موقع د. محمود صبيح https://www.msobieh.com:443/akhtaa/ |
|
مشهد القاضى بكـــــــــــــار رضى الله عنه https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=17&t=8556 |
صفحة 1 من 1 |
الكاتب: | حسن قاسم [ الاثنين مايو 14, 2012 5:00 pm ] |
عنوان المشاركة: | مشهد القاضى بكـــــــــــــار رضى الله عنه |
[b] مشهد القاضى بكار بالقرب من مسجد سيدى عقبة بن عامر الجهنى بشارع سيدى عقبة خلف مسجد الإمام الليث بن سعد رضوان الله عليهم جميعا فهو القاضى بكار بن قتيبة بن أسد بن عبد الله بن بشر بن أبى بكره بن الحارث بن مخلدة مولى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أهل البصرة : و يعد أبو بكرة بكار بن قتيبة بن أبي برزعة بن عبد الله الثقفي، واحد من أكبر القضاة في تاريخ مصر الإسلامية. وهو ينتمي في نسبه إلى الحارث بن كلدة صاحب الرسول عليه الصلاة والسلام. كان من فقهاء بغداد المعدودين، أرسله الخليفة العباسي المتوكل لتولي قضاء مصر، واشتهر القاضي بكار بسلوكه القضائي العفيف والمترفع وبورعه الشديد، فقد كان يبكي بعد كل حكم قضائي يصدره خوفاً من أن يكون قد ظلم أحداً، كما كان يكثر الوعظ للخصوم قبل حلف اليمين من مغبة اليمين الكاذب. ولقد كان أحمد بن طولون - والي مصر في فترة قضاء القاضي بكار - يرتاد مجالسه أنساً بفقهه وورعه ويرسل إليه كل شهر ألف دينار خارجاً عن المقرر له. وقد حدث أثناء الخلاف الشهير بين ويقول شمس الدين الذهبى : كان عالمًا جليلاً ومحدثًا ثقة وقاضيًا عادلاً مشهورًا بالزهد والورع يعرفنا به الإمام شمس الدين الذهبي فيقول هو: بكار بن قتيبة بن أسد بن عبيدالله بن بشير بن صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكرة نفيع بن الحارث، الثقفي البكراوي البصري، القاضي الكبير، العلامة المحدث، أبو بكرة، الفقيه الحنفي، قاضي القضاة بمصر، مولده في سنة اثنتين وثمانين ومئة بالبصرة * كان أحد البكائين التالين لكتاب الله ـ عز وجل ـ كما يصفه القاضي شمس الدين ابن خلكان وكان عظيم الحرمة، وافر الجلالة من العلماء العاملين، كان السلطان ينزل إليه، ويحضر مجلسه كما يقول الإمام الذهبي، ويصفه ابن كثير بأنه كان عالماً عابداً زاهداً كثير التلاوة والمحاسبة لنفسه ، ويقول عنه الحافظ محمد بن عبد المنعم الحميري صاحب "الروض المعطار في خبر الأقطار ": كان في فضله وعقله ودينه وورعه على ما لم يكن عليه قاض *وقد روى عنه - رحمه الله - الطحاوي فأكثر وبه انتفع وتخرج، وروى عنه أيضًا أبو عوانة في " صحيحة " وأبو بكر ابن خزيمة إمام الأئمة وعني بالحديث، وكتب الكثير، وبرع في الفروع، وصنف واشتغل . وقد كان من أفقه أهل زمانه في المذهب الحنفي ومما صنفه " الشروط " وكتاب " المحاضر والسجلات " وكتاب " الوثائق والعهود "وهو كبير. وصنف كتابا جليلا، نقض فيه على الشافعي، - رحمه الله -، رده على أبي حنيفة ، ولهذا الكتاب قصة تبين لنا طبيعة القاضي العادل الذي اعتاد على التحري والتقصي قبل الشروع في الحكم حتى يتيقن من إقامته للعدل فيحكم وهو مستريح الضمير، فقد كان للقاضي بكار - رحمه الله - كما يقول ابن زولاق اتساع في العلم والمناظرة، ولما رأى " مختصر المزني " وما فيه من الرد على أبي حنيفة، شرع هو في الرد على الشافعي، فقال لشاهدين من شهوده: اذهبا واسمعا هذا الكتاب من أبي إبراهيم المزني، فإذا فرغ منه فقولا له: سمعت الشافعي يقول ذلك وتشهدا عليه به؟ فمضيا وسمعا من أبي إبراهيم " المختصر "، وسألاه: أنت سمعت الشافعي يقول ذلك؟ قال: نعم، فعادا إلى القاضي بكار، وشهدا عنده على المزني أنه سمع الشافعي يقول ذلك، فقال القاضي بكار: الآن استقام لنا أن نقول: قال الشافعي، ثم رد على الشافعي هذا الكتاب . فهذا هو منهج القاضي العادل قد صار أسلوب حياة لا يكاد يفارقه. ورعه وخشيته: لنفسي أبكى لستُ أبكي لغيرها *** لعَيْبِي في نفسي عن الناس شاغل ، مكانته عند الخليفة المتوكل: وكان للقاضي بكار مكانة كبيرة عند المتوكل على الله الخليفة العباسي الذي أظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وبسط السنة، ونصر أهلها،. يروي لنا ابن الملقن في كتابه " طبقات الأولياء " قصة تبين لنا عظم المكانة التي نالها القاضي بكار عند الخليفة المتوكل، بل هي تكشف لنا عن القدر الكبير الذي وصل إليه بين أهل عصره نتيجة لورعه وزهده وعلمه، فقد اختاره المتوكل قاضيًا على مصر وأرسل إليه من يبشره بذلك فأعطى بكار الرجل الذي جاءه بتقليد القضاء رغيفين، " فاستحقرهما وقال: "وا خيبة طريقاه! ". ففرط في أحدهما في الطريق، وأعطاه المتوكل على الرغيف الآخر ألف دينار، وقال: لو أتيتني بالآخر أعطيتك مثلها!..... ، وعندما أراد المتوكل بناء مقياس للنيل لم يكتب إلى والي مصر أو إلى أحد كبرائها وإنما كتب إلى القاضي بكار أن يندب إلى المقياس أميناً، فاختار لذلك أبا الرداد عبد الله بن عبد السلام المؤدب،، وهذا يدل على عظم الثقة التي كانت للقاضي عند الخليفة العباسي. مكانته عند أمير مصر أحمد بن طولون: من المشهور عن أحمد بن طولون أنه كان يحب أهل العلم ويقربهم، بل إن ابن طولون نفسه كان عالمًا وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة ، وقد كان للقاضي بكار عند ابن طولون مكانة خاصة كوَّنها حب ابن طولون للعلم ورغبته الدائمة في التزود منه وإدراكه للمكانة التي وصل إليها بكار والتي جعلته في مقدمة العلماء إضافة إلى عدل القاضي وصلاحه وهيبته ونفاذ بصيرته وزهده الذي يجذب إليه القلوب، يقول الطحاوي: وكان الأمير أحمد بن طولون من المعرفة بحقه والميل إليه والتعظيم لقدره على نهاية ، ومن المشاهد التي تصور إجلال ابن طولون للقاضي بكار وهي أيضًا تعكس لنا شغف ابن طولون بالعلم ما يروى عن الطحاوي من أنه قال: ولا أحصي كم كان أحمد بن طولون يجيء إلى مجلس بكار وهو على الحديث ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب بقول: لا يتغير أحد من مكانه فما يشعر بكار إلا وابن طولون إلى جانبه، فيقول له: أيها الأمير ألا تركتني حتى، كنت أقضي حقك وأؤدي واجبك! أحسن لله جزاءك وتولى مكافأتك، ؟ وكان ابن طولون إذا حضر جنازة لا يصلي عليها غيره، إلا أن يكون بكار حاضراً، ولما مات يحيى بن القاسم العلوي كانت جنازته حافلة، فحضر ابن طولون وبكار، بعد أن صلى الناس على الجنازة فقال ابن طولون: حطوا النعش، وقال بكار: تقدم فصل عليه، فقال له كم أُكبّر؟ قال: خمساً، فتقدم بكار فصلى عليه وكبر خمساً، وأعاد أكثر الناس الصلاة عليه مع بكار، ولم يكن يصلي أحد على الجنازة غير ابن طولون إذا حضر؛ لأن ذلك هو المعمول به في المذهب الحنفي، فالخليفة ـ عندهم ـ أولى إن حضر ثم إمام المصر، وهو سلطانه، ثم القاضي، ثم صاحب الشرط، ثم خليفة الوالي، ثم خليفة القاضي، ثم إمام الحي ، وقد كان ابن طولون يقدم القاضي بكار إذا كان حاضرًا إقرارًا منه بمكانته ومعرفة بفضله. في مجلس القضاء: وفي كل قضية من القضايا التي أوردتها كتب التراجم للقاضي بكار يتبين لنا مدى حرصه على المساواة في تطبيق الأحكام على الجميع دون تفرقة، لا يلتفت أثناء ذلك إلى مكانة أو إلى صداقة، يتعامل مع أمير مصر كما يتعامل مع أي فرد من أفراد الرعية، ومما يروى في ذلك أنه مات رجل وعليه مال للأمير وله أطفال، فطلب عامل الخراج من أحمد بن طولون أن يأمر القاضي ببيع داره فيما عليه، فأرسل ابن طولون إلى بكار في ذلك، فقال: حتى يثبت عليه الدين، فأثبتوه وسألوه البيع، فقال: حتى يثبت عندي أنه ملكه، فأثبتوه ثم سألوه البيع، فقال: حتى يحلف من له الدَّين، فحلف ابن طولون، فقال بكار: أنا الآن فقد أمرت بالبيع. وهناك رواية ليست تدل على عمق إيمان القاضي فحسب، وإنما تخبرنا أيضًا أنه نشأ نشأة إيمانية، وأن تعلقه بالله وخوفه منه كان منذ يفاعته وأن هذا الخوف ظل متمكنًا منه لم يفارقه حتى لقي الله - سبحانه -، يحكي لنا أبو حاتم ابن أخي بكار هذه الحكاية فيقول: قدم على عمي رجل من البصرة له علم وزهادة ونسك فأكرمه وقربه وأدناه، وذكر أنه كان معه في المكتب، فمضت به الأيام فجاء في شهادة ومعه شاهدان من شهود مصر فما قبل شهادته، فقلت لعمي: هذا رجل زاهد وأنت تعرفه، قال: يا ابن أخي ما رددت شهادته إلا أنه كنا صغاراً وكنا على مائدة عليها أرز وفيه حلوى فنقبت الأرز بإصبعي فقال لي: ( أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) فقلت له: أتهزأ بكتاب الله - تعالى -على الطعام ثم أمسكت عن كلامه مدة، وما أقدر على قبوله وأنا أذكر ذلك منه. ومن الأمور التي تبين لنا شدة تحري القاضي وحرصه على أن لا يحكم في قضية إلا بعد أن يتأكد من إقامته لكل ما يضمن لحكمه أن يكون عادلا حتى يخلي ذمته أمام الله ـ - عز وجل - ـ أنه كان يكثر الوعظ للخصوم ويتلو عليهم: ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) - هذا مع كل حالف، فمنهم من يرجع عن اليمين؛ وكان - رحمه الله - يحاسب أمناءه في كل شهر ويسأل عن الشهود. ورغم ذلك فإنه كان ـ كما ذكرنا من قبل ـ يخاف من التقصير ويخشى الزلل فيحاسب نفسه أشد ما يكون الحساب ويستحضر في مخيلته موقفه أمام الله يوم القيامة فيفزع ويرتعد و مما يروى عنه في ذلك أنه كان إذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض عليها قصص جميع من تقدم إليه وما حكم به وبكى، وكان يخاطب نفسه ويقول: يا بكار، تقدم إليك رجلان في كذا، وتقدم إليك خصمان في كذا، وحكمت بكذا، فما يكون جوابك غداً. محنة القاضي على يد ابن طولون: هذا هو مبدأ ابن طولون الذي ظل ثابتاً عليه ولم يغيره، فللخليفة مكانته التي يجب أن تصان، وكلمته التي يجب أن تطاع و التعدي عليه أو سلبه أي حق من حقوقه من الأمور المزرية التي تشين من يقوم بها. وعندما صارت الخلافة إلى المعتمد ولى أخاه الموفق طلحة أمر الجيش والولايات، كان له الأمر والنهي ولم يكن للمعتمد من الخلافة إلا اسمها ـ كما يقول المؤرخون ـ فغاظه ذلك وراسل ابن طولون الذي زين له القدوم لمصر فقرر المعتمد أن يلحق بابن طولون، إلا أن الموفق أرسل إلى المعتمد من يرده، وكان ابن طولون قد تجهز لاستقبال المعتمد ووصل إلى دمشق حتى قال أحد شعرائها وهو قعدان بن عمرو: من مبلغ مضر الشآم وما حوت *** مصر ومن هو متهم أو منجد فجمع ابن طولون العلماء والأعيان، وقال: قد نكث الموفق أبو أحمد بأمير المؤمنين، فاخلعوه من العهد فخلعوه، إلا بكار بن قتيبة، وقال: أنت أوردت علي كتاب المعتمد بتوليته العهد، فهات كتابا آخر منه بخلعه. قال: إنه محجور عليه ومقهور؟ قال: لا أدري. فقال له: غرك الناس بقولهم: ما في الدنيا مثل بكار، أنت قد خرفت وقيده وحبسه، وأخذ منه جميع عطائه من سنين. ما كان لرجل عرفنا في سماته أنه لم يكن ليحكم في قضية إلا بعد أن يتحرى ويتيقن وتجتمع عنده جميع الدلائل التي تمكنه من الحكم العادل أن يرضى بكلام مرسل حتى ولو كان قائله هو أمير مصر، لقد قلنا من قبل إن أمر التثبت والتيقن قبل إصدار أي حكم قد صار نهج حياة عند القاضي بكار، وها هو ذا لا يتركه حتى وهو على يقين من أن تمسكه بما اعتاد عليه لكونه قاضيًا حريصا على العدل سيسبب له من المحن ما هو في غنى عنه.. لقد قرر القاضي العادل أن ينصاع لضميره الذي يأبى إلا أن يسير وفقًا لما تعلمه من قواعد الشرع وأصول الدين الحنيف وأن يتحمل مسؤولية رفضه رغم علمه بأن ما سيدفعه من ثمن سيكون باهظًا. مشاهد في المحنة: وكان برجل بكار علة لا يستطيع التربع، بل يمد رجله من تحت ثيابه فضربه رجل بعود حديد على رجله الممدودة فقال: أوَّه، وضمها. ثم حمل من بين يديه إلى السجن. ومن التمعن أيضًا في إذلال القاضي والتعنت معه أن ابن طولون أمره أن يرد له مبلغًا من المال كان يعطيه له كل عام، وكانت المفاجأة حيث إن القاضي قد " حمله إليه بختمه، وكان ثمانية عشر كيساً، في كل كيس ألف دينار فاستحى ابن طولون عند ذلك من الملأ؛ " لأنه كان يعتقد أن القاضي قد أنفقه، ويعلق ابن تغري بردي على ذلك بقوله: قلت: هذا هو القاضي الذي في الجنة؟ - رحمه الله تعالى - وفي هذا أيضًا صورة من الصور التي تعرض لنا زهد القاضي بكار، وتوفيق الله - تعالى -له، هذا التوفيق الذي استمر حتى أنه كان يخرج مع كل محاولة من ابن طولون لتشويه صورته وإهانته أكثر رفعة وأعز مكانة وعلى أشرف حال وأنصعها، بينما كان يخرج أعداءه المتربصون به من الذين استغلوا غضبة ابن طولون عليه في حالة من الإهانة والذلة جعلت منهم عبرة للمعتبرين، وحكاية ذلك أن أحمد ابن طولون لم يكتف بسجنه بل أمر أن يحضر كل من يدعي أن له مظلمة على القاضي بكار ليطالبه بها " فكان يحضر في مجلس المظالم بين يدي أحمد قائماً. وكان الطحاوي يقول: ما تعرض له أحد فأفلح بعد ذلك، لقد تعرض له غلام يقال له عامر بن محمد بن نجيح، وكان في حجره، فرآه في مجلس المظالم، فقال بكار: يا عامر ما تصنع ها هنا؟ فقال: أتلفت علي مالي، فقال: إن كنت كاذبًا فلا نفعك الله بعقلك. قال: فأخبرني من رآه ذاهل العقل، يسيل لعابه، يسب الناس ويرميهم بالحجارة، والناس يقولون: هذه دعوة بكار. بل إن بعضهم سجن حين تبين كذبه وافتراءه على القاضي. وقد كانت القسوة التي عامل بها ابن طولون القاضي بكار محل استنكار من المؤرخين، حتى إن ابن خلدون في تاريخه يعلل ذلك بأن المرض الذي نزل بابن طولون بعد نكبات تعرض لها كان سببًا في سوء أفعاله، فيقول بعد سرده لما حدث لابن طولون: وحميت كبده من سوء الفكر فساءت أفعاله وضرب بكار بن قتيبة القاضي وأقامه للناس في الميدان وخرق سواده وأوقع بابن هرثمة وأخذ ماله وحبسه وقتل سعيد بن نوفل مضروبا بالسياط * مشاهد في سجن القاضي: ويظهر تعلق طلاب العلم والحديث ببكار بصورة قوية بعد سجنه، حيث طلبوا من أحمد بن طولون أن يأذن لهم في السماع منه، فأذن لهم، فكان يحدثهم من طاق في السجن، فأكثر من سمع منه في آخر عمره، كان كذلك * وقد ندم ابن طولون على ما فعله في هذا القاضي العادل والعالم الزاهد فحاول أن يثنيه عن رأيه برفق وتؤده فراسله قائلاً: إنا رادوك إلى منزلك، فأجبني، فقال: قل له: شيخ فإن وعليل مدنف، والملتقى قريب، والقاضي الله - عز وجل -. فأبلغها الرسول أحمد، فأطرق، ثم أقبل يكرر ذلك على نفسه، ثم أمر بنقله من السجن إلى دار اكتريت له، وفيها كان يحدث * وفاته: ويصفون جنازته فيقولون: شيعه خلق عظيم أكثر ممن يشهد صلاة العيد، وأمهم عليه ابن أخيه محمد بن الحسن بن قتيبة الثقفي - رحمه الله تعالى -( قال ابن زولاق عاش بعد ابن طولون أربعين يوماً ومات في تلك الدار، فحضرت جنازته فما رأيت كبير أحد، فقلت ليحيى بن عثمان بن صالح: يموت مثل هذا الرجل وتكون هكذا جنازته! فما صليت العصر حتى ما فقدت أحدًا، ولم أر فيها أحدًا راكبًا - رحمه الله - رحمة واسعة بن طولون والخلافة العباسية أن حاول بن طولون استمالته إلى جانبه لإضفاء الشرعية على مطامحه السياسية مما يعني تسييس السلطة القضائية - وهي عملية معروفة في كل النظم الديكتاتورية - عن طريقة إصدار فتوى بخلع الموفق، بيد أن القاضي بكار امتنع عن ذلك فانقلب عليه بن طولون، وطالبه برد المبلغ الذي كان يرسله له سنوياً، فأرسل له المبالغ التي كان يرسلها بأختامها كاملة، وقد سجنه بن طولون. عندما مرض بن طولون حاول العفو عنه واسترضائه، ورد عليه القاضي بكار "شيخ فان وعليل مدنف والملتقي قريب والقاضي الله عز وجل". وقد توفي بن طولون بعدها بأيام قلائل ولحق به القاضي بكار بعد أربعين يوماً صفحة من حياة الإمام الحافظ الحجة القاضي بكار بن قتيبة المصري الحنفي هذه صفحة مشرقة من حياة ذالك الإمام الجليل الحافظ الحجة الفقيه النبيل بكار بن قتيبة البكراوي المصري الحنفي رحمه الله. بينما كنت أقرأ وفيات الأعيان لابن خلكان، وقعت على هذه القصة العجيبة، فأردت أن أقدمها أمام إخواني في الله. وهي كما تلي: يقول ابن خلّكان في وفيات الأعيان: كان أحمد بن طولون يدفع إلى القاضى بكّار فى العام ألف دينار سوى المقرّر له فيتركه بكّار بختمها ولا يتصرّف فيها فلمّا دعاه ابن طولون لخلع الموفّق من ولاية العهد امتنع . فاعتقله وطالبه بحمل الذهب فحمله إليه بختومه . وكان ثمانية عشر كيسا وفى كل كيس ألف دينار فاستحى ابن طولون عند ذالك من الملآ. وقال أبو المحاسن : قلت هذا هو القاضى الذى فى الجنّة رحمه الله ولم يعيّن قاض بدله إلى وفاته اكتفاء بنيابة محمّد بن شاذان الجوهرى عنه مدّة اعتقاله . ويقول الإمام الكوثري في الحاوي: وترجمة بكّار فى غاية العظمة، قال الطحاوى فى تاريخه الكبير : ما تعرض أحد لبكّار فأفلح كما فى طبقات القرشى. ويقول الذهبي في السير: قلت : كان عظيم الحرمة ، وافر الجلالة ، من العلماء العاملين ، كان السلطان ينزل إليه ، ويحضر مجلسه. وقد ذكر هذه القصة شيخنا العلامة قاضي القضاة المحدث الفقيه محمد تقي العثماني في مواعظه الأردية التي طبعت بديوبند في عشرين مجلدا، وعلق على هذه القصة فوائد عجيبة أما الدكتورة سعاد ماهر فتقول : وتستطرد الدكتور سعاد ماهر تقول : كان القاضى بكار من الفقهاء المحدثين والقراء ويعد من أبناء الطبقة الرابعة فى رواية الحديث وكان يحكم بمذهب أبى حنيفة رضى الله عنه وكان إذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض عليها جميع ما حكم به ويبكى ويقول يا بكار قدم اليك رجلان فى كذا وكذا وحكمت بكاذا وكذا فما حوابك غدا إذا وقفت بين يدى الله تعالى ويقول بن زولاق حدثنى بعض شيوخ مصر قال : مررت على منزل القاضى بكار فى الليل فوجدته يصلى ثم فرغ من صلاته فبكى وقرأ ( كلا أنها لظى نزاعة للشوى ) وكان القاضى بكار رحمه الله حريصا ألا تشوب أحكامه شائبة حتى أنه كان يصل به المر فى بعض الأحيان إلى حد التزمت فى قبول شهادة الشهود * ويحكى ابن أخيه إذ قال قدم على عمى رجل من أهل البصرة فأكرمه وأثنى عليه وقال ، هذا كان معى فى المكتب ومضى الرجل الى حال سبيله وجاء بعد أيام فى شهادة عند القاضى بكار ومعه شاهد أخر من أهل مصر فقيل شهادة الرجل الذى كان معه ، ولم يقبل شهادة الآخر فقلت له يا عم هذا الرجل أثنيت عليه خيره فلم لم تقبله ؟ فقال يا ابن أخى ما رددت شهادته إلا لأمر فقال وما هو قال : كنا على المائدة ونحن صغار وفيها أرز وفيه عسل فأخذت بأصبعى من وسط الأرذ فجرى العسل حتى دخل وسط الأرز فقال أخرقتها لتغرق أهلها ؟ فقلت أتهزأ بكتاب الله فأمسكت عن كلامه مدة فما قدرت على قبول شهادت وأنا أذكر ذلك منه وكثيررا ما كان يقف القاضى بكار مع المتقاضين موقف الواعظ المرشد فمن ذلك ما حكاه الإمام أبو جعفر الطحاوى ، إذ قال سمعت الكوفى يقول حضرت يوما عند بكار بن قتيبة فدخل إليه رجلان يختصمان أحدهما أبو الآخر فنظر إليهما وأنشد تعاظيمتا ثوب العقوق كلاكما *** أب غير بر وأبنه غير واصل = أما المقريزى فى المواعظ والأعتبار : =================== فى كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية تأليف تقى الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزى المتوفى 845هـ جزء 4 ص 460 قال:أعلم أن زيارة القرافة كانت أولا يوم الأربعاء ثم صارت ليلة الجمعة وأما زيارة يوم السبت فقيل انها قديمة وقيل متأخرة وأول من زار يوم الاربعاء وأبتدأ بالزيارة من مشهد السيدة نفيسة الشيخ الصالح أبو محمد عبد الله بن رافع بن يزحم بن رافع السارعى الشافعى المغافرى الزوار المعروف بعابد ومولده سن أحدى وستين وخمسمائة ووفاته بالهلالية خارج باب زويلة ( والهلالية الآن شارع يقع بمنطقة اليكنية بالمغربلين ) فى ليلة الثانى والعشرين من شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة ودفن بسفح المقطم على تربة بنى نهار بحرى تربة الردينى وأول من زار ليلة الجمعة الشيخ الصالح المقرى ابو الحسن على بن أحمد بن جوشن المعروف بابن الجباس والد شرف الدين محمد بن على بن احمد بن الجباس فجمع الناس وزاربهم فى ليلة الجمعة فى كل اسبوع وزار معه فى بعض الليالى السلطان الكامل ناصر الدين ابو المعالى محمد بن العادل أبى بكر بن أيوب ومشى معه أكابر العلماء وكان سبب تجرد أبى الحسن بن الجباس وانقطاعه الى الله تعالى انه دولب مطبخ سكر شركة رجل فوقف عليهما مال للديوان فسجنا بالقصر فقرأ ابن الجباس فى بعض الليالى سورة الرعد فسمعه السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب فقام حتى وقف عليه وسأله عن خبره فأعلمه بأنه سجن على مبلغ كذا فأمر بالافراج عنه فأبى الا أن يفرج عن رفيقه أيضا فافرج عنهما جميعا واتفق انه مر فى بعض ليالى الزيارة بزاوية الفخر الفارسى فخرج وقال له ما هذه البدعة فى غد أبطلها ثم دخل الزاوية وخرج بعد ساعة وأمر برد ابن الجباس فلما جاء قال دم على ما انت عليه فانى رأيت الساعة قوما فقالوا هل تعطينا ما يعطينا الجباس فى ليالى الجمع فعملت أن ذلك هو الدعاء والقراءة * وأما زيارة يوم السبت فقد تقدم انه اختلف فيها وحكى الموفق بن عثمان عن القضاعى انه كان يحث على زيارة سبعة قبور وان رجلا شكا اليه ضيق حاله والدين فقال له عليك يزيارة سبعة قبور : القاضى بكار بن قتيبة وتوفى سنة سبعين ومائتي يقول السخاوى فى تحفة الاحباب وبعية الطلاب : حكى القضاعى رحمه الله تعالى أنه كان يحث على زيارة سبعة قبور بالجبانة * وجاء رجل يشتكى إليه أمرأ نزل به فقال عليك بزيارة سبعة قبور فى هذه الجبانة واسأل الله تعالى أن يقضى حاجتك وذكر له ذلك ( فبدأ ) بعبد الصمد صاحب الحنفاء وذكر بعده أبا الحسن الدينورى وإسمعيل المزنى صاحب الشافعى وذا النون المصرى وأبا بكر القمنى والمفضل بن فضالة والقاضى بكار رحمة الله تعالى عليهم أجميعن فهذه زيارة القضاعى التى زارها وأمر بها وله فى هذا فضل عظيم * لأن من بركة زيارتهم أن الإنسان إذا زارهم زار القرافة بكمالها * وترتيب زيارتهم فى هذا الزمان أنهم يبدءون فى أول زيارتهم بأبى الحسن الدينورى وبعده عبد الصمد البغدادى وبعده إسماعيل المزنى وبعده القاضى بكار وبعده المفضل بن فضالة وبعده أبو بكر القمنى ثم ذو النون المصرى هذا ترتيبهم فى هذا الزمان وفيه تقديم وتأخير على زيادة القضاعى ولم يضرهذا * ومن خصائص زيارتهم أن من زارهم سبعة سبوت على نية الحج أو قضاء الدين أو حاجة قضى الله تعالى حاجته وقد جرب الناس ذلك فوجدوه كذلك فينبغى لمن عزم على زيارة هؤلاء وغيرهم من العلماء والصالحين أن يخلص نيته لعل الله تبارك وتعالى أن يقضى حاجته وينقل دعاءه بفضل الله وإحسانه ونسأله أن يميتنا على الإسلام وأن يحشرنا فى زمرة الأنبياء والعلماء والأولياء والصالحين وأن يغفر لنا ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن لا يؤاخذنا بالتقصير وجميع المسلمين وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( الشريف على محمود محمد على حفيد النسابة حسن قاسم )[/b] |
صفحة 1 من 1 | جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين |
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group http://www.phpbb.com/ |