فََََوَاْتِحُ اْلسُّوَرِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ
قام العالم الأديب ابنُ أبي الإصبع*رحمه الله بتصنيف كتابٍ ماتعٍ سماه ( الخواطر السوانح في أسرار الفواتح ) ,
وقد لخص الإمام السيوطي بعض كلامه وزاد عليها من غيره فقال رحمه الله :-
إن الله تعالى افتتح القرآن الكريم بعشرة أنواع من الكلام :-
الأول :- الثناء عليه سبحانه وتعالى , وهي قسمان : 1/إثبات صفات المدح له جل وعلا , ومثال ذلك : سور التحميد في بداية الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر وسورة تبارك.
2/ : تنزيهه تعالى عن صفات النقص : ومثاله : سور التسبيح السبعة وهي : الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى . كما في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ................)
الثاني :- حروف التهجي , ووقعت في تسع وعشرين سورة . كما في قوله (يس (1) ) ( طه (1) )
الثالث :- أسلوب النداء, ووقع في عشر سور عشر بنداء الرسول rوهي : الأحزاب والطلاق والتحريم والمزمل والمدثر . وخمس بنداء الأمة , وهي : النساء والمائدة والحج والحجرات والممتحنة. فتلك عشرة كاملة . كما في قوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ..................... ).
الرابع :- الجمل الخبرية , وجاءت في ثلاث وعشرين سورة , : الأنفال والتوبة والنحل والأنبياء والمؤمنون والنور والزمر ومحمد والفتح والقمر والرحمن والمجادلة والحاقة والمعارج ونوح والقيامة وعبس والبلد والقدر والبينة والقارعة والتكاثر والكوثر .( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)).
الخامس :- القسم , ونجده في خمس عشرة سورة وهي: الصافات والبروج والطارق والنجم والشمس والليل والضحى والعصر والذاريات والمرسلات والطور والتين والنازعات و الأخيرة وهي العاديات : كما في قوله : وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) .
السادس ,الشرط, ووقع في سورة الواقعة والمنافقون والتكوير والانفطار والانشقاق والزلزلة والنصر . (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)).
السابع :- الأمر , وجاء الأمر في السور التالية , الجن والعلق والكافرون الإخلاص والمعوذتين .( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)).
الثامن :- الاستفهام , ووقع في ست سور , وهي : الإنسان والنبأ والغاشية والشرح والفيل والماعون .( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)).
التاسع :- الدعاء , وقع في ثلاث سور : ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)) و (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) ) و (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)).
العاشر والأخير :- التعليل , وهذا نجده متمثل في سورة قريش حيث قال تعالى : (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) ).
ثم نظم ذلك في بيتين فقال رحمه الله :- أثنى على نفسه سبحانه بثبوت *** الحمد والسلب لما استفتح السورا والأمر شرط الندا والتعليل والقسم الدْ *** دعا حروف التهجي استفهم الخبرا
قال أهل البيان :- " إن من البلاغة حسن الابتداء " . وقالوا :- " وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها " . و الابتداء الحسن يسمّى براعة الاستهلال :- وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه , فمن ذلك مثلاًًًًًًًًًًًًًًً : أول سورة انزلت على سيدنا محمد r على الإطلاق في أصح أقوال العلماء , سورة (اقرأ ) فإن فيها الأمر بالقراءة والبداءة باسم الله جل وعلا وفيها إشارة إلى علم الأحكام وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته وفيها ما يتعلق بالأخبار , ولهذا قيل إنها جديرة أن تسمّى ( بعنوان القرآن ) لأن عنوان القرآن يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله .
والله تعالى أعلم و أجل وأحكم وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عبد العظيم بن الواحد بن ظافر ابن أبي الاصبع العدواني، البغدادي ثم المصري: شاعر، من العلماء بالادب. (595 - 654 هـ = 1198 - 1256 م) مولده ووفاته بمصر. له تصانيف حسنة، منها " بديع القرآن - ط " في أنواع البديع الواردة في الآيات الكريمة، و " تحرير التحبير - ط " و " الخواطر السوانح في كشف أسرار الفواتح - خ " أي فواتح القرآن، منه نسخة في المكتبة العربية بدمشق و " البرهان في إعجاز القرآن - خ " في شستربتي (4255) و " المختارات - خ " أدب، في جامعة الرياض (156)
_________________ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33 
|