موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 307 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 10, 11, 12, 13, 14, 15, 16 ... 21  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 28, 2023 7:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


قوله تعالى: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} [الآية: 60].
قيل: فيه مشرب كل أحد حيث أنزله رائده، فمن كان رائده نفسه فمشربه الدنيا، ومن كان رائده قلبه فمشربه الآخرة، ومن كان رائده سره فمشربه الجنة، ومن كان رائده روحه فمشربه السلسبيل، ومن كان رائده ربه فمشربه فى الحضرة على المشاهدة حيث يقول: { { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } } [الإنسان: 21] به عن كل ما سواه.

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 28, 2023 7:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403
أحمد ماهرالبدوى كتب:


قوله تعالى: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} [الآية: 60].
قيل: فيه مشرب كل أحد حيث أنزله رائده، فمن كان رائده نفسه فمشربه الدنيا، ومن كان رائده قلبه فمشربه الآخرة، ومن كان رائده سره فمشربه الجنة، ومن كان رائده روحه فمشربه السلسبيل، ومن كان رائده ربه فمشربه فى الحضرة على المشاهدة حيث يقول: { { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } } [الإنسان: 21] به عن كل ما سواه.

حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ)

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 01, 2023 2:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ...} [الآية: 61].
قيل: الناس فيه رجلان: رجلٌ أزيل عنه تدبيره مستريح فى ميدان الرضا راضٍ بأحكام القضاء فيه ساء أم سر فهو فى الزيادة أبدًا، وآخر رُدَّ إلى تدبيره واختياره فلا يزال تتخبط فى تدبيره واختياره إلى أن يهلك.
قوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ}.
معناه: أتعارضون حسن اختيارى لكم فى الأزل بمخالفة الدعاء والسؤال { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } [ق: 29].
قال الواسطى فى هذه الآية: ما يتولاه من المن السلوى من غير كلفة لهم، فتبع القوم شهوة نفوسهم وما يليق بطبائعهم لما رجع إلى القثاء والطين عند ذكرهم.
---
حقائق التفسير/ السلمي

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 01, 2023 10:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403

لم يرضَوْا بحسن اختياره لهم، ولم يصبروا على قيامه بتولي ما كان يَهُمُّهُم من كفاية مأكولهم وملبوسهم، فنزلوا في التحير إلى ما جرت عليه عاداتهم من أكل الخسيس من الطعام، والرضا بالدون من الحال، فردَّهم إلى مقاساة الهوان، وربطهم بإدامة الخذلان، حتى سفكوا دماء الأنبياء وهتكوا حرمة الأمر بِقِلَّة الاستحياء، وتَرْكِ الاروعاء، فعاقبهم على قبيح فعالهم، وردَّهم إلى ما اختاره لأنفسهم من خسائس أحوالهم، وحين لم تنجح فيهم النصيحة، أدركتهم النقمة والفضيحة. ويقال كان بنو إسرائيل متفرقي الهموم مُشَتَّتِي القصود؛ لم يرضوا لأنفسهم بطعام واحد، ولم يكتفوا في تدينهم بمعبود واحد، حتى قالوا لموسى عليه السلام - لمَّا رأوا قَوماً يعبدون الصنم - يا موسى: اجعل لنا إلهًا كما لهم إله، وهكذا صفة أرباب التفرقة. والصبر مع الواحد شديد، قال تعالى: { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } [الإسراء: 46].
--لطائف الإشارات للقشيري

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ} لم يصبروا على اكل طعام الروحانيين لانهم اهل الطباع وايضاً ابلاهم الله بالنعمة كما ابلاهم بالنقمة وايضاً لمّا عَصَوا الله تعالى اخَذَ عنهم لذة ذلك الطعام ولم يصببوا على فقد اللذة وايضاً من لم يشكر الله في نعمائه غيرها عليه حتى لم يصبر على بلائه وقيل الناس فيه رجلان رَجُلُ ازيل عنه تدبيره فهو مستريحُ في ميادين الرضا راضٍ باحكام القَضَاء فيه ساء اوسُر فهو في الزيادة ابداً واخررد الى تدبيره واختياره ولا يزال يتخبط في تدبيره واختياره الى ان يُهْلِك قوله {أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ} اي تستبدلون طعام اهل القرية بطعام اهل الشهوة وقيل معناه اتعارضون حُسن اختيارى لكم في الازل بمخالفة السُّوال والدُّعاء وما يبدّل القول لدى وقال الواسِطىُّ في هذه الآية ما يتولاه من المنَّ والسّلوى من غير كلفةٍ لهم فتتبع القومُ شهوة نفوسهم وما يليق بطباعهم لَمّا رَجَعَ الى الغناء والضر عند ذكرهم {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ} ضَرَبَ الله عليهم ذلة الطغيان قبل وجود الاكوان وقهرهم بلطمة المسكنة فى تعبُّد الشيطان وايضاً البس الله قلوبهم حبّ الدّنيا فقراو سخطا والبس سرائهم بغض الاخوة وخوفاً ومقتاً وقيل الذلة والشُحّ والمسكنة الحرصُ."عرائس البيان في حقائق القرآن للبقلي"
،،،
الإشارة: كل مَن لم يقنع بالقسمة الأزلية، ولم يقم حيث أقامته القدرة الإلهية، بل جنح إلى حظوظه وهواه، وحرص على تحصيل أغراضه ومناه، قيل له: أتستبدل تدبيرك - الذي هو أدنى - بتدبير الحق - الذي هو خير -؟ أتترك تدبير الحكيم العليم، الرؤوف الرحيم، إلى تدبير عقلك الضعيف الجاهل الخسيس اللئيم؟! فعسى أن تدبر شيئاً يكون لك فإذا هو عليك. وعسى أن تأتيك المسار من حيث تعتقد المضار، وتأتيك المضار من حيث ترتجي المسار. ولله درّ القائل:
وكَم رُمْتُ أَمْراً خِرْتَ لي في انْصِرَافِهِ، فَلاَ زلْتَ لي مِني أبَرَّ وأَرْحَمَا
عَزَمْتُ عَلَى ألاّ أُحِسَّ بِخَاطِرٍ عَلى القلْبِ إلاَّ كُنْتَ أَنْتَ المُقَدَّمَا
وألا تَرَانِي عِنْدَ مَا قَدْ نَهيْتَني؛ لِكَونَك في قَلْبِي كَبيراً مُعَظَّمَا

يا مَن لم يقنع بتدبير مولاه، ومال إلى نيل حظه وهواه، اهبط إلى أرض الحظوظ والشهوات تجد فيها ما ألفته نفسك من عوائدك السيئات. يا مَن أخلدت نفسه إلى الهوى ومتابعة الشيطان، كيف تستبدل العز الدائم بالذل والهوان؟! وأنشدوا:
لاَ تَتْبعِ النفسَ في هَواهَا إنَّ اتِّباعَ الهَوَا هَوَانُ

قال في التنوير: فائدة: اعلم أن بني إسرائل لما دخلوا التيه، ورُزقوا المنّ والسلوى، واختار الله لهم ذلك رزقاً، رزقهم إياه، يبرز عن عين المنّة، من غير تعب منهم ولا نصب، فرجعت نفوسهم الكثيفة لوجود، العادة، والغيبة عن شهود تدبير الله، غلى طلب ما كانوا يعتادونه، فقالوا: {ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض} الآية. {قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم وضرب عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله}، وذلك لأنهم تركوا ما اختار الله لهم، مائلين لما اختاروا لأنفسهم، فقيل لهم عن طريق التوبيخ: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}؟ فظاهر التفسير: أتستبدلون الفوم والعدس والبصل بالمنّ والسلوى؟ وليس النوعان سواء في اللذة ولا في سقط المشقة وسر الاعتبار، أتستبدلون مرادكم لأنفسكم بمراد الله تعالى لكم؟ {أتستبدلون الذي هو أدنى} وهو ما أردتموه، {بالذي خير}، وهو ما أراده الله لكم؟ {اهبطوا مصراً} فإن ما اشتهيتموه لا يليق إلا أن يكون في الأمصار، وفي سر الخطاب: اهبطوا عن سماء التفويض وحسن التبدير منا لكم، إلى أرضي التدبير والاختيار منكم لأنفسكم، موصوفين بالذل والمسكنة؛ لاختياركم مع اختيار الله، وتدبيركم لأنفسكم مع تدبير الله. هـ المراد منه.
ولما ذَكَّرَهُمْ الحق تعالى بالنعمة، ووبَّخَهم على ارتكاب الآثام، رغَّبهم في الإسلام."البحر المديد لإبن عجيبة"
،،،
وحظ العارف من هذه الآيات الاعتبار بحال هؤلاء الذين لم يرضوا بالقضاء ولم يشكروا على النعماء ولم يصبروا على البلواء كيف ضرب عليهم ذل الطغيان قبل وجود الأكوان، وقهرهم بلطمة المسكنة في بيداء الخذلان وألبس قلوبهم حب الدنيا وأهبطهم من الدرجة العليا.

ومن باب الإشارة: الطعام الواحد هو الغذاء الروحاني من الحكمة والمعرفة، وما تنبته الأرض هو الشهوات الخبيثة واللذات الخسيسة والتفكهات الباردة الناشئة من أرض النفوس المبتذلة في مصر البدن الموجبة للذلة لمن ذاقها والمسكنة لمن لاكها والهلاك لمن ابتلعها، وسبب طلب ذلك الاحتجاب عن آيات الله تعالى وتجلياته وتسويد القلوب بدرن الذنوب، وقطع وريدها بقطع واردها، والذي يجر إلى هذا الغفلة عن المحبوب، والاعتياض بالأغيار عن ذلك المطلوب نسأل الله تعالى لنا ولكم العافية."الالوسي"


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 02, 2023 11:35 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢
اختلاف الطريق مع اتحاد الأصل لا يمنع من حسن القبول، فمن صدَّق الحق سبحانه في آياته، وآمن بما أخبر من حقه وصفاته، فتبايُن الشرع واختلاف وقوع الاسم غيرُ قادح في استحقاق الرضوان، لذلك قال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ} ثم قال: {مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ}. أي إذا اتفقوا في المعارف فالكُلُّ لهم حُسْنُ المآب، وجزيلُ الثواب. والمؤمن مَنْ كان في آمان الحق سبحانه، ومَنْ كان في أمانه - سبحانه وتعالى - فَبالحريِّ { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [آل عمران: 170]."القشيري"
فههنا اربعة مقامات * الاول علم الله وهو البطن المعنوى ويقال له فى اصطلاح الصوفية بطن الام وام الكتاب.
والثانى مقام بلى ويقال له مولود معنوى.
والثالث بطن الام الصورى.
والرابع مولود صورى وهو صورة المولود المعنوى لذلك لا يتميز السعيد من الشقى فيه كما لا يتميز فى عالم ألست والبطن الصورى صورة علم الله لذلك يتميز السعيد من الشقى فيها فظهر لك معنى حديث النبى عليه السلام "السعيد سعيد فى بطن امه والشقى شقى فى بطن امه" .
" ومعنى الخبر الآخر "السعيد قد يشقى والشقى قد يسعد" .
ومعنى الحديث "كل مولود يولد على فطرة الاسلام" كذا حققه الشيخ بالى الصوفيوى قدس سره."اسماعيل حقي"

الإشارة: إن الذين آمنوا إيماناً لا يختلجه وهم، ولا يطرق ساحته شك ولا ريب، إما عن برهان قاطع، أو عن شهود ساطع، والذين تابوا عن هواجس الخواطر وغفلات الضمائر، والذين نصروا الدين، وشيّدوا منار شريعة المسلمين، والذين صبوا إلى الحبيب، ومالوا عن كل بعيد وقريب، فهؤلاء الذين سبقت لهم من الله العناية، وهبت عليهم ريح الهداية، جمعوا بين تزيين البواطن بأنوار الإيقان، وتزيين الظواهر بأنواع الطاعة والإذعان، فلا جرم أنهم، إذا قدموا على ربهم، أجلَّ منصبهم، وأجزل ثوابهم، وأعلى مقامهم، فأولئك اولياء الله الذين {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
فالمخصوصون بالعناية أربعة: قوم أقامهم الحق تعالى لتنمية الإيمان وتربية الإيقان، إما عن دليل وبرهان - وهم أهل النظر والاعتبار، - وإما عن شهود وعيان - وهم أهل الشهود والاستبصار -، وقوم أقامهم الحق تعالى لتصفية نفوسهم وتزكية أحوالهم بالتوبة، والإقلاع عن كل وصف مذموم، وهم السائرون والطالبون، وقوم أقامهم لنصر الدين وإظهار شريعة المسلمين، إما بتقرير قواعده أو جهاد معانده، وهم العلماء والمجاهدون، وقوم أقامهم لخدمته، وملأ قلوبهم بهيبته، وهم العُباد والزهاد، مالوا عن الشهوات وتأنسوا به في الخلوات، هجرو الأوطان وفارقوا الأحباب والإخوان، صبوا إلى محبة الحبيب وتلذذوا بمناجاة القريب، فهؤلاء المخصوصون بعين العناية، المحفوظون بغاية الرعاية، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس. حققنا الله بمقام الجميع بمنّه وكرمه. آمين "بن عجيبة الحسيني"

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 05, 2023 12:01 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


{واذ اخذنا ميثاقكم} تذكير لجناية اخرى لاسلاف بنى اسرائيل اى اذكروا يا بنى اسرائيل وقت اخذنا لعهد آبائكم بالعمل على ما فى التوراة وذلك قبل التيه حين خرجوا مع موسى من مصر ونجوا من الغرق {ورفعنا فوقكم الطور} كانه ظلة حتى قبلتم واعطيتم الميثاق والطور الجبل بالسريانية وذلك ان موسى عليه السلام جاءهم بالالواح فرأوا ما فيها من الآصار والتكاليف الشاقة فكبرت عليهم وابوا قبولها فامر جبريل فقلع الطور من اصله ورفعه وظلله فوقهم وقال لهم موسى ان قبلتم والا القى عليكم فلما رأوا ان لا مهرب لهم منها قبلوا وسجدوا وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود لئلا ينزل عليهم فصارت عادة فى اليهود لا يسجدون الا على انصاف وجوههم ويقولون بهذا السجود رفع عنا العذاب ثم رفع الجبل ليقبلوا التوراة لم يكن جبرا على الاسلام لان الجبر ما يسلب الاختيار وهو جائز كالمحاربة مع الكفار واما قوله تعالى { لا إكراه فى الدين } [البقرة: 256] وامثاله فمنسوخ بالقتال.
قال ابن عطية والذى لا يصح سواه ان الله جبرهم وقت سجودهم على الايمان لانهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة بذلك {خذوا} على ارادة القول اى فقلنا لهم خذوا {ما آتيناكم} من الكتاب {بقوة} بجد وعزيمة ومواظبة {واذكروا ما فيه} اى احفظوا ما فى الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه {لعلكم تتقون} رجاء منكم ان يكونوا متقين."روح البيان لإسماعيل حقي"
أخذ سبحانه ميثاقَ جميع المُكَلَّفِين، ولكنَّ قوماً أجابوا طوعاً لأنه تعرَّف إليهم فوَحَّدوه وقوماً أجابوه كرهاً لأنه ستر عليهم فجحدوه، ولا حُجَّة أقوى من عيان ما رفع فوقهم من الطور - وهو الجبل - ولكن عَدِموا نورَ البصيرة، فلا ينفعهم عيانُ البصر. قال الله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ}، أي رجعتم إلى العصيان بعد ما شاهدتم تلك الآيات بالعيان، ولولا حكمه بإمهاله، وحِلْمُه بأفضاله لعَاجَلكُم بالعقوبة، وأحلَّ عليكم عظيمَ المصيبة ولخَسِرَتْ صفقتُكم بالكُلِّيَة."القشيري"
الإشارة: اعلم أن المريدين إذا دخلوا في يد شيخ، وأخذوا عنه العهد، حملهم من أعباء التكليف وخرق العائد ما تموت به نفسوهم، وتحيا به قلوبهم، كذبح النفوس وحط الرؤوس ودفع الفلوس، فإذا هموا بالتقصير، ظلل عليهم جبل همته، وأدار عليهم يد حفظه ورعايته، ولذلك قال الشيخ أبو الحسن: (والله لا يكون الشيخ شيخاً حتى تكون يده مع الفقير أينما ذهب). والمراد باليد: الهمة والحفظ، ولا يزال الشيخ يراسلهم بهذه التكاليف، ويحضّهم على الأخذ بها، والاجتهاد في العمل بها، حتى تموت نفوسهم وتحيا قلوبهم، وترسخ معرفتهم، وتكمل تربيتهم، فحينئذٍ ينتقلون إلى روح وريحان في جنات الشهود العيان.
قلت: وقد كان شيخنا يرسل لنا البطاقات في حال البدايات، فما كانت أفتحها حتى ترتعد نفسي مما فيها، لأنها تعلم أنه ما يُرسل لها إلا ما فيه موتها، فلولا فضل الله علينا ورحمته - حتى قوانا على العمل بما فيها - لكنا من الخاسرين، ولقد أخطأت العناية قوماً، فتعدوا حدود الشيوخ، أو خرجوا عن دائرتهم قبل كمال تربيتهم، فمسخت قلوبهم، وانمحت في ديوان الولاية رسومهم، جعل الله ذلك عبرة لغيرهم، وزاجراً لمن حذا حذوهم، نعوذ بالله من السلب بعد العطاء، وكفران النعم وحرمان الرضى، وبالله التوفيق وهو الهادي إلى سواء الطريق."البحر المديد لإبن عجيبة الحسيني"

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 05, 2023 11:02 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ} [البقرة: 64] أي: أعرضتم عن طريق الاتباع للشريعة لاستيلاء القوة الطبيعية، وبعد أخذ الميثاق وسلوك طريق الوفاء ابتلاء من الله تعالى.
{فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} [البقرة: 64]، وهو سبق العناية في البداية وتوفيق أخذ الميثاق بالقوة في الوسط، وقبول التوبة وتوفيقها والثبات عليها في النهاية، {لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ} "التأويلات المحمية"
وقد من الله تعالى على امة محمد صلى الله عليه وسلم حيث فرض عليهم الفرائض واحدة بعد واحدة ولم يفرض عليهم جملة فاذا استقرت الواحدة فى قلوبهم فرض عليهم الاخرى واما بنوا اسرائيل فقد فرض عليهم بدفعة واحدة فشق عليهم ذلك ولذا لم يقبلوا حتى رأوا العذاب ثم ان الله تعالى امر بحفظ الاوامر والعمل وبعدم النسيان والتضييع وقال واذكروا ما فيه وهو المقصود من الكتب الآلهية لان العمدة العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان وترتيبها فان ذلك نبذ لها مثاله ان السلطان اذا ارسل منشورا الى واحد من امرائه فى ممالكه وامره فيه ان يبنى له قصرا فى تلك الديار فوصل الكتاب اليه وهو لا يبنى ما امر به لكنه يقرأ المنشور كل يوم فلو حضر السلطان ولم يجد القصر حاضرا فالظاهر انه يستحق العتاب بل العقاب فالقرآن انما هو مثل ذلك المنشور قد امر الله فيه عبيده ان يعمروا اركان الدين من الصوم والصلاة وغيرهما فمجرد قراءة القرآن بغير عمل لا يفيد قال فى المثنوى
هست قرآن حالهاى انبيا ماهيان بحرباك كبريا
وربخوانى ونهء قرآن بذير انبيا واوليارا ديده كير

"روى انه عليه السلام شخص ببصره الى السماء يوما ثم قال هذا اوان يختلس فيه العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شىء فقال زياد بن لبيد الانصارى كيف يختلس منه وقد قرأنا القران فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وابناءنا فقال صلى الله عليه وسلم ثكلتك امك يا زياد هذه التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغنى عنهم" وفى الموطأ عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال لانسان انك فى زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه يحفظ فيه حدود القرآن ويضيع حروفه قليل من يسأل كثير من يعطى يطولون الصلاة ويقصرون الخطبة يبدون فيه اعمالهم. قبل اهوائهم وسيأتى على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده كثير من يسأل قليل من يعطى يطولون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة يبدون فيه اهواءهم قبل اعمالهم
والاشارة فى الآية ان اخذ الميثاق كان عاما كما كان فى عهد ألست بربكم ولكن قوما اجابوه شوقا وقوما اجابوه خوفا ليتحقق ان الامر بيد الله فى كلتا الحالتين يسمع خطابه من يشاء موجبا للهداية ويسمع من يشاء موجبا للضلالة فانه لا برهان اظهر من رفع الطور فوقهم عيانا فلما اوبقهم الخذلان لم ينفعهم اظهار البرهان وفى قوله { خذوا ما آتيناكم بقوة } [البقرة: 63].ا
شارة الى ان اخذ ما يؤتى الله من الاوامر والنواهى والطاعات والعلوم وغير ذلك لا يمكن للقوة الانسانية الا بقوة ربانية وتأييد الهى { واذكروا ما فيه } [البقرة: 63].
من الرموز والاشارات والدقائق والحقائق { لعلكم تتقون } [البقرة: 63] بالله عما سواه {ثم توليتم من بعد ذلك} اى اعرضتم عن طريق الحق واتباع الشريعة باستيلاء قوة الطبيعة بعد اخذ الميثاق وسلوك طريق الوفاق ابتلاء من الله {فلولا فضل الله عليكم ورحمته} وهو سبق العناية فى البداية وتوفيق اخذ الميثاق بالقوة فى الوسط وقبول التوبة وتوفيقها والثبات عليها فى النهاية {لكنتم من الخاسرين} المصرين على العصيان المغبونين بالعقوبة والخسران والمبتلين بذهاب الدنيا والعقبى ونكال الآخرة والاولى كما كان حال المصرين منكم والمعتدين."روح البيان"
أخذ سبحانه ميثاقَ جميع المُكَلَّفِين، ولكنَّ قوماً أجابوا طوعاً لأنه تعرَّف إليهم فوَحَّدوه وقوماً أجابوه كرهاً لأنه ستر عليهم فجحدوه، ولا حُجَّة أقوى من عيان ما رفع فوقهم من الطور - وهو الجبل - ولكن عَدِموا نورَ البصيرة، فلا ينفعهم عيانُ البصر. قال الله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ}، أي رجعتم إلى العصيان بعد ما شاهدتم تلك الآيات بالعيان، ولولا حكمه بإمهاله، وحِلْمُه بأفضاله لعَاجَلكُم بالعقوبة، وأحلَّ عليكم عظيمَ المصيبة ولخَسِرَتْ صفقتُكم بالكُلِّيَة."للقشيري"


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 09, 2023 12:23 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


{لَقَدْ عَلِمْتُمُ} وخفظتم قصة {مِنْكُمْ فِي} تجاوزوا عن العهد {ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ} زمن داود عليه السلام واصطياد يوم {ٱلسَّبْتِ} ذلك أنهم سكنوا على شاطئ البحر بقرية، يقال لها: أيلة، وكان معاشهم من صيد البحر فأرسل الله عليهم داود عليه السلام، فدعاهم فآمنوا له، وعهد الله معهم على لسان داود بألاَّ يصطادوا في يوم السبت، بل تعينوها وتخصصوها للتوجه والتعبد، فقبلوا العهد وكانت حيتان البحر بعد العهد يحضرون في يوم السبت على شاطئ البحر ويخرجن خراطيمهن من الماء، ولما مضى عليها زمان احتالوا لصيدها بأن حفروا حياضاً وأخاديد على شاطئ البحر وأحدثوا جداول منه إليها، فلما كان يوم السبت يفتحون الجداول ويرسلون الماء في الحياض واجتمعت الحيتان فيها، وفي يوم الأحدا يصطادونها منها، ونقضوا عهد الله بهذه الحيلة، قال الله تعالى: لما أمهلناهم زماناً ظنوا أنهم خادعوا ثم انتقمنا منهم {فَقُلْنَا لَهُمْ} إذا أفسدتم لوازم الإنسانية؛ أي: العهود والتكاليف أفسدنا أيضاً إنسانيتكم {كُونُواْ} صيروا في الساعة {قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] مهانين مبتذلين، فسمخوا عن لوازم الإنسانية من العلم والإرادة والمعرفة والإيمان، ولحقوا بالبهائم بل صاروا أسوأ حالاً منها."تفسير الجيلاني"
مسْخُ هذه الأمة حصل على القلوب، فكما أنهم لما تركوا الأمر واستهانوا بما أُلزموا به من الشرع - عجلت عقوبتهم بالخسف والمسخ وغير ذلك من ضروب ما ورد به النَّصُّ، فهذه الأمة مِنْ نَقْضِ العهدِ ورفض الحدِّ عوقبت بمسخ القلوب، وتبديل الأحوال، قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ } [الأنعام: 110] وعقوبات القلوب أنكى من عقوبات النفوس، وفي معناه أنشدوا:
يا سائلي: كيف كنتَ بَعْده؟ لقيتُ ما ساءني وسَرَّه
ما زلت أختال في وِصالي حتى أمِنت من الزمانِ مَكره
طال عليَّ الصدود حتى لم يُبْقِ مما شَهِدَت ذرَّه
"لطائف الإشارات / القشيري"

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 09, 2023 11:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ٦٦ -البقرة
هكذا مَنْ مُنِيَ بالهجران، ووُسِمَ بالخذلان؛ صارت أحوالُه عِبْرة، وتجرَّع - مِنْ مُلاحَظته لحاله - عليه الحسرة، وصار المسكين - بعد عِزِّه لكلِّ خسيسٍ سُخْرَة. هكذا آثار سُخْطِ الملوك وإعراض السادة عن الأصاغر:
وقد أحدق الصبيان بي وتَجمعوا عليَّ وأشلوا بالكلاب ورائيا"القشيري"
وهكذا حال من لم يتأدب فى خدمة الملوك وينخرط فى اثناء السلوك ومن لم يتخط بساط القربة بقدم الحرمة يستوجب الحرمان ويستجلب الخسران ويبتلى بسياسة السلطان.
ثم علامة المسخ مثل الخنزير ان يأكل العذرات ومن اكل الحرام فقلبه ممسوخ.
ويقال علامة مسخ القلب ثلاثة اشياء لا يجد حلاوة الطاعة ولا يخاف من المعصية ولا يعتبر بموت احد بل يصير ارغب فى الدنيا كل يوم كذا فى زهرة الرياض
وروى عن عوف بن عبد الله انه قال كان اهل الخير يكتب بعضهم بثلاث كلمات من عمل لآخرته كفاه الله امر دنياه ومن اصلح ما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس ومن اصلح سريرته اصلح الله علانيته.
قال محمد بن على الترمذى صلاح اربعة اصناف فى اربعة مواطن صلاح الصبيان فى الكتاب وصلاح القطاع فى السجن وصلاح النساء فى البيوت وصلاح الكهول فى المساجد. "اسماعيل حقي"
وحظ العارف من هذه القصة أن يعرف أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس لعبادته وجعلهم بحيث لو أهملوا وتركوا وخلوا بينهم وبين طباعهم لتوغلوا وانهمكوا في اللذات الجسمانية والغواشي الظلمانية لضروراتهم لهم واعتيادهم من الطفولية عليها.

والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

فوضع الله تعالى العبادات، وفرض عليهم تكرارها في الأوقات المعينة ليزول عنهم بها درن الطباع المتراكم في أوقات الغفلات وظلمة الشواغل العارضة في أزمنة ارتكاب الشهوات، وجعل يوماً من أيام الأسبوع مخصوصاً للاجتماع على العبادة وإزالة وحشة التفرقة ودفع ظلمة الاشتغال بالأمور الدنيوية، فوضع السبت لليهود لأن عالم الحس الذي إليه دعوة اليهود هو آخر العوالم والسبت آخر الأسبوع، والأحد للنصارى لأن عالم العقل الذي إليه دعوتهم أول العوالم، ويوم الأحد أول الأسبوع، والجمعة للمسلمين لأنه يوم الجمع، ـ والختم ـ فهو أوفق بهم وأليق بحالهم ـ فمن لم يراع هذه الأوضاع والمراقبات أصلاً ـ زال نور استعداده، وطفىء مصباح فؤاده، ومسخ كما مسخ أصحاب السبت، ومن غلب عليه وصف من أوصاف الحيوانات ورسخ فيه بحيث أزال استعداده، وتمكن في طباعه، وصار صورة ذاتية له كالماء الذي منبعه معدن الكبريت مثلا أطلق عليه اسم/ ذلك الحيوان حتى كأن صار طباعه طباعه، ونفسه نفسه، فليجهد المرء على حفظ إنسانيته، وتدبير صحته بشراب الأدوية الشرعية والمعاجين الحكمية، وليحث نفسه بالمواعظ الوعدية والوعيدية:
هي النفس إن تهمل تلازم خساسة وإن تنبعث نحو الفضائل تلهج "الالوسي"




_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 10, 2023 12:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403

قوله جلّ ذكره: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً}.
كان الواجب عليهم استقبال الأمر بالاعتناق ولكنهم تعللوا ببقاء الأشكال توهماً بأن يكون لهم (...) تُفضِي بالإخلاد إلى الاعتدال عن عهدة الإلزام فتضاعفت عليهم المشقة وحل بهم ما حَذِرُوه من الافتضاح.
فصل: ولما قال: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ} أي ليست بِفَتيَّةٍ ولا مُسِنَّة بل هي بين السِّنَّيْنِ. حصلت الإشارة أن الذي يصلح لهذه الطريقة مَنْ لا يستهويه نَزَقُ الشباب وسُكْره، ولم يُعَطِّلْه عجزُ المشيب وضعفُه، بل هو صاحٍ استفاق عن سُكْرِه، وبقيت له - بَعْدُ - نضارةٌ من عمره.
قوله جلّ ذكره: {صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ * قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}.
كما كان يأخذ لونها الأبصار فالإشارة منها أن من كان من أهل القصة يستغرق شاهدُه القُلوبَ لِمَا أُلبس من رداء الجبروت، وأقيم به من شاهد الغيب حتى أن من لاحَظَه تناسى أحوال البشرية واستولى عليه ذكر الحق، كذا في الخبر المنقول: "أولياء الله الذين إذا رأوا ذكر الله" (...)لطائف الإشارات للقشيري
{لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ} اي نفس لبست بذات صبوة فيا لفتور ولا بذات عزّة في النفود ولكنها ذا شوكةٍ وصول في شباب الغفلة والشهوة.
{صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ} اي تخرج بذىّ المعبودية رياء وسُمعةً وهو لباسٌ واحدٌ ظاهر سلامو وباطنه خيانة خَدَعَتْ به النّظرين من الجاهلين وبلسان الواجدين البست كسوة القهر بنعت الجمع فاذا ظهرت من عين الجمع تَجلى الحقّ منها وجوده بصفة الخاص التي لا تدخل فيها ورسم الربوبيّة من القهريات واللطفيات فابصرت عيون الناظرين من اهل الجمع تلك الصفة فسَّرت اسرارهم وتهيجت انوارهم فبَيَّن الاسار والانوار فنوا من النظر الى الاغيار."للبقلي"
الإشارة: إذا أمر الشيخ المريدين بذبح نفوسهم بخرق عوائدها، فمن تردد منهم في فعل ما تموت به نفسه، كان ذلك دليلاً على قلة صدقه وضعف نهايته، ومن بادر منها إلى قتلها دلّ على صدقه وفلاحه ونجح نهايته، فإذا ماتت النفس بالكلية حييت روحه بالمعرفة والمشاهدة الدائمة، فلا موت بعدها أبداً، قال تعالى: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى } [الدّخَان: 56]، وأما الموت الطبيعي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام، ومن وطن ضيق إلى وطن واسع، وأنشدوا:
لا تظُنُّوا الموتَ موتاً إنهُ لَحَيَاةٌ، وَهْو غايةُ المنَى
لا تَرُعْكُم هَجْمَةُ الموتِ فَما هُو إلا انْتِقَالٌ مِنْ هنَا
فاخْلَعُوا الأجْسَادَ مشنْ نفُسِكُم تُبْصِرُوا الحقَّ عيَاناً بَيِّنَا

قلت: والسيف الذي يُجْهز على النفس ويسرع قتلها هو الذل والفقر، فمن ذلّ نفسه بين أبناء جنسه، وخرق عوائد نفسه، وزهد في الدنيا، ماتت نفسه في طرفة عين، وحيِيَتْ روحه، وظفر بِقُرَّةِ العين، وهي معرفة مولاه، والغيبة عما سواه.
وكمال الوقت في ذبح النفس أن تكون متوسطة بين الصغر والكبر، فإن الصغيرة جدّاً لا يؤمن عليها الرجوع، والكبيرة جدّاً قد يصعب عليها النزوع، كاملة الأوصاف بحسن الزهد والعفاف، تسر الناظرين لبهجة منظرها وحسن طلعتها، وكذلك من كان من أهل الشهود والنظرة، تَسْحَرُ مشاهدة القلوب، ويسوقها بسرعة إلى حضرة علام الغيوب، لما أقيم به من مشاهدته الملكوت، حتى إن من لاحظه تناسى أحوال البشرية، واستولت عيله أنوار الروحانية، وغابت في ذكر الحبيب عن البعيد والقريب، كما في الحديث: "أولياُء اللَّهِ مَنْ إذا رُؤوا ذُكر الله" ، وتكون أيضاً هذه النفس غير مذللة بطلب الدنيا والحرص عليها، مسلمة لا عيب فيها، ولا رِقَّ لشيء من الأثر عليها، فحينئذٍ تصلح للحضرة، وتتمتع بنعيم الشهود والنظرة، لم يبق لخصم الفَرْقِ معها تدارؤٌ ولا نزاع، بل أقر الخصم وارتفع النزاع.
"البحر المديد لإبن عجيبة الحسيني"


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 14, 2023 10:59 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ
حقائق التفسير
قوله تعالى: {لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا} [الآية:71].
معناه: لا يصلح لكرامتى وإظهار ولايتى عليه إلا من لم يُذلل نفسهُ بالسكون إلى شئ من الأكوان ولم يَسعَ فى طلبِ الحوادثِ بحالٍ مسلمةٍ من منون عوارضِ الخلافِ.
{لاَّ شِيَةَ فِيهَا}: لا أثر عليه لأحد بالسكون إليه والاعتماد عليه فهو القائمُ بى والناظرُ إلىَّ والمعتمد علىَّ أظهرتُ عليه آيات قدرتى وجعلتُه أحَدَ شواهد عزّتى فمن شاهده استغرق فى مشاهدته؛ لأنه قد ألبسَ رداء العِزّ وأنشد على أثره.
إذاً فانظُرِى الدنيا بِعَينىَّ واسمَعِى بِأذُنىَّ فيها وَانطقِى بِلسانِى "السلمي"
لطائف الإشارات
كما أنَّ تلك البقرة لم يُذلِلْها العملُ، ولم تُبْتَذَلُ في المكاسب، لا لونَ فيها يخالف عِظَمَ لَوْنِها فالإشارة منه أن أهل الولاية الذين لم يتبذلوا بالأغيار لتحصيل ما طلبوا من الأسباب، ولم يركنوا بقلوبهم إلى الأشكال والأمثال، ولم يتكلوا على الاختيار والاحتيال، وليسوا نهباً لمطالبات المنى، ولا صيداً في مخلب الدنيا، ولا حكمَ للشهوات عليهم، ولا سلطان للبشرية تَمَلَّكهم، ولم يسعَوْا قط في تحصيل مرادهم، ولم يشقوا لدرك بُغيتهم، وليس عليهم رقم الأغيار، ولا سِمَةُ الأسباب - فَهُمْ قائمون بالله، فانون عما سوى الله، بل هم محو، مُصْرِّفُهم الله. والغالب - على قلوبهم - الله.
وكما أن معبودَهم الله كذلك مقصودهم الله.
وكما أن مقصودهم الله كذلك مشهودهم الله، وموجودهم الله، بل هم محو بالله و (...) عنهم الله، وأنشد قائلهم:
إذا شِئتِ أن أرْضَى وترضي وتملكي زِمَامِيَ - ما عشنا معاً - وعناني
إذن فارمُقي الدنيا بعيني واسمعي بأذني وانطقي بلساني

قوله جلّ ذكره: {قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}.
طلبوا الحيلة ما أمكنهم فلما ضاقت بهم الحِيَل استسلموا للحكم فتخلصوا من شدائد المطالبات، ولو أنهم فعلوا ما أمِروا به لما تضاعفت عليهم المشاق."القشيري"
عرائس البيان في حقائق القرآن
{لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ} اي ليست بمذَللةٍ في عبوديّتى ولا عامرة ارض القلب التى هى مزرعة محتبى ولا ساقية بذر المحبّة فى شريعة العقل وهى محلُّ قرار قربتى {مُسَلَّمَةٌ} اى فارغة عن العبادات وهى عنها بمعزلٍ ابدةٍ عن الحكومات لا رغبة لها في مناجرتى ولا رهبة لها عن معاقبتى لانها خلقت من الضلاله وهى ليسة من الهداية {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} اى لاسمه عليها الاَحدٍ لانها لا تالف الحق ابداً وقال بعضهم لا يصلح لكرامتى واظهار ولايتى علهي الا من يذللُ نفسه بالكسون الى شَئٍ من الاكوان ولم يَسَعَ في طلب الحوادث بحالٍ مُسْلمة من فنون عَوارض الخلاف لاشية فيها لا اثَرَ عليه لاحد بالسكون اليه والاعتماد عليه فهو القائم والناظر الىّ والمعتمد عَلَىّ اظهرت عليه ايات قدرتى وجعلته احد شواهِدِ عزّ فى فمن شاهد استغرق في مشاهدته لانه قد لبس رداء العز واشند على اثره هذه اذاً فانظرى الدنيا بعينى واسمعى باذنى فيها وانطقى بلسانى."للبقلي"
وفى الحكم العطائية اخرج من اوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا بالاستسلام لقهره وذلك يقتضى وجود الحفظ من الله تعالى حتى لا يلم العبد بمعصية وان ألم بها فلا تصدر منه واذا صدرت منه فلا يصر عليها اذ الحفظ الامتناع من الذنب مع جواز الوقوع فيه والعصمة الامتناع من الذنب مع استحالة الوقوع فيه فالعصمة للانبياء والحفظ للاولياء فقوله {الآن جئت بالحق} يدل على الرجوع من الهفوة وعدم الاصرار وهذا ايمان محض.
وفى التأويلات النجمية { أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } [البقرة: 67].
اشارة الى ذبح بقرة النفس البهيمية فان فى ذبحها حياة القلب الروحانى وهذا هو الجهاد الاكبر الذى كان النبى عليه السلام يشير اليه بقوله "رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر" .
وبقوله "المجاهد من جاهد نفسه" .
وقوله عليه السلام "موتوا قبل ان تموتوا" .
اشار الى هذا المعنى { قالوا أتتخذنا هزوا } [البقرة: 67].
اى أتستهزئ بنا فى ذبح النفس وليس هذا من شأن كل ذى همة سنية { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } [البقرة: 67].
الذين يظنون ان ذبح النفس امر هين ويستعدله كل تابع الهوى او عابد الدنيا { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هى } [البقرة: 68].
اى يعين اى بقرة نفس تصلح للذبح بسيف الصدق فاشار الى بقرة نفس {لا فارض} فى سن الشيخوخة تعجز عن سلوك الطريق لضعف المشيب وخلل القوى النفسانية كما قال بعض المشايخ الصوفى بعد الاربعين فارض {ولا بكر} فى سن شرح الشباب فانه يستهويه سكره {عوان بين ذلك} اى عند كمال العقل قال تعالى { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } }[الأحقاف: 15] { { فافعلوا ما تؤمرون } [البقرة: 68].
فانكم ان تقربتم الى الله بما امرتم فان الله يتقرب اليكم بما وعدتم { وإنا لا نضيع اجر من احسن عملا } [الكهف: 30].
فى الشيب والشباب { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها } [البقرة: 69].
يعنى ما لون بقرة نفس تصلح للذبح فى الجهاد { قال إنه يقول إنها بقرة صفراء } [البقرة: 69].
اشارة الى صفرة وجوه ارباب الرياضات وسيما اصحاب المجاهدات فى طلب المشاهدات { فاقع لونها } [البقرة: 69].
يعنى صفرة زين لا صفرة شين كما هى سيما الصالحين { تسر الناظرين } [البقرة: 69].
من نظر اليهم يشاهد فى غرتهم بهاء قد ألبس من اثر الطاعات ويطالع من طلعتهم آثار شواهد الغيب من خمود الشهوات حتى امن من احوال البشرية بوجدان آثار الربوية كقوله تعالى { سيماهم فى وجوههم من اثر السجود } } [الفتح: 29] { { إن البقر تشابه علينا } [البقرة: 70].
اشارة الى كثرة تشبه البطالين بزى الطالبين وكسوتهم وهيئتهم { وإنا إن شاء الله لمهتدون } [البقرة: 70].
الى الصادق منهم فالاهتداء اليهم يتعلق بمشيئة الله وبدلالته كما كان حال موسى والخضر عليهما السلام فلو لم يدل الله موسى لما وجده وقوله {انها بقرة لا ذلول تثير الارض} اشارة الى نفس الطالب الصادق وهى التى لا تحمل الذلة تثير بآلة الحرص علو ارض الدنيا لطلب زخارفها وتتبع هوى النفس وشهواتها كما قال عليه الصلاة والسلام "عز من قنع ذل من طمع" .
وقال "ليس للمؤمن ان يذل نفسه" .
{ولا تسقى الحرث} اى حرث الدنيا بماء وجهه عند الخلق وبماء وجاهته عند الحق فيصرف فى حرث الدنيا فيذهب ماؤه عند الخلق وعند الحق لقوله تعالى { ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله فى الآخرة من نصيب } [الشورى: 20].
{مسلمة لا شية فيها} اى نفس مسلمة من آفات صفاتها مستسلمة لاحكام ربها ليس منها طلب غير الله ولا مقصد لها الا الله كما وصفهم الله تعالى بقوله { للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله } [البقرة: 273] الى قوله { إلحافا } [البقرة: 273].
{فذبحوها وما كادوا يفعلون} يشير الى ان ذبح النفس ليس من الطبيعة الانسانية فمن ذبحها من الصادقين بسيف الصدق كان ذلك من فضل الله تعالى وحسن توفيقه فاما من حيث الطبيعة فما كادوا يفعلون."اسماعيل حقي"





_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 16, 2023 5:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


والإشارة في تحقيقهم: أن قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً} فيها إشارة إلى قتل النفس، وإن القتيل هو القلب الروحاني، وإن إحياءه في قتل النفس البهيمية، كما قال قائلهم:
أَقَتلوني يا ثِقاتي إِنَّ قَتلي حَياتي

وكما أشار بعضهم:
سر بالإرادة تحيى بالطبيعة أو مت بالطبيعة تحيي بالحقيقة

{فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا} فشككتم واختلفتم أنه كان من الشيطان أم من الدنيا أم من النفس الأمارة بالسوء.
{وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 72]، بإحالة النفس إلى الشيطان ومكرها إلى الدنيا وزينتها والشيطان والدنيا يخيلان إلى النفس الأمارة وهواها."التأويلات المحمية"
وفي لطائف الإشارات / القشيري يقول
الخائن خائف، ولخشية أن يظهر سرُّه يركن إلى التلبيس والتدليس، والإنكار والجحود ولا محالة ينكشف عوارُه، وتتضح أسرارُه، وتهتك عن شَيْنِ فعله أستارُه. قال الله تعالى: {وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}.
الإشارة: إذا أمر الشيخ المريدين بذبح نفوسهم بخرق عوائدها، فمن تردد منهم في فعل ما تموت به نفسه، كان ذلك دليلاً على قلة صدقه وضعف نهايته، ومن بادر منها إلى قتلها دلّ على صدقه وفلاحه ونجح نهايته، فإذا ماتت النفس بالكلية حييت روحه بالمعرفة والمشاهدة الدائمة، فلا موت بعدها أبداً، قال تعالى: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى } [الدّخَان: 56]، وأما الموت الطبيعي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام، ومن وطن ضيق إلى وطن واسع، وأنشدوا:
لا تظُنُّوا الموتَ موتاً إنهُ لَحَيَاةٌ، وَهْو غايةُ المنَى
لا تَرُعْكُم هَجْمَةُ الموتِ فَما هُو إلا انْتِقَالٌ مِنْ هنَا
فاخْلَعُوا الأجْسَادَ مشنْ نفُسِكُم تُبْصِرُوا الحقَّ عيَاناً بَيِّنَا

قلت: والسيف الذي يُجْهز على النفس ويسرع قتلها هو الذل والفقر، فمن ذلّ نفسه بين أبناء جنسه، وخرق عوائد نفسه، وزهد في الدنيا، ماتت نفسه في طرفة عين، وحيِيَتْ روحه، وظفر بِقُرَّةِ العين، وهي معرفة مولاه، والغيبة عما سواه.
وكمال الوقت في ذبح النفس أن تكون متوسطة بين الصغر والكبر، فإن الصغيرة جدّاً لا يؤمن عليها الرجوع، والكبيرة جدّاً قد يصعب عليها النزوع، كاملة الأوصاف بحسن الزهد والعفاف، تسر الناظرين لبهجة منظرها وحسن طلعتها، وكذلك من كان من أهل الشهود والنظرة، تَسْحَرُ مشاهدة القلوب، ويسوقها بسرعة إلى حضرة علام الغيوب، لما أقيم به من مشاهدته الملكوت، حتى إن من لاحظه تناسى أحوال البشرية، واستولت عيله أنوار الروحانية، وغابت في ذكر الحبيب عن البعيد والقريب، كما في الحديث: "أولياُء اللَّهِ مَنْ إذا رُؤوا ذُكر الله" ، وتكون أيضاً هذه النفس غير مذللة بطلب الدنيا والحرص عليها، مسلمة لا عيب فيها، ولا رِقَّ لشيء من الأثر عليها، فحينئذٍ تصلح للحضرة، وتتمتع بنعيم الشهود والنظرة، لم يبق لخصم الفَرْقِ معها تدارؤٌ ولا نزاع، بل أقر الخصم وارتفع النزاع.
"البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة"

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 17, 2023 3:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


قوله تعالى: {فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ} [الآية: 73].
قيل فيه: إن الله أمَر بقتلِ حىَ لِيُحيى ميتهم أعلمك بذلك أنَّهُ لا يُحيى قَلبَكَ لأنوارِ المعرفة ولا لفهم الخِطابِ إلا بعدَ أن تقتلَ نفسكَ بالاجتهادِ والرياضات، فيبقى جسمكَ هيكلاً لا صفة له من صفاته ولا يؤثر عليه بقاءَ صُورتها شيئًا فتُحيى قلبكَ وتكونُ نَفسكَ رسماً لا حقيقة لها، وقلبُك حقيقةً ليس عليهِ أثر من المريبين.
"حقائق التفسير/ السلمي"
ومن ذبح نفسه بالمجاهدات حَيِيَ قلبُه بأنوار المشاهدات، وكذلك من أراد الله حياةَ ذِكْرِه في الأبدال أمات في الدنيا ذكره بالخمول.
"لطائف الإشارات / القشيري"
من ضرب لسان النفس المذبوحة بسكين الصدق على قتيل القلب بمداومة الذكر يحيى الله قلبه بنوره فيقول وما ابرئ نفسى ان النفس لامارة بالسوء
"روح البيان لإسماعيل حقي"
إذا أراد الله أن يحيي قتيل قلب الإنسان أمر بقتل حيوان النفس بسيف المجاهدات ليحيى قتيل قلبه بأنوار الشهادات كقوله تعالى: { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ }
"التأويلات النجمية"


_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 19, 2023 12:51 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


قال بعض الحكماء معنى قوله {ثم قست قلوبكم} يبست ويبس القلب ان ييبس عن ماءين احدهما ماء خشية الله تعالى والثانى ماء شفقة الخلق"اسماعيل حقي"
،،،
القلوب أربعة: قلب تنوّر بالنور الإلهيّ منطمساً فيه، واستغرق في البحر العلميّ منغمساً فيه، فانفجرت منه أنهار العلم، فمن شرب منها يحيا أبداً كقلوب أهل الله السابقين وهو المشار إليه بقوله تعالى: {وإنّ منَ الحجارةِ لَمَا يتفجّرُ منه الأنهارُ} وقلب ارتوى من العلم، فحفظ ووعى، فانتفع به الناس، كقلوب العلماء الراسخين وهو المشار إليه بقوله: {وإن مِنها لمَا يَشققُ فيخرُجُ منه المَاءُ} وقلب خشع وانقاد واستسلم وأطاع، كقلوب العباد والزهّاد من المسلمين، وهو المشار إليه بقوله: {وإنّ منها لمَا يَهبطُ من خَشيةِ الله} وأدنى أحوال حاله هو الهبوط من خشية الله، أي: الانقياد لما أمر الله من الميل إلى المركز بالسلاسة. وبقي قلب لم يتأثر قطّ بالعلم ولم يتلين بالخوف آبياً للهدى، متكبراً، ممتلئاً بالهوى، متمرّداً، فلا يوجد من الجواهر ما يشبهه لقبول جميعها ما أمر الله به، فكيف بالحديد الذي يلين لما يراد منه؟ قال النبي عليه السلام: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضاً فكانت طائفة منها طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها طائفة أخاذات أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في الدين فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" . فبين عليه السلام القلوب الثلاثة الأخيرة، والأول من الأربعة هو القلب المحمديّ.تفسير القرآن / ابن عربي
،،،
بَيَّن أنهم - وإن شاهدوا عظيم الآيات وطالعوا واضح البينات - فحين لم تساعدهم العناية ولم يخلق الله (لهم) الهداية، لم تزدهم كثرة الآيات إلا قسوة، ولم تبرز لهم من مكامن التقدير إلا شقوة (على شقوة، وشبَّه قلوبهم بالحجارة لأنها لا تنبت ولا تزكو، وكذلك قلوبهم لا تفهم، ولا تغنى. ثم بيَّن أنها أشد (....) من الحجارة، فإنَّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار، ومنها ما تظهر عليه آثار خشية الله، وأمَّا قلوبهم فخالية عن كل خير، وكيف لا وقد مُنِيَتْ بإعراض الحقِّ عنها، وخُصَّتْ بانتزاع الخيرات منها.لطائف الإشارات / القشيري
،،،
ولَمَا قَسَا قَلْبِي وضَاقَتْ مَذَاهِبي جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لعَفْوِك سُلَّمَا
تَعَاظَمنِي ذَنْبي فَلمَّا قَرَنْتُه بعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا
"الشافعي"
وقيل:
لَو عَايَنتْ عَينَاكَ يومَ تزلزلتْ أَرضْ النفُوس ودُكَّتِ الأجْبَالُ
لَرأَيتَ شَمسَ الحقِّ يسطعُ نورُها حِينَ التزَلْزلِ، والرجَالُ رجالُ

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من رقائق التفاسير الصوفية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 23, 2023 11:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2403


أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥
أنبأهم عن إيمانهم، وذكر أنهم بعد سماع الخطاب من الله - سبحانه - حرَّفوا وبدّلوا فكيف يؤمنون لكم وإنما يسمعون بواسطة الرسالة، ومن لم يَبقَ على الإيمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان، والذي لم يصلح للحق لا يصلح لكم، ومن لم (يحتشم من الحق) فكيف يحتشم منكم؟."لطائف الإشارات / القشيري "

" الإشارة: مَن سبقت له المشيئة بالخذلان، وحكم عليه القدر والقضاء بالحرمان، يرجع إلى الدليل والبرهان، بعد الاستشراف على الشهود والعيان، فيرجع إلى مشاهدة الآثار والرسوم، وينسى ما كان يعهده من دقائق العلوم، سبب ذلك كلَّه: الإخلال بالأدب مع المشايخ والأصحاب، أو مفارقة الإخوان، وعدم مواصلة أهل العرفان، وضم إلى ذلك الإنكار على أولياء الله، وتحريف ما سمعه منهم من مواهب الله، فلا مطمع في رجوعه وإيابه، وقد بَعُد من الفتح وأسبابه، لا سيما إذا اتصف بالنفاق، إذا لقي أهل النسبة أظهر الوفاق، وإذا خلا إلى العامة أظهر الشقاق، فمِثلُ هذا لا يرجى له فلاح، ولا يَسعد بصلاح ونجاح. نعوذ بالله من ذلك.
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة"

"ما هو الطمع؟ .. الطمع هو رغبة النفس في شيء غير حقها وإن كان محبوباً لها .. والأصل في الإنسان العاقل ألا يطمع إلا في حقه .. والإنسان أحياناً يريد أن يرفه حياته ويعيش مترفاً ولكن بحركة حياته كما هي. نقول له إذا أردت أن تتوسع في ترفك فلابد أن تتوسع في حركة حياتك؛ لأنك لو أترفت معتمداً على حركة حياة غيرك .. فسيفسد ميزان حركة الحياة في الأرض، أي إن كنت تريد أن تعيش حياة متزنة فعش على قدر حركة حياتك؛ لأنك إن فعلت غير ذلك تسرق وترتشي وتفسد. فإن كان عندك طمع فليكن فيما تقدر عليه...
والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ} [البقرة: 75] انظر إلى الأمانة والدقة .. فريق منهم ليس كلهم .. هذا هو ما استنبط منه العالم نظرية صيانة الاحتمال .. وهي عدم التعميم بحيث تقول إنهم جميعاً كذا .. لا بد أن تضع احتمالاً في أن شخصاً ما سيؤمن أو سيشذ أو سيخالف ..مولانا الشعراوي"

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 307 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 10, 11, 12, 13, 14, 15, 16 ... 21  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 4 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط