موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: عَلَمُ الْمُبْهَمَاتِ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 13, 2016 10:01 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت ديسمبر 21, 2013 9:44 pm
مشاركات: 1660
عَلَمُ الْمُبْهَمَاتِ
وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ أبو القاسم السهيلي كتابه المسمى بالتعريف وَالْإِعْلَامِ وَتَلَاهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِهِ المسمى بالتكميل والإتمام
وهو الْمُبْهَمَاتِ الْمُصَنَّفَةِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَكَانَ فِي السلف من يعنى بِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ طَلَبْتُ الَّذِي خَرَجَ فِي بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً
إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْحَثُ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِاسْتِئْثَارِهِ بِعِلْمِهِ كَقَوْلِهِ {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} وَالْعَجَبُ مِمَّنْ تَجَرَّأَ وَقَالَ قِيلَ إِنَّهُمْ قُرَيْظَةُ وَقِيلَ مِنَ الْجِنِّ
وَلَهُ أَسْبَابُ:
الأول: أن يكون أبهم في موضع استغناء بِبَيَانِهِ فِي آخِرٍ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ كَقَوْلِهِ تعالى {مالك يوم الدين} بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} الآية
وقوله: {الذين أنعمت عليهم} وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}
وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خليفة} والمراد آدم والسياق بينه
وقوله: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} والمراد بهم المهاجرون لِقَوْلِهِ فِي الْحَشْرِ
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا من ديارهم وأموالهم}
وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا الصِّدِّيقُ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ فَقَالَ نَحْنُ الصَّادِقُونَ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَكُونُوا مَعَنَا أَيْ تَبَعًا لَنَا وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّهَا دُونَهُمْ لِأَنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} يَعْنِي مَرْيَمَ وَعِيسَى وَقَالَ {آيَةً} وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ وَهُمَا آيَتَانِ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وِلَادَتُهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَعَيَّنَ لِاشْتِهَارِهِ كَقَوْلِهِ {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} وَلَمْ يَقُلْ حَوَّاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَهَاوَكَقَوْلِهِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي ربه} وَالْمُرَادُ النَّمْرُوذُ لِأَنَّهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ
وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ الذي اشتراه من مصر} وَالْمُرَادُ الْعَزِيزُ
وَقَوْلِهِ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدم بالحق} ، وَالْمُرَادُ قَابِيلُ وَهَابِيلُ
وَقَوْلِهِ: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إن هذا إلا أساطير الأولين}
قَالُوا: وَحَيْثُمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} فَقَائِلُهَا النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُهَا لِأَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَ فَارِسَ وَتَعَلَّمَ الْأَخْبَارَ ثُمَّ جَاءَ وَكَانَ يَقُولُ أَنَا أُحَدِّثُكُمْ أَحْسَنَ مِمَّا يُحَدِّثُكُمْ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يُحَدِّثُكُمْ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ نَزَلَ: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنزل الله} وَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبْرًا يَوْمَ بَدْرٍ
وَقَوْلِهِ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} فَإِنَّهُ تَرَجَّحَ كَوْنُهُ مَسْجِدَ قُبَاءَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} لِأَنَّهُ أُسِّسَ قَبْلَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَحَدْسُ هَذَا بِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمُدَّةُ وَالْوَقْتُ وَكِلَاهُمَا أُسِّسَ عَلَى هَذَا مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَيْ مِنْ أَوَّلِ عَامٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُرَادُ الْآيَةِ
الثَّالِثُ: قَصْدُ السَّتْرِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي اسْتِعْطَافِهِ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذابَلَغَهُ عَنْ قَوْمٍ شَيْءٌ خَطَبَ فَقَالَ: "مَا بَالُ رِجَالٍ قَالُوا كَذَا" وَهُوَ غَالِبُ مَا فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نبذه فريق منهم} قِيلَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ
وَقَوْلِهِ {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى} وَالْمُرَادُ هُوَ رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ وَوَهْبُ بْنُ زَيْدٍ
وَقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدنيا}
وَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا من الكتاب}
وقوله: {وقالت طائفة من أهل الكتاب}
الرَّابِعُ: أَلَّا يَكُونَ فِي تَعْيِينِهِ كَثِيرُ فَائِدَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} وَالْمُرَادُ بِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} وَالْمُرَادُ أَيْلَةُ وَقِيلَ طَبَرِيَّةُ
{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ} والمراد نينوى
{أتيا أهل قرية} قِيلَ بَرْقَةُ
فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَائِدَةُ فِي قوله: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر}
قِيلَ: آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ دَعْ آزَرَ وَقِيلَ كَلِمَةُ زَجْرٍ وَقِيلَ بَلْ هُوَ اسْمُ أَبِيهِ وَعَلَى هَذَا فَالْفَائِدَةُ أَنَّ الْأَبَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَدِّ فَقَالَ آزَرَ لِرَفْعِ الْمَجَازِ
الْخَامِسُ: التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْمِيمِ وَهُوَ غير خاص بخلاف مالو عُيِّنَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى الله ورسوله} ، قَالَ: عِكْرِمَةُ أَقَمْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَسَأَلُ عَنْهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ هُوَ ضَمْرَةُ بْنُ الْعِيصِ وَكَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ وَكَانَ مَرِيضًا فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْهِجْرَةِ خَرَجَ مِنْهَا فَمَاتَ بِالتَّنْعِيمِ
وَقَوْلِهِ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وعلانية} قيل نزلت في علي كان معه أربع دَوَانِقَ فَتَصَدَّقَ بِوَاحِدٍ بِالنَّهَارِ وَآخَرَ بِاللَّيْلِ وَآخَرَ سِرًّا وَآخَرَ عَلَانِيَةً
وقوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} قِيلَ نَزَلَتْ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ كَانَ له كلاب خمسة قَدْ سَمَّاهَا بِأَسْمَاءِ أَعْلَامٍ
السَّادِسُ: تَعْظِيمُهُ بِالْوَصْفِ الْكَامِلِ دُونَ الِاسْمِ كَقَوْلِهِ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفضل منكم} والمراد الصديق
وكذلك: {والذي جاء بالصدق} يعني محمدا {وصدق به} يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَدَخَلَ فِي الْآيَةِ كُلُّ مصدق ولذلك قال {أولئك هم المتقون}
السَّابِعُ تَحْقِيرُهُ بِالْوَصْفِ النَّاقِصِ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ كفروا بآياتنا}
وقوله: {إن شانئك هو الأبتر} والمراد فيها العاص بن وائل
وقوله: {إن جاءكم فاسق} وَالْمُرَادُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ
وأما قوله: {تبت يدا أبي لهب} فذكره هنالك للتنبيه على أن ما له لِلنَّارِ ذَاتِ اللَّهَبِ
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: قَدْ يَكُونُ لِلشَّخْصِ اسْمَانِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لنكتة فمنه قوله تعالى في مخاطبة الْكِتَابِيِّينَ {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} وَلَمْ يُذْكَرُوا فِي القرآن إلابِهَذَا دُونَ يَا بَنِي يَعْقُوبَ وَسِرُّهُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ مَوْعِظَةً لَهُمْ وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ سُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي التَّأْوِيلِ وَلِهَذَا لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا إِلَى الْإِسْلَامِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إن الله قد حسن اسْمَ أَبِيكُمْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ قَالَ يَعْقُوبَ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ تَعْقُبُ أُخْرَى وَبُشْرَى عَقَّبَ بِهَا بُشْرَى فَقَالَ: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسحاق يعقوب} وَإِنْ كَانَ اسْمُ يَعْقُوبَ عِبْرَانِيًّا لَكِنَّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيِّ مِنَ الْعَقِبِ وَالتَّعْقِيبِ فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ فَإِنَّهُ مِنَ الْعَجَائِبِ
وَكَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ نُوحًا سَمَّاهُ بِهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ عِيسَى {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسمه أحمد} وَلَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمَدَ حَمِدَ رَبَّهُ فَنَبَّأَهُ وَشَرَّفَهُ فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَذَكَّرَهُ عِيسَى بِهِ
وَمِنْهُ أَنَّ مَدْيَنَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيْثُ أَخْبَرَ عَنْ مَدْيَنَ قَالَ أخاهم شعيبا وَحَيْثُ أَخْبَرَ عَنِ الْأَيْكَةِ لَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ والحكمة فيه أنه لما عرفها بِالنَّسَبِ وَهُوَ أَخُوهُمْ فِي ذَلِكَ النَّسَبِ ذَكَّرَهُ وَلَمَّا عَرَّفَهُمْ بِالْأَيْكَةِ الَّتِي أَصَابَهُمْ فِيهَا الْعَذَابُ لَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ وَأَخْرَجَهُ عَنْهُمْ
وَمِنْهُ: {وَذَا النون} فَأَضَافَهُ إِلَى الْحُوتِ وَالْمُرَادُ يُونُسُ وَقَالَ فِي سُورَةِ الْقَلَمِ {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الحوت} والإضافة بذي أشرف من الإضافة بصاحب وَلَفْظُ النُّونِ أَشْرَفُ مِنَ الْحُوتِ وَلِذَلِكَ وُجِدَ في حروف التهجي كقوله {ن والقلم} وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ قَسَمٌ وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ مَا يُشَرِّفُهُ بِذَلِكَ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {تَبَّتْ يدا أبي لهب} فَعَدَلَ عَنِ الِاسْمِ إِلَى الْكُنْيَةِ إِمَّا لِاشْتِهَارِهِ بِهَا أَوْ لِقُبْحِ الِاسْمِ فَقَدْ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ اللَّهُ قَبِيلَةً مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ بِاسْمِهَا إِلَّا قُرَيْشًا سَمَّاهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ لِيَبْقَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ ذِكْرُهُمْ فَقَالَ تَعَالَى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}
الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ بَالَغَ فِي الصِّفَاتِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ إِنْسَانًا بِعَيْنِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بنميم} الْآيَةَ قِيلَ إِنَّهُ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ
وَقَوْلِهِ: {ويل لكل همزة لمزة} قِيلَ إِنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ كَانَ يَهْمِزُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الثَّالِثُ: قِيلَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً فِي الْقُرْآنِ وَسَمَّاهَا بِاسْمِهَا إِلَّا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ اسْمَهَا فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مَوْضِعًا لِحِكْمَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَالَ إِنَّ الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم ولا يبتذلون أسماءهم يُكَنُّونَ عَنِ الزَّوْجَةِ بِالْعُرْسِ وَالْعِيَالِ وَالْأَهْلِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا ذَكَرُوا الْإِمَاءَ لَمْ يُكَنُّوا عَنْهُنَّ وَلَمْ يَصُونُوا أَسْمَاءَهُنَّ عَنِ الذِّكْرِ وَالتَّصْرِيحِ بِهَا فَلَمَّا قَالَتِ النَّصَارَى فِي مَرْيَمَ وَفِي ابْنِهَا مَا قَالَتْ صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِاسْمِهَا وَلَمْ يُكَنِّ عنها تأكيدا لأمر العبودية الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لَهَا وَإِجْرَاءً لِلْكَلَامِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذِكْرِ أَبْنَائِهَا وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ وَاعْتِقَادُ هَذَا وَاجِبٌ فَإِذَا تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ مَنْسُوبًا إِلَى الْأُمِّ اسْتَشْعَرَتِ الْقُلُوبُ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا اعْتِقَادُهُ مِنْ نَفْيِ الْأَبِ عَنْهُ وَتَنْزِيهِ الْأُمِّ الطَّاهِرَةِ عَنْ مَقَالَةِ الْيَهُودِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
الرَّابِعُ: وَأَمَّا الرِّجَالُ فَذَكَرَ مِنْهُمْ كَثِيرًا وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا} إِنَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ زَيْدًا فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ السِّجِلِّ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بقوله تعالى: {كطي السجل للكتب}

الكتاب: البرهان في علوم القرآن
المؤلف: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ)

_________________
مدد ياسيدى يارسول الله
مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة
اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 1 زائر


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط