فراج يعقوب كتب:
سر التعبير بـ { لَعَلَىٰ , في } :
ــــــ
{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }
ـــــــــ
{ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [سبأ: 24] كلمة { لَعَلَىٰ هُدًى } [سبأ: 24] على تفيد الاستعلاء، كأن الهدى لا يستعلي عليك، وإنما تستعلي أنت على الهدى وتكون فوقه، كأنه مطية توصِّلك للخير المطلوب وللطريق المستقيم، فساعةَ تقرأ (عَلَى) فاعلم أن هناك مكاناً عالياً، وهناك ما هو دون هذا.
وتأمل مثلاً قوله تعالى:
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ.. }
[الرعد: 6] فالمغفرة تعلو الظلم؛ لأن الظلم يقتضي أنْ تُعاقب، فتأتي المغفرة فتعلو عليه وتمحو أثره، وبعض المفسرين يرى أن (على) هنا بمعنى (مع) أي مع ظلمهم، والمعية لا تستقيم هنا؛ لأنها تسوِّي بين الظلم والمغفرة وتجعلهما سواء، فكيف تتغلب المغفرة على الظلم بهذا المعنى؟ إذن: لا بُدَّ أن تكون المغفرة على الظلم، لا مع الظلم.
كذلك في قوله تعالى:
{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ.. }
[إبراهيم: 39] فقال
{ عَلَى ٱلْكِبَرِ.. }
[إبراهيم: 39] لأن الكِبَر كان يمنعه أنْ ينجب، فالحق سبحانه خرق له هذه القاعدة، وأعطاه إسماعيل وإسحاق على كِبَره، وقلنا: إن الكِبَر هو أقوى الأحداث التي يتعرَّض لها الإنسان؛ لذلك قال سيدنا زكريا عليه السلام:
{ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً }
[مريم: 8].
والعُتُو يعني: الجبروت والقوة، أما الكِبَر فضعفْ وهُزَال وعدم قدرة على أبسط الأشياء مهما قاومه بالغذاء وبالفيتامينات، فلا شيء يَقْوى عليه أو يمنعه؛ لذلك إذا تعددتْ الداءات في الجسم فلا مرجع لها إلا الكِبَر، والإنسان بعد سنِّ السبعين والثمانين يشتكي كل شيء في جسمه؛ لذلك يسمونها أمراض الشيخوخة. يعني: لا سببَ لها إلا كِبَر السن.
إذن: نقول { لَعَلَىٰ هُدًى.. } [سبأ: 24] أى: أن الهدى سيكون مطيتك التي توصلك إلى الجنة وإلى النعيم، أما الضلال فقال { فِي ضَلاَلٍ.. } [سبأ: 24] وكأنها ظلمة تحيط بالضالِّ وهو يتخبط فيها، لا يدري أين يذهب، ومعنى { مُّبِينٍ } [سبأ: 24] واضح بيِّن. )
ـــــــ
الشعراوي
ـــــ
اللهم صل على سيدنا محمد
من علا على العلياء
وحاز أعلى السنا وعلو الثناء
وعلى آله وسلم
رحم الله الشيخ الشعراوى رحمة واسعة .......
جزاك الله خيراشيخناالفاضل فراج يعقوب ...........