الحافظ السلفى بالاسكندرية
( بمسجد القاضى سند بن عنان )
أولا : نتكلم عن مسجد القاضى سند بن عنان ومن هو ؟
==============================[/
u]
أسمه :
====
هو أبو على سند بن عنان بن ابراهيم بن حريز بن الحسين بن خلف الآذدى ، فقيه ، وحكيم ** ولد سند بن ع نان بالاسكندرية وتفقه على علماء عصره ، وكان من أبغ تلاميذ الفقيه أبو بكر الطرطوشى ( 451 – 520 هـ ) صاحب الكتاب المشهور سراج الملوك وأقربهم اليه ، وكان استاذه مالكى المذهب وقد سمع منه ولازم حلقته سنين طويلة ولم يأخذ عن أستاذه العلم وحده بل قبس من أخلاقه وفضله، ومن فلسفة الزهد التي أخذ أبو بكر الطرطوشي بها نفسه، ولهذا وصفه ابن فرحون بقوله: " كان ـ سند بن عنان ـ من زهاد العلماء وكبار الصالحين، فقيهاً فاضلاً، تفقه بالشيخ أبي بكر الطرطوشي ". وروى عن أبي الطل هو السلفي وأبي الحسن علي بن المشرف وغيرهم، روى عنه جماعة من الأعيان. ووصفه عالم الديار المصرية في القرن السابع الهجري هو القاضي أبو الفتح تقي الدين بن دقيق العيد (ت702هـ) بقوله: " كان ـ سند بن عنان ـ فاضلاً من أهل النظر ". وروى فقيه آخر هو القاسم بن مخلوف بن عبد الله بن عبد الحق بن جاره قال: " أخبرني من أثق به أنه رأى الفقيه أبا علي سند بن عنان في النوم، قال فقلت لـه : ما فعل الله بك ؟ فقال : عرضت على ربي فقال لي: أهلاً بالنفس الطاهرة الزكية العالمة ". وقال الفقيه تميم بن معين الباديسي: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله : اكتب لي براءة من النار. فقال لي: امض إلى الفقيه سند يكتب لك براءة. فقلت: ما يفعل. فقال: قل لـه بإمارة كذا وكذا. فانتبهت، فمضيت إلى الفقيه سند. فقلت لـه: اكتب لي براءة من النار. فبكى وقال: ومن يكتب لي براءة من النار ؟ فقلت لـه الإمارة. قال: فكتب لي رقعة " . وقال ابن فرحون بعد رواية هذه القصة: " ولما أدركت تميماً الوفاة أوصى أن تجعل الرقعة في حلقة وتدفن معه ". وكان سند بن عنان كأستاذه أبي بكر الطرطوشي يقول الشعر أحياناً، وقد روى ابن فرحون بيتين من شعره:
وزائـرةٍ للشـيب حلـتْ بمفـرقـي فبادرتـُها بالنتفِ خوفـاً من الحتفِ
فقالت:على ضعفي استطلت ووحدتي؟ رويـدك للجيش الذي جاء من خلفي
وقد رشحت هذه المؤهلات جميعاً سند بن عنان لأن يخلف أستاذه أبو بكر الطرطوشي فجلس في حلقته ومدرسته بعده يلقي الدروس في العلوم المختلفة، وخاصة في فقه الإمام مالك بن أنس. قال ابن فرحون: " وجلس ـ سند بن عنان ـ لإلقاء الدرس بعد الشيخ أبي بكر الطرطوشي، وانتفع الناس به ". ومن الذين دخلوا عليه وأخذوا عنه جماعة من فقهاء عائلة ابن عوف الشهير بالعلم في مدينة الإسكندرية، قال عالم الإسكندرية ومؤرخها أبو المظفر منصور بن سليم الإسكندري (ت673هـ): " وبيت ابن عوف بثغر الإسكندرية بيت كبير شهير بالعلم، كان فيه جماعة من الفقهاء، قال الشيخ شهاب الدين بن هلال: سمعت أنهم اجتمع منهم سبعة في وقت واحد، وكانوا إذا دخلوا على الإمام أبي علي سند بن عنان ـ مؤلف كتاب الطرازـ يقول: أهلاً بالفقهاء السبعة، تشبيهاً لهم بالفقهاء السبعة أئمة المدينة النبوية ". وظل أبو علي سند بن عنان يدرس إحدى وعشرين سنة بعد أستاذه أبو بكر الطرطوشي إلى أن توفي في مدينة الإسكندرية سنة ( 541 هـ)، ودفن بالقرب من قبر أستاذه أبو بكر الطرطوشي، ولازال مسجد سند بن عنان موجوداً حتى اليوم في شارع الباب الأخضر ( أو شارع السكة الجديدة ) بالإسكندرية.
[u]ثانيا : الحافظ السلفى :
=============
ترجمة الحافظ السلفي الأصبهاني من معجم ابن الأبار
==========================أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني أبو طاهر الحافظ نزيل الأسكندرية بقية المسندين المعمرين وخاتمة المحدثين المكثرين دخل العراق والشام وبلاد الجبل وخراسان والحجاز ومصر وسمع الحديث بهذه الأفاق وكتبه وروى العالي والنازل ولقي الكبار والصغار وعمر حتى عادله النازل عالياً وحدث في الإسلام نيفا وسبعين سنة وفي شيوخه كثرة والنسا منهم عدة قال أبو القاسم بن عساكر في تاريخه قدم علينا دمشق طالب حديث سنة 509 فأقام بها مدة وكتب عن جماعة من شيوخنا وعقد مجلس الإملاء بثغر سلماس وحدث بها وبغيرها من البلاد ورحل وطوف وجمع وألف وحدث بدمشق فسمع منه بعض أصحابنا ولم أظفر بالسماع منه وحكى أنه أجاز له قال وحدثني عنه أخي وأبو سعد بن السمعاني وقد سمعت بقراته من شيوخ عدة ثم خرج إلى مصر فسمع بها وبالإسكندرية ثم استوطنها وصارت له بها وجاهة وبنى له أبو منصور علي بن اسحق المعروف بابن السلار الملقب بالعادل مدرسة ووقف عليها وقفاً وكان يدرس الفقه على مذهب الشافعي ويروي الحديث وقد تفرد في وقتنا هذا بعلو الدرجة في الإسناد والمعرفة والاتقان والضبط وكان يحب الشعر ويجيز عليه باسني الجوايز وجمع أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً سمع منهم في أربعين بلدة أبان بها عن رحلة واسعة وقال غيره كان قدومه الإسكندرية في أول سنة 511 للسماع من أبي عبد الله بن الخطاب الرازي وفي بيته اختراق بلاد المغرب والأندلس للأخذ عن أصحاب أبي عمر بن عبد البر وغيرهم ثم العود إلى اصبهان بلدة فشغله أهلها بالسماع منه والإحسان إليه وأقام بها إلى أن مات الرازي سنة 525 وقد استوفى ماية سنة فخلفه في الإسماع وطال مره ليطول به الإنتفاع ومنها كتب إلى أبي عمران بن أبي تليد وأبي محمد بن عتاب وأبي الحسن بن بقي وأبي الوليد بن طريف وأبي بحر الأسدي وأبي الوليد بن رشد وأبي علي بن سكرة وأبي جعفر بن جحدر وأبي الحسن بن عفيف وأبي القاسم بن صواب وأبي الحسن شريح بن محمد وأبي محمد أبي عبد الله بن الحاج وأبي الحسن ابن مغيث وغيره فأجاز له جميعهم إذ فاته السماع منهم وأفادني تسميتهم مستفيدها من خط أبي الحجاج بن الشيخ أحد أصحابه وقال شيخنا أبو عمر بن عات كان يعظم أمر القاضي أبي علي منهم ويعجب من نقاء حديثه ونباهة شيوخه وقد لقي نحو مايتي رجل وذكره شيخنا أبو عبد الله التجيبي في مجم مشيخته مصدراً به ومبتدياً لسنه وفضله وعظم قدره وعلو سنده وقال نسب إلى جده الملقب بسلفة وذكر سبب ذلك قال ثم نسبوا فقالوا سلفي وكسروا السين ليلاً يشتبه بالسلفى المنسوب إلى السلف وبالسلفى بطن من حمير وقال أبو بكر محمد بن عبد الغني المعروف بابن نقطة كان قديماً ببغداد وغيرها يكتب أحمد بن محمد يعرف بسلفة ثم كتب بعد أن سكن الإسكندرية السلفى وحكى التجيبي أن شيوخه يزيدون على الألف وأن بعض أصحابه جمع اسما النسا منهم على حروف المعجم قال وهذا اتساع عظيم في الأخذ عن المشايخ وكان أول سماعه للحديث باصبهان علي رئيسها أبي عبد الله الثقفي مسند عصره سنة 488 فكمل له في طلب العلم والتجول 38 سنة وأخبر عنه أن أول شيء سمعه بيتان من الشعر أنشدهما مودبه وقد بعثه في حاجة فقال له نعم ثم جادوها وهما
إذا قلت في شيء نعم ** فأتمه فإن نعم وعد علي الحر واجب
والأفقل لا تسترح وترح بها** لئلاً يقول الناس أنك كـاذب
وحكى أنه أملى بثغر سلماس مجالسه الخمسة قي سنة 500 والصحيح أن إملاها كان في سنة 506 وأورد ما قال ابن عساكر فيه ثم قال وذكره القاضي أبو الفضل عياض وأبو محمد الرشاطي وذكره أبو الوليد بن الدباغ في طبقات المحدثين وأسند عنه بالإجازة هو وجماعة وافرة ماتوا قبله وقال شيخنا أبو الربيع بن سالم وذكره في شيخه أبي القاسم بن حبيش من جمعه وقرأتها عليه تفرّد في الدنيا بالإمامة في علم الحديث وعلو الدرجة في الإسناد وأخذ عنوه أهل الأرض جيلاً بعد جيل وسمع الناس على أصحبه وهو لم يبعده عهده بشبابه فقد وقفت على نسخة أبي بكر محمد بن خلف بن فتحون المحدث من الكتاب الفاصل للرامهّرمزي وفيها سماع أبي بكر وغيره سنة 531 على أبي عبد الله بن وضاح عن أبي الطاهر ثم توفي أبو بكر قبله بقريب من 60 سنة وكذلك أبو الوليد بن الدباغ حدث أيضاً عن ابن وضاح عنه ووفاتهما معاً قبله بعشرات سنين قال واتفق له في هذا المعنى ما لا نعلمه اتفق في الإسلام لأحد قبله ولا لأبي القاسم البغوي مع أنه لا يعلم أحد وازاة في قدم السماع وتوفي ليلة الجمعة وقيل صبيحتها لخمس خلون من شهر ربيع الآخر سنة 576 وصى عليه لظهرها بجامع عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أبو الطاهر ابن عوف ودفن بمقبرة وعلة حدثنا نيف على العشرين من شيوخنا الأندلسيين والمشرقيين عن أبي الطاهر السلفي بجميع رواياته وتواليفه وقرأت الأربعين له على من سمعها منه وهو أبو محمد عبد الحق بن محمد بن علي الزهري الأندي وأخبرني أذنا عنه عن أبي على الصدفي قال قرأت على أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازي أنا أبو الحسن علي بن ابراهيم الحوفي نا أبو محمد الحسن بن رشيق نا أبو عبد الله محمد بن حفص بن عمر البصري نا عبيد الله بن محمد بن عايشة نا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فقال يا معاذ اتق الله وخالق الناس بخلق حسن وإذا علمت سيئة فاتبعها حسنة قال قلت يا رسول الله لا اله إلا الله من الحسنات قال هي من أكبر الحسنات فقلت هذا الحديث من خط شيخنا أبي الربيع بعد ما قرأته عليه بمدة طويلة ويرويه عن أبي بكر بن مغاور قراة عن أبي علي سماعاً ومن شعر السلفي ما أنشدنيه أبو الربيع الكلاعي قال أنشدني أبو الحجاج القضاعي هو ابن الشيخ قال أنشدني أبو طاهر لنفسه
إن علّم الحديث علم رجال تركوا الإبتداع للاتباع
فإذا الليل جنهم كتبوه وإذا أصبحوا عدوا للسماع
وأنشدني أيضاً قال أنشدني أبو عمر الحافظ هو ابن عات وقد أجاز لي قال أنشدني له بعض أصحابنا
ليس على الأرض في زماني من شانه في الحديث شابني
نقلا ونقدا ولا غلوا فيه علـى رغـم كـل شـاهـنـي
وما أحسن قول أ بي جعفر بن الباذش في هذا الشيخ واجراة على النصفة هو على عجمته يقرض الشعر ويحييه منه ما ليس يردي ولا جيد وأنباء السلفي كثيرة ومن تلاميذه طايفة جليلة كان أبعدهم ذكراً وارفعهم قدرا أبو الحسن بن المفضل المقدسي وهو الذي خلفه بعد وفاته واخذ عنه في حياته كثير من فيها رواته ثم خلف أبا الحسن هذا تلميذه الأكبر وشيخنا العلم الأشهر أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المندري أبقاه الله أحمد بن عبد الملك بن عميرة الضبي أبو جعفر من أهل لورقة سمع من أبي علي موطا مالك وغير ذلك وله أيضا ًسماع من أبي محمد بن أبي جعفر وغيرهما وتوفي سنة 577 وقد قارب الماية حدثنا أبو سليمان ابن حوط الله نا أبو جعفر احمد بن عبد الملك مناولة انا أبو علي حسين بن محمد قراة عليه بمرسية في سنة 531 ابن ابو الوليد الباجي عن يونس بن عبد الله انا أبو عيسى الليثي نا عبيد الله بن يحيى بن يحيى عن أبيه عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله ابن زيد الأنصاري انه اخبره عن أبي مسعود الأنصاري انه قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بيثر بن سعد امرنا الله ابن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمينا ابنه لم يسله ثم قال قولوا اللهم صل محمد وعلى ال محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم
وذكرت الدكتورة سعاد ماهر فى مساجد مصر وأولياؤها الصالحون :
=============================
هو الحافظ صدر الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن ابراهيم سلفة الأصفهانى ، سلفة كلمة فارسية مكونة من مقطعين ( سه ) بمعنى ثلاثة ( لفة ) بمعنى شفاه أى ثلاث شفاه لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة فصارت مث شفتين ، غير الأخرى الأصلية ، ولد فى مدينة أصفهان على الراجح سنة 475هـ فقد ذكر السبكى فى الطبقات الشافعية أن السلفى حكى عن نفسه أنه حدث سنة 492هـ وهو ابن سبع عشرة سنة أو نحوها وقال الحافظ ابن عبد الغنى أنه سمع السللفى يقول : أنا أذكر قتل نظام الملك سنة 485هـ وكان عمرى نحو عشر سنين ، وتلقى السلفى علومه الأولى فى مدينة أصفهان واتجه منذ اللحظة الأولى الى علم الحديث فسمع من كبار العلماء بأصفهان مثل القاسم بن الفضل الثقفى وعبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب المدينى والفضل بن على الحنفى وبن منصور بن علان الكرخى وغيرهم وقد بدأ السماع وهو فى نحو الثالثة عشرة من عمره فقد ذكر السبكى فى طبقاته أن اول سماع السلفى سنة 488هـ وفى موضع آخر قال وقد طلب الحديث وكتب الجزاء وقرأ بالروايات سنة 490 ه وبعد أربع سنوات من طلبه الحديث بدأ يحدث واتخذ له مجلسا فى مساجد اصفهان – وغادر السلفى مسقط رأسه باصفهان وارتحل الى بغداد كلبا للعلم على علمائها وفقهاء اهل العصر ويصف السلفى رحلته هذه فيقول ( دخلتها أى بغداد فى رابع شهر شوال فلم يكن لى همة ساعة دخولها إلا المضى الى الشيخ نصر بن البطر فدخلت عليه وكان شيخا عسرا فقلت وصلت من اصفهان اليك فقال : أقرأ ، جعل الراء غينا فقرأت عليه وأنا متكىء لأجل دمامل بى ، فقال : ابصر ذا الكلب ، فاعتذرت عليه بالدمامل وبكيت من كلامه وقرأت سبعة عشر حديثا وخرجت ، ثم قرأت عليه نحوا من خمسة وعشرين جزءا – ولم يكن ابن البطر استاذا السلفى الوحيد فى بغداد بل تتلمذ على معظم علمائها فى ذلك الوقت فدرس الفقه الشافعى فقد كان شافعى المذهب على الكيا أبى الحسن على الهراس ودرس اللغة على الخطيب أبى زكريا يحيى بن على التبريزى اللغوى وسمع الحديث ورواه عن ابى بكر الكرابيثى وأبى عبد الله بن البسرى وثابت بن بندار وابى محمد ابن السراج وغيرهم من الأئمة الأفضل – وبعد ان قضى السلفى قرابة اربع سنوات ببغداد ارتحل الى الحجاز ليؤدى فريضة الحج وهناك التقى بعلماء الحديث مثل الحسين بن على الطبرى بمكة وابى الفرج القزوينى بالمدينة ثم عاد الى بغداد حوالى سنة 500هـ فلما استوفى دراسته بها ألف معجما ثانية لعلمائه واساتذته بها ثم غادرها الى المشرق ثاينة حيث زار معظم مدنه الكبرى والتقى بعلمائها وقد وصفه الحافظ بن نصر وهو فى بغداد فقال ( كان السلفى ببغداد كأنه شعلة نار فى تحصيل الحديث ) وترك السلفى المشرق مرة ثانية وذهب الى دمشق وسمع ممن لا يحصى وبعد عامين فى سننة 511 هـ غادرها متوجها الى الاسكندرية وقد وطد العزم على ان يتخذ منها دار قرار فاستوطنها وتزوج امرأة بها دات يسار وحصلت له ثروة بعد فقد وتصدق وصارت له بالاسكندرية وجداهة – واشتغل السلفى منذ نزوله بالاسكندرية بالتدريس والحديث بصفة خاصة وكان يعقد حلقاته فى اول الامر فى مساجد المددينة ولم يلبث ان اقبل الكلبة عليه من فج عميق الى ان أنشأ ( حاكم الاسكندرية ) مدرسة خاصة له عرفت بالمدسرة السلفية حيث ظل رضى الله عنه معتكفا بها معلما ومربيا مدة مقامه بالاسكندرية وهى اربع سنوات – وكان السلفى من العلماء والفقهاء القليلين الذين قدروا المرأة العالمة الورعة التقية حق قدرها فقد ترجم فى كتابه معجم السفر لعدد من نساء الاسكندرية المشتغلات بالعلم والادب ممن اخذ هو عنهن او ممن اخذن عنه وفى مقدمتهن ام زوجته وهى عائشة واختها خديجة وكانت تدعى بمليحة وكذلك التقى بسيدة مصرية واسمها خضرة بنت البشير واخذ عنها ومن الشاعرات ذكر تقية بنت غيث وكانت تدعى ست النغم (1) ولها شعر جيد ومعان حسنة – وكانت للسلفى فى المجتمع السكندري مكانة ممتازة ملحوظة فكان يسعى اليه الملوك والامراء وكبار رجال الدولة وكان هو فى اتصاله بهؤلاء الرجال الرسميين شديد الحرص فهم فى معظمهم شيعة وهو سنى شافعى ولهذا كان يغض عن مذهبهم ويقنع بصلات الود والصداقة ويبعد ما استطاع من المناقشات الدينية والمذهبية
أما عن وفاته – فى صبيحة يوم الجمعة الخامس من شهر ربيع الآخر سنة 576هـ انتقل الشيخ الورع التقى العالم الجهبذ الى جوار ربه بع أن جاوز المائة عاما من عمره ويقول ابن الشيال فى اعلام الاسكندرية فى ترجمته وقد ظل حتى آخر لحظة من حياته حافظ لكل قواه العقلية ، حقيقة كانت السنون قد نالت منه وكانت اعظمه قد جفت وكانت حركته قد قلت ولكنه كان حاضر الذهن وقد قال هو عن نفسه هذين البيتين من السعر يصف حالته :
أنا إن با شبابـــــــــــــــــــى ومضى **** فلربى الحمــــــــد ذهنى حاضــــــر
ولئن خفت وجفت أعظمى **** كبرا غصن عــلو مى ناضــــــــــــــر
وقد بقى يدرس بمجرسته حتى آخر لحظة من حياته فقد قال السبكى فى طبقاته ( ولم يزل يقرأ عليه الحديث إلى أن غربت الشمس من يوم وفاته وهو يرد على القارىء اللحن الخفى وصلى يوم الجمعة الصبح عند انفجار الفجر وتوفى عقيبة فجأة ودفن السلفى فى الاسكندرية فى مقبرة وعله قريبا من داره التى كان يسكنها .
قال ابن خلكان :
========
وهى مقبرة داخل السور عند الباب الأخضر فيها جماعة من الصالحين كالطرطوشى وغيره
ولكن أهل الاسكندرية وكذا الاوقاف يرجحون أنه مدفون داخل مسجد القاضى سند بن عنان أمام القبلة الموجودة بشارع الباب الأخضر أو السكة الجديدة بالاسكندرية
(1) أم علي تقية بنت غيث ( 505 – 579 هـ ) :
ترجم لها ابن خلِّكان ( ت 681 هـ ) في " ====================
وفيات الأعيان " فقال : هي أم تاج الدين أبي الحسن علي بن فاضل بن سعد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن يحيى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن محمد بن صمدون الصوري الأصل .
كانت فاضلة، ولها شعر جيد، قصائد ومقاطيع، وصحبت الحافظ أبا الطاهر أحمد بن محمد السِّلفي الأصبهاني - رحمه الله تعالى - زماناً بثغر الإسكندرية المحروس، وذكرها في بعض تعاليقه، وأثنى عليها وكتب بخطه : عثرت في منزل سكناي، فانجرح أخمصي، فشقت وليدة في الدار خرقة من خمارها وعصبته، فأنشدت تقية المذكورة في الحال لنفسها تقول:
لو وجدت السبيل جُدت بخدي ..... عوضاً عن خمار تلك الوليدة
كيف لي أن أقبل اليوم رجلاً ..... سلكت دهرها الطريق الحميدة
نظرت في هذا المعنى إلى قول هارون بن يحيى المنجم :
كيف نال العثار من لم يزل من ...... ه مقيماً في كل خطب جسيم
أو ترقى الأذى إلى قدم لم ..... تخط إلا إلى مقام كريم
ولها غير ذلك أشياء حسنة .
وحكى لي الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري رحمه الله أن تقية المذكورة نظمت قصيدة تمدح بها الملك المظفر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين رحمهما الله تعالى، وكانت القصيدة خمرية، ووصفت آلة المجلس وما يتعلق بالخمر، فلما وقف عليها قال: الشيخة تعرف هذه الأحوال من زمن صباها ، فبلغها ذلك، فنظمت قصيدة أخرى حربية ووصفت الحرب وما يتعلق بها أحسن وصف، ثم سيرت إليه تقول : علمي بهذا كعلمي بهذا ، وكان قصدها براءة ساحتها مما نسبها إليه .
وكانت قد سألت الشيخ الإمام العالم أبا الطاهر إسماعيل بن عوف الزهري عن الشعر، فقال: هو كلام إن تكلمت بحسن فهو لك وإن تكلمت بشَرٍّ فهو عليك .
وكانت ولادتها في صفر سنة خمس وخمس مئة بدمشق، ورأيت بخط الحافظ السِّلفي أنها ولدت في المحرم من السنة المذكورة، وتوفيت في أوائل شوال سنة تسع وسبعين وخمس مئة، رحمها الله تعالى . اهـ .
قال أبو معاوية البيروتي : وقد ترجم لها العماد الأصبهاني في " خريدة القصر وجريدة العصر "، ونقل عدداً من أشعارها