موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 07, 2020 12:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (31)

ليلة القدر نفسها مختلف فيها :

قال الشوكانى فى نيل الأوطار (4/364ـ367): " وقد اختلف العلماء فيها على أقوال كثيرة ذكر منها فى فتح البارى ما لم يذكره غيره ، وسنذكر ذلك على طريق الاختصار فنقول :
1- أنها رفعت ، حكاه المتولى عن الروافض والفاكهانى عن الحنفية .

2- أنها خاصة بسنة واحدة وقعت فى زمنه صلى الله عليه و سلم حكاه الفاكهانى .

3- أنها خاصة بهذه الأمة ، جزم به جماعة من المالكية ، ونقله صاحب العمدة عن الجمهور من الشافعية ، واعترض بحديث أبى ذر عند النسائى قال : قلت يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا

ماتوا رفعت ، فقال : هى باقية واحتجوا بما ذكره مالك فى الموطأ بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تقال ( وجدها قليلة ) أعمار أمته عن أعمار الأمم الماضية فأعطاه الله ليلة القدر .



قال الحافظ وهذا محتمل للتأويل فلا يدفع التصريح فى حديث أبى ذر .

4- أنها ممكنة فى جميع السنة ، وهو المشهور عن الحنفية ، وحكى عن جماعة من السلف وهو مردود بكثير من أحاديث الباب المصرحة باختصاصها برمضان .

5- أنها مختصة برمضان ممكنة فى جميع لياليه , وروى عن بن عمر وأبى حنيفة وبه قال ابن المنذر وبعض الشافعية ورجحه السبكى .

6- أنها فى ليلة معينة مبهمة ، قاله النسفى فى منظومته .

7- أنها أول ليلة من رمضان حكى عن أبى رزين العقيلى الصحابى .

وروى ابن أبى عاصم من حديث أنس قال : ليلة القدر أول ليلة من رمضان قال ابن أبى عاصم: لا نعلم أحدا قال ذلك غيره .

8- أنها ليلة النصف من رمضان ، حكاه ابن الملقن فى شرح العمدة .

9- أنها ليلة النصف من شعبان ، حكاه القرطبى فى المفهم ، وكذا نقله السروجى عن صاحب الطراز .

10- أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ، ودليله ما رواه ابن أبى شيبة والطبرانى من حديث زيد بن أرقم قال: بلا شك ولا امتراء أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ليلة أنزل القرآن ، وأخرجه أبو داود عن ابن مسعود .

11- أنها مبهمة فى العشر الوسط ، حكاه النووى وعزاه الطبرى إلى عثمان بن أبى العاص والحسن البصرى ، وقال به بعض الشافعية .

12- أنها ليلة ثمان عشرة ، ذكره ابن الجوزى فى مشكله .

13- ليلة تسع عشرة ، رواه عبد الرزاق عن على عليه السلام ، وعزاه الطبرى إلى زيد بن ثابت ووصله الطحاوى عن ابن مسعود .

14- أول ليلة من العشرة الآخرة ، وإليه مال الشافعى وجزم به جماعة من أصحابه.

15- مثل الذى قبله إن كان الشهر تاما ، وإن كان ناقصا فليلة إحدى وعشرين وهكذا فى جميع العشر ، وبه جزم ابن حزم ودليله حديث أبى سعيد وعبد الله بن أنيس وأبى بكرة وسيأتى .

16- ليلة اثنين وعشرين ، ودليله ما أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن أنيس أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ليلة القدر ، وذلك صبيحة إحدى وعشرين فقال: كم الليلة قلت : ليلة اثنين وعشرين فقال : هى الليلة أو القابلة .

17- ليلة ثلاث وعشرين ، ودليله حديث عبد الله بن أنيس الآتى ، وقد ذهب إلى هذا جماعة من الصحابة والتابعين .

18- أنها ليلة الرابع والعشرين ، ودليله ما رواه الطيالسى عن أبى سعيد مرفوعا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين ، وما رواه أحمد من حديث بلال بنحوه وفيه ابن لهيعة وروى ذلك عن ابن مسعود والشعبى والحسن وقتادة .

19- ليلة خمس وعشرين حكاه ابن الجوزى فى المشكل عن أبى بكرة .

20- ليلة ست وعشرين ، قال الحافظ وهو قول لم أره صريحا إلا أن عياضا قال : ما من ليلة من ليالى العشر الأخيرة إلا وقد قيل فيها أنها ليلة القدر .

21- ليلة السابع والعشرين، وقد تقدم دليله ومن قال به .

22- ليلة الثامن والعشرين ، وهذا لم يذكره صاحب الفتح ، ولكن ظاهر قول عياض المتقدم أنه قد قيل إنها ليلة القدر ، وقد أسقط فى الفتح القول الثانى والعشرين ، وذكر الثالث والعشرين بعد الحادى والعشرين فلعله سقط عليه حكاية هذا القول وقد ثبت فى بعض النسخ .

23- أنها ليلة تسع وعشرين حكاه ابن العربى .

24- أنها ليلة الثلاثين ، حكاه عياض ورواه محمد بن نصر عن معاوية ، وأحمد عن أبى هريرة .

25- أنها فى أوتار العشر الأخيرة ، ودليله حديث عائشة الآتى فى آخر الباب، وكذلك حديث ابن عمر قال فى الفتح وهو أرجح الأقوال وصار إليه أبو ثور والمزنى وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب .انتهى

26- مثله بزيادة الليلة الأخيرة ، ويدل عليه حديث أبى بكرة الآتى وقد أخرج أحمد من حديث عبادة ابن الصامت ما يدل على ذلك .

27- تنتقل فى العشر الأواخر كلها , قاله أبو قلابة ونص عليه مالك والثورى وأحمد وإسحاق ، وزعم الماوردى أنه متفق عليه ، ويدل عليه حديث أبى سعيد الآتى

28- مثله إلا أن بعض ليالى العشر أرجى من بعض ، قال الشافعى : أرجاها ليلة إحدى وعشرين .

29- مثله السابع والعشرين ،إلا أن أرجاها ليلة ثلاث وعشرين ولم يذكر فى الفتح قائله .

30- كذلك إلا أن أرجاها ليلة سبع وعشرين، ولم يحك صاحب الفتح من قاله

31- أنها تنتقل فى جميع السبع الأواخر ، ويدل عليه حديث ابن عمر الآتى ، وقد اختلف أهل هذا القول . هل المراد السبع السابع من آخر الشهر أو آخر سبعة تعد من الشهر ، قال فى الفتح :ويخرج من ذلك القول الثانى والثلاثون

33- أنها تنتقل فى النصف الأخير ، ذكره صاحب المحيط عن أبى يوسف ، ومحمد وحكاه إمام الحرمين عن صاحب التقريب.

34- ليلة ست عشرة أو سبع عشرة ، رواه الحرث بن أبى أسامة من حديث عبد الله بن الزبير .

35- ليلة سبع عشرة ، أو تسع عشرة ، أو إحدى وعشرين ، رواه سعيد بن منصور من حديث أنس بإسناد ضعيف .


يتبع ببقية الأقوال في ليلة القدر


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 08, 2020 12:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#ليلة_النصف_من_شعبان (32)

بقية الأقوال في تحديد ليلة القدر:

36- أول ليلة من رمضان أو آخر ليلة منه ، رواه بن أبى عاصم من حديث أنس بإسناد ضعيف .

37- ليلة تاسع عشرة ، أو إحدى عشرة ، أو ثلاث وعشرين ، رواه أبو داود من حديث ابن مسعود بإسناد فيه مقال ، وعبد الرزاق من حديث على بسند منقطع ، وسعيد بن منصور من حديث عائشة بسند منقطع أيضا .

38- أول ليلة ،أو تاسع ليلة ،أو سابع عشرة ،أو إحدى وعشرين ،أو آخر ليلة رواه ابن مردويه فى تفسيره عن أنس بإسناد ضعيف .

39- ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين ودليله حديث ابن عباس الآتى ولأحمد نحوه من حديث النعمان بن بشير .

40- ليلة إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ،أو خمس وعشرين ،ويدل عليه حديث ابن عباس الآتى ، وأخرج البخارى نحوه من حديث عبادة بن الصامت.

41- أنها منحصرة فى السبع الأواخر، ويدل عليه حديث ابن عمر الآتى، وفى الفرق بينه وبين القول الحادى والثلاثين خفاء .

42- ليلة اثنين وعشرين ,أو ثلاث وعشرين ,ويدل عليه حديث عبد الله بن أنيس عند أحمد .

43- أنها فى إشفاع العشر الوسط والعشر الأواخر, قال الحافظ قرأته بخط مغلطاى

44- أنها الليلة الثالثة من العشر الأواخر ,أو الخامسة منه, رواه أحمد من حديث معاذ ,قال فى الفتح والفرق بينه وبين ما تقدم أن الثالثة تحتمل ليلة ثلاث وعشرين وتحتمل ليلة سبع وعشرين .

45- أنها فى سبع أو ثمان من أول النصف الثانى ,رواه الطحاوى من حديث عبد الله بن أنيس .

هذا جملة ما ذكره الحافظ فى الفتح أوردناه مختصرا مع زوائد مفيدة .

ومما ينبغى أن يعد قولا خارجا عن هذه الأقوال, قول الهادوية أنها فى تسع عشرة وفى الأفراد بعد العشرين من رمضان ,واستدلوا على أنها فى الأفراد بعد العشرين بما استدل به أهل القول الخامس والعشرين ,على أنها قد تكون فى ليلة تسع عشرة ,بما أخرجه الطبرانى من حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه و سلم قال التمسوا ليلة القدر فى سبع عشرة ,أو تسع
عشرة ,أو إحدى وعشرين ,أو ثلاث وعشرين, أو سبع وعشرين , أو تسع وعشرين .

قال الهيثمى بعد أن ساقه فى مجمع الزوائد فيه أبو الهزم وهو ضعيف فيكون هذا القول هو السادس والأربعين ،وينبغى أن يجعل ما اشتمل عليه هذا الحديث القوى

47- وأما كونها مبهمة فى جميع السنة فلا ينبغى أن يُجعل قولا خارجا عن هذه الأقوال ؛لأنه عين القول الرابع منها،وأرجح هذه الأقوال هو القول الخامس والعشرون ،أعنى أنها فى أوتار العشر الأواخر, قال الحافظ وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين ". اهـ كلام الشوكانى

يعنى عند الإمام أبى حنيفة والحنفية ,وعن جماعة من السلف أنها دائرة فى العام كله ، "وقال أبو بكر الرازى هى غير مخصوصة بشهر من الشهور, وبه قال الأحناف ، وفى قاضيخان المشهور عن أبى حنيفة أنها تدور فى السنة كلها, وقد تكون فى رمضان , وقد تكون فى غيره ,وصح ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم".

فمن الممكن إذاً أن تأتى ليلة القدر فى ليلة النصف من شعبان. ولِمَ لا ؟!

والجزم بأنها ليلة معينة مصادرة لأدلة كثيرة ، كما أن حديث أبى ذر الذى يحدد أنها لا تخرج عن رمضان فيه كلام كثير ، متن الحديث لا يصدق.

ونسرده من باب الأمانة:

قال أبو مرثد : سألت أبا ذر قلت :كنت سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ليلة القدر قال: أنا كنت أسأل الناس عنها قال قلت: يا رسول الله أخبرنى عن ليلة القدر أفى رمضان هى أو فى غيره قال :بل هى فى رمضان، قال :قلت تكون مع الأنبياء ما كانوا ،فإذا قبضوا رفعت أم هى إلى يوم القيامة , قال: بل هى إلى يوم القيامة ، قال :قلت فى أى رمضان هى, قال :التمسوها فى العشر الأول ، أو العشر الأواخر ثم حدث رسول الله صلى الله عليه و سلم وحدث ثم اهتبلت وغفلته قلت: فى أى العشرين هـى قال: ابتغوها فى العشر الأواخر ،لا تسألنى عن شىء بعدها، ثم حـدث رسول الله صلى الله عليه و سلم وحدث ثم اهتبلت ، وغفلته فقلت :يا رسول الله أقسمت عليك بحقى عليك لما أخبرتنى فى أى العشر هى ، قال :فغضب على غضبا لم يغضب مثله منذ صحبته أو ،صاحبته كلمة نحوها قال: التمسوها فى السبع الأواخر لا تسألنى عن شىء بعدها".

فأنت ترى أن ألفاظه لا تقال من أبى ذر ، ثم إن أكثر العلماء على أن ليلة القَدْر مخصوصة بالأمة المحمدية، فعن الإمام مالك بن أنس أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول :إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أُرى أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذى بلغ غيرهم فى طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

، وفى إنجيل برنابا قال عيسى: ( إنى حقا أرسلت إلى بيت إسرائيل نبى خلاص ولكن سيأتى بعدى مسيا المرسل من الله لكل العالم ، الذى لأجله خلق الله العالم ، وحينئذ يسجد لله فى كل العالم وتنال الرحمة ، حتى أن سنة اليوبيل التى تجىء الآن كل مائة سنة سيجعلها مسيا كل سنة فى كل مكان). ( )

ونحن نرى أن الإسراء والمعراج كان نوع من أنواع ليالى القَدْر، ولا يمكن أن يقاس بأنه خير من ألف شهر فخير الإسراء والمعراج لا يعلمه إلا الله ، ونزول القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ليلة قَدْر ، وغزوة بدر كانت صبيحة ليلة القَدْر (17 من رمضان) ، وليلة فتح مكة كانت ليلة قَدْر.




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 08, 2020 12:40 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

ليلة القَدْر هى ليلة خير من ألف شهر, قد تأتى ليلة يرزقك الله فيها خيرا من ألف ألف شهر، ما المانع من فضل الله، ليلة القَدْر هى التى ينظر الله لك فيها نظرة .. هذه النظرة هى ليلة قدرك .
فليلة القَدْر المتنقلة إما فى السنة كلها أو فى رمضان.

نحن نرى أن ليلة القدر للأمة تأتى غالبا فى رمضان ، وهى متنقلة فيه ، غالبا ما تأتى فى العشر الأواخر ، غالبا فى آحادها ، لكن لا مانع من وجودها فى أى وقت فى السنة ، ليس هناك نص قطعى فى القرآن أو السنة على تخصيصها برمضان فقط.



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 10, 2020 5:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

#ليلة_النصف_من_شعبان (33)

وشتان بين ليلة قدر للأمة (التى غالبا ما تأتي فى رمضان ) ، وبين ليلة القدر للنبى صلى الله عليه و سلم .

ومعنى{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} يعنى أن القرآن أنزل فى أحد ليالى القدر ، وإلا كان اليوم الذى أنزل فيه القرآن هو اليوم الوحيد الذى تكون فيه ليلة القَدْر ولا يكون أبدا فى غيرها، فلِمَ إذاً لما تلاحى الرجلان فيها رفعت مع أن القرآن معروف موعد نزوله ؟

ثم إن ليلة القَدْر تسمى القَدْر ، وليس القَدَر ، وشتان بين القَدْر الذى هو خير من ثلاثة وثمانين عاما ، وبين ليلة التقدير التى فيها الأقدار لعام واحد.

يدعو بعض الناس فى ليلة القدر فى رمضان ويستجيب الله لهم بما لا يتخيله مخلوق. هذا نوع من أنواع الكرم الإلهى.

ما وجدنا فى سُنَّة رسول الله صلى الله عليه و سلم من الأحاديث التى قالها النبى صلى الله عليه و سلم أن فى ليلة القَدْر تنزل المقادير والآجال وإلا كان اشتهر ذلك ، ولكن ثبت ذلك فى ليلة النصف.حتى العامة تفهم ذلك وتعلم أن ليلة القدر ليلة عظيمة فى الثواب والمغفرة وليس فى التقدير ، وأن إجابة الدعاء من الكرم الإلهى بسبب بركة الليلة.

مفهوم آية سورة الدخان مع آية سورة القَدْر جعل المفسرين رضوان الله عليهم إلا بعضهم يظنون المطابقة ؛ لذلك لجأ بعض المفسرين إلى أسلوب الجمع للخروج من هذا المأزق.

قال الإمام الرازى فى تفسيره الكبير (32/35) : " قيل أليس أنه قد روى أنه تقسم الآجال ، والأرزاق ليلة النصف من شعبان ، والآن تقولون إن ذلك يكون ليلة القدر قلنا عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه قال: إن الله يقدر المقادير فى ليلة البراءة , فإذا كان ليلة القدر يسلمها إلى أربابها وقيل يقدر ليلة البراءة الآجال ، والأرزاق وليلة القدر يقدر الأمور التى فيها الخير ، والبركة والسلامة وقيل يقدر فى ليلة القدر ما يتعلق به إعزاز الدين ،وما فيه النفع العظيم للمسلمين ،وأما ليلة البراءة فيكتب فيها أسماء من يموت ويسلم إلى ملك الموت ".

وبعد أن ذكر الإمام البغوى فى تفسيره (4/148ـ149) أحاديث قطع الآجال فى النصف من شعبان ، قال : " قال قتادة وابن زيد هى ليلة القدر أنزل الله القرآن فى ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا ، ثم نزل به جبريل عن النبى صلى الله عليه و سلم نجوما فى عشرين سنة ، وقال آخرون : هى ليلة النصف من شعبان.

وروى أبو الضحى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الله يقضى الأقضية فى ليلة النصف من شعبان ،ويسلمها إلى أربابها فى ليلة القدر ". اهـ

ولم يعقب على ذلك ، ولم ينف.

أما فى تفسير الجلالين (1/656) فقال : " فيها أى فى ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان يفرق يفصل كل أمر حكيم محكم من الأرزاق والآجال وغيرهما التى تكون فى السنة إلى مثل تلك الليلة ".

وقال الألوسى فى تفسيره "روح المعانى" (25/110ـ115) : " وقيل يُبدأ فى استنساخ كل أمر حكيم من اللوح المحفوظ فى ليلة البراءة ويقع الفراغ فى ليلة القدر ، فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ونسخة الحروب إلى جبرائيل وكذلك الزلازل والصواعق والخسف ونسخة ألأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب إلى ملك الموت وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما تقتضى الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان وتسلم إلى أربابها ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان .

واعترض بما ذكر على الاستدلال بالظواهر على أن الليلة المذكورة هى ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان، ومن تدبر علم أنه لا يخدش الظواهر .

نعم حكى عن عكرمة أن ليلة النصف من شعبان هى ليلة القدر ويلزمه تأويل ما يأبى ظاهره ذلك فتدبر .

وقال الإمام الألوسى أيضا فى تفسيره (30/189ـ195) : " لكن قال بعض الأجلة كون التقدير فى هذه الليلة يشكل عليه قول كثير أنه ليلة النصف من شعبان وهى المراد بالليلة ولمباركة التى قال الله تعالى فيها: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وأجاب بأن هاهنا ثلاثة :

الأول : نفس تقدير الأمور أى تعيين مقاديرها وأوقاتها وذلك فى الأزل .

والثانى : إظهار تلك المقادير للملائكة عليهم السلام ،بأن تكتب فى اللوح المحفوظ وذلك فى ليلة النصف من شعبان.

والثالث : إثبات المقادير فى نسخ وتسليمها إلى أربابها من المدبرات ،فتدفع نسخة الأرزاق والنباتات، والأمطار إلى ميكائيل ، ونسخة الحروب والرياح والجنود والزلازل، والصواعق والخسف إلى جبريل ، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت وذلك فى ليلة القدر.

وقيل يقدر فى ليلة النصف الآجال والأرزاق ، وفى ليلة القدر الأمور التى فيها الخير والبركة والسلامة .

وقيل يُقدر فى هذه ما يتعلق به أعزاز الدين ،وما فيه النفع العظيم للمسلمين ، وفى ليلة النصف يكتب أسماء من يموت ويسلم إلى ملك الموت ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال". اهـ

إذاً الموضوع ليس بالبساطة التى يتخيلها البعض , ليلة القدر متحركة متنقلة إما خلال السنة أو خلال شهر رمضان. لو صح مذهب أبى حنيفة وأصحابه ، فمن الممكن أن تأتى فى عام فى أوله (المحرم مثلا) ، وفى العام التالى فى آخره (ذو الحجة مثلا)، فتكون الفترة بين ليلة قدر وليلة قدر سنتين. فأين إذاً تحديد المقادير بعام أو بسنة؟!

نفس الكلام لو أتت ليلة القدر أول يوم فى رمضان ، وفى السنة التى تليها آخر يوم فى رمضان.

أما ليلة النصف من شعبان فهى ثابتة ، فالحساب على سنة ، ثم أن رفع الأعمال وعرضها فى شعبان يوحى بانتهاء رصيد العام ، وفتح صفحات جديدة. فإذا كان تقدير الأقضية من ليلة قدر فى رمضان فقط لليلة قدر فى رمضان فقط ـ التى هى غالبا فى العشر الأواخر ـ فلِمَ لَمْ ترفع الأعمال فى رمضان؟

على الأقل حتى لا يكون هناك فرق بين رفع الأعمال فى شعبان , وبين الفترة التى ستأتى فيها ليلة القَدْر وقد يقدر ذلك بعشرين ( إذا كان عرض الأعمال ينتهى آخر شعبان) إلى خمس وثلاثين يوما (إذا كان عرض الأعمال ينتهى فى النصف من شعبان) وكانت ليلة القَدْر بدءا من عشرين رمضان.

يظن بعض الناس أنهما قضيتان منفصلتان من ليلة قدر إلى ليلة قدر تنزل الأقدار ، ومن شعبان إلى شعبان ترفع الأعمال. نقول : نعم ، كلام جيد ، لكن عليه مآخذ منها ما قدمناه من أحاديث فى تقدير الأعمار والأرزاق فى شعبان ، وهى أحاديث مرفوعة للنبى صلى الله عليه و سلم واعتبرها علماء كثيرون ، ومنها أنه لا يوجد حديث واحد صحيح مرفوع للنبى صلى الله عليه و سلم يقول أن الآجال والأرزاق تكتب فى ليلة القَدْر فى رمضان.

بعض الآثار التى فيها أن الآجال والأرزاق تكتب فى ليلة القَدْر لم يذكر الراوى أن ليلة القدر لابد أن تكون فى رمضان، ثم نص الآيات {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} كما قلنا: على أى تنزيل؟ وفى بعض التفاسير أن الهاء فى{ أَنْزَلْنَاهُ } عائدة على جبريل وليس القرآن ، وهو قول غريب، ومن الاعتراضات أيضا ما قدمناه فى حالة صحة مذهب الإمام أبى حنيفة وغيره من السلف ،ـ وقد جاء عن بعض الصحابة ـ وهى أنها تدور خلال السنة.

بذلك نكون قد أجبنا على السؤال الأول.




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت إبريل 11, 2020 1:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

#ليلة_النصف_من_شعبان (34)

فلنجيب على السؤال الثانى والثالث.

الأعمار والأرزاق

س: وإذا كانت المقادير تنزل فى ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان ، فهل الدعاء أو غير الدعاء يرفع هذه الأقدار؟

س: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو الصادق المصدوق : " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقى أو سعيد." فمعنى ذلك أن العمل والرزق والعمر والخاتمة معلومة محكوم فيها فكيف يدعو الإنسان أو يتشفع لأمر قد فرغ منه ؟

الدعاء والأقدار

الدعاء والأعمار والأرزاق

الدعاء هو حال باطنى فى داخلك ينادى ويستغيث من أمر مفزع , تستغيث بالمغيث جل وعلا, الدعاء فيه التسليم والإقرار بالضعف والاحتياج والافتقار والذلة وصدق الالتجاء, الدعاء إقرار بأنه تعالى سميع عليم قدير مجيب لا يعجزه شىء وهو القاهر فوق عباده وهو على كل شىء قدير, الدعاء هو سرعة الإحساس بالمسيطر عليك ـ عز وجل ـ بدون فلسفة ولا ضحك على النفس.

إقرار بأنه يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلمك على الحقيقة , وهو الواحد الأحد الذى يستطيع أن يرفع عنك ما أنت فيه.

قد تدعو بلسانك ، وقد تدعو بقلبك ، وقد تدعو بدمعك ، وقد تدعو بصمتك ، وقد تدعو بالصريخ ، وغير ذلك، أنواع وأشكال كلها يُقَدِّرها لك ويحبها منك من خلقك، فهو طبيبك وقد حكم لك بمعيته عندما تدعو, فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن رب العزة :" إن الله يقول أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا دعانى".

الدعاء راحة ما بعدها راحة ، وسعادة ما بعدها سعادة ، الكلام فى ذلك يطول، ما يهمنا هنا هو علاقة الدعاء برفع البلاء ، وهل الدعاء يؤثر فى الرزق أو العمر ، وارتباط ذلك بالنصف من شعبان.
نبدأ بالدعاء العظيم الذى نقله للأمة سيد شباب أهل الجنة , ابن السيدة فاطمة البتول البضعة النبوية الشريفة .

قال مولانا الحسن بن على رضى الله عنهما: علمنى رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات أقولهن فى الوتر: " اللهم اهدنى فيمن هديت , وعافنى فيمن عافيت , وتولنى فيمن توليت , وبارك لى فيما أعطيت وقنى شر ما قضيت , فإنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت" .

اللهم آمين ، اللهم آمين ، اللهم آمين .

بلا شك ولا ريب هناك أمور تَرُد القدر ولها دخل بالأعمار والأرزاق منها: الدعاء ، وبر الوالدين ، صلة الرحم ، الطاعة ، حب النبى صلى الله عليه و سلم .

ندلل على ذلك بعدة أحاديث عن النبى صلى الله عليه و سلم ، وعن أصحابه والتابعين ، وبعض العلماء. هذه الأحاديث فى مجموعها تثبت أن القدر يرد بإذن الله حتى الخاص بالأقدار والأعمار.

انظر ماذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

1ـ عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

"إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه,

ولا يرد القدر إلا الدعاء ،

ولا يزيد فى العمر إلا البر".

والحديث واضح فى أن الدعاء يرد القدر ، وأن العمر يزاد بالبر ، وأن الذنب يزيل النعم ويقلل الرزق.

2ـ دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم لخادمه أنس بطول العمر, فكيف يدعو له النبى صلى الله عليه و سلم لو كان العمر محددا لا يجوز أن يزيد أو ينقص، ولوكان محددا فقد دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم واستجاب الله له.

بوّب الإمام البخارى بابا فى صحيحه (5/2336) بعنوان " باب دعوة النبى صلى الله عليه و سلم لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله " .

وروى فى الأدب المفرد عن أنس قال : كان النبى صلى الله عليه و سلم يدخل علينا أهل البيت فدخل يوما فدعا لنا فقالت أم سليم خويدمك ألا تدعو له قال "اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته واغفر له" فدعا لى بثلاث , فدفنت مائة وثلاثة , وأن ثمرتى لتطعم فى السنة مرتين , وطالت حياتى حتى استحييت من الناس وأرجو المغفرة .

وهذا الحديث واضح أن المقصود بطول العمر هو طول العمر ( نفسه ) لا البركة فى العمر ، فمن الممكن أن يعيش الإنسان سنوات قليلة ولكن يبارك الله له فيها ، فيفعل ما لا يفعله غيره ممن عاش السنين الطوال.

3ـ عن أم قيس انها قالت : " توفى ابنى فجزعت عليه فقلت للذى يغسله لا تغسل ابنى بالماء البارد فتقتله فانطلق عكاشة بن محصن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره بقولها فتبسم صلى الله عليه و سلم ثم قال" : ما قالت ! طال عمرها, قال أبوالحسن مولى أم قيس الراوى عنها " فلا أعلم امرأة عمرت ما عمرت".

4ـ عن على عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " من سره أن يُمَد له فى عمره ، ويوسع له فى رزقه ، ويدفع عنه ميتة السوء ، فليتق الله وليصل رحمة"

5ـ ومن حديث السيدة عائشة أن النبى صلى الله عليه و سلم قال لها :" ... وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار ، يعمران الديار ويزيدان فى الأعمار"

6ـ عن معاذ بن أنس عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " من برّ والديه طوبى له ، زاد الله عز وجل فى عمره".

7ـ وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من سره أن يبسط له فى رزقه ، أو ينسأ له فى أثره فليصل رحمه"

8ـ دعا سعد بن أبى وقاص ـ أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ على رجل ظلمه فقال : " أما والله لأدعون بثلاث اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وعرضه بالفتن " ( )

9ـ عن سعيد بن المسيب قال : لما طعن عمر قال كعب : " لو دعا عمر لأُخر فى أجله " ، فقال الناس سبحان الله أليس قد قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (الأعراف 34) قال: " وقد قال : {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} (فاطر 11) , قال الزهرى : يرون أنه إذا حضر أجله فلا يستأخر ساعة ولا يتقدم فما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما يشاء ويقدم ما يشاء قال الزهرى ، وليس أحد إلا له أجل وعمر مكتوب.

10_ وعن كعب أيضا قال : " كان فى بنى إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر وإذا ذكرنا عمر ذكرناه ، وكان إلى جنبه نبى يوحى إليه ، فأوحى الله إلى النبى صلى الله عليه و سلم أن يقول له : اعهد عهدك واكتب إلىّ وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام ، فأخبره النبى بذلك . فلما كان فى اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير، ثم جأر إلى ربه فقال: اللهم إن كنت تعلم أنى كنت أعدل فى الحكم وإذا اختلفت الأمور اتبعت هواك ، وكنت وكنت فزدنى فى عمرى حتى يكبر طفلى وتربو أمتى . فأوحى الله إلى النبى أنه قد قال كذا وكذا وقد صدق وقد زدته فى عمره خمس عشرة سنة ففى ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته فلما طعن عمر قال كعب : لئن سأل عمر ربه ليبقينه الله فأخبر بذلك عمر فقال عمر : اللهم اقبضنى إليك غير عاجز ولا ملوم".


11ـ عن ابن أبى مليكة قال : لما طعن عمر جاء كعب فجعل يبكى بالباب ويقول: والله لو أن أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخره فدخل ابن عباس عليه فقال : يا أمير المؤمنين هذا كعب يقول كذا وكذا قال : إذا والله لا أسأله ثم قال : "ويل لى ولأمى إن لم يغفر الله لى".

12ـ ودعا سعد ابن أبى وقاص فقال "يا رب إن لى بنين صغارا فأخر عنى الموت حتى يبلغوا" فأخر الموت عنه عشرين سنة.


13ـ وقال سعد بن معاذ الذى اهتز له عرش الرحمن " اللهم لا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظة".

14ـ ودعا سيدنا عثمان بن عفان لمطر بن العباس المهريجانى ، فعاش مائة وخمسا وثلاثين سنة. وقد دعا الحافظ السلفى للحافظ التجيبى بطول العمر.

15ـ وقال يعقوب بن عبد الله بن الأشج : اللهم إنك تعلم أنه ليس من الخلق أحد أمنّ على من زيد بن أسلم ، اللهم فزد فى عمر زيد بن أسلم من أعمار الناس , وابدأ بى وبأهل بيتى وبأعمارنا . فربما قال له زيد بن أسلم :أرأيت الذى طلبت من حياتى لى أو لنفسك قال : لنفسى قال فأى شىء تمن على فى شىء طلبته لنفسك.

إذاً مجموع الآثار السابقة يدلل على صدق ما قلناه .

وصل اللهم على من أُنزل عليه

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}

(الأنعام 2)



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 12, 2020 8:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#ليلة_النصف_من_شعبان (35)

س: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو الصادق المصدوق قال : " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقى أو سعيد." ( ) فمعنى ذلك أن العمل والرزق والعمر والخاتمة معلومة محكوم فيها فكيف يدعو الإنسان أو يتشفع لأمر قد فرغ منه؟
ج: هذا الحديث حق ، والأحاديث التى قدمناها حق ، هذا الملك غير الملائكة الحفظة والمعقبات ورقيب وعتيد، ثم إن الحديث ليس فيه تحديد للعمر ، يعنى من الممكن أن يكتب أجله وكل ما يُختص به ،كأن يكون فى عمره زيادة ،كما دعا النبى صلى الله عليه و سلم لسيدنا أنس بطول العمر ، أو نقص{ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (فاطر 11) . فالمكتوب هنا كل ما يتعلق بهذا العبد من قضاء مبرم مثبت وقضاء معلق.

القضية هنا أن هناك فرق بين ما فى علم الله الأزلى القديم ، وبين ما فى علم الملائكة والصحف التى فى أيديهم ، والزيادة والنقصان والمحو والإثبات فيما يخص علوم الملائكة والصحف التى بأيديهم ؛ لذلك بعض أهل الله يقولون : يحدث كذا فيكون بإذن الله ، وأحيانا لا يحدث ما يقولونه ويتحدثون عنه ، فيقولون هذا من الممحو ؛ لذلك عند أهل الله نوع من الكشف يدعى " الكشف الأقدس " وهو الذى لا يخطئ.

كانت الملائكة تقول{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ} (البقرة 30) أى بسبب التسبيح والتحميد والتقديس رأينا ما رأينا ، فقال الله لهم عز وجل: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (البقرة 30).

وقد قال بعضهم : هناك أم الكتاب ، وهناك اللوح المحفوظ ، والحفظة تستنسخ من أحدهما فقط ، وبعض الناس يقولون : إن أم الكتاب هو اللوح المحفوظ، الأمر عند الله عز وجل ، المهم أن العبد يدعو ويلح فى الدعاء.

ما فائدة الدعاء إن لم يكن هناك استجابة؟ وكله بأمر الله ، وكله بقَدَر الله ( كما يقول العوام ).

ألا تدعو بحديث الاستخارة ـ روى الإمام البخارى (1/391) وغيره عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال :كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة فى الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول صلى الله عليه و سلم : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إنى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى أو قال : عاجل أمرى وآجله فاقدره لى ويسره لى ثم بارك لى فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى أو قال : فى عاجل أمرى وآجله فاصرفه عنى واصرفنى عنه واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضنى به قال : ويسمى حاجته".

لا يصرف عنا سيئ الأمور إلا الله ، وهذا الحديث فيه من الأسرار الكثير وفيه التقدير والتيسير والتبريك ، ولعل هذا يشير إلى أن الزيادة فى الأرزاق والأعمار حقيقية ليست معنوية من باب البركة، وما قدمناه من أحاديث يدل على ذلك.

ونهديك حديث أبى سعيد الخدرى قال: قال النبى صلى الله عليه و سلم : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له فى الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا إذا نكثر ، قال الله أكثر.

س: ورد عن بعض السلف أن رجلا قال لسعيد بن عبد العزيز : أطال الله بقاءك فغضب وقال : بل عجل الله بى إلى رحمته وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال :رأيت أبى إذا دُعى له بالبقاء يكرهه ويقول : هذا شىء قد فرغ منه.

ج: غضب هذا الصالح ليس من إنكاره جواز طول العمر ، ولكن هو يريد التعجيل إلى رحمة الله اشتياقا. وأما أثر الإمام أحمد ، فلا أدرى صحته ، وإن صح فما قدمناه من قول رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه فيه الكفاية. والأمر على الحقيقة سواء العمر أو الرزق أو البلاء أو الخير أو الشر أو العجز أو القوة قد فُرغ منه فى " علم الله الأزلى ".

س : قال الإمام النووى " قال المتولى وغيره التحية بـ "الطلبقة " وهى أى أطال الله بقاءك باطلة لا أصل لها وقد نص جماعة من السلف على كراهة أطال الله بقاءك وقال بعضهم هى تحية الزنادقة ". فما رأيكم؟

ج : نقول كما قال الشروانى توضيحا لكلام الإمام النووى " وأما التحية بالطلبقة وهى أطال الله بقاءك فقيل بكراهتها والأوجه أن يقال كما قال الأذرعى إنه إن كان من أهل الدين أو العلم أو من ولاة العدل فالدعاء بذلك قربة وإلا فمكروه"اهـ.

س: ورد عن أبى الدرداء أنه قال: ذكروا عند رسول الله الأرحام فقلنا من وصل رحمه أنسىء فى أجله فقال إنه ليس يزاد فى عمره قال الله تعالى{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (الأعراف 34) ولكنه الرجل تكون له الذرية الصالحة فيدعون له من بعده فيبلغه ذلك فذاك الذى ينسأ فى أجله"

ج : ما قدمناه من الأحاديث يكفى فى هذا الباب ، والحديث السابق ضعيف رواه الطبرانى فى الأوسط (1/15) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (8/153) " رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط وليس فى إسناده متروك ولكنهم ضعفوا" ( يقصد عدة رواة لا راوى واحد فى السند) يعنى ضعيف جدا وقد ضعف الحافظ ابن حجر اسناده فى فتح البارى (10/416).

وقد ورد حديث آخر ضعيف عن أبى سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة وترك الدعاء معصية "فهو حديث ضعيف.

س: من هم أنواع المحرومين فى هذه الليلة ؟

ج: فى معظم الروايات المحرومون من هذه الليلة هم:

- المشرك .

- والمشاحن .

وفى روايات أخرى استثنى من المغفرة:

- أهل الحقد حتى يدعوه .

- وقاتل نفس .

- وزانية تسعى بفرجها .

- ومدمن خمر .

- وعاق والديه .

- وقاطع الطريق.

ولعل كل سنة من السنين التى أتت على النبى صلى الله عليه و سلم منذ السنة الثانية من الهجرة فى كل سنة يستثنى الله المشرك ثم أحد هؤلاء الأصناف السابقة ، وكل صحابى حدّث بما سمع.

س: إذا كانت شفاعة حضرة النبى تشمل أهل الكبائر ، فما وجه تخصيص المشاحن أنه لا ينظر الله إليه كما فى الحديث ، وكذلك الزانية ؟

ج: وجه الشفاعة أن الله يغفر للكل ، ولكن لا يريد فى هذه الليلة أن يغفر للمشاحن، لِمَ ؟

لأن هذه الليلة ليلة مسامحة ، سامحك وغفر لك دون أن تطلب ، هو جل وعلا يحب السماح , والمشاحن ليس عنده سماح ، حكمه هنا حكم البخيل الذى يبخل على النبى صلى الله عليه و سلم بالصلاة عليه صلى الله عليه و سلم .

أما الزانية فالمقصود بها التى تسعى بفرجها فى هذه الليلة بالذات.

روى الإمام البخارى (3/1206) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركى يلهث قال : كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك.

فالمقصود منها أن فى هذا العام حُجِبت نساء معينة لعلة معينة ، وفى السنين التى تلت ذلك كان المحجوبون أصناف أخر ، فاطلع النبى صلى الله عليه و سلم فوجد أن الله غفر للكل إلا لفلان وفلان وفلان ، فكان أن الله يغفر لجميع خلقه إلا مشرك، أو ما فعله فلان وفلان وفلان. والله أعلم بمراده.

س: ما الفرق بين النزول فى هذه الليلة والنزول فى كل ليلة ؟

ج: ينزل ربنا كل يوم فى الثلث الأخير من الليل ، فينادى هل من تائب ، هل من مستغفر ، فيُوفَّق لذلك أصحاب قيام الليل .

أما ليلة النصف من شعبان ، فمن أول الليلة يكون النزول ، كما أن معظم الروايات تثبت أن الله يغفر دون أن تطلب منه. فما بالك لو طلبت منه ! ؛ لذا تجد أن من أصناف المحرومين المشاحن ، والحاقد.

وقال العلماء: إن المشاحن هم أصحاب العداوة وخاصة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فما بالكم بمن يعادى النبى صلى الله عليه و سلم وهو لا يدرى ، ويقول أن التوسل به صلى الله عليه و سلم حرام ، وهو ـ أى النبى صلى الله عليه و سلم ـ مثله مثلك ، ومن يريد فصل قبره عن مسجده ، ولا يلتفت إلى أن هذا قبره وهذا مسجده الاثنان له، ومن يقول أن النبى صلى الله عليه و سلم مات لا يعلم شيئا ... إلى آخر هذه التجنيات على رسول الله صلى الله عليه و سلم !!



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 13, 2020 4:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (36)

س: هل هناك أذكار تقال فى ليلة النصف ؟

ج: الاستغفار ، والاسترحام ، وطلب دفع البلاء ، وقراءة القرآن وخاصة {يس} ومن كان له ورد فليقم به ، فمن الناس من يقرأ الفاتحة ، أو المعوذات ، أو آية الكرسى أو الصلاة على النبى صلى الله عليه و سلم أو آخر آيتين من سورة التوبة , أو كل ذلك , فالأمر فيه سعة.

س: الدعاء الوارد عن بعض الصحابة " اللهم إن كنت كتبتنى ...." ويدعو به بعض المتصوفة ، هل من الممكن أن يتخذ وردا فى هذه الليلة ؟ وخاصة مع اعتراض كثير من الناس عليه؟
ج: وما الذى لا يعترض عليه الناس؟ ، إذا ثبت دعاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بإسناد صحيح أثبتناه ودعونا به.

صح عن الفاروق عمر بن الخطاب فيما رواه عنه أبو عثمان النهدى قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو يطوف بالبيت (يعنى الكعبة) يقول : " اللهم إن كنت كتبت على ذنبا أو إثما فاغفر لى وامحه عنى ؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" .

وعن شقيق أنه كان يقول : " اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء ، فامحنَا واكتبنا سعداء ، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا ، فإنك تمحو ما تشاءُ وتثبت وعندَك أمّ الكتاب "

وشقيق بن سلمة أبو وائل الأسدى أدرك النبى صلى الله عليه و سلم ولم يره (ليست له صحبة).

وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول : اللهم إن كُنْت كتبتنى فى السعداء فأثبتنى فى السعداء ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب .

المشكلة فى رواية ابن أبى شيبة الآتية: عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود قال : ما دعا قط عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله عليه فى معيشته "
يا ذا المن ّفلا يمنّ عليك ، يا ذا الجلال والاكرام يا ذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ، ظهر اللاجئين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين ، إن كتبتنى عندك فى أم الكتاب شقيا فامح عنى اسم الشقاء ، وأثبتنى عندك سعيدا موفقا للخير ، فإنك تقول فى كتابك : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (الرعد 39) .

المشكلة الوحيدة هى قوله : " كتبتنى عندك فى أم الكتاب شقيا فامح .. إلى آخره".

لو جملة " كتبتنى عندك فى أم الكتاب " غير موجودة ، لكان الكلام سليما عند معظم العلماء؛ بدلالة ثبوت ذلك عن سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق حينما قال : " اللهم إن كنت كتبت على ذنبا أو إثما فاغفر لى وامحه عنى ؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب " ، وكذلك ما ثبت عن شقيق ، وعبد الله بن مسعود فى الروايات الأخرى.

بمعنى آخر الاعترض ليس على الكتابة والمحو والإثبات ،وإنما الاعتراض على أن يكون المحو من أم الكتاب ، الفارق كبير.

كما قلنا من قبل أن كثير من العلماء يقولون : أن المثبت فقط هو الذى يكتب فى أم الكتاب أما الممحو فلا يُكتب فى أم الكتاب ، ولكن يُكتب فى صحف الملائكة، وسبق حديث عبد الله بن عباس (هما كتابان).

وبعض العلماء يقولون : إن المثبت مكتوب فى أم الكتاب ، وأن الممحو مكتوب أنه سيمحو (وما هو المثبت بدلا منه) ، يعنى تكاد تكون الأمور لفظية. المهم عدم اعتقاد أن علم الله الأزلى يتغير ، بل كل شىء تحت مشيئته وبقَدَره وبسابق علمه ، ما أثبته وما محاه.

والعلماء يقولون : إن القضاء المعلق معناه : إن الملك معه صحيفة فيها لو فلان فعل كذا ( بر الوالدين مثلا ) يكون عمره ورزقه كذا ، وإن لم يفعل يكن عمره ورزقه كذا ، فيرون أن القضاء المعلق هو الخاص بعلم الملائكة.

حتى لا يتشتت القارئ نقول له : الله يعلم كل شىء وليس كل ما يعلمه يُظهره ، وهو يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

سأل أحد المريدين رجلا من أهل الله فقال له : إن الله قد حكم فى علمه القديم بأن الغلام الذى قتله الخضر سيقتل ، فكيف يحاسب بالقتل على أمر لم يفعله ومُقَدَّر عليه أنه لن يكبر حتى يفعله؟ ، فقال له : إن الله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

بالتالى يمكنك أن تدعو بما دعا به سيدنا عمر بن الخطاب وهو أحد الخلفاء الراشدين الأربعة المأمورين باتباع سنتهم كما قال النبى صلى الله عليه و سلم : " فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ". فلماذا المهاترات ممن يدعون أنهم يسيرون خلف السلف ؟!

س: بعض الناس يرى النبى صلى الله عليه و سلم فى ليلة القدر يخبرهم بأن هذه الليلة هى ليلة القدر ، فهل يراه بعض الناس فى ليلة النصف أو خلال الشهر لأهميتهما؟

ج: الأمر يختلف ، فليلة القدر للأمة المحمدية ، أما ليلة النصف فيقوم بها النبى صلى الله عليه و سلم وحده ، وإن كنت من آل "يس" يكون لك فيها شأن أو رؤية.

س: ما طريقة معايشة حضرة النبى صلى الله عليه و سلم فى بيته أثناء هذا الشهر ومعاملته مع أهل بيته ؟

ج: كان النبى صلى الله عليه و سلم يصوم الشهر كله أو معظمه ، وكانت أمهات المؤمنين تقضين ما عليهن من صيام ، وحال الصائم معروف ، ولا نتكلم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .

س: فى بعض الروايات الخاصة بالنصف من شعبان تقول السيدة عائشة أنها تفقدت النبى صلى الله عليه و سلم ليلا وخرجت وراءه فوجدته فى البقيع

ج: نعم قدمنا هذه الروايات , ألا تريد أن يكون لأهل البقيع نصيبا من شفاعة النبى صلى الله عليه و سلم فى ليلة النصف من شعبان ؟!

نحن كمسلمين لا نيأس كما يئس الكفار من أصحاب القبور. قالت السيدة عائشة كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون ، غدا مؤجَّلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ".

يعنى كل ليلة يبيت عندها النبى صلى الله عليه و سلم يخرج إلى البقيع.

تخيل لو أنك كل ليلة فى آخرها تذهب إلى البقيع ، أو إلى أحد مقابر المسلمين (البساتين أو المقطم مثلا) ماذا يقول عنك المتمسلفة ، وماذا يقول عنك الناس ؟!

روى الإمام مسلم (2/669ـ670)" عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : لما كانت ليلتى التى كان النبى صلى الله عليه و سلم فيها عندى انقلب فوضع رداءه ، وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه ، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع, فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت , فأخذ رداءه رويدا , وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج , ثم أجافه رويدا فجعلت درعى فى رأسي, واختمرت وتقنعت إزارى ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع , فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات , ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت , فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت , فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت,فدخل فقال : مالك يا عائش حشيا رابية قالت :قلت لا شىء قال :لتخبرينى أو ليخبرنى اللطيف الخبير قالت قلت: يا رسول الله بأبى أنت وأمى فأخبرته قال: فأنت السواد الذى رأيت أمامى قلت نعم ,فلهدنى فى صدرى لهدة ، أوجعتنى ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ، قالت :مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم ، قال : فإن جبريل أتانى حين رأيت فنادانى ،

فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك , وظننت أن قد رقدت ، فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى فقال: إن ربك يأمرك أن تأتى أهل البقيع فتستغفر لهم قالت : قلت كيف أقول لهم يا رسول الله ، قال: قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".

وهى قصة مشابهة جدا لما ورد عنها فى ليلة النصف من شعبان ، ومن الناس من جزم بأنها كانت ليلة النصف فعلا لاتحاد القصة وتطابقها وهو الأوقع.

النبى صلى الله عليه و سلم كان يحب أن يعطى كل ذى حق حقه. أنت عندك أموات وأحياء ، وعنده صلى الله عليه و سلم أمته كلها يكلم الميت كما يكلم الحى ، ويرى من مضى ومن لم يأت بعد ، كان يعطى أهل البقيع حقهم سواء من دفن أو من لم يدفن بعد ، فقد تكفل بالشهادة لمن مات بالمدينة ، وكان ينظر إلى مصارع الكفار فى بدر ويحددها، فلم تختلف أماكن التحديد. أفلا ينظر بقدرة الله إلى أهل البقيع وكل من يدفن فيه إلى يوم القيامة وهو الذى يسمع ما لا نسمع ويرى ما لا نرى !!!

عن عقبة بن عامر قال " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على قتلى أحد بعد ثمانى سنين كالمودع للأحياء والأموات ". فإذا كان النبى صلى الله عليه و سلم قرب انتقاله إلى الرفيق الأعلى فلِمَ إذاً يزور الأموات ؟! لابد أن يأخذوا نصيبهم من زيارة الجسد الشريف, روحا وجسدا.

كل أمته يجب أن تأخذ نصيبها الأحياء وأهل القبور.





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 14, 2020 12:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114



#ليلة_النصف_من_شعبان (37)

س: ما الحكمة فى كون ليلة القدر غير معلومة ، متحركة فى رمضان أو فى السنة ، وليلة النصف معلومة محددة ؟

ج: سبق التنويه إلى شدة تحرى النبى صلى الله عليه و سلم دخول هلال شعبان ؛ وذلك فيه إشارة إلى أهمية تحديد الليلة.

فى ليلة القدر تلاحى رجلان فرفعت معرفة الكيفية التى يعلم بها الناس ليلة القدر كل عام. هل تظن أن النبى صلى الله عليه و سلم يتكلم مرة أخرى عما يحدث فى النصف من شعبان إلا على سبيل الإجمال , هو الذى يقوم بالعمل ومجمل ما قاله لنا : أن الله ينزل فى ليلة النصف ويغفر للناس. لم يقل لك تعبد أو استغفر أو أى شىء فى معظم الروايات.

والحمد لله أن ليلة النصف ليلة ثابتة ,أما ليلة القدر فهى متحركة ، وإلا كان تلاحى فيها رجلان فرفعت ، ثم لماذا لا تقبل منحة الله وتحمد الله .

ليلة القدر ذات خطر عظيم، ليلة القدر خير من ألف شهر ، أى خير من ثلاثة وثمانين عام (تقريبا)، فالاستعداد لها يجب أن يكون بهمة أكبر وتَرَقُّب أشد ، أما ليلة النصف من شعبان ففيها أمور سنة واحدة فقط. {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ }

(القصص 68)

س: لماذا لم يطلب منا النبى صلى الله عليه و سلم صيام الاثنين والخميس أو شعبان ؟

ج: يوضح ذلك حديث رواه الإمام مالك فى موطأه (1/214)

عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له " الأفضلية هنا راجعة إلى شرف الكلمة وشرف الرسالة وهى أنهم بعثوا بـ "لا إله إلا الله "

والأمر فى شعبان وفى الاثنين والخميس أمر محمدى من مقتضيات رسالته الدالة على عظيم شريف كريم مقداره صلى الله عليه و سلم .

ما طلب منا رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا ؛ لأنه هو من علمنا مقام الفتوة ، ومن مقتضياته: " أن تحمل عن غيرك ما لا يتصوره مع تقصيره فى حقك بما لا يتصور". يقول العوام : " الفتوة شيل من غير ما تتكلم , وخلى الناس تظن أن لها فضل عليك وأنت سبب سعادتهم وهم يتهمونك".

النبى صلى الله عليه و سلم كريم والكريم لا يتكلم ، ما يكون فى شعبان والنصف من مقتضيات عظمته ورسالته ورحمة بين الله وبينه صلى الله عليه و سلم .

الكريم ينظر إلى ما يمكن أن يكون منه تجاهك لا إلى ما يبدر منك ويصدر عنك، بمعنى : أنت مطيع أنت عاصٍ , فالنبى صلى الله عليه و سلم يفرح بك أو يبكى عليك ( إذا كنت عنده ذو قيمة ) وسيشفع لك فى الحالتين ، فهو ينظر إلى شفاعته لربه ومدى قبول الله لهذه الشفاعة , النبى صلى الله عليه و سلم بأمته كلها , وأنت لو انتبهت فلنفسك فقط.

الولى المتمكن له مقام الفتوة .... فما بالك بخير خلق الله من قيل له : "إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك"!!

قال الحافظ فى فتح البارى ( 8 / 149 ) " قال الخطابى : زعم بعض من لا يُعَد فى أهـل العـلم أن المراد بقوله عليه الصلاة والســـلام : " لا كرب على أبيك بعد اليوم " أن كربه كان شفقة على أمته لما علم من وقوع الفتن, والاختلاف وهذا ليس بشىء ؛ لأنه كان يلزم أن تنقطع شفقته على أمته بموته والواقع أنها باقية إلى يوم القيامة ؛ لأنه مبعوث إلى من جاء بعده وأعمالهم تعرض عليه " . اهـ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 15, 2020 5:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (38)

س: كيف يكون لشعبان أهمية كبيرة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تنتقل هذه الأهمية للأمة ؟ أوليس كل مهم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم مهم عند أمته ؟

ج: ألم ترى أن الله قال له : {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (المزمل 1-5)، وقوله{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } (الإسراء 79)

ألم تعلم أن النبى صلى الله عليه و سلم خصه الله ببعض الواجبات ؛ لحكمة زيادة الزلفى والدرجات ، اختص صلى الله عليه و سلم بوجوب صلاة الضحى , والوتر والتهجد أى صلاة الليل ، والسواك ، والأضحية ، وحرم عليه الزكاة والصدقة

وقد خشى النبى صلى الله عليه و سلم أن يصلى التراويح فى جماعة حتى لا تفرض على أمته. نعم شعبان مهم عند النبى صلى الله عليه و سلم وعند أحباب النبى صلى الله عليه و سلم وعند أمته لأهميته عند نبيهم صلى الله عليه و سلم , لكن هناك أمور كثيرة ـ رحمة بالأمة ـ يقوم بها النبى صلى الله عليه و سلم وحده ، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم بكبشين أقرنين أملحين أحدهما عنه وعن أهل بيته والآخر عنه وعن من لم يضح من أمته.

كل هام ومهم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم هو هام عند أمته ، لكن شتان بين ما بين الله ورسوله صلى الله عليه و سلم ، وما بين الأمة وبين ربها.

وقد أدى النبى صلى الله عليه و سلم الأمانة وبلغ الرسالة على أتم وجه , وضّح لنا الواجبات والمستحبات والجائزات والمكروهات والحرام والحلال ، ونبهنا إلى المتشابهات.

كان النبى صلى الله عليه و سلم له تربية لمن كان فى مقام الإسلام ، ولمن كان فى مقام الإيمان ، ولمن كان فى مقام الإحسان ، والشرع واحد , فقد كان يعامل من يوزن بأمة فيرجح بها مثل أبى بكر الصديق ، ويعامل من يجبذه من ردائه فيحمر عنقه الشريف صلى الله عليه و سلم ويقول له : " مُرْ لى من مال الله الذى عندك " أو " احمل لى على بعيرى هذين فإنك لا تحمل لى من مالك ولا من مال أبيك "

شعبان له أمر خاص بالنبى صلى الله عليه و سلم ، وليس معنى أن ذلك أن لا نتسنن بما كان يفعله النبى صلى الله عليه و سلم ، ولكن معناه أن هناك أمورا يعرفها النبى صلى الله عليه و سلم ويخبرنا بها على قدرنا.

س: ألا تعتبر الشفاعات فى الدنيا نوع من أنواع التدخل فى الأقدار؟

ج: أوليس الدعاء صرف أقدار بأقدار , ألم يقل الفاروق : " أفر من أمر الله إلى أمر الله ".

النبى صلى الله عليه و سلم هو كامل الأوصاف عبد الله المحض الكامل, فيه صفات بغير تعارض , فهو يشفع ويستغيث ولا يقدح ذلك أبدا فى عبوديته , ولا تسليمه لمراد الله ، هو عبد الله ، هو النور ، هو حبيب الله.

ألا تريد أن يشفع لك النبى صلى الله عليه و سلم ؟! ، إذاً فهى قضية خاصة بك.

س: هل هناك فى الأحاديث ما يشير أن النبى صلى الله عليه و سلم سكت عن النصف من شعبان حتى سأله أحد أهل بيته أو الصحابة فأجاب ، كما حدث فى صيامه شهر شعبان؟

ج: فى بعض الروايات فقط ، مثل رواية السيدة عائشة ، ثم أن بقية الروايات تذكر نص قول رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تذكر المناسبة ولا الكلام قبله أو بعده.

فإن سألت : ماذا يفعل النبى صلى الله عليه و سلم فيما يسبق الأمة من أقدار؟

نقول لك: الدعاء وطلب التخفيف والصرف ما أمكن مع الرضا بقضاء الله وقدره ، والأمر أيضا بالشفاعة ، ألم تر كيف فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك حينما قال أبو الدرداء للنبى صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ادعو الله أن لا أكون منهم ـ أى من الذين يبدلون ويغيرون بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ فقال له : أنت لست منهم. الاعتراضات التى قد تكون فى ذهنك رددنا عليها فى كتابنا "أخطاء ابن تيمية فى حق رسول الله صلى الله عليه و سلم وأهل بيته"

س: هناك أقوال بعدم معلومية تاريخ المولد النبوى والإسراء والمعراج , وتحويل القبلة؟ فما رأيكم؟؟ وما فائدة معرفة أن تحويل القبلة كان فى شعبان أو رجب أو نصف شعبان؟

ج: الذين يشككون فى تاريخ المولد النبوى الشريف ، الإسراء والمعراج ، تحويل القبلة يمحون التاريخ تمهيدا لمحو الجغرافية.

فقد هدموا الخندق بدعوى أنه لا دليل أنه الخندق الذى ورد فى سورة الأحزاب , وهدموا البيت الذى ولد فيه النبى صلى الله عليه و سلم ، وهدموا بيت السيدة خديجة الذى ولدت فيه السيدة فاطمة.

فلماذا لم يهدموا قلعة خيبر ؟! هل آثار النبى صلى الله عليه و سلم وأصحابه لا تعلم وقلعة خيبر هى المعلومة الثابتة؟! حتى أن بعضهم نفى أن عليّا حمل باب خيبر ، ولا أدرى هم يدافعون عن النبى صلى الله عليه و سلم وآل بيته وأصحابه أم عن خيبر !!!

هم يمنعون الاحتفال من الأصل سواء عُلِم تاريخ الحدث أو لم يعلم ، وإذا كان سيدنا عمر بن الخطاب جمع الناس على تحديد السنة الهجرية ، وجعل بداية السنة هو شهر الله المحرم، مع أن الهجرة كانت فى ربيع الأول بلا شك ، فما لهؤلاء القوم يبحثون عن محو تاريخهم.


لنا فى جواز الاحتفال بالمناسبات وإثبات تواريخها رسالة ، فانتظرها بإذن الله.





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 17, 2020 4:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (39)

س: بعض الناس يقولون أن هناك من الأولياء عندهم قدرة على أن يحكموا أحكاما على الخلق ,كما يحكم القاضى على المتهم مثلا ، فكيف يكون هذا الحكم وكيف يكون هذا من القضاء والقدر؟
ج: موضوع حكم الولى على أحد من الخلق ويحدث , فيه كلام كثير تجده فى أحد أجزاء أدلة الصوفية فى المسائل الخلافية , وتبسيطا لك خذها من باب أن هذا الولى مستجاب الدعوة وأن هذا الحكم كان باب من أبواب الدعاء , والصالحون والأولياء رباهم من قال صلى الله عليه و سلم : " ولو قلت نعم لوجبت ".

وهذا الحكم لابد أن يوافق المقدور الذى يثبت ولا يمحا ، والكلام فى الأسباب والمسببات يخرج بنا عن حد هذا الكتاب ولنا فيه ( الأسباب والمسببات ) كلام طويل خاص بالرد على طوائف من المتمسلفة الذين يفرقون بين التوسل بالنبى صلى الله عليه و سلم حيا وبعد انتقاله , وهم أصلا يحرمون ويبدعون، ويشركون من توسل ونسوا أن الإمام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة كانوا من المتوسلين بالنبى صلى الله عليه و سلم حيا ومنتقلا.

س : هل يستجاب للمشرك؟

ج: ألم يستجب الله لإبليس حين قال : {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (الأعراف 14)

س: إذا كان ليلة النصف فيها شفاعات لحضرة النبى صلى الله عليه و سلم ، لماذا لم يختص يوم مولده بذلك ؟

ج: يخفف عن أبى لهب بسبب فرحه بالنبى صلى الله عليه و سلم ، قال الإمام البخارى (5/1961) " وثويبة مولاة لأبى لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبى صلى الله عليه و سلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشرحيبة قال له : ماذا لقيت قال أبو لهب : لم ألق بعدكم غير أنى سقيت فى هذه بعتاقتى ثويبة".

فما أدراك وما يدريك متى وأين يشفع أو يشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وأنت لا تعلم من أمر نفسك شيئا !!!

س: هل صحيح ما قاله الزمخشرى فى الكشاف (4/273) " ومن عادة الله فى هذه الليلة أن يزيد فيها ماء زمزم زيادة؟

ج: زمزم فيها أسرار كثيرة ، ومما شاهدناه وأخبرنا به مشايخنا أن من علامات ليلة القَدْر فى البيت الحرام حول الكعبة أن تهتز أيدى الشاربين من مياه زمزم بكثرة ـ وذلك فى حركة فجائية ـ

حتى يقع أو ينسكب ماء زمزم من الأكواب من دون أن يدروا ما السبب , ونحن غير مُطالَبين بشرح السبب الآن.

قال الصالحى فى "سبل الهدى والرشاد" وذلك فى خصائص ماء زمزم: "، ومنها : أنه يحلو ليلة النصف من شعبان ويطيب.

ذكر ذلك ابن الحاج فى مناسكه ، نقلا عن مكى بن أبى طالب ونص كلامه : " قال الشيخ مكى بن أبى طالب رحمه الله تعالى : وفى ليلة النصف من شعبان يحلو ماء زمزم ويطيب ماؤها ، يقول أهل مكة : إن عين سلوان تتصل بها تلك الليلة ، ويبذل على أخذ الماء فى تلك الليلة الأموال ويقع الزحام فلا يصل إلى الماء إلا ذو جاه وشرف. قال : وعانيت ذلك ثلاث سنين.انتهى. ومنها: أنه يكثر فى ليلة النصف من شعبان كل سنة بحيث أن البئر تفيض بالماء على ما قيل، لكن لا يشاهد ذلك إلا العارفون. وقد شاهد ذلك الشيخ صالح أبو الحسن المعروف بكرباج رحمه الله تعالى "

.انتهى كلام الصالحى

س: هل يجوز صيام يوم النصف من شعبان ؟

ج: النصف من شعبان هو أحد الأيام البيض ، فيجوز بالتالى صيامه ، أما حديث قوموا ليلها وصوموا نهارها رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف جدا.

س: بعض الناس يقولون أن الاحتفال بدعة ، فماذا نقول لهم ؟

المعترضون نوعان :

1ـ أقرب ما يكونوا للخوارج ، ما عندهم غير كلمة شرك ،كفر ، بدعة ، جهنم وبئس المصير ، وهؤلاء أنصحك بعدم النقاش معهم , اسأل الإمام عليّا عنهم، وكذا ترجمان الأمة عبد الله بن عباس ، وسيخرج فى آخرهم الدجال ، فلا تظن أنهم سينتهون.

2ـ بعض المغرر بهم من هؤلاء الخوارج وبعض البسطاء ممن يسمعون من بعض المتشددين المتزمتين , وبعض طلبة العلم ، هؤلاء تكلم معهم بالحسنى وقل لهم أنقل لكم أقوال أهل العلم إن كنتم تحترمونهم:

1ـ قال سفيان الثورى : " إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذى قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه ".

2ـ كان لإسحاق بن بهلول الأنبارى كتابا سماه "لباب الاختلاف " فقال له الإمام أحمد بن حنبل: سمه " كتاب السعة ".

3ـ وفى الآداب الشرعية لابن مفلح (1/188ـ189) فصل على من ومتى يجوز الإنكار " ولا إنكار فيما يسوغ فيه خلاف من الفروع على من اجتهد فيه، أو قلد مجتهدا فيه كذا ذكره القاضى والأصحاب ..... وذكر فى المغنى أنه لا يملك منع امرأته الذمية من يسير الخمر على نص أحمد لاعتقادها إباحته، ثم ذكر تخريجا من أحد الوجهين فى أكل الثوم أنه يملك منعها لكراهة رائحته

قال وعلى هذا الحكم لو تزوج امرأة تعتقد إباحة يسير النبيذ هل له منعها على وجهين وذكر أيضا فى مسألة مفردة أنه لا ينبغى لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه فإنه لا إنكار على المجتهدات انتهى كلامه

وقد قال أحمد فى رواية المروذى لا ينبغى للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم " اهـ باختصار

قال أحد أئمة السلف وهو يحيى بن سعيد : " أهل العلم أهل توسعة وما برح المفتون يختلفون فيحلل هذا ويحرم هذا فلا يعيب هذا على هذا ولا هذا على هذا".

وقال ابن عبد البر فى التمهيد (8/147) : " عن محمد بن يحيى بن سلام عن أبيه قال : ينبغى للعالم أن يحمل الناس على الرخصة والسعة ما لم يخف المأثم ".وقال الإمام النووى فى شرحه على صحيح مسلم (2/24) : " وكذلك قالوا ليس للمفتى ولا للقاضى أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصا أو إجماعا أوقياسا جليا والله أعلم ".

وقال العلامة المواق فى التاج والإكليل (4/381) : " وقال عياض لا ينبغى للآمر بالمعروف , والناهى عن المنكر أن يحمل الناس على اجتهاده , ومذهبه وإنما يغير منه ما اجتمع على إنكاره ,

ورشح محيى الدين النووى كلام عياض ونصه أما المختلف فيه فلا إنكار فيه وليس للمفتى أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف النص أو الإجماع ".

قال ابن رجب فى جامع العلوم والحكم (1/325) : " المنكر الذى يجب إنكاره ما كان مجمعا عليه فأما المختلف فيه فمن أصحابنا من قال لا يجب إنكاره على من فعله مجتهدا أو مقلدا لمجتهد تقليدا سائغا ".

قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (1/338) : " المختلف فيه لا يجب إنكاره ".

فهذه الأقوال تكفى فى فقه الاختلاف .

من لا يحتفل فهو وشأنه , لكن لم التبديع والتجهيل فى أحاديث ثابتة , قال بها أئمة أعلام .


فإن تراحموا معك فبفضل الله فافرح، وإن جادلوك فعليك بالحسنى. رزقنا الله فتوح الصيام وقول " إنى صائم إنى صائم " ومدد الله للصائم وقهره لمن آذاه.





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت إبريل 18, 2020 4:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (40)

س: ما هو الغرض من كل ما تعرض له الكتاب؟

عندما كتبنا كتاب " حتى لا تحرم من رؤية النبى صلى الله عليه و سلم فى المنام " كان المقصود محاولة ربط الناس برسول الله صلى الله عليه و سلم فى المنام ، وكثير جدا ممن قرأوا الكتاب رأوا النبى صلى الله عليه و سلم بفضل الله وكرم رسوله صلى الله عليه و سلم .

عندما كتبنا كتاب " يس " كان الغرض محاولة ربط الناس بسيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فى الحياة ، وإن شئت قلت فى اليقظة ببركة اسم " يس " وهو الخاص بسريان السر المحمدى فى الزمان , فكما أن لفظ " محمد " - " أحمد " - "مصطفى" - " الحاشر" - "العاقب" لهم معنى فـ" يس " معناه الاسم الخاص بالسر المحمدى من قبل كتابة اسم "محمد" على العرش مرورا بظهور الجسد الشريف عند مولده المبارك ، ثم انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ثم السجود تحت العرش، ثم ما لا يعلمه إلا الله. هذا هو كنه اسم " يس "، والله أعلم.

فى هذا الكتاب نحاول ربط المحبين للنبى صلى الله عليه و سلم عن طريق الفهم من خـلال رسول الله صلى الله عليه و سلم , فهناك فرق بين أن تتملى من جمال النبى صلى الله عليه و سلم ، وأن تفنى فى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى لا تتحرك إلا به.

كيف تكون ربانى محمدى .

الربانيون روى الإمام البخارى فى صحيحه (5/2384) صفاتهم وما لهم عند ربهم. عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله قال : من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب ،

وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضت عليه ، وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ،

ورجله التى يمشى بها ، وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه ، وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته".

وأما المحمديون فقد تكلمنا عنهم فى كتاب "أدلة الصوفية فى المسائل الخلافية" فى الجزء الأول الخاص بـ " الغوث ، القطب ، الفرد ، الوارث المحمدى ، صاحب الوقت ، الأبدال" وفى كتابنا " المهدى وصحابى مصر الحقيقة والخيال ".

لما قال عمر بن الخطاب "والله لأنت يا رسول الله أحب إلى من كل شىء إلا نفسى "قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم :"لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه" فقال عمر: "فلأنت الآن والله أحب الى من نفسى " فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الآن يا عمر "

فالغرض هو كيف تفنى فى رسول الله صلى الله عليه و سلم وترى من خلاله , فالورثة فقط هم الذين يقال فيهم " الحسين منى وأنا من حسين " ، " على منى " ، " إنما فاطمة بضعة منى " ، فالورثة المحمديون أفراد قلائل فى العالم ، أما المحمديون الذين يسيرون على أقدامهم فهم قليلون ، ولكن فإن لم تبكوا فتباكوا.

إذا فنيت فى رسول الله صلى الله عليه و سلم حدث لك نوع علم لا يخطر لك على بال. والأمة فى المرحلة القادمة تحتاج إلى المحمديين . أهل الله هم أمل هذه الأمة بإذن الله، وليسوا الإخوان المسلمين ولا الشيعة ولا المتمسلفة ولا الوهابية ، ولكن من حفظ الله بهم البلاد والعباد حتى عصورنا المتأخرة التى ظهرت فيها الفرق المتناحرة ، حتى يخرج الإمام المهدى لابد أن يزداد أهل الله ، ولابد أن يزداد المحمديون ؛ لأن الإمام المهدى هو الوارث المحمدى الكامل ، يختم به الأمر ، فيهيأ فى الكون من يكون من رجاله.

القطب:

القطب ببساطة عند الصوفية هو أفضل رجل فى العالم فى زمنه ، معرفة وإيماناً وعلماً ويقيناً ، اختاره الله ليكون محل نظره وعنايته ورعايته .

ومصداق ذلك والدليل عليه هو ما ورد عن ابن عمر قال: خـرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال : " رأيت قبيل الفجر كأنى أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهى التى تزنون بها فوضعت فى كفة ووضعت أمتى فى كفة فوزنت بهم فرجحت ، ثم جىء بأبى بكر فوزن بهم فوزن ، ثم جىء بعمر فوزن فوزن ، ثم جىء بعثمان فوزن بهـم ، ثم رفعت ".

وقال الفاروق عمر بن الخطاب : لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم، وقول سيدنا عمر بن الخطاب لا يقال من قبل الرأى ، فله حكم المرفوع إلى النبى صلى الله عليه و سلم .






أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 19, 2020 4:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

#ليلة_النصف_من_شعبان (41)
الوارث المحمدى



عن ابن عباس أن عليّاً كان يقول فى حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله عز وجل يقول {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله تعالى ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ، والله إنى لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه فمن أحق به منى .

عن أبى إسحاق قال : سألت قثم بن العباس رضى الله عنهما كيف ورث علىٌّ النبى صلى الله عليه و سلم دونكم قال إنه والله كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا.

والآن ننقل لك ما قاله القاضى إسماعيل والحافظ ابن عساكر فى موضوع الوراثة : قال القاضى إسماعيل بن إسحاق : وذكر له قول قثم هذا فقال إنما يرث الوارث بالنسب أو بالولاء ، ولا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليّاً ورث العلم من النبى صلى الله عليه و سلم دونهم وبصحة ما ذكره القاضى".

وقد أيّد الحافظ ابن عساكر معنى ما قاله القاضى إسماعيل بقوله " المراد بالميراث ها هنا العلم بدليل أن العباس أقرب منه قرابة غير أن عليّاً كان ألزم للنبى صلى الله عليه و سلم وأقدم له صحابة ".

قلت :

ووجه الاستدلال بالأحاديث السابقة أن وراثة النبى صلى الله عليه و سلم المقصودة ليست وراثة المال ،كما قال القاضى إسماعيل والحافظ ابن عساكر ، والدليل أيضا على أن الوراثة ليست وراثة المال ،هو ما حدث بين الصديق والبضعة النبوية الشريفة حيث استدل الصديق بقول النبى صلى الله عليه و سلم" لا نورث، ما تركنا صدقة " .

إذاً فالوراثة المقصودة هى التى وردت فى حديث أبى الدرداء عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" .

كانت مشكلة الكفار مع " لا إله إلا الله " ، أما مشكلة المنافقين فمع " محمد رسول الله " صلى الله عليه و سلم . بهذه الوراثة يتضح لك لماذا لا يحب المنافقون علياً كرم الله وجهه ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيه : " لا يحبـك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ".

أما فى حق الصديق وهو أحد العشرة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هل أنتم تاركون لى صاحبى هل أنتم تاركون لى صاحبى إنى قلت يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت ".

وفى حق أحد العشرة وهو عبد الرحمن بن عوف قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "دعوا لى أصحابى".

فعن أنس قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبى صلى الله عليه و سلم فقال : " دعوا لى أصحابى فوالذى نفسى بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم ".

أما ما قيل فى حق الإمام علىّ فكثير جدا ، والحكمة فى ذلك الغيرة على المقام الذى فيه سيدنا علىّ وهو الوراثة المحمدية .

ومما قيل فى حقه :

- سبق قول النبى صلى الله عليه و سلم فى حق الإمام علىّ " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ".

- وقال النبى صلى الله عليه و سلم لعمرو بن شاس " والله لقد آذيتنى " قلت أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله ، قـال " بلى من آذى علياً فقد آذانى ".

- وقال صلى الله عليه و سلم " من سـب علياً فقد سبنى ".

- وقال صلى الله عليه و سلم " من أحب علياً فقد أحبنى ، ومن أبغض علياً فقد أبغضنى".

إذا أدركت معنى القطب والوارث المحمدى فهمت الأحاديث النبوية السابقة وارتفعت الإشكالات والخلافات التى لا ترتفع إلا ببصيرة .

منها مثلا : كيف تقولون أن أبا بكر هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو القطب ، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " علىّ منى وأنا منه ولا يؤدى عنى إلا أنا أو علىّ " وذلك فى تبليغ سورة براءة فى موسم الحج .

نقول:

أخرج الإمام أحمد عن زيد بن يثيع عن أبى بكر : أن النبى صلى الله عليه و سلم بعثه ببراءة لأهل مكة ، لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم مدة فأجله إلى مدته ، والله برىء من المشركين ورسوله ، قال فسار بها ثلاثا ثم قال لعلىّ ألحقه فرد على أبى بكر وبلغها أنت " قال ففعل قال فلما قدم على النبى صلى الله عليه و سلم أبو بكر بكى قال يا رسول الله حدث فىَّ شىء قال " ما حدث فيك إلا خير ، ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل منى ".

فما هو مفهوم هذا الحديث ؟

أقول:

النبى صلى الله عليه و سلم كان ولا يزال نبيا ورسولا وهو أكمل خليفة لله فى الأرض وقائدا ومعلما وهاديا ونذيرا. لما أمر الصحابة رضوان الله عليهم بتغيير أماكنهم فى غزوة بدر حتى يكونوا بجانب الماء فعل هذا من باب أنه قائد الجيوش - وإن كان نبياً ورسولاً ، أعظم خلق الله - ، كذلك فى غزوة أحد لما أمر الرماة ، كذلك وهو فى الخندق ، كل ذلك بوصفه قائدا للجيش - وهو أعظم نبى مرسل - , فقد يفعل أشياء بوصفه نبيا ، أو بوصفه رسولا ، أو بوصفه قائدا ، أو بوصفه معلما ، وإن كان فى جميع الأحوال نبيا وروسولا.

ومن المعلوم أن النبى صلى الله عليه و سلم هو أكمل خليفة لله فى الأرض ، وحج البيت نوع من أنواع خلافة الله فى الأرض ، وقد وَكَّل وأَمَّر النبى صلى الله عليه و سلم الصديق بالحج ، فكأنه بالنيابة عنه أعطاه جزئية من خلافة الله فى الأرض.

لما نزلت سورة براءة ، كان من المفروض أن يبلغها النبى صلى الله عليه و سلم بصفة النبوة وليس بصفة خلافة الله فى الأرض فالقرآن لا ينزل إلا على الأنبياء ، لذا أمر النبى صلى الله عليه و سلم علىّ بن أبى طالب - لأنه منه - أن يقرأ عليهم سورة براءة ويعلمهم بالأحكام التى فيها. كما قال النبى صلى الله عليه و سلم وكما جاءت الروايات " لا يؤدى عنى إلا أنا أو على " ، " لا يؤدى عنى إلا أنا أو رجل من أهل بيتى " ، " ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل منى ".

كان بكاء الصديق - كما فى الحديث الصحيح الذى رواه الإمام أحمد - خشية أن يكون حدث فيه شىء فقال له النبى صلى الله عليه و سلم " ما حدث فيك إلا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل منى ".

الوراثة المحمدية تتيح لك فهم أحاديث الأخوة التى وردت فى حق سيدنا علىّ كرم الله وجهه ، وأحاديث خلافة علىّ للنبى صلى الله عليه و سلم فى أهل بيته ، وليس فى الأمة بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم ، وإن كانت فى الأمة فهى بعد حين. مصداق ذلك الأحاديث الآتية :

قال النبى صلى الله عليه و سلم " أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدى ".

وعن علىّ قال : لما نزلت هذه الآية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (الشعراء 214) قال وجمع النبى صلى الله عليه و سلم من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا قال فقال لهم " من يضمن عنى دينى ومواعيدى ويكون معى فى الجنة ويكون خليفتى فى أهلى " فقال رجل لم يسمه شريك يا رسول الله أنت كنت بحرا من يقوم بهذا قال ثم قال الآخر قال فعرض ذلك على أهل بيته فقال على أنا.



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 20, 2020 6:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (42)

الوراثة لا تكون إلا فى أهل البيت

اُخْتُصَ أهل البيت بوجود الوارث المحمدى فيهم حتى يخرج الإمام المهدى ، وتثبت الوراثة بألفاظ منها : وارثى ، ووارثه ، أنت منى وأنا منك , يشبه خُلُقى كما ورد فى حق جعفر بن أبى طالب ،

والإمام المهدى ، ولا تجد هذه الألفاظ خرجت من الفم النبوى الشريف إلا فى حق أهل البيت ، من ذلك : قوله صلى الله عليه و سلم : " فاطمة بضعة منى فمن أغضبها أغضبنى ".

قدمنا أحاديث وراثة سيدنا علىّ.

لم يثبت النبى صلى الله عليه و سلم لأحد أن خُلُقَه كخلق النبى صلى الله عليه و سلم إلا لأهل البيت ، فإن خلق النبى صلى الله عليه و سلم وراثة وتلك أحاديث تدل على ما ذكرنا.

كما قلنا فإن القطب الأعظم الصديق مثله النبى صلى الله عليه و سلم بسيدنا إبراهيم وسيدنا عيسى.

فعن البراء أن النبى صلى الله عليه و سلم قال لعلى " أنت منى وأنا منك " وقال لجعفر " أشبهت خلقى وخلقى " وقال لزيد " أنت أخونا ومولانا ".

وعن على قال : أتيت النبى صلى الله عليه و سلم وجعفر وزيد قال فقال لزيد " أنت مولاى " فحجل ، قال وقال لجعفر " أنت أشبهت خلقى وخلقى " قال فحجل وراء زيد ، قال وقال لى أنت منى وأنا منك " قال فحجلت وراء جعفر ، وجعفر هو ابن أبى طالب أخو سيدنا علىّ.

كذلك ورد نفس الشىء عن مهدى آخر الزمان ، قال على ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابنى هذا سيد كما سماه النبى صلى الله عليه و سلم ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يُشْبِهُهُ فِى الْخُلُقِ وَلَا يُشْبِهُهُ فِى الْخَلْقِ ، ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلاً.

ويؤيده ما رواه ابن حبان فى صحيحه وعنونه : ذكر البيان بأن المهدى يشبه خلقه خلق المصطفى صلى الله عليه و سلم عن عبد الله قال : قال النبى صلى الله عليه و سلم : " يخرج رجل من أمتى يواطئ اسمه اسمى وخُلُقه خُلُقى ، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ".

ولم يقل النبى صلى الله عليه و سلم " أنت منى وأنا منك " وما شابه ذلك فى المعنى إلا لأهل البيت ( السيدة فاطمة ، وسيدنا علىّ ، وسيدنا الحسن والحسين ، وسيدنا جعفر بن أبى طالب ، والإمام المهدى ) ، أما ما قاله فى جليبيب وما قاله فى شأن بنى ناجية كما فى حديث سعد أن رسول الله قال لبنى ناجية " أنا منهم وهم منى " فهذا وأمثاله من باب " سلمان منا أهل البيت " إلحاقا وتكريما وليس أصالة.اهـ من كتابنا المشار إليه سابقا.

من العرض السابق يتضح لك الوراثة المحمدية فى الإمام المهدى وخاصة حديث " إن ابنى هذا سيد كما سماه النبى صلى الله عليه و سلم ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ،

يُشْبِهُهُ فِى الْخُلُقِ وَلَا يُشْبِهُهُ فِى الْخَلْقِ " ، وحديث " يواطئ اسمه اسمى وخُلُقه خُلُقى" انتهى النقل

نقول هنا : شهر شعبان هو شهر الورثة لأنه شهر النبى صلى الله عليه و سلم . وهو شهر ظهور الورثة فى حال خفى ، ظهور وإخفاء فى حال واحد.

فى كتابنا "شرح دعاء سورة يس" تكلمنا عن معنى "ألف القيومية" و "الباء" و "النون" و" اللام ألف (لا) " و "الميم"

أرى ضرورة نقل جزء من الكتاب لتَفَهُّم معنى الورثة وحالهم فى شعبان.

وكان فيه:

وَأَحْرُفِ النُّورِ وَلَامِ الأَزَل

أحرف النور :

هى الأحرف التى جاءت فى أوائل السور {الم }، {المص}، {المر} ،{كهيعص} ، {طس}، {طسم}، {يس}، {حم}، {حم (1) عسق}، {ص}، {ق}، {ن}.

أ - ل - م - ص - ر - ك - هـ - ى - ع - ص - ط - س - ق - ن لخصت فى "نص حكيم قاطع له سر"، سره فى {يس} {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}

حروف الأبجدية 29 باعتبار الـ ( لام ألف ) نصفها 14، كذلك القمر قدرناه منازل , منازل القمر نصفها 14؛ لذلك قال قبلها يا آل يس بحق الأول وأحرف النور ، وقال : بحق الأول ؛ لأن أحرف النور من "

الأول " ؛ لأنها أوائل السور" فانتبه .

لام الأزل :

اللام فى قرآن ربى بعد التعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والفاتحة ثم بسملة مرة أخرى تبدأ سورة البقرة ، أول آية {الم }.

- أول حرف ألف " أ ".

- ثانى حرف لام " ل ".

) ، والألف هى ما يسمى بألف القيومية التى إذا أتت فى أول الكلمة لاتتصل ببقية الكلمة أبداً ، مثل لفظ الجلالة " الله " وفى الأسماء الأخرى " أحمد , أبيض , أسود... .عند أهل الله ، فى أمة الحروف اللام كانت فى أصلها أ تحتها ن ( ا



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 21, 2020 6:01 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114


#ليلة_النصف_من_شعبان (43)

ألف القيومية :

وهى التى لا تتصل بشىء ، ولا يتصل بها شىء وهى رمز لله عز وجل يدل عليه.

النون :

{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} يعنى بالنون العبد الذى يكتب الله به المقدور - وهو سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم يفتح الله به آذانا صما ... - وهو العبد الذى يتحمل التجلى ، والنون هى نصف دائرة ، والوعاء الذى يتميز بالنقطة .

ويقصد بالنون أيضاً الرجل الذى يتحمل التجليات والفيوضات والأنوار ، ويكون وعاء له قلب سليم وأذن واعية ولسان صدق وقدم صدق فيكون نصف الدائرة الظاهر . أما أسراره من الله عز وجل فهى بقية الدائرة التى لا ترسم ؛ لأنها مفتوحة لِتَلَقٍٍّ وترقٍ دائم .

لو كتبت النون مقلوبة وبداخلها النقطة هكذا وجزء من الدائرة تحت النقطة فإن معنى كتابتها بهذا الشكل أمر مستور مخبأ ، أو كأنه فى رحم ، ويكون معناها ولى مستور أو ولىّ مكلف بأمر جزئى أو أنه ولى والذى بعده ولى أشد منه .

قلنا أن النون عبد من العباد كالبحر فى حاله وأحواله من الجلال الذى تعرض له ، تلاطمت أمواجه ، وتباعدت شواطئه ، كثر فيه الغريق ، لا يعبره إلا من ركب سفينة وليست أى سفينة ، سفينة يقال فيها : {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} (هود 37) ، {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } (العنكبوت 15) .

إذاً هناك أَلِف القيومية و " ن " .

رب وعبد واحد ، اللام " ل " معناها أن ألف القيومية تجلت على ال " ن " . النقطة التى على النون " ن " موجودة للتميز ولضبط شكل الدائرة .

النقطة إشارة إلى أن النون هى وعاء ، وهذا صاحب دائرة قوية شديدة من دوائر الباطن .

النقطة للتعريف والتمييز ، فلما تجلت ألف القيومية - الألف الأعلى - عليها اختفت النقطة التى كانت تُعَرِّفُ الـ " ن " .

عندما يتجلى الله على العبد ( ن ) يختفى العبد ( نقطة النون ) ، يختفى عن نفسه ، تختفى نقطة تعريفه ، هذا مقام اسمه المحق ، تمحق عن أوصافك ، وتفنى عن شهود ذاتك.

فلام الأزل :

هى إرادة إلهية فى حضرة لإيجاد خلق ( ن ) ، والحضرة الإلهية اختارت خير خلق الله "فإن أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" ، يتجلى الله عليه فيصبح { قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}.

هذا هو التجلى ، التجلى حتى جاءت الألف على النون ففنت صفة النون ، اختفت النون وذابت من شدة تجليات الألف فأصبحت ل : ( لام ).

التجلى فى الأزل على الحضرة المحمدية ، ما من معرف إلا ويعرف بالألف واللام ، وهذا هو السلوك ، الله ورسوله (ا ل ).

لام الأزل :-

- أ : من الله.

- ل : يعنى رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى تجلى الله عليه فى الأزل.

المعرفة والنكرة

بين المعرفة والنكرة الأداة ال " الألف واللام " :

- ليل ، نهار ، شمس ، قمر ، جنة ، نار نكرة

- الليل ، النهار ، الشمس ، القمر ، الجنة ، النار معرفة .

بهذا الأمر ما من شىء يعرف إلا ويدخل قبله الألف واللام " الـ " ، وفى هذا معنى من معانى لا إله إلا الله محمد رسول الله :

- لا إله إلا الله لها ( ا : ألف) وهى ألف القيومية .

- محمد رسول الله لها ( ل: لام ) .

حتى تكون معرفاً ( معروفا غير نكرة ) عند الأكوان لابد من دخول الـ ( ا : ألف) و ( ل : لام ) .

بالله ورسوله تتم المعرفة

عندما يتجلى الله على عبد كهذا ، وَضَعَ الألف وتحتها نون يعنى تجلى الله بِأَلِفِ القيومية على هذا العبد وعاء لأسرار ( ن ) فخرج الـ " ل ".

العبد ( ن ) الذى نزلت عليه ألف التجلى فأصبح للتعريف ( ل ) ولكن يحتاج إلى ألف قيومية ثانية تسبقه ( الـ ) ، لما غابت النون فى الـ ( ل ) أظهرها الله فى أعلى مقام وهو " لا " - أى الام ألف - فإنه لا يدرى الألف من اللام أيهما يرسم أولا الألف أم اللام ، هذا المقام ( مقام لام ألف ) الذى يظهر فى الآخرة - هو سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم - ، وسنشرح ذلك لاحقا بمشيئة الله .
إذاً نون بين ألفين ( ا ن ا ) هى اللام ألف ( لا ) ، تخيل شكل " نون " بلا نقطة دخل عليها ألفان بشكل سيفين واتصلا فى آخرهما كل واحد منهما بطرف من طرفى النون ومن هنا يحدث الشرك لبعض الناس بين ( ا ن ا " أنا الآنية ) وبين اللام ألف ( لا) .

فاللام ألف ( لا ) هو عبد ربانى صرف - {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } (الأنفال 17) ، " ما أنا قلته ولكن الله قاله ( ) "، " ولو قلت نعم لوجبت " – وهذا العبد اختاره الله لنفسه ، فالرب رب والعبد عبد .

ما فى كتابة لا إله إلا الله إلا ثلاثة حروف ( أ ل هـ ) ، لا إله إلا الله اثنا عشر حرف ، خمسة ( 5 ) ألفات ( أ ) ، وخمس لامات ( ل ) ، و2 هاء ( هـ ).





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ليلة النصف من شهر شعبان ( للدكتور محمود صبيح )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 22, 2020 8:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6114

#ليلة_النصف_من_شعبان (44)

هل من شرح مبسط للام الأزل ؟

اعلم - حبيب سورة {يس}- أن الحروف والكلمات أمة من الأمم ، من وظيفتها فهم ابن آدم منها المعانى والتى يستخدمها فى معلوماته ومعاملاته ويتعبد بها.

إذا قلنا مثلا :

1- إن الله أراد أن يخلق خلقا هو أحب إليه من كل خلق - وهو سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم - ولا يستطيع أحد تحمل ما يتحمله.

2- وأراد أن يكون هذا الخلق - وهو العبد - أقرب إليه من أى شىء ، وأراد أن لا يجعل أحدا يتقرب إليه عز وجل إلا عن طريق هذا المحبوب- وهو سيدنا محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه و سلم -.

كيف تشرح وتعبِّر أمة الحروف عما قلناه ، وتحكى لك عما رأته من قبل أن تُخْلَق أنت ؟ نيسر لك ذلك بمشيئة الله عز وجل .

تعبر أمة الحروف عما سبق بالآتى :

بثلاثة حروف :

1- الألف

2- والنون

3- واللام

1- أما الألف ( ا ) فإنها تدل على ألف القيومية ، يعنى تدل على الله ، وإذا أتت فى أول الكلام لا تتصل بشئ ولا يتصل بها شئ مثل ( أحمد ، أبيض ، أحمر...) لذلك تسمى ألف القيومية ، وتدل على الله الذى تنزه عن الحلول والاتحاد والمماسة، يعنى حرف الألف يدل على الله.

2- والنون معناها دائرة نصفها باطن (الجزء الأعلى)، ونصفها ظاهر (الجزء الأسفل) وفى المنتصف نقطة.

معنى النون هنا فى عالم الحروف الذى يريد أن يترجم لك ما قدمناه سابقاً معناه العبد الصالح ...

إذاً ، هناك رب ( رمزه الألف ) ، وهناك عبد كامل أحب خلق الله إليه ( رمزه نون ) .

إذا تجلى الله على العبد الكامل يحدث ماذا ؟

1- أ

ن

2- أ

ن

3- ا

ن

4- ل

تختفى النقطة وتصبح ل .

إذاً ، اللام فى عالم الحروف : هى تجلى الله على حبيبه صلى الله عليه و سلم حتى أصبح النبى صلى الله عليه و سلم فانيا فى ربه تماما " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد "، {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} (الأنفال 17) .

إذا أرادت أمة الحروف أن تقول لك لابد أن تؤمن بـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، وأن كل الأبواب موصدة حتى تأتى باب النبى صلى الله عليه و سلم ماذا تقول لك؟ تقول لك لابد من أن تفهم المعرفة والنكرة .

النكرة : ما كان بدون الألف واللام ، تقول: رأيت رجلا .. ( أَىَّ رجل ) ، وجاء رجل إلينا.

والمعرفة : رأيت الرجل .. ( ليس كأى رجل ) ، وجاء الرجل إلينا.

إن كنت تريد أن تكون معـرفة غير نكرة فى الأكوان ، فلابد أن يسبقك الـ ( الألف واللام ) فإن ( الـ ) هى أداة التعريف ، ولا تنس أن " أ ، ل " يعنى الألف رمز " الله " ، واللام " رسول الله " ورسالته صلى الله عليه و سلم.

أفهمت كيف تكون لغة الحروف من أمة الحروف؟! {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } (الإسراء 44) .

إذا أرادت أمة الحروف أن تشرح لك المقام المحمود جزئيا وليس كليا ماذا تقول لك ؟

) ، يعنى أ ، ل ، واللام = " أ " تجلت على نون لا = " أ " + ( " أ " + " ن " ) ، أى أ ن أ ( أنا ) ، لو لم يدركك الله بعنايته فقد تشرك بالله وتظن أن الله له شريك .تقول : أنت عرفت الـ الألف ( رمز لله ) واللام ( رمز لرسول الله الذى تجلى عليه " لام الأزل " بعد ما كانت نونا ) وعرفت الـ ن ، وعرفت أداة التعريف ( الله ورسوله ) الـ ، وأنك بالله ورسوله تعرف الأمور ، وبغير الله ورسوله تكون جاهلا ، نكرة من النكرات ، إذا نظرت فى الـ ( الألف واللام ) وتمعنت وجدت أنها أصلا أ ل ، واللام هى" أ " و " نون " ( ا

يا من هو من أمة النبى الكريم صلى الله عليه و سلم اعلم أن النون لما تجلى عليها الألف وسكنت وأصبحت ل ولم تدعى ربوبية ولا ألوهية وتحققت بالعبودية المحضة {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } (الإسراء 1) ، أدناها الله أقرب وأقرب بلا مزيد ، قُرِّبَت حتى أصبحت (لام ألف : " لا ") لا يدرى فى الرسم أيهما يكتب الألف أم اللام فى اللام ألف " لا " ، اللام هى سريان السر الإلهى فى العبد الربانى .

روى الإمام البخارى فى صحيحه (5/2384) عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله قال : من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضت عليه ، وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ، ورجله التى يمشى بها ، وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه ، وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته".

هذا السريان يسرى من حيث لا يشعر به أحد كما كان يقول النبى صلى الله عليه و سلم " أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى " ، وهو نائم أمامهم صلى الله عليه و سلم.

ومن شدة إخفاء الله عز وجل هذا السريان الذى جعله فى اللام اختار الله لكلمة الليل لامين من مجموع كلمة ليل والتى هى ثلاثة حروف ، " ل ، ى ، ل " وذلك لشدة بطون الليل واختفاء النهار. جعلنا الله وإياكم من المستغفرين بالأسحار.

ثم اللام توضع مع ألف للتعريف ، وحين تدخل فى الليل ( فللسريان ) أو اللام ألف تعنى عبد مأذون له بالظهور والتكلم بلسان الحق ، وهذا هو العبد الربانى الكامل - ولم يظهره رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيرا - .




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 17 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط