اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm مشاركات: 1454
|
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد
الفاضل / زهور
مرحبا بك .. وتلبية لطلبك .. أقول لك :
أولا : اعلم يا أخى .. أن العلوم بشكل عام – لها عدة مراحل .. فأولها مرحلة النشء .. ثم التطور .. ثم التدوين .. ثم الاكتمال .
ومن تلك العلوم .. علوم القرآن الكريم ... فقد اهتم الصحابة الأجلاء فى مرحلة النشء بتلقى القرآن من حضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة .. ومن الطبيعى أن يعلموا متى نزل .. وأين نزل .. وما أول ما أنزل .. والمكى والمدنى .. وهكذا . وهذا كله لم يحتاجوا لكتابته .. لأنهم عاصروا تنزيله .. وإنما كان اهتمامهم الأكبر حفظه ... والعمل به .... لذلك لن تجد من يقول لك : أول من دون فى علوم القرآن من الصحابة .. هو الصحابى فلان .. لأنه من غير المعقول أن يكتب علم ... وأصوله غير مجموعة .
فقد كان القرآن الكريم موجودا فى صدور الصحابة ... كل واحد منهم على حسب ما تلقى من حضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم .. فهذه قراءة ابن مسعود .. وهذه قراءة زيد بن ثابت .. وهذه قراءة سيدنا على بن أبى طالب .. وتلك قراءة أبى بن كعب .. وهكذا
ولم يكن القرآن الكريم قد جمع فى مصحف واحد ... كما تعلم .. وإنما كان ذلك باكتمال فى خلافة سيدنا عثمان ذى النورين ... والمصحف الإمام .. هذا فيما يختص بفترة الخلافة الراشدة .
ثم جاء عصر التدوين ... فألفت كتب في أنواع علوم القرآن .. وخاصة التفسير باعتباره أم العلوم القرآنية.
ومن أوائل الكاتبين في التفسير : شعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وتفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين. وهم من علماء القرن الثاني. ثم تلاهم ابن جرير الطبري المتوفي سنة 310 هـ وكتابه أجل التفاسير وأعظمها لأنه أول من عرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض كما عرض للإعراب والاستنباط.
أما علوم القرآن الأخرى ففي مقدمة المؤلفين فيها : علي بن المديني شيخ البخاري .. إذ ألف في أسباب النزول .. وأبو عبيد القاسم بن سلام إذ كتب في الناسخ والمنسوخ ... وكلاهما من علماء القرن الثالث.
وفي مقدمة من ألف في غريب القرآن أبو بكر السجستاني وهو من علماء القرن الرابع.
وفي طليعة من صنف في إعراب القرآن علي ابن سعيد الحوفي وهو من علماء القرن الخامس.
ومن أوائل من كتب في مبهمات القرآن : أبو القاسم عبد الرحمن المعروف بالسبيلي وهو من علماء القرن السادس.
كذلك تصدر للتأليف في مجاز القرآن ابن عبد السلام وفي القراءات علم الدين السخاوي وهما من علماء القرن السابع.
ولقد كان المعروف لدى الكاتبين في تاريخ هذا الفن أن أول عهد ظهر فيه هذا الاصطلاح أي اصطلاح علوم القرآن هو القرن السابع. لكن وجد في دار الكتب المصرية كتاب لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهيربالحوفي المتوفى سنة 330 هـ اسمه البرهان في علوم القرآن .. وهو يقع في ثلاثين مجلدا والموجود منه الآن خمسة عشر مجلدا غير مرتبة ولا متعاقبة من نسخة مخطوطة.
ثم جاء القرن السادس فألف فيه ابن الجوزي المتوفي سنة 597 هـ كتابين: أحدهما اسمه فنون الأفنان في علوم القرآن والثاني اسمه المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن. وكلاهما مخطوط بدار الكتب المصرية.
وفي القرن السابع ألف علم الدين السخاوي المتوفي سنة 641 هـ كتابا سماه جمال القراء وألف أبو شامة المتوفي سنة 665 هـ كتابا أسماه المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقرآن العزيز وهما كما قال السيوطي عبارة عن طائفة يسيرة ونبذ قصيرة بالنسبة للمؤلفات التي ألفت بعد ذلك في هذا النوع.
ثم أهل القرن الثامن فكتب فيه بدر الدين الزركشي المتوفي سنة 794 هـ كتابا سماه البرهان في علوم القرآن .. وتوجد منه نسخة مخطوطة بالخزانة التيمورية في دار الكتب المصرية تقع في مجلدين ناقصين.
ثم طلع القرن التاسع على هذا العلم باليمن والبركة فدرج فيه وترعرع إذ ألف محمد بن سليمان الكافيجي المتوفي سنة 873 هـ كتابا يقول السيوطي عنه: إنه لم يسبق إليه وقد اشتمل على بابين: الأول في ذكر معنى التفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية. أما الثاني ففي شروط القول في القرآن بالرأي. وبعدهما خاتمة في آداب العالم والمتعلم غير أنه قال أخيرا : ولكن ذلك لم يشف لي غليلا ولم يهدني إلى المقصود سبيلا . ا هـ. وفي هذا القرن أيضا وضع جلال الدين البلقيني كتابا سماه : مواقع العلوم من مواقع النجوم .. وقد رتبه على ستة مباحث
وفي هذا القرن التاسع أيضا ألف السيوطي كتابا سماه : التحبير في علوم التفسير .. ضمنه ما ذكره البلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها وأضاف إليه فوائد سمحت قريحته بنقلها. وقد أوفى هذا الكتاب على الاثنين بعد المائة من الأنواع. وفرغ الإمام من تأليف تحبيره هذا سنة 872 هـ
غير أن نفسه الكبيرة لم تقنع بهذا المجهود العظيم بل طمح إلى التبحر والتوسع والترتيب فوضع كتابه الثاني كتاب الإتقان في علوم القرآن وهو عمدة الباحثين والكاتبين في هذا الفن .. ذكر فيه ثمانين نوعا من أنواع علوم القرآن على سبيل الإجمال والإدماج ثم قال بعد أن سردها نوعا نوعا ولو نوعت باعتبار ما أدمجته فيها لزادت على الثلاثمائة ا هـ. وتوفي السيوطي رحمه الله سنة 911 هـ في مفتتح القرن العاشر وكأن نهايته كانت نهاية لنهضة التأليف في علوم القرآن عليه سحائب الرحمة والرضوان .
انظر للمراجعة والاستزادة : مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقانى (1 / 31) وما بعدها . طبعة عيسى البابى الحلبى .
ثانيا ... أما المقارنة بين علوم القرآن عند أهل السنة والشيعة ... فلم أقف للشيعة على كتب لهم فى علوم القرآن ... وأخشى من تدليسهم .. فينسحب ذلك على علوم القرآن عندهم .. إن وجد وصح .
عفوا على الإطالة .
|
|