إن الصحوة الإسلامية المعاصرة مهددة من أعداء كثيرين و الغريب أن أخطر خصومها نوع من الفكر الدينى يلبس ثوب السلفية وهوأبعد الناس عن السلف . إنها ادعاء السلفية و ليست السلفية الصحيحة !! إن حب السلف دين و كرههم نفاق! إنهم دعائم حضارتنا و معالم رسالتنا من اجل ذلك يجب أن نحسن التأسى بهم و ان ندفع عنهم كل ما يؤذى سمعتهم! كنت يوماً أتحدث فى موضوع غير ذى بال و فى المجلس رجل موصوف بالسلفية و جرت على لسانى كلمة موهمة لم اقصد إلى شئ بها ! و تلفت فإذا الرجل يحسب فى نفسه مسار فكرى و يقدر أنى سأتورط فى كذا و كذا و كشر عن أنيابه و استعد للفتك!! غير أن الحديث انعرج إلى ناحية اخرى و شعرت بأن الرجل اسف لأنى أفلت منه قلت له :فلان! قال :ماذا تريد؟ قلت : رأيتك متحفزاً للنزال , ثم كفى الله المؤمنين القتال .... قال :نعم , حسبتك ستقول ما لا أوافق عليه... قلت : إنكم تتربصون بالخطأ . لتأكلوا صاحبه , فإذا فاتكم شعرتم بالحزن ليست هذه يا صاحبى خلائق المؤمنين! إنكم تحمعون جملة من صفات العناد و التحدى و الحقد و تلمس العيب للبراء, و هذا كله مرفوض فى ديننا ... قال : نحن ننافح عن السنن و نحارب المحدثات و الناس تأبى إلا الإبتداع وما يرموننا به باطل ... قلت : ليت الأمر يكون كذلك , إنكم تهاجمون المذاهب الفقهية , وتخدشون اقدار الأئمة وتتركون انقسامات عميقة بين الناس باسم السلفية والعلم الصحيح لا يأخذ هذا المنهج .. قال : نحن نرفض التقليد المذهبى و نعلم الناس الأخذ المباشر من الكتاب و السنة أتأبى أنت ذلك؟ قلت :لا يأبى مسلم الارتباط بكتاب ربه و سنة نبيه و تصوركم أن الفقه المذهبى يستقى من نبع اخرغير الكتاب والسنة غير صحيح .. ومن الممكن للعلماء الراسخين أن يناقشوا بعض القضايا و يتعرفواما جاء فيها من اثار ويستنبطوا ما يطمئنون إليه من احكام وذلك كله فى اطار من الإخاء و الحب وإيثار الحق على الخلق والفقهاء الأربعة الكبار نماذج رفيعة لاحترام الكتاب و السنة ولا يلام مسلم تبع واحدا منهم كما لا تلامون انتم فى اتباع الشوكانى او الالبانى او السيد سابق او الصنعانى ...الخ. قال : ذاك ما نقول! قلت له : لا إنكم ترون رأيكم-الذىتابعتم فيه أحد الناس- هو الحق وحده ثم تشنون هجوما على من خالفه بوصفه خارجا على السنة!! كأن السنة وقف عليكم انتم لا غير! أحب ان تعلموا ان الاجتهاد الفقهى خطأه و صوابه مأجور وأن الامر لا يتحمل عداوة و فرقة! ولو سلمنا ان ما لديكم هو الصواب فمخالفكم ما حرم ثوب الله! فلماذا تريدون إحراجه وإخراجه من دائرة السلف لتبقى حكرا عليكم؟ الرأى عندى ان المأساة خُلقية لا علمية واولى بكم أن تتواضعوا لله وتصلحوا نيتكم معه وتتطامنا لإخوانكم المؤمنين وتحسنوا الظن بهم.. إذا اقتنعتم برأيى فمن حق غيركم أن يقتنع بضده ولا مكان لحرب ولاضرب والخلاف الفقهى لا حرج منه أما الإثم ففى التعصب المذهبى الضيق! والعالم الإسلامى رحب و المذهب الذى يضيق به قطر يتسع له اخر والذى ينبو عنه عصر تتسع له عصور أخرى..
_________________ يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود و الكرم
|