الصور.."مسجد الظاهر بيبرس" حكاية جامع تحول لمصنع صابون خلال عصر "محمد على" ..وأصبح مجزرا في عهد الإنجليز






وصف عدد كبير من الأثريين مسجد الظاهر بيبرس بأنه «سيئ الحظ»، خاصة إذا عرفنا أن الحملة الفرنسية حولته إلى نقطة حصينة داخل القاهرة، قبل أن يحوله محمد على باشا إلى مصنع صابون، ثم اعتبره الجيش الإنجليزي مجزراً لقواته خلال فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، ثم استخدمته قوات الدفاع المدني خلال حرب ٥٦ كأحد مراكزها العسكرية
كل هذا تسبب في حدوث تغييرات أهدرت الكثير جدا من التفاصيل والزخارف المعمارية للمسجد التي ترجع إلي العمارة المملوكية وهى طراز معماري استخدم فى مصر فى العصر المملوكي ( 1250-1517),ومستمد من الطراز المصري المحلى و يعتبر اقرب الطرازات المعمارية للروح المصرية,حيث تتميز بالجمال و الزخارف البديعة و المداخل العالية.
ويعد مسجد الظاهر بيبرس الذي أنشئ عام665 هجرية من أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 أمتار عرض في 106 أمتار طول,ونظرا لما تعرض له طوال تاريخه فقد الكثير من عناصره المعمارية ولم يبق منه سوى حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة,ورغم ذلك لا زالت به الكثير من تفاصيله الزخرفية سواء الجصية منها أو المحفورة في الحجر
ويتألف من صحن مكشوف يحيط به أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة كانت عقودها محمولة على أعمدة رخامية فيما عدا المشرفة منها على الصحن فقد كانت محمولة على أكتاف بنائية مستطيلة القطاع كذلك صف العقود الثالث من شرق كانت عقوده محمولة على أكتاف بنائية أيضا. أما عقود القبة التي كانت تقع أمام المحراب فإنها مرتكزة على أكتاف مربعة بأركانها أعمدة مستديرة. وكانت هذه القبة كبيرة مرتفعة على عكس نظائرها في الجوامع السابقة فإنها كانت صغيرة متواضعة.
أما واجهات الجامع الأربع فمبنية من الحجر الدستور فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الأربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة عن سمت وجهاتها. ويقع أكبر هذه المداخل وأهمها في منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب. وقد حلى هذا المدخل كما حلى المدخلان الآخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الحليات والوحدات الزخرفية الجميلة التي اقتبس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية.
وفي عام 1893 اهتمت لجنة حفظ الآثار العربية بإصلاح الجامع ومحاولة إرجاعه إلى مهمته الأصلية,إلا أن المحاولات الجادة لترميمه وإصلاحه كانت في عام 2007حينما قررت كازاخستان التي ترجع إليها أصول الظاهر بيبرس,تقديم منحة لمصر قدرها4.5 مليون دولار للقيام بأعمال ترميم المسجد والتي بدأت منتصف 2007 وكان مقررا أن تنتهي ومن المنتظر الانتهاء منها في يوليو2010 إلا أن سوء حالة المسجد والظروف التي مرت بها مصر خلال الأعوام الأخيرة حالت دون استكمال الترميم الذي كان مقدرا له تكلفة 51.968 مليون جنيه.
ولأن وضع المسجد كان سيئا جدا شمل مشروع الترميم جميع أعمال الترميم المعمارية من فك الأرضية والحوائط والأكتاف والعقود وإزالة الإضافات الخراسانية التي أضيفت للمسجد وشوهته في عصور سابقة,,وحقن الحوائط وتأسيس التربة وأعمال تعمير المسجد بعد الانتهاء من الترميم المعماري وترميم العناصر الزخرفية,واستطاع المجلس الأعلى للآثار توفير مكان بالمسجد لأداء الصلاة
ولكن من هو صاحب المسجد؟..هو "الظاهر ركن الدين أبو الفتوح بيبرس البندقداري",كازاخستاني الأصل وقد جاء إلي مصر مع الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي ثم دخل في خدمة آخر الحكام الأيوبيين الملك الصالح نجم الدين أيوب ثم من بعده عز الدين أيبك ثم الملك المظفر قطز الذي كان بيبرس من أهم قواده وكان له دور في تحقيق النصر علي المغول في موقعة عين جالوت عام 659هـ وقد بني المسجد الذي أنفق عليه الكثير من المال في الفترة من 665هـ-667هـ وأضيفت إليه ملحقات كالأسبلة والخنقاوات ودور العبادة,وتوفي الظاهر بيبرس في دمشق بعد أن جاوز الخمسين من عمره.
والمماليك الذي كان الظاهر بيبرس أحدهم,سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن وبالتحديد من 1250 إلى 1517 م,وتعود أصولهم إلى آسيا الوسطي قبل أن يستقروا بمصر حيث أسسوا في القاهرة والشام دولتين متعاقبتين عاصمتهما القاهرة
والدولة الأولى المماليك البحرية، ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل,ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد.
- See more at: http://www.el-balad.com/671366#sthash.lUXM5p2f.dpuf