبتمبر – فيما بعد – أن "الولايات المتحدة تقاعست عن الرد علي الهجوم علي المدمرة كول" .

وقد كانت البلاد وقت تفجير كول في منتصف حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية ، والتي انتهت بأزمة دستورية ، حالت دون إعلان اسم المرشح الفائز سواء الجمهوري بوش ، أم منافسه الديموقراطي آل جور. ورغم تغيير الإدارة فقد بقي الحال كما هو عليه !!

ففي الثاني عشر من ديسمبر عام 2000 ، أعلنت المحكمة الدستورية جورج بوش الرئيس الجديد للولايات المتحدة بقرار صدر بأغلبية 5 أصوات مقابل أربعة ، وإذا ما كنت تصدق ما أقوله في كتابي هذا ، فإنني سأقول لك إنني كنت أعرف أن محصلة هذه الانتخابات ، وما سيتمخض عنها من وصول بوش الإبن للرئاسة قبل عامين من إجرائها ، عند إعادة الكونجرس تسمية " سي. آي. إيه " في نهاية حكم كلينتون ، لتصبح " مركز جورج بوش للإستخبارات " تكريماً للرئيس السابق جورج بوش الأب.

و بعد تولي بوش بدأنا نواصل تقديم الموجز الاستخباراتي اليومي للرئيس ، ولكن بواسطتي وفي البيت الأبيض ويداً بيد – بناء علي طلبه – وأبلغنا مساعدو بوش حتى منذ الفترة الانتقالية عقب قرار المحكمة وتصديق الكونجرس علي تعيينه رئيساً على أنه يريد تقديم الموجز الاستخباراتي يومياً وعلي مدى ستة أيام في الإسبوع.

وبالنسبة لنائب بوش ديك تشيني الذي كان يطلع بحكم موقعه علي الموجز الذي نقدمه ، فقد كان لا يضاهي آل جور نائب كلينتون في معرفته بطبيعة عمل المخابرات.

و خلال الفترة التي سبقت هجمات سبتمبر كنت أجلس مع كوفر بلاك رئيس مركز مكافحة الإرهاب بـ سي. آي. إيه " وفريق عمله لمعرفة ما يمكن عمله في ضوء التنامي المتسارع لتهديدات القاعدة ومنها سعيها للحصول علي أسلحة دمار.

واتفقنا علي ضرورة تدعيم التحالف الشمالي بزعامة أحمد شاه مسعود لمواجهة باكستان التي تضم عناصر حتى علي المستوى الرسمي تساعد طالبان والقاعدة في الوقت الذي نوجه فيه ضربات صاروخية قاسمة لتدمير معاقل التنظيم الإرهابي.

وفي أول إجتماع أسبوعي لي مع مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي كوندوليزا رايس في 29 يناير 2001 ، عرضت تهديدات القاعدة وقدمت لها خطوات محددة لدرء الخطر ، وأهمها خطة متكاملة لضرب معاقل القاعدة في أفغانستان بالصواريخ ، بالتزامن مع تحييد باكستان أولاً ثم دفع رئيسها برويز مشرف للتعاون ثانياً ، في الوقت الذي ندعم فيه التحالف الشمالي لإسقاط طالبان.

و منذ تلك اللحظة ، وأنا أدق ناقوس الخطر في جميع اجتماعاتي الأسبوعية مع رايس ومراراً وتكراراً.
مساعد رايس لمكافحة الإرهاب حذرها بنفسه وكتابة من التقاعس عن مواجهة القاعدة ومخاوفه من عناصر التنظيم النشطة في أمريكا !!

ولكنني لم أكن الوحيد الذي حذر رايس ، فهناك أيضاً مساعدها ديك كلارك مسئول مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الذي تتولي هي رئاسته ، والذي انزعج مثلي من عدم اهتمام إدارة بوش بقضية الإرهاب في بداية توليها ، وكانت لديه الرغبة في إعادة وضع هذه القضية الملحة في بؤرة اهتمام بوش وفريق عمله.

و قام كلارك بإعداد مذكرة عاجلة أوصى فيها ببدء اتخاذ اجراءات فورية ضد تنظيم القاعدة. وحمات مذكرة كلارك عنواناً يقرأ " استراتيجية الحد من تهديد الشبكات الجهادية للقاعدة : الوضع الراهن وسبل المواجهة ".

وأوصى كلارك بعمل عسكري يتم فيه مهاجمة قيادة ومراكز السيطرة التابعة للقاعدة والبنية التحتية لنظام طالبان. وأبدى كلارك في مذكرته لرايس مخاوفه من احتمالات وجود عناصر نشطة للقاعدة داخل الولايات المتحدة.

وقد علمت أن كلارك أرسل في 25 يناير 2001 مذكرة أخري إلي رايس يبلغها فيها أن هناك حاجة ماسة لعقد اجتماع عاجل لقيادات مجلس الأمن القومي لبحث استراتيجية مواجهة القاعدة المقترحة في مذكرته الأولي ، ولكن للأسف لم يتم عقد هذا الاجتماع.

طلبنا من رايس قبل الهجمات مباشرة صلاحيات لمطاردة بن لادن وقتله أو اعتقاله فطلبت منا سحب الطلب !!

وفي مارس من نفس العام 2001 ، توجهت إلي ستيفن هادلي نائب رايس في مجلس الأمن القومي وسلمته قائمة بصلاحيات نريد الحصول عليها لمطاردة بن لادن. ولكن طلب منا بعد يومين سحب الطلب ، وقيل لنا أن الإدارة ستعيد النظر في سياستنا تجاه القضية برمتها ، وأيضاً لم يتم أي شيء من هذا القبيل.

و في 30 مايو 2001 ، اصطحبت معي إلي اجتماعي الأسبوعي مع رايس جون ماغلوجلين وكوفر بلاك وريتش بي ( لا يمكنني أن أعرفه أكثر هنا ) أحد كبار مساعدي كوفر وكان برفقة كوندي في الاجتماع ديك كلارك وماري ماكارئي.

وعرض ريتش المؤشرات والأدلة علي أن هناك هجوماً قادماً ضد الولايات المتحدة. وكانت وبحق مرعبة. وأبلغنا رايس في الاجتماع أن أحد كبار نشطاء القاعدة ويدعى أبو زبيدة يخطط لمهاجمة طائرات ركاب.

وبعد ذلك قدمنا أنا وكوفر قائمة بمخططات للقاعدة تمكنا من رصدها ، وهجمات ، توصلت تقاريرنا إلي أن القاعدة ستنفذها.

و في هذه القائمة هجوم لإرهابيين يمنيين ضد الأردن وتخطيط جماعة باكستانية لمهاجمة الجالية الأمريكية في جدة بالقنابل ، وتخطيط جماعة كولومبية لمهاجمة عدة أهداف في العاصمة بوجوتا منها السفارة الأمريكية ، وإعداد حزب الله العدة لعمليات إرهابية واسعة النطاق في جنوب شرق آسيا ، وتخطيط جماعة متطرفة لمهاجمة سفارتنا في العاصمة اليمنية صنعاء ، ومغادرة 4 سعوديين دولة الإمارات إلي الكويت لمهاجمة مصالح أمريكية ، ورصد 3 عناصر كان قد تم القبض عليها في ماليزيا لمرافق وسفن أمريكية هناك لضربها ، واختراق السلطات الإيطالية في شهر يوليو لخلية إرهابية جزائرية كانت تخطط لهجوم ضد السفارة الأمريكية في روما أو الفاتيكان ، وتخطيط قيادي القاعدة في افغانستان ، الذين دبروا الهجوم علي المدمرة كول ، لهجمات جديدة ضد الولايات المتحدة ، بالإضافة إلي تخطيط المصري أيمن الظواهري كبير مساعدي بن لادن لهجمات كبرى في أوربا.

بيروقراطية بوش وإدارته سبب الكارثة.. ولم تساعدنا لحماية أمن أمريكا من القاعدة !!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 21 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 13 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط