مصر ترمم القباب الفاطمية بأسوان في اتجاه تحويل المدينة إلى بانوراما تاريخية
تضم 55 قبة متنوعة تؤرخ للحضارة الإسلامية
نظرا لأهمية القباب الفاطمية جاء تفكير المجلس الأعلى للآثار في ترميم 55 قبة فاطمية بمحافظة أسوان («الشرق الاوسط»)
أسوان (جنوب مصر): وليد عبد الرحمن
تتميز القباب الفاطمية في جنوب مصر، التي تتنوع في شكلها وطرز بنائها، عن مثيلاتها من القباب المنتشرة في باقي محافظات مصر بأنها تحكي جزءا من تاريخ الفتوحات الإسلامية جنوب البلاد.

ونظرا لأهمية القباب الفاطمية وعلى خلفية أعمال التوثيق وعمليات الترميم التي تعكف عليها مصر للحفاظ على آثارها التاريخية، جاء تفكير المجلس الأعلى للآثار في ترميم 55 قبة فاطمية بمحافظة أسوان تنوعت بين المقابر والجبانات والأفنية والفسقيات.
لعل أهم ما يميز القباب الفاطمية في صعيد مصر، وفي محافظة أسوان خاصة، عن غيرها من القباب في العالم الإسلامي، هو ظهور ما يعرف بـ«القرون»، وهي تقابل أوجه الأضلاع الثمانية للقبة من الخارج. ولقد أجمع عدد من الأثريين على أن العدد الكلي للمقابر الموجودة في جنوب مصر لا يزال مجهولا، لكنها على أي حال تمثل سجلا رائعا ذا إمكانيات بحثية كبيرة يمكن من خلالها، بشكل دقيق، تحليل ودراسة التاريخ الاجتماعي والثقافي والديني للمنطقة من خلال الفترة المتوسطة في ما بين نهايات العصور القديمة وحتى العصور الوسطى.
«الجبانات الفاطمية في جنوب مصر تنقسم إلى قسمين: الجبانة القبلية، والجبانة البحرية، ولقد بدأ العمل في الجبانة القبلية على طريق خزان أسوان، وتم عمل المسح الجيولوجي لمناطق القباب والرفع الأثري للآثار الموجودة في المنطقة. وتم العمل في الجبانة على عدة مراحل، تتضمن المرحلة الأولى استكمال السور المحيط بالجبانة، ويجري في المرحلة الثانية استكمال بعض القباب الفاطمية المتهدمة (الخوزات) وترميم بعض الجدران المتهالكة والكشف على أساسات بعض القباب، وحصر جميع القباب (الأفنية) والفسقيات (المقابر الصندوقية) للوقوف على ترميمها». وأردف: «ويشمل المشروع مجموعة القباب الموجودة من داخل سور الجبانة الفاطمية والمقابر الصندوقية وباقي القباب التي تقع شمالي متحف النوبة. أما بالنسبة للجبانة البحرية التي تشمل منطقة العناني، وهي مجموعة من القباب الفاطمية التي رممتها حديثا لجنة حفظ الآثار، فموجودة ضمن مجموعتين؛ لكل مجموعة سور مستقل».
من ناحية أخرى، أرجع الأثري حسن جبر تاريخ الجبانة الفاطمية في جنوب مصر إلى بدايات العصر الإسلامي؛ إذ يؤرخ بها أقدم شاهد قبر إسلامي يحمل اسم «عبد الرحمن الحجري» ويحفظ حاليا في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. وفي ما يخص القباب الفاطمية، يشرح جبر قائلا: «يرجع تاريخ القباب الموجودة في الجبانة الفاطمية إلى القرن الرابع الهجري، وتتنوع هذه القباب من حيث الشكل وطرز البناء؛ إذ إن هناك بعض القباب له ثلاثة أبواب محورية، وبعضها الآخر له باب، وثمة قباب لها بابان. وتتنوع (خوزات) القباب من حيث الحجم والشكل. كما يوجد في بعض القباب عناصر زخرفية من (الجص).. وأيضا النوافذ الصغيرة التي استخدمت في الإضاءة، وهناك بعض العناصر المعمارية الصغيرة التي استخدمت من أجل الزخارف». ويشير جبر إلى أن «أهم ما يميز القباب الفاطمية في جبانة أسوان عن غيرها من القباب في العالم الإسلامي هو ظهور ما يعرف بظاهرة (القرون)، وهي تقابل أوجه الأضلاع الثمانية للقبة من الخارج، وقد وجد في بعض القباب (خوزة) للقبة مباشرة فوق التربيع السفلي من دون مراحل للانتقال، وهي الانتقال من المربع إلى المثمن ثم الرقبة أو (خوزة) القبة، وتعتبر الجبانة الفاطمية أرضا خصبة للدراسة التاريخية والأثرية».
وفي ختام جولتنا، أكد العميد السيد عبد المحسن، السكرتير العام المساعد لمحافظة أسوان، أن مشروع ترميم القباب الفاطمية في جبانة أسوان سيحول منطقة وسط المدينة إلى بانوراما أثرية مفتوحة، تضم المسلة الناقصة، والمتحف النوبي، والمقابر الفاطمية، من أجل إبراز الحضارات المصرية القديمة والإسلامية والقبطية، كنموذج مصري فريد يؤكد تلاقي الحضارات في جنوب مصر.
http://www.aawsat.com/details.asp?issue ... TkAiDd7Ttk