- أبو عمران موسى
(... – 430 )
أبوعمران موسى بن عيسى ابن ابى حاج الفاسى – أصله من مدينة فاس ونزل القروان فأخذ عن أبى الحسن القابسى ثم رحل إلى بغداد فحضر مجلس القاضى ابى
بكر بن الطيب ، ثم عاد إلى القيروان وبها مات لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين واربعمائة ، وكان مقدما فى الفضل والإمامة ، نقل أبو عبد الله محمد بن عمار الميورقى عن أبى القاسم عبد الجليل بن أبى بكر الديباجى قال : جرت عندنا بالقيروان مسألة فى الكفار هل يعرفون الله تعالى أم لا ، فوقع فيها اختلاف كثير وتنازع بين العلماء وتجاوز ذلك إلى العامة وكان أكثرما يلهج بها رجل من المؤدين يركب حماره ثم يذهب من واحد إلى آخر لا يترك متكلما ولا فقيها إلا ويناظره فى هذه المسألة ، فذكرت الحكاية لرجل من تجار العامة ركبت معه البحر فقال لى : على الخبير بها سقطت ! هذه المسألة كما أخبرك الشيخ أبوالقاسم عبد الجليل يجريانها حتى تمارى الناس فيها عندنا بالأسواق وقال بعضهم لبعض وخرجوا عن حد الاعتدال ( من الجدال ) إلى القتال ، فقال قائل منا : لو ذهبنا إلى الشيخ أبى عمران لشفانا من هذه المسألة . قال ك فقمنا إليه جماعة أهل السوق ، فأتينا باب داره واستأذنا عليه ، فأذن لنا فدخلنا عليه فقال : ما لكم ؟ فقلنا له : اصلح الله الشيخ ، انتعلم أن العامى إذا حدثت بها حادثة انما يفزعون إلىعلمائهم وهذه المسألة قد جرى فيها ما بلغك وما لنا شغل فى الاسواق إلا الكلام فيها والخضو فيها حتى يقوم بعضنا لبعض ، فقال لهم الشيخ إن أنتم أنصتم وأحسنتم الاستماع أجبتكم بما عندى ، فقلنا : ما نحب منك إلا جوابا على مقدار أفهامنا فقال لهم : بالله التوفيق ! فأطرق ساعة ثم رفع رأسه إلينا وقال : لا يكلمنى منكم إلا واحد ويسمع الباقون ، قنلا له : نعم . فقصد واحدا منا وقال له : أرأيت ، لو أنك لقيت رجلا فقلت له : أتعرف الشيخ أبا عمران الفاسى ؟ فقال لك : أعرفه ، فقلت له : صفه لى . فقال : نعم ، هو رجل يبيع البق والحنطة والزبيب فى سوق ابن هشام ويسكن بصرة ، أكان يعرفنى ؟ قال : له ، لا ، قال : فلو لقيت آخر ، فقلت له : أتعرف الشيخ أبا عمران ؟ فقال لك : أعرفه ، فقلت له : صفه لى ، فقال لك : نعم ، هو رجل يدرس العلم ويدرس ويفتى الناس ويسكن بقرب السماط. أكان يعرفنى ؟ قال له : نعم ، قال ه : والأول ما كان يعرفنى ، قال : لا ، قال لهم الشيخ فكذلك الكافر ، إذا قال إن لمعبوده صاحبة وولدا وانه جسم من الأجسام وقصد بعبادته من هذه صفته فلم يعرف الله ولا وصفه بصفته وهو بخلاف المؤمن الذى يقول إن معبوده الله الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) فهذا قد عرف الله ووصفه بصفته وقصد بعبادته من يستحق الربوبية سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ، قال : فقامت الجماهة غليه وقالوا له : جزال الله من عالم خيرا ! لقد شفيت ما فى نفوسنا ، ودعوا له كثرا وانصرفواعنه ،ولم تجر هذه المسألة بالقيروان بعد ذلك المجلس واكتفوا فيها بقول الشيخ وبيانه رحمه الله تعالى
-----------------------------------------------------------------
(1) اغمات وريكة على بعد حوالى ثلاثين ميلا شرقى مدينةمراكش عند قدم جبال الأطلس