لقد كانَ السلطانُ محمدُ الفاتح أحدَ السلاطينِ العثمانيينَ الذينَ كانَ فيهم كثيرٌ من الأولياءِ والصالحينَ وكان عمُرُه لمَّا جلسَ على سريرِ الملكِ تسعَ عشرةَ سنةً وخمسةَ أشهرٍ وكان حليمَ الطَّبعِ وَقُورًا جلِيلاً من أعظمِ الملوكِ جِهادًا وأقواهُم إِقدامًا وأكثرِهم توَكُّلاً على الله، ثم إنهُ حبًا بالجهادِ وحبًا في نشرِ هذا الدينِ العظيمِ طلبًا لمرضاةِ اللهِ عز وجل بدَأَ يُعِدُّ العُدةَ لفتحِ القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية آنذاكِ وكانت من أعظمِ البلدانِ وأمنعِها محصَّنةً بثلاثةِ أسوارٍ يُحيطُ بِها البحرُ من كلِّ جانبٍ إلا من طرفِها الغربي فحاصَرها مدةَ واحدٍ وخمسينَ يومًا بعد ذلكَ استطاعَ المسلمونَ دخولهَا فدخلوها بأجمعِهم وسُمِّيَتِ المدينةُ إسلامبول.
إنَّ السلطانَ محمدًا الفاتح كانَ أشعريَّ العقيدةِ والمشربِ وكانَ يُنَزِّهُ اللهَ تبارك وتعالى عنِ المكانِ والجهةِ والكيفيةِ والكميةِ والحدِ ويعتقِدُ جوازَ زيارةِ قبورِ الأنبياءِ والصالحينِ والتبركِ بآثارِهم والتوسلِ إلى اللهِ بذواتِهم الفاضلةِ شأنُهُ في ذلكَ شأنُ الكثيرينَ من الملوكِ والأمراءِ كالسلطانِ صلاحِ الدينِ الأيوبيِّ الذي أمرَ بتدريسِ العقيدةِ الأشعريةِ للأطفال في المدارِسِ ليحُصِّنَهُم منَ الزَّيغِ والضلالِ كما أمَرَ بقراءةِ شىءٍ مِنْ معتقَدِ الأشاعرةِ على المنائِرِ كلَّ يومٍ قبلَ أذانِ الصُّبحِ ليسمَعَ المسلمونَ مُعتقدَ أسلافِهِم الذينَ أخذوهُ كابِرًا عنْ كابِرٍ وُصولاً إلى صحابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قال الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله: (( اتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان إماماً من أئمة أصحاب الحديث، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث، تكلم في أصول الدين على طريقة أهل السنة ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدع وكان على المعتزلة والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين عن الملة سيفاً مسلولاً، ومن طعن فيه أو قدح أو لعنه أو سبه فقد بسط لسان السوء في جميع اهل السنة(( ..
وترجمه الحافظ ابو بكر البغدادي في تاريخ بغداد(11/346-347) بقوله: (( أبو الحسن الأشعري المتكلم صاحب الكتب والتصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والجهمية والخوارج وسائر أصناف المبتدعة .
هذا دأبُ الأشاعرةِ أتباعِ الإمامِ أبي الحسنِ الأشعريِّ العلمُ والعملُ كيف لا، وهم جمهورُ أهلِ السنةِ والجماعةِ وهم السوادُ الأعظمُ من المسلمينَ وما امتداحُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حديثِهِ لفاتِحِ القسطنطينيةِ ولجيشِهِ إلا بشرى عظيمةٌ للأشاعرةِ الذي كانَ الفاتِحُ منهم ويعتقِدُ معتقدَهم ويناضِلُ عنهُ، فماذا يقولُ أدعياءُ السلفيةِ أعداءُ الدينِ الذينَ يُكفرونَ المسلمينَ، بل ماذا يفعلونَ بحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلو كانَ الاشاعرةُ على الشركِ كما يدعي هؤلاءِ لَما مدحَ النبيُّ جيشَ الأشاعرة وأميرَه لأنهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لا يمدحُ كافِرًا أبدًا.
)) الطعن في السادة الأشاعرة هو تخوين لهذه الأمة وطعن في أسانيدها ومتونها إذ أن غالب علماء الأمة من لدن الإمام الأشعري إلى يومنا هذا هم ممن ارتضى مسلك الإمام الاشعري ووافقه أو ممن سلك مسلك أخيه الإمام الماتريدي، فالأشاعرة والماتريدية أهل السنة والجماعة أهل العلم والحديث والورع والزهد، أهل الجهاد والرباط فالطاعن في الأشاعرة طاعن في إسناد هذه الأمة الذي هو مما تميزت به بين الأمم، فالمستقصي للأسانيد في هذا الزمان لن يظفر بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتهي في زماننا قد خلا من أشعري، ومن يخالف في هذا فليات بما ينقض دعوانا هذه، نعم هذا هو تحدينا للطاعنين على الأشاعرة:
هل تقدرون أن تأتوا بسند متصل من ايامنا هذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلو من أشعري؟
وقد يسأل سائل ما سبب هذا التحدي، فنقول له:
إذا لم يخل سند من أشعري فهم إذن حملة العلم والدين بعد عصر السلف وبدونهم ينقطع سند الأمة، فأي مقالة أكذب من مقالة تنتهي بالطعن في أسانيد خير أمة أخرجت للناس ؟!.
وسبحان الله العظيم والحمد لله رب العالمين
_________________
إذا كنتم شيعة سيدنا علي وأل البيت فنحن شيعة أسياد أل البيت....
نحن شيعة أبي بكر وعمر...