تيسير تَفْسير النَّسَفيِّ

نور الدين · **مرسل:** الاثنين مارس 07, 2016 9:29 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، و العاقبة للمتقين ، و لا عدوان إلا على الظالمين.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين .

و أشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبد الله و رسوله الصادق الوعد الأمين .

اللهم صل على سيدنا و مولانا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي بإذنك إلى صراطك المستقيم و على آله وسلم حق قدره و مقداره العظيم .

وارض اللهم عن سادتنا الصحابة أجمعين خاصة الأربعة الراشدين والعشرة المبشرين و أصحاب بدر الغر الميامين وعن التابعين و تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :
مبادئ علوم القرآن

1 ـ تعريف علوم القرآن :
هي : مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله ، كمعرفة أول وآخر ما نزل ، وأسباب النزول ، وما نزل قبل الهجرة وما نزل بعدها ، ومن كتابته وجمعه ورسمه ، ومن ناحية إعجازه وأسلوبه ، وأمثاله ، وقصصه ، وتفسيره ، وتوتضيح ألفاظه ، ومعانيه .

2 ـ موضوع علوم القرآن :
القرآن ذاته ، من هذه النواحي السابقة التي تتعلق بآياته ، وسوره ، وأسباب نزوله ، ومكيِّه ، ومدنيِّه.

3 ـ سر التَّسميه :
السِّرُّ في تسميتة هذا العلم بعلوم القرآن ، ولم يُسَمَّ بعلم القرآن ؛ لأنَّ كلَّ مبحث من مباحثه يُعَدُّ علمًا مستقلًا قائمًا بذاته ، قد أُلِّفت فيه مؤلفات .

4 ـ فوائد معرفة علوم القرآن :
أ ــ زيادة المعرفة بهدايات القرآن ، وآدابه ، وأحكامه ، وتشريعاته .

ب ــ الردُّ على شبهات الجاهلين ، والحاقدين التي أثاروها حول القرآن .

جـ ــ معرفة الشروط التي يجب توافرها في مَنْ يريد تفسير القرآن .

تعريف بالقرآن وبأسمائه ومقاصده

1 ـ القرآن لغةً : مصدر كالقراءة ، مشتق من الفعل (( قرأ )) بمعنى (( تلا )) ، ثم نُقل من المعنى المصدري ، وجعل اسمًا لكلام الله تعالى ، من باب إطلاق المصدر على مفعوله .

2 ـ القرآن اصطلاحاً : هو كلامُ الله المُعْجزُ المُنَزَّلُ على رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، المنقول بالتَّواتر المتعبد بتلاوته .

3 ـ أسماء القرآن :

أ ــ القرآن ، قال تعالى :{ إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [ الإسراء :9] .

ب ــ الكتاب ، قال تعالى : {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف :1] .

جـ ــ الفرقان ، قال تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [ الفرقان :1] .

د ــ الذِّكْر ، قال تعالى : { وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ...} [الأنبياء :50] .

هـ ــ التَّنزيل ، قال تعالى : {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)} [الشعراء : 192ــ 194] .

هذه أشهر أسماء القرآن الكريم ، وما عَدَّه بعض العلماء أسماءً للقرآن ، فهي في الحقيقة صفاتٌ له ، وليست أسماءً .

4 ـ مقاصد نزول القرآن :

أ ــ هداية الناس :
نزل القرآن الكريم لهداية الناس إلى ما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم ، وتمتازهذه الهداية عن غيرها بأنها عامَّة ، وتامَّة ، وواضحة .
أما عمومها : فلأنَّها شملت الثقلين الإنس والجنَّ في كل زمان ومكان .
قال تعالى على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام :19] .
والمعنى : أنَّ الله تعالى قد أنزل عليَّ هذا القرآن بواسطة وحيِّه ؛ لِأُنذركم به يا أهل مكة ، ولِأُنذر به جميع مَنْ بلغ هذا القرآن .
وأمَّا تمامها : فلأنَّها تضمنت أمورًا يحتاج الناس إليها في عقائدهم ، وأخلاقهم ، وعباداتهم ، ومعاملاتهم ، ولأنَّها نظَّمت علاقة الفرد بربه ، وبنفسه ، وبالكون الذي يعيش فيه ، ووفَّقت بين مطالب الروح والجسد وأمَّا وضوحها : فلأنَّها عرضت الموضوعات والقضايا عَرْضًا رائعًا مؤثرًا ، يجمع بين الإيضاح والإقناع .

ب ــ الإعجاز :
القرآن معجزة خالدةٌ تشهد بصدق النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيما بلَّغه عن ربه .
والدَّليل على إعجازه : أن الله تحدَّى العرب أن يأتو بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة واحدة من مثله ، فعجزوا .
وإذا كان العرب ــ وهم أرباب الفصاحة والبلاغة ــ قد عجزوا فغيرهم أشدُّ عجزاً ، قال تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [ الإسراء : 88 ] .

جـ ــ التَّعبد بتلاوته :
يجب على المسلم أن يُكثر من تلاوة القرآن ؛ لأنَّ هذه التلاوة ترفع درجاته ، وتمحو سيئاته ، وتُهذِّب أخلاقه ، وتشرح صدره .
قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر :29] .
وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ { مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ } [صحيح ، رواه الترمذي] .

يتبع بمشيئة الله

mohamed nour · **مرسل:** الاثنين مارس 14, 2016 11:26 pm

تسجيل متابعه
بارك الله فيك.
الأخ الفاضل/نورالدين
جزاك الله خيراً كثيراً كبيراً

نور الدين · **مرسل:** الثلاثاء مارس 15, 2016 11:21 pm

وبورك فيك وجزاكم الله كل خير أخي الفاضل / محمد نور
يسعدني دائمًا مروركم الكريم العطر

محمد محمود · **مرسل:** الثلاثاء مارس 15, 2016 11:33 pm

تسجيل متابعه بالتوفيق سيدي الكريم ربنا يكرمك يارب

نور الدين · **مرسل:** الجمعة مارس 18, 2016 11:12 pm

أكرمك الله وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً أخي الفاضل / محمد محمود
يسعدني دائماً مروركم الكريم العطر

نور الدين · **مرسل:** الجمعة مارس 18, 2016 11:30 pm

أوَّل ما نزل وآخر ما نزل من القرآن الكريم

1 ـ طريق معرفته :
يُعرف أوَّلُ ما نزل وآخر ما نزل من القرآن بالنَّقل عن الصَّحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ الذين شاهدوا نزول الوحي ، وعرفوا من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أوّل ما نزل وآخر ما نزل ، ثم أخبرونا به .

2 ـ فوائد معرفته :
أ ــ تمييز النَّاسخ والمنسوخ ، إذا وردت آيتان ، أو آياتٌ في موضوع واحد ، وكان الحُكْم في إحدى هذه الآيات يُغاير الحكم في الأُخرى ، فإنَّنا نعرف أنَّ الآية المتأخر في النزول قد نسخت المتقدمة .
ب ــ الوقوف على تاريخ التشريع الإسلامي ، وتَدرُّجه في تربية الأمَّة .
جـ ــ مدى عناية الصَّحابة بالقرآن حتى عرفوا زمان نزوله ، ومكانه ، وأسبابه .

3 ـ أوَّلُ ما نزل من القرآن :
اتَّفَق الجمهور على أن أوَّلَ ما نزل من القرآن الكريم بإطلاقٍ صدر سورة العلق ، إلى قوله ـ جل شأنه : { عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } .
والدليل على ذلك : ما روي عن السيدة عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله تعالى عنها ـ أنها قالت : (( أوَّلُ ما بُدئ به رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الوحي الرؤية الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حُبِّبَت إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء فيتحنَّث ـ أي : يتعبد ـ فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يَنْزع إلى أهله ، ويتزوَّد لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه المَلَكُ فَقَال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال فأخذني فغَطَني حتى بلغ منِّي الجَهْدَ ثمَّ أرسلني فقال : اقرأ ، فقلتُ : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغَطَّني الثانية حتى بلغ منِّي الجَهْد ثمَّ أرسلني فقال : اقرأ ، فقلتُ : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغَطَّني الثالثة ثمَّ أرسلني ، فقال : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ } . الحديث )) [ متفقٌ عليه ] .

4 ـ آخر ما نزل من القرآن :
الصَّحيح أنَّ آخر مانزل من القرآن الكريم على الإطلاق : هو قوله تعالى : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ } [البقرة:281] فقد نزلت هذه الآية قُبيْل وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بتسع ليالٍ فقط ، أمَّا قوله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ المائدة : 3] فقد نزلت قبل وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بأكثر من شهرين ، في حَجَّة الوداع ، يومَ عرفة ، في السنة العاشرة للهجرة .

موقع د. محمود صبيح

تيسير تَفْسير النَّسَفيِّ

الموجودون الآن