موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 59 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 25, 2016 10:39 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

الفتوحات التالية


تحرير دمشق

وبعد الانتصار الذي حققه قطز وجيشه في عين جالوت، كان يفكر في أمر الحاميات التتارية في بلاد الشام في دمشق وحمص وحلب وغيرها من مدن الشام، ومع ما أصاب جيش المسلمين من كثرة الشهداء وكثرة الجرحى، وما لقوه من عناء وتعب، قرر سيف الدين قطز السير لدمشق لتحريرها من سيطرة التتار، واستغلال فرصة انكسار جيش التتار وهزيمته الساحقة في سهل عين جالوت، أراد سيف الدين قطز أن يستثمر انتصاره على جيش المغول في عين جالوت، في تهيئة انتصار جديد للمسلمين في دمشق على جيش التتار المحتمي فيها، فجيش التتار قتل بأكمله في المعركة، ولم ينقل أحد منهم الخبر إلى دمشق، فأردا قطز أن ينقل خبر النصر الكبير على المغول بنفسه، ليضعف من معنويات الحامية التتارية في دمشق، فيسهل عليه فتحها، قرر قطز أن يرسل رسالة إلى التتار يعلمهم فيها بهزيمة كتبغا وجيشه، وجاء فيها:

أما النصر الذي شهد الضرب بصحته، والطعن بنصيحته، فهو أن التتار خذلهم الله، استطالوا على الأيام وخاضعوا بلاد الشام واستنجدوا بقبائلهم على الإسلام، وهذه عساكر الإسلام مستوطنة في مواطنها ما تزلزل لمؤمن قدم إلا وقدم إيمانه راسخة ولا تثبت لأحد حجة إلا وكانت الجمعة ناسخة ولا عقدت برجمة ناقوس إلا وحلها الآذان ولا نطق كتاب إلا وأخرسه القرآن، ولم تزل أخبار المسلمين تنتقل إلى الكفار، وأخبار الكفار تنتقل إلى المسلمين، إلى أن خلط الصباح فضته بذهب الأصيل، وصار اليوم كأمس ونُسخت آية الليل بسورة الشمس، إلى أن تراءت العين بالعين واضرمت نار الحرب بين الفريقين، فلم تر إلا ضرباً يجعل البرق نضوا ويترك في بطن كل من المشركين شلوا، وقتل من المشركين كل جبار عنيد، ذلك بما قدمت أيديهم (وما ربك بظلام للعبيد)

وصلت رسالة سيف الدين قطز إلى دمشق في يوم السابع والعشرين أو الثامن والعشرين من شهر رمضان، وبهذه الرسالة علم المسلمون نبأ الانتصار فقاموا بثورة عارمة داخل دمشق، وأمسكوا بجنود التتار وقتلوا عدداً منهم وأسروا عدداً آخر وفر عدد آخر، وكان السبب الرئيسي لما حدث في دمشق هو انهيار معنويات التتار بعد سماعهم خبر هزيمة كتبغا في عين جالوت، وفي يوم الثلاثين من رمضان وصل سيف الدين قطز وجيش المسلمين دمشق بعد خمسة أيام من معركة عين جالوت، ودخل جيش المسلمين دمشق واستتب الأمن.


تحرير حمص وحلب

في أول أيام عيد الفطر أرسل سيف الدين قطز قائده ركن الدين بيبرس بمقدمة جيشه لتتبع الفارين من التتار، وتطهير المدن الشامية الأخرى من الحاميات التتارية، فوصل بيبرس لحمص، واقتحم معسكرات الحامية التتارية وقضى عليهم وهرب من هرب منهم، وأُطلق سراح المسلمين الأسرى الذين كانوا في قبضة التتار، ثم انطلقوا خلف الحاميات التتارية الهاربة، فقتلوا أكثرهم وأسروا الباقين ولم يفلت منهم إلا الشريد، ثم اتجه بيبرس بمقدمة جيشه إلى حلب، ففر منها التتار، واستطاع المسلمون تطهير بلاد الشام بأكملها من التتار في بضعة أسابيع.

ما إن حرر قطز مدن الشام حتى خُطِبَ له على المنابر في كل المدن المصرية الشامية والفلسطينية، أعلن سيف الدين قطز توحيد مصر والشام تحت دولة واحدة بزعامته، وكانت هذه الوحدة هي الوحدة الأولى بين الإقليمين منذ عشر سنوات، وذلك منذ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبدأ قطز في توزيع الولايات الإسلامية على الأمراء المسلمين، وأرجع بعض الأمراء الأيوبيين إلى مناصبهم، وذلك ليضمن عدم حدوث أي فتنة في بلاد ومدن الشام، فأعطى قطز إمارة حمص للأشرف الأيوبي، وأعطى إمارة حلب لعلاء الدين بن بدر الدين لؤلؤ، وأعطى إمارة حماة للأمير المنصور، وعين الأمير المملوكي جمال الدين آقوش الشمسي (قاتل القائد المغولي كتبغا) على الساحل الفلسطيني وغزة، أما دمشق فقد عين عليها علم الدين سنجر الحلبي، وفي يوم السادس والعشرين من شهر شوال عام 658 هـ الموافق الرابع من شهر أكتوبر عام 1260م عاد سيف الدين قطز لمصر.

كانت نهاية سيف الدين قطز بعد معركة عين جالوت بخمسين يوم فقط، اتفق المؤرخون على أن قطز قتل وهو في طريق عودته من دمشق إلى القاهرة في منطقة تسمى الصالحية بفلسطين. ولكنهم اختلفوا في من قتله،ومنهم من يقول انه كان مقتله على يد القائد المملوكي ركن الدين بيبرس، واختلف المؤرخون في سبب إقدام بيبرس على قتل السلطان قطز، فابن خلدون في مقدمته يروي أن المماليك الحربية بقيادة بيبرس كانت تتحين الفرصة لقتل قطز لأخذ الثأر لمقتل أميرهم فارس الدين أقطاي، الذي تولى قطز قتله في عهد السلطان عز الدين أيبك، فلما غادر قطز دمشق وقرب من مصر، ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه المماليك وعلاه بيبرس بالسيف فخر صريعاً، في حين يقول الحافظ جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء أن قطز وعد بيبرس بإعطائه إمارة حلب ثم رجع قطز عن وعده، فتأثر بيبرس بذلك، ولما رجع قطز إلى مصر كان بيبرس قد أضمر الشر وأسر ذلك في نفسه، ثم اتفق بيبرس وجماعة من الأمراء على قتل المظفر فقتلوه في الطريق، أما المؤرخ قاسم عبده قاسم فقال أن بيبرس ظن أنه أحق بالعرش من قطز، لا سيما وأنه صاحب دور كبير في هزيمة الحملة الصليبية السابعة بقيادة الملك لويس التاسع قبل عشر سنوات في المنصورة، كما أنه لعب دوراً كبيراً في هزيمة المغول في عين جالوت، وأنه كان أول من ألحق بهم هزيمة عندما دمر طليعة الجيش المغولي، ثم طارد فلوله المنسحبة حتى أعالي بلاد الشام، وكان بيبرس ابن عصره، وكانت تلك هي الأفكار السياسية السائدة آنذاك، ولم تكن هناك مؤسسات شورية قوية في اختيار الحاكم، وغاب الفقه السياسي في الإسلام المتعلق باختيار السلطان أو الملك أو الحاكم، فأدى ذلك لقتل قطز.


قصة مقتل قطز

يروي ابن خلدون في كتابه تاريخ ابن خلدون قصة مقتل الملك المظفر سيف الدين قطز:

كان البحرية من حين مقتل أميرهم أقطاي الجامدار يتحينون لأخذ ثأره وكان قطز هو الذي تولى قتله، ولما سار إلى التتر ذهل كل منهم عن شأنه، وجاء البحرية من القفر هاربين من المغيث صاحب الكرك فوثقوا لأنفسهم من السلطان قطز أحوج ما كان إلى أمثالهم من المدافعة عن الإسلام وأهله فأمنهم واشتمل عليهم وشهدوا معه واقعة التتر على عين جالوت وأبلغوا فيها والمقدمون فيهم يومئذ بيبرس البندقداري وأنز الأصبهاني وبلبان الرشيدي وبكتون الجوكنداري وبندوغز التركي. فلما انهزم التتر من الشام واستولوا عليه وحسر ذلك المدّ وأفرج عن الخائفين الروع عاد هؤلاء البحرية إلى ديدنهم من الترصد لثأر أقطاي، فلما قفل قطز من دمشق سنة ثمان وخمسين (سنة 658 هـ) أجمعوا أن يبرزوا به في طريقهم، فلما قارب مصر ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه وتقدم إليه أنز شفيعاً في بعض أصحابه، فشفعه فأهوى يقبل يده فأمسكها، وعلاه بيبرس بالسيف فخر صريعاً لليدين والفم، ورشقه الآخرون بالسهام فقتلوه وتبادروا إلى المخيم، وقام دون فارس الدين أقطاي علي ابن المعزّ أيبك وسأل من تولى قتله منكم فقالوا بيبرس فبايع له واتبعه أهل المعسكر ولقبوه بـالقاهر، وبعثوا بالخبر إلى القلعة بمصر فأخذ له البيعة على من هناك، ووصل القاهر منتصف ذي القعدة من السنة فجلس على كرسيه ولكنه غير لقبه الي الظاهر خوفاً من شؤم لقب القاهر واستخلف الناس على طبقاتهم وكتب إلى الأقطار بذلك. ورتب الوظائف وولى الأمراء.


يروي ابن كثير في كتابه البداية والنهاية:

ذكر سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداري وهو الأسد الضاري وذلك أن السلطان الملك المظفر قطز لما عاد قاصدا مصر وصل إلى ما بين الغزالي والصالحية، عدا عليه الأمراء فقتلوه هنالك، وقد كان رجلا صالحا كثير الصلاة في الجماعة ولا يتعاطى المسكر ولا شيئا مما يتعاطاه الملوك، وكانت مدة ملكه من حين عزل ابن استاذه المنصور علي بن المعز التركماني إلى هذه المدة وهي أواخر ذي القعدة نحوا من سنة رحمه الله وجزاه عن الإسلام وأهله خيرا، وكان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري قد اتفق مع جماعة من الأمراء على قتله فلما وصل إلى هذه المنزلة ضرب دهليزه وساق خلف أرنب وساق معه أولئك الأمراء فشفع عنده ركن الدين بيبرس في شئ فشفعه فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه أولئك الأمراء بالسيوف فضربوه بها وألقوه عن فرسه ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه.


قال الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء:

ثم دخلت سنة ثمان وخمسين والوقت أيضا بلا خليفة وفيها قطع التتار الفرات ووصلوا إلى حلب و بذلوا السيف فيها ثم وصلوا إلى دمشق وخرج المصريون في شعبان متوجهين إلى الشام لقتال التتار فأقبل المظفر بالجيوش و شاليشه ركن الدين بيبرس البندقداري فالتقوا هم والتتار عند عين جالوت ووقع المصاف وذلك يوم الجمعة خامس عشر رمضان فهزم التتار شر هزيمة وانتصر المسلمون ولله الحمد وقتل من التتار مقتلة عظيمة وولوا الأدبار وطمع الناس فيهم يتخطفونهم وينهبونهم، وجاء كتاب المظفر إلى دمشق بالنصر فطار الناس فرحا ثم دخل المظفر إلى دمشق مؤيدا منصورا وأحبه الخلق غاية المحبة وساق بيبرس وراء التتار إلى بلاد حلب وطردهم عن البلاد ووعده السلطان بحلب ثم رجع عن ذلك فتأثر بيبرس من ذلك وكان ذلك مبدأ الوحشة وكان المظفر عزم على التوجه إلى حلب لينظف آثار البلاد من التتار فبلغه أن بيبرس تنكر له وعمل عليه فصرف وجهه عن ذلك ورجع إلى مصر وقد أضمر الشر لبيبرس وأسر ذلك لبعض خواصه فأطلع على ذلك بيبرس فساروا إلى مصر و كل منهما محترس من صاحبه فاتفق بيبرس وجماعة من الأمراء على قتل المظفر فقتلوه في الطريق في ثالث عشر شهر ذي القعدة

قبره

بعد مقتل قطز بقي ملقًا على الأرض مضرحًا بدمائه دون أن يجرؤ أحد على دفنه، إلى أن دفنه بعض غلمانه، وصار قبره يقصد للزيارة والتبرك والناس يترحمون عليه ويدعون على قاتله، وكثر الترحم عليه والدعاء على من قتله، وكان الملك الظاهر بيبرس قد شارك في قتله فلما بلغه ذلك سيَّر من نبشه ونقله إلى غير ذلك المكان وعفى أثره ولم يعفى خبره، ثم حُمل قطز بعد ذلك إلى القاهرة، ودفن بالقرب من زاوية الشيخ تقي الدين قبل أن تُعمر، ثم نقله الحاج قطز الظاهري إلى القرافة ودفن بالقرب من زاوية ابن عبود.

شخصيته

وصف المؤرخون شخصية المظفر قطز، فقالوا انه كان شابًا أشقر اللون، كبير اللحية، بطلًا شجاعًا، مقدامًا حازمًا، حسن التدبير، كانت له اليد البيضاء في قتال المغول.

قال أبو المحاسن ابن تغري بردي: «كان بطلاً شجاعًا، مِقدامًا حازمًا، حَسَنَ التدبير، يرجِع إلى دينٍ وإسلام وخيرٍ»

وقال الذهبي «السلطان الشهيد.. كان فارسًا شجاعًا، سائسًا ، دينًا، محببا إلى الرعية، هزم التتار وطهر الشام منهم يوم عين جالوت، ويسلم له إن شاء الله جهاده، وكان شابا أشقر، وافر اللحية، تام الشكل، وله اليد البيضاء في جهاد التتار، فعوض الله شبابه بالجنة ورضي عنه».

وقال ابن كثير «وكان شجاعًا بطلًا، كثير الخير، ناصحًا للإسلام وأهله، وكان الناس يحبونه ويدعون له كثيرًا».

قال ابن العماد الحنبلي «كان بطلًا شجاعًا حازمًا، كسر التتار كسرة جُبر بها الإسلام، واستعاد منهم الشام، فجزاه الله عن الإسلام خيرًا».

دينار قطز

وُجد دينار من الذهب بكتابة نسخية باسم المظفر قطز، عليه كتابة على كل من الوجه والظهر تحمل اسم السلطان المظفر سيف الدنيا والدين قطز، ضرب هذا الدينار في الإسكندرية التي كانت مركزًا تجاريًا هامًا في العصر الفاطمي والعصر المملوكي، يوجد الدينار الآن في متحف الفن الإسلامى في القاهرة عاصمة مصر، ويحمل الدينار رقم 16412.

ثم يتبع... غداً بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 26, 2016 5:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469






وإلى هنا أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكون قد إنتهينا من الكلام عن هذه الموقعة العظيمة وغداً بمشيئة الله موعدنا مع فتح جديد وانتصار آخر من انتصارات شهر رمضان المعظم , وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 27, 2016 6:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

موعدنا اليوم أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع فتح جديد وانتصار آخر من انتصارات المسلمين في شهر رمضان المعظم ألا وهو الفتح الإسلامي لمصر المحروسة في الأول من رمضان عام 20هـ الموافق 13 أغسطس 641م، في عهد أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه.



فكرة فتح مصر

يروي ابن عبد الحكم أن سيدنا عمرو بن العاص أشار على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بفتحها، وقال: "إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونًا لهم، وهي أكثر الأرض أموالًا، وأعجزها عن القتال والحرب"، والمعروف أن عمرًا كان قد سافر إلى مصر في الجاهلية للتجارة، فوقف على معالمها وعلى أوضاعها الداخلية، وبخاصة النزاع الديني بين البيزنطيين الحاكمين، وبين الشعب المصري الذي يخالفهم في المذهب، وظن أن المصريين سوف يمتنعون عن مساعدة الحاميات العسكرية البيزنطية المنتشرة في مصر إذا هاجمها المسلمون، ومما زاده اقتناعًا بما يظنه ما تناهى إلى أسماع المصريين عن سياسة المسلمين المتسامحة في بلاد الشام.

اجتمع عمرو بن العاص بسيدنا عمر بن الخطاب في الجابية حين جاء إلى بلاد الشام بعد طاعون عمواس، وعرض عليه فتح مصر وطلب السماح له بالمسير إليها، وهنا تظهر لأول مرة في المصادر العربية فكرة فتح مصر، وكأنها فكرة طارئة عنت لعمرو بن العاص الذي كان يسعى للحصول على ميدان جديد يظهر فيه نشاطه، وحسنها للخليفة عمر، وتجري بعض المصادر أن فكرة فتح مصر تعود إلى سيدنا عمر بن الخطاب نفسه الذي أمر عمرو بن العاص بالمسير إليها .

والواقع أن فتح مصر أضحى ضرورة بعد فتح بلاد الشام، وقد أثارت هذه البلاد اهتمام المسلمين الجدي بعد أن وقفوا على أوضاعها السياسية والاقتصادية والدينية المتردية، فبدأت تطلعات عمرو بن العاص في ضمها إلى الدولة الإسلامية من خلال هذا الواقع.

فتح الفرما

تقرر في عام "18هـ/ 639م"، تنفيذ القرار الذي اتخذ بفتح مصر في مؤتمر الجابية، وعهد عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص بقيادة العملية، ووضع بتصرفه ثلاثة آلاف وخمسمائة جندي، وقيل: أربعة آلاف، وطلب منه أن يجعل ذلك سرًا، وأن يسير بجنده سيرًا هنيًا.

سار عمرو بن العاص بجنده مخترقًا صحراء سيناء، ومتخذًا الطريق الساحلي حتى وصل إلى العريش (أول عمل مصر من ناحية الشام) في عيد الأضحى: "10 ذو الحجة 18هـ/ 12 ديسمبر 639م"، فوجدها خالية من القوات البيزنطية، فدخلها، وشجعه ذلك على استئناف التقدم، فغادر العريش سالكًا الطريق الذي كان يسلكه المهاجرون، والفاتحون والتجار منذ أقدم العصور، ثم انحرف جنوبًا تاركًا طريق الساحل، واتخذ الطريق الذي سار فيه الفرس عندما استولى على مصر، حتى وصل إلى الفرما (على الساحل من ناحية مصر، وهي مفتاح مصر في الشرق).

كانت أنباء زحف المسلمين قد وصلت إلى مسامع المقوقس، فاستعد للتصدي لهم، ولكنه آثر ألا يصطدم بهم في العريش، أو الفرما وتحصن وراء حصن بابليون (بمصر القديمة، اسم عام لديار مصر بلغة القدماء، وقيل: هو اسم لموضع الفسطاط خاصة)، ولعل مرد ذلك يعود إلى:

- أن العريش والفرما قريتان من الصحراء مع علمه بأن المسلمين أقدر الناس في حرب الصحراء، بالإضافة إلى قربهما من فلسطين مما يجعل إمداد عمرو بجنود من بيت المقدس وما جاورها أمرًا يسيرًا، لذلك فضل أن يدع عمرًا يمضي في زحفه، ويتوغل في أرض مصر ليبعده عن قواعده ثم يهاجمه، واعتمد على حصون الفرما القوية لعرقلة تقدمه دون أن يخاطر بالذهاب بنفسه إلى هناك، أو يرسل الأرطبون، كبير القادة، وهذا خطأ عسكري كلفه غالبًا حيث كانت الخطة العسكرية السليمة تقضي بأن يرسل قواته إلى الفرما ليوقف زحف المسلمين هناك، ولو فعل ذلك، وهو يمتلك قوة عسكرية هائلة لربما كان قد تغير وجه الصراع.

- أنه لم يكن يطمئن إلى ولاء المصريين، وخشي من أن يستغلوا الفرصة، ويقوموا بثورة ضد الحكم البيزنطي.
- أنه تهيب الدخول في مغامرة عسكرية مع المسلمين مع علمه بمقدرتهم القتالية، وتفوقهم في ميدان القتال، وبخاصة أنهم خارجون من انتصارات متلاحقة في بلاد الشام، ومعنوياتهم مرتفعة.

افتقر عمرو إلى آلات الحصار، إذ لم يكن للمسلمين عهد بأساليب حصار المدن، واعتمدوا في فتوحهم لمدن العراق، وبلاد الشام على المواجهة، أو الصبر عليها إلى أن يضطرها الجوع إلى الاستسلام، وهكذا ضرب عمرو الحصار على الفرما، وتحصنت حاميتها البيزنطية وراء الأسوار، وجرت مناوشات بين الطرفين استمرت مدة شهر، ثم اقتحمها المسلمون في "19 محرم عام 19هـ/ 20 يناير عام 640م" .

أمن فتح الفرما للمسلمين المركز المسيطر على خطوط مواصلاتهم مع بلاد الشام، وضمن لهم وصول الإمدادات التي وعدهم بها سيدنا عمر بالإضافة إلى طريق الانسحاب إذا تعرضوا للهزيمة. ولما كانت قواته قليلة العدد، ولا يمكنه ترك حامية عسكرية لحراستها، فقد هدم عمرو أسوار المدينة، وحصونها حتى لا يستفيد البيزنطيون منها فيما لو امتلكوها ثانية.


فتح بلبيس

تابع سيدنا عمرو توغله في أرض مصر بعد فتح الفرما، وانضم إليه جند من البدو المقيمين على تخوم الصحراء المصرية، طمعًا في الغنيمة، فعوضوا المسلمين عمن فقدوه حتى ذلك الوقت، وسار منحدرًا إلى الجنوب، فتخطى مدينة مجدل القديمة إلى موقع القنطرة اليوم، ومن ثم توجه غربًا إلى القصاصين –الصالحية - ثم انحرف جنوبًا، فاجتاز وادي الطميلات حتى بلغ بلبيس، وقد اختار هذا الطريق لخلوه من المستنقعات، ولم يلق في طريق الطويل هذا مقاومة تذكر لا من جانب السكان، ولا من جانب البيزنطيين، ولم يكن "يدافع إلا بالأمر الخفيف".

ضرب عمرو بن العاص الحصار على المدينة، وقاتل حاميتها شهرًا، وكان المقوقس قد أرسل في غضون ذلك قوة عسكرية للاستطلاع، ولكنها لم تحاول إلا مناوشة المسلمين في تقال خفيف، إلا أنه فشل في مهمته وخسر المعركة وتمزق جيشه، فقتل منه نحو ألف جندي، وأسر نحو ثلاثة آلاف أسير، وخسر المسلمون بعض الجند، ودخلوا على إثر ذلك مدينة بلبيس .

فتح أم دنين

سار عمرو من بلبيس متاخمًا للصحراء، فمر بمدينة هليوبوليس -عين شمس- ثم هبط إلى قرية على النيل اسمها دنين (هي المقس موقع حديقة الأزبكية وكانت ميناء مصر وقت الفتح)، وتقع إلى الشمال من حصن نابليون، وعسكر قريبًا منها. اشتهرت أم دنين بحصانتها، وكان يجاورها مرفأ على النيل فيه سفن كثيرة، وما كان المقوقس ليرضى بأن تقع في أيدي المسلمين، وأدرك أخيرًا خطأ ما اتخذه من قرار الإحجام، والتصدي للمسلمين باكرًا حتى وصل خطرهم إلى قلب مصر، فغادر الإسكندرية إلى حصن بابليون ليدير العمليات العسكرية، ويشرف عليها، وحشد جيشًا استعدادًا للقتال.

وجرت بين الجيش الإسلامي وحامية المدينة بعض المناوشات على مدى عدة أسابيع، لم تسفر عن نتيجة حاسمة لأي منهما، إنما بدأ المسلمون يشعرون بتناقص عددهم بمن كان يقتل منهم في الوقت الذي لم يتأثر البيزنطيون كثيرًا بفقدان بعض جندهم، فاضطر عمرو أن يرسل إلى الخليفة يستحثه في إرسال إمدادات على وجه السرعة، فوعده بذلك.

والواقع أن موقف عمرو كان حرجًا، فقد علم من خلال العيون التي بثها في المنطقة أنه لن يستطيع أن يحاصر حصن بابليون، أو يفتحه بمن بقي معه من الجند، وبالتالي فتح مدينة مصر المتصلة به، كما أنه يتعذر عليه التراجع حتى لايفت في معنويات جنوده، فيقوي عليهم عدوهم، بالإضافة إلى أنه كان مصرًا على فتح مصر، غير أنه كان لديه بصيص أمل من واقع وعد الخليفة بإمداده بالمساعدة.

ودار في غضون ذلك قتال شديد تحت أسوار أم دنين، وكانت كفة الصراع متأرجحة بين النصر والهزيمة من واقع توازن القوى، لكن الإمدادات تأخرت في الوصول، وتضايق المحاصرون، وكاد اليأس يدب في نفوسهم، فرأى عمرو أن يشغل جنوده بنصر آخر كسبًا للوقت حتى تصل الإمدادات، لكنه كان عليه أن يفتح أم دنين أولًا حتى يستفيد من السفن الراسية في المرفأ لإجتياز النهر، ووصلت في غضون ذلك طلائع الإمدادات، فقويت عزيمة المسلمين، وأسقط في يد حامية أم دنين، فقل خروجهم للقاء المسلمين، فاستغل عمرو هذا الإحجام، وشدد حصاره على المدينة حتى سقطت في يده .


ثم ... يتبع بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 28, 2016 6:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

تنفيذ غارات على الفيوم

سار سيدنا عمرو ومن معه من المسلمين إلى الجنوب بعد أن عبروا النهر سالمين، وتوجهوا نحو الفيوم (ولاية غربية)، وعندما وصل إلى تخومها وجد الحاميات البيزنطية متأهبة للتصدي له بقيادة دومنتيانوس حاكم الفيوم، فاصطدم بقوة الطليعة بقيادة حنا، وتغلب عليها وقتل قائدها إلا أنه لم يتمكن من فتح الفيوم. وعلم في هذه الأثناء بوصول الإمدادات الإسلامية، فعاد أدراجه إلى الشمال منحدرًا مع النهر، واتصل بالمدد العسكري في عين شمس على مقربة من حصن بابليون، ولم يحاول تيودور القائد العام للجيش البيزنطي أن يخرج من الحصن ليحول دون التقاء الجيشين الإسلاميين مضيعًا فرصة بيزنطية أخرى.


حققت غارات سيدنا عمرو على الفيوم عدة فوائد للمسلمين لعل أهمها:

- فقد أخرج جيشه من المأزق الذي وجد فيه نفسه عند أم دنين، وانتقل به إلى مكان أكثر أمنًا بانتظار وصول الإمدادات الإسلامية.
- أنجز بعض الانتصارات مما رفع معنويات المسلمين، وفت في عضد البيزنطيين الذين أظهروا حزنًا بالغًا لمقتل القائد حنا.
- بث الرعب في قلوب الحاميات البيزنطية المنتشرة في النواحي.
- قدم الدليل للمصريين على أن الوجود البيزنطي في مصر بدأ يتعرض لخطر حقيقي.
- شغل جنده خلال مدة الانتظار حتى مجيء الإمدادات .
ثم يتبع غداً بمشيئة الله .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 29, 2016 6:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

معركة عين شمس

بلغ عدد الجنود الذين أرسلهم سيدنا عمر بن الخطاب اثني عشر ألف مقاتل من بينهم عدد من كبار الصحابة، أمثال الزبير بن العوام، وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود، ومسلمة بن مخلد وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، فاغتبط المسلمون بمقدمهم، وكان الهدف التالي لسيدنا عمرو فتح حصن بابليون، فعكسر في عين شمس (اسم مدينة فرعون موسى بمصر) واتخذها مقرا له، وراح يستعد لمهاجمة الحصن، والمعروف أن موقع عين شمس يصلح لأن يكون قاعدة عسكرية، فهو مرتفع من الأرض يحيط به سور غليظ، ويسهل الدفاع عنه، وتتوفر فيه الماء والمؤن.

وضع سيدنا عمرو خطة تقضي باستفزاز الجنود البيزنطيين، وحملهم على الخروج من حصن بابليون، ليقاتلهم في السهل خارج الأسوار، ويبدو أن تيودور قائد الجيش البيزنطي شعر بالقوة بما كان تحت إمرته من المقاتلين، فخرج من الحصن على رأس عشرين ألفًا، وسار بهم باتجاه عين شمس، وكانت على مسافة ستة أميال أو سبعة من المعسكر الإسلامي؛ للاصطدام بالمسلمين، تلقى سيدنا عمرو أنباء هذا الخروج بسرور بالغ، فعبأ قواته استعدادًا للقاء المرتقب، ونفذ خطة ذكية للإطباق على القوات البيزنطية، ففصل فرقتين من جيشه يبلغ عدد أفراد كل فرقة خمسمائة مقاتل، وأرسل إحداهما إلى أم دنين، والأخرى إلى مغار بني وائل عند قلعة الجبل شرقي العباسية، وكانت بقيادة خارجة بن حذافة السهمي. وسار هو من عين شمس باتجاه القوات البيزنطية المتقدمة، وتوقف في موضع العباسية الحالي ينتظر وصول جموع البيزنطيين ليصطدم بهم، انتشرت القوات البيزنطية في السهل إلى الشمال الشرقي من الحصن، وإذ بلغهم خروج المسلمين من عين شمس، سروا بذلك، وظنوا بأنهم ضمنوا النصر عليهم، فتعاهدوا على القتال حتى الموت، ولم يعلموا بخطة عمرو العسكرية، ثم حدث اللقاء ولعله كان في مكان وسط بين المعسكرين الإسلامي، والبيزنطي عند العباسية اليوم، وأثناء احتدام القتال، خرج أفراد الكمين الذي أعده عمرو، فاجتاحت فرقة خارجة مؤخرة الجيش البيزنطي التي فوجئت، وأخذت على حين غرة، فتولى أفرادها الفزع، ودبت الفوضى في صفوفهم، وتقهقروا نحو أم دنين، فقابلتهم الفرقة الأخرى، وأضحوا بين ثلاثة جيوش، فانحل نظامهم، وإذا أدركوا أن لا أمل لهم في المقاومة، والصمود لاذوا بالفرار لا يلوون على شيء، ونجحت فئة قليلة منهم بلوغ الحصن، وهلكت فئة كبيرة، ودخل المسلمون إلى أم دنين مرة أخرى، ووطدوا أقدامهم على ضفاف النيل، وجرت المعركة في "شهر شعبان 19هـ/ شهر يوليو 640م".

عندما بلغت أنباء الهزيمة من بحصن بابليون من الجند خافوا على أنفسهم، ففر بعضهم عبر النهر إلى نقيوس إلى الشمال من منف (عاصمة مصر)، وبقي بعضهم الآخر في الحصن للدفاع عنه، استغل سيدنا عمرو انتصاره الحاسم هذا، فنقل معسكره من عين شمس، وضربه في شمالي الحصن وشرقه بين البساتين والكنائس، وهو المكان الذي عرف فيما بعد بالفسطاط، ثم سار إلى مدينة مصر (منف) واستولى عليها بدون قتال، ولم يستطع الجيش البيزنطي الموجود في الحصن أن يمد لها يد المساعدة .


فتح الفيوم

عندما بلغت أنباء انتصار المسلمين دومنتيانوس حاكم الفيوم، خشي أن يهاجمه هؤلاء، وهو لا قبل له بمقاومتهم، وفضل الفرار، فخرج في الليل مع جنوده، وتوجه إلى نقيوس، ولما علم سيدنا عمرو بذلك أرسل فرقة عسكرية فتحت إقليم الفيوم، وتوغلت في جنوبي الدلتا، فاستولت على أثريب ومنوف في إقليم المنوفية .

فتح حصن بابليون


لم يبق بأيدي البيزنطيين سوى حصن بابليون، فكان هدف سيدنا عمرو بن العاص التالي قبل أن يتوجه إلى الإسكندرية لفتحها، إذ لم يشأ أن يشتت قواته، ويضعفها ليذر قسمًا منها على حصار الحصن، وليسير بالقسم الآخر إلى الشمال حتى يبلغ الإسكندرية، مما يشكل خطرًا على إنجازاته التي حققها حتى ذلك الحين من واقع رد فعل البيزنطيين الذي سوف يستغلون هذه الفرصة؛ ليقوموا بحركات ارتدادية يستعيدون بواسطتها ما فقدوه من أراضي، ويطردون المسلمين من مصر، لذلك ركز جهوده العسكرية على فتح الحصن، فسار إليه في شهر "شوال 19هـ/ سبتمبر 640م" وحاصره.

أدرك سكان الحصن، وأفراد حاميته أن الحصار سوف يطول لسببين:

الأول: أنه بدأ في وقت فيضان النيل وارتفاع مياهه، فيتعذر على المسلمين أن يجتازوه أن يهاجموا الحصن، ولا بد لهم من الانتظار حتى هبوط الفيضان.

الثاني: أن مناعة الحصن ومتانة أسواره، وما يحيط به من الماء وضعف وسائل الحصار؛ سوف يشكل عائقًا أمام المحاصرين فيكون من الصعب أن يجتازوه بسرعة، وما غنموه من بعض آلات القتال أثناء فتح الفيوم لم يكن لهم خبرة باستعمالها أو بطرق إصلاحها إذا تعطلت، لذلك استعد الطرفان لحصار طويل، والواقع أن الحصار لم يكن محكمًا، فقد ظلت طريق الإمدادات بين الحصن والجزيرة -الروضة- مفتوحة؛ لأن سيدنا عمرو لم يكن قد أحكم سيطرته على الطرق المائية بعد.

كان المقوقس داخل الحصن عندما بدأ الحصار، أما قيادة الجيش فكانت للأعيرج (هو قائد بيزنطي)، وتراشق الطرفان بالمجانيق من جانب البيزنطيين والسهام والحجارة من جانب المسلمين، مدة شهر، حيث بدأ فيضان النيل بالانحسار، وأدرك المقوقس أن المسلمين صابرون على القتال، وأنهم سوف يقتحمون الحصن بصبرهم، وشجاعتهم كما يئس من وصول إمدادات من الخارج، والحقيقة أن شدة بأس المسلمين في القتال، وصبرهم أدى إلى هبوط معنويات المقوقس، فاضطر إلى عقد اجتماع مع أركان حربه للتشاور في الأمر، وتقرر بذل المال لهم ليرحلوا عنهم، وأن يذهب المقوقس بنفسه للتفاوض مع سيدنا عمرو في هذا الشأن بشكل سري حتى لا يعلم أحد من المدافعين عن الحصن، فتهن عزائمهم، فخرج من الحصن تحت جنح الظلام مع جماعة من أعوانه، وركب سفينة إلى جزيرة الروضة، فلما وصل إليها أرسل رسالة إلى سيدنا عمرو مع وفد ترأسه أسقف بابليون، يعرض عليه أن يرسل وفدًا لإجراء مفاوضات بشأن التفاهم على حل معين، وانتظر أن يعود أعضاء الوفد في اليوم نفسه برد سيدنا عمرو، لكن سيدنا عمرو الأخير تعمد الإبطاء في الرد مدة يومين، وأبقى أعضاء الوفد عنده حتى خاف المقوقس وقال لأعوانه: "أترون القوم يحبسون الرسل، أو يقتلونهم ويستحلون ذلك في دينهم! "، وإنما أراد عمرو بحبسهم أن يطَّلع المقوقس، وأهل مصر على بأس المسلمين وحالهم.

ومهما يكن من أمر، فقد عاد أعضاء الوفد بعد يومين يحملون رد عمرو وفيه يخير المقوقس إحدى ثلاث خصال: إما الدخول في الإسلام أو الجزية أو القتال, كان من الصعب على المقوقس وجماعته، وأهل مصر التخلي عن دينهم، واعتناق الإسلام، ذلك الدين الذي لا يعرفون عنه شيئًا، وبذلك رفضوا الشرط الأول، وخشوا إن هم قبلوا بدفع الجزية أن يستضعفهم المسلمون، ويذلوهم في الوقت الذي استبعدوا فيه فكرة الحرب خشية الهزيمة، وبخاصة بعد أن وصف أعضاء الوفد وضع المسلمين الجيد، وتضامنهم وجهوزيتهم القتالية، ومع ذلك فقد قبل المقوقس الدخول في الصلح، وطلب من عمرو أن يرسل إليه جماعة من ذوي الرأي للتباحث بشروطه، فأرسل إليه وفدًا برئاسة سيدنا عبادة بن الصامت، فطمأنه بأنهم سيكونون آمنين على أنفسهم، وأموالهم وكنائسهم، وذراريهم إن هم قبلوا دفع الجزية مما شجعه على المضي في طريق الإذعان.

ويبدو أن القبول بقرار الاستسلام لم يكن عامًا، فقد وجدت فئة من الجند رفضت الصلح مع المسلمين، وكانت بقيادة الأعيرج، وأصرت على المقاومة المسلحة، عند ذلك طلب المقوقس من عمرو المهادنة مدة شهر للتفكير في الأمر، فمنحه ثلاثة أيام.

ولم تلبث أنباء المفاوضات أن انتشرت بين عامة الجند، فثارت ثائرتهم ضد المقوقس، ولما انتهت أيام الهدنة، استعد الطرفان لاستئناف القتال، وأحرز المسلمون بعض الانتصارات مما دفع المقوقس إلى تجديد الدعوة لأركان حربه للاستسلام، فقبلوا مكرهين، واختار المقوقس خصلة دفع الجزية، واشترط:

- موافقة الإمبراطور.

- تجميد العمليات العسكرية حتى يأتي الرد من القسطنطينية، وتبقى الجيوش في أماكنها خلال ذلك، وتعهد أن يبعث بعهد الصلح إلى القسطنطينية لأخذ موافقة الإمبراطور.

ثم ... يتبع غداً بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 29, 2016 11:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

وقيل أن عمرو بن العاص توجه بجيشه إلى حصن بابليون في الأول من رمضان عام 20 هـ وحاصره 7 أشهر متواصلة ، وقيل بل كان ذلك في شهر "شوال 19هـ/ سبتمبر 640م" .


غادر المقوقس حصن بابليون وتوجه إلى الإسكندرية حيث أرسل عهد الصلح إلى القسطنطينية، وطلب موافقة هرقل عليه, ويبدو أن بنود الصلح التبست على الإمبراطور، أهي عامة تطبق على البلاد كلها أم خاصة بحصن بابليون؟ وهل يبقى المسلمون في البلاد بعد أخذ الجزية، أو يرحلون عنها؟ وهل معنى ذلك التناول عن مصر للمسلمين؟ واحتاج إلى بعض الإيضاحات، لذلك استدعى المقوقس إلى القسطنطينية.

والواقع أن المقوقس فشل في إقناع هرقل بوجهة نظره بشأن الصلح مع المسلمين، ورأى الإمبراطور أن العوامل القومية والجغرافية التي ساعدت هؤلاء على فتح بلاد الشام غير متوفرة في مصر، وأن بحوزته -المقوقس- قوة عسكرية كبيرة تفوق في العدد قوة المسلمين، كما أن الحصن كان محصنًا، ومتينًا يصعب على المسلمين اقتحامه، فلا يعقل والحالة هذه أن ينتصر المسلمون، ولا بد من وجود سر في الأمر أدى إلى هذه النكبة، واتهمه بالتقصير والخيانة، والتخلي للمسلمين عن مصر، ونفاه بعد أن شهر به، ورفض عرض الصلح مع المسلمين، إلا أنه وقف عند هذا الحد، فلم يرسل مددًا إلى مصر، ولم يفعل شيئًا من تنظيم الدفاع عن هذا البلد لرفع معنويات جنوده القتالية، ولعل مرد ذلك يعود إلى شعوره بالاضطراب في التفكير، إذ أن الدولة البيزنطية ترزح تحت عبء ثقيل من عار الهزيمة على أيدي المسلمين في بلاد الشام الذين طردوا البيزنطيين منها، وانتشر هؤلاء في أرجاء مصر يفتحون المدن.

علم المسلمون برفض هرقل لعهد الصلح في شهر "ذي الحجة 19هـ/ ديسمبر 640م"، فانتهت بذلك الهدنة، واستأنف الطرفان القتال، كان المدافعون عن الحصن قد قل عددهم بسبب فرار كثير منهم إلى الإسكندرية، ولم تأتهم نجدة من الخارج، وبدأ المرض ينتشر بينهم، وانتهى فيضان النيل، وغاض الماء عن الخندق حول الحصن، فأضحى بمقدور المسلمين الآن أن يهاجموه، غير أن المدافعين صمدوا بضعة أشهر اقتصر الأمر أثناءها على التراشق بالمجانيق والسهام, وألقوا حسك الحديد في الخندق بدل الماء مما أعاق عمليات المسلمين العسكرية.

وجاءهم وهم على هذا الحال نبأ وفاة الإمبراطور هرقل في شهر "ربيع الأول 20هـ/ فبراير 641م"، ففت ذلك في عضدهم، واضطربوا لموته، وتراجعت قدرتهم القتالية، مما أعطى الفرصة للمسلمين لتشديد الحصار قبل أن يقتحموا الحصن في "21 ربيع الآخر 20هـ/ 9 أبريل 641م"، وقد اعتلى الزبير بن العوام مع نفر من المسلمين، السور، وكبروا، فظن أهل الحصن أن المسلمين اقتحموا، فهربوا تاركين مواقعهم، فنزل الزبير، وفتح باب الحصن لأفراد الجيش الإسلامي فدخلوه .

ونزل الزبير عليهم عنوة حتى خرج على عمرو من الباب معهم، فاعتقدوا بعدما أشرفوا على الهلكة، فأجروا ما أخذ عنوة مجرى ما صالح عليه، فصاروا ذمة، وكان صلحهم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم، وملتهم وأموالهم، وكنائسهم وصلبهم، وبرهم وبحرهم؛ لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهم من الروم، والنوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثاثا في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم، على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسوله وذمة الخليفة أمير الؤمنين، وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسًا، وكذا فرسًا، على ألا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة، ولا واردة، شهد الزبير وعبد الله ومحمد، ابناه، وكتب وردان (مولى عمرو بن العاص) وحضر" .

أوضاع الإمبراطورية البيزنطية بعد وفاة هرقل


ساد الاضطراب عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بعد وفاة هرقل بسبب النزاع الأسري على العرش، فقد عين هرقل قبل وفاته ولديه الكبيرين لخلافته، وهما قنسطنطين الثالث ابن فابيا إيدوسيا البالغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا، وهرقلوناس ابن مارتينا البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، وحاول أن يجعل لزوجته مارتينا نصيبًا في الحكم، وأشار في وصيته إلى أنه ينبغي أن يشترك الأخوان معًا في الحكم، وأن يتساويا في المكانة والحقوق، ولحرصه على أن يجعل لمارتينا قدرًا من النفوذ المباشر في إدارة الدولة، أعلن في وصيته بأنه ينبغي أن تشترك الإمبراطورة الأم في الحكم.

عندما أعلنت مارتينا وصية زوجها لقيت معارضة شديدة من جانب أركان الحكم والشعب، فأثيرت نتيجة ذلك مسائل تتعلق بالوضع الدستوري العام، إذ أقر أفراد الشعب تولية الأخوين العرش غير أنهم لم يقروا باشتراك مارتينا في إدارة الشئون العامة، وأعلنوا أنها بوصفها امرأة لا تمثل الإمبراطورية، وليس لها أن تستقبل السفراء، وزعمت مارتينا لنفسها هذا الحق، ووقع الشقاق داخل شطري الأسرة الحاكمة، وهكذا ساد الصراع الحياة العامة في العاصمة البيزنطية في وقت تعرضت فيه الإمبراطورية لخطر سياسي بالغ الشدة في الخارج.

كان قنسطنطين الثالث أكثر أتباعًا وأنصارًا من أخيه غير أنه كان مريضًا، وتوفي في "8 جمادى الآخرة 20هـ/ 25 مايو 641م" بعد أن حكم ثلاثة أشهر، وأضحى هرقلوناس متفردًا في الحكم، والواقع أن مارتينا هي التي كانت تسير شئون الدولة، فنفت أنصار قنسطنطين وقربت أنصارها، كان من بينهم البطريرك بيروس المونوثليستي.

كانت مصر في رأس اهتمامات مارتينا، إذ إن ضياع هذا البلد من شأنه أن يعرض الإمبراطورية لنقص في الأقوات، لذلك أسرعت باستدعاء المقوقوس من المنفي، ووضعت ثقتها فيه، وأعادته إلى منصبه السابق في مصر.

كان المقوقس لا يزال على رأيه أن لا جدوى من مقاومة المسلمين، ولكنه تظاهر بالاقتناع بحجج الذين يرون ألا يدخل البيزنطيون في صلح مع المسلمين، ووعدته مارتينا بمساعدته بالإمدادات الكبيرة، وجهزت السفن من أجل ذلك. أسرع المقوقس بالسفر إلى مصر على رأس جيش أعد لهذه الغاية، ورافقه عدد من القساوسة، ثم حدث أن تدهورت أوضاع مارتينا، وابنها هرقلوناس بعد أن انقلب أصحاب السلطة، والنفوذ في الإمبراطروية على حكومتهما، أمثال أعضاء الناتو، والقادة العسكريون، ورجال الدين الأرثوذكس، وظل الناس على كراهيتهم للإمبراطورة والبطريرك بيروس، وجرى اتهامهما بأنهما تآمرًا ضد قنسطنطين بدس السم له، وطالبوا بأن يكون العرش لابن قنسطنطين الثالث، ولم يكن يتجاوز الحادية عشرة من عمره، واتخذ اسم هرقل عند تعميده، غير أنه عند تتويجه اتخذ اسم قنسطنطين، وأطلق الناس عليه اسم قنسطانز، وهو مصغر قنسطنطين، وثارت القوات المسلحة المرابطة في آسيا الصغرى ضدهما، وزحفت نحو العاصمة حتى بلغت خلقدونية، فاضطر هرقلوناس للإذعان للثائرين، وتوج قنسطانز قسيمًا له في الحكم، غير أن هذا الإجراء لم يمنع سقوطه في شهر "شوال/ سبتمبر"، كما تقرر عزل مارتينا، وتفرد قنسطانز بالحكم .

الزحف نحو الإسكندرية


كان لسقوط حصن بابليون، ذلك الموقع العسكري الحصين الذي حُشدت فيه أعظم طاقات البيزنطيين العسكرية في مصر، التأثير الجذري على مسار المعركة، فلم يعد هناك مجال للشك، بأن المبادرة قد أصبحت في أيدي المسلمين، وأن أبواب السيطرة قد فتحت أمامهم على هذه البلاد الواسعة، ويعد هذا السقوط بمثابة انهيار خط الدفاع الأول عن مصر، حيث إن الطريق بات مفتوحًا إلى الإسكندرية. بعد الانتهاء من فتح حصن بابليون، طلب عمرو من الخليفة أن يأذن له بالزحف نحو الإسكندرية لفتحها، وضمها إلى الأراضي الإسلامية، وهي خطوة لا بد منها لاستكمال فتح مصر، ثم أخذ ينظم إدارة البلاد المفتوحة.

والحقيقة أن الخليفة لم يتأخر في منح الإذن لقائده بالسير إلى الإسكندرية، وبخاصة أنه علم أن النيل سيعود بعد ثلاثة أشهر إلى مده وفيضانه، وأنه من الأفضل أن يسير جيش مصر إلى الإسكندرية قبل ذلك، وما لبث عمرو حين تسلم الإذن أن زحف نحو الإسكندرية، وترك حامية عسكرية في حصن بابليون بقيادة خارجة بن حذافة السهمي.

كانت الإسكندرية في ذلك الوقت قصبة الديار المصرية، وثانية حواضر الإمبراطورية بعد القسطنطينية، وأول مدينة تجارية في العالم، وقد أدرك البيزنطيون أن سقوطها في أيدي المسلمين من شأنه أن يؤدي إلى زوال سلطانهم من مصر، وقد عبر الإمبراطور البيزنطي عن ذلك بقوله: "لئن ظفر العرب بالإسكندرية لقد هلك الروم وانقطع ملكهم، فليس للروم كنائس أعظم من كنائس الإسكندرية"، فأسرعوا بإرسال المقوقس على رأس قوة عسكرية.

وصل المقوقس إلى الإسكندرية في شهر "شوال 20هـ/ سبتمبر 641م"، وفي نيته الدخول في صلح مع المسلمين بسبب عجزه عن مواجهتهم، وبخاصة أنه بدت في الأفق السياسي ملامح انهيار الإمبراطورية البيزنطية، لكن يبدو أن أركان حربه رفضوا توجهه هذا، وأصروا على المقاومة.

وكان عمرو بن العاص قد غادر حصن بابليون في شهر "جمادى الأولى 20هـ/ أوائل مايو 641م"، وقد آثر السير على الضفة اليسرى للنيل حيث مديرية البحيرة اليوم، حتى لا تشكل الترع الكثيرة المنتشرة في جنوبي الدلتا عائقًا يؤخر زحفه، وقد ساعده بعض الأقباط في إصلاح الطرق وإقامة الجسور، كما اصطحب معه عددًا من زعمائهم ليكونوا أداة اتصال بينه، وبين من يلقاهم في طريقه، وهذا يعني أن سكان مصر الوطنيين كانوا على عداء مع البيزنطيين المحتلين لأرضهم، واستوعبوا أهمية الوجود الإسلامي الذي من شأنه أن يطرد هؤلاء من بلادهم.

صادف عمرو والمسلمون أثناء سيرهم عدة عقبات عسكرية من جانب البيزنطيين، كان أولها في ترنوط (قرية بين مصر والإسكندرية) حيث تصدت لهم قوة عسكرية إلا أنهم تغلبوا عليها، وتابعوا تقدمهم حتى وصلوا إلى نقيوس الواقعة على بعد عدة فراسخ من منوف، فأسرع سكانها إلى التسليم والإذعان، لكن حامية الحصن أصرت على المقاومة، وهذا يعني أن لم يكن هناك تنسيق بين السكان الوطنيين والحاميات البيزنطية، ولعل مرد ذلك يعود إلى فقدان الثقة بين الجانبين بسبب العداء المستحكم بينهما، فاصطدم عمرو بأفراد الحامية وانتصر عليهم، ودخل نقيوس، وفرت فلول المنهزمين إلى الإسكندرية.

تابع عمرو بن العاص تقدمه، واصطدم بقوة عسكرية بيزنطية أخرى عند سلطيس (بمصر القديمة)، وتغلب عليها، وكان حصن كريون (قرب الإسكندرية) آخر سلسلة الحصون قبل الإسكندرية، وقد اعتصم به تيودور قائد الجيش البيزنطي مع حامية قوية، كما تدفقت عليه الإمدادات من المناطق المجاورة، واشتبك الطرفان في عدة معارك على مدى بضعة عشر يومًا، كان بعضها شديدًا حتى إن عمرًا صلى يومًا صلاة الخوف, وتمكن المسلمون أخيرًا من اقتحام الحصن، وتغلبوا على الحامية العسكرية، فقتلوا بعض أفرادها، وفر البعض الآخر إلى الإسكندرية للاحتماء بها، وكان تودور من بين هؤلاء، وطاردهم المسلمون حتى بلغوا الإسكندرية في "منتصف رجب 20هـ/ أواخر يونيو 641م".

ثم ... يتبع بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 29, 2016 11:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
جزاكم الله خيرا كثيرا أخى الكريم الفاضل حتى لا أحرم
وكل عام و حضرتك و أسرة حضرتك الكريمة بخير و سعادة أعاد الله عليكم الأيام الكريمة باليمن و البركات

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 01, 2016 4:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

جزاكم الله خيراً الأخت الفاضلة السيدة ملهمة على دعاءكم الطيب ومروركم الكريم الذي يسعدني دائماً ويشرفني وكل عام وحضرتك وكل الأسرة الكريمة بخير وهنا ورضا وسعادة وسرور.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 01, 2016 4:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

فتح الإسكندرية

أدرك عمرو بن العاص فور وصوله إلى الإسكندرية ودراسته للوضع الميداني، أن المدينة حصينة إذ يحيط بها سوران محكمان، ولها عدة أبراج ويحيط بها خندق يملأ من ماء البحر عند الضرورة للدفاع، وتتألف أبوابها من ثلاث طبقات من الحديد، ويوجد مجانيق فوق الأبراج، ومكاحل، وقد بلغ عدد جنود حاميتها بعد الإمدادات التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي خمسين ألف جندي، ويحيمها البحر من الناحية الشمالية، وهو تحت سيطرة الأسطور البيزنطي، الذي كان يمدها بالمؤن والرجال والعتاد، وتحميها قريوط من الجنوب، ومن المعتذر اجتيازها، وتلفها ترعة الثعبان من الغرب، وبذلك لم يكن للمسلمين طريق إليها إلا من ناحية الشرق، وهو الطريق الذي يصلها بكريون، وكانت المدينة حصينة من هذه الناحية، ومع ذلك لم ييأس، ووضع خطة عسكرية ضمنت له النصر في النهاية؛ قضت بتشديد الحصار على المدينة حتى يتضايق المدافعون عنها، ويدب اليأس في نفوسهم، فيضطروا للخروج للاصطدام بالمسلمين لتخفيف وطأة الحصار، وهكذا يستدرجهم ويحملهم على الخروج من تحصيناتهم ثم ينقض عليهم، لذلك نقل معسكره إلى مكان بعيد عن مرمى المجانيق، بين الحلوة وقصر فارس، استمر الوضع على ذلك مدة شهرين لم يخرج البيزنطيون من تحصيناتهم للقتال، سوى مرة واحدة حيث خرجت قوة عسكرية بيزنطية من ناحية البحيرة، واشتبكت مع قوة إسلامية، ثم ارتدت إلى الحصن، ولعلها كانت بمثابة قوة استطلاع أو جس نبض.

ورأى عمرو أن يقوم بعمل عسكري يشغل به جنوده، إذ إن الانتظار قد يؤثر على معنوياتهم القتالية، فشغلهم بالغارات على الدلتا، وأبقى معظم جنوده على حصار الإسكندرية.

ونتيجة لاشتداد الصراع في القسطنطينية بين أركان الحكم، انقطعت الإمدادات البيزنطية عن الإسكندرية، إذ لم يعد أحد منهم يفكر في الدفاع عنها، مما أثر سلبًا على معنويات المدافعين عنها، فرأوا أنفسهم معزولين ولا سند لهم، ومما زاد من مخاوفهم ما كان يقوم به المسلمون من غارات على قرى الدلتا والساحل، فإذا سيطروا عليه فسوف يقطعون الميرة عنهم.

كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة ينتظر أنباء مصر، وهو أشد ما يكون استعجالًا لنبأ سقوط الإسكندرية في أيدي المسلمين، ولكن هذا النبأ أبطأ عنه أشهرًا، فراح يبحث عن السبب، وهو لم يقصر عن إمداد عمرو بما يحتاج إليه من المساندة التي تكفل له النصر، وخشي أن تكون خيرات مصر قد أغرت المسلمين، فتخاذلوا، وقال لأصحابه: "ما أبطأوا بفتحها إلا لما أحدثوا"، ثم كتب إلى عمرو يقول له: "أما بعد، فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلونهم منذ سنتين، وما ذلك إلا لما أحدثتم، وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قومًا إلا بصدق نياتهم، وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر، وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكونوا غيرهم غيرهم، فإذا أتاك كتابي هذا، فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم، ورغبهم في الصبر والنية، وقدم أولئك الأربعة في صدور الناس، ومر الناس جميعًا أن يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة، ووقت الإجابة وليعج الناس إلى الله، ويسألوه النصر على عدوهم".

شكل كتاب سيدنا عمر عامل دفع للمسلمين، فاقتحموا حصون الإسكندرية، ففتحوها بحد السيف في "28 ذو القعدة 20هـ/ 8 نوفمبر 641م" بعد حصار دام أربعة أشهر ونصف، وفر البيزنطيون منها بكل اتجاه للنجاة بأنفسهم، وأذعن سكانها من الأقباط، واستبقى عمرو بن العاص أهلها، ولم يقتل ولم يسبي، وجعلهم ذمة كأهل حصن بابليون.


هل فتح الإسكندرية كان عنوة أم صلحًا؟

تتباين روايات المصادر حول كيفية فتح الإسكندرية، أكان عنوة أو صلحًا؟ ويذكر البلاذري أن المسلمين قاتلوا الحامية البيزنطية قتالًا شديدًا، وحاصروهم مدة ثلاثة أشهر، ثم إن عمرًا فتحها بالسيف، وغنم ما فيها واستبقى أهلها، ولم يقتل ولم يسب، وجعلهم ذمة كأهل بابليون، ويخالف ابن إسحاق البلاذري، في روايته حول فتح الإسكندرية، فيذكر أنها فتحت صلحًا وليس عنوة، على الرغم من أن كلا الطرفين، الإسلامي والبيزنطي في مصر، استعدا للقتال الذي أمكن تجنبه في اللحظة الأخيرة، وتشير هذه الرواية إلى أن المسلمين فتحوا الكثير من القرى حتى وصلوا إلى الإسكندرية، وكانت سباياهم من فتوح هذه القرى عظيمة جدًا، وقد بلغت المدينة ومكة واليمن، حتى إذا وصل إلى بلهيب راسله صاحب الإسكندرية، وعرض عليه الجزيرة مقابل رد السبايا، فأرسل عمرو كتابًا إلى عمر يستشيره، فجاءه الجواب بالموافقة على أن يخير السبايا بين البقاء على دينهم وعليه الجزية، وبين الدخول في الإسلام، فترفع الجزية عنهم، أما من تفرق في الجزيرة العربية، "فإنا لا نقدر على ردهم، ولا نحب أن نصالحه على أمر لا نفي له به".

وتشير الرواية النصرانية أن الإسكندرية فتحت صلحًا، فيذكر حنا النقيوسي أن قيرس -المقوقس- لم يكن وحده الذي رغب في السلام، وإنما رغب فيه السكان والحكام، ودومنتيانوس الذي كان مواليًا للإمبراطورة مارتينا، ولذا اجتمعوا واتفقوا مع قيرس على إنهاء الحرب يعقد الصلح مع المسلمين، وذهب قيرس إلى بابليون حيث كان عمرو بن العاص هناك بعد غاراته على الدلتا، وعقد معه معاهدة يصح أن نطلق عليها معاهدة بابليون الثانية، تمييزًا لها عن المعاهدة الأولى، أو أن نسميها معاهدة الإسكندرية؛ لأنها كانت خاصة بأهل الإسكندرية وحاميتها، وأهم ما جاء في هذه المعاهدة:

- أن يدفع الجزية كل من دخل في العقد.
- أن تعقد هدنة مدتها أحد عشر شهرًا تنتهي في أول شهر بابه القبطي، الموافق للثامن والعشرين من شهر أيلول عام 642م.
- أن يبقى المسلمون في مواضعهم خلال مدة هذه الهدنة على أن يعتزلوا وحدهم، ولا يسعوا أي يسعى لقتال الإسكندرية، وأن يكف الروم عن القتال.
- أن ترحل مسلحة الإسكندرية في البحر، يحمل جنودها معهم متاعهم وأموالهم جميعًا، على أن من أراد الرحيل من جانب البر فله أن يفعل، على أن يدفع كل شهر جزءًا معلومًا ما بقي في أرض مصر في رحلته.
- أن لا يعود جيش من الروم إلى مصر، أو يسعى لردها.
- أن يكف المسلمون عن أخذ كنائس المسيحيين، ولا يتدخلوا في أمورهم أي تدخل.
- أن يباح لليهود الإقامة في الإسكندرية.
- أن يبعث الروم رهائن من قبلهم، مائة وخمسين من جنودهم وخمسين من غير الجند، ضمانًا لإنفاذ العقد .

والراجح أن الإسكندرية فتحت عنوة، غير أن عمرو بن العاص عامل أهلها كأهل ذمة لأسباب سياسة تتعلق بالمحافظة على مكتسبات الفتح من جهة، والتفرغ لتنظيم إدارة البلاد من جهة أخرى، بالإضافة إلى الانطلاق لتحقيق فتوح جديدة على ساحل شمالي إفريقية.


ذيول فتح الإسكندرية

زال السلطان البيزنطي عن مصر كلها بعد فتح الإسكندرية، باستثناء بعض الجيوب المنتشرة في أماكن متفرقة من الدنيا، إلا أنها كانت محصورة ومعزولة لا فاعلية لها، وحتى يحافظ المسلمون على مكتسبات الفتح كان عليهم إحكام سيطرتهم على قرى الساحل، وطرد الحاميات البيزنطية من هذه الجيوب.

والواقع أن هذه المسالح البيزنطية لم تقاوم المسلمين باستثناء بعض القرى الساحلية، أو القريبة من الساحل أمثال: إخنا القريبة من الإسكندرية، وبلهيب الواقعة في جنوبي رشيد، والبرلس، ودمياط، وتنيس، ولكن سرعان ما أخضعها المسلمون، فأمنوا بذلك الساحل من العريش إلى الإسكندرية، وتحطمت مقاومة البيزنطيين .


تخطيط الفسطاط:-

بعد أن فرغ عمرو بن العاص من فتح الإسكندريَّة وأجلى البيزنطيين عنها وطردهم من مصر، همَّ أن يستقرَّ بها لِما فيها من عُمران، فيجعُلها عاصمةً للولاية التليدة كما كانت زمن الروم، وكتب بذلك إلى عُمر في المدينة المُنوَّرة، لكنَّ عُمرًا أمره أن ينزل بالمُسلمين منزلًا لا يحول بينه وبينهم نهرٌ ولا بحر سواء في الشتاء أو الصيف والواقع أنَّ الإسكندريَّة لم تكن صالحة لِأن تكون حاضرة مصر الإسلاميَّة، إذ أنَّ انتقال السيادة عليها من البيزنطيين إلى المُسلمين المُنطلقين من شبه الجزيرة العربيَّة، يُحتِّم على هؤلاء أن يختاروا مكانًا لِإقامتهم يقع إمَّا على ساحل البحر الأحمر، وإمَّا في مكانٍ يسهلُ معهُ الاتصال ببلاد العرب، ولمَّا لم يكن للمُسلمين عهدٌ بالبحر بعد، لِذلك كان الاختيار الثاني هو الحل المُناسب. كان عمرو قد أقام فسطاطهُ (بيتٌ من أدم أو شعر )في أرضٍ فضاء ومزارع بين حصن بابليون وجبل المُقطَّم أثناء حِصار الحصن المذكور. فلمَّا فتح الحصن وقرَّر الزحف نحو الإسكندريَّة أمر بِنزع هذا الفسطاط، فإذا بِيمامةٌ قد باضت في أعلاه، فتركها حتَّى تكبُر فراخها وتطير. فلمَّا عاد من الإسكندريَّة بعد فتحها أمر جُنوده أن ينزلوا عند الفسطاط وأن يختطّوا دورهم فيها، فسُمِّت تلك البُقعة بالفسطاط, وهكذا أسَّس عمرو بن العاص مدينةً جديدةً للمُسلمين في سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، وبنى فيها أوَّل جامعٍ في مصر عُرف باسمه لاحقًا، وسُمي أيضًا جامعُ الفتح أو الجامع العتيق, ويُستبعد أن تكون مدينة الفسطاط قد جُعلت عند اختطاطها مدينةٌ كبيرة أو أنَّهُ كان يُقصدُ منها أن تكون عاصمةً للمُسلمين، لكنَّها وإن ابتدأت صغيرة، فقد نمت نُموًّا سريعًا بعد سنةٍ من تأسيسها، فقد رأى المُسلمون أنَّهم يستطعون البناء خارج أسوار الحصن ويتوسَّعون لا يخافون شيئًا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وأمنوا الغدر من أن يأتيهم من جانب المصريين. وسُرعان ما نزلت في الفسطاط عدَّة قبائل عربيَّة مثل: أسلم، وبلي، ومعاذ، وليث، وعنزة، وهذيل، وعدوان، وغيرهم، وقد نزل فيها المصريّون أيضًا واختلطوا مع العرب المُسلمين وامتزجوا تدريجيًّا، حتَّى أصبحت المدينةُ الجديدة حاضرةُ مصر.


وإلى هنا أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكون قد إنتهينا من الكلام عن هذا الفتح العظيم وغداً بمشيئة الله موعدنا مع فتح جديد وانتصار آخر من انتصارات شهر رمضان المعظم , وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 02, 2016 12:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

موعدنا اليوم أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع انتصار آخر من انتصارات المسلمين في شهر رمضان المعظم ألا وهو انتصار المسلمين على اليهود في العاشر من رمضان 1393هـ الموافق السادس من أكتوبر 1973م والذي يعد آخر انتصار حقيقي للمسلمين على أعدائهم حتى الآن .

حرب أكتوبر هي الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة التي شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973م. بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق ليوم 10 رمضان 1393 هـ بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان. وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريا او اقتصاديا .

تعرف الحرب باسم حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان في مصر فيما تعرف في سورية باسم حرب تشرين التحريرية اما إسرائيل فتطلق عليها اسم حرب يوم الغفران.

حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا ولكنها خرجت خارج مظلة الصواريخ المضادة للطائرات ولأسباب غير معروفة حتى الآن جاءت الأوامر للقوات المتقدمة بالانسحاب والتراجع وهي مكشوفة وبدون غطاء جوي مما مكن الطيران الإسرائيلي من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات المنسحبة .

تدخلت الدولتان العظيمتان في ذلك الحين في الحرب بشكل غير مباشر حيث زود الاتحاد السوفيتي بالأسلحة سوريا ومصر, بينما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالعتاد العسكري. وفي نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطاً بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل. بدلت مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" 1979.

انتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.

من أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء. واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية. ومن النتائج الأخرى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل، كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل والتي عقدت في سبتمبر 1978م على إثر مبادرة الرئيس البطل أنور السادات التاريخية في نوفمبر 1977م وزيارته للقدس. وأدت الحرب أيضا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م.

ثم ... يتبع غداً بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 03, 2016 8:27 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

الخلفية التاريخية


حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967، وكانت إسرائيل قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ هائلة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان (خط آلون) وفي قناة السويس (خط بارليف). في 29 أغسطس 1967 اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة السودانية ونشروا بياناً تضمن ما عرف "باللاءات الثلاثة": عدم الاعتراف بإسرائيل، عدم التفاوض معها ورفض العلاقات السلمية معها. في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي يطالب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967 مع مطالبة الدول العربية المجاورة لإسرائيل بالاعتراف بها وبحدودها.

في سبتمبر 1968 تجدد القتال بشكل محدود على خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا بما يسمى حرب الاستنزاف، مما دفع الولايات المتحدة إلى اقتراح خطط لتسوية سلمية في الشرق الأوسط، وكان وزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز قد اقترح ثلاث خطط على كلا الجانبين الخطة الأولى كانت في 9 ديسمبر 1969، ثم يونيو 1970، ثم 4 أكتوبر 1971. تم رفض المبادرة الأولى من جميع الجوانب، وأعلنت مصر عن موافقتها لخطة روجرز الثانية وأدت هذه الموافقة إلى وقف القتال في منطقة قناة السويس، وإن لم تصل حكومة إسرائيل إلى قرار واضح بشأن هذه الخطة.

في 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر. في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967. رفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات.

في 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967م. كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية ومفاجأة إسرائيل بهجوم غير متوقع من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وهذا ما حدث، حيث كانت المفاجأة صاعقة للإسرائليين.

ثم ... يتبع غداً بمشيئة الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 04, 2016 5:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

الحرب

شنت مصر وسوريا هجوما متزامنا على إسرائيل في الساعة الثانية من ظهر يوم 6 أكتوبر الذي يوافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.

وقد نجحت مصر في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، بينما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي أقامتها إسرائيل في هضبة الجولان، وحقق الجيش السوري تقدمًا كبيرًا في الأيام الأولى للقتال واحتل قمة جبل الشيخ مما أربك الجيش الإسرائيلي كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في سيناء المصرية والجولان السوري، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية.


الجبهة المصرية (سيناء)

ميزان القوى


تمتلك القوات البرية المصرية 10 فرق عسكرية (منها 5 مشاة و3 ميكانيكية و2 مدرعة) إضافة إلى عدد من الآلوية المستقلة وتشمل 3 ألوية مدرعة و4 ألوية مشاة و3 ألوية مظليين وخلال بدأ العمليات العسكرية دفعت القيادة المصرية 5 فرق مشاة لتعبر قناة السويس.

في المقابل كانت القوات الإسرائيلية المتواجدة على خط الجبهة لحظة بدأ الحرب تتألف من فرقة مدرعة واحدة بقيادة ألبرت ماندلر وقد عززت إسرائيل مواقعها بدفع فرقتين مدرعتين من الاحتياط.
من الناحية الجوية فتمتلك إسرائيل 600 طائرة حربية، 84 مروحية اما القوات الجوية المصرية فتمتلك 305 طائرة مقاتلة وبإضافة طائرات التدريب يرتفع هذا العدد إلى 400 طائرة. اما المروحيات فتبلغ 140 مروحية وتمتلك قوات الدفاع الجوي نحو 150 كتيبة صواريخ أرض-جو.

أما القوات البحرية المصرية فهي لم تشترك بالحرب بشكل مباشر ويعود السبب في عدم اشراك القيادة المصرية قواتها البحرية في الحرب بشكل مباشر وذلك للتفوق الجوي الإسرائيلي الذي عطل قدرة القطع البحرية المصرية على التحرك وفيما عدا الحصار البحري الذي فرضته مصر على إسرائيل من خلال عبر إغلاق مضيق باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية فإن البحرية المصرية لم تشترك بالحرب بشكل مباشر، ويبلغ حجم القوة البحرية المصرية وقت الحرب من نحو 12 غواصة و5 مدمرات 3 فرقطات 17 زورق صواريخ 14 كاسحة ألغام.

الدفاعات الإسرائيلية (خط بارليف)

أنفق الإسرائيليون 300 مليون دولار لإنشاء سلسلة من الحصون والطرق والمنشآت الخلفية أطلق عليها اسم خط بارليف ولقد امتدت هذه الدفاعات أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي للقناة من بور فؤاد شمالا إلى رأس مسلة على خليج السويس، وبعمق 30-35 كم شرقاً. وغطت هذه الدفاعات مسطحا قدره حوالي 5,000 كم² واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات.

وتكونت المنطقة المحصنة من عدة خطوط مزودة بمناطق إدارية وتجمعات قوات مدرعة ومواقع مدفعية، وصواريخ هوك مضادة للطائرات، ومدفعية مضادة للطائرات، وخطوط أنابيب مياه، وشبكة طرق طولها 750 كم. وتمركزت مناطق تجمع المدرعات على مسافات من 5 – 30 كم شرق القناة. كما جهز 240 موقع للمدفعية بعيدة ومتوسطة المدى.

وطبقاً لما قاله موشيه دايان كانت القناة في حد ذاتها، واحدة من أحسن الخنادق المضادة للدبابات المتاحة وفوق الجوانب المقواة للقناة، أنشأ الإسرائيليون ساتراً ترابياً ضخماً امتد على طول مواجهة الضفة الشرقية للقناة بدءاً من جنوب القنطرة. وكان ارتفاع هذا الساتر يراوح بين 10 م، 25 م، واستخدم كوسيلة لإخفاء التحركات الإسرائيلية، وصُمّم ليمنع العبور بالمركبات البرمائية بفضل ميله الحاد.

وأعتمدت خطة الدفاع الإسرائيلية على تقسيم الجبهة إلى 3 محاور ، في كل محور نسقين إضافة إلى الاحتياطي. وتتوزع المحاور كالآتي:
• محور القنطرة- العريش
• محور الإسماعيلية - أبو عجيلة
• محور السويس - الممرات الجبلية

تتوزع القوات الإسرائيلية المتواجدة بالجبهة المصرية لحظة الهجوم المصري وهي لواء مشاة (نسق أول) و3 كتائب مدرعة (نسق ثاني) و6 كتائب مدرعة (احتياطي):

1. النسق الأول: خط بارليف الأمامي وينتشر فيه "لواء أورشليم" (2000-3000 فرد)
2. النسق الثاني: على مسافة 5-8 كم شرق القناة وتحتله 3 كتائب مدرعة مدفوعة من الألوية المدرعة الثلاث في الاحتياطي بحيث تشغل كل كتيبة مدرعة محور من المحاور الثلاثة بمجموع الدبابات 120 دبابة

3. الاحتياطي: ينتشر في منطقة الممرات الجبلية على بعد 35-45 كم ويتألف من 3 ألوية مدرعة (عدا الكتائب التي تشغل النسق الثاني) مجموع الدبابات حوالي 240 دبابة.

الأهداف المصرية

وتهدف خطة الهجوم المصرية إلى اقتحام خط بارليف الدفاعي عن طريق دفع 5 فرق مشاة شرق قناة السويس في 5 نقاط مختلفة، واحتلال رؤس كبارى بعمق من 10-12 كم وهي المسافة المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوي في حين تبقى 4 فرق عسكرية (فرقتان مدرعتان وفرقتان ميكانيكيتان) غرب القناة كاحتياطي تعبوي فيما تبقى باقى القوات في القاهرة بتصرف القيادة العامة كاحتياطي استراتيجي.

الضربة الجوية


في تمام الساعة 14:00 من يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت القوات الجوية المصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس. وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية. وقد استهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.

وكان مقررا أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية بعد النجاح الذي حققته الضربة الأولى. وإجمالي ما خسرته الطائرات المصرية في الضربة هو 5 طائرات.

العبور 6-7 أكتوبر (عملية بدر)

حدد الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم للساعة الثانية بعد الظهر بعد أن اختلف السوريون والمصريون على ساعة الصفر. ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين، لذلك كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم، وعبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياة شديدة الدفع.

في إسرائيل دوت صافرات الإنذار في الساعة الثانية لتعلن حالة الطوارئ واستأنف الراديو الإسرائيلي الإرسال رغم العيد. وبدأ عملية تعبئة قوات الاحتياط لدفعها للجبهة.

انجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي. وقد واصلت القوات المصرية تدعيم روؤس الكباري لفرق المشاة الخمس كما قامت بسد الثغرات التي بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش طيلة يوم 7 أكتوبر وبحلول يوم 8 أكتوبر اندمجت الفرق الخمسة في رأس كوبريين في جيشين.

وكان رأس كوبري الجيش الثاني يمتد من القنطرة شمالا إلى الدفرسوار جنوبا أما رأس الكوبري الجيش الثالث فيمتد من البحيرات المرة شمالا إلى بور توفيق جنوبا وكان هناك ثغرة بين رأسي الكوبري للجيشين بطول 30-40 كيلومترا.

في أثناء ذلك دعمت القوات الإسرائيلية موقفها على الجبهة ودفعت بـ 5 ألوية مدرعة ليصل مجموع القوات المدرعة الإسرائيلية في سيناء إلى 8 ألوية مدرعة. وكانت تقديرات المخابرات المصرية قبل الحرب تشير أن الهجوم المضادة الإسرائيلي سوف يبدأ بعد 18 ساعة من بدأ الهجوم المصري بافتراض أن إسرائيل ستعبأ قواتها قبل الهجوم بحوالي 6-8 ساعات ومعنى ذلك أن الهجوم المضاد الرئيسي سيكون في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر. إلا أن الهجوم الإسرائيلي لم ينفذ إلى مع صباح يوم 8 أكتوبر.


الهجوم المضاد الإسرائيلي (8-9 أكتوبر)

مع اطلاله صباح يوم 8 أكتوبر نفذت القوات الإسرائيلية هجومها المضاد حيث قام لواء إسرائيلي مدرع بالهجوم على الفرقة 18 مشاة المصرية كما نفذ لواء مدرع إسرائيلي آخر هجوما على الفرقة الثانية مشاة وقد صدت القوات المصرية الهجمات. وبعد الظهيرة عاودت إسرائيل الهجوم بدفع لواءين مدرعين ضد الفرقة الثانية مشاة وفي نفس الوقت يهاجم لواء مدرع الفرقة 16 مشاة ولم تحقق الهجمات الإسرائيلية أي نجاح.

في 9 أكتوبر عاودت إسرائيل هجومها ودفعت بلواءين مدرعين ضد الفرقة 16 مشاة وفشلت القوات الإسرائيلة مرة أخرى في تحقيق أي نجاح. ولم يشن الإسرائيلون أي هجوم مركز بعد ذلك اليوم. وبذلك فشل الهجوم الرئيسي الإسرائيلي يومي 8 و9 أكتوبر من تحقيق النصر وحافظت فرق المشاة المصرية على مواقعها شرق القناة.

وفي الساعة الثامنة صباحا بتوقيت واشنطن (الثالثة عصرا بتوقيت القاهرة) من يوم الثلاثاء 9 أكتوبر أجتمع السفير الإسرائيلي في واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر في البيت الأبيض ليطلعه عن تفاصيل الحرب وتحديد احتياجات إسرائيل من الأسلحة الأمريكية، وقد أطلع كيسنجر خلال اللقاء عن خسائر إسرائيل التي بلغت 500 دبابة منها 400 على الجبهة المصرية أضافة إلى خسارة 49 طائرة على الجبهتين وقد طلب السفير من كيسنجر الابقاء على سرية هذه الأرقام وعدم اطلاع أحد عليها سوى الرئيس

تطوير الهجوم (14 أكتوبر)

في يوم 11 أكتوبر طلب وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل علي من رئيس الأركان الفريق سعد الشاذلي تطوير الهجوم إلى المضائق إلا أن الشاذلي عارض بشدة أي تطوير خارج نطاق الـ12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظله معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي.

في اليوم التالي (12 أكتوبر) كرر الوزير طلبه من الفريق الشاذلي تطوير الهجوم شرقا نحو المضائق إلا أن الشاذلي صمم على موقفه المعارض من أي تطوير للهجوم خارج مظلة الدفاع الجوي. بعد ظهيرة يوم 12 أكتوبر تطرق الوزير لموضوع تطوير الهجوم للمرة الثالثة في أقل من 24 ساعة قائلا أن «القرار السياسي يحتم علينا تطوير الهجوم نحو المضائق، ويجب أن يبدأ ذلك غدا 13 أكتوبر»، فقامت القيادة العامة باعداد التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم والتي انجزت في 1:30 مساءً ثم قامت بإرسالها إلى قيادات الجيش الثاني والثالث.

في الساعة 3:30 مساءً اتصل اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني بالقيادة العامة طالبا مكاملة رئيس الأركان ليخبره باستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر وبعدها بدقائق اتصل اللواء عبدالمنعم واصل بالقيادة ليبدي اعتراضه على الأوامر التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم. قال الفريق الشاذلي لرئيسي الجيشين الثاني والثالث أنه نفسه معترض على تطوير الهجوم لكنه أجبر على ذلك. ثم أبلغ الشاذلي الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع باعتراضات قائدي الجيشين الثاني والثالث فتقرر استدعاء اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة. استمر المؤتمر من الساعة 6:00 حتى 11:00 مساءً وتكررت نفس وجهات النظر وصمم الوزير على تطوير الهجوم والشيء الوحيد الذي تغير هو تغير موعد الهجوم من فجر يوم 13 أكتوبر إلى فجر يوم 14 أكتوبر.

وبناء على أوامر تطوير الهجوم شرقًا هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر الجدي، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر "متلا".

وفي قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الإسماعيلية) هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه "رمانة".

كان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الفريق الشاذلي، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي، هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير للتفوق الجوي الإسرائيلي.

الثغرة (15 أكتوبر)

في عصر يوم 13 أكتوبر ظهرت طائرة استطلاع أمريكية من نوع SR-71 بلاك بيرد فوق منطقة القتال وقامت بتصوير الجبهة بالكامل ولم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب ارتفاعها فوق مستوى الدفاعات الجوية المصرية. وفي خلال يوم 15 أكتوبر قامت نفس الطائرة برحلة استطلاعية أخرى فوق الجبهة والمنطقة الخلفية، اكتشفت تلك الطائرة في رحلتها الثانية وجود ثغرة غير محمية وبعرض ( 25 ) كيلو بين الجيش الثالث الميداني في السويس والجيش الثاني الميداني في الإسماعيلية.

في ليلة 15 أكتوبر تمكنت قوة إسرائيلية صغيرة من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية. شكل عبور هذه القوة الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة مشكلة تسببت في ثغرة في صفوف القوات المصرية عرفت باسم "ثغرة الدفرسوار" وقدر الفريق سعد الدين الشاذلي القوات الإسرائيلية غرب القناة في كتابه ""مذكرات حرب أكتوبر"" يوم 17 أكتوبر بأربع ألوية مدرعة وهو ضعف المدرعات المصرية غرب القناة.

حاولت القوات الأسرائيلية الدخول الي مدينة الأسماعيلية إلا أن قوات الصاعقة المصرية تمكنت من صد هذا الهجوم في منطقة أبو عطوة، توسعت الثغرة اتساعا كبيرا حتى قطع طريق السويس وحوصرت السويس وحوصر الجيش الثالث بالكامل وحاول الأسرائيليون الدخول إلي مدينة السويس، إلا أن المقاومة الشعبية مع قوات صاعقة الجيش الثالث تمكنوا من صد الهجمات الإسرائيلية.

وقف اطلاق النار 22 أكتوبر
الجبهة السورية (الجولان)
ميزان القوى


تألفت القوات السورية من 10 ألوية مدرعة و5 ألوية آلية و12 لواء مشاة وكتيبة مظليين ومجموعة صاعقة : في حين تألفت القوات الإسرائيلية المتواجدة في الجولان لحظة بدأ الهجوم السوري من لواءان مدرعان ولواء مشاة و11 بطارية مدفعية. وقد دفعت إسرائيل بعد بدأ الهجوم السوري بفرقتين مدرعتين إلى الجبهة.


الهجوم السوري

في نفس التوقيت وحسب الاتفاق المسبق قام الجيش السوري بهجوم شامل في هضبة الجولان وشنت الطائرات السورية هجوما كبيرا على المواقع والتحصينات الإسرائيلية في عمق الجولان وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية الإسرائيلية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد وحقق الجيش السوري نجاحا كبيرا وحسب الخطة المعدة بحيث انكشفت أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التي تقدمت عدة كيلو مترات في اليوم الأول من الحرب مما اربك وشتت الجيش الإسرائيلي الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.

بينما تقدم الجيش السوري تقدمه في الجولان وتمكن في 7 أكتوبر من الاستيلاء على القاعدة الإسرائيلية الواقعة على كتف جبل الشيخ في عملية إنزال للقوات الخاصة السورية التي تمكنت من الاستيلاء على مرصد جبل الشيخ وأسر 31 جندي إسرائيلي وقتل 30 جندي أخرىن، وعلى أراضي في جنوب هضبة الجولان ورفع العلم السوري فوق أعلى قمة في جبل الشيخ، وتراجعت العديد من الوحدات الإسرائيلية تحت قوة الضغط السوري. وأخلت إسرائيل المدنيين الإسرائيليين الذين استوطنوا في الجولان حتى نهاية الحرب.

الهجوم المضاد الإسرائيلي

في الساعة 8:30 من صباح يوم 8 أكتوبر بدأ الإسرائيليون هجومهم المضاد بثلاثة ألوية مع تركيز الجهد الرئيسي على المحورين الأوسط والجنوبي، ودارت في الفترة من 8 إلى 10 أكتوبر معارك عنيفة قرب القنيطرة، وسنديانة وكفر نفاخ، والخشنية، والجوخدار، وتل الفرس، وتل عكاشة، وكان السوريون يتمتعون خلال هذه المعارك بتفوق في المدفعية والمشاة، في حين كان العدو متفوقاً بعدد الدبابات المستخدمة نظراً للخسائر التي أصابت الدبابات السورية، وكان الطيران السوري الذي انضمت إليه أسراباً من الطيران العراقي وبدأت تنفيذ واجباتها منذ صباح يوم 10 أكتوبر لتقوم بدعم وإسناد القوات البرية.
ومنذ صباح يوم 8 أكتوبر تحوّل ميزان القوى بالدبابات لصالح العدو، لأن القوات السورية لم تعد تملك قطعات دبابات سليمة ولم تشترك في القتال العنيف من قبل سوى 3 ألوية في حين دفعت القوات الإسرائيلية قواتها الاحتياطية والتي قدرت بستة ألوية مدرعة سليمة لم تشترك في القتال.

ردت سورية بهجوم صاروخي على قرية مجدال هاعيمق شرقي مرج ابن عامر داخل إسرائيل، وعلى قاعدة جوية إسرائيلية في رامات دافيد الواقعة أيضا في مرج ابن عامر.

وفي مساء يوم 10 أكتوبر ظهر أمام القيادة الإسرائيلية وضع جديد يتطلب قراراً سياسياً على أعلى المستويات، فقد وصلت قواتها في معظم أجزاء الجبهة السورية، ولم يعد أمامها لاحتلال الجولان، سوى الضغط باتجاه منطقة القنيطرة، لدفع القوات السورية إلى ما وراء خط وقف إطلاق النار.

واتخذت جولدا مائير، قراراً باحتلال دمشق، حيث عارض هذا القرار موشى دايان وقد كلف أليعازر، أمراً باسئتناف الهجوم. وفي صباح يوم 11 أكتوبر استؤنف الهجوم والتقدم باتجاه دمشق وتهديدها بشكل يجبر السوريين على طلب وقف القتال.
في صباح يوم 11 أكتوبر، كان قادة العدو الإسرائيلي يعتقدون أن نجاح قواتهم في خرق الخط الدفاعي السوري الأول سيؤدي إلى انهيار الجبهة كاملة، ويرجع هذا الاعتقاد إلى خبرة حرب حزيران 67، وقد رسّخت في أذهانهم لأن خرق أية جبهة عربية في نقطة من النقاط سيؤدي إلى انهيار الجبهة بشكل آلي والحقيقة أن الخرق الإسرائيلي للجبهة في القطاع الشمالي من الجبهة يوم 11 أكتوبر، وتعميق هذا الخرق، في يوم 12 أكتوبر كان يمكن أن يؤديا إلى انقلاب التوازن الاستراتيجي للجيش السوري لولا صمود الفرقتين الآليتين السورية السابعة والتاسعة على محور سعسع وصمود الفرقة الآلية السورية الخامسة عند الرفيد، على المحور الجنوبي. إضافة إلى وصول طلائع الفرقة العراقية السادسة. كما أن اقتراب خط الاشتباك من شبكة الصواريخ أرض – جو السورية المنتشرة جنوبي دمشق حد من عمل الطيران لدعم الهجوم.

بقي الوضع في يومي 13-14 أكتوبر حرجاً إلى حدٍ ما، خاصّة بعد أن بدأ العدو إخراج مجموعة ألوية بيليد وزجها في الجبهة، واستخدام اللواء المدرع 20 في دعم ألوية لانر. قامت مجموعتا ألوية لانر ورفول، بعدة محاولات لخرق الدفاع على المحور الشمالي دون جدوى.

سلاح البترول (الحظر النفطي)

في أغسطس 1973 قام السادات بزيارة سرية للعاصمة السعودية الرياض وألتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود حيث كشف له السادات عن قرار الحرب على إسرائيل إلا أنه لم يخبر الملك فيصل عن موعد الحرب مكتفيا بالقول أن الحرب قريبة. وقد طلب السادات خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.

في 17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في الكويت، تقرر بموجبه خفض إنتاج النفط بواقع 5% شهريا ورفع أسعار النفط من جانب واحد.

في 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونغرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لإسرائيل الأمر الذي أدى لقيام الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى لإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة، مما خلق أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.

نهاية الحرب

تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22 أكتوبر عام 1973م.
وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.
أما سوريا فلم تقبل بوقف إطلاق النار، وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم «حرب الاستنزاف» هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية وزيادة الضغط على إسرائيل لإعادة باقي مرتفعات الجولان، وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وبعد خروج مصر من المعركة واستمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً. في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا وإسرائيل، أخلت إسرائيل بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967.


حرب الاستنزاف

في أوائل عام 1974، شنت سوريا، غير مقتنعة بالنتيجة التي انتهى إليها القتال في محاولة لاسترداد وتحرير باقي أراضي الجولان، وبعد توقف القتال على الجبهة المصرية شنت سوريا حرب استنزاف ضد القوات الإسرائيلية في الجولان، تركزت على منطقة جبل الشيخ، واستمرت 82 يوماً كبدت فيها الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة.
توسطت الولايات المتحدة، عبر الجولات المكوكية لوزير خارجيتها هنري كيسنجر، في التوصل إلى اتفاق لفك الاشتباك العسكري بين سوريا وإسرائيل. نص الاتفاق الذي وقع في حزيران (يونيو) 1974 على انسحاب إسرائيل من شريط من الأراضي المحتلة عام 1967 يتضمن مدينة القنيطرة.

في 24 يونيو رفع الرئيس حافظ الأسد العلم السوري في سماء القنيطرة المحرر، إلا أن الإسرائيليين كانوا قد عمدوا إلى تدمير المدينة بشكل منظم قبل أنسحابهم، وقررت سوريا عدم إعادة إعمارها قبل عودة كل الجولان للسيادة السورية.

الدول المشاركة بالعمليات العسكرية

الجبهة المصرية


العراق

زار الفريق الشاذلي بغداد في 26 مايو - 2 يوليو 1972 وقابل الرئيس العراقي أحمد حسن البكر وطرح مشاركة العراق في حرب محتملة ضد إسرائيل وكان الجانب العراقي يرى أن العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين الأولى هي النزاع مع إيران حول شط العرب في الجنوب والثانية الثورة الكردية في الشمال وأن على العراق الاحتفاظ بقواته قرب هذه المناطق لكنه على استعداد أن يرسل قواتا عسكرية حال نشوب الحرب أما عن طائرات الهوكر هنتر التي كان مقرارا حسب اجتماع مجلس الدفاع العربي في نوفمبر 1971 أن ترسل للأردن فقد أبدى العراق رغبته للشاذلي أن يتم إرسال الطائرات لمصر وذلك بعد تجديدها وإصلاحها. في فبراير 1973 زار رئيس أركان القوات المسلحة العراقية الفريق عبد الجبار شنشل العاصمة المصرية القاهرة لتبدأ بعد ذلك الطائرات العراقية بالتوافد إلى الجبهة المصرية.

في نهاية مارس 1973 وصل من العراق السرب المقاتل التاسع والعشرين (طائرات هنتر) والسرب المقاتل السادس (طائرات هنتر)وكان الاتفاق بين مصر والعراق يقضي بارسال سربين كاملين من طائرات الهوكر هنتر بعد أن يتم إصلاح الطائرات الناقصة إلى إلا أن العراقيين لم يتمكنوا من إصلاح جميع الطائرات فتم إرسال السربين وهما غير مكتملين.[26] وبلغ مجموعات طائرات الهنتر العراقية التي وصلت مصر 20 طائرة استقرت في مطار قويسنا بمحافظة المنوفية.
حينما بدأت الحرب كُلفت الطائرات العراقية بواجبات في الضربة الأولى في 6 أكتوبر ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول "نريد السرب العراقي" أو "نريد سرب الهوكر الهنتر" وهو ما اعتبره الشاذلي شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أداءه خلال حرب أكتوبر.[26] بلغت خسائر السربين العراقيين في نهاية الحرب 8 طائرات هنتر ومقتل 3 طيارين وأسر 3 طيارين.

الكويت

تواجدت قبل الحرب كتيبة مشاة كويتية[29] وبعد اندلاع الحرب قررت الكويت إرسال قوة حربية إلى الجبهة المصرية آسوة بما أرسلته إلى الجبهة السورية (قوة الجهراء). وتقرر إرسال عدد من طائرات الهوكر هنتر وإجمالي ما تملكه الكويت من طائرات الهوكر هنتر هو 8 طائرات أرسل منها إلى مصر 5 طائرات إضافة إلى طائرتي نقل من طراز سي-130 هيركوليز تحمل الذخيرة وقطع الغيار. وصلت الطائرات إلى مصر في مساء يوم 23 أكتوبر ونزلت في قاعدة قويسنا التي كانت أنوارها مطفأة لظروف الحرب وحال وصول الطائرات الكويتية أضيء المدرج لثوان محددة لنزول الطائرات.

في الصباح قابل آمر السرب الكويتي آمر القاعدة الجوية وقد تلقى منه خرائط وهداف لضرب المواقع الإسرائيلية إلا أن آمر السرب أعترض على تنفيذ المهمة حيث قال أنه يجب أولا التعرف على طبيعة الأرض والمرتفعات حول القاعدة. أقام السرب 30 يوما في القاعدة ثم نقل إلى قاعدة كوم اوشيم ثم لقاعدة حلوان الجوية والتي قضى فيها مدة 7 أشهر تدرب خلالها على ضرب الأهداف والقتال الجوي. عاد السرب إلى الكويت في منتصف عام 1974.

الجزائر

تدهورت العلاقات الجزائرية-المصرية على خلفية هزيمة يونيو 1967. وقد قامت الجزائر على اثر ذلك بسحب لواء المشاة الجزائري الذي كانت قد أرسلته إلى مصر عند قيام الحرب. وخلال زيارة رئيس الأركان المصري الفريق سعد الشاذلي إلى الجزائر في فبراير 1972 من أجل طلب الدعم العربي لمواجهة إسرائيل أخبره المسؤولون الجزائريون أنهم عندما سحبوا لواء المشاة فإنهم سحبوا أفراد اللواء ومعهم أسلحتهم الشخصية فقط فيما تركوا جميع أسلحة اللواء الثقيلة في مصر وأنهم لا يريدون هذه الأسلحة وانما يريدون اخطارا بتسلمها ولم يكن الشاذلي يعلم بذلك فوعدهم بتسوية ذلك حال رجوعه إلى مصر، وبالفعل قدمت وثيقة إلى الجزائر تثبت تسلم الأسلحة قابلها الجزائريون بالشكر ثم ارسلوا إلى مصر في ديسمبر من نفس العام 24 قطعة مدفعية ميدان.

حينما اندلعت الحرب في 6 أكتوبر 1973 أرسل هواري بومدين إلى الجبهة المصرية سرب طائرات سوخوي-7 وسرب ميج-17 وسرب ميج-21 وصلت في أيام 9 و10 و11 أكتوبر. فيما وصل إلى مصر لواء جزائري مدرع في 17 أكتوبر 1973.

وخلال زيارة الرئيس هواري بومدين إلى موسكو بالاتحاد السوفيتي في في نوفمبر 1973 قدم مبلغ 200 مليون دولار للسوفييت لحساب مصر وسورية بمعدل 100 مليون لكل بلد ثمنا لأي قطع ذخيرة أو سلاح يحتاج لها البلدان.

تونس

أرسلت تونس الفوج 14 مشاة ميكانيكية والذي كان يسمى سابقا بالكتيبة التاسعة، وقد دفعت بحوالي 1000 جندي إلى الجبهة المصرية نشرت في منطقة دلتا النيل. نال الفوج وسام الحرب.

ليبيا

أرسلت ليبيا لواء مدرع إلى مصر، وسربين من الطائرات سرب يقوده قاده مصرين واخر ليبين.

السودان

أرسلت السودان لواء مشاة وكتيبة قوات خاصة.

كوريا الشمالية
أتخذ السادات في يوليو 1972 قرارا مفاجئا بطرد جميع الوحدات السوفيتية الذي يتواجدون في مصر، وكان من بين هذه الوحدات 100 طيار سوفيتي يشغلون 75 طائرة ميج 21 وذلك بسبب نقص في الطيارين المصريين ، وفي بداية مارس 1973 زار نائب رئيس جمهورية كوريا الشمالية مصر وبرفقته وزير الدفاع الكوري والذي أبدى رغبته في زيارة جبهة قناة السويس، حيث رافق الوزير رئيس الأركان الشاذلي ودار حديث بينهما حول نقص الطيارين المصريين وعرض الشاذلي على وزير الدفاع فكرة ارسال طيارين كوريين وأن ذلك سيحل مشكلة نقص الطيارين وسيمنحكم خبرة قتالية لكون الإسرائيليين يستخدمون نفس الطائرات والتكتيكات التي من المنتظر ان يستخدمها عدوكم.

كان رد الوزير الكوري بأنه سيستأذن رئيس الجمهورية كيم إل سونغ، وبعد أيام قليلة وافق السادات على المقتراح، وبعد اسبوعين من مغادرة الوفد جاء الرد الكوري بالموافقة ودعوة الجانب المصري إلى زيارة بيونغيانغ عاصمة كوريا الشمالية لمعاينة الطيارين، وقد وصل الفريق الشاذلي لبيونغيانغ في 6 أبريل وعاين الطيارين الذي تقرر ارسالهم إلى مصر وكان الكثير منهم لديه مايزيد على 2,000 ساعة طيران، وقد وعد الشاذلي الرئيس الكوري كيم إل سونغ بأنه لن يتم زج الطيارين الكوريين في معركة فوق إسرائيل أو فوق أرض تحتلها إسرائيل وأن مهمتهم مقصورة على الدفاع الجوي في العمق وانه سوف تصرف لهم مرتبات بالجنيه المصري تعادل رواتب الطيارين المصريين.

في أوائل يوليو 1973 بدأ الطيارون الكوريون في الوصول إلى القاهرة، وقد بلغ عددهم 30 طيارا إضافة إلى 8 موجهيين جويين 3 عناصر للقيادة والسيطرة و5 مترجمين وطباخ وطبيب، وقد أكتمل تشكيل السرب الذي يعملون به في يوليو 1973.

الجبهة السورية



العراق

حين بدأت الحرب أمرت القيادة العراقية الجيش بالاستعداد للتحرك إلى الجولان الذي كان يبعد 1,000 كم عن العراق وبدأت القطاعات العراقية بالتوافد إلى دمشق حيث بلغ حجما في نهاية الحرب فرقتين مدرعتين و 3 ألوية مشاة وعدة أسراب طائرات بلغت مشاركة العراق العسكرية 30,000 جندي و 250-500 دبابة و 500 مدرعة سربين من طائرات ميج 21 3 أسراب من طائرات سوخوي سو-17


الأردن

لم تعلن المملكة الأردنية الهاشمية الحرب على إسرئيل لكن وضعت الجيش درجة الاستعداد القصوى اعتباراً من الساعة 15:00 من يوم 6 أكتوبر عام 1973 وصدرت الأوامر لجميع الوحدات والتشكيلات بأخذ مواقعها حسب خطة الدفاع المقررة وكان على القوات الأردنية أن تؤمن الحماية ضد أي اختراق للقوات الإسرائيلية للجبهة الأردنية.

ونظراً لتدهور الموقف على لجبهة السورية أرسل الملك حسين الواجهة السورية فقد اللواء المدرع 40 الأردني إلى الجبهة السورية فأكتمل وصوله يوم 14 تشرين الأول عام 1973 وخاض أول معاركه يوم 16 تشرين الأول حيث وضع تحت إمرة الفرقة المدرعة الثالثة العراقية فعمل إلى جانب الألوية العراقية وأجبر اللواء المدرع 40 القوات الإسرائيلية على التراجع 10 كم.
وقد أدت هذه الإجراءات إلى مشاغلة القوات الإسرائيلية حيث أن الجبهة الأردنية تعد من أخطر الجبهات وأقربها إلى العمق الإسرائيلي هذا الأمر دفع إسرائيل إلى الإبقاء على جانب من قواتها تحسباً لتطور الموقف على الواجهة الأردنية.


المغرب

كان لدى المملكة المغربية لواء مشاة في الجمهورية العربية السورية تعرف بـ "التجريدة المغربية" قد وضع اللواء المغربي في الجولان وشارك في حرب أكتوبر كما أرسل المغرب 11000 جندي للقتال رفقة الجيش العربي السوري مدعوماً ب 52 طائرة حربية 40 منها من طراز f5 و 12 من طراز ميغ بالإضافة إلى 30 دبابة, بلغ عدد الشهداء المغاربة 170 شهيداً. و قد سميت في العاصمة دمشق ساحة بإسمهم "التجريدة المغريبة" وهي واحدة من أهم الواحات من ضمن مركز المدينة المعروفة بـ السبع بحرات , تكريماً ووفاء لبطولاتهم الشجاعة والنبيلة تجاه السوريين من خلال مشاركتهم جنباً إلى جنب في الحرب ضد الكيان الصهيوني .

السعودية

أمر الملكُ فيصل بإرسالِ قوة ردع من الجيش العربي السعودي إلى سوريا لمساندة الجيش العربي السوري في الجولان وهي كالآتي - فوج مدرعات بانهارد ،سرية بندقية 106-ل8،سرية إشارة ،سرب بندقية 106-م-د-ل20 ،2 بطارية مدفعية عيار 155ملم ذاتية الحركة،بطارية م-ط عيار 40 ملم ،سرية قيادة،فوج المظلات الرابع،سرية سدالملاك،سرية هاون 2،4،فصيلة صيانة مدرعات ،لواء الملك عبدالعزيز الميكانيكي (3 أفواج) ،سرية صيانة ،سرية طبابة ،فوج مدفعية ميدان عيار 105 ملم ،وحدة بوليس حربي. وقد اشتركت فرق المدرعات السعودية مع الفرقة السابعة في المعركة الشهيرة ب(تل مرعي ) استشهد فيها من الفرقة السعودية 25 شهيد بين ضابط وفرد.

الكويت

بعد اندلاع الحرب أقترح وزير الدفاع الشيخ سعد العبد الله الصباح إرسال قوة كويتية إلى سورية مثلما توجد في مصر قوة كويتية وعليه شكلت قوة الجهراء المجحفلة في 15 أكتوبر 1973 بأمر العمليات الحربية رقم 3967 الصادر عن رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي، بلغ عدد أفراد القوة أكثر من 3,000 فرد وتألفت من كتيبة دبابات وكتيبة مشاة وسريتي مدفعية وسرية مغاوير وسرية دفاع جوي وباقي التشكيلات الإدارية.

غادرت طلائع القوة الكويت في 15 أكتوبر جوا فيما غادرت القوة الرئيسية عن طريق البر في 20 أكتوبر وتكاملت القوات في سوريا خلال 15 يوم. في سورية كلفت القوة بحماية دمشق واحتلت مواقعها بالقرب من السيدة زينب ثم ألحقت بعدها بالفرقة الثالثة في القطاع الشمالي في هضبة الجولان ثم شاركت في حرب الاستزاف ضد القوات الإسرائيلية. وظلت القوة في الأراضي السورية حتى 25 سبتمبر 1974 حيث أقيم لها حفل عسكري لتوديعها في دمشق.

وإلى هنا أحباب سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكون قد انتهينا من الكلام على هذه الحرب العظيمة المباركة والتى انتصر فيها المسلمون على اليهود انتصاراً ساحقاً وبالإنتهاء من الكلام على هذه الحرب المباركة نكون أيضاً قد إنتهينا من هذا الموضوع الذي إستعرضناه مع حضراتكم طوال هذا الشهر الكريم أعاده الله علينا سنيناً عديدة وأعواماً مديدة مشتغلين فيها بالعبادة الخالصة لوجهه الكريم.

وبهذا لم يبقى لنا سوى ذكر المراجع التي تم الإستعانة بها في هذا الموضوع والتي سيكون موعدها غداً بمشيئة الله .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 04, 2016 11:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

الكتب والمراجع التي تم الإستعانة بها في هذا الموضوع:-


1- حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد للسيد الشريف مولانا الدكتور محمود السيد صبيح

2- سيرة ابن هشام

3- مختصر سيرة ابن هشام

4- سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي الشامي

5- الروض الأنف للسهيلي

6- تاريخ الطبري

7- الدرر في إختصار المغازي والسير لإبن عبد البر

8- الروضتين لإبن أبي شامة

9- تاريخ الخلفاء للسيوطي

10- البداية والنهاية لإبن كثير

11- بعض المواقع الإلكترونية


وإلى هنا أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكون قد إنتهيت من هذا الموضوع الذي أسأل الله فيه أن يكون خالصاً لوجهه الكريم وأن يتقبله بالقبول الحسن , والله أسأل وبنبيه أتوسل أن يبلغنا رمضان أعواماً عديدة وسنيناً مديدة مشتغلين فيها بالعبادة الخالصة لوجهه الكريم , وكل عام وأنتم بخير , وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رمضان شهر الانتصارات... إنتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 22, 2019 1:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7469

يرفع.

ومدد يا أهل بدر

مدد يا جند الله.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 59 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 19 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط