بسم الله الرحمن الرحيم
منشأ هذا الباب من البحث حديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم ما معناه
اقتباس:
( يكون من بعدي خلافة و من بعد الخلافة إمارة و من بعد الأمراء ملوك و من بعد الملوك الجبابرة ثم تكون خلافة على منهاج النبوة )
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُكَيْنٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ لَهُ: يَا بَشِيرُ، أَتَحْفَظُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم فِي الْخِلافَةِ؟ فَقَالَ: لا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَهُوَ قَاعِدٌ: أَنَا أَحْفَظُهَا، فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ: " تَكُونُ فِيكُمُ النُّبُوَّةُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَضُوضًا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهُ، ملك جبرية، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ "، ثُمَّ سَكَتَ
وقد اعتبر الناس ان ما نعيشه الآن هو فترة الحكم الجبري وأن زواله بزوال الرؤساء الحاليين إنما مرده إلى نهوض الخلافة على منهاج النبوة
و لكن قد يكون الحكم هو الغلبة و ليس الشمول معنى أن الحكم الجبرى إذا افترضنا كونه يشمل كل الرؤساء
فلا بد ألا يكون هناك ملك عضوض و أن تكون هذة الفترة قد انتهت و لكن الأمور تداخلت بين الخلافة و الإمارة و الملك العضوض والجبري
واعنى تداخلا زمنيا حتى عد البعض عمر بن عبد العزيز من الخلفاء الراشدين
وظهر معاوية وقت سيدنا على كرم الله وجهه و ظهر الرؤساء المعنيين بالجبابرة وقت الملك العضوض
المتمثل فى حكم الأسرات فى الخليج و الحجاز
و عليه فقد يصدق أن الفترة التى نعيشها الآن هى الحكم الجبرى لغلبة الجمهوريات على الممالك
و زوال الحكم الجبرى قد يكون بزوال هؤلاء الرؤساء
و أننا لن ننتظر ان تهلك الممالك أولا ثم يكون الحكم الجبرى خالصا لا تشوبه شائبة بل الحكم الغالب هو التداخل
أما كون المهدى يملا الدنيا عدلا كما ملئت جورا و أن طعام المؤمنين وقت الشدة قبل ظهور المهدي هو طعام الملائكة
من تسبيح و خلافه
اقتباس:
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ بِمَرْوَ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ: سُئِلَ عَنْ طَعَامِ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ، قَالَ: " طَعَامُ الْمَلائِكَةِ "، قَالُوا: وَمَا طَعَامُ الْمَلائِكَةِ؟ قَالَ: " طَعَامُهُمْ مَنْطِقُهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، فَمَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ يَوْمَئِذٍ التَّسْبِيحَ وَالتَّقْدِيسَ، أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الْجُوعَ، فَلَمْ يَخْشَ جُوعًا ".
فهذا يعنى استمرار الجور إلى زمان المهدي عليه السلام و هذا ينفى ظهور الخلافة الراشدة ولكن لا ينفى ظهور ما يسمى بالخلافة
( او استمرار نوع من أنواع الفترات السابقة تحت أى مسمى يقال عنه )
و التى ستنتهى إن قامت ايضا بالفشل الذريع واستمرار الجور إلى زمان المهدى
وذلك لما ورد من أحاديث أخرى أن بعد الملك الجبرى ظهور المهدي بمعنى أنه هو الذى يعيد الخلافة
اقتباس:
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ النَّحْوِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ
، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ مَوْلَى جَرِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ جَابِرٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ: " سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الأُمَرَاءِ مُلُوكٌ، وَمِنْ بَعْدِ الْمُلُوكِ جَبَابِرَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، ثُمَّ يُؤَمَّرُ الْقَحْطَانِيُّ، فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دُونَهُ "
والحاكم فى هذة الفترة هو فى حكم السلطان الجائر الفاسق فهم مازالوا هم المقيمون لعماد الدولة يحج معهم و يجارب إلى جانبهم
وعليه لا يجوز الخروج عليهم كما فى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلّم
( قلومبهم قلوب شياطين فى جثامين إنس ) ... و تعقيبه عليه الصلاة و السلام ( أطع الامير و إن ضرب ظهرك وأخذ مالك )
اقتباس:
وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَي وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: كَيْفَ؟، قَالَ: يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟، قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ "
و لا يعنى عدم الخروج على الأمير الرضا بالحكم الجبري و إنما هو زمان فتنة يجب أن تحفظ الأمة و لو بشخص فاسق
اما الثورات العربية وقت الناصريين والإشتراكيين و غيرهم فقد نجد لها توصيفا آخر فى الأحاديث
حيث نقرأ عن أربع فتن تمر بالأمة .. الثالثة منها ( فتنة هلاك الملوك )
اقتباس:
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ رُشَيْدٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ رَبِيعَةَ الْقَصِيرِ، عَنْ تُبَيْعٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " تَكُونُ فِتَنٌ ثَلاثٌ كَأَمْسِكُمُ الذَّاهِبِ، فِتْنَةٌ تَكُونُ بِالشَّامِ، ثُمَّ الشَّرْقِيَّةُ هَلاكُ الْمُلُوكِ، ثُمَّ تَتْبَعُهَا الْغَرْبِيَّةُ، وَذَكَرَ الرَّايَاتِ الصُّفْرَ، قَالَ: وَالْغَرْبِيَّةُ هِيَ الْعَمْيَاءُ "
و التوصيف بالملوك و ليس الجبابرة قد ينبىء عن الانتقال من الملك العضوض إلى الملك الجبري
حيث كانت الجمهوريات ممالك قبل هذة الثورات من المملكة المصرية و المملكة العراقية و الشام و اليمن و ليبيا و غيرها
ونجد فى الحديث وصفا للفتنة الرابعة أنها هى التى تسلمكم إلى الدجال
أما الفترة الجبرية قد يصدق فيها الحديث ( إذا أراد الله أن يعز الإسلام و المسلمين قصم كل جبار )
اقتباس:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيُّ، قثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلّم يَقُولُ: " وَيْحَ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ مُلُوكٍ وَجَبَابِرَةٍ، كَيْفَ يَقْتُلُونَ وَيُخِيفُونَ إِلا مَنْ أَظْهَرَ طَاعَتَهُمْ، فَالْمُؤْمِنُ التَّقِيُّ يُصَانِعُهُمْ بِلِسَانِهِ، وَيَفِرُّ مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز و جل أَنْ يُعِيدَ الإِسْلامَ عَرَبِيًّا قَصَمَ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ أَنْ يُصْلِحَ أُمَّةً بَعْدَ فَسَادِهَا ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: يَا حُذَيْفَةُ " لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهَ عز و جل ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، تَجْرِي الْمَلاحِمُ عَلَى يَدَيْهِ، وَيُظْهِرُ الإِسْلامَ، لا مُخْلِفَ وَعْدِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ "
فقد يكون فيها بيان هلكة الجبابرة و بدء الفتنة الرابعة حيث الكلام بعدها على ظهور المهدي عليه السلام
و على هذا الفهم لم يظهر المهدي بعد عبد الناصر لأن الأمر لم يكن خاصا بالفتنة الرابعة و إلا ظهر و لكن لأنها الفتنة الثالثة الخاصة بهلاك الملوك
اقتباس:
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ صِلَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ ، يَقُولُ : " فِي الإِسْلامِ أَرْبَعُ فِتَنٍ ، تُسْلِمُهُمُ الرَّابِعَةُ إِلَى الدَّجَّالِ : الرَّقْطَاءُ ، وَالْمُظْلِمَةُ ، وَهَنَةٌ وَهَنَةٌ "
ثالثا إذا نظرنا أن الحكم الغالب سواء فى الانتقال من فترة إلى أخرى أو الإهلاك و غيره هو حكم يغلب على الساحة و لا يشمل الجميع
علمنا أنه يظل هناك حزب للشيطان ومنه الكلام على السفياني و غيره و علمنا قتال المهدى و فتوحاته
و التى ستأخذ أيضا فترة من الوقت ....
و الله أعلم
فى انتظار تعقيبكم سيد محمود