موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: متن: كنه ما لابد للمريد منه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 20, 2007 7:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد العز الشامخ والمجد الباذخ والنور الطامح والحق الواضح ميم المملكة وحاء الرحمة وميم العلم ودال الدلالة وألف الذات وحاء الرحموت وميم الملكوت ودال الهداية وجيم الجبروت ولام الألطاف الخفية وراء الرأفة الحقية ونون المنن وعين العناية وكاف الكفاية وياء السيادة وسين السعادة ةقاف القربة وطاء السلطنة وهاء العروة وواو الوثقى وصاد العصمة.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ثم أما بعد: فإني أقدم لأحباب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم درة غالية، وزهرة عاطرة، ألا وهي رسالة كنه ما لابد للمريد منه لسيدنا ومولانا الشيخ الأكبر رضي الله عنه، واخترت هذه الرسالة القيمة لعدة أسباب منها:-
1- سهولة الرسالة، حيث أنها إجابة لأحد المريدين.
2- أن هذه الرسالة كانت سبباً بالنسبة لي للدفاع عن الشيخ رضي الله عنه، فمنذ عدة سنوات حاول الكثير من المتمسلفة أن يناظروني أو بحسب فهمهم( محاولة هدايتي وإخراجي من الشرك)، وكانت صولات وجولات ولولا خشية الإطالة لأضحكتكم ، المقصد والمهم أنني قد أقنعت -بفضل الله سبحانه- ومن خلال هذه الرسالة إثنان من المتمسلفة وتوقفوا فعلاً عن تكفير الشيخ ولله الحمد والمنة...

نص متن كنه ما لابد للمريد منه

قال الشيخ الأكبر والنور الأبهر والكبريت الأحمر محيي الدين أبو عبد الله محمد بن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي رضي الله عنه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
سألت أيها المريد عن كنه ما لابد للمريد منه ، فأجبتك في هذه الأوراق ، والله الموفق لا رب غيره.
أعلم أيها المريد وفقك الله وإيانا لطاعته واستعملنا وإياك بما يرضيه، أن القرب من الله لا يعلم إلا بتعريفه إيانا بذلك، وقد فعل ذلك ولله الحمد والشكر، فأرسل الرسل وأنزل الكتب وأوضح السبل الموصلة إلى السعادة الأبدية، فآمنا وصدقنا ، وما بقى إلا إستعمال فيما وقع به الإيمان من الأعمال وتقرر في نفوس المؤمنين من وضع الشرع في محله.
ثم يجب عليك أيها المريد توحيد خالقك وتنزيهه عن ما لا يجوز عليه سبحانه وتعالى.
فأما توحيده، فلو ثم إله ثان مع الله لامتنع وقوع الفعل من الألهين، لأختلاف الإرادات وجوداً وتقديراً وفسد النظام ، وذلك قوله تعالى: ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا..)
ولا تسل ياأخي بمن أشرك، ولا تحتاج إلى إقامة دليل على الحدانية والأحدية، فإن المشرك قد أثبت وجود الحق تعالى معك وزاد عليك بالشريك فعليه الدليل على ما زاد.
ويكفيك هذا في التوحيد فإن الوقت عزيز والعقد سالم.
والمخالف لا عين له موجودة، والحمد لله.
وأما تنزيهه ، فهو آكد عليك ، من أجل المشبهة والمجسمة الظاهرين في هذا الزمان، فاعقد على قوله: (ليس كمثله شيء...) وحسبك هذا.
فكل وصف يناقض هذه الآية مردود، ولا تزد ولا تبرح من هذا الموطن.
لذلك جاء في السنة ( كان الله ولا شيء معه..) تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا.
وكل آية وحديث يوهم التشبيه مما يعطيه كلام العرب، أو كلام من أنزل عليه بشيء من الوحي والتبليغ فيجب عليك الإيمان به، على حد ما يعلمه الله تعالى وما أنزله ، لا على ما تتوهمه واصرف علم ذلك إلى الله.
ليس بعد (كمثله شيء...)، وما ينزهه منزه إذ قد نزه نفسه بنفسه، وهو أنزه ما ينبغي له.
إنه عز وجل أعظم مما علمت وجهلت.
ثم بعد ذلك ، أيها المريد يجب عليك الإيمان بالرسل، صلوات الله عليهم ، وبما جاءوا به ، وما أخبروا عنه.
ثم حب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ولا سبيل بتجريحهم البتة، ولا الطعن فيهم، ولا تفضل أحد منهم على الآخر إلا بما فضله ربه في كتابه العزيز أو على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
ويجب عليك تعظيم من عظم الله تعالى ورسوله ، ثم التسليم لأهل هذه الطريق فيما يحكى عنهم من الحكايات، وكل ما ترى منهم مما لا يسع العقل ولا العلم.
وحسن الظن بالناس أجمعين، وسلامة الصدر ، والدعاء للمؤمنين بظهر الغيب، وخدمة الفقراء برؤية الفضل لهم في ذلك حيث ارتضوك خديماً لهم، وحمل كلفهم وأذاهم وجفاهم والصبر على آذاهم.
ومما لا بد منه، الصمت إلا عن ذكر الله تعالى،وتلاوة القرآن الكريم، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير.
ومما لا بد منه، طلب شخص موافق، يعينك على ما أنت بصدده وسبيله فإن (المؤمن بأخيه)
وإياك وصحبة الضد.
ومما لا بد منه، شيخ مرشد ، والصدق شعار المريد، لأنه إذا صدق مع الله تعالى جعل كل شيطان في حقه ملكاً، يرشده إلى الخير ، فإن الصدق هو الأكسير الأعظم ما وضع على شئ إلا قلب عينه.
ومما لا بد منه، البحث عن هذه اللقمة، فأساس هذا الطريق اللقمة الحلال، عليها قام عماد هذا الطريق ولا تثقل على أحد ولا تقبل من أحد وأحترف وتورع في كسبك ونطقك ونظرك وسمعك وفي جميع حركاتك، ولا توسع في ثوب ولا في مسكن، ولا في مأكل ، فإن الحلال قليل لا يحتمل السرف.
واعلم أن النفوس إذا زرع الإنسان الشهوة بها عسر قلعها بعد ذلك، هذا كله لا بد منه.
ومما لا بد منه، قلة الطعام فإن الجوع يورث النشاط في الطاعة ويذهب الكسل، وعليك بتعمير الأوقات في الليل والنهار، فأما الساعات التي دعاك الشرع إليها، وهي الخمسة الأوقات الواجبة عليك ، وباقي فإن كنت صاحب حرفة فأجتهد أن تعمل فيها أياماً مثل البتي بن هارون الرشيد رحمة الله تعالى عليه، ولا تفارق مصلاك بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروبها، بذكر وخشوع وخضوع، ولا يفوتك الوقوف مصلياً من الظهر إلى العصر ومن المغرب إلى العشاء الأخيرة بعشرين ركعة، وحافظ على أربع ركعات أول النهار وقبل الظهر وقبل العصر ،واجعل ولا تترك ثلاثة عشر ركعة،ولا تنم إلا عن غلبة، ولا تأكل إلا عن فاقة، ولا تلبس إلا عن وقاية من حر أو برد، بنية ستر العورة ودفع الأذى القاطع عن عبادة ربك.
وإن كنت ممن يعرف يكتب، فأجعل على نفسك ورداً من القرآن في المصحف، تمسكه في حجرك وتلقي يدك اليسرى تحت المصحف، وتمشي بيدك اليمنى على حروفه وأنت تنظر، وترفع صوتك بحيث تسمع نفسك وترتل القرآن، وتسأل في السورة التي توجب السؤال فيها، وتعتبر في الآية التي فيها الإعتبار ،وتعامل مع كل آية بما يليق بها، وما تدل عليه من تلك الصفات، فانظر ما عندك منها وما فقدت من ذلك ، فاشكره على ما عندك، وما فاتك حصله.
وإذا قرأت وصف المنافقين والكافرين، فانظر هل فيك من تلك الصفات شئ أم لا؟
ومما لا بد منه، محاسبتك نفسك، ومراعاة خواطرك في الأوقات، ثم أشعر الحياء من قلبك من الله تعالى، فإنك إذا استحييت من الله منعت قلبك أن يخطر فيه خاطر يذمه الشرع، أو تتحرك بحركة لا يرتضيها الحق.
ولقد كان لنا شيخ يقيد حركاته في صحيفة، ثم إذا جنه الليل وضعها بين يديه، ثم حاسب نفسه على ما فيها.
وزدت على شيخي بتقييدي خواطري.
ومما لا بد منه، مراعاة الخواطر والأوقات، بأن تنظر في الوقت الذي أنت فيه، وتنظر فيما قال لك الشرع أن تعمل فتعمل، فإن كنت في وقت فرض فأده، أو ندب فبادر إليه، وإن كنت في وقت مباح فاشغل نفسك بما ندبك الحق إليه من الخير على أنواعه، وإذا شرعت في مشروع يعطي قربة، لا تحدث نفسك أن تعيش بعده إلى عمل آخر ، فاجعل ذلك آخر عمل من الدنيا الذي تلقى به ربك، فإذا فعلت هذا خلصت ، ومع الخلاص يكون القبول.
ومما لا بد منه، الجلوس على طهارة دائماً ومتى أحدثت توضأت ، ومتى توضأت صل ركعتين، إلا أن يكون وقت كراهة نهيت عن إيقاع الصلاة فيه،وهي ثلاثة أوقات، عند طلوع الشمس إلى وقت إستوائها، إلا يوم الجمعة،وبعد العصر إلى غروبها.(وغير ذلك..)
ومما لا بد منه، البحث عن مكارم الأخلاق، واتيانها، تعين منها خلقاً، كذلك سوء الأخلاق اجتنبها كلها، واعلم أن من ترك خلقاً كريماً، فإنه على خلق ذميم.
واعلم أن الأخلاق على أصناف، كما هم الخلق على أقسام، فينبغي أن تعرف أي خلق تستعمله، والذي يعم أكثر الأصناف، إيصال الراحة إليهم ودفع الأذى عنهم لكن في رضاء الله تعالى.
واعلم أن الخلق عبيد مسخرون، مجبورون في حركاتهم، ونواصيهم بيد محركهم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أراحنا في هذا المقام، قال:(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
فكل موضوع قال لك الشرع فيه إن شئت أن تنصرف، وإن شئت تركت ،اختر الترك.
أو قال لك إن شئت جازيت، وإن شئت عفوت، فاجنح إلى العفو والصفح وأجرك على الله تعالى.
وإياك أن تقتص لنفسك ممن أساء إليك، فإن الله عز وجل سماها سيئة بالجملة، وإن كانت مما يسوء المقتص منه.
وكل موضع قال لك الشرع اغضب ، فإن لم تغضب فما هو خلق حميد، لأن الغضب لله تعالى من مكارم الأخلاق مع الله تعالى.
وطوبى لمن عامله وصحبه، فسمع الله تعالى يقول :(وإنك لعلى خلق عظيم).
ومما لا بد منه، مجانبة الأضداد ومن ليس من جنيك من غير أن تعتقد فيهم السوء، أو يخطر ذلك في خاطرك، ولكن نية صحبة الحق تعالى وأهله وإيثاره عليهم.
كذلك فعامل هذه الحيوانات بالشفقة عليهم والرحمة بهم لأنهم ممن سخر الله سبحانه لك فلا تحملهم فوق طاقتهم ولا تركب ما تركب منها بطرا.
وباشر كذلك ملك اليمين من الرقيق لأنهم إخوانك قد ملكك الله نواصيهم ليرى كيف تتصرف فيهم ، فأنت عبد له سبحانه وتعالى فما تحب أن يفعله معك ، كذلك بعينه أفعل مع غلمانك وجواريك، فإن الله تعالى يجازيك، وما تحب أن يصرفه عنك من القبيح والسوء ذلك بعينه أفعله معهم ، فالكل عيال الله تعالى وأنت من جملة العيال.
فإن كان لك ولد فعلمه القرآن ، لا لغرض من أغراض الدنيا، وألزمه محافظة آداب الشريعة الإسلامية والأخلاق الدينية، وأحمله على الرفق والزهد من صغره كي يعتادها، ولا تزرع الشهوات في قلبه، وبغض إليه زينة الحياة الدنيا، وما يئول صاحبها من نقص الحظ في الآخرة، وما يئول إليه تاركها من جزيل العطاء في الآخرة.
ولا تعمل ذلك شحاً على درهمك ومالك.
ومما لا بد منه، أن لا تقترب من أبواب السلطان ولا تصاحب المتنافسين في الدنيا فإنهم يأخذون بقلبك عن الله تعالى، فإن اضطرك أمر إلى صحبتهم، فعاملهم بالنصيحة ولا تغشهم فإنك تعامل الحق سبحانه وتعالى.
ومهما فعلت سخروا منك في عموم أحوالك فتوجه إلى الله في تخليصك مما أنت فيه بما هو أحسن لك في دينك.
ومما لا بد منه، الحضور مع الله تعالى في جميع حركاتك وسكناتك، وأوصيك بالإنفاق في السراء والضراء والشدة والرخاء، فإن ذلك دليل على ثقة القلب بما عند الله تعالى ، فإن البخيل جبان يأتيه الشيطان فيمد أمله ويطيل عمره ويقول له: " إن أنفقت مالك هلكت وبقيت مثلة بين أقرانك وأصحابك، بلا شئ فأمسك عليك واستعد إلى نوائب الزمان ولا تغتر بهذا الرخاء الذي أنت فيه، فما تدري ما يحدث الله في العام القابل."، وإن كانت أوقات شدة وضراء فيقول لك:" امسك عليك شيئاً فإنك لا تدري متى تنقضي هذه الشدة ولعل هذا الأمر لا يزداد إلا صعوبة واحفظ على نفسك فما أحد ينفعك إذا لم يبق معك شئ وتتأخر وتثقل على الخلق وتذهب ماء وجهك."
فإذا استمرت هذه الوسوسة على قلب هذا المسكين، أدته إلى الشح والبخل وحالت بينه وبين قوله تعالى:( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه..).
وعندنا في هذا الطريق إذا التحق رجل بأهل الله تعالى ثم بخل فإنه يستبدل مكانه وينزل عن ذلك المقام، من قوله تعالى:(وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه..)، وحال بينه وبين قوله تعالى :( ربنا أطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم..) فضيعوا فقراءهم فماتوا جوعاً، وحالت بينه وبين حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :( أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.) ، وبينه وبين قوله:( إن لله ملكاً في كل يوم ينادي عند الصباح، اللهم أعطي كل منفق خلفاً، وأعط كل ممسك تلفاً) ، وحالت بينه وبين حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أعطي الكنزين فاختار تركهما على أخذهما ، وبين حال أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجميع ماله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( ما أبقيت لأهلك ياأبي بكر)، قال: الله ورسوله، وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله فقال:(ما أبقيت لأهلك؟) ، قال: النصف وتصدقت بالنصف، قال:(ما بينكما كما بين كلمتيكما).
فالإنفاق سبب لإستجلاب الرزق من الرزاق في الدنيا والآخرة، فكل من أمسك فهو لله تعالى متهم وعلى درهمه معتمدوكانت ثقته بدرهمه أعظم من ثقته بربه، وهذا طعن بإيمانه ونسأل الله تعالى العافية.
وعليك بالإنفاق في الشدة ولا تخف الفقر فليس الرجل إلا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:( من قال بماله هكذا وهكذا..) يميناً وشمالاً والله تعالى موف لك ما وعدك شئت أم أبيت، شاء العالم أم أبى، فما هلك سخي قط، ولولا قصدي الإختصار لسقنا من الأخبار ما يتأيد به ما ذكرنا.
[فصل] وعليك بكظم الغيظ فإنه دليل على سعة الصدر ، فإنك إذا كظمت غيظك أرضيت الرحمن وأسخطت الشيطان وقمعت نفسك وردعتها حيث لم تنتصر لها وأدخلت السرور على قلب من كظمت غيظك عنه ولم تجازه بفعله وكان ذلك سبباً في رجوعه إلى الحق وإنصافه وإقراره بالجفاء عليك والتعدي، وربما كان ندم على ما وقع منه، فعليك بواقع القبول فتخلق بذلك.
ثم الفائدة الكبرى والفضيلة العظمى أنك إذا كظمت عن من فعل ذلك الغضب جازاك الله تعالى على فعلك، فأي فائدة أتم من عفوك عن أخيك وتحمل أذاه وكظم غيظك؟، وما أراد الحق أن تفعله مع عبد فقد أراد أن يفعله معك بعينه، فاجتهد في هذه الصفات فإنها تورث المودة في قلوب الناس فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمرنا بالتودد والتحابب وهذا من أعلى أسباب تؤدي إلى المحبة.
[فصل] وعليك بالإحسان فهو دليل على الحياءله تعالى وعلى تعظيم الله تعالى في قلب المحسن.
قال جبريل: ما الإحسان؟
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.)
قال عليه الصلاةوالسلام: ( أن الحياء من الإيمان.)و( الحياء خير كله.)
فمن المحال أن يكون عند المؤمن شر ، انتهى
[فصل] وعليك بلزوم الذكر والإستغفار، إن كان عقيب ذنب محاه وأزاله، وإن كان عقيب طاعة وإحسان فنور على نور وسرور على سرورفإن الذكر أجمع للهم وأصفى للخاطر، فإن سئمت فانتقل إلى تلاوة كتاب الله مرتلاً بتدبر وتفكر وتعظيم وتنزيه وسؤال عند آية السؤال وخوف عند آية خوف ووعيد واعبار فإن القرآن لا يسأم قارؤه لاختلاف المعاني فيه.
[فصل] وعليك بحل عقدة الإصرار من قلبك، ولا تطيق ذلك إلا أن تقول لنفسك- في النفس الخارج- هل تدرين يا نفس أن النفس الآخر يأتيك أم لا؟ فلعل والله تعالى أعلم ربما تموتين في هذا النفس، فإنه آخر أنفاسك في الدنيا وأنت مصرة على السوء، عند الله تعالى للمصرين على الذنوب من العذاب ما لا تطيقه الجبال الشوامخ ، كيف بضعيفة مثلك؟ فتوبي إلى الله تعالى فإنك لا تدرين متى يفاجئك الموت فإن الله تعالى يقول :( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن..)، وقال سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:( إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) ، وكم من شخص فجأه الموت وهو يأكل ويشرب وينكح وهو نائم تخرج روحه فلا يستيقظ، وعظ نفسك بمثل هذا فإنه متى كان منك مثل هذا وكثر انحلت عقد الإصرار.
[فصل] وعليك بتقوى الله في السر والعلانية، ومعنى التقوى وهو الحذر من عقابه، فإنه من خاف من عقابه بادر إلى الفعل الذي يرضي الله تعالى، والله تعالى يقول:( ويحذركم الله نفسه..)وقال:( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه..)، فالتقوى مشتق من الوقاية ، فاتق الله من فعل الله ، كما قال :( أعوذ بك منك..)، فكل شئ تخافه وتخشاه ، فاجتنب الطريق الموصلة إليه، فإن المعصية طريق موصلة إلى الشقاوة، والطاعة طريق موصلة إلى السعادة.
[فصل] وإياك والإغترار فهو أن تخدعك نفسك لكرم الله تعالى وحلمه مع استمرارك على معصيته، ويخدعك إبليس لعنة الله عليه بأن يقول لك :" لولا ذنبك ومخالفتك من أين يظهر كرمه ورحمته وعفوه ومغفرته." ، وهذا غاية الجهل من قائله، فإن كرمه ورحمته أستعين على طاعته، وحال بيني وبين معصيته ومخالفته.
ويقول لك:"ما على المحسنين من سبيل فإن الرحمة سبقت لهم من الله تعالى في الدنيا والآخرة." ، فلا يغرك هذا الكلام، فقل له : أما كرمه ورحمته وما ذكرت منه كان.
صحيح أنه لولا المخالفة والذنوب لما ظهرت آثار هذه الصفات -على زعمك- والآثار والأخبار فيها صحيحة لكن -يا ملعون- تريد أن تغرني بكرم الله تعالى، ومن أين أعلم أني ممن عفي عنه، أو يغفر له، نعم يلحق كرمه ورحمته ومغفرته وعفوه بمن شاء من عباده، كما يلحق عقوبته ونقمته بمن شاء من عصاته،وأنا لا أدري من أي الفريقين أنا عند فعلي هذا، ولعل الله تعالى كما حرمني التوبة من المعصية هنا يحرمني عفوه قبل دخولي النار فينتقم مني، ألا وإن الذنب يزيد الكفر فلو علمت قطعاً أني ممن يعفى عنه قطعاً ولا يؤخذ بذنب ربما أغتررت بكلامك وذلك حمق مني وجهل، بل كان الواجب أن أبذل جهدي في طاعة الله شكرا لله تعالى وحياء منه فإنه أولى من أستحي منه، كيف وما بشرني على التعيين ولا أمنني بل تركني مهملاً في معصيتي بين عفوه وعذابه، كيف أغتر بزورك وبزور نفسي الأمارة بالسوء.
[فصل] وعليك بالورع وهو اجتناب ما حاك في صدرك، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.) ولو لم تجد غيره وأنت محتاج إليه واتركه لله يعوضك الله خيراًمنه، ولا تستعجل فالورع أساس الدين، فإذا استعملته زكت أفعالك ونجحت أحوالك وكملت أقوالك وسارعت إليك الكرامات وكنت محفوظاً في جميع أمورك حفظاً إلهياً لا شك فيه، الله الله باأخي الورع الورع.
[فصل] وعليك بالزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها بل أعدمها من قلبك جملة واحدة، وإن كنت لابد لها طالباً فاقتصر على طلب القوت منها ، من وجهه، فلا تنافس أبناءها فإنها عرض لا يبقى ولا ينال الراغب منها مراده أبداً، والله تعالى لا يعطيه إلا ما قسم له، والراغب فيها لا يزال كثير الحزن عليها ممقوتاً عند الله تعالى فإن مثل الطالب لها كمثل شارب ماء البحر كلما إزداد شرباً إزداد عطشاً، وحسبك من تشبيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم :( بالجيفة والمزبلة)
وهل يجتمع على الجيفة والمزبلة إلا الكلاب؟؟
قال الله تعالى: يابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت قلبك وبدنك وجاءك رزقك وأنت محمود ، وإن لم ترض بما قسمت لك أتعبت قلبك وبدنك حتى تركض وراءها ركض الوحش في البرية ثم وعزتي وجلالي لا ينالك منها إلا ما قدرت لك وأنت مذموم.
قال الله تعالى :( وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة- وهي رجوعهم إلى أموالهم بالنظر فيها- وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


تمت والحمد لله رب العالمينً

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مايو 08, 2008 3:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:35 pm
مشاركات: 43
يرفع للفائدة وحتى لا يتطاول أحد على السيد ابن عربي رضي الله عنه.

_________________
ذكر المحبة يا مولاى اسكرنى
وهل رأيت محبا غير سكران


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 5 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط