كيف يجذب محركو الدمى الكبار في السياسة والإعلان ووسائل الاتصال الجماهيري خيوط الرأي العام?
تأليف: هربرت أ. شيللر
ترجمة: عبد السلام رضوان.
مقدمة.
يقوم مديرو أجهزة الإعلام في أمريكا بوضع أسس عملية تداول الصور والمعلومات ويشرفون على معالجتها وتنقيحها وإحكام السيطرة عليها.
تلك الصور والمعلومات التي تحدد معتقداتنا ومواقفنا بل وتحدد سلوكنا في النهاية. وعندما يعمد مديرو أجهزة الإعلام إلى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع حقائق الوجود الاجتماعي فإنهم يتحولون إلى سائسي عقول.
ذلك أن الأفكار التي تنحو عن عمد إلى استحداث معنى زائف وإلى إنتاج وعي لا يستطيع أن يستوعب بإرادته الشروط الفعلية للحياة القائمة أو أن يرفضها سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي ليست في الواقع سوى أفكارمموّهة أو مضللة.
إن تضليل عقول البشر هو على حد قول باولو فرير أداة للقهر . فهو يمثل إحدى الأدوات التي تسعى النخبة من خلالها إلى تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة.
فباستخدام الأساطير التي تفسر وتبرر الشروط السائدة للوجود بل وتضفي عليها أحيانا طابعا خلابا يضمن المضللون التأييد الشعبي لنظام اجتماعي لا يخدم في ا لمدى البعيد المصالح الحقيقية للأغلبية.
وعندما يؤدي التضليل الإعلامي للجماهير دوره بنجاح تنتفي الحاجة إلى اتخاذ تدابير اجتماعية بديلة.
على أن تضليل الجماهير لا يمثل أول أداة تتبناها النخب الحاكمة من أجل الحفاظ على السيطرة الاجتماعية. فالحكام لا يلجأون إلى التضليل الإعلامي-كما يوضح فرير-إلا »عندما يبدأ الشعب في الظهور (ولو بصورة فجة) كإرادة اجتماعية في مسار العملية التاريخية أما قبل ذلك فلا وجود للتضليل (بالمعنى الدقيق للكلمة).
بل نجد بالأحرى قمعا شاملا. إذ لا ضرورة هناك لتضليل المضطهدين عندما يكونون غارقون لآذانهم في بؤس الواقع.