[font=Traditional Arabic]بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وحبيب رب العالمين من جعله الله سببا للتجاوز عن المذنبين مدحه الله فقال : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ اللهم تجاوز عنا يارب العالمين واجعلنا من أهل شفاعته ياكريم . أما بعد :فإن الإستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم جائز العمل بها في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ويوم نلقى رب العالمين لما ورد عن الصحابة والتابعين وآل البيت والصالحين في الروايات الصحيحة وللاختصار وبسبب ضيق الوقت أورد أدلة الإستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى لأنه إذا ثبت الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله كانت ثبتت الاستغاثة به في حياته صلى الله عليه وآله وسلم , ولأن ذلك يوافق طلب السائل . [align=center]أدلة الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وفي الدار الآخرة [/align]
الدليل الأول : أورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ والطبري قي كتابه تاريخ الرسل والملوك " وثبت مسيلمة فدارت رحاهم عليه ، فعرف خالدٌ أنها لا تركد إلا بقتل مسيلمة ، ولم تحفل بنو حنيفة بمن قتل منهم . ثم برز خالد ودعا إلى البراز ونادى بشعارهم ، وكان شعارهم : يا محمداه فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله . ودارت رحا المسلمين ، ودعا خالد مسيلمة فأجابه ، فعرض عليه أشياء مما يشتهي مسيلمة فكان إذا هم بجوابه أعرض ليستشير شيطانه فينهاه أن يقبل . فأعرض بوجهه مرة وركبه خالد وأرهقه ، فأدبر وزال أصحابه ، وصاح خالد في الناس فركبوهم ، فكانت هزيمتهم " .
الدليل الثاني : وأورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ والطبري قي كتابه تاريخ الرسل والملوك : " فقال أهل بيت من مزينة لصاحبهم ، وهو بلال بن الحارث : قد هلكنا فاذبح لنا شاة قال : ليس فيهن شيء . فلم يزالوا به حتى ذبح فسلخ عن عظم أحمر ، فنادى: يا محمداه فأري في المنام أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أتاه فقال : " أبشر بالحياة ، إيت عمر فأقرئه مني السلام وقل له إني عهدتك وأنت وفي العهد شديد العقد ، فالكيس الكيس يا عمر " فجاء حتى أتى باب عمر فقال لغلامه : استأذن لرسول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأتى عمر فأخبره ، ففزع وقال : رأيت به مساً ؟ قال : لا ، فأدخله وأخبره الخبر ، فخرج فنادى في الناس وصعد المنبر فقال : نشدتكم الله الذي هداكم هل رأيتم مني شيئاً تكرهون ؟ قالوا : اللهم لا ، ولم ذاك ؟ فأخبرهم ، ففطنوا ولم يفطن عمر ، فقالوا : إنما استبطأك في الاستسقاء فاستسق بنا. فنادى في الناس ، وخرج معه العباس ماشياً فخطب وأوجز وصلى ثم جثا لركبتيه وقال : " اللهم عجزت عنا أنصارنا وعجز عنا حولنا وقوتنا وعجزت عنا أنفسنا ولا حول ولا قوة إلا بك ، اللهم فاسقنا وأحي العباد والبلاد وأخذ بيد العباس بن عبد المطلب عم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وإن دموع العباس لتتحادر على لحيته فقال : " اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ، صلى الله عليه وسلم ، وبقية آبائه وكبر رجاله فإنك تقول وقولك الحق : ﴿ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ﴾ فحفظتهما بصلاح آبائهما ، فاحفظ اللهم نبيك ، صلى الله عليه وسلم ، في عمه ، فقد دلونا به إليك مستشفعين مستغفرين " . ثم أقبل على الناس فقال : ﴿ استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ﴾ نوح : وكان العباس قد طال عمره وعيناه تذرفان ولحيته تجول على صدره وهو يقول: (اللهم أنت الراعي فلا تهمل الضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعةٍ، فقد صرخ الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم فأغنهم بغناك قبل أن يقطنوا فيهلكوا فإنه لا ييأس إلا القوم الكافرون). فنشأت طريرة من سحاب، فقال الناس: ترون ترون! ثم التأمت ومشت فيها ريح ثم هدأت ودرت، فوالله ما تروحوا حتى اعتنقوا الجدار وقلصوا المآزر، فطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ويقولون: " هنيئاً لك ساقي الحرمين " .
الدليل الثالث : وأورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ والطبري قي كتابه تاريخ الرسل والملوك : وصاحت زينب أخته : " يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الأعضاء ، وبناتك سبايا ، وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا " .
الدليل الرابع : وأورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ عند ذكر قتال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث للحجاج : " فسار الحجاج من البصرة ليلتقي عبد الرحمن ، فنزل تستر وقدم بين يديه مقدمة إلى دجيل ، فلقوا عنده خيلاً لعبد الرحمن ، فانهزم أصحاب الحجاج بعد قتال شديد ، وكان ذلك يوم الأضحى سنة إحدى وثمانين ، وقتل منهم جمع كثير. فلما أتى خبر الهزيمة إلى الحجاج رجع إلى البصرة وتبعه أصحاب عبد الرحمن فقتلوا منهم وأصابوا بعض أثقالهم ، وأقبل الحجاج حتى نزل الزاوية وجمع عنده الطعام وترك البصرة لأهل العراق ، ولما رجع نظر في كتاب المهلب فقال : لله دره أي صاحب حرب هو وفرق في الناس مائة وخمسين ألف ألد فرهم . فأقبل عبد الرحمن حتى دخل البصرة ، فبايعه جميع أهلها قراؤها وكهولها مستبصرين في قتلا الحجاج ومن معه من أهل الشام . وكان السبب في سرعة إجابتهم إلى بيعته أن عمال الحجاج كتبوا إليه : إن الخراج قد أنكر، وإن أهل الذمة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار. فكتب إلى البصرة وغيرها : إن من كان له أصل من قرية فليخرج إليها ، فاخرج الناس لتؤخذ منهم الجزية ، فجعلوا يبكون وينادون : يا محمداه ولا يدرون أين يذهبون ، وجعل قراء البصرة يبكون لما يرون ، فلما قدم ابن الأشعث عقيب ذلك بايعوه على حرب الحجاج وخلع عبد الملك .
الدليل الخامس : وأورد ابن الجوزي في المنتظم : " أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال : أنبأنا أبو الحسين بن عبد الله بن إبراهيم الزينبي قال : حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان قال : حدثني أحمد بن زهير قال : حدثني علي بن البربري قال : حدثني أبي وكان أول من سكن طرسوس حين بناها أبو سليم ، وكان شيخاً قديماً قال : كان يغازينا من الشام ثلاثة أخوة فرسان شجعان ، وكانوا لا يخالطون العسكر ، وكانوا يسيرون وحدهم ، وينزلون كذلك ، فإذا رأوا العدو لم يقاتلوا ما كفوا ، فغزوا مرة ، فلقيهم الطاغية في جمع كثير ، فقاتلوا المسلمين فقتلوا وأسروا ، فقال بعضهم لبعض : قد ترون ما نزل بالمسلمين ، وقد وجب علينا أن نبذل أنفسنا ونقاتل فتقدموا ، وقالوا لمن بقي من المسلمين : كونوا وراء ظهورنا وخلوا بيننا وبين القتال نكفيكم إن شاء الله تعالى . فقاتلوا فقهروا الروم ، فقال ملك الروم لمن معه من البطارقة : من جاءني برجل من هؤلاء قدمته وبطرقته . فألقت الروم أنفسها عليهم فأخذوهم أسرى ، لم يصب رجل منهم كلم ، فقال ملك الروم : لا غنيمة ولا فتح أعظم من أخذ هؤلاء . فرحل بهم حتى نزل بهم القسطنطينية ، فعرض عليهم النصرانية وقال : إني أجعل فيكم الملك وأزواجكم بناتي . فأبوا عليه ونادوا: يا محمداه ، فقال الملك : ما يقولون ؟ قالوا : يدعون نبيهم ، فقال لهم : إن أنتم أجبتموني وإلا أغليت قدوراً ثلاثة فيها الزيت ، حتى إذا بلغت أناها ألقيت كل واحد منهم في قدر . فابوا ، فأمر بثلاث قدور فنصبت ، ثم صب فيها الزيت ، ثم أمر أن يوقد تحتها ثلاثة أيام يعرضون في كل يوم على تلك القدور ، ويدعوهم إلى النصرانية ، وغلى أن يزوجهم بناته ، ويجعل الملك فيهم ، فيأبون أن يجيبوه ، وأقاموا على الإسلام ، فنادى الأكبر ، ودعاه إلى دينه فأبى ، فناشده وقال : إني ملقيك في هذه القدر . فأبى فألقاه في قدر منها ، فما هو إلا أن سقط فيها ، فارتفعت عظامه تلوح ، ثم فعل بالثاني مثل ذلك ، فلما رأى صبرهم على ما فعل بهم ، وحفظهم لدينهم ، ندم الملك وقال : فعلت هذا بقوم لم أر أشجع منهم ، فأمر بالصغير فأدني منه فجعل يفتنه عن دينه بكل أمر فيأبى ، فقام إليه علج من أعلاجه فقال : أيها الملك ما تجعل لي إن فتنته ؟ قال : أبطرقك ، قال : قد رضيت ، قال : فبماذا تفتنه ؟ قال : قد علم الملك أن العرب أسرع شيء إلى النساء ، وقد علمت الروم أنه ليس فيهم امرأة أجمل من ابنتي فلانة ، فادفعه إلى حتى أخليه معها ، فإنها ستفتنه ، قال : فضرب الملك بينه وبين العلج أجلاً أربعين يوماً ، ودفعه إليه ، فجاء به فأدخله معاوية ابنته ، وأخبرها بالذي ضمن للملك ، وبالأجل الذي ضربه بينه وبينه ، فقالت له : دعه ، فقد كفيتك أمره ، فأقام معها نهاره صائما ً، وليله قائما ً، لا يفتر من العمل ، حتى مضى أكبر الأجل ، فسأل الملك العلج : ما حال الرجل ؟ فرجع إلى ابنته فقال لها : ما صنعت ؟ قالت : ما صنعت شيئاً هذا رجل فقد إخوته في هذه البلدة ، فأخاف أن يكون امتناعه من أجل أخويه ، كلما رأى آثارهما ، ولكن استزد الملك في الأجل ، وانقلني وإياه إلى بلد غير هذا البلد الذي قتل فيه أخواه ، فسأل العلج الملك فزاده في الأجل ، أياماً ، وأذن له في خروجهما ، فاخرجهما إلى قرية أخرى ، فمكث على ذلك أياماً صائم النهار ، قائم بالليل ، حتى إذا بقي من الأجل قالت له الجارية ليلة من الليالي : يا هذا ، إني أراك تقدس رباً عظيما ً، وإني قد دخلت معك في دينك ، وتركت دين آبائي فلم يثق بذلك منها ، حتى أعادت عليه مراراً ، فقال لها : فكيف الحيلة في الهرب والنجاة مما نحن فيه ؟ فقالت له : أنا أحتال لك وجاءته بدواب وقالت له قم : بنا تهرب إلى بلادك ، فركبا ، فكانا يسيران الليل ويكمنان النهار ، وطلباً فخفيا ، فبينما هما يسيران ذات ليلة سمع وقع حوافر خيل ، فقالت له الجارية : أيها الرجل ، ادع ربك الذي صدقته وآمنت به أن يخلصنا من عدونا ، فإذا هو بأخويه ومعهما ملائكة رسل إليه ، فسلم عليهما وسألهما عن حالهما ، فقالا له : ما كانت إلا لاغطسة التي رأيت حتى خرجنا في الفردوس ، وإن الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة . فزوجوه إياها ورجعوا ، وخرج إلى بلاد الشام ، فأقام معها ، وكانا مشهورين بذلك ، معروفين بالشام في الزمن الأول . وقد قيل فيهما من الشعر أنسيته غير هذا البيت : ستعطي الصادقين بفضل صدق ... نجاة في الحياة وفي الممات
الدليل السادس : وقد أورد الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام عند ترجمة أبو خيرة الرعيني : " المحب بن حذلم ، أبو خيرة الرعيني . مولاهم المصري أحد العابدين . قال ابن لهيعة : كان أبو خيرة يقرأ القرآن في كل يوم وليلة مرتين . وروى طلق بن السمح عن ضمام بن إسماعيل أن المحب أبا خيرة قام والحوثرة أمير مصر يخطب ويبكي فوق المنبر فقال أبو خيرة : يا محمداه ارفع رأسك فانظر ما فعلت أمتك بعدك ، يا هذا اتق الله ، فإن الله يقول " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون " فقال : خذوا المنافق ! فأتوه به وهو على المنبر فقيل له : مجنون ، فقال : المحب أجن مني يقول ما لا يفعل ! قال : خلوه فإنه مجنون . تردى أبو خيرة فاستشهد وذلك في سنة خمس وثلاثين ومائة رحمه الله " .
الدليل السابع : وروى ابن السني في " عمل يوم والليلة " : " أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما خدرت رجله فقيل له : اذكر أحب الناس إليك يزل عنك فصاح : يا محمداه ، فانتشرت " .
الدليل الثامن : إستغاثة أهل النار من المسلمين به صلى الله عليه وآله وسلم أورد أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وأورد ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير : " وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البغداري ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة ، حدثنا مسلم الخواص ، عن فرات بن السائب ، عن زاذان ، قال : سمعت كعب الأحبار يقول : " إذا كان يوم القيامة ، جمع الله الأولين والآخرون في صعيد واحد ، فنزلت الملائكة ، فصاروا صفوفا ً، فيقال : يا جبريل ائتني بجهنم ، فيأتي بها جبريل ، تقاد بسبعين ألف زمام ، حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام ، زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ، ثم زفرت ثانياً ، فلا يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، ثم زفرت الثالثة ، فبلغت القلوب الحناجر ، وذهلت العقول ، فيفزع كل امرىء الى عمله ، حتى إبراهيم الخليل ، يقول : بخلتي لا أسألك إلا نفسي ، وإن عيسى ليقول : بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي . لا أسألك لمريم التي ولدتني ، أما محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : لا أسألك اليوم نفسي ، إنما أسألك أمتي . قال : فيجيبه الجليل : أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فوعزتي وجلالي لأقرن عينك في أمتك . قال : ثم تقف الملائكة بين يدي الله عز وجل ، ينظرون ما يؤمرون به ، فيقول لهم الرب تعالى وتقدس : معاشر الزبانية : انطلقوا بالمصرين من أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى النار ، فقد اشتد غضبي بتهاونهم بأمري في دار الدنيا ، واستخفافهم بحقي ، وانتهاكهم حرمتي ، يستخفون من الناس ، ويبارزوني ، مع كرامتي لهم ، وتفضيلي إياهم على الأمم ، لم يعرفوا فضلي ، وعظم نعمتي ، فعندها تأخذ الزبانية بلحى الرجال ، وذوائب النساء ، فينطلق بهم إلى النار ، وما من عبد يساق إلى النار من غير هذه الأمة إلا مسوداً وجهه ، وقد وضعت الأنكال في قدمه ، والأغلال في عنقه ، إلا ما كان من هذه الأمة ، فإنهم يساقون بأوانهم ، فإذا وردوا على مالك قال لهم : معاشر الأشقياء أي أمة أنتم ؟ فما ورد على أحسن وجوهاً منكم ، فيقولون : يا مالك : نحن أمة القرآن ، فيقول لهم : معاشر الأشقياء : أو ليس القرآن أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فيرفعون أصواتهم بالنحيب والبكاء ، وامحمداه . يا محمد اشفع لمن أمر به إلى النار من أمتك . قال : فينادي مالك : يا مالك ؟ من أمرك بمعاتبة الأشقياء ومحاكمتهم والتوقف عن إدخالهم العذاب ؟ يا مالك : لا تسود وجوههم ، فقد كانوا يسجدون لله رب العالمين ، في دار الدنيا ، يا مالك : لا تثقلهم بالأغلال ، فقد كانوا يغتسلون من الجنابة ، يامالك : لا تقيدهم بالأنكال ، فقد طافوا حول بيتي الحرام ، يا مالك : لا تلبسهم القطران ، فقد خلعوا ثيابهم للإِحرام ، يا مالك : قل للنار تأخذهم على قدر أعمالهم ، فالنار أعرف بهم ، وبمقادير استحقاقهم ، من الوالدة بولدها ، فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى سرته ، ومنهم من تأخذه إلى صدره ، قال : فإذا انتقم الله منهم على قدر كبائرهم وعتوهم وإصرارهم ، فتح بينهم وبين المشركين باباً، وهم في الدرك الأعلى من النار، لا يذوقون فيها برداً ولا شرابا ً، يبكون ، ويقولون : يا محمداه : ارحم من أمتك الأشقياء ، واشفع لهم ، فقد أكلت النار لحومهم ، وعظامهم ، ودماءهم ، ثم ينادون : يا رباه : يا سيداه : ارحم من لم يشرك بك في دار الدنيا ، وإن كان قد أساء ، وأخطأ ، وتعدى ، فعندها يقول المشركون : ما أغنى عنكم إيمانكم بالله وبمحمد ؟ فيغضب الله لذلك فيقول : يا جبريل : انطلق ، فأخرج من في النار من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيخرجهم ضبائر قد امتحشوا ، فيلقيهم على نهر على باب الجنة ، يقال له نهر الحياة ، فيمكثون حتى يعودوا أنضر ما كانوا ، ثم يأمر الملائكة بإدخالهم عتقاء الرحمن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيعرفون من بين أهل الجنة بذلك ، فيتضرعون إلى الله أن يمحو عنهم تلك السمة ، فيمحوها الله عنهم ، فلا يعرفون بها بعد ذلك من بين أهل الجنة " .
الفرق بين أسلوب الاستغاثة وبين الندبة :
أسلوب الاستغاثة هو نداء من يدفع عن المنادي مكروها سيئا , وأمثلة مما سبق : - سيدنا خالد بن الوليد : " ونادى بشعارهم ، وكان شعارهم : يا محمداه فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله " . - قول سيدنا بلال : " فلم يزالوا به حتى ذبح فسلخ عن عظم أحمر ، فنادى: يا محمداه فأري في المنام أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أتاه فقال : " أبشر بالحياة ... "- السيدة ذينب : "يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعراء " . - استغاثة المسلمين من الحجاج بن يوسف : " فجعلوا يبكون وينادون : يا محمداه ولا يدرون أين يذهبون " . - الفرسان الثلاثة : [color=#330099[color=#undefined]]" فأبوا عليه ونادوا: يا محمداه [/color]" .[/color]- أبو خيرة الرعيني : " يا محمداه ارفع رأسك فانظر ما فعلت أمتك بعدك " . - سيدنا عبد الله بن عمر فصاح : " يا محمداه ، فانتشرت " . - استغاثة أهل النار من المسلمين يقولون : " يا محمداه : ارحم من أمتك الأشقياء ، واشفع لهم ، فقد أكلت النار لحومهم " .
وتتكون جملة الاستغاثة من حرف استغاثة "يا" ومستغاث به ومشغات له أو منه .
أما أسلوب الندبة : فهو نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه ، وتتكون من حرف الندبة "وا " واسم مندوب .
ومما سبق يتضح أن المقصود هو الإستغاثة لتوافقها مع قواعد اللغة وموافقتها لسياق الكلام لأن المنادي هنا واقع في كرب ويستغيث منه بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم وهذه هي أدلة الإستغاثة دون أدلة التوسل . والحمد لله رب العالمين [/font]
_________________ قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعـه قياما صفوفا أو جثيا علـى الركـب
|