موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 186 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11 ... 13  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 04, 2021 10:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

تعريف المساواة فى الاسلام



المساواة مصدر مساواه إذا كان سواء له أى ماثلا فالسواء المثل ، ولا يتصور تمامالمساواة بين شيئين أو اشياء فى البشر لأن أصل الخلقة جاء على تفاوت فى الصفات المقصودة ذاتية ونفسية وذلك التفاوت يؤثر تمايزا متقاربا او متباعدا فى أخلاق البشر وآثارهم بتفاوت الحاجة إليهم وترقب المنافع والمضار من تلقائهم ؛ وذلك يقتضى تفاوت معاملة الناس بعضهم لبعض فى الاعتبار والجزاء

فلو دعت شريعة إلى دحض هذه الفروق والميزات ادعت لى ما لا يستطاع *( وتأبى الطباع على الناقل )*

فضلا على ما فى ذلك من حمل الناس على إهمال المواهب السامية ،وذلك فساد قبيح والله لا يحب الفساد

ويكون الاقتراب إلى الفساد يفيد الاقتراب إلى الافراط فى إلغاء المميزات الصالحة ، ولا تستقيم شريعة ولا قانون لو جاء بهذا الالغاء ، فان الذين تطرفوا فى اعتبار المساواة لا يسيرون طويلا حتى تجيههم سدود لا يستطيعون اقتحامها كالسيوعيين فقد وقفوا فى حدود عجزوا عن تحقيق مبدأ المساواة فيها كمساواة أبكم لفضيخ ومعتوه لدكى ، ومن هذا يتضح القياس وتظهر المساواة الحقة بين الناس قال تعالى ( وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ) الآية وقال ( إن هم إلا كالانعما بل هم أضل سبيلا )

إذن فالمساواة تعتمد توفر شروط وانتقاء موانع ، فالشريعة التى تبى المساواة على اعتبار الشروك والقيود شريعة مساواتها ضعيفة ، والشريعة التى تبنى مساواتها على اعتبار انتقاء الموانع شريعة مساواتها واسعة صالحة ، ويظهر أن الدعوة الاسلامية بنت قاعدة المساواة على انتقاء الموانع وشنان بين قوة تأثير الشروط وتأثير المانه والشريعة التى لا تقيد المساواة بشىء شريعة مضللة

فاذاعددنا المساواة فى اصول شريعة الاسلام فنما تعنى بها المماثلة بين الناس فى مقادير معلومة وحقوق مضبوطة من نظام الأمة سواء كان الضبط بكليات ومستثنيات منها أم كان بتعداد مواقع المساواة

والمساواة فى الاسلام تتعلق بثلاثة أشياء : الانصاف وتنفيذ الشريعة والأهلية

بعده



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 06, 2021 2:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



المساواة فى الانصاف



الأول المساواة فى انصاف بين الناس فى المعاملات : وهى المعبر عنها بالعدل وهى خصلة جليلة جاءت به جميع الشرائع وبينت تلفاصيله بما يناسب احوال اتباعها ، وشريعة الاسلام اوسع الشرائع فى اعتبار هذه المساواة ، ففى خطبة حجة الوداع : ( وإن ربا الجاهلية موضو وأن أول ربا أبدأ به رباا عمى العباس بن عبد المطلب وإن دماء الجاهلية موضوعة وغن أول دم أبدأ به دم ابن ربيعة بن الجارث بن عبد المطلب ) وفى الصحيح أن الربيع بنت النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها فطلب اهل الجارية القصاص فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فجاء أنس بن النضر اخو الربيع وكان من خاصة الصحابة من الانصار فقال يا رسول الله والله لا تكسر تنية الربيع ، فقال رسول الله : كتاب الله القصاص ، ثم أن أهل الجارية رضوا بالارش ، وقصة الفزارى لذى لطمة جبلة ابن الايهم معروفة وخلاصتها أن جبلة بن الايهم مالك غسان بدمشق أسلم بعد فتح الشام وسكن المدينة وحج مع عمر بن الخطاب فبينما هو يطوف إذ وطىء رجل من فزارة ازار جبلة فانحل ازاره فلطمه جبلة فهشم أنفه وكسر ثناياه فاستعدى الفزارى عمر بن الخطاب على جبلة فقال عمر لجبلة : ما أن يعفوا عنك الفزارى وما أن يقتص منك ، فقال جبلة : أيقتص منى وأنا ملك وهو سوقه ? قال عمر : قد شملك وإياه الاسلام فما تفضله إلا بالعافية والتقوى قال جبلة : ما كنا اظن إلا أ، أكون فى الاسلام أعز منى فى الجاهلية ، قال عمر : دع عنط هذا فلما رأى جبلة الجد من عرم قال له أنظر فى أمرى الليلة فرحل جبلة ورواحله البلاد ولحق بالشام ثم بالقسطنطينية فتنصر وبقى عند قيصر ؛ ولم يكن تنصره بالذى يؤسف عمر أن التهاون بأصول الاسلام أضر على الاسلام من خروج بعض أفراده عن الجامعة إذ لا قيمة للجامعة إذا لم تحترم أصولها ومن هذا المثال قضية المخزومية وقضية إبطال الربا وهما صالحتان لتمثيل المساواة فى إيصال الحقوق وفى إقامة الشريعة فانهما مما يتعلق باقامتها إذ لا حق لشخص معين فيما تضمنتاه

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 09, 2021 9:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


المساواة فى تنفيذ الشريعة



الثانية المساواة فى تنفذ الشريعة وإقامتها بين الأمة بحيث تجرى أحكامها على وتيرة واحدة ولو فيما ليس فيه حق للغير مثل إقامة الحدود وقد سرقت أمرأة من بنى مخزوم من قريش حليا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باقامة الحد عليها وعظم ذلك على قريش فقالوا : من يشفع لها عند رسول الله ? فقال قائل : ومن يجترىء عليه غير أسامة بن زيد فتكلموا أسامة فكلم أسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شأنها فغضب رسول الله وقا : أتشفع فى حد من حدود الله إ،ما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها , أشار كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما كان فى الأمم السالفة من التفاضل فى إقامة الشريفة ، وقد كان ذلك فى بنى اسرائيل كما ثبت فى بعض طرق هذا الحديث فى الصحاح ، وثبت أن الرومان كانت عقوبات الجنايات المتماثلة تختلف عندهم على حسب اختلاف حالات المجرمين ووسائلهم

المساواة الاهلية



الثالثة المساواة الأخلية اى فى الصلوحية للأعمال والمزايا وتناول المنافع بحسب الأهلية لذلك وهذه قد تكون بين جميع من هم داخلون تحت سلطة الاسلام وتكون بين المسلمين خاصة وتكون بين أصناف المسلمين من الرجال او من الأحرار او من النساء

والأصل فى هذه الاخلية فى الاسلام هو المساواة بين الداخلين تحت حكم الاسلام كلهم لقوله صلى الله عليه وسلم فى أهل الذمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، ثم المساواة بين المسلمين خاصة فى أحكام كثيرة بحكم قوله تعالى ( إنما المؤمنون أخوة ) فقد جمع حكم الاخوة اطراد المساواة فدخل الرجال والنساء والأحرار والعبيد إلا فيما دلت الأدلة على تخصيصه بصنف دون آخر لا تخصيصا تقتضاه حال الفطرة أو مصلحة عامة وفى الحديث ( الناس سواسية كأسنان المشط ) فلم يقصر المساواة على جنس ا, قبيلى ولم يقدم على عربيا على عجمى ولا أبيض على أسود ولا صريحا على مولى ولا لصبق ولا معروف النسب على مجهوله وفى خطبة حجة الوداع : ( أيها الناس ، إن ربك واحد وإن أباكم واحد ، كلكم لأدم وآدم من تراب لافضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى )

قد كان تمايز الدناس أو القبائل فى القوانين والشرائع السالفة أصلا فى الأحكام ، ففى التوراة سفر لخصائص الأوبين ، وعند الرومان والفرس وبنى إسرائيل لم يكن للدخيل فى الأمة مثل ما للأصيل ، وعند العرب لم يكن للصريح ما للصيق بله فى الغريب عن القبيلة ن والاسلام أبطل ذلك ، أمر النبى صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وهو من موالى قريش وأمر ابنه أسامة بن زيد على جيش فتكلم فىالمرتين بعض العرب فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( ان تطعنوا فى إمارته ( يعنى أسامة ) فقد طعنتم فى إمارة أبيه من قبل وأيم الله أن كان ( زيد ) لخليقا بالامارة وإن هذا ( أسامة ) لمن أحب الناس إلى فنبه بقوله أن كان لخليقا بالأمارة على أن الاعتبار بالكفاءة ونبه بقوله : لمن أحب الناس إلى على أنه إنه اكتسب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لفضله وكفاءته إذ بذلك تكتسب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

وكذلك لن يختص الاسلام بالمساواة طبقة ، وقد كان نظام الكبقات فاشيا بين الأمم ، فكانت الفرس والروم يعدون الناس أربع طبقات أشرافا وأوساطا وسفلة وعبيدا وكان العرب يعدون الناس طبقات ثلاثا سادة وسوقة وعبيدا ، فكان الفرس يهصون كل طبقة بخصائص لا تبلى اليها الطبقة التى هى دونها ، سأل رستم قائد جيوش الفرس فى حرب القادسية زعرة بن حوية تميمى صحابى أسلم فى آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى سنة 77 عن الاسلام فكان من جملة ما قاله زهرة لرستم ( إن الناس بنو آدم أخوة لأب وأم : فقال رستم : إنه منذ ولى أزدشير لم يدع أهل فارس احدا من السفلة يخرج من عمره ورأوا أن الذى يخرج من عمله تعدى طوره وعادى أشراقه : قال زهرة : نحن خير الناس للناس فلا نستطيع أن تكون لكما تقول بل يطيع الله فى السفلة : ولا يضرنا من عصى الله فينا

وكان العرب يفرقون فى الدية بين السادة والسوقة وفى الاقتصاص فى الدماء ويسمون ذلك بالتكايل فيقدم دم السيد أضعاف دم السوقة فجاء الاسلام بابطال ذلك ففى الحديث ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ) ولم يتعبر الاسلام للطبقات أحكاما فى الأهلية للكمال إلا فى جعل الناس قسمين أهل الحل ؛ والعقد – والرعية فاهل الحل والعقد هم ولا قو المور وأهل العلم ورؤساء الأجناد فهولاء طبقة إسلامية جعل اليها النظر فى اجراء مصالح المة ، ومن خصائصها : انتخاب الخليفة ، كما فعل عبد الرحمن بن عوف فى تعيين الخليفة من الستة بعد عمر رضى الله عنهم

وأما المخالفون فى الدين من أتباع حكومة الاسلام فقدمنحهم الاسلام مساواة فى معظم الحقوق عدا ما روعى لهم فيه احترام شرائعهم فيما بينهم وعدا بعض الأحكام الراجعة إلى موانع المساواة ، وقد اختلف علماء الاسلام فى القصاص بين المسلم والذمى وجمهور العلماء ولاية الذمى ولايات كالكتابة ونحوها

وقد كان فى الأمم الماضية بعد الاختلاف بين الحكومات ورعاياها فى الدين حئلا دون نيل الحقوق ومودبا للاضطهاد / وقد قص التاريخ لعينا عدة اضطهادات من هذا القبيل كاضطهاد الأشوريين والرومان لليهود ، واضطهاد التبايعة للنصارى فى نحران وهم أصحاب الأخدود وتاريخ الاسلام مبرأ من ذلك

بعده



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 10, 2021 9:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


موانع المساواة فى الاسلام



موانع المساواة فى الاسلام كما أشرتاليه فى اول مبحثها تكون : جبلية وشرعية واحتماعية وسياسية

فالموانع الجبلية كموانع مساواة المرأة للرجل فيما لا تستطيع أن تساويه فيه بخلقتها مثل قيادة الجيش والقضاء عند جمهور المسلمين لا حتياج هذه الخطط إلى رباطه الجأش وكمع مساواة الرجل للمرأة فى كفالة الأبناء الصغار وفى استحقاق النفقة

والموانع الشرعية هى المغلولة لعلل أوجبتها وهى مبينة فى مواضعها من كتب الشريعة مثلا عدم المساواة فى اياته تعدد الأزواج للمراة وفى مقدار الميراث وفى عدد الشهادة ومثل عدم مساواة العبد للحر فى قبول الشهادة ،وكذلك أهل الذمة عند من منع قبول شهادتهم ومن منع القصاص لهم من المسلمين بالقتل

والموانع الاجتماعية تتعلق غالبا بالأخلاق وبانتظام الجامعة الاسلامية على وجه أكمل وجه ، كعدم مشاواة الجاهل للعالم فى الولايات الملشروطة بالعلم كالقضاء والفتوى وعدم مساواة العطاء بين أهل ديوان الجند فقد أعطاهم عمر على حسب السابقية فى الاسلام وحفظ القرآن

والموانع السياسية هى التى ترجع إلى حفظ حكومة الاسلام وسد منافذ الوهن أن يصل اليها كمنع مساواة أهل الذمة للمسلمين فى الأهلية للولايات التى يمنع منها التدين بغير الاسلام ، ومنع مساواتهم للمسلمين فى تزوج المسلمات ومنع مساواة غير القرشى القرشى فى الخلافة للوجه الذى نبه اليه أبو بكر رضى الله عنه يوم السقيفة ، إذ قال ( إن العرب لا تدين لغير هذا الحى من قريش ) قال إمام الحرمين فى الارشاد ( ومن شرائطها ( أى الخلافة ) عند أصحابنا أن يكون الامام من قريش وهذا مما يخالف فيه بعض الناس وللاحتمال مجال )

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 11, 2021 1:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


المساواة بين اسلام وأوربا



أهابت دعوة الاسلام بالأمم وقد كانوا غافلين مستسلمين ففتحت أعينهم إلى ما فى معاملة سادتهم وكبرائهم إياهم من الاعتداء والغض ، فأخذ أولئك يقتربون إلى تقويم أود جبابرتهم والطموح إلى إصلاح أحوالهم ، وأخذ هؤلاء ينزلون عن صياصى الجبروت ويخفضون من غلوائهم ؛ فحدثت بذلك يقظة فكرية فى العالم اخترقت دعوة الاسلام أفكار الحضارة العالمية بطرق شتى :

منها تناقل الأخبار ، ومنها الجوار ، ومنها الدعوة بالكتب النبوية إلى ملوك الأمم المشهورة مثل الفرس والروم والجيش والقبط وملوك أطراف بلاد العرب فى العراق والشام والبحرين وحضرموت ، ومنها هجرة المسلمين الأولين إلى بلاد الحبشة ومنها الفتوح الاسلامية فى بلاد الفرس والروم والجلالقة (إسبانيا) والافرنج والصقالية والبربر والهند والصين

وقد كانت سيادة العالم حين ظهور الدعوة المحمدية منحصرة فى مملكتين الفرس والروم – وأما المملكة الفارسية فقد أوهمتها الحروب المدية بين الفرس والروم فى زمن سابور الثانى وأبناء قسطنطين الرومانى وأعقب تلك الحروب تنازعا مستمرا بين قواد الجيوش الفارسية إلى أن صار الملك إلى أبروير بن بهرام الذى اخذ يجدد ملك الدولة الفارسية ، وهو الذى كان ملكه فى وقت البعثة ، وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابة المشهور مع عبد الله بن حذافة السهمى ، وأما المملكة الرومانية فقد بلغت من الاختلال فى الغرب اوائل القرن السادس مبلغا أشرف بها على الفوضى بتنازع قواد الجيوش السلطة ولم تأخذ فى تدارك صلاح أحوالها إلا فى زمن هرقل ( هيرا كليوس ) وقد كان ملكه فى عصر البعثة ،وهو الذى جرى بينه وبين أبى سفيان المحاورة فى شأن الاسلام كما تقدم وهو الذى كتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه المشهور مع دحية الكلبى

فكان لشيوع دعوته صلى الله عليه وسلم فى بلاد العالم أثران

الأول : أنها سهلت لكثير من الأمم الدخول فى دين الاسلام أو فى حكمه بما شاهدوا من آثار محامد سياسته لرعاياه مع عدم التشويش على أهل الأديان فى عقائدهم فتمكنوا بذلك خير تمكن من مخالطة المسلمين فى معظم شئون الحياة مخالطة خولت لهم مزيد الاطلاع على محاسن الاسلام وتربية اهله – وربما كان ذلك هو السبب فى إسلام كثير من المتدينين مثل نصارى نجران وتغلب وفضرة وغسان – ومثل يهود اليمن ومثل مجوس الفرس والبربر ، ومثل نصارى القبط والجلالقة والبربر ومن لم يدخل منهم فى دين الاسلام فهل سهل عليه الدخول فى ذمته

الأثر الثانى : كان من تناقل تلك الحوادث ومن نمازج الفرق من الأمة لواحدة أو من تمارج الأمم سمعه حسنة للاسلام ومعاملته ، فكان لتلك السمعة أثر جليل فى حقبة الممالك التى بقيت خارجة عن حكم الاسلام

ومن أمثلة ذلك ما تقدم من كلام زهرة بن حوية وما جرى بين يدى النجاشى من كلام أفصح به جعفر بن أبى طالب عن حقيقة الاسلام ومن جملة ما قال له : ( تكنا قبل الاسلام يأكل القوى الضعيف ) ومعناه فقد الحرية والمساواة قصمم النجاشى على حماية المهاجرين من المسلمين ورد صفراء مشركى قريش الذين جاءوا طالبين تسليمهم اليهم ، اقتبست الأمم من أسلوب الاسلام أساليب جديدا فى سياسة ممالكهم أفضت إلى تخفيف وطأة الاستبداد وإلى حصول خير كثير للبشر ؛ وشكلا جديد للمدنية كانت عاقبتهم ما نشاهده اليوم من رقى إلى معارج سامية

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 12, 2021 2:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



علاقة الاخلاق والنواميس بالشرائع



يقول محمد زكى فى كتابه تاريخ القضاء لقد ذهب العلماء قديما إلا أن للأقليم بمائه وهوائه وارتقائه وانخفاضه ودرجة حرارته مفعولا كبيرا وتأثيرا بينا علىالمزاج والخلق الانسانى ، وقد خاض هذا الموضوع ووفت فى عضده على ما يثبت هذا القول الحكيم(أبوقراط) المولود سنة 664 ق.م وأفرد له كتابا خاصا ذكر فيه التأثيرات التى تنتاب الانسان من طبيعة الاقليم الذى ينزله . ولم ينفذ قوله فيه دون برهان قاطع وحجة لا تدفع على ما لها من الأثر فى الخلق والنمو والضعف والارتقاء والانحطاط وإن كان قد سبقه إلى التقلف فى هذا الموضوع كثير من علماء الهند والصين واليونان ومصر وفارس بدليل ما جاءت به آثارهم بيد أن كلامهم فيه كان يدور على الظن وهو عار عن الأدلة القاطعة ولكن أبا قراط سعه علمه فى الطب وجودة فراسته ساعدتاه على أن يقول القوم المعقول الذى أخذه عن مشاهدة الطبيعة وتأثيرها . واليك بعض ما قاله فى هذا المنحى

*( إن آسيا تختلف اختلافا عظيما عن أوروبا بطبيعة محاصيلها وطبيعة سكانها فجميع ما فيها اجمل وأكمل منه فى أوروبا . وأقليمها أجود ؛ وسكانها أرق طباعا : وأهدأ بالا وسبب ذلك اعتدال فصولها : )*

وهذا هو كلام ( أبى قراط ) ما يدل على أنه ذهب بذكائه وخبرته يستقرىء الطبيعة ويتفحمها فأخرج أمثال هذا القول الذى يعتمد عليه علماء هذا الزمان فى تقرير اشباة هذه النظرية وتمحص الزمان بعد ذلك بقرون عدة عن ابن خلدون وما رأى الدعوى وتبدت له صحتها حتى أيده فى رأيه وبسط الكلام عليا فى مقدمته المشهورة وجرى مجراه ووافقه على ما للطبيعة من السلطان النافذ والقوة الفعالة فى صحة الانسان وعقله وطبعه ولم يبق ريب بعدئذ فى أن للطبيعة كل هذا التأثير على الانسان وصفاته وأمياله وأنه ليس لنا إلا التسليم به لأن المشاهد والواقع تحت الحواس دليلان عادلان على مبلغه من الصحة ، وبعده من الخطأ هذا ولا يفوتنا أن نواميس الحياة برأت فى الانسان حب الدفاع عن نفسه : واضطرتهاليد القوى الطبيعية ، ولا يزال يدافع ويطلب النصرة لشخصه حتى يلفظ النفس الأخير ، ثم أن ميله إلى المخالفة لتباين أغراضه وأمياله عن سواه الذى هو أساس الظلم والاعتداء فلا يمكن أن يكف عنه ما دامت الننفس مملوءة بالشهوات ومولعة بحب الذابت ، وما دام الانسان بعيدا عن ردا يردعه أو زاجر يزجره قد أحدث فى نفسه الحاجة إلى وضع دستور أو أحكام يسير عليها ويقيم منه قوما ينظرون أموره ، ويكفون اعتدائه ، ويحفظون حقوقه ، ويردون ما سلب منه ، ويرضون مظلومه ويقيمون حدود الله ؛ فى سائر أنواع المعاملة حسب تلك الأحكام الوضعية التى احتاد إليها ليدرأ عن نفسه ظلم أخية فيستتب الأمن وتهدأ القلوب المضطرية فوضع الشرائع لذلك استنباطا وسن النواميس لهذا الغرض وعلى هذا الوجه اخذ يطب ماله ويعترف بما عليه

فيتضح لنا مما تقدم أن الانسان قد احتاج اليها بطبيعته فوضع رسومها موادها وأصولها وهى فى مجموعها المقياس الذى يدل على درجة أخلاق الأمة لخضوعها إلى الخلق والمزاج الانسانى ، ولأنها من قيضهما ، ولما كان كما سبق خاضعين لأحكام الناموس مستعدين منه روحيهما كانت الشرائع أيضا خاضعة لأحكامه

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 13, 2021 5:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



اثر الشرائع فى الامم
وتطور انتقالها فى الاقطار



المعنا فيما تقدم إلى أن الأمة الواحدة كالفرد ، وانها بين الأمم الأخرى كما يكون الانسان بين اضرابه ، فترى فردا واحدا بزغ كالشمس من بين تلك الجموع الانسانية الكثيفة لنبوغه وما وصلت إليه عبقريته ، قيرسل عليها نور علمه وفضله ويبدو ظلام حهالتها كذلك ترى أمى من بين تلك الأمم ظهرت ظهور الفذ بين قومه تتبدى فى عليائها بين القوة والاقتدار فتشرئب لها أعناق تلك الأمم الضعيفة وتتطلع إليها لتقتبس من ضيائها وعارفها ، وتأخذ عنها ولو نسيا من نبوغها

ثم إن النظرية فى أن الضعيف يقلد القوى ويترسم خطواته ، ويسلك ما سلك من المناهج على أمل أن يتسنم ذروة مجده وعظمته وصحيحة ثابتة وذلك مشاهد أيضا فى الاجرام السماوية كما حققه علم الفلك فانك ترى الكواكب جميعها مجذوبة إلى الصديم الأكبر الذى تسلخت منه وتفرعت عنه بقوة الطبيعة ولنا فى الأمم الآن مندوحة فان انجلترا والمانيا مثلا لما هما عليه من القوة والمعرفة لا ترى الأمم الضعيفة بدا من أن تندفع اليهما بدافع قوة كامنة فى طلب العمران فنأخذ عنهما كل امورها وتقلدهما فى نظاماتها وتتاجر معهما لتتبصر فى صنعها وأسباب تقدمها ورقيها فتقتبس ما يوافق طبيعتها لتدرك ما أدركنا وهذا من قبيل التشبيه والتمثيل

الامة الاسلامية أرفع الامم على الاطلاق

ولا يخفى أن فى الماضى كان النبوغ فى الأمم نادرا جدا وكان الزمان يقتصر على أن يبعث أمة واحدة من الأمم لعديدة تكون صاحبة الحول والطول والسلطان ، فتنفرد بحكم معظم العالم وأممه إن لم نقل كله

وكانت هذه المم الضعيفة لا تجد إلا أن تميل إليها كل الميل اضطررا وأن تأخذ عنها وكان اول شىء تستطيعه للتقرب منها والزلى إليها الماجرة معها ، فتتهافت على سلعها ومصنوعاتها ويتجلى من بين البيع والشراء احتكاك فى الآراء والافكار ، فتنتج عنه ثورة فكرية وحب اطلاع على احوالها الاجتماعية ينتهيان باقبتاس النواميس والنظامات التى تسير عليها ويكون النجار إذا ذاك الوساطة فى نقلها إلى بلادهم ،ولنا فى إسبانيا والاندلس والحروب الصليبية خير شاهد على ذلك ، فان الدول الغربية بأسرها لم تنهض فيها المعارف وتتبوأ المكانة السامية من الهيئة الاجتماعية إلا بعد أن جرى عليها هذا المجرى الذى قررناه والتاريخ أصدق شاهد

وهناك أمران خليقان بالاعتبار لهما دخل كبير فى انتقال الشرائع من قطر إلى آخر وذلك إما بالغزو او الهجرة . فالأمة التى تغزو إذا كانت على مدنيةوعلم وافرين ثم غلبت المغزوة على أمرها أدخلت فيها شرائعها وقوانينها كما كانت الحال فى مصر بعد ما فتحها المسلمون ويرها من البلدان والممالك . وأما إذا كانت الأمة للغزوة صاحبة طول وحول ثم انقسم أهلها على أنفسهم أو أمراءها فشن الغارة عليهم قوم من غير جنسها بغية استئنارها ثم دارت الدائرة على المغير رجع إلى مغنمه يحمل كل معرفة أوامر ممهد إلى نظام الاجتماع , وليس هناك دليل أقرب الينا ون كثرت الأدلة على ذلك مما حمله الصليبيون غلى بلادهم من الآثار الاجتماعية الاسلامية ونظاماتها التى لا يزال اهل الغرب يأخذون فى معاملاتهم وحقوقهم بأهدافها

وكذلك فى الهجرة وأسابها كثيرة ما لضيق الحال كما انتاب سكروبيس المصرى ورأى ألا يفرجها ويوسع من صدرها ير الهجرة فهجر بلاده إلى اليونان مع أنيه ونقل إليهم الشرائع المصرية أو لأمر سياسى ذى بال كما قضى على ليكورغ بنزول مصر لما وقع بينه وبين زوجة أخيه من الشحناء ، وقد اكتسب باستيطانه بلادنا – ما صيره متشرعا نافعا لبلده ؛ أو لطلب العلم كهردة سولون إلى مصر واقتباسه الفلسفة والتشريع وقد دخل بلاده بعد طول القيبة قاضيا أصوليا ومتشرعا قادرا ، وحكيما فذا ، أولما هو أعلى واغلى من ذلك جميعا كهجرة حضرة النبى صلى الله عليه وسلم التى هى السبب الأول فى كل خير وصل ويصل إلى العالم اجمع وكانت فواتحها بر ومفاتحها عز ونصر وسيأتى معنا تفصيل فى موضوعها فى هذا الكتاب إن شاء الله

هذا ما قد رأينا من الاسباب الجوهرية التى دعت إلى انتقال الشرائع مع أمة إلى أمى أخرى حتى انتشرت ودبت بين عقول الخلق فعرفوا وعملوا بها

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 15, 2021 4:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

العوامل النفسانية فى قبول الشرائع



قلنا فيما سبق إن للناموس دخلا فى الشرائع ووضعها وذلك جريا مع الفواعل الطبيعية التى لا تؤثر فى أخلاق الأمة وعوائدها والآن بعد أن أثبتنا كيفية انتقالها من قطر إلىآخر رأينا أن نذكر ان الشرائع المنتقلة لا يمكن الأخذ بها أواتباعها إلا بعد عاملين كبيرين إما بالضغط الشديد من الفاتح الغاضب كما فعل الرومان بمصر وإما بعد طول الزمن وتطور الأمة فى خلاله بتكور حديث يلائم حالة النظام التشريعى الجديد القارىء الكريم أننا فى ذلك تذهب إلى مذهب مضاد لمن يقول أن شرائع الأمة العظيمة ذات القوة الموفورة والرقى الأسنى خليقة بأن تكون لجميع الأمم والشعوب هاديا ومرشدا وما اضطرنا غلى ذلك إلا ما أبداه التاريخ والحياة القومية من استحالة العمل بها مباشرة ولا يخفى أن اختلاف الأقاليم وطبيعتها احدثا اختلافا أيضا بينا فىأخلاق وطبائع وعوائد سكانها وما كان يصلح لأخل الأقليم الحار لا يمكن أنيستقيم أو يصلح لأخل الاقليم المعتدل أو البارد ما دامت الحياة القومية والعوائد والاخلاق تقف فى وجه هذا فلا تدعه يتطرق إلى العقول او ينساب إلى تكوين الامة الاجتماعى ، لذلك فالشرائع التى تكون من طبيعة الشعب وعواطفه واساليب عيشة ووجوه حياته ووسكه يستحيل اذا انتقلت إلى أمة أخرى متباينة فى منازعها أن تقع موقع القبول وتنزل منها منزلا مرضيا

ومن نظر قليلا إلىما فعله سكروبيس بعد نزوله إلى اليونان وإدخاله الشرائع المصرية بين أهلها يجد ان الرجل نظر هذه النظرة وراعى تباين الاخلاق والعوائد فعمل على الوفاق بينهما وجعل للزمن يدا فيه ، فأنشأ أولا حيا مصريا مكون من عدة بلاد يسكنها بنوه ثم أجرى بينهم الشرائع المصرية لموافقتها لهم ، وليدخل الصلات بين الفريقين تزوج من أخت الملك فنحى نحوه بنوه واختلطوا بأهل البلاد وتزوجوا من بناتهم أيضا فحدث من بين هذا الاختلاط على توالى الأيام اتقاق فى العوائد والاخلاق ، وأخذ يضمل الفرق رويدا رويدا إلى أن أصح الاثنان ممتزجين فى منازعهما ومتفقيه فى أغراضهما هنالك أمست الشريعة المصرية بعد التعديل الذى أدخل عليها صالحة لهم وموافقة لحالهم

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 22, 2021 5:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112



سياسة عمرو بن العاص

فى القضاء على الشرائع والقوانين الوضعية بالتشريع الاسلامى



ولنضرب مثلا آخر أقرب . مأخذا فى التاريخ : وأصدق مبنى وأشهر ذكرا . وذلك أنه حين ما دانت البلاد المصرية لعمرو بن العاص كان القضاء فيها حب الشرائع الرومانية وكان عمرو مع نفر قليل جدا بالنسبة لسواد الأقباط الذين كانوا ينيفون على السبعة ملايين ، فلم يشأ أن يغير حالتهم الاجتماعية وطرق التقاضى فيدخل عليهم الشرائع الاسلامية باعتباره فاتحا قادرا ولكن أبدى لهم رضاءه عن شرائعهم التى يتعاملون بها واجازها لهم ثم أظهر ما دل على قدرته فى السياسة ولطف الرأى وحسن التصرف إذ عين فى كل بلد قاضيا من القبط لينظر أموره وقضايا أهله وكان إذا وقع خلاف بين قبطى وعربى كان يتحاكمان إلىملجس مؤلف من قضاة الجنسين وهكذا كانت طيقة الفصل فى قضايا المصريين إذا ذاك ، الأمر الذى جعل جوستاف لوبون يقول فى بعض أقواله ( ولقد كان المسلمون أعقل من ساسة هذا العصر وعلمائه فان جميع الممالك التى فتحوها أخذوا داعا على أنفهسم أن يبيحوا للأمة المهزومة البقاء على شرائعها والاستمساك بآدابها وعاداتها ومعتقداتها ) تمشيا مع التسامح الذى هو عندهم من المبادىء السامية التىتدين لها العالم

وقد لبثت الحال على ذلك حتى أسلم خلق كثير من القبط ونزجت القبائل العربية وتعاملت فيها مع أهلها فتغيرت العوائد من شدة الاحتلاط فعندئذ سادت الشرائع الاسلامية فى هذا القطر إلا فى المسائل الدينية البحتة التى تتعلق بالديانة المسيحية

فهذا فى المثلان التاريخيان مع قلتما فانهم تبيان لصحة هذه النطرية التى توجب على كل حكومات العالم أنتراعى أخلاق أممها وعوائدها فى وضع القوانين وسن الشرائع لها أو نقلها غليها ، لأن ما يوافق روحها الاجتماعية يكون أسرع للقبول من كل مجموع الأمة واسهل تناولا وأنت لا يمكنك أن تجد هذا بحال من الأحوال فى أية شريعة من الشرائع ولا قانون من القوانين إلا فى القانون الاسلامى والشريعة الاسلامية

الدين والاخلاق بين القانون الاسلامى والقانون الوضعى



ذلك لأن القانون الاسلامى يمتاز عن القانون الوضعى بله قوانين والشرائع الوضعية وغيرها يتناول أصوله وقواعده علاقة الانسان بخالقه وعلاقته بنفسه فوق تناوله لما تعرضت له القوانين من العلاقات الاجتماعية الخاصة والعامى

فعلاقة الانسان بخالقه ينظمها ما وردت به الشريعة الاسلامية من العبادات والعقائد كاعتقاد الوحدانية والقدرة والكمال والتنزه عن النقائص لله سبحانه وتعالى ؛ وكالرضاه بالقضاء والقدر والايمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وغير ذلك ، وقد حمع أصول العقائد الدينية وألم بابحاثها علم العقائد ويسمى على التوحيد وعلى الكلام

أما العبادات العمليى ( من الصلاة والزكاة والحج وترك المحرمات ونحو ذلك فقد تعرضت لبيانها وتفصيل جزئياتها كتب الفقهالاسلامى وجلت لها قسما خاصا بها يمسى العبادات
وعلاقة الانسان بنفسه ينظمها ما وردت به شرعة الدين من الحث على الفضائل الخلقية والكمالات النفسية التى تؤدب النفوس وتكلمها وتخلصها من رجس المفاسد وتستنقذها من ادران النقائص ، من الصدق والاحسان وطلاقة الوجه وكف الأذى وبذل المعروف والحياء والأحسان إلى الوالدين وتنفيس كربة المسلم وأن يحب المرء لكل انسان ما يحب لنفسه وصلة الرحم والاحسان إلى الجار وبذلك المعونة وستر عيوب الناس وعيادة المريض والصدقة على الفقير وبذل النصيحة عن إخلاص وإطعام الطعام وإفشاء السلام وترك الكذب والغيبة والنميمة والحسد والفجور وإيذاء الناس إلى غير ذلك مما هوموضوع الاخلاق والآداب ،وإنما سمينا هذه العلاقة بعلاقة الانسان بنفسه – وإن كانت من العبادات والقربات التى يثبا عليها المؤمن ويتقرب إلى الله – جريا على اصطلاح القانون فى تسميتها ولأنها أمور ترجع إلى تهذيب النفس وتربيتها بالآداب ومحاس الأخلاق .

وإنما لم تتعرض القوانين الوضعية لهاتين العلاقتين لأنها لا تتصدى إلا إلى ما هو ضرورى لحياة المجتمع البشرى وصيانته وترقيته ويرى مشرعوها أن العبادات الدينية لا دخل لها فى ذلك –
أما العلاقة الأخرى فيرونها من الآداب التى ليست ضرورية لحياة المجتمع وله منها بد وعن تنظيم القانون إياها مندوحة

فليس للقانون أن يرتب على مخالفتها جزاء قانونيا ، ولكن عقاب المخالف لها أدبى كززاية الناس واحتقارهم لمن يخالف العادات والآداب المألوفة – اللهم إلا ما صدر من هذه الآداب والمسالك ضروريا للمجتمع فان القانون مغلبق حينئذ أن يتناوله بأحكامه ونصوصه ،إما من طريق العادة أو التشريع فلا ينبغى للقانون أن يحتم على الناس أن يصدقوا أو يصدقوا أو يتركوا الحسد والكذب ولو فشت خصلة من هذه الخصال أو عدمت فى أمة من الأمم ما كان ذلك مءثرا فى كيانها وإن كانت مكارم الأخلاق تسكبها كمالا أدبيا ، ورذائل الخصال إذا فشت تحدث نقصا فى آدابها وغضاضة فى كرامتها ولكن حياتها مع ذلك تبقى موفورة وكيانها الاجتماعى يستمر محميا بالقانون والتشريع

هذا ما يقول أهل القانون فى علاقة الآخلاق بالقانون الوضعى ، فهم يرون أن كلا منهما فى ناحية وليس باحدهما حاجة إلى الآخر ، والواقع الملموس أن القانون والأخلاق يتعاونان على حفظ كيان المجتمع البشرى ويتساندان فى توفير السعادة والرفاهه له ،واليك بيان ذلك :

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 25, 2021 5:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


( الاداب والاخلاق وحاجة المجتمع اليها )



لم نقل تمتاز الشريعة الاسلامية بتنظيمها هاتين العلاقتين عبثا من القول ولكن لما هو أوضح من الشمس فى رائعة النهار ، من ظهور آثارهما فى تقويم النفوس وتحضير بداوة الطباع وتنقية القلوب من جفائها وجلاء الضمائر والذمم من أصدائها ولهما أيضا آثارهما فى آداب السلوك العامى ، ولا أظن مجتمعا معما ارتقى به التشريع واحيط بسياج من القانون يخلو من هذه الشمائل والفضائل إلا انحط إلى درك الضعف والاستكانة وتقنع بالحقارة والمخانة ، يدل على ذلك أنه قد اصبح رقى الأمم يقاس برقى آرائها وأخلاقها والتاريخ يشهد أن أسباب عظيمة الأمم ترجع إلى الأخلاق والتقاليد التىتكون عظمتها وتبنى سادتها . قال ( جيوستاف لوبون ) فى كتابه سر تطور الأمم ) : لقد بدأت عوامل انحطاط الأمة الرومانية فىالوقت الذى ازدهرت فيه العلوم وكثرت الشعراء والفلاسفة بها فيه لأن أخلاقها وتقاليدها التى كانت تبنى عليها عظمتها بدأت فى الانحلال )

ومن أجل ذلك عنيت الشريعة الاسلامةي بالأداب والأخلاق التى كان لها الأثر اكبر فى عظمة الأمة العربية والدول الاسلامية التى كانت معتصمة بحبلها مستمسكة بعزاها
ومن المعلوم أن القوانين الوضعية قد سايرت الشريعة الاسلامية فى المحافظة على ما هو ضرورى للمجتمع وجعلت الشريعة الضروريات التى يجب المحافظة عليها خمسا ( الدين والنفس والعقل والمال والنسل ) والقوانين الوضعية تساير الشريعة فى المحافظ على هذه الأمور الخمسة غير أنها قد تخالف الشريعة فى نوع الفكرة دون جنسها أو فى طريقة المحافظة
فالمحافظة على الدين فى القانون معناها تمتع كل إسنان بحرية الاعتقاد له ان يعتقد ما شاء ويدين بأى دين شاء أما المحافظة على الدين فى الشريعة الاسلامية فهى ألا يترك الدين الاسلامى من دخل فيه بالاتداد والا استوجب العقاب الشرعى ، فالقانون يحافظ على مطلق الدين الذى يدين له الانسان والشريعة تحافظ على دين معين لا نرى فى سواه السعادة الحقة وتترك للانسان حرية الدخول فى الاسلام ( لا إكراه فى الدين قد تبين الشرد من الغى ) والمحافظة على الدين فى الشريعة هو الأصل فى وجوب قتل المرتد وقتال المرتدين والخوارج على الدين الاسلامى

فهنا اتفاق بين الشريعة والقانون فى جنس الفكرة دون نوعها – ويرجع هذا الخلاف إلى الخلاف بينهما فى مبدأ حد الحرية الشخصية فالشريعة ترى أن حد الحرية الشخصية ألا يضر الانسان بنفسه ولا بغيره لأن إلقاء النفس إلى التهلكة والضرار محرمة فى الشريعة بالنصوص القطعية – والقانون يرى أن حد الحرية الشخصية ألا يضر الانسان غيره فقط – ولما كان الاتداد عن الدين الاسلامى فيه إضرار بالنفس وإلقاء بها فى البقاء الأيدى بعد أن تبينت هدى الاسلام ووقفت على مزاياه واقتنعت بأنه سبيل السعادة الحقة كان هذا من بابا إلقاء النفس إلى التهلكة ولم يكن داخلا من دائرة الحرية الشخصية التى تخير من لم يدخل الاسلام وتمنحه الحرية فى ألا يدخله لأنه لم يتذوق بعد حلاوته ولم تشرب نفسه الاعتقاد بأنه حق وسعادة جلبهما نفسه بترك الدخول فيه

والمحافظة على النفس فى القانون يتظمها قانون العقوبات وقانون تحقيق الجنايات – والمحافظة على العرض داخله فى النفس – أما المحافظة على النفس فى الشريعة فبالقصاص والديات وسائر العقوبات الجنائية الداخلة فى قوله تعالى ( والجروح قصاص ) وبالحدود الشرعية وتحريم الانتحار وإباحة أكل الميتة لمضطر ، والمحافظة على العرض بعقوبة القذف إلى غير ذلك ، واختلاف نصوص العقوبات فى الشريعة والقانون يرجع إلى اختلافهما فى طريقة المحافظة

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 28, 2021 9:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

الغاية القوصى التى تتطلبها القوانين

الاسلامية والمثل العليا التى ينشدها التشريع الاسلامى



الأمم إذا تنسمت فيها روح الحياة ،وأنعشتها اليقظة بعدالرقدة والهمة بعد الخمول وشعرت بكيان لها جامع تحتاج إلى ما ينظم علاقات أفرادها بعضهم مع بعض ، وإلى ما يصون حرية الفرد ويحفظ حقوقه – كل ذلك لا يكون إلا بتشريع محكم القواعد – رصين الأساس – يسير مع سنن الطبيعة فى مصلحة الفرد

وهذا النظام الطبيعى أوالقانون البشرى رأيناه نافذ المفعول فى الجزيرة العربية بعد أن سكن أقوتها المستعر واستسلمت أهواؤها البائرة إلى نور الحق واليقين ، أو بعد أن زهق الباطل ،وظهر الحق وأضاءت الدعوى الاسلامية ربا الجزيرة وسهولها ودخل تحت لواء صاحب الدعوة افواد العرب وقبائلها

رأى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أن يظهر للمسلمين تشريعا غنيا ينظمه مترعا بقواعد السياسة العادلة فكان ما أراد وإذ به تشريع مبين هو صوب الحكمة ونتاج العبقرية

أما دعائم هذا التشريع فثلاث كتاب الله المحكم وسنة الرسول الأعظم والاجتهاد الذى مهد طريقة ودعا إليه بالقول والعمل والتعزير .وكتاب الله وحجة رسوله الخالدة كان المصدر العام والينبوغ الثجاج فى التشريع الاسلامى لا شتماله على الأسس الثابتة والقواعد المجملة التى يبنى عليها تنظيم الشئون العامى للدولة وهذه الأسس فلما تختلف فيها أمة عن أمة أو زمن عن زمن تلك الأسس قوله تعالى

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعو الرسول وأولى الأمر منكم فان تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول وقوله إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل

وقوله وشاورهم فى الأمر ،وقوله فى التشريع المدنى يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الاثنين إلى غير ذلك من النظم القويمة التى استسلمت منها الأحكام التشريعية

وهذه الأسس انما جاءت مجملة الأحكام يتسع لأولى الأمر أن يضعوا نظمهم ويشكلوا حكومتهم بما يلائم الحالة ويتفق والمصالح غير متجاوزين العدل والشورى والمساواة

أما بالسنة النبوية فقد كانت منار التشريع الساطع والهدى الذى اهتدى به المسلمون فلقد تناولت جميع المناحى التى يحتاجها البشر فى النظم والقوانين ووصلت إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه البحث العلمى الدقيق وهنا برزت مواهب الشاعر الأعظم وظهرت عبقريته فبهرت العالم بما جاء به من توضيح لأى القرآن الكريم واستنباط الأحكام ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين لهم ) ولم يقتصر على الأعتراف من هذا البحر الخضم بل جاء بدساتير مكملة رصينة الوضع والأحكام لم تتوصل إليها ممالك كثيرة حتى ولو خطب فى المدينة وحصلت على قسط وافر من الرقى والعمران

بل لا تزال قوانين اغلب الأمم المتمدنة خالية منها طنظم المواريث والوصايا الملائمة للعقل والمنطق وقد شملت تشريعه عليه الصلاة والسلام الحقوق المدنية واقسامها وبنى كل تلك النظم على دستور أساسى وهو دره المفاسد وجلب المصالح وهو دستور عام يفسح مجالا واسعا للمسلمين فى اتباع ما ينير سبلهم ويءمن مصالحهم

بعده



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 30, 2021 4:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


دستور الامة كتاب الله لا دستور لها سواه



مر الحارث بن عبد الله الأعور فى المسجد ، فاذا الناس يخوضون فى الأحاديث ، فقال ما بال هؤلاء ? قيل قد خاضوا فى الحاديث قال ك وقد فعلوها قلت نعم . قال أما إنى قد سمعت صلى الله عليه وسلم يقول ( إلا إنها ستكون فتنة ؛ فقلت ما المخرج منها يارسول الله ؟ قال كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخير ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذى لا تزيغ به الاهواء ولا تلبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقض عجائبه هو الذى وعنه الجن إذا سمعته حتى قالوا ( إنا سمعنا قرآنا عربيا يهدى إلى الرشد ) ، من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ؛ ومن دعا اليه هدى إلى صرط مستقيم خذها اليا ياأعور

هذا هو دستور الأمة هذا هو دستور الدساتير الذى يبقى ويفنى ما سواه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد لأنه كلام الله الذى يقول فيه وبالحق أنزلناه وبالحق نزل فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون

وقد أحكم هذا الدستور فيما أخكم دستور أو اصر النظام العائلى الذى هو صورة مصغرة للمجتمع بما وضعه للرجل والمرأة من حقوق وواجبات وهنا يمتاز التشريع الاسلامى على ما سلف من شرائع الأمم وعلى ما هو منبع اليوم فى ارقى ممالك الغرب بما يأتى :

المرأة الغربية لا يسمح لها باختيار الزوج الذى وقع نظرها عليه ما لم يوافق كبير اسرتها على تذكرة الاذن موفقة صريحة – أما غذا رفض فيضرب ذلك الطلب بعرض الحائط – وهذا هو الجارى اليوم فى فرسنا وفى الممالك التى حذت حذوها واتخذت مجرى نابليون أساسا لتشريعها أما فى الشريعة الاسلامية فقد جعل لها الرآى المستقل فى القبول والرفض قال عليه الصلام والسلام ( البكر تستأذن والثيب تبين ) ولم يجعل للولى حق الاعتراض إلا إذا أسائت المرأة الاختيار مما يشوه سمعة الأسرة ويحط من رقيها وذلك باختيار زوجا غير كفء لها وللاسرة وبالطبع أن هذا حق تطلبه المصحلة العامة أما الميزة الثانية فهى ما جرى عليه القانون الاسلامى من إعطاء المجال للمرأة المتروجة بالتصرف فى أملاكها وماليتها الخاصة تصرفا كاملا خلافا لما جرت عليه القوانين الغربية فالمرأة عندهم بعد زواجها تصبح مرتبطة بالدوطة ( العلاقة الزوجية ) وحينئذ تصبح أملاكها تحت يد الزوج وتمن المرأة عن التصرف فى حقها وتكون أشبه شىء بالقاصرة ويكون الزود عليها وصيا مرشدا وغير خفى خشونة هذا النظام وعدم ملاءمته لسنن المجتمع

اما التشريع الجنائى فان الشارع الكريم صلى الله عليه وسلم أعاره أهمية كبرى ، فجعل العقوبة حسب ما تقتضيه العدالة المكلقة محددة بالمصحلة العامى

( والدستور فى ذلك قوله تعالى وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )

ولم يحدد القرآن العظيم العقوبات إلا فى خمسة مواضع فى الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا والدين يقتلون النفس بغير الحق والذين يرمون المحصنات الافلات والزانية والزانى والسارق والسارقة وجعل لمرتكبها عقوبات صارمة وعذابا شديدا فالتشريع الاسلامى يعتقد أن المجتمع لا تنظم أموره فى اى مكان أو زمان مع انتشر هذه الجرائم ويرى أن لا يرقب فىمنعها إلا ولا ذمة

أما سائر الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات فلم يحدد عقوباتها بل افسح فيها مجال العمل للحكام ليلاحظوا نفسيات المجرمين والظروف التى ترتكب فيها الجريمة وهنا تبدو نظرات الاجتهاد الصائب فى توجيه التهمة وإنزال العقوبة فروحية القوانين الجزائية فى العالم العربى تلائم روح التشريع الاسلامى من حيث توسع سلطة الحكام فى اختيار وتطبيق نوع العقوبة فيما إذا لم يوجد نص قرآنى أو حديث نبوى كما جاء فى حديث معاذ حينما ساله الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا بم تحكم قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال بسنة رسول الله قال فان لم تجد قال : أجتهد رأى فقال الحمدلله الذى وفق رسول رسول الله إلى ما يحبه الله ورسوله

وبطون الكتب ماليئة بالحكام التى شرعها الرسول فى الحرب والسلم ومعاملة الأسرى والابقاء بالمعاهدات ووجوب تنفيذها وكيفية ربط العلاقات مع الدول الخارجية إلى غير ذلك مما تعجز عن تشريعه أمم وسياتى ذلك مفصلا فى موضعه من هذا الكتاب

ولقد نجح التشريع الاسلامى نجاحا عظيما من حيث تطبيقه فى تأمين المصالح واستئصال الجرائم واعتقد أن الناحية التى أمنت نجاحه وكانت العامل القوى ليست عدالة وذلك التشريع فحسب إنما هى قوة العقيدة وفكرة التدين التى هذبت النفوس الجامحة وروضت الطبائع على الخلق الكريم والدين القويم فتكون بذلك التهذيب او الترويض رادع قوى وزاجر نفسى جعل المسلمين يحترمون حقوق الغير ويترفعون عن ارتكاب الجرائم : وتلك هى الغاية القصوى التى تتطلبها القوانين والمثل العليا التى ينشدها التشريع

بعده



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 01, 2021 1:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


التشريع الاسلامى وأثره فى اصلاح المجتمع



كتب اخى العلامة الدكتور محمد وصفى كلاما نفيسا فى هذا المعنى نقتبس منه هنا ميا يأتى :

لقد اعترفت رجالات القرن العشرين من المشرعين فى جميع بقاع المعمورة بمعجزة الدين الاسلامى من حيث دقة تشريعه وملائمة أحكامه لسنن الكون وانطباقه على أحوال البشر عامى وصلاحيته لأن يكون قانونا عاما ، تسير الدول على نهده ، وتستضىء بعديه ، وتتخذخ سلما يصعد به إلى أوج لكمال الانسانى ، وترتفع به إلى ذروة المجد التى تصبو اليه الانسانية ، ويعلم له جميع مفطرى المعمورة .

إن العالم لا يزال يتخبط فى الظلام ، ولازالت علماء القانون فى أوروبا وأمريكا تجد فى البحث عن قانون ثابت ، تسير عليه الناس ونقضى به قضائتهم ، يوافق طباع البشر ، ويناسب فطرتهم ، يتلمسون ذلك من قوانين الأمة اليونانية القديمة ، والأمة الرومانية البائدة زمن اوثنية العمياء ، والجاهلية العريقة فى الجهل والضلال – هم لا يجهلون التشريع الاسلامى ، ولا ينكرون معجزة هذا التشريع : تشريع دين الفطرة الذى يوافق طبع البشر ، ويناسب حالتهم ، ويتمشى مع حياتهم الدنيا ، وينطبق على سنن الكون الذى يعيشون فيه : هذا التشريع الذى وضعه الله سبحانه وتعالى فى أصل القرآن الكريم الذى سارت عليه الدولة الاسلامية القرون العديدة ، حتى بلغت أقصى درجات الكمال ، ونالت أعلى مرابت الجد ، ذلك التشريع الذى ما تركه قوم حين تفككت عراهم وتداعى بنيان دولتهم ، فأصبحوا أماسر فى أيد لا تعرف الرحمة ولا تقيم العدل

رعف مشرعوا العالم : فضل التشريع الاسلامى ، ولا يستطعيون أن ينكروا معجزته ، ولكنهم لأسباب سياسة ، يعرفها المسلمون ، ولا يجهل سرها أى إنسان ، يتلمسون أحكاما كانت تحكم بها أمم وثنية تعبد الأصنام والتماثيل ، وتشرك بالله العزيز الحكيم : قال تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ? )

ولكون هذه القوانين التى أخذت منها الحكومات موداها عاجزة عن القيام بحاجتها ح عادزة عن السير مع الروح الانسانى الذى بثه الدين الاسلامى ، روح الحرية والعدل والمساواة والأمن والتمسك بالفضائل والقضاء على الرذائل ، لكون تلك القوانين ليس بها شىء من ذلك أخذ المشرعون كثيرا من مواد القانون الاسلامى وعملوا به فى بلادهم ونفذوه على أنفسهم ، ولكنهم احتاطوا للأمر فوضعوا ما أخذوا به فى قالب مغاير ، ونكروه لنا تنكيرا شديدا لكى نظن أنه غير مستمد من ديننا ؛ غير مأخوذ من كتابنا :

إن النهضة السياسية التى نهضت بها أوروبا لم تؤخذ أسبابها إلا من ديننا ، وتلك القوانين الحربية والأصول الاجتماعية لم ياخذوها إلا من كتابنا ، ولكنهم كما قلنا يحاولون أن يضللونا ؛ فيدعون أن أساليبهم السياسية مستمدة من أفكارهم ، مأخوذة من دولة أجنبية كانت بجوارهم

لم تقعل أوروبا وأمريكا ذلك فيما تعلق بالتشريع فقط ، بل تناولت يدهم النهضة العلمية الاسلامية وعملت بها والنهضة الفكرية ، فجنحت عليها ثم عرضت كل ذلك عينا كأنها تعرض شيئا بعيدا عن الدين الاسلامى وما هو إلا شىء من الدين الاسلامى ، ذلك الذى يعرضونه علينا ،ولعل ذلك ينطبق على قوله تعالىعن لسان سليمان بن داود عليه السلام

( قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ )

إن أكثر المسلمين لا يعرفون أن العرش الذى تعرضه علينا أووروبا معتزة به عرش النهضة الحديثة لا يعرفون أن عرشنا عرش المسلمين ح ذلك العرش الذى كان يتبوأه سلفنا الصالح يجلس عليه ويحكم به العالم قاطبة

ذلك العرش الذى كان يمتلكه المسلمون ايام كانوا مسلمين حقا ، قولا وفعلا ؛ ولكنا لما تركنا السير على تعاليم ديننا ، وأهملنا لجميل عرشنا ن سلبتنا أوروبا غياه ، ثم عرضته بعد ذلك علينا ، وليس قصدها من ذلك أن نأخذ به ونسترد مجده بل النقر لهم بالغلبة ، ونعترف بالهزيمة ، ونشهد لهم بالفوز

إن المنكر الذى نكرت به أوروبا العرش الاسلامى بدل كثيرا من أصول أحكامه ، وشوه أكثر معالمه وحين فعلت ذلك أصبحت كالغراب الذى أراد أن يقلد قفزة العصفور ، فنسى مشيته ، وأصبح يخلط بين هذه وتلك ، والتاريخ يروى لنا كيف ان خروج الحكومات الأوروبية عن الكنيسة هو الذى أتاح لها فرصة هذا التقاليد الذى رفعها الشىء الكثير

إن الدول الأوربية تعترف بعظمة التشريع الاسلامى ولا تستطيع أن تنكر ذلك ، ولكنها رغم أخذها منه الشىء الكثير وأضافة بعض القوانين الوثنية اليه ، تدعى أن فى القانون الجنائى من الدين الاسلامىوحشية ، وذلك لأنه يأمر باعدام القاتل ، ورجم الزانى المحصن ، وقطع يد السارق . . . ألخ

فسلهم إن كان أعتراضهم صحيحا ، فهل استغنت أمةمسيحية عن قتل القتلة والقصاص منهم ? ثم سلهم ما الذى اتخذتموه إزاء تفشى الزنا فى جميع بقاع العالم ? وما الذى وصفتموه علاجا ناجحا للتخلص من هذا الداء الوبيل الذى أصبح أقبح وصمة فى جبين هذا التمدن الحديث

سيقولون إن الدين المسيحى يأمرهم بالرحمة التى لاحد لها ؛ والتجاوز عن الاشرار الذين فى ترك حبلهم على غابهم إفساد للكون

كأن ربك لم يخلق لخشيته سواهم من جميع الناس إنسانا



ويقول : ( من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا ، ومن اراد أن يخاصمك وياخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ، ومن سخرك ميلا واحدافاذهب معه اثنين ) أنجيل متى إصحاح 40 42 ثم يقولون : إن الزانى المحصن ليست له عندنا عقوبة القتل ، وذلك بدليل ما جاء فى انجيلعم ، أن المسيحعليه السلامأتى له اليهود بامرأة زاينةليقيم عليها حد الرجم ( فلما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلاخطية فليرمها أولا بحجر ) فانصرفوا ( وبقى يسوع وحده والمرأة واقفة فىالوسط ،فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدا سوى المرأة ، فقال لها يا مرأة ، أينهم أولئك المشتكون عليك أما أذانك أحد ، فقالت للا ، لا احد يا سيد فقال لها يسوع ، ولا أنا أدينك ) أنجيل يوحنا إصحاح 8من 2-12

ومن هذا يقول المسيحييون أو تقول الدول المسيحية بعدم قتل الزانى المحصن ورجمه ، ويعبدون هذا فى التشريع الاسلامى توحشا ، ولكنهم جهلوا أن الزنا هو أصل الفساد فى الأرضى ، وهم يدعون محاربة الرقيق وهم أنفسهم يشرعون الزنا ويحنون الزناة ، وهو منتهى أنواع التوحش ، وأقصى درجات الهمجية ، وبعد شىء عن الانسانية

إن رجم الزانى المحصن واجب كل الوجوب ، وهو أمر يجب أن تسير عليه جميع دول العالم ليتسنى لها أن تتطهر من هذا الشعر المسطير الذى لا يكاد يخلو منه مكان فى الكرة الأرضية
إننى أعلم أن العماء المشرعين يودون لو يتاح لهم وضع قانون حازم يقضى على هذا الفحش ، ولكنه لا يعرفون الطريق الذى يتخذونه إزاء ذلك أو قل إنهم يتجاهلونه ، ولكن قل لهم أن يعلموا أن خير وسيلة إلى ذلك هو ما شرعه الدين الاسلامى دين الفطرة من رجم الزناة المحصنين حتى الموت وجلد البكر مائة جلدة كقوله تعالى

( الزاينة والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تاخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )

إن القوانين الوضعية لا تعتبر مطلقا علاجا للزنى ، فهى لا تعاقب الزناة بأية عقوبة ما داموا لم يرتكبوا مخالفة عمومية تضر بصالح الغير أثناء ارتكابهما الفحش ، وهبا حكمت عليهم بالسجن ، فالسجن برهن على عدم صلاحيته لابطال هذه الجريمة الشنعاء ، بل عجر كل العجز على تخفيفها .

يتكلمون عن البغاء الرسمى وعن ضرورةغلغائه أو عدم إلغائه وتحسبون أنهم يتكلمون فى موضوع الزنا ويشرعون له ، ألا فليعلموا أن فى انجلترا التى تحرم البغاء الرسمى من الزنا بمقدار ما فى فرنسا مثلا ، وهى التى يبيحه قانونها ، فهلا يتركون هذا الهرءا ويعلمون أنالزناة معاول فساد تهدم صروح الانسانية وتقوض دعائمها تجب أزالتهم من الكرة الأرضية ويجب التمثيل بهم ليتطهر العالم من جراثيم الفساد ويسلم من أصول العلل والأمراض

يجب ان ينفذ حكم الشرع الشريف فيما يتخص بالزنا الذى نتكلم عليه ؛ ويب أن يعلم العالم أن هذا الحكم هو خير الوسائل للتخلص من أشباح تلك الفحشاء

ليست هذه وحشية بل هذا هو العدل وهذا هو الصواب – إذ يجب أن نفدى سعادة هذا العالم ببضعة حشرات فى تركها خراب له : وفى إهمالها تنغيص لعيشه وحرمات لرايته

ألم يذكر فى أنجيل متى الاصحاح الخامس قول المشيخ ( قد سمعتم أنه قيل للدماء لا تزن وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنا بها فى قلبه فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألها عنك لأنه خير لك ان يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله فى جهنم )

ولو أن هذا مناقض كل المناقضة لما سبق سرده من أقول المسيح فى الأناجيل نفسها ولكنه يعطينا فكرة عن كون القصاص واجبا ، ولقد قال سبحانه وتعالى ( ولكم فى القصاص حياة )

إن قانون الدين اسلامى سائر بحمد الله ون لم يكن سائر فسيسير ويسير لأضرب لك مثلا من القانونى الاسلامى العليا ، إحدى الجرائم جريمة الزنا ، فهل استطاع قانون فى العالم أن يسـتأصلها كما أستأصلها الدين الاسلامى ? وكيف يرتكب هذا الفحش إنسان يعتقد أن حياته فى مقابلة ورحمة هو سيلة التكفير عنه

إن هذا الفحش همجية هوجاء ، ووحشية شنعاء ، أعراض تنتهك فى الطرقات ، ونفوس تباع وتشترى فى المنتديات ، لطخت قذارة الفحش بلاد العالم ووصمت جبينه وصمة الذل والعار
قال تعالى (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

وهل يجهل إنسان ما تسببه جريمة السرقة من اضطراب الأمن ،وما تولده من تزعزع الثقة بين الناس ولا يزال العالم يعانى من جرائها الويل ؛ ويقاسى من استفحال أمرها أشد الأهوال ومازالت القوانين الوضعية عاجزة عن الضرب على أيدى العابثين غير قادرة على استئصال هذا الشر من بين الناس

تعالى معى نبحث ما شرعه العالم علاجا لهذا الداء وما وشعه عقابا لمقترفى ذلك الأثم لنرى مبلغه من التأثير ومقدار فعله فى المجرمين

جعلت القوانين الوضعية السجن رادعا للسارق على وجه العموم فهل قلت الشرقة ? وهل توارى السارقون ? وهل ارتدع المجرمون عن اقتراف هذه الجريمة الشنعاء ? لم يحدث شىء من هذا ! بل لازالت الناس غير آمنة على مالها ، معرضة لأن يسرق الأشارا أموالها ، ولا تزال السجون تكتظ بالأشارا وتملأها المجرمون وذلك لأن السجن ليس بالعقاب الرادع ولا هو بالعلاج الشافى من هذا الأثم المبين ! !

يسرق المجرم وقد يكون حديث عهد بالأجرام ، وقد يكون ذلك أول عهد بالسرقة ، فيقبض عليه ويزج فى أعماق السجون ، ثم تمضى مدة العقوبة ، فيخرج من حبسه أكثر دراية بفنون السرقة ، أشد خطرا على الناس ، وما ذلك إلا أنه تعلم فى سجنه فنون الأجرام ودرس أساليت السرقة على أكمل أساتدتها وعرف كيف يضلل بالشرطة , وكيف يخفى معالم الجريمة يتخذ من ضعف القانون وسيلة للخلاص من العقاب ، وطريقا تصعب فيه إثبات التهمى عليه

فالسجن ليم كين وقتا من الأوقات علاجا للسرقة ورادعا للسارقين ، بل هو كلية جامعة ومدرسة خطيرة الشأن ، ومعهد أنشأته الحكومات ليخرج لنا بين حين وآخر أشرار لا قبل لنا بهم ؛ وجرائم قتاكة ، لا تعرف سبيل التخلص منها ، وإلا فهل يطرق نفسك شك فى مقدار دراية شخص دخل كلية السجن وقضى فيها سنتين مثلا أو أربعة ، داخلية مقيما ابدا حاصرا أفكاره فى هذه الجريمة مخالطا أستاتذتها آخذا على أساطينها أصول هذا الفن الخطير

هذا القانون ناقص ! ! بل هو خلط وعبث وقد اتخذه العالم خلطا كذلك علاجا لهذا الجرم الكبير – ولعل دليلنا على ذلك استفحاله واستهانة المجرمين به وانتشاره فى العالم انتشارا يهدده بالخطري العظيم

ولكننا إذا نظرنا إلى التشريع الاسلامى بشأن هذه الجريمة وجدناه خير علاج لها ، وخير وسيلة للضرب على أيدى العابثين والتخلص من شرورهم ، وإن كانت البلشفية خطرا يهدد نظام العالم وفوضى تعرض اموال النا س ومالهم للضياع ، فجريمة السرقة أشد ويلا وأكبر مصيبة تقتل الثقة بين الناس وتسلب منهم الطمأنينة

إن الدين الاسلامى لا ينص مطلقا على سجن السارق للأسباب التى بيناها آنفا ، ويحرص على عدم وضعه فى كليات الأجرام حتىلا تتسنى له دراستها ، ولا تتح له معرفة فنونها ، بل يوق مشرعا ( والسارق والسارقة فاقطعو أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )

وإن كان الأصل فى التشريع الجنائى هو الردع فما بالهم يسنون للصوص السجن ويعرفون بين السرقات فيجعلون لسارق الطعام الغرامة ، وللسارق العادى السجن خمس سنوات ، ثم يجعلون للسرقة بالاكراه جزاء الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما ، وإ، سارق الرغيف إذا تجاونا عن ذنبه فسيضحى بعد ذلك من أشد المجرمين خطرا ، وأكثرهم إجراما ، ولقد أثبت علم النفس ما يسمى ( بالخلق الاجرامى ) الذى يعسر علاجه او لا ينغل إلا الحكم الرادع والعقاب الزاجر

إذا نظرنا فى ( جفتر أحوال ) السارقين فاننا نجد لكل منهم عشرات السوابق مثلتها ؛ وذلك لما بيناه ، ثم إننا نجد الذين يرتكبون جرائم السرقة ولم يضبطوا اكثر من الذين وقعوا فى أيدى الشرطة أضعافا مضاعفة لاستهتارهم واستهانتهم بها ، ولقد سمعنا ونسمع قول اللصوص حينما يضبطوا ويساقون إلى السجن *( السجن للرجال )* فهل يحدث مثل ذلك إذاعملنا بالتشريع الاسلامى إن ناموس ديننا لا يترك للسارق غير فرصة واحدة تقطع فيها يده التى هى الآداة الوحيدة للسرقة ، فإذا سرق وقطعت إحدى يديه فلن يسرق بعدها أبدا ، وأما الذى يستدعى الأمر لقطع يده الأخرى فهذا من الخطر بحيق يفضل قتله ويستحسن الخلاص من شره

والناس إذا رأوا مقطوع اليد فلن تحدثهم نفسه بالتشبه به وسوف يفرون من السرقة فراراهم من الموت ، وسوف لا يجرأ أحدهم علىارتكابها ولو تأكد أنه بعيد عن أعين الناس وذلك أن اليد المقطوعة لن تبرح ذهنه وسكون خيالها دائما أبدا حائلا بينه وبين هذاالآثم المبين

ولقد برهن التشريع الاسلامى قرونا طويلة على أنه خير قانون وضع للانساية ولازالت اليوم آثاره المجيدة مائلة أمامنا ، ولك أن تقارن بين الماضى واليوم فى عدد الجرائم فى أىة بقعة من بقاع العالم المختلفة لترى الفارق العظيم بين المن المطلق فى العهود الماضية والفوضى الاجتماعية فى عصورنا الحاضرة ولا نهاية لخطرها قال تعالى : ( أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا )

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 02, 2021 3:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112


أى القوانين أصلح للعالم والامم

الشريعة الاسلام أم قانون يؤخذ من القوانين الغربية ؟



من البحوث التى أسلفناها والتى أثبتنا فيها بحق أن العالم لا يصلح ولن يصلح إلا إذا سار على مبادىء شريعة الاسلام لأن الشرائع دونها فوضى وفيها قلب لنظام العالم اجمع

هل يشك منصف فى أن شريعة الاسلام هى الشريعة التى إنما داءت لاسعاد اليشرية ?

هل يرتاب عاقل فى أن الشريعة الاسلامية ليست غنية بمادئها وقوانيها ونظمها وبرامجها

أحسن إنما يعرف عن شريعة اسلام لا يدع ريبة لمرتاب فى أنها الدين الصالح لكل مكان وزمان جاء فى كتبا الاستاذ الخطيب قوله : إن الشريعة الاسلامية نية بأصولها العادلة تروى بمادئها السامية وان فيها عدا لأحكامالصريحة المبثوثة فى الكتبا الكريم وما صح من حديث الرسول من القواعد الكلية والمبادىء التشريعية ما يصح أن يجعل أساسافيها لوضع قانون إسلامى يفى بحاجة العصر الحديث وما جد فيه من طرق المعاملات وسائر الشئون ولن يصل ما دمنا مخلصين لله فى غايتنا ، وارى خير طريق لذلك أن نتدرع بالشجاعة الدبية فيبرز علماؤنا وينادوا بهذا الرآى عند ذلك يجب تكوين لجنةمن خيارالمسلمين يراعى فى أفراداهم الرسوخ فى العلم والاحاطة بأحكام الفروع مع فقه فى نفس الواقع ومعرفة باحوال الناس ويضم إليهم اعلام القانون فى فروعه المحتلفة ومتى تم التكوين على هذا النحو امدت اللجنة بالنفقات اللازمة وحب عليها أن تنظر فى أبوا بالفقه الاسلامى كله فما نص علىحكمه بنص قطعى فى الكتاب أوالسنة وحب احترامه والتسليم به وما عدا ذلك يجب إقراره ووضع أحكامه بالاعتمادعلى المصالح المرسلة وتطبيق مبدأ العدالة والمساواةا العامى مع الاستئناس بآراء أئمة الفقه السابقين ومراعاة ما يوائم حالتنا الاجتماعية ،ومن جد وجد ومن سار على الدرب وصل والله لا يضيع أجر المصلحين

ويقول فى مبحث مزايا التشريع الاسلامى ومميزاته

8 – ومنالمميزات أنها شريعة العقل ومصباح الفطرة التى نظر الله الناس عليها ، وفهى رحمة وحكمة ومصلحة ولعمه ، قال ابن قيم الجوزية فى كتبا الطرق الحكمية ( ومن له ذوق فى الشريعة وادلاع على كمالاتها وأنها لغاية مصالح العباد فى المعاش والمعاد ومجيئها بغاية العدل الذى يفصل بين الخلائق وأنه لا عدل فوق عدلها وأنه لا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح وعرف أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها وأن من له معرف بمقاصدها ووضعها مواضعها وحسن فهمه فيها لم يجتج معها إلى سياسة غيرها ألبته

قال العلامة الأستاذ محمد فري وجدى ( الأمور الشرعية الت دونها الفقهاء المسلمون قبل نحو أحد عشر قرناتترقى عدالة أصولها وسمو مستواها واتفاقها مع الحق الطبيعى جميع القوانين الوضعية حتىالتىسنت فى القرن العشرين ثم قال :

( إن من يتأمل فى التشريع الذى استنبطه علماء المسلمين فى الرق والأرقاء وفى المرأة وما يتعلق بها من حقوق طبيعية وروحية وفى الأيتام والفقراء وحقوق المحاربين والمعاهدين والأجانب والذميين وفى الشئون المدنية والجنائية وفىالعقوبات والتعزيزات الخ من يتأمل فى خذا كله يجد تفوقا ظاهرا فى التشريع الاسلامى على التشريع الأوروقى فى القرن العشرين

بعده


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( حسن محمد قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 04, 2021 10:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6112

موقف القضاء الاسلامى فى عقوبة

الشخاص الذين يؤلفون تقديم مصادرة هذه الكتب
كتبا أو يوزعون نشرات تطعن وإحراقها وإتلافها على إتلاف آلات
فى الدين الاسلامى وتمس كرامته اللهو والمعارف وآنية الخمر

أحاط القضاء الاسلامى بكل ضروب السعادة فلم يترك كبيرة ولا صغيرة من ضروب الاصلاح والتقويم إلا أحصاها وسوف ترى فيما سيتلى عليك كيف أمسكن للاسلام أن يحل مشاكل الاجتماع بكل حكمة ورصانة ، يقول ابن القيم فى الطرق الحكيمة 254 : - قال المروزى قلت أحمد استعرت كتابا فيه أشياء رديئة ترى أن أحرفه أو أحرقه قال نعم وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة وأعجبه موافقته للقرآن فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه فكيف نو رأى النبى صلى الله عليه وسلم ما صنف بعده من الكتب التى يعارض بها ما فى القرآن والسنة والله المستعان

وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم من كتب عنه شيئا غير القرآن أن يمحوه ثم أذن فىكتابه سنته ولم يأذن فى غير ذلك وكل هذاالكتب المتضمنة لمخالفة السنة غير مأذون فيها بل مأذون فىمحقها وإتلافها وما على الأمر أضر منها وقد حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لما خافوا على الأمة من الاختلاف فكيف لو رأوا هذه الكتب التىأوقعت الخلاف بين الأمة والتفرق

وقال الخلال اخبرنىمحمد بنأبىهارون أن أبا الحارث حدثهم قال قال أبو عبد الله أهلكهم وضع الكتب تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم واقبلوا على الكلام وقال اخبرنى محمد بن أحمد بن واصل المقرى قال سمعت ابا عبد الله وسئل عن الرأى فرفع صوته وقال لا يثبت شىء من الرأى عليكم بالقرىن والحديث والآثار وقال فى رواية ابن مشيش إن أبا عبد الله سأله رجل فقال اكتب الرأى فقال ما تصنع بالرأى عليك بالسنن فتعلهمه وعليك بالأحاديث المعروفة ، وقال عبد الله سمعت أبىيقول هذه الكتب بدعة وضعها ، وقال اسحق بن منصور سمعت أبا عبد الله يقول لا يعجبنى شىء من وضع الكتب شيئا من الكتب فهو مبتدع

وقال المروزى حدثنا محمد بن أبىبكر المقدمى حدثنا حماد بن زيد قال قال لىابن عونيا حماد هذه الكتب تضل ، وقال الميمونى ذاكرتأبا عبد الله خطأ الناس فى العلم فقال وأى الناس لا يخطىء ولاسيما من وضع الكتب وأكثر خطأ ،وقال اسحق سمعت أبا عبد الله وسأله قوم من اردبيل عن رجل يقال له عبد الرحيم وضع كتابا فقال له أبو عبد الله هل أحد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا أحد منالتابعين وأغلظ وشدد فى وقال انهو الناس عنه وعليكم بالحديث وقال فى رواية ابن الحارث ما كتبت من هذه الكتب الموضوعة شيئا قط وقال ومحمد بن زيد المستعلى سأل أحمد رجل فقال اكبت الرأى قال لا تفعل عليك بالحديث والآثار فقال السائل إن بان المبارك قد كتبها فقال له أحمد ابن المبارك لم ينزل من السماء غنما أمرنا أننأخذ العلم من فوق

وقال عبد الله بن احمد سمعت أبى وذكر وضع الكتب فقال أكرها هذا أبو فلان وضع كتاب فجاء ابو فلان فوضع كتابا وجاء فلان فوضع كتابا فهذا لا انقضاء له كلما جاء رجل وضع كتابا وهذه الكتب وضعها بدعة كلما جاء رجل وضع كتابا وترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليس إلا الاتباع والسننو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعاب وضع الكتب وكرها كراهة شديدة وقال المروزى قال أبو عبد الله يصعون البدع فىكتبهم إنما أحذر عنها أشد التحذير قلت إنهم يحتجون بما لك أنه وضع كتابا فقال أبو عبد الله هذا ابن عون والتيمى ويونس وأيوب هلى وضعوا كتابا هل كان فى الدنيا مثل هؤلاء وكانابن سيرين وأصحابه لا يكتبون الحديث فكيف الرأى وكلام أحمد فى هذا كثير جدا قد ذكره الخلال فى كتاب العلم ، ومسألة وضع الكتب فيها تفصيل ليس هذا موضعه وإنما كره أحمد موضوعات ( العلم الجنائى ) هذا العلم الذى ينظم إيقاع العقاب على من يخالف أمر القانون أو نهيه

إن أهمية هذا العلم وخطره يظهران واضحين فى نتيجته الضرورية وهى الحكم بالعقوبة على من تثبت جريمته عقوبة تحرم المتهم المقرر تجريمه أقدس حقوقه – من ماله وحريته بل من حياته أيضا

لقد تعاقب على أصول التحقيق الجنائى فى أوربا أسلوبان أصليان يعرف أولهما بالأسلوب (الادعائى ) وثانيها بالأسلوب ( التحقيفى ) ظل الاسلوب الادعائى سائدا فى أوروبا حتى القرن الخامس عشر ومن مقتضاه أن يرجع القاضى عند عدم اقتناعه بالشهادات المسرودة أمامه وصراره المتهم على إنكار الجرم إلى ما يسمونه ( حكم الله ) ليفصل بين المتداعيين ، أما حكم الله فقد كان يتجلى للقاضى بالمصارعة والماء المغلى والكى بالنار

ثم أحلوا الاسلوب التحقيقى محل الاسلوب الادعائى حوالى القرن الخامس عشر الميلاد – فكان التحيقيق يجرى فيه بين جدران خرساء وفى خلوات متتابعة بين حكم مجرب يميل بحكم العادة المسلكية إلى أن يرى فىالظنين مجرما ، وظنين عاجز عن الدفاع مضطهد فى السجن ومستعد للأدلاء بافادات ضارة فاضحة وكان قضاة هذا الاسلوب ، حينما لا يظفرون بعد صفحات التحقيق المختلفة بادلة كاتبة لأخذ المتهم ،وبكلمة اصح ، حينما لا يظفرون بشىء ده ، يأمرون بسوق المسكين غلى حجرة التعذيب للحصول على اعترافه ، وعلىما فى هذا الأسلو الاستنطاقى من قسوة ووحشية ، فقد كان يظهر للأوربيين طبيعيا جدا وضروريا ،حتىإنهم كانوا يطلقون عليه اسم ( المسالة القضائية )

ويذكر الاستاذ ( جارو ) هذه الاصول فى موجزه ( الاصول الجنائية جزء 1 فقره 23 ) فيقول: ومع أن استعمال التعذيب كان عاما ، فان طرق استعماله كانت مختلفة باختلاف البلاد والبرلمانات وبينماكان التعذيب بالماء والآلات المخصصة لتعذيب المتهم فىأعضائه السفلى جاريا ومقبولا فى اجتهاد منطقة برلمان ( باريز ) فقد كانوا فى منطقة ( بريطانيا ) يستعملون التعذيب بالنار
ويصور الكاتب الفرنسى الكبير ( ميشيل زيفاكو ) كيف كان يجرى التحقيق الجنائى فى عهد فرانسو الأول ( 1494 – 1547 ) فيقول ( .. فاذا عرض إبهام وغموض فى إحدى القضايا أمر القاضيان بأن يساق المتهم إلى حجرة التعذيب ، وإذ ذاك لا تنقضى عشر دقائق حتىيقول أحد القاضيين ، لقد برح الخفاء وظهر المستور ، فيقول رقيقه آمين ؛ وذكل أنالمتهم المسكين إذا ألقى إلى معاناة التعذيب والتنكيل يقر بكل ما يريدون االاقرار به ، وقد يعترف بعضهم بذنوب لا يصورها إلا الخيال او هى فوق الامكان كاقرار المتهمين بأنهم يراسلون الشياطين أو يحمون مردة الجن – أو يطيرون فى الهوءا )

ظل هذا التشريع فى أصول التحقيق يظلم الأوربيين ويعذبهم أعواما وقرونا طويلة لم يفكروا خلالها فى تغييره أو مقاومته ، وكيف يفكرون فى ذلك وهم يعتبرون ان قسوته وإجحافه من الشدة الضرورية إلى أن جاءت الثورة الفرنسية 1789 وأعلنت حقوق الانسان عندما فقط عمد رجال العقل والفكر فى الجميعة التأسيسية إلى إصلاح مفاسد الحقوق المرعية بوجه عام – والحقوق الجنائية بوجه خاص – فنجحوا فى ذلك نجاحا عظيما

وتلك هى أصول التحقيق الجنائى فى أوربا بقيت حتى الثورة الفرنسية وفيها ما فيها من بشاعة وظلم يوقع فى أنواع من الفوضى والفساد ، واساليب فظة غليظة لا تلائم سياسة الأمم بالعدل ولا توافق حال العمران – وإنما تكشف عن مبلغ ما كان يسود أوروبا حتى سنة 1789 من جهل وغباوة وظلم وفساد

بعده



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 186 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11 ... 13  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط