اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6457
|
( فصل ) القبر مدفن الإنسان وجمعه قبور والمقبرة بفتح الميم وضم الباء . وحكى جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى كسر الباء قاله الجوهرى ( وقال ) صاحب المحكم المقبرة موضع القبور ( وقال ) ابن السكيت أقبرته أى صيرته له قبرا يدفن فيه ( وقوله ) تبارك وتعالى ( ثم أماته فأقبره ) أى فجعله ممن يقبر ولم يجعله ممن يلقى للكلاب والقبر مما أكرم به بنو آدم ( ومما ) روى البخارى ( أن ملك الموت أرسل إلى موسى عليه الصلاة والسلام فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز وجل فقال أرسلتنى إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عليه وقال ارجع فقل له يضع يده على متن ثور وله كل ما غطته يده بكل شعرة سنة ، قال أى رب ثم ماذا ، قال ثم الموت ، قال فالآن فسأله الله سبحانه وتعالى أن يدنيه من الارض المقدسة رمية الحجر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : لو كنت ثم لايتكم قبره جانب الطريق عند الكثيب الاحمر ) ( وقال ) ابن زولاق إنه لما مات يوسف عليه الصلاة والسلام بمصر ودفن بها فى قبر فى صندوق رخام فى وسط نهر النيل حتى تعم بركته على الجانبين من ارض مصر فأقام فى القبر بمص إلى أن حمله معه موسى عليه الصلاة والسلام حين خرج من مصر وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما خرج هو وبنو إسرائيل من مصر ضلوا الطريق وأظلم عليهم فقال ما هذا فقال علماؤهم ان يوسف عليه الصلاة والسلام لما حضرته الوفاة أخذ علينا موثقا من الله سبحانه وتعالى ان لا نخرج حتى ننقل عظامه معنا ، قال فمن يعرف موضع قبره ، قالوا عجوز لبنى اسرائيل فبعث اليها فأتته فقال دلينى على قبر يوسف ، قالت العجوز لموسى وكانت مقعدة عمياء لا أخبرك بموضع قبر يوسف حتى تعطينة أربع خصال تطلق رجلى وترد على بصرى وشبابى ,اكون معك فى الجنة فكبر ذلك على نبى الله موسى فأوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى أنأعطها ما سالت : ففعل موسى ذلك فانطلقت بهم الى موضع قبر يوسف عليه الصلاة والسلام وهو بالنيل فاستخرج من الصندوق المذكور ، ولما فكوا التابوت طلع القمر وأضاءت الطريق مثل النهار فاهتجوا وحملوه معهم ودفن فى قبر مع أبيه بالارض المقدسة ( وكان الامر معجزة لموسى عليه الصلاة والسلام والقبور وان تساوت فى الظاهر فهى مختلفة الاحوال فى الباطن ( وقد ورد ) أيضا ( القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ) فهو للمؤمنين الذين سبقت لهم من الله الحسنى نعيم وراحة ولمن ختم له بالشقاوة عذاب ومحنة ( والقبر ) له أسماء ( أحجهما ) الرمس ( والثانى ) الجدث ( والثالث ) الجدف ( والرابع ) البيت ( الخامس ) الضريح ( السادس ) الرمم ( السابع ) الرجمة ( الثامن ) البلد ( التاسع الجبان ( العاشر ) الحاموصد ( الحادى عشر الدمس بالدال المهملة ( الثانى عشر ) المهاد ( واعلم ) أن الموت من أعظم المصائب وسماه الله تعالى مصيبة فى قوله تبارك وتعالى 0 فأصابتكم مصيبة الموت ) فالموت هوالمصيبة العظمى والرزية الكبرى ، وأعظم منه الغفلة عنه والاعراض عن ذكره وقلة التفكير فيه وترك العمل له ( وأعلم ) أنالعبد اذا كان الغالب عليه الخوف فى حال الصحة والرجاء فى حال المرض كان ملطوفا به وأن الحب فى الله يرجى لصاحبهما الخير فى الدنيا والآخر( وقد حكى ) فى المعنى الشيخ الصالح العارف عز الدين بن غانم المقدسى فى كتابه المسى ( بأفراد الاحد عن أفراد الصمد ) أن صبيين اصطحبا فى مكتب الحساب أحدهما مسلم والاخر نصرانى وصحت بينها الصحبة وصفت لهما المحبة الى أن كبرا وخرجا من المكتب ، وكل واحد منهما على دينه ، ثم إن المسلم مرضى واشتد عليه المرضى فعاده النصرانى فرآه يجود بنفسه فجلس عند رأسه ينظر اليه ويبكى أسفا عليه فلما رآه المسلم يبكى رق قلبه اليه وبكى وقال يا فلان " ادع الله تعالى أن يغفر لى فقال له النصرانى : وكيف يسمع دعائى وأنا على غير دينك فقال المسلم ؛ بلى فانه قد رق لى قلبك وصفى سرك ، وجرى دمعك والدمعة تطفىء غضب الرب عز وجل وتمحو عظائم الذنوب ، قال فرفع النصرانى يده يدعو له بالمغفرة ثم انصرف من عنده فمات المسلم من يومه فرآن والده فى تلك الليلة فى المنام ، فقال يا بنى ما فعل الله بك قال : يا أبت غفر الله سبحانه وتعالى لى بدعوة صاحبى النصرانى ، قال فلما اصبح أبوه انطلق الىالنصرانى وتشكر له وأخبره بما رآن فى نومه وحدثه بحديث ولده له وأنه قد رأى قصرا عظيما لا توصف حيطانه الىجانب قصر ولده فقال له لمن هذا ? قال له : لصاحبى النصرانى قال فلما حدثه تبسم وقال له اسمك عليك فانى الليلة كنت عنده وتلسمت مفاتيح القصر ، قال له بماذا قال بشهادة ان لا غله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، قال ثم إنه دخل منزله وتشهد ومات فغسلناه وكفناه ودفناه الى جانب صاحبه فلما جاء الناس فى اليوم الثنى لزيارتهما اذا هم بشجرة قد نبتت من قبرهما ومكتوب على أوراقها بقلم القدرة ( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) جعلنا الله سبحانه وتعالى منهم بمنه وكرمه آمين ( وقالت ) أم يونس القطان رايت الحسن البصرى رحمة الله عليه فى جنازة ( نوار 9 أمرأة الفرزدق قد اعتم بعمامة سوداء وقد أسد لها بين كتفيه واجتمع الناس ينظرون اليه فجاء الفرزدق يمشى حتى قام بين يديه فقال يا أبا سعيد يزعم الناس أنه قد اجتمع فى هذه الجنازة خير الناس وشر الناس فقال الحسن ك من خير الناس وشر الناس ? قال يزعمون أنك خيرهم وأنى شرهم ، فقال الحسن ما أنا بخير الناس ولا أنت بشرهم ، ولكن ما اعددت لهذا اليوم ? فقال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله سبعين سنة ، قال فقال الحسن : نعم والله العدة ، ثم قال الفرزدق :
أخاف ورود القبر إن لم تعافنى أشد من القبر المهاب واضيقا اذا جاءنى يوم القيامة قائد وسواقه قصدا يسوق الفرزدقا
|
|