#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(205)
حب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم :
عند تذوق المؤمن بدايات الأحوال وتسري فيه بدايات حلاوة المقامات تحدث له حالة شديدة من العطش لما شربه من خمر الأحوال وعسل المقامات وما صاحبهم من لبن الفطرة, فيطلب المزيد والمزيد, فيُدمن الذكر والتقرب بأنواع الطاعة, المؤمن لا يزال في حالة شرب غير أنه في حالة حزن شديدة, فإن الدنيا تضيق عليه والهوى والنفس ووساوس الشيطان يقولون له: لا أنت وصلت للمشاهدة, ولا أنت قد استمتعت بمتع الحياة الدنيا وزينتها, وأنت عاجز عن نيل مرادك ولو سرت ألف ألف سنة, فلذة الأعمال لها منتهى, وعند الصادقين نوع استدراج, أفتعبد الله لوجود اللذة فتجد حظ نفسك, أم تعبد الله وحده مخلصاً له العبودية دون حظ نفسك! فإن صُمت ما صُمت إلا لراحة تجدها أفإن لم تجد هذه الراحة تركت الصيام واجتهدت في الذكر؟, وإن كانت راحتك في نوع ذكر أتترك بقية التسبيح والتحميد والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لما وجدته في ذكر تقوله؟ هذا عند الصادقين شبهة رياء ومكر إن لم يكن استدراجاً ومكراً شديداً.
المؤمن تمنعه رغبة التقرب إلى الله من الاطمئنان إلى زينة الحياة الدنيا وزخرفها, ولا يستطيع الرجوع إلى أحضان الدنيا ما احتفظ بإيمانه.
فنفسه لوامة, تلومه على ما يفعل, فتسره حسناته وتسيئه سيئاته.
المؤمن في سجن ... المؤمن في سجن الدنيا
الدنيا سجن المؤمن, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم : «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ».
المؤمن يشعر أنه عالق بين مرحلتين, قلبه مطمئن بموعود الله, قلبه يجذبه إلى الشرب من بحر الإيمان, فقد ذاق وقد وجد, ولكن هواه ونفسه والشيطان والدنيا يكبلونه بالأصفاد, ويقولون له يكفيك الصلوات الخمس والفرائض فإن فعلت ذلك فزت فوزاً عظيماً! كلام حق أريد به باطل, فمن فعل ذلك فلن يلبث إلا قليلاً حتى يراودوه في التقليل من العبادات والإخلال بمواقيتها ومن ثم ترك أو نوع ترك, ثم الغرق في بحر الملذات, ومن لم يجد ملذات غرق في بحر التأسف والندم على ما فاته من الدنيا, فيحقد على أهل الدنيا ويحسدهم, وأهل الدنيا يخافون منه ويحرمونه أكثر فأكثر فيعرض الشيطان الصلح بينهما, ويدخل الدجال ببرامج يسميها للكل عدالة اجتماعية وحريات ومساواة, والغرض طبعاً سوق الكل كقطيع يلهث وراء أمور لن تكون إلا على يد سيدنا عيسى عليه السلام والإمام المهدي. المهم أن المؤمن في هذه المرحلة يدرك أنه بنفسه لن يصل إلى أعلى من درجته وحاله هذا, مع وجود حظ النفس ونيل الشيطان منه أحياناً. كما قلنا المؤمن يتحرك تحركاً عرضياً, ولا يستطيع الارتقاء إلى ما هو أعلى
وقد أخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كما قدمنا أنه لن يؤمن حق الإيمان حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلّم , وأنه لن يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
يتبع بمشيئة الله تعالى
https://www.facebook.com/88810296465583 ... 954180956/