الإمام البوصيرى رضى الله عنه
دلاص
يقول النسابة حسن قاسم
الإمام البوصيرى ( ... – 608 – 694 )
فى دلاص أسرة عرييقة فى النسب انحدرت من أصل عربى صميم تعرف بأولاد عرب ، أتسم رجال هذه الأسرة بما توارثوا عن اسلافهم بسمات عالية وقد حفزت بهم عمتهم الشماء الى تجديد ذلكم المسجد الأثرى العظيم الذى يرجع تاريخ إنشائه الى صدر الفتح العربى لمصر *
**( دلاص )** هى قرية من قرى مصر المشهورة قبل الإسلام ورد ذكرها فى كثير من المصادر الجغرافية ( قال ) المستشرق كترمين فى جغرافيته * أن هذه القرية مذكورة فى مواضع كثيرة فى كتب القبط باسم تيلوج وهى التى كانت تسمى مدينة بتر بوليس وهذا الاسم على جبل ( وفى ) تاريخ بطارقة الاسكندرية تسمية هذه القرية ( ديلوح ) وعند العرب تسمى ( ديلاص ) وقد ذكرت فى دفاتر التعداد فى بلاد البهنسا ( ويقول ) بعض الجغرافين العرب أنها واقعة بين منف ( ميت رهينة ) والفيوم على 8 فراسخ من الاولى و20 فرسخا من الثانية ( وقال ) الادريسى فى جغرافيته انها فى الجهة الغربية من النيل بمسافة ميلين وبينها وبين اهناس مرحلتان – ويظهر أن هذا القول هو الأصح – ( وقال ) أبو صلاح أنه كان فيها 300 صانع يشتغلون الألجمة التى كانت مشهورة بالدلاصية وكان فيها كنيسة قديمة ( وذكر ) بطليموس أنها كانت قريبة من النيل فى الجزيرة المشتملة على قسم هرقليوثيق ( أهناس ) ( وقال ) المقريزى أن فى خط دلاص وبوصير ست قرى *
وسكنها قديما قبائل من العرب وامتدت مساكنهم منها الى معصرة بوش 0 كما فى البيان والاعراب ) للمقريزى ووقال ( ياقوت ) فى معجم البلدان دلاص – كورة بصعيد مصر غربى النيل أخذت من البر تشتمل على قريى وولاية واسعة – منها أبو القاسم حسان بن غالب بن نجيح الدلاصى يروى عن مالك والليث ابن سعد توفى بدلاص سنة 223هـ - ومنها والد العلامة شرف الدين البوصيرى ناظم البرءة المعروفة بالبردة ونسب إلى بوصير لأن أمه كانت منها ونشأته بها *
هذا أقوال جغرافى العرب وغيرهم فى هذه القرية وهى الآن قرية واقعة غربى الزيتون ويحرى بوش تابعة لمديرية بنى سويف ومركزها الواسطى وبها بقايا من العرب هم سكانها قديما *
دلاص بعد الفتح :
ولما فتحت مصر على يد اميرها عمرو بن العاص كانت هذه القرية فى عداد القرى التى بنيت بها المساجد لاقامة الشعائر وكانت جل هذه المساجد بادىء ذى بدء ذات بناء متواضع جدا حتى لم يكن بها منابر للخطابة فكان يخطب فيها على العصى يجانب المحراب وما برحت هذه المساجد على تلك الصورة حتى ولى أمر مصر عبد الملك بن موسى بن نصير اللخمى من قبل مروان بن محمد الأموى فى سنة 132هـ فأمر بتجديدها واتخاذ المنابر بها – وفى عهد الدولة الفاطمية تعاهد خلفاؤها تجديد هذه المساجد وإظهارها على طراز آخر فبنيت تباعا وابتدىء بجامع مصر ثم جامع الاسكندرية والعريش والفيوم ودمياط والمنزلة وبوصير واخميم ودلاص وقوص وهو آخرها تجديدا – ولم يذكر التاريخ تجديدا يستحق الذكر بعد هذا التاريخ إلا ما كان من الاهالى من ترميم وغيره – وهذ المسجد ( مسجد دلاص الاثرى ) المسئول عنه القائم بدلاص احد هذه المساجد وقد تطور عليه الزمن فعفا أثره ودرست معالمه من كل ناحية ويؤخذ من عبارة المثريزى التى ذكرها فى خراج مصر أن هذا المسجد كان كنظائره له أوقاف حبست عليه وأموال رصدت له وقد غدا كل هذا نسيا منسيا وفى الغالب أن الاضرحة التى تزار بهذه القرية يوجد من بينها قبر حسان الذى ذكره ياقوت وغيره وقبر الشيخ سعيد الصنهاجى والد شرف الدين البوصيرى فقد كان كلاهما ظاهرا يزار فيما سلف كما يذكر ذلك بعض من زارهما فى زيارته لهذه القرية من أهل القرن التاسع الهجرى *
هذا ما ذكره النسابة حسن قاسم عن مدينة دلاص
ترجمة الإمام البوصيرى رضى الله عنه :
هو محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن أبى سرور بن حيان بن عبد الله بن ملاك الصنهاجى ، ينحدر من اصل مغربى حيث ينتمى الى بنى حبنون 1 من فروع قبيلة صنهاجة 2 العربية التى استوطنت بلاد المغرب وكان موطن والده بلدة ( بوصير ) 3 أما أمه فمن بلدة دلاص وقد اختلف المؤرخون فى تحديد مسقط رأسه فقد ذكر المقريزى أنه ولد بدلاص ، أما ابن تغرى بردى فقد ذكر أنه ولد ببهشيم – وقد اختلفوا فى موطنه فقد اختلف فى العام الذى ولد فيه فبينما يذكر تغرى بردى أن مولده كان فى العام الثامن من القرن السابع الهجرى ، فإن المقريزى يزعم بأن مولده بتراوح ما بين الأعوام السابع والثامن والعاشر من هذا القرن ولكن هناك إجماعا على أنه ولد يوم الثلاثاء الفاتح من شوال السابع والثامن والعاشر من هذا القرن ، ولكن هناك إجماعا على أنه ولد يوم الثلاثاء الفاتح من شوال ، يقول محمد سيد الكيلانى الذى حقق ديوان البوصيرى : وليس لدينا من أخبار البوصيرى ما يكشف لنا كيف قضى طفولته أو صباه ، غير أنه يمكنك القول بأنه بدا حياته الدراسية كما يبدؤها معاصروه ، وذلك بحفظ القرآن ، ثم جاء إلى القاهرة والتحق بمسجد الظاهر حيث درس العلوم الدينية وشيئا من علوم اللغة والصرف والعروض كما درس الأدب وجانبا من التاريخ الإسلامى وبخاصة السيرة النبوية وربما يكون درس فى مساجد اخرى مسجد الشيخ عبد الظاهر ، وبرغم أن البوصيرى لم تتح له ثقافة منظمة متواصلة الدراسة تمكن له أن يقوم بمهنة التدريس كأغلب فقهاء عصره نظرا لظروفه الصعبة .. وكان ما أتيح له من ذلك انه افتتح لحسابة الخاص مكتبا لتحفيظ القرآن وسرعان ما ضاق بأمره وأغلقه غير أن الذى يطالع قصائده فى مجادلة أهل الكتاب من النصارى واليهود يتأكد لديه عمق ثقافته الدينية والتاريخية والأدبية وإلمامه الواسع بالتراث الثقافى للأسلام والميسحية واليهودية وقد درس التصوف وأحب أن يكون صوفيا وتتلمذ لأبى العباس المرسى خليفة أبى الحسن الشاذلى وانتمى الى الطريقة الشاذلية وكتب قصائد يمدح فيها الشاذلى والمرسى *** توفى البوصيرى عام 696م وله مسجد معروف فى مدينة الاسكندرية ** لقد عاش الإمام البوصيرى تجربة الرجوع إلى الله واستطاع بموهبته الشعرية أن يرسم صورة لها تظهر مراحل هذه التجرية وبدأ قصيدته بالغزل على عادة الشعراء ، ثم بمرحلة التوبة والندم وما يتبعها من حب خالص لله ورسوله يورثه حالا من البكاء واليهام والوجد يظهره حزينا ضعيفا مصابا بالهزال فينشأ بينه وبين صديق يصف له هذه الحال **
1- قبيلة بني حبنون بقلعة بني حماد بالمسيلة الجزائرية
2 - صنهاجة (أو قبائل صنهاجة كما هو متداول) هي واحدة من أكبر الإتحادات القبائلية الأمازيغية العربية في شمال غرب أفريقيا كمثيلتيها قبائل زناتة و مصمودة.
تقع قرية صنهاجة قرب مدينة صفرو المغربية بحوالي خمس كيلومترات فقط، وهي تتواجد على الطريق الرئيسية صفرو بولمان. قرب قرية صنهاجة يوجد قريتان هما بوخرفان وسيدي يوسف بن أحمد. أغلبية سكان قرية صنهاجة هم من الامازيغلغة أمازيغية ' الدارجة '. توجد مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وتعتمد على السقي بالمياهالخضروات. كما أن أشجار الزيتون موجودة بكثرة في صنهاجة. وعدد سكانها حسب إحصائيات 2004 (غير مثبتة) 11.292 نسمة وتبعد صنهاجةعن مدينة فاس 38كيلومتر وعن مدينة بولمان 70 كيلومتروقد قيل في صنهاجة:
قوم لهم درك العلى في حمير ** وإن انتموا صنهاجة فهمُ همُ
لما حووا إحراز كل فضيلة ** غلب الحياءُ عليهمُ فتلثموا
3 - بوصير او ابوصير قرية من اعرق واقدم واقدس قرى مصر بمحافظة الجيزة، ربما يعرفها الكثيرون من خلال ارتباطها بلقب إمام الشعراء وملجأ الفقراء المحقق الاديب المدقق اللبيب العارف بالله تعالى شرف الدين ابو عبدالله محمد بن سعيد البوصيرى صاحب البردية والهمزية وصاحب المقام الشهير الاسكندرية بجوار مقام شيخه سيدى ابو العباس المرسي، وكان هو وابن عطاء الله السكندري صاحب الحكم العطائية من تلاميذه واشتهرت ايضا ببوصير السدر لكثرة اشجار السدر
وفى الطبقات الشاذلية ( طبعة بيروت )
الإمام البوصيرى ( ... – 608 – 694 )
الإمام الربانى ، والعارف الصمدانى ، الأستاذ الفاضل ، والملاذ الكامل ، شمس الملة وبرهان الأمة ، شيخ المحققين ، وملاذا أهل التمكين ، ذو المعارف الربانية ، والمواهب الصمدانية أبو عبد الله شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الدلاصى الصنهاجى الشاذلى البوصيرى قدس سره .
ولد رضى الله عنه بدلاص أول شهر شوال سنة ثمان وست مئة ، وكان أبواه قدما من المغرب فاستوطنا هذه البلدة ، فنشأ رضى الله عنه فى حجؤ أبيه حتى ترعرع ومال إلى العلم ، فحفظ القرآن وبعض المنون ، وقدم الأزهر وحضر على مشايخ العصر حتى كملت معالمه فأجازوه فأتى ودرس وصارت له هيبة عظيمة وبرع فى النظم حتى فاق أهل عصره ، وكانت له همة عالية .
وكان فى بدايته من مقربات السلاطين وله عندهم الحظوة التامة مقبولا فيما بينهم ، وكان يمدحهم بالشعر الرقيق ويهجوا أعدائهم وانقطع إلى التصوف ومال إليه فسلك على يد المربى أبى العباس المرسى قدس سره وأخذ عنه علم الحقائق والأسرار حتى لوحظ بالأنوار والأسرار وبدت عليه إشارات الولاية وألوية الهداية فعظمت هيبته وأجلته العيون والأنظار وشدت إليه الرحال من جميع الأمصار وعمل القصائد البديعة والموشحات الغريبة فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ويكفى فى فضله بردته الميمية المشهورة وهى قصيدة لم يأت بمثلها أحد ، لا من قبله ولا من بعده وهى من الأسرار ، وأعتنت بشأنها مشايخ الطرق وذكروا لها فضائل وخواص وأسرار وقد ذكرنا ما لها من الخواص والأسرار فى كتاب مستقل ، سميناه ( تحفة الراغبين ونزهة الطالبين فى خواص قصيدة الأستاذ شرف الدين ) فمن أراده فليطلبه حيث يوجد .
بلغ رضى الله عنه مقام الغوثية الكبرى ، ودام له الاجتماع بالنبى صلى الله عليه وسلم فى اليقظة والمنام وكان غذا مشى رضى الله عنه فى الأزقة تندلق الناس عليه يقبلون يديه حتى الصغار وكانت تشم رائحة جسده روائح طيبة .
كان رضى الله عنه يرتدى الملابس الحسناء ، منور الشيبة ، بسام الثغر ، طلق الوجه ، جميل اللقاء ، متواضعا زاهدا ذو عفة ووقار .
أخذ عنه جماعة من أفاضل العصر .
توفى رضى الله عنه وأرضاه بإسكندرية سنة أربع وتسعين وست مئة
وله مقام يزار ، ومسجدج تقام فيه شعائر أمة المختار ، وتتساقط على ضريحه أنوار وأسرار تبدو للزائرين ، والمتوسل به إلى الله لا شك من الناجين ، اللهم نتوسل إليك أن تعطف علينا قلب مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم آمين .
فى الخطط التوفيقية لعلى باشا مبارك ج7 ص 70 يقول : ( مسجد البوصيرى)
كان قديما جدده المرحوم سعيد باشا ببناء حسن ورتب له ما تقام به شعائر ورتب به دروسا دائمة والبوصيرى هو شرف الدين محمد ين سعيد البوصيرى صاحب البردة والهمزية وله تآليف غيرهما وكان أبوه من دلاص وأمه من بوصير قرية بقرب دلاص بمديرية بنى سويف .
وفى الجزء 10 ص 8 يقول
الشيخ الدلاصى المعروف بالبوصيرى صاحب البردة والهمزية وأبوه من ناحية دلاص الواقعة قبلى بوصيرونا وفى حاشية الشيخ على الشناوى على منن الهمزية ان ناظمها هو امام الشعراء وملجأ الفقراء المحقق الاديب المدقق اللبيب العارف بالله تعالى شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد البوصيرى نسبة الى بوصير قرية بالصعيد وينسب أيضا الى دلاص قرية بالصعيد ايضا فان أحد ابويه من احدى القريتين والآخر من الآخرى وربما ركبت له نسبه منهما وقيل الدلاصيرى فدلا مأخوذ من دلاص وصيرى من بوصيرثم اشتهر بالبوصيرى قولهم أبو صيرى بهمزة أوله خطأ ولد الناظم المذكور سنة ثمان وتسعين وستمائة وصوب شيخ الاسلام القسطلانى أنه ولد سنة أربع وتسعين وستمائة وتوفى سنة أحدى وثمانين وسبعمائة ويقال له الصنهاجى نسبة الى صنهاجة قبيلة منها ابن آجروم وكان الناظم وابن عطاء الله السكندرى تلميذين
لأبى العباس المرسى فخلع على البوصيرى لسان الشعر وعلى ابن عطاءالله صاحب الحكم لسان النثر * وبوصير هذه هى التى جعلها ابن خلكان من أعمال البهنسا وقال تعرف ببوصيرة وريدس بالقاف ويقال كوريد بالكاف وهى التى ينسب اليها أبو القاسم وأبو المكارم هبة الله بن على بن مسعود بن ثابت بن هاشم بن غالب بن ثابت الأنصارى الخزرجى المنسترى الاصل المصرى المولد والدار المعروف بالبوصيرى قال كان أديبا كاتبا له سماعات عالية وروايات تفرد بها والحص الاصاغر بالاكابر فى علو الاسناد ولم يكن فى آخر عصره فى درجته مثله وسمع بقراءة الحافظ أبى طاهر السلفى وابراهيم بن حاتم الاسدى على أبى صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدينى المذكور وابن الحسين على بن الحسين بن عمر الفراء الموصلى وأبى عبد الله محمد بن بركات هلال السعيدى النحوى سماعا وروى أيضا عن أبى الفتح سلكان بن ابراهيم بن المسلم المقدسى وهو آخر من روى عنه سماعا فى الارض كلها وسمع عليه الناس وأكثروا ورحلوا اليه من البلاد وكان جده مسعود قدم من المنستير إلى بوصير فأقام بها الى أن عرف فضله فى دولة المصرين فطلب الى مصر وكتب فى ديوان الانشاء ولد له على والد أبى القاسم المذكور بمصر واستقروا بها وشهروا وكان أبو القاسم يسمى سيد الاهل أيضا لكن هبة الله أشهر وكانت ولادته سنة ست وخمسمائة بمصر وقيل بل ولد يوم الخميس خامس ذى القعدة سنة خمسمائة وتوفى فى الليلة الثامنة من صفر ثمان وتسعين وخمسمائة ودفن بسفح المقطم وقال ياقوت الحموى فى كتاب البلدان المشتركة الاسماء انه مات فى شوال رحمه الله تعالى والخزرجى بفتح الخاء المعجمة وسكون الزاى وفتح الواو ةبعدها جيم هذه النسبة الى الخزرج وهو أخو الاوس بفتح الهمزة وسكون الواو وبعدها سين مهملة وهما أبناء حارثة بن ثعلبة وكلمة بوصير مركبة من كلتين ومعناها مدفن أوزريس كما قاله جليونسكى *
وتقول الدكتورة سعاد ماهر :
مولاى صلى وسلم دائما أبدا
على حبيبك خير الخلق كلهم
هو الشيخ الإمام العالم الشرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صفهاج بن هلال الصنهاجى كان أحد أبوية من بوصير بالصعيد والثانى من دلاص فركبت النسبة منهما فقيل الدلاصيرى ثم اشتهر بالبوصيرى .
ودلاص قرية مصرية قديمة اسمها المصرى القديم (هابى) والقبطى (تالاص) ومنه جاء أسمها العربى ( دلاص ) ويقول ابن خلدون ان دلاص كانت تقع على النيل قديما ويؤيد هذا القوم الاسم الذى اطلقه عليها البطالمة فقد كانت تعرف فى عهدهم باسم ( نيلو بوليس ) أى مدينة النيل ثم تحول عنها الى الشرق منذ عهد بعيد وقد وردت فى معاجم البلدان بأنها من مدن مصر بالصعيد الأدنى *
ويقول السيوطى فى حسن المحاضرة
شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الدلاصى المولد المغربى الاصل البوصيرى المنشأ ولد بناحية دلاص سنة 608 هـ وبرع فى النظم وتوفى عام 696هـ وقال الشهاب بن حجر كان البوصيرى رحمه الله تعالى من عجائب الله فى النظم النثرية وإن لم يكن له إلا قصيدته المشهورة بالبردة تكفاه فخرا وكذلك قصيدته الهمزية البديعة وقد ازدادت شهرة البردة حتى ان الناس أصبحوا يتدارسونها فى المساجد
ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم :
نحن على يقين إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدحه وكثرة الصلاة والسلام عليه من أهم أسباب تفريج الكرب وشفاء المرضى وتحقيق الخير للانسان وكم من عباد الله الصالحين والأولياء المقربين من أبتلى فى حياته فتقرب إلى الله وأكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف الله كربه وفرج همه وغمه وقد حدث هذا قديما وحديثا ومما حدث من فرج فى عصرنا بسبب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخبرنا به شيخنا الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر العارف بالله الدكتور الإمام عبد الحليم محمود رحمه الله رحمة واسعة ولتصغ إلى حديث الامام عبد الحليم محمود وهو يحدثننا بنفسه عن هذه التجربة حيث يقول رحمة الله فى فترة من الفترات أبتلانى الله بموضع شق على نفسى وعلى نفس المحطين فى واستمر الابتلاء مدة كنا نلجاء فيها الى الله طالبين الفرج وذات يوما أتى عندى بعض الصالحين وكان على علم بهذا الأبتلاء واعطانى ورقة كتب فيها صيغة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أقرئها وأستغرق فيها وكررها منفردا فى الليل لعل الله يجعلها سبب تفريج هذا البلاء والصيغة هى ( اللهم صلى صلاة جلال وسلم سلام جمال على حضرة حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واغشه اللهم بنورك كما غشيته سحابة التجليات فنظر الذى اعادة من كل سؤ اللهم فرج كربى كما وعدت ( امن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السؤ وعلى آله وصحبة آمين ) وأعتكف فى غرفة بعد صلاة العشاء واضات نور الغرفة وأمسكت الورقة بيدى وأخذت فى تكرار الصيغة واستغرقت فيها وإذا بى أرى فجأة أن الحروف التى كتبت بها الصيغة مضيئة تتلالأ نورا ومع أن الغرفة كانت مضيئة فإن الحروف كانت تتلالأ نورا فى وسط النور ولم أصدق عينى فغمضتها وفتحتها عدة مرات فكان النور على ما هو عليه فوضعت الورقة أمامى ووضعت يدى على عينى أدلكهما ثم فتحت عينى فإذا بالحروف على ما هى عليه تتلالأ نورا وتشع ثناء فحمدت الله وعلمت ان أبواب الرحمة قد فتحت وان هذا النور رمزا لذلك وفعلا أزال الله الكرب وحقق الفرج بكرامة هذه الصيغة المباركة
محمد سيد الكونين والثقلين
والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهى فلا أحد
أبر فى قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذى ترجى شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
واسم " البردة "هو الاسم الذي اشتهرت به القصيدة كما عرفت أيضاً باسم " البرأة " ويروى أنه سماها " بالبردة " لأنه كان مريضاً فرأي النبي (صلي الله عليه وسلم) وقد حنا عليه وغطاه ببردته أو عباءته ، فشفي بعدها وبرأ من مرضه لهذا سميت أيضاً ”بالبرأة" وتسمي أيضاً "بالميمية" لأن آخر قافيتها حرف الميم والقصيدة أسمها .."الكواكب الدرية في مدح خير البرية" وهي من أفضل القصائد التي مدح بها رسول الله صلي الله عليه وسلم بكل صفة من الصفات الإنسانية وقد جمع بين مدح الرسول وأخلاقه وخلقه ومولده وبعثته وهجرته وجهاده والقصيدة تبلغ مائه وستين بيتاً من الشعر .. ومطلعها
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
أما أخر هذه القصيدة فهذا البيت :
أبياتها قد أتت ستين مع مئة
فرج بها كربنا يا واسع الكرم
ولهذه القصيدة شروح كثيرة بالعربية والفارسية والتركية واحتذاها بعض الشعراء بعده ومنهم " الماوردى " في مؤلفه كشف الغمة في مدح سيد الأمة " ونظم أيضاً على نهجها أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة الشهيرة " نهج البردة " ومطلعها..
ريمً على القاعِ بين البانِ والعلمِ
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
وقد أخذ البوصيري ينظم الشعر في مدح النبي صلي الله عليه وسلم وعُدَّ من خيرة شعراء المدائح النبوية .
وللبوصيري ديوان من الشعر المنظوم المختلف الأغراض " وبه الكثير من المدائح النبوية وأشهرها قصيدتاه " الميمية " أو " البردة ".. وقصيدة " الهمزية " وهي القصيدة المسماة..
" أم القرى في مدح خير الورى " .
وهذا الديوان قد تم طبعه أكثر من مرة وفي طبعات شتي في عصرنا هذا والقصيدة الهمزية المسماة " أم القرى في مدح خير الورى" تقع في أكثر من أربعمائة وخمسين بيتاً .. ومطلعها ..
كيف ترقى رقيك الأنبياء ..... يا سماء ما طاولتها سماءً
ومنها هذا البيت
أنت مصباح كل فضل ما تصدر ..... إلا من ضوئك الأضواء
ويقول على مبارك في خططه :-
" كان البوصيري وابن عطاء الله السكندري تلميذين لأبي العباس المرسى – فخلع على البوصيري لسان الشعر ، وعلى ابن عطاء الله صاحب الحكم لسان النثر ولازم البوصيري أستاذه وأخذ عنه ومدح رسول الله عليه الصلاة والسلام وذاع صيته وملأت قصائده الآفاق .. وقد توفي البوصيري بالإسكندرية عام 694هـ (1295م) .
المسجد :-يقع مسجد الإمام البوصيري بمدينة الإسكندرية على شاطيء البحر بحي الأنفوشي في منطقة ميدان المساجد وفي مواجهة مسجد أبي العباس المرسى ويأخذ نفس الشكل المعماري تقريباً .. وقد كان المسجد قديماً زاوية صغيرة حتى شيد المسجد الحالي عام 1274هـ ( 1858م ) ويتكون من مربعين منفصلين :
المربع الأول : يشمل صحن المسجد وتتوسطه نافورة وتحيط به الأروقة من جميع الجهات.المربع الثاني : وبه إيوان القبلة ويؤدي إلي ضريح الإمام البوصيري تعلوه قبة من الصاج والمسجد ومئذنته التي في شكل مسلة يمثلان الطراز التركي في القرن التاسع عشر .. وقد شهد المسجد في الآونة الأخيرة تجديدات وتطويرات شملت الجزأين معاً وأيضاً مبني المسجد من الخارج
( مقال بمجلة الاسلام عن دلاص – الخطط التوفيقية لعلى مبارك باشا - مساجد مصر وأولياؤها الصالحين للدكتورة سعاد ماهر - السيوطى فى حسن المحاضرة – الدكتور احمد عمر هاشم – الطبقات الشاذلية )