[center][table=width:80%;][cell=filter:;][align=center]الفصــل الثـاني :
[/align][/cell][/table][/center]
وأتحدث الآن بإذن الله تعالى عن الأحاديث ، والآثار المروية في هذا الباب تفصيلاً لما أجملناه ، هناك بعد الإشارة إلى الآيات في ذلك .
فأقول سبق أن تلونا قوله تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) احتجاجاً به على أن التوسل بالذوات والأعمال مطلوب شرعاً ، لشمول إبتغاء الوسيلة لهذا وذاك ، لا بمجرد الرأي فقط ، ولا بالعموم اللغوي فحسب ، بل بما رواه ابن عبد البر في( الاستيعاب ) عن عمر رضى الله عنه أنه قال بعد أن استسقى بالعباس رضي الله عنه وسقوا " هذا – والله – الوسيلة إلى الله عز وجل والمكان منه " وزد على ذلك قول عمر أيضاً في ( أنساب الزبير بن بكار ) على ما في فتح الباري : " واتخذوه – يعني العباس – وسيلة إلى الله " ولا يتصور أن يكون هذا بمعنى : اطلبوا الدعاء منه لأن عمر طلب منه الدعاء ، وتقدم هو للدعاء ، وبعد طلب أمير المؤمنين منه وتقدمه للدعاء إجابة لطلب عمر لا يكون قول عمر هذا إلا بمعنى : " توسلوا به إلى الله " كما فعل عمر نفسه ، لكن الهوى يعمي ويعم .
وفي فتح الباري ( 2- 337) وليس في قول عمر أنهم كانوا يتوسلون به دلالة على أنهم سألوه أن يستسقي لهم إذ يحتمل أن يكونوا في الحالتين طلبوا السقيا من الله مستشفعين به صلى الله عليه و سلم.
وقال ابن رشد أراد بالترجمة ( باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء ) الاستدلال بالطريق الأولى لأنهم إذا كانوا يسألون الله به فيسقيهم فأحرى أن يقدموه للسؤال اهـ .
وكلام الحافظين يقضي على وهم من يهم قائلاً أن التوسل به r هو طلب الدعاء منه ، وأين التوسل من الدعاء ؟ نعم قد يدعوا المتوسل به للمتوسل ، ولكن ليس هذا مدلولاً لغوياً ولا شرعياً للتوسل ، ويستأنس في التوسل به r بما ذكره البغوي وغيره من أهل التفسير بالرواية في قوله تعالى : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به ) من أن اليهود كانوا إذا حزبهم أمر وداهمهم عدو يقولون : " اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في أخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة فكانوا ينصرون " واستقصاء الروايات في ذلك في " الدر المنثور " .
وتخصيص قوله تعالى : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ) . بما قبل الموت تخصيص بدون حجة عن هوى وترك المطلق على إطلاقة مما اتفق عليه أهل الحق ، والتقييد لا يكون إلا بحجة,ولا حجة هنا تقيد الآية ، بل فقهاء المذاهب حتى الحنابلة على شمول الآية لما بعد الموت والأنبياء أحياء في قبورهم " .
وقد ذكرنا صيغة التوسل به صلى الله عليه و سلم عند الحنابلة وقت زيارة قبره نقلاً عن كتاب ( التذكرة ) لأبي الوفاء بن عقيل من قدماء الحنابلة في أواخر تكملتنا للرد على نونية ابن القيم ، وفيها التوسل ، وتلاوة تلك الآية وليس خبر العتبي مما يرد بجرة قلم .
ولنعد إلى الكلام في بعض الأحاديث والأثار الواردة في التوسل تفصيلاً لما أجملناه فيما سبق .
أولا: فمنها ما أخرجه البخاري في ( الاستسقاء ) حيث قال في صحيحه ، حدثني الحسن بن محمد ، قال : حدثنا محمد الأنصاري قال : حدثني أبي عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس, عن انس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقوا بالعباس بن عبد المطلب فقال : ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون) وفيه التوسل بالذات وادعاء أن هناك مضافاً محذوف، أي بدعاء عم نبينا تقوّل محض بدون أي حجة ، كما أن فرض العدول – لوفاة النبي صلى الله عليه و سلم- إلى العباس تقويل لعمر ما لم يخطر له على بال,بل فيه جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ، بل التوسل بلفظ " عم نبينا " توسل بقرابة العباس منه عليه الصلاة والسلام وبمنزلته لديه ، فيكون هذا التوسل توسلاً به صلى الله عليه و سلم وأيضاً ولفظ "كنا " غير خاص بعهد النبي صلى الله عليه و سلم بل يشمله وما بعده إلى عام الرمادة ، والتقييد تقييد بدون مقيّد .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يتمثل بشعر أبي طالب : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه . كما في البخاري بل وروى استنشاد الرسول rذلك الشعر كما في فتح الباري .
وفي شعر حسان رضى الله عنه : فسقى الغمام بغرة العباس . كما في الاستيعاب وفي كل ذلك طلب السقيا من الله بذات العباس وجاهه عند الله تعالى.
ثانيا: ومنها ما أخرجه البيهقي ، وبطريقه أخرجه التقي السبكي في " شفاء السقام " وغيره ، من حديث مالك الدار في استسقاء بلال بن الحارث المزني رضى الله عنه في عهد عمر بالنبي صلى الله عليه و سلم ومالك الدار بالإضافة هو مالك بن عياض مولى عمر ، وكان خازنه ، وقد ولاه وكلة عيال عمر ثم ولاه عثمان رضى الله عنه القسم فسمي مالك الدار كما في طبقات ابن سعد والإصابة . وفي " معارف " ابن قتيبة : ومن موالي عمر بن الخطاب مالك الدار ، وكان عمر ولاه داراً وكان يقسم بين الناس فيها شيئاً اهـ .
ونص الحديث "أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب رضى عنه ، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقال : " ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنهم يسقون " الحديث .
ومحل الاستشهاد وطلب الاستسقاء منه صلى الله عليه و سلم في البرزخ ، ودعاؤه لربه ، وعلمه بسؤال من يسأل لمن ينكر صنيعه هذا أحد من الصحابة .وقد أخرج هذا الحديث البخاري في تاريخه بطريق ابي صالح ذكوان مختصراً .
وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولاً ، كما في الإصابة وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ، كما نص عليه ابن حجر ، في الفتح / 2 – 338 / من رواية أبي صالح السمان ، عن مالك الدار – والداري باليا سهو من الطابع – ابن حجر : أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة ، كما روى سيف في الفتوح . ا هـ .
وهذا نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به صلى الله عليه و سلم بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد منهم مع بلوغ الخبر إليهم ، وما يرفع إلى أمير المؤمنين يذيع ويشيع . فهذا يقطع ألسنة المتقولين .
ثالثا: ومنها حديث عثمان بن حنيف رضى الله عنه في دعاء عن النبي صلى الله عليه و سلم وفيه " اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي " الحديث . وفيه التوسل بذات النبي صلى الله عليه و سلم وبجاهه ، ونداء له في غيبته .
وهذا أيضاً مما يقطع ألسنة المتقولين .
وهذا الحديث أخرجه البخاري في تاريخه الكبير والترمذي في أواخر الدعوات من " جامعه " وابن ماجه في " صلاة الحاجة من سننه " وفيه نص على صحته . والنسائي في " عمل اليوم والليلة " وأبو نعيم في " معرفة الصحابة " والبيهقي في " دلائل النبوة " وغيرهم على اختلاف يسير في غير موضع الاستشهاد ، وصححه جماعة من الحفاظ يقارب عددهم خمسة عشر حافظاً .
فمنهم سوى المتأخرين : الترمذي وابن حبان ، والحاكم والطبراني ، وأبو نعيم ، والبيهقي والمنذري, وسند الترمذي :حدثنا محمود بن غيلان نا عثمان بن عمر ، نا شعبة ، عن أبي جعفر عن عمارة – بالضم – ابن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف ، ثم ساق الحديث ، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر – وهو الخطمي " .
وفي بعض النسخ المطبوعة " وهو غير الخطمي " وفي بعضها " وليس هو الخطمي " .
وهذا وذاك من تصرفات الناسخين ، وليس من عادة الترمذي أن يقول هو غير فلان ، ويتركه من غير بيان .
على أن ابا جعفر الراوي عن عمارة بين شيوخ شعبه إنما هو عمير بن يزيد الخطمي المدني الأصل ثم البصري ، كما يظهر من كتاب الرجال المعروفة من مطبوع ومخطوط .
وأبو جعفر الرازي المتوفي 160 من شيوخ شعبه لم يدرك عمارة المتوفي 105 اصلاً ، لأن رحلته إلى الحجاز بعد وفاة عمارة بنحو تسع سنين ، وشعبة شعبة في التثبيت فيما يروي . على أن طرقاً أخرى للحديث عند الطبراني وغيره تنص في صلب السند على أنه الخطمي الثقة باتفاق ، وسند الطبراني في الحديث مسوق في " شفاء السقام " للتقي السبكي .
ورجال سند الترمذي كلهم ثقات ، وإنما سماه غريباً لانفراد عثمان بن عمر ، عن شعبة ، وانفراد أبي جعفر عن عمارة ، وهما ثقتان باتفاق ، وكم من حديث صحيح ينفرد به أحد الرواة كحديث " إنما الأعمال بالنيات " وسماه حسناًَ لتعدد طرقه بعد أبي جعفر ، وعثمان بن عمر .
وتسميته صحيحاً باعتبار تكامل أوصاف الصحة في رواته .
رابعا: ومنها حديث عثمان بن حنيف ايضاً في تعليم دعاء صلاة الحاجة المذكور لرجل كانت له حاجة عند عثمان بن عفان رضى الله عنه فدعا به فقضيت حاجته .
وموضع الاستشهاد أن الصحابي المذكور فهم من حديث دعاء الحاجة أنه لا يختص بزمنه صلى الله عليه و سلم وهذا توسل به ، ونداء بعد وفاته صلى الله عليه و سلم وعمل متوارث بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وقد أخرج هذا الحديث الطبراني في الكبير وصححه بعد سوقه من طرق ، كما ذكره أبو الحسن الهيثمي في " مجمع الزوائد " وأقره عليه ، كما أقر المنذري قبله في " الترغيب والترهيب " وقبله أبو الحسن المقدسي ، وأخرجه أيضاً ابو نعيم في " المعرفة " والبيهقي من طريقين ، وإسنادهما صحيح أيضاً .
خامسا: ومنها حديث فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ، وفيه من لفظ رسول الله صلى الله عليه و سلم " بحق نبيك والأنبياء من قبلي " وصححه ابن حبان والحاكم ، وأخرجه الطبراني في الكبير ، والأوسط بسند فيه روح بن صلاح وثقه ابن حبا ن ، والحاكم ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، كما قال الهيثمي في " المجمع " .
وفيه توسل بذوات الأنبياء الذين انتقلوا إلى دار الآخرة .
سادسا: ومنها حديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم " لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد ألا غفرت لي " أخرجه الحاكم في المستدرك ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ، وهو أول حديث ذكرته . لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم . اهـ وساق سنده التقى السبكي في ( شفاء السقام ) وأخرجه الطبراني في الأوسط والصغير ، وفي سندهما بعض من لا يعرفه الهيثمي .
واما عبد الرحمن بن زيد فقد ضعفه مالك ، وتبعه أخرون ، إلا أنه لم يتهم بالكذب بل بالوهم . ومثله ينتقى بعض أحاديثه . وهذا هو الذي فعله الحاكم حيث رأى ان الخبر مما قبله مالك فيما روى ابن حميد عنه حيث قال لأبي جعفر المنصور : "..... وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام " .
وبعد أن أقر الإمام مالك رضي الله عنه بصحة الخبر واحتج به زالت تهمة الوهم وقلة الضبط عن عبد الرحمن الذي إنما يقتدي من رماه بذلك بمالك ، وعبد الرحمن بن زيد ليس ممن يرد خبره مطلقاً .
وهذا هو الإمام الشافعي يستدل في دين الله ببعض احاديثه في " الأم " وفي " مسنده " فلا لوم على الحاكم في عده هذا الحديث صحيحاً ، بل هو الصحيح ، إلا عند من يضيق صدره عند سماع فضائل المصطفى r وأما قول مالك لأبي جعفر المذكور فهو ما أخرجه القاضي عياض في " الشفاء بتعريف حقوق المصطفى " بسند جيد وابن حميد في السند هو محمد بن حميد الرازي في الراجح، على خلاف ما ظنه التقي السكبي لكن الرازي هذا ليس حاله كما يريد ان يصوره الشمس بن عبد الهادي حيث حشر قول جميع من تكلم فيه وأهمل كلام من أثنى عليه ، وهو أحد الثلاثة الذين اتصلوا بإبن تيمية ، وهم شباب ، فانخدعوا به ، وزاغوا, يذكر الجرح ويغفل عن التعديل في الأدلة التي تساق ضد شذوذ شيخه .
ومحمد بن حميد هذا روى عن ابو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد بن حنبل ، ويحى بن معين . قال ابن ابي خيثمة : سئل عن أبي معين فقال : ثقة لا بأس به رازي كيّس ، وقال أحمد : لا يزال بالرد علم مادام محمد بن حميد ، وممن أثنى عليه الصاغاني والذهلي . وقال الخليلي في " الإرشاد " كان حافظاً عالماً بهذا الشأن رضيه أحمد ويحي وقال البخاري : فيه نظر ، وليس مثله يتهم في هذا الخبر ، وقد مات سنة 248 عن سن عالية وكان عمره عند وفاة مالك لا يقل عن نحو خمس عشر سنة ، وهم يقبلون رواية ابن خمس في مسند إمامهم ويعقوب بن اسحاق ، لابأس به كما ذكره الخطيب في تاريخه .
وأبو الحسن عبد الله بن محمد بن المنتاب ، من أجلّ أصحاب إسماعيل القاضي ، ولاه المقتدر قضاء المدينة المنورة حوالي سنة ثلاثمائة ولم يكن غير الثقات الأفذاذ من أهل العلم ليولّى قضاء المدينة المنورة في ذلك العهد .
واسم المنتاب يهم فيه كثير ، وصاحبه محمد بن احمد بن الفرج وثقه السمعاني في " الأنساب " عند ذكر الجزائري ، وأقره ابن الأثير في " اللباب " وأبو الحسن الفهري من الثقات الأثبات مترجم في " العبر " للذهبي . وابن دلهات من ثقاة شيوخ ابن عبد البر مترجم في " صلة " ابن بشكوال ، وهي مطبوعة بمدريد .
وابن عبد الهادي يابى قبول هذا الخبر ، لأنه يمس شذوذ شيخه ليس إلا ، أراد ابن المنتاب بسوق هذا الخبر الرد على ما في " مبسوط " شيخه إسماعيل القاضي المالكي المخالف لما رواه ابن وهب ، عن مالك ، وإسماعيل من أهل العراق ، وأهل مصر والمدينة المنورة أعلم بمسائل مالك منهم . على أن إسماعيل لم يسند ما ذكره إلى مالك بل ارسله إرسالاً ، لكنه حيث يوافق هوى إبن عبد الهادي يقبله بدون سؤال عن سنده بخلاف ما هنا ويطريه إطراء يغنيه عن ذكر السند في نظره ، فكأنه لم ير قول داود الأصفهاني فيه ، ولله في خلقه شؤون ، على أنه قد وردت أخبار اخرى في توسل ادم يعضد بعضها بعضاً ، استغنينا عن ذكرها ، اكتفاء بما سطرناه ، لأن الأحاديث السابقة فيها كفاية لغير المتعنت .
7- ومنها حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في سنن ابن ماجه في " باب المشي إلى الصلاة ": " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك " الحديث .قال الشهاب البوصيري في " مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه " هذا إسناد مسلسل بالضعفاء .
عطيه هو العوفي ، وفضيل بن مرزوق ، والفضل بن الموفق ،( هو ابن خال ابن عيينة ، قال أبو حاتم صالح ضعيف الحديث ولم يضعفه سواه وجرحه غير مفسر بل وثقه اليسني ) كلهم ضعفاء ,لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضيل بن مرزوق ، فهو صحيح عنده . وذكر رزين ، ورواه أحمد بن منيع في ( مسنده ) ثنا يزيد ، ثنا فضيل بن مرزوق ، فذكره بإسناده ومتنه وقال علاء الدين مفلطاي في ( الأعلام شرح سنن ابن ماجه ) ذكر أبو نعيم الفضل " وهو ابن دكين " في كتاب " الصلاة " عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري موقوفاً اهـ .
ولم ينفرد عطية عن الخدري ، بل تابعه أبو الصديق عنه في رواية عبد الحكم بن ذكوان . وهو ثقة عند ابن حبان ، وإن أعله أبو الفرج في ( علله ) .
وأخرج ابن اليسني في ( علم اليوم والليلة ) بسند فيه الوازع ،عن بلال ، وليس فيه عطيه ولا مرزوق ولا ابن الموفق " اللهم بحق السائلين عليك " تظهرانه لم ينفرد عطية ، ولا ابن مرزوق ،ولا ابن الموفق ,بالنظر إلى هذه الطرق على فرض ضعف الثلاثة .مع أن يزيد بن هارون شيخ أحمد بن منيع شارك ابن الموفق في روايته ، عن ابن مرزوق وكذا الفضل بن دكين وابن فضيل وسليمان بن حبان وغيرهم .
وعطية جرح بالتشيع لكن حسن له الترمذي عدة أحاديث ، وعن ابن معين أنه صالح ، وعن ابن سعد : ثقة إن شاء الله ، وعن ابن عدي : له أحاديث صالحه .وبعد التصريح بالخدري لا يبقى إحتمال التدليس ، ولا سيما مع المتابعة وابن مرزوق ترجح توثيقه عند مسلم فروى عنه في " صحيحه " .
على أن الحديث مروي بطريق بلال ، رضي الله عنه فلا تنزل درجة الحديث مهما نزلت عن درجة الاحتجاج به ، بل يدور أمره بين الصحة والحسن لكثرة المتابعات الشواهد كما أشرنا إليها .
وقول من يقول : إن الجرح مقدم على التعديل على ضعفه فيما إذا تعارضا بتكافئهما في الميزان ، دون إثبات ذلك مفاوز فلا يتمكن المبتدعة من اتخاذ ذلك تكأة لرد الأحاديث الثابتة برجال وثقهم أهل الشأن بترجح ذلك عندهم .
وقدحسن هذا الحديث الحافظان : العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء " وابن حجر في " أمالي " الأذكار " وفي الحديث التوسل بعامة المسلمين وخاصتهم، وإدخال الباء في أحد مفعولي السؤال إنما هو في السؤال الإستعلامي كقوله تعالى " فسئل به خبيراً " و " وسأل سائل بعذاب واقع " وأما السؤال الإستعطائي فلا تدخل الباء فيه أصلاً إلا على المتوسل به فدونك الأدعية المأثورة فتصوّر إدخالها هنا في المفعول الثاني إخراج للكلام عن سننه بهوى ، وصيحة باطل تمجها الأسماع . وليس معنى الحق الإجابة ، بل ما يستحقه السائلون المتضرعون فضلاً من الله سبحانه . فيكون عد " بحق السائلين " سؤالاً لهذا الداعي هذياناً محضاً ، ولا سيما عند ملاحظة ما عطف عليه في الحديث ، وأما زعم أنه ليس في سياق الحديث ما يصلح أن يكون سؤالاً غير ذلك فمما يثير الضحك الشديد والهزء المديد ، فأين ذهب من هذا الزاعم " أن تعيذني من النار" وكم يكرر الفعل للتوكيد : فالسؤال في الفعل الأخر هو السؤال في الفعلين المتقدمين ، بل لو لم تكن تلك الأفعال من باب التوكيد لدخلت في باب التنازع ، فيكون هذا القيد معتبراً في الجميع على كل تقدير وأما من يحاول رد التوسل بتصور دخوله في الحلف بغير الله ، فإنما حاول الرد على المصطفى صلوات الله عليه لأنه هو الذي علم صيغ التوسل ، وفيها التوسل بالأشخاص ، وأين التوسل من الحلف ؟
|