أخى الفاضل حامد الديب
هذا أحدهم محمد حبيب يقر علنا وقبل 30 يونيو أنهم يتبعوا سياسة حافة الهاوية
محمد حبيب٣٠ يونيو.. وسياسة حافة الهاوية
الثلاثاء 25-06-2013 21:30
قيل إن أول من استخدم تعبير «سياسة حافة الهاوية» هو جون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأمريكى إبان منتصف الخمسينات من القرن الماضى.. وتعنى هذه السياسة سلوكا فى العلاقات الدولية يجرى خلاله دفع الأمور بدرجة خطيرة نحو كارثة -تبدو وكأنها حقيقية- بهدف إجبار الطرف الآخر على الجلوس إلى مائدة التفاوض وتقديم أكبر قدر من التنازلات.. وتتطلب لعبة الصعود إلى حافة الهاوية مجموعة من الأمور:
١- امتلاك عناصر قوة حقيقية.
٢-وعى دقيق بقيمة هذه العناصر.
٣- امتلاك مهارة استخدامها وتوظيفها.
٤- حسابات دقيقة للمخاطرة، من حيث الفرص والتهديدات. ٥- استعداد حقيقى لخوض الحرب.
غير أن التلويح باستعمال القوة والتهديد بالحرب، دون استعداد كاف لها، قد يعرض لكارثة.. فقد اعتقد عبدالناصر قبل هزيمة ٦٧ أن التلويح باستخدام القوة ضد الصهاينة قد يكون كافيا لمنع الحرب وتحقيق نصر سياسى.. وقد سأل الرجل المشير عامر عن مدى جهوزية القوات المسلحة، فرد الأخير بإجابة غريبة وعجيبة «برقبتى يا ريس»، إلا أن السؤال والإجابة يعبران بصدق عن مدى العبثية التى كانت تعيشها مصر فى تلك الفترة.. هذا فى الوقت الذى كان فيه الصهاينة يسعون -بتنسيق وتعاون أمريكى- لاستدراجه لحرب حقيقية جرى الإعداد والتخطيط لها على مدى سنوات للإجهاز عليه فى عملية سريعة وخاطفة.. وقد كان الاسم الكودى لها «عملية اصطياد الديك الرومى».
وكما أن سياسة حافة الهاوية تستخدم على مستوى الدول، فهى تستخدم أيضاً على مستوى الجماعات والأفراد.. وأحسب أن هذه السياسة بدأ مؤيدو «مرسى» فى تطبيقها فى مواجهة معارضيه، حتى يبدو الأمر وكأن صداما كارثيا سوف يقع بين الطرفين يوم ٣٠ يونيو الجارى، وأنه لن يكون فيه منتصر ومهزوم، بل الكل سيكون مهزوما.. فالحشد الكبير الذى تجمع يوم الجمعة الماضى فى ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر تحت لافتة «لا للعنف»، كان استعراضا للقوة، وكانت الخطب فيه نارية، والتهديدات بالسحق للمعارضة ظاهرة وبارزة.. كان واضحا أن الهدف من وراء ذلك إلقاء الرعب والخوف فى قلوب المعارضين، على الأقل حتى يقبلوا بالتفاوض، وبالتالى التنازل عن بعض مطالبهم والالتقاء عند نقط وسط.. أو يتدخل طرف ثالث (القوات المسلحة مثلا)، يعمل على تقريب وجهتى النظر، وتجنيب البلاد خطرا داهما.. وكان الهدف أيضاً رسالة للإدارة الأمريكية، وللخارج بشكل عام، بأن الطرف الأقوى هو المؤيد للدكتور مرسى.. ومن عجب أن الأخير فى كلمته خلال احتفال اتحاد المهندسين العرب بعامه الخمسين فى مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات بمدينة نصر يوم السبت ٢٢ يونيو، أشاد بتظاهرة مؤيديه ووصفها بالحضارية، بالرغم مما قيل فيها من تجاوزات وتحريض على العنف.
من ناحية أخرى، دلت تظاهرة الجمعة على خوف وقلق وتوتر من قوة المعارضين الذين يطالبون بسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. فقد بلغ عدد من وقع على استمارة «تمرد» أكثر من ١٥ مليونا، وهو رقم يتجاوز عدد ما حصل عليه الدكتور مرسى فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.
أحسب أن احتشاد المؤيدين للدكتور مرسى لم يحقق هدفه المرجو، بل إنه حفز المعارضين للاحتشاد أمام قصر الاتحادية فى ٣٠ يونيو.. ومع أن المعارضين أكدوا على سلمية الاحتشاد، فإن ذلك ربما لا يمنع من وجود عنف، ولو على هامش الاحتشاد.. ولا شك أن خروج الجماهير فى ذلك اليوم بالملايين هو الضمانة الأكيدة لعدم حدوث أى عنف.. وبخلاف المؤيدين، أعتقد أن المعارضين للدكتور مرسى لا ينتهجون «سياسة حافة الهاوية».. هم لا يثقون فى السلطة ومؤيديها، وأصبح لديهم يقين أن تجربة الإسلاميين فى الحكم طوال العام المنصرم يجب أن تنتهى، إلا إذا أراد الشعب شيئا آخر.. تجربة الإسلاميين أثبتت فشلا فى تجسير الثقة مع الجماعة الوطنية.. بل إنها أدت إلى انقسام وتشرذم على المستوى المجتمعى، واحتراب أهلى، وقتل وعنف وانتهاكات بشعة لحقوق الإنسان.. فضلا عن ذلك، فالتجربة لم تحرز أى تقدم سواء فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية أو العدالة الاجتماعية أو هيكلة وزارة الداخلية، أو تحقيق الاستقرار السياسى، أو الخروج من الأزمة الاقتصادية.. الخ، بل إن ما تعهد به الدكتور مرسى لم يلتزم بشىء منه، وظهر الارتباك والتخبط واضحا فى طريقة الإدارة، وفى أسلوب التعامل مع المشكلات الكبرى (مشكلة سد النهضة الإثيوبى على سبيل المثال)، وبالتالى يرى المعارضون أنه لا مناص من انتخابات رئاسية مبكرة.
ومع اقتراب يوم ٣٠ يونيو، يزداد القلق والتوتر والاحتقان.. بدأنا نشهد بعض مظاهر العنف؛ فى الفيوم، والمحلة، والجيزة، وأماكن أخرى.. وهو ما دفع الفريق أول السيسى (الطرف الثالث) لإصدار تصريحات قوية وحاسمة يوم الأحد ٢٣ يونيو، منوها إلى أن حالة الانقسام داخل المجتمع واستمرارها خطر على الدولة، وتهدد الأمن القومى المصرى، وأن القوات المسلحة لن تظل صامتة أمام انزلاق البلاد فى صراع يصعب السيطرة عليه، وأنه ليس من المروءة الصمت أمام تخويف وترويع المصريين.. الخ. وتابع الفريق السيسى: إن الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هى إساءة للوطنية المصرية، ولن تقف القوات المسلحة صامتة بعد الآن على أى إساءة قادمة توجه للجيش.. ودعا الرجل الجميع لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية شعب مصر، ولدينا من الوقت أسبوع يمكن أن يتحقق خلاله الكثير.http://www.elwatannews.com/news/details/209948