[font=Tahoma][align=justify] [مطلب : في أن ابن عربي مكث ثلاثة أشهر على وضوء واحد ولما صنف كتابه الفتوحات وضعه على ظهر الكعبة أوراقا سنة فلم يضره شيء رضي الله تعالى عنه ونفعنا ببركاته آمين [ 335 - وسئل أفاض الله علينا من بركاته ما حكم مطالعه كتب الشيخ محيي الدين بن عربي؟
[فأجاب بقوله : الذي أثرناه عن أكابر مشايخنا العلماء الحكماء الذي يستسقى بهم الغيث وعليهم المعول وإليهم المرجع في تحرير الأحكام وبيان الأحوال والمعارف والمقامات والإشارات أن الشيخ محيي الدين بن عربي من أولياء الله تعالى العارفين ومن العلماء العاملين وقد اتفقوا على أنه كان أعلم أهل زمانه بحيث أنه كان في كل فن متبوعا لا تابعا وأنه في التحقيق والكشف والكلام على الفرق والجمع بحر لا يجارى وإمام لا يغالط ولا يمارى وأنه أورع أهل زمانه وألزمهم للسنة وأعظمهم مجاهدة حتى أنه مكث على ثلاثة أشهر على وضوء واحد وقس على ذلك ما هو من سوابقه ولواحقه ووقع له ما هو أعظم من ذلك .
ومنه أنه لما صنف كتابه الفتوحات المكية وضعه على ظهر الكعبة ورقا من غير وقاية عليه فمكث على ظهرها سنة لم يمسه مطر ولا أخذ منه الريح ورقة واحدة مع كثرة الرياح والأمطار بمكة فحفظ الله كتابه هذا من هذين الضدين دليل أي دليل وعلامة أي علامة على أنه تعالى قبل منه ذلك الكتاب وأثابه عليه وحمد تصنيفه له .
فلا ينبغي التعرض للإنكار عليه فإنه السم القاتل لوقته كما شاهدناه وجربناه في أناس حق عليهم من المقت وسوء العقاب ما أوجب لهم التعرض لهذا الإمام العارف بالإنكار حتى استأصل شأفتهم وقطع دابرهم فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم فمعاذا بالله من أحوالهم وتضرعا إليه بالسلامة من أقوالهم .
وأما مطالعة كتبه رضي الله عنه فينبغي للإنسان أن يعرض عنها بكل وجه أمكنه فإنها مشتملة على حقائق يعسر فهمها إلا على العارفين المتضلعين من الكتاب والسنة المطلعين على قائق المعارف وعوارف الحقائق فمن لم يصل لهذه المرتبة يخشى عليه منها مزلة القدم والوقوع في مهامه الحيرة والندم كما شاهدناه في أناس جهال أدمنوا مطالعتها فخلعوا ربقة الإسلام والتكليفات الشرعية من أعناقهم وأفضى بهم الحال إلى الوقوع في شرك الشرك الأكبر فخسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين .
وأيضا ففي تلك الكتب مواضع عبر عنها بما لا يطابقه ظواهر عباراتها اتكالا على اصطلاح مقرر عند واضعها فيفهم مطالعها ظواهرها الغير المرادة فيضل ضلالا مبينا وأيضا ففيها أمور كشفية وقعت حال غيبة واصطلام وهذا يحتاج إلى التأويل وهو يتوقف على إتقان العلوم الظاهرة بل والباطنة فمن نظر فيها وهو ليس كذلك فهم منها خلاف المراد فضل وأضل فعلم أن مجانبة مطالعتها رأسا أولى فإن العارف لا يحتاج إليها إلا ليطابق بما فيها ما عنده وغيره إن لم تضره ما نفعته نعم له كتب في التربية الصرفة والحمل على الأخلاق والأحوال وغيرهما مما يناسب السلوك فهذه لا بأس بمطالعتها فإنها ككتب الغزالي وأبي طالب المكي ونحوها من الكتب النافعة في الدنيا والآخرة فجزى الله مصنفها خير الجزاء وأكمله .
[ مطلب : في حكم مطالعة كتب ابن عربي وابن الفارض ]
336 - وسئل رضي الله عنه وأدام النفع به آمين ما حكم مطالعة كتب ابن عربي وابن الفارض ؟
فأجاب بقوله : حكمهما أنها جائزة مطالعة كتبهما بل مستحبة فكم اشتملت تلك الكتب على فائدة لا توجد في غيرها وعائدة لا تنقطع هواطل خيرها وعجيبة من عجائب الأسرار الإلهية التي لا ينتهي مدد خيرها وكم ترجمت عن مقام عجز عن الترجمة عنه من سواها وأظهرت من العبارة الوافية عن حال أعجز حال من عداها ورمزت من رموز لا يفهمها إلا العارفون ولا يحوم حول حومة حماها إلا الربانيون الذين هم بين بواطن الشريعة الغراء وأحكام ظواهرها على أكمل ما ينبغي جامعون .
فلذلك كانوا بفضل مؤلفيها معترفين وعلى ما فيها من الأخلاق والأحوال والمعارف والمقامات والكمالات هم المعولون ولم لا وهذان الإمامان المذكوران في السؤال من أئمة السلوك والمعارف ومن الأخيار الذين منحهم الله غايات اللطائف ولطائف العوارف وزوى عن قلوبهم محبة ما سواه تعالى وعمرها بذكره وشهوده وأسبغ عليها رضاه وفرغهم له فقاموا بواجب خدمته حسب الطاقة البشرية وأجرى عليهم من سوابغ قربه وحقائق الوحدانية الفردانية فتوسلا إليك اللهم أن تهل على جدثيهما هواطل الرحمة والرضوان وأن تسكنهما من قربك الأكبر أعلى فراديس الجنان إنك أنت الحنان المنان .
هذا وأنه قد طالع هذه الكتب أقوام عوام جهلة طغام فأدمنوا مطالعتها مع دقة معانيها ورقة إشارتها وغموض مبانيها وبنائها على اصطلاح القوم السالمين عن المحذور واللوم وتوقف فهمها بكمالها على إتقان العلوم الظاهرة والتحلي بحقائق الأحوال والأخلاق الباهرة فلذلك ضعفت أفهامهم وزلت أقدامهم وفهموا منها خلاف المراد واعتقدوه صوابا فباؤا بخسار يوم التناد وألحدوا في الإعتقاد وهوت بهم أفهامهم القاصرة إلى هوة الحلول والاتحاد حتى لقد سمعت شيأ من هذه المفاسد القبيحة والمكفرات الصريحة من بعض من أدمن مطالعة تلك الكتب مع جهله بأساليبها وعظم ما لها من الخطب وهذا هو الذي أوجب لكثير من الأئمة الحط عليها والمبادرة بالإنكار إليها ولهم في ذلك نوع عذر لأن قصدهم فطم أولئك الجهلة عن تلك السموم القاتلة لهم لا الإنكار عن مؤلفيها من حيث ذاتهم وحالهم.
وبعض المنكرين يغترون بظواهر ألفاظها وإيهامها خلاف مقصود حفاظها غفلة عن اصطلاحاتهم المقررة وتحقيقاتهم المقررة على القواعد الشرعية المحررة والحق عدم الإنكار والتسليم فيما برز عن أولئك الأئمة الإظهار مع التشديد على الجهلة بالقواعد والاصطلاحات في مطالعة تلك الكتب .
فقد صرح الإمام ابن العربي بحرمة مطالعة كتبهم إلا لمن تحلى بأخلاقهم وعلم معاني كلماتهم الموافقة لاصطلاحاتهم ولا تجد ذلك إلا فيمن جد وشمر وجانب السوء وشد المئزر وتضلع من العلوم الظاهرة وتطهر من كل خلق دنيء مما تعلق بالدنيا والآخرة فهذا هو الذي يفهم الخطاب ويؤذن له في الدخول إذا وقف على الباب والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .]اهـ[/align][/font]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|