موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: مقامات آل البيت( 4-السيدة نفيسة)كريمة الدارين رضى الله عنها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 26, 2013 1:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6129

وننظر إلى بعض المقالات التى كتبت فى حق سيدتنا :
نفيسة بنت الحسن الأنور…نفيسة العلم … كريمة الدارين


نشأت السيدة نفيسة في جو يسوده العلم والورع والتقوى، وفي وسط يزخر بالعلماء والعبّاد والزهّاد… فقرأت القرءان وحفظته، ودرست العلم ووعته، وسمعت مسائل الحديث والفقه ففهمتها. وكانت رضي الله عنها مُجابة الدعوة، أظمأت نهارها بالصيام، وأقامت ليلها بالقيام … عرفت الحق فوقفت عنده والتزمت به، وعرفت الباطل فأنكرته واجتنبته، واجتهدت بالعبادة حتى أكرمها الله بكرامات عديد هي السيدة نفيسة بنت أبي محمد الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السبط بن الإمام علي كرم الله وجهه. فهي من دوحة النبوة التي طابت فرعًا، وزكت أصلا.
أمها فهي أم ولد، وأما إخوتها فأمهم أم سلمة بنت زينب بنت الحسن بن الحسن بن الإمام علي كرم الله وجهه، وليس ذلك بضائرها أو مما ينقص من قدرها.
ولو نظرنا قديمًا لوجدنا أن نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام قد تسرّى بهاجر فولدت له نبي الله إسمعيل عليه السلام، فكان من نسله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وأيضًا تسرّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية فولدت إبراهيم.
كانت السيدة نفيسة عفيفة النفس، فما عُرف عنها أنها مدّت يدها لمخلوق، وكانت تنفق على نفسها وأهل بيتها من مالها أو مال زوجها، أو ما يأتيها مما تغزله بيدها.
وقد قيّض الله تبارك وتعالى لها أن تجتمع بفحول العلماء وأئمة الفقهاء، وشيوخ الزهّاد والعبّاد أمثال بشر بن الحارث المعروف بالحافي، وإمام أهل السنة الورِع أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، والإمام مالك وعبد الله بن الحكم، وأبي سعيد سحنون بن سعيد الفقيه المالكي والربيع بن سليمان المرادي من أصحاب الشافعي، والربيع الجيزي… وغيرهم كثير.
مولدها * كان من عادة الحسن الأنور والد السيدة نفيسة الجلوس في البيت الحرام، وذلك لكي يعطي للناس دروس العلم، ويناقشهم في أمور الفقه، ويتدارسون علوم القرءان.
وفي يوم، وهو على هذه الحال، أقبلت جارية لتزف إليه البشرى وتقول له: أبشر يا سيدي… فقد وُلدت لك الليلة مولودة جميلة، لم نرَ أحسن منها وجهًا، ولا أضوأ منها جبينًا، يتلألأ النور من ثغرها، ويشعّ من محيّاها.
فلما سمع الحسن الأنور هذه البشرى، فرح، وخرّ ساجدًا لله، شكرًا على ما وهبه من نعمة، وحمدًا لاستجابة دعائه. ثم أقبل على الجارية فأجزل لها العطاء… ثم قال لها: مري أهل البيت فليسمّوها "نفيسة"، فسوف تكون إن شاء الله تعالى "نفيسة".
وُلدت السيدة نفيسة بمكة المكرمة يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة من الهجرة النبوية، وقد فرحت أمها بمولودتها، ومما زاد في سرور الحسن الأنور أنها قريبة الشبه بأخته السيدة نفيسة بنت زيد رضي الله عنها، وهي التي تزوج بها الخليفة الوليد بن عبد الملك.
ولما سمع الحاضرون من صفوة الأخيار وصالحي المريدين نبأ ولادة مولوة للحسن الأنور، قاموا وهنّأوه بتحقيق أمله، واستجابة دعائه… فشكر لهم… ثم رفع يديه إلى السماء، وبسط كفيه بالدعاء والرجاء قائلا: "اللهم انبتها نباتًا حسنًا، وتقبلها قبولا حسنًا طيبًا، واجعلها من عبادك الصالحين، وأوليائك المقرّبين الذين تحبهم، ويحبونك.
اللهم اجعلها معدن الفضل، ومنبع الخير، ومصدر البرّ، ومشرق الهداية والنور، اللهم اجعلها نفيسة العلم، عظيمة الحلم، جليلة القدر، قوية الدين، كاملة اليقين".
وعند البشرى أيضًا بمولد السيدة نفيسة قدم رسول الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وترجّل عن فرسه، ثم دخل المسجد الحرام، وشقّ الصفوف حتى وصل إلى الحسن الأنور، ثم أخرج من جعبته كتابًا، ورفع إليه مع هذا الكتاب هدية الخلافة وكانت عبارة عن كيس كبير يحتوي على عشرين ألف دينار. وكان الكتاب يفوح منه رائحة المسك والعطر والطيب، ففتحه الشيخ، وقرأه في تؤدة وأناة. وكان القوم يسمعون وهم خائفون على كبير أهل البيت، وعظيم بني هاشم أن يمسّه من الخليفة سوء، أو يناله منه مكروه، ولكنهم لم يبرحوا حتى شاهدوا الحسن الأنور يبكي، فازدادوا قلقًا وخيفة عليه، فسألوه عن فحوى كتاب الخليفة، فقال لهم وهو يبكي، متهيبًا الموقف لعظيم الأمانة التي تُلقى على عاتقه: "لقد وُلّيت المدينة المنورة واختارني الخليفة أميرًا عليها " … فتهلل وجههم بالبشر، واستضاء جباههم بالفرح والسرور، وقالوا له: هنيئًا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل مثلك، يقيم فيها لواء العدل، وينشر فيها راية الحق، ويبثّ في جنباتها وبين ربوعها الأمن والطمأنينة والسلام والإنصاف… هنيئًا لأهلها أن يظفروا بذلك كله على يد ابن بار من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفّذ الأحكام ويقيم الحدود، ويُحيي السنن، ويُجدّد معالم الدين الحنيف.
فدع عنك التردد… فلعلك تجد مظلومًا تُنصفه، أو ملهوفًا تُغيثه، أو أسيرًا تفكّه، أو شريدًا طريدًا تحميه وتؤويه، فلما سمع الحسن الأنور منهم هذا القول سرّي عنهم وقال لهم: "إذا كانت تلك الإمارة نعمة من الله علينا وعلى الناس كانت تلك الوليدة بشيرها – يقصد السيدة نفيسة – وإذا كانت الإمارة كرامة لنا فإن الوليدة الجديدة رسولها".
نشأت السيدة نفيسة نشأة شريفة، فبعد أن درجت بمكة تحوطها العزة والكرامة، اصطحبها أبوها وهي في الخامسة من عمرها إلى المدينة، وأخذ يلقنها أمور دينها ودنياها، فحفظت القرءان، ولقّنها حديث النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وسمعت سيرة الصالحين، وصفات المتقين، ولم يقتصر في تربيتها على الحفظ والرواية، والدراسة والتلقين، بل حرص أن يجمع في تربيتها بين القول والعمل.
فكان يشاركها معه في نسكته وعبادته، ويُقرئها معه أوراده، وكثيرًا ما كان يصحبها إلى المسجد النبوي لتشهد جماعة المسلمين، ولتنظر بعينها إلى مواكب الأخيار، ووفود الأبرار وهم يترددون بشوق على مسجد النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم.
وقد بارك الله لها في طفولتها، فلم تبلغ الثامنة من عمرها حتى فرغت من حفظ كتاب الله تعالى، وشيئًا غير قليل من السنّة النبوية وكانت لا تفارق أباها في حلّه وترحاله، فكان لها قدوة حسنة وأسوة صالحة.
فأشرق صدرها بنور الإيمان، وخالطت نفسها حلاوة الطاعة. وكثيرًا ما كانت تدعو الله وهي صغيرة قائلة: اللهم حُلّ بين قلبي وبين كل ما يشغلني عنك وحبّب إليّ كل ما يقرّبني منك، ويسّر لي الطريق لطاعتك، واجعلني من أهل ولايتك، فإنك المرجو في الشدائد، المقصود في النوائب والملمّات.
ومن بين الذين التقت بهم السيدة نفيسة في المدينة الإمام مالك رضي الله عنه الذي كان حديث الفقهاء والمسلمين بكتابه "الموطأ" وفقهه الذي انتشر في الأمصار.
وكان الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة من أرفع العلماء قدرًا، وأكثرهم ورعًأ، وأصحهم حديثًا، وأقرأهم لكتاب الله رضي الله عنه.
وكانت تجتمع في بيت أبيها الحسن بصفوة العماء وخلاصة الفقهاء، وفحول الشعراء وكبار الأدباء، فكانت تستمع إليهم وتروي عنهم، تأخذ من أقوالهم وتحفظ من حكمتهم ما يغذّي عقلها المتفتح، ويضيء نفسها الزكية. فكانت صاحبة عقل راجح، وهمّة عالية، وعزيمة صادقة، وفكرة سليمة، ونشاط متجدد.
بلغت نفيسة العلم وكريمة الدارين سن الزواج، فرغب فيها شباب ءال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني الحسن والحسين رضي الله عنهما، كما تهافت لخطبتها الكثير من شباب أشراف قريش لما عرفوا من خيرها وبرّها وإيمانها وتقواها... وكان أشدهم حرصًا عليها إسحق بن جعفر الصادق وهو الذي كان يُلقّب بين أقرانه، ويُعرف بين الناس بإسحق "المؤتمن" لكثرة أمانته وقوة إيمانه ودينه.
ولم يكن هذا الشاب بغريب عنها فهو ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد رأى إسحق الناس يخطبون السيدة نفيسة من أبيها الحسن الأنور، ومنهم العلماء الأفاضل، والعباد الأعلام، وكان أبوها إذا سأله الناس عن سبب رفضه لهم قال: "إني أريد أن أؤدي الأمانة إلى أهلها، وأردّ القطرة إلى بحرها، وأغرس الوردة في بستانها". فإذا سمع الناس منه ذلك أمسكوا عن الكلام، وقالوا: لعلّ في الأمر سرًا لا ندركه ولا ندريه.
لكن إسحق رأى أن يُجرّب حظه، فيطلب الزواج بالسيدة نفيسة، فاستخار الله تعالى، وذهب إلى عمه ومعه كبار أهل البيت. فرحّب بهم الحسن ضيوفًا كرامًا. لكنه امتنع عن تزويج السيدة نفيسة لإسحق، فانصرفوا من عنده يعصر الألم قلوبهم لأن إسحق لا يُردّ.
قام إسحق من عند الحسن، وفي نفسه حزن كبير، وذهب إلى المسجد النبوي، ووقف في محرابه الميمون، وأخذ يصلي، فلمّا فرغ دخل الحجرة النبوية، ووقف عند القبر الشريف وقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين.. إني أبثك لوعتي، وأنزل بك حاجتي، وأعرض عليك حاجتي.. ولطالما استغاث بك الملهوفون، واستنجد بعونك المكروبون، فقد خطبت "نفيسة" من عمي "الحسن" فأباها عليّ..." ثم سلّم وانصرف.
فلما كان الصباح بعث إليه الحسن فأدهشه ذلك فلما لقيه قال له: لقد رأيت الليلة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة يُسلّم عليّ ويقول لي: "يا حسن زوّج نفيسة ابنتك من إسحق المؤتمن". فتمّ زواجها يوم الجمعة في الأول من شهر رجب سنة إحدى وستين ومائة للهجرة.

وبزواجهما اجتمع في بيتها نوران، نور الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، فالسيدة نفيسة جدها الإمام الحسن وإسحق المؤتمن جده الإمام الحسين رضي الله عنهما.
وكان إسحق من أهل الفضل والاجتهاد والورع، روى عنه الكثير من الناس الحديث والآثار، فقد كان محدثًا ثقة مأمونًا صادقًا.
وجاء في عمدة الطالب: وأما إسحق بن جعفرالصادق ويكنى أبا محمد، ويُلقّب "المؤتمن" فقد وُلد بالعريض، وهو وادٍ بالمدينة، وكان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان سفيان بن عيينة شيخ الإمام الشافعي رضي الله عنهما إذا ما روى عنه يقول: حدّثني الثقة الرضا إسحق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم.
ويروي المقريزي في خططه: وتزوج بنفيسة إسحق بن جعفر أهل الصلاح والخير والفضل والدين.
رحلتها إلى مصر الكنانة
كان للسيدة نفيسة مكانة في قلوب المسلمين عامة، والمصريين خاصة. وكان أهل مصر يلتقونها في موسم الحج، ويسألونها زيارتهم في بلدهم لكثرة ما سمعوا عن فضلها وعلمها، فكانت ترحب بدعوتهم وتقول لهم: سأزور بلادكم إن شاء الله فإن الله قد أثنى على مصر وذكرها في كتابه الكريم. وقد أوصى جدي بأهلها خيرًا فقال: "إن فتحتم مصرًا فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لكم فيها صهرًا ونسبًا"...
وتقلبت الأحوال بآل البيت، وعُزل ولدها الحسن الأنور عن ولاية المدينة، بعد وشاية بن أبي ذئب، وساءت الأحوال، وكثرت الفتن، واضطربت الأمور بين ءال البيت في الانتقال إلى مكان ءاخر غير المدينة، رغم أنها عزيزة عليهم، فعقدوا العزم على الانتقال إلى مصر، وكانت سبقتهم إليها في زمن سابق السيدة الطاهرة زينب بنت الإمام علي شقيقة الحسن والحسين وبنت فاطمة الزهراء عليها السلام وحفيدة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
رحّب المصريون بأهل البيت وعلى رأسهم السيدة نفيسة وزوجها إسحق وإبناها القاسم وأم كلثوم وغيرهم من أبناء ءال البيت، وتسابقوا في تكريمهم، وتنافسوا في استضافتهم.
فحظي بهذا الشرف السيد جمال بن الجصاص فأنزلهم في داره، وأقامت السيدة نفيسة في مصر حتى توفيت ودفنت بها.
وعلى الرغم أن السيدة نفيسة نشأت في بيت أبيها يحيط بها مظاهر الترف إلا أنها ءاثرت الزهد والتقشف، فكانت قليلة الأكل، ويروى أنها كات تأكل كل ثلاثة أيام مرة.
قالت زينب بنت أخيها: خدمتُ عمتي السيدة نفيسة أربعين عامًا فما رأيتها نامت بليل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق فقلت لها: أما ترفقين بنفسك؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعهن إلا الفائزون.
وكانت تقول: كانت عمتي تحفظ القرءان وتفسيره، وكانت تقرأ القرءان وتبكي.
من كراماتها **لما استقامت السيدة نفيسة رضي الله عنها بطاعة الله، أكرمها بكرامات كثيرة نذكر بعضًا منها:
سلة الطعام:
قال القناعي رحمه الله: قلت لزينب بنت يحيى أخي السيدة نفيسة: ما كان قوت عمتك؟ قالت: كات تأكل في كل ثلاثة أيام أكلة، وكانت لها سلة معلقة أمام مصلاها، وكانت كلما طلبت شيئًا للأكل وجدته في تلك السلة، وكانت لا تأخذ شيئًا من غير زوجها أو ما يحبوها به ربها، فالحمد لله الذي جعل لنا نصيبًا مما جعل للسيدة مريم بنت عمران عليه السلام".
جريان ماء النيل:
قال سعيد بن الحسن: توقف النيل بمصر في زمن السيدة نفيسة فجاء الناس إليها وسألوها الدعاء، فأعطتهم قناعها، فجاءوا بها إلى النهر وطرحوه فيه، فما رجعوا حتى فاض النيل بمائه وزاد زيادة عظيمة.
مع الثعبان:
روى عبد الرحمن الأوزاعي رضي الله عنه إمام الشام وفقيهها وعالمها المتوفى سنة 158 هـ فقال: قلت لجوهرة (إحدى إماء الحسين) هل رأيت من سيدتك الصغيرة نفيسة كرامة؟ قالت: نعم. كنت في يوم شديد القيظ، وإذا بتنين –ثعبان كبير- قد جاءني وكان معي ماء لسيدتي نفيسة، فصار ذلك التنين يمرّغ خدّه على الإبريق كأنه يتمسح به، متبركًا بمائها، ثم ذهب من حيث أتى.
دعاؤها للشافعي:
كان الإمام الشافعي رضي الله عنه إذا مرض يرسل لها رسولا من عنده، كالربيع الجيزي أو الربيع المرادي، فيقرئها سلامه ويقول لها: إن ابن عمك الشافعي مريض، ويسألك الدعاء فتدعو له، فلا يرجع إليه رسوله إلا وقد عوفي من رمضه.



فلمّا مرض الشافعي مرضه الأخير، أرسل لها على عادته رسوله يسألها الدعاء له، فقالت لرسوله: متّعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم (أي ذاته الكريم في الآخرة).
رؤياها لجدها صلى الله عليه وسلم:
قال زوجها إسحق المؤتمن يومًا لها: "ارحلي بنا إلى الحجاز"، فقالت: لا أفعل ذلك إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: لا ترحلي من مصر فإن الله تبارك وتعالى متوفيك فيها.
وفاتها **أصاب السيدة نفيسة المرض في شهر رجب سنة مائتين وثمان للهجرة وظل المرض يشتدّ ويقوى حتى رمضان، فبلغ المرض أقصاه، وأقعدها عن الحركة، فأحضروا لها الطبيب فأمرها بالفطر، فقالت: واعجباه! إن لي ثلاثين سنة وأنا أسأل الله أن يتوفاني وأنا صائمة ...
أفأفطر؟ وكان وراء ستار لها قبر محفور، فأشارت إليه وقالت: هذا قبري، وها هنا أُدفن إن شاء الله، فإذا متُّ فأدخلوني فيها. فلمّا فاضت روحها الطاهرة الشريفة دفنت في قبرها الذي حفرته بيدها، وذلك بعد موت الشافعي بأربعين سنة ...
رضي الله عن السيدة نفيسة الطاهرة الشريفة، نفيسة العلم وكريمة الدارين. اللهم أمّدنا بأمدادها واجمعنا بها في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقًا والحمد لله رب العالمين
******************************************************************السيدة نفيسة.. أم الكرامات ((بدعائها فاض النهر و..... ))في حياتها جف ماء النيل فجاء الناس إليها وسألوها الدعاء، فأعطتهم قناعها فذهبوا به إلى النهر وطرحوه فيه فما رجعوا حتى زخر النيل بمائه وزاد زيادة كبيرة.

وفي حياتها أسلم سبعون يهوديا، وتعلم أئمة الفقه على يديها، وتزوج رجل مسلم من امرأة من الأقباط فجاء منها بولد، وعندما شب أسر في بلاد الغزو، فسألت والدته عنه من رجع من المعركة فلم تجده، فقالت لزوجها “بلغني أن من بين أظهرنا سيدة شريفة من أسرة نبيكم يقال لها السيدة نفيسة، وان لها كرامات فاذهب إليها علها تدعو لولدي، فإن جاء آمنت بدينها، فجاء الرجل إلى السيدة نفيسة وقص عليها القصة، فضرعت إلى ربها أن يرد عليها ولدها ويخلصه من أسره، فلما كان الليل إذا بالباب يطرق، فخرجت المرأة فإذا بها تجد الطارق ولدها وهو يقف بالباب، فصاحت من فرحتها وفرحت به وأسلمت ووهبت نفسها لخدمة السيدة نفيسة.
ويقول المصريون عن حفيدة الإمام عليّ كرم الله وجهه السيدة نفيسة رضي الله عنها إنه ما من زائر لقبرها إلا حفت به كراماتها وشملته نفحاتها، فكم من مهموم زارها وضرع إلى الله تعالى فانحسرت غمومه وانقشعت همومه، وكم من خائف أو مظلوم إلا وقد لقي الإنصاف وباعد الله عنه الظلم، وما من مفزوع أو مكلوم إلا وسكن قلبه وعاد بعد زيارتها وهو ساكن البال مطمئن الفؤاد.

يوم الحضرة



في كل أحد من كل أسبوع يستقبل مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها الكائن في حي الخليفة بالقاهرة، زواره من مختلف الفئات الذين يحرصون على أداء صلاة المغرب، والبقاء بالمسجد يرتلون ما تيسر من آيات الذكر الحكيم حتى صلاة العشاء، فيما يعرف حسبما يقول الشيخ حسن الجمل إمام وخطيب المسجد ب”يوم الحضرة”.

سياسيون وبسطاء من عامة الشعب، وزراء سابقون وحاليون وعلماء ورجال فكر وسياسة، هم الزوار الدائمون لمقام السيدة نفيسة رضي الله عنها، في تظاهرة أسبوعية قلما تجد لها مثيلا، ما يجعل من صاحبة المسجد والضريح حالة شديدة الخصوصية بين نظرائها من مساجد وأضرحة آل البيت في مصر. ففي ضريحها بكي وزراء، وطلب سياسيون بارزون العون من الله في الشدائد، واستلهمت السيدة تحية كاظم زوجة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الصبر بعد رحيل الزوج والسند. ولدت السيدة نفيسة ابنة الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج ابن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين بمكة المكرمة في العام 145 هجرية، لكنها نشأت بالمدينة المنورة حيث اشتهر عنها الصلاح والتقوى، حتى قيل إنها كانت لا تفارق حرم الرسول صلى الله عليه وسلم، وحجت ثلاثين حجة كانت تتعلق خلالها بأستار الكعبة وتقول: إلهي وسيدي ومولاي متعتي وفرحتي برضاك عني.. فلا تسبب لي سببا به عنك يحجبني.

وتروي زينب ابنة أخيها يحيي المتوج، طرفا من حياتها في كتب الأثر: “خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك، فقالت كيف أرفق بنفسي وقدامي عقبات لا يقطعها إلا الفائزون”.

رحلت السيدة نفيسة رضي الله عنها إلى مصر هي وزوجها إسحق المؤتمن بن جعفر الصادق، وكان قدومها إلى مصر أمرا عظيما، إذ استقبلها المصريون رجالا ونساء عند الحدود الشمالية الشرقية للبلاد في مدينة العريش بالهوادج، حتى إذا استقر بها المقام في القاهرة شهد بيتها الكائن في درب السباع آلاف الزوار وبخاصة من هؤلاء الذين يعتقدون في كراماتها، فكان إذا نزل بهم أمر جاءوا إليها يسألونها الدعاء فتدعو لهم.

وقد كان الزحام الشديد عند باب السيدة نفيسة وتهافت المصريين على رؤيتها والاستماع إليها دافعا لزوجها بعد شهور من قدومها إلى مصر إلى التفكير جديا في الارتحال إلى الحجاز، بل إنه عرض عليها الأمر فما كان منها إلا أن قالت: “لا أستطيع ذلك فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي لا ترحلي من مصر فإن الله تبارك وتعالى متوفيك بها”.

ويقول مؤرخون إن السيدة نفيسة رضي الله عنها أقامت بمصر ما بين سبع سنوات إلى خمسة عشر عاما، قبل أن تداهمها في شهر رجب من العام 208 هجرية نوبة مرض شديد، فلما أحست بدنو أجلها حفرت قبرها بيدها في بيتها، وكانت تنزل إليه لتصلي فيه كثيرا، فلما حانت الساعة وكان ذلك في الجمعة الأولى من شهر رمضان بدأت في قراءة سورة الأنعام، فلما وصلت إلى قوله تعالى: “لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون” غشي عليها، فضمتها زينب بنت أخيها إلى صدرها فشهدت شهادة الحق وقبضت.

بعد وفاتها رضي الله عنها أراد زوجها أن يحملها إلى المدينة المنورة لكي يدفنها بالبقيع، فعرف المصريون بذلك فهرعوا إلى الوالي عبد الله بن السري بن الحكم واستجاروا به عند زوجها ليرده عما أراد فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى أيضا، فباتوا منه في ألم عظيم، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم.

دفنت السيدة نفيسة رضي الله عنها بدارها بدرب السباع بين القطائع والعسكر والتي عرفت فيما بعد بكوم الجارحي، وكان يوم دفنها يوما مشهودا، فقد هرع المصريون من أقصى البلاد وأدناها، ليصلوا عليها، إكراما لنسبها للبيت النبوي الشريف، ولعلمها الغزير الذي كان سببا في أن يفد عليها في حياتها أئمة الفقه الإسلامي وكبار العلماء، ويروى أن الإمام الشافعي زارها في بيتها وأنه قال لها من وراء حجاب: ادعي لي، فلما توفي في العام 204 هجرية أدخلت جنازته إليها، فصلت عليه وقالت: رحم الله الشافعي، فقد كان يحسن الوضوء.

رعاية شديدة



وعلى نهج أجدادهم ظل المشهد النفيسي في القاهرة يحظى بالرعاية الشديدة من المصريين على امتداد الأجيال محبة في صاحبة المقام واعترافا بعلمها وفضلها، بل إن مسجدها ظل على مدار تاريخه الطويل ضمن اهتمامات العلماء والأمراء والحكام الذين تعاقبوا على مصر، فمنهم من جدد المقام ومنهم من وسع المسجد حتى وصلت مساحته الآن إلى ما يزيد على ألفي متر بعد أن كان مجرد حجرة في دار أبي جعفر خالد بن هارون السلمي.

ويقول مؤرخون إن كافور الأخشيدي لم يكن يدع زيارة السيدة نفيسة وأنه كان يحرص على زيارتها في أيام معلومة من كل أسبوع، فيدخل إلى ضريحها يسأل الله قضاء حوائجه ويفي بالنذر، وينثر المسك والطيب على مقامها، ويحسن على الفقراء الموجودين به، وكان معروفا أيضا عن خديوي مصر عباس حلمي الثاني اعتقاده الشديد في كرامات السيدة نفيسة، لذا قام بتجديد مسجدها وأقام في هذه المناسبة احتفالا كبيرا حضره الأمراء والعلماء والأعيان، وقد ظل المسجد يومها مفتوحا حتى صباح اليوم التالي بسبب تزاحم الزائرين الذين جاءوا إليه من شتى أنحاء مصر.

ويحفظ المصريون سيرة السيدة نفسية رضي الله عنها عن ظهر قلب، بل إن كثيرا من مريديها قاموا بطباعة سيرتها العطرة في كتيبات تروي أجزاء منها وتعدد مناقبها وكراماتها، وتقول بعض هذه الكتيبات إنها عندما بلغت الخامسة عشرة من عمرها رغب كثير من الصالحين في خطبتها، غير أن والدها وافق على زواجها من إسحاق المؤتمن وهو من آل البيت، بعد أن رأى في المنام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وافق على الزيجة فأتم الزواج، وقد رزقت السيدة نفيسة منه بالقاسم وأم كلثوم.

وصلت السيدة نفيسة رضي الله عنها إلى مصر القديمة يوم السبت الموافق 26 من شهر رمضان المبارك في العام 193 هجرية، فنزلت أول ما نزلت بدار كبير تجار مصر حينذاك جمال الدين عبدالله بن الحصاص ومكثت به أشهرا والناس يأتون إليها للتبرك بها والاستفادة من علمها، ثم انتقلت إلى دار أم هاني بمنطقة المصاحبة (حي الحسين الآن)، وكان بهذه الجهة رجل يهودي يدعى “أبو السرايا” أيوب بن صابر، وكانت له ابنة مقعدة فتوجه بها إلى السيدة نفيسة واستأذنها في البقاء عندها حتى يعود من الحمام، فأذنت لها ولما جاء وقت صلاة الظهر توضأت السيدة نفيسة بجانب الفتاة المقعدة فجرى ماء الوضوء إليها، وألهمها الله أن تمسح بذلك الماء أعضاءها فتحركت وشفيت من مرضها، وعندما شاهدتها أمها بكت بكاء شديدا، فلما حضر والد البنت وعلم ما حدث أسلم وأسلمت معه زوجته وابنته.

شاع خبر إسلام اليهودي في العائلة فأسلمت عن بكرة أبيها، وكان عدد أفرادها سبعين يهوديا، وأصر والد الفتاة على انتقال السيدة نفيسة إلى بيته بدرب الكروبيين بجوار مسجد المعرف بشارع القبر الطويل بالحسينية فوافقت، وما زالت هذه الدار موجودة حتى الآن وكذلك الحجرة التي كانت السيدة نفيسة رضي الله عنها تتعبد فيها.

كرامات

ذاعت كرامات السيدة نفيسة في مصر فهرع إليها الناس من كل جهة، وازدحموا على بابها فضاق بهم البيت، ويومها عزم زوج السيدة الجليلة رضي الله عنها على الرحيل إلى الحجاز، ولكن أهل مصر تمسكوا بها، ويذكر كتاب الجواهر النفيسة في مناقب السيدة نفيسة رضوان الله عنها لمؤلفه الراحل الشيخ محمد عبد الخالق أنه لما جاءها مرض الموت أرسلت لزوجها إسحاق المؤتمن تستحضره إليها من المدينة وعندما زاد بها المرض في أول جمعة من رمضان عام 208ه أشار عليها الأطباء بالإفطار لما رأوا بها من ضعف فقالت قولتها الشهيرة: “معاذ الله.. اصرفوا عني طبيبي ودعوني وحبيبي”.

ويعد عبيد الله بن السري بن الحكم والي مصر من قبل الدولة الأموية، هو أول من بنى على قبر السيدة نفيسة حسبما يذكر المقريزي في خططه، وقد أعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية حيث أقيمت عليه قبة، وقد دون تاريخ هذه العمارة على لوحة من الرخام وضعت عند باب الضريح جاء فيها: “نصر من الله وفتح قريب لعبد الله ووليه ابن تميم الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين، أمر بعمارة هذا الباب السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الأنام، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين عضد الله به الدين، وأمتع بطول بقائه المؤمنين وأدام قدرته وأعلى كلمته وشد عضده بولده الأجل سيف الإمام جلال الإسلام شرف الأنام ناصر الدين خليل أمير المؤمنين زاد الله في علائه وأمتع المؤمنين بطول بقائه في شهر ربيع الآخر سنة 482 هجرية”.
وفي عهد الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله حدث تصدع لقبة المشهد النفيسي فجددت كما غطي المحراب الرخام، وكان ذلك سنة 532 هجرية، ويقول الجبرتي: إن الأمير عبد الرحمن كتخدا عمَّر المشهد النفيسي ومسجده وبني الضريح على ما هو عليه الآن، وجعل لزيارة النساء طريقاً بخلاف طريق الرجال وذلك في سنة 1173ه. كما كتب على باب الضريح بالذهب على الرخام:


عرش الحقائق مهبط الأسرار قبر النفيسة بنت ذي الأنوار
حسن بن زيد بن الحسن نجل
الإمام علي ابن عم المصطفى المختار
وقد وصف علي مبارك في خططه الضريح والمسجد الملحق به وصفا مستفيضا، وقال إن الدولة خصصت حينذاك 450 فدانا وعدة حوانيت للصرف على المشهد، غير المبالغ التي تتجمع في صندوق نذوره والتي كانت تبلغ في السنة في ذلك العهد ما قيمته خمسة وعشرون ألف قرش، كما كانت نظارة الأوقاف تصرف له ثمن الزيت والحصر وملء الميضأة
((ضريح السيدة نفيسة رضى الله عنها ( المشهد النفيسي))
البداية والنهاية/الجزء العاشر/وفاة السيدة نفيسة
وفاة السيدة نفيسة **هي: نفيسة بنت أبي محمد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، القرشية الهاشمية، كان أبوها نائبا للمنصور على المدينة النبوية خمس سنين، ثم غضب المنصور عليه فعزله عنها وأخذ منه كل ما كان يملكه وما كان جمعه منها، وأودعه السجن ببغداد. فلم يزل به حتى توفي المنصور فأطلقه المهدي وأطلق له كل ما كان أخذ منه، وخرج معه إلى الحج في سنة ثمان وستين ومائة، فلما كان بالحاجر توفي عن خمس وثمانين سنة. وقد روى له النسائي حديثه، عن عكرمة، عن ابن عباس: «أن رسول الله احتجم وهم محرم». وقد ضعفه ابن معين وابن عدي، ووثقه ابن حبان. وذكره الزبير بن بكار وأثنى عليه في رياسته وشهامته.
والمقصود: أن ابنته نفيسة دخلت الديار المصرية مع زوجها المؤتمن إسحاق بن جعفر، فأقامت بها وكانت ذات مال فأحسنت إلى الناس والجذمى والزمنى والمرضى وعموم الناس، وكانت عابدة زاهدة كثيرة الخير.
ولما ورد الشافعي مصر أحسنت إليه وكان ربما صلى بها في شهر رمضان.
وحين مات أمرت بجنازته فأدخلت إليها المنزل فصلت عليه.
ولما توفيت عزم زوجها إسحاق بن جعفر أن ينقلها إلى المدينة النبوية فمنعه أهل مصر من ذلك وسألوه أن يدفنها عندهم، فدفنت في المنزل الذي كانت تسكنه بمحلة كانت تعرف قديما بدرب السباع بين مصر والقاهرة، وكانت وفاتها في شهر رمضان من هذه السنة فيما ذكره ابن خلكان.
7 – كتاب نيل الخيرات الملوسة بزيارة أهل البيت والصالحين بمصر المحروسة ص 33 يقول الدكاور سعيد أبو الأسعاد :
هذا مقام نفيسة العلـــــــــم التى
برحـــــابها تتنزل الرحمــــــــات
يا من أتى متوسلا ب ( نفيسة )
أبشر بنيل القصد والإسعـــــــــأد








هى السيدة نفيسة العالية القدر إبنة ساداتنا حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين .. أمها ف ( أم ولد ) وأما إخواتها فأمهم ( أم سلمة ) زينب بنت الحسن بن الحسن بن على رضى الله عنهم وليس ذلك بضائرها ولا ما ينقص من قدرها فقديما تسرى الخليل ( إبراهيم ) عليه الصلاة والسلام ( هاجر ) فولدت له ( إسماعيل ) عليه السلام فكان من نسله صفوة خلق الله ( محمد ) بن ( عبد الله ) صلى الله عليه وسلم . وقد تسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ب(مارية القبطية ) فولدت له ( إبراهيم ) عليه السلام . وقد كان أبوها الحسن من أم ولد وكذا زيد بن على رضى الله عنهما من أم ولد وقد دخل على هشام بن عبد الملك فقال له هشام بلغنى أنك تحدث نفسك بالخلافة لا تصلح لها لأنك ابن أمة فقال له أما قولك أنى \احدث نفسى بالخلافة فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى وأما قولك أنى ابن امة ف(إسماعيل) ابن أمة * أخرج الله من صلبه خير البشر ( محمد ) صلى الله عليه وسلم و(إسحاق ) إبن حرة أخرج من صلبه القردة والخنازير * ولدت رضى الله عنها بمكة المكرمة سنة 145 هـ وحفظت منذ نعومة أظافرها آيات القرآن الكريم ووعت علومه ونشأت بالمدينة المنورة بعد أن انتقل إليها أبوها الحسن الأنور مع بقية أسرتها فقد عين الخليفة العباسى ( أبو جعفر المنصور ) أباها واليا على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت لا تفارق حرم الرسول صلى الله عليه وسلم * حجت رضى الله عنها ثلاثين حجة أدت معظمها ماشية وكانت تبكى بكاء شديدا متعلقة بأستار الكعبة قائلة ( إلهى وسيدى ومولاى ، متعنى وفرحنى برضاك عنى فلا تسبب لى سببا به عنك تحجبنى ) * وقد تزوجت النفيسة بنت الحسن بإسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق وأعقبت منه ولدين القاسم وأم كلثوم اللذين توفيا بعد أمهما ودفنا بالبقيع * وكان أهل المدينة يثقون فى روايتها للحديث والإلمام بحقائق صحة السند وما إليه وعندما مرض الرجل الصالح الناسك بشر بن الحارث الشهير بالحافى وكان من زوارها فعادته فور علمها بأمر وعكته وبينما هى عنده إذ دخل الإمام أحمد بن حنبل يعوده كذلك فنظر إلى السيدة نفيسة وقال لبشر من هذه فقا له بشر هذه نفيسة بلغها مرضى فجاءت تعودنى فقال الإمام أحمد لبشر فاسألها تدعو لنا فقال لها بشر أدعى الله لنا فقالت اللهمم إن بشر بن الحارث وأحمد بن حنبل يستجيران بك من النار فأجرهما يا رحم الراحمين ** وقد تشرفت أرض الكنانة بأن تتخذ السيدة نفيسة منها موطنا تعيش فى كنفها فتتنعم بالتقدير والحب والأمان فقدمت إلى مصر سنة 193 مع زوجها إسحاق المؤتمن وأبيها الحسن بن زيد بعد أن أتمو الحج ثم ذهبوا الى فلسطين لزيارة المسجد الأقصى وعاشوا أياما فى الرحاب القدسية والآثار المطهرة التى شهدت رحلتى الإسراء والمعراج وفى الحرم الإبراهيمى تاقت نفسها الصافية لزيارة مصر لأنها عرفت أن مصر حرم آمن يلوذ به العائذ فى دفع كل خطب مهول وتلقاه المصريون بالحفاوة والإجلال وحيثما يممت السيدة نفيسة لا تجد إلا ترحابا من وفود الجماعات التى أتت من ريف مصر وصعيده بدوه وحضره فور علمهم بمقدمها ولا تجد إلا أكفا مرفوعة بالدعاء والثناء كأنها تستنزل الكواكب من السماء لتشارك الناس حبورهم * وقد أنست السيدة نفيسة فى طبيعة أهل مصر المؤصلة بالطيبة والإخلاص والتاريخ المدعوم بكل ما في مزاج أرضها ونورها وهوائها ** وقد نزلت الريحانة العطرة أول الأمر فى دار كبير التجار جمال الدين الجصاص فأقامت مع أفراد أسرته الأشهر القليلة إلى أن حطت رحالها .. بعد ذلك .. فى مكان يسمى دار أم هانىء على أطراف مدينة العسكر .. وكان يفد على السيدة نفيسة فى ححياتها أئمة الفقه الإسلامى وكبار العلماء فقد زارها الإمام الشافعى وعبد الله بن الحكم وذو النون المصرى والإمام الحسن الدينورى وأبو على الروزبارى وأبو بكر الدقاق والفقيه عبد الله بن وهب المالكى والإمام أبو جعفر الطحاوى الحنفى وأبو نصر سراج الدين المغافرى والفقيه ابو بكر الحداد والإمام أبو الحجاج الأشبيلى والإمام يوسف بن يعقوب الهورى والمحدث الحافظ عبد الغنى بن سعيد الأزدى والإمام أبو عبد الله القضاعى والإمام أبو زكريا السحاوى وشيخ قراء مصر الإمام ورش المقرىء والإمام المحدث الحافظ الشيرازى والحافظ أبو طاهر السلفى وابو الحسن الموصلى الى مئات من سادات وأئمة الأئمة فى علوم الدين والدنيا مما يدل على رفعة قدرها وعلو مقامها ولما توفى الإمام الشافعى سنة 204 هـ حملوه الى دارها فصلت عليه مأمومة بالإمام أبى يعقوب البويطى ودعت له وشهدت فيه خير شهادة حيث قالت عبارتها المشهورة ( رحم الله الشافعى فقد كان يحسن الوضوء ويعد وفاة الشافعى بدأت السيدة نفيسسة تعد نفسها للقاء مولاها فحفرت قبرها بيدها تباعا فى حجرتها بمنزلها الذى أهداه إليها والى مصر عبيد الله بن السرى بن الحكم بدرب السباع وهو الذى أصبح فيها بعد مشهدها ومسجدها الخالى وكانت تصلى فر قبرها الذى حفرته بيدها فى حجرتها وقرأت فيه عشرات الختمات من القرآن الكريم تبر كا واستشفاعا بعد أن بناه خير البنائين .. تسابقا المرضاتها ليرضى عنهم الله تعالى ** قالت زينب بنت أخيها وكانت مرافقة وملازمة لها : ( تألمت عمتى فى أول يوم من رجل وكتبت الى زوجها اسحاق المؤتمن كتابا وكان غائبا بالمدينة المنورة على صاحبها افضل الصلاة والسلام تطلب اليه فيه المجىء اليها وموافاتها لإحساسها بدنو أجلها وفراقها لدنياها وإقبالها على أخراها ومازالت متوعكة الى ان كان أول جمعة من شهر رمضان فزاد عليها الألم وهى صائمة فدخل عليهيا الأطباء فأشاروا عليها بالأفطار لحفظ قوتها ولتتغلب على مرضها وضعفها فقالت :
واعجباه ** إن لى ثلاثين سنة وأنا أسأل الله عز وجل أن يتوفانى وأنا صائمة * أفأفطر ؟ معا الله تعالى )
ثم أنشدا تقول :
أصرفوا عنى طبيبى ******* ودعونى وحبيبى
فأنصر الأطباء وهم معجبون بقوة يقينها وثبات دينها وسألوها الدعاء فقالت لهم خيرا ودعت لهم وفى يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان سنة 208 هـ وأثناء قراءتها سورة الأنعام حتى إذا وصلت قوله تعالى لهم دار السلام عند ربهم * فاضت روحها الى الرفيق الأعلى راضية مرضية * وجاء زوجها اسحاق الى مصر يوم وفاتها وهيأ لها تابوتا وقال إنى لا أدفنها إلا بالبقيع عند جدها صلى الله عليه وسلم فتعلق به أهل مصر وسألوه بالله عز وجل أن يدفنها عندهم فأبى * فأجتمعوا وذهبوا إلى اميير مصر عبيد الله بن السرى بن الحكم وتوسلوا به الى اسحاق بأنيدفنها عندهم وان يرجع عن عزمه وخاصة إنها حفرت قبرها بيدها فى دارها * فسأل الأمير فى ذلك وقال له بالله لا تحرمنا من مشاهدة قبرها فإنا كنا إذا نزل بنا أمر جئنا إليها فى دارها فى حياتها نسألها الدعاء فما تنتهى من دعائها إلا وقد كشف الله عنا ما نزل بنا فدعها لتكون فى أرضنا فإذا نزل بنا أمر جئنا إلى قبرها فسألنا الله تعالى عنده فتركها ودفنها بمقبرتها لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا إسحاق رد أدفن نفيسة عندهم ففرح القوم وأخذوا يكبرون رضى الله تعالى عنهم جميعا ونفعنا بهم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين *


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 5 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط