أخاف ورود القبر إن لم تعافنى أشد من القبر المهاب واضيقا
اذا جاءنى يوم القيامة قائد وسواقه قصدا يسوق الفرزدقا
( باب فى ابتداء ذكر الزيارة )
ابتدأ الشيخ شمس الدين الازهرى من مشهد السيدة نفيسة رضى الله تبارك وتعالى عنها واتبدأ جماعة ممن كان قبله من طريق معن من درب الصفا ( وابتدأ ) صاحب كتاب المصباح من مشهد الحسين من داخل القاهرة ( وابتدأ ) (1) الشيخ أبو الفتح محمد بن خليل المعروف بابن الغير من عند مسجد خارج القاهرة يعرف بمسجد التبرير عند العامة وهو خطأ وانما هو مسجد تبر قريب من المطرية ( وتبر ) بانى هذا المسجد كان من أكابر الأمراء فى أيام كافور الأخشيدى وهذا المسجد (2) مدفون به رأس السيد ابراهيم المفرس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الامام على بن أبى طالب رضى الله تبارك وتعالى عنه ( وكان ) أرسلها الخليفة المنصور الى مصر فنصبت فى المسجد الجامع العتيق بمصر فى ذى الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ( وهذه ) الخطة التى دفن بها الرأس الشريف خطة قديمة البركة والآثار ، بها المطرية وهى قرية فيها البستان ال1ى يزرع فيه البلسان ويستخرج منه دهن ( خاصيته ) عظيمة لجبر الكسر وغيره ) وخاصيته ) فى ماء البئر التى بالبستان يقال : إن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام اغتسل منها ) وهناك ) أيضا ) ( عين شمس ) قريبة منها ، بها آثار عجيبة وصور السباع وبها عمد يقال لها مسلة فرعون من الحجر الماتع ( قال ) ابن زولاق الليثى فى تاريخه (3) عن مدينة عين شمس وهى هيكل الشمس وعجائبها وملاعبها وأبنيتها ( وفيها ) العمودان اللذان لم ير أعجب منهما ولا من شأنهما ، وأنهما محمولان على وجه الأرض ليس لهما أساس ( وطولهما ) فى السماء خمسون ذراعا فيهما صورة انسانعلى دابة وعلى رأسهما صومعتان من نحاس ، واذا جرى النيل قطر من راسهما ماس ( وقال ) الواقدى إن المقوقس بن راعيل (4) صاحب مصر كان تلميذ الحكيم اعتمامود وكان فى زمنه حكيم اسمه عظلوس وهو الذى عمل جواليب الريح وغير ذلك وكان قد اطلع على حكم وأسرار منها أن الله سبحانه وتعالى يبعث نبيا من أرض تهامة من ولد اسماعيل بن ابراهيم عليهما الصلاة والسلام وتطيعه العباد .
---------------------------------------------------------------------------------
هذا المحل يبتدىء به السخاوى فى ذكر المزارات المصرية وهى طريقة ابتعها جماعة من مؤرخى المزارات المصرىة كابن الصيرفى الذى يذكر هنا بابن الغير وهو خطأ والصحيح فى المخطوط من التحفة ما ذكرنا وقوله هنا من طريق معن من جرب الصفا – هذه عبارة مصحفة – يقصد بها أن يقول من طريق مصر من درب الصفا الذى هو أول دروب مصر الموصل بينها وبين مدينة القاهرة – وهذا الدرب هوالمعروف بعضه الآن بشارع الأشرف والسيدة نفيسة فكأنه يريد أن يقول إن جماعة من مؤرخى المزارات ابتدءوا كتبهم بذكر ما قبل المشهد النفيسى – وصاحب المصباح الذى يذكره هنا هو مجد الدين بن الناسخ المعروف بابن عين الفضلاء وكتابه المذكور هو الموسوم بمصباح الدياجى وغوث الراجى – ذكر فيه المزارات المصرية إلى القرن التاسع الهجرى ؛ منه مخطوط بالدار أصله لعلى مبارك باشا ، ولا بد أن نذكر هنا أن السخاوى هذا مؤلف هذا الكتاب هو أبو الحسن نور الدين على بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوى الحنفى صاحب الضوء اللامع والتواليف الاخرى ، وحسبنا دليلا على هذا ما يذكره الأجهورى فى آخر كتابه مزارات الأشراف المفونين بمصر ، ومشارق الأنوار له أيضا وهناك أدلة أخرى تظهر فى هذا الكتاب على أنا تبدو ظاهرة جلية فى النسخة الخطوطة التى اعتمدنا عليها فى هذه التعاليق وهى التى أشرنا اليها بأول الكتاب ولا زالت موجودة باحدى مكاتب اوروبا تسربت اليها عن طريق بعض الكتبية فى مصر وسيأتى لك فى الخاتمى مزيد بيان .
(2) العبارة التى يقول فيها وهذا المسجد الخ . مصحفة كما ترى وفى النسخة الخطية ابراهيم الغمر بالغين المعجمة وهذا وذاك خطأ ظاهر ، وابراهيم المقوصر بالذكر هنا هو ابراهيم الجواد الملقب بالكامل وبالمحض بن الحسن المثنى بن الامام الحسن السبط المستشهد فى سنة 145 هـ وقد برأسه الكريم إلى مصر فطيف به أياما ثم دفن فى هذه الضاحية التى كانت تعرف بمنية مطر – ومازال مدفونا بها فى تربة متواضعة الى أيام كافور الاخشيدى فبنى عليه مسجد تبر وتبر هذا أحد كبار موظفى حكومة كافور – وقد عرف من ذلك الحين بمسجد تبر وترجم له المقريزى فى الخطط ( 4 – 271 ) وذكر فى الترجمة خبر قدوم الراس الكريمة الى مصر لكنه أخطأ فى نسبه والصحيح ما ذكرناه على ما هو المعروف عند علماء النسب المحققين وقد ظل هذا المسجد يعرف به الى عهد بعيد ثم تحول الى زاوية صغيرة ومنها الى تربة بقيت زمنا ثم دثرت ومن عهد قريب تطوع بعض الاهالى ببنائه فأعاده الى شبه حالته وهو باق الى الآن بالمطرية بشارع البرنس يعرف بجامع السيد ابراهيم وعليه ضريح مزار لكن بعض العامة يقول انه ابراهيمالدسوقى او ابراهيم بن زيد الشهيد على ما يذكره الشعرانى وكلاهما خطأ ظاهر – ولابراهيم هذا قصة طويلة فى مشهده يطول بنا إيرادها – وقد راح رحمه الله ضحية الطمع والجشع – فى بلدة باغمرى من اعمال الكوفة دولن تكريت بينها وبين واسط ، قال أبو المحاسن فى النجوم ( 2-2 ) وبينما الناس فى ذلك قدم البريد برأس ابراهيم بن عبد الله الى آخر ما ذكر من نسبه فى ذى الحجة سنة خمس وأربعين ومائة فنصب فى المسجد أياما – ولابراهيم هذا ولد يقل له عبد الله ذكر دخوله مصر – ابن الحسنى فى عمدة الطالب ،وهناك بهذه الجهة جامع المطرواى الذى جدد على عهد الخديو توفيق باشا على ضريح الشيخ المطرواى وهذا الجامع لم يذكره الساوى لأنه انشىء بعده = وقد وهم الشيه عثمان محمد بن مدوخ فى ( العدل الشاهد ) بين هذا الجامع وجامع السيد ابراهيم وهو سهو فيما يظهر .
(3) هذا منالتواريخ المفقودة الآن ويوجد منه قطعة خاصة بفضائل مصر لعلنا نلحقها بهذه التحفة فى الطبع حتى تصبح فى أيدى الناس .
(4) المقوقس الذى يذكر هنا – لم يهتدى الى معرفته على ضوء العلم الصحيح أحد من مؤرخى العرب – واضطربت فيه افكار علماء الغرب والذى استخلصناه هو أن الموقس هذا لقب لمن كان يخكم مصر فى عهد دولة الروم الشرقية ولعل المذكور هنا هوالمقوقس قبرص الملكانى الذى كان مدير الادارة الاموال المقرة ثم بطريقا للاسكندرية ثم خاكما على مصر وهو الذى عرفه المسلمون الفاتحون لمصر – وأما المقوقس الآخر الذى كام معاصرا لحضرة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم – فهو المقوقس جريج بن مينا وقد ذكرنا هذا استطرادا تحقيقا للتاريخ