وكان الولاء الحقيقي لهيرود وعائلته هو للمال. فهم قد استمروا في الإخلاص للرومان لكي يمكنوهم من البقاء في الحكم.
وعندما كثر اتباع المسيح، بدأ هيرود أجريبا الأول ابن هيرود أنتيباس، ومن حوله في البحث عن وسائل للقضاء على انتشار أتباع المسيح وتعاليمه وذلك ليس خوفا على ديانتهم اليهودية بل خوفا على مصالحهم المالية التي سيقضي انتشار تلك التعاليم عليها.
فتلك التعاليم تحث على مساعدة الفقراء والمساواة والعدالة.
وهو ما لم يكن حاكم اليهود وحاشيته على استعداد لكي يسمحوا به. ومن هذا المنطلق تفتق ذهن مستشار الملك واسمه حيرام أبيود عن وسيلة تمكنهم من القضاء على أتباع المسيح.
واتبعوا في سبيل ذلك طريقين متوازيين.
الطريق الأول كان إنشاء جمعية سرية تتكون إدارتها من الملك ومستشاريه حيرام ابيود ومؤاب لافي وعدد من كبار التجار اليهود.
وهم جميعا يلتقون حول حماية مصالحهم المالية والسياسية.
وقد نجح هؤلاء في تجنيد عدد كبير من الأعضاء في فترة وجيزة بفضل نفوذ الملك السياسي والنفوذ المالي لباقي المؤسسين.
واستغلوا جمعيتهم في قتل واضطهاد أتباع المسيح رغبة منهم في كسر شوكتهم.
وقد أفلحت هذه الطريقة إلى حد ما غير أنها لم تكن ذات أثر عميق، فالناس التفت حول تعاليم المسيح لكونها تمنحهم العدل.
ونظرا لعدم الفاعلية المستمرة للحل الأول للقضاء على أتباع المسيح، فقد كان اليهود مستعدين بحل آخر بدأ العمل به قبل ذلك بأعوام، حيث قاموا بدس أحد أتباعهم وهو شاؤول الطرسوسي الذي عرف فيما بعد بالقديس بولس وجعلوه يدمر الديانة المسيحية من الداخل بتغيير تعاليمها ووضع منظوره الخاص لها.
وقد كان بولس من عائلة يهودية تحمل المواطنة الرومانية في طرسوس بسوريا.
ثم التحق بطائفة الفريسيين حيث تلقى تعليمه علي يد الحبر جماليل.
وتولى بعد ذلك محاكمة المسيحيين.
ثم ادعى أنه تلقى رؤيا من المسيح فغير ديانته وبدأ يدعوا للتعاليم المسيحية حتى أصبحت رؤيته هي الرؤية المسيحية السائدة الآن.
وقد فند تلك الرؤية الباحث فيكتور جارافا في بحثه المنشور باسم المؤامرة البولوسية Pauline Conspiracy.
وقد توالى ازدهار الجمعية اليهودية ومؤامراتها عبر القرون فعرفت في البداية باسم القوة الخفية ثم بأبناء الأرملة ثم بالبنائين الأحرار.
وأعيد تاسيسها في لندن في عام 1717م وتم تدليس تاريخها القديم حتى على أعضائها.
حتى نشر جزء منه في أواخر القرن التاسع عشر على يد اللبناني البرازيلي عوض الخوري بعد أن سمح له أحد أحفاد مؤسسي الماسونية بترجمة جزء من مخطوطة تضم تاريخ الجمعية عبر العصور.
وسوف نرجع لاحقا لجزء منها. وقد نشرها عوض الخوري تحت عنوان تبديد الظلام.